أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أسألك علماً نافعاً ، ورزقاً طيباً ، وعملاً متقبلاً           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
قديم 01-22-2015
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 10

وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(10)
قولُه ـ تعالى شأنُه: {وَمَا جَعَلَهُ الله إِلاَّ بُشْرَى} أيْ: لَمْ يَجْعَلْ اللهُ تعالى إِرْسَالَ المَلاَئِكَةِ لإِمْدَادِ المُسْلِمِينَ فِي بَدْرٍ إلاَّ بُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ، بِأنَّهُمْ سَيَنْتَصِرُونَ، وَتَثْبِيتاً لأَقْدَامِهِمْ أَثْنَاءَ القِتَالِ، لأنَّهُ قَادِرٌ عَلَى نَصْرِهِمْ بِدُونِ ذَلِكَ. وهو كلامٌ مُستأنفٌ سِيقَ لِبيان أَنَّ الأَسبابَ الظاهرةَ بمَعْزِلٍ مِنَ التأثيرِ وإنَّما التأثيرُ مختَصٌّ بِهِ ـ عَزَّ وجَلَّ، لِيَثِقَ المؤمنون بنصر اللهِ لهم، ولا يَقنَطُوا مِنْهُ عِنْدَ فُقدانِ أَسْبابِه، أو هو عَطْفٌ على قولِهِ في الآيةِ التي قَبْلَها: {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِين}. والبُشرى اسْمٌ لمَصْدَرٍ "بِشْر" كالرُجْعى، وهي خَبَرٌ بِحُصولِ ما فيهِ نَفْعٌ ومَسَرَّةٌ للمُخْبَرِ بِهِ، وفائدةُ التَبْشيرِ بإمْدادِ الملائكةِ أَنَّ يومَ بَدْرٍ كانَ في أَوَّلِ يَومٍ لَقاءٍ للمَسْلِمين عَدواً قويّاً وجَيْشاً عديداً، فبَشَّرَهُم بِكَيْفِيَّةِ النَصْرِ الذي ضَمِنَهُ لهمْ بِأَنَّهُ بجيشٍ مِنَ الملائكةِ. فإنَّ اللهَ لمَّا وَعَدَهُمْ بالنَصْرِ أَيْقَنُوا بِهِ فكان في تَبْيينِ سَبَبِه طَمْأَنَةً لِنُفوسِهمْ لأَنَّ النُفوسَ تَرْكَنُ إلى الصُوَرِ المَأْلوفَةِ. أخرج ابْنُ أبي حاتمٍ بسندِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلُهُ: "وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلا بُشْرَى"، قَالَ: إِنَّمَا جَعَلَهُمُ اللهُ لِيَسْتَبْشِرُوا بِهِمْ".
وقد تقدَّمَ في سورةِ آلِ عُمرانَ قولُه: {إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ} الآية: 126. وحَذَفَ {لَكُمْ} هنا فقال: "إلاَّ بشرى" دَفْعاً لِتَكْريرِ لَفْظِهِ فقد ورَدَتْ كَلِمَةُ "لَكُمْ" قَريباً في الآية التي قبلَها: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} فَعُلِمَ أَنَّ البُشْرى لهم، فأَغْنى عَنْ إعادتها بِلَفْظِها ومَعْناها، ولأَنَّ الآيَةَ في آل عمرانَ سِيقَتْ مَساقَ الامْتِنانِ والتَذْكيرِ بِنِعْمَةِ النَصْرِ رَغْمَ القِلَّةِ والضَعْفِ، فكانَ تَقييدُ "بُشْرَى" بِأَنَّها لأَجْلِهم زِيادةً في المِنَّةِ، أَيْ: جَعَلَ اللهُ ذلكَ بُشْرَى لأَجْلِكُم، كما هو قال تَعالى في سورة الشَرْحِ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} الآية: 1. أَمَّا الآيةُ هنا فهي مَسوقَةٌ مَساقَ العِتابِ على كَراهِيَةِ لقاءِ العدوِّ، وتفضيلِ لقاءِ الطائفةِ غيرِ ذاتِ الشَوْكَةِ، فَجَرَّدَ البُشْرَى عَنْ {لَكُمْ} لأنَّها إنَّما كانتْ للنَبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، ولمن لم يَتَرَدَّدْ مِنَ المُسْلِمين.
والبُشْرى مِنْ بَشَرَ: والبَشَرَةُ ظاهرُ الجِلْدَ والأَدَمَةُ باطِنُهُ. وجمعُها بَشَرٌ وأَبْشارٌ، وقيل: الأبشارُ للونِ والبَشَرُ للبَشَرَةِ، وعُبِّرَ عَنِ الإنسانِ بالبَشَرِ اعْتِباراً بِظُهورِ جِلْدِهِ مِنَ الشَعْرِ بخِلافِ الحَيَواناتِ التي عليها الصوفُ أَوِ الشَعرُ أوِ الوَبَرُ. والبَشَرُ: الخَلْقُ يَقَعُ على الأُنْثى والذَكَرِ والواحدِ والاثْنَينِ والجَمْعِ يُقالُ هي بَشَرٌ وهو بَشَرٌ وهما بَشَرٌ وهم بَشَرٌ، وثُنِّيَ فقال تعالى: {أَنُؤمِنُ لِبَشَريْنِ مثلنا} و {قالوا أَبَشُرٌ يَهدونَنا}. وأَبْشَرَ يَكونُ لازِماً ومُتَعدِّياً، فتقول: بَشَرْتُهُ أو أبشرتُه فَأَبْشَرَ أَيْ اسْتَبْشَرَ، وقرِئَ يُبَشِّرُكِ ويُبْشِرُكِ ويَبْشُرُكِ، ويقالُ للخَبرِ السارِّ البِشارةُ والبُشرى، والبَشيرُ المُبَشِّرُ، وقالَ ـ صلى الله عليه وسلم: ((انقطعَ الوحيُ ولم يَبْقَ إلاَّ المُبَشِّراتُ وهي الرُؤيا الصالحة التي يَراها المؤمنُ أوْ تُرى لَه)). وقال تعالى: {فبشِّرْهُ بمغفرة} وقال: {فبَشِّرْهم بعذابٍ أَليم} وقال: {وبشر المنافقين بأنَّ لهم} وقال: {وبَشِّرِ الذين كَفَروا بِعَذابٍ أَليمٍ} على سبيل الاستعارة، وقولُ عَمْرو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ:
وخيلٌ قَدْ دَلَفْتُ لها بخيلٍ .................... تحيَّةُ بينِهم ضَرْبٌ وَجيعُ
مِنْ هذا القَبيلِ، ويَصِحُّ أَنْ يَكونَ على ذلك قولُهُ تَعالى: {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} وقولُهُ ـ عَزَّ وجَلَّ: {وإذا بُشِّرَ أَحَدُهم بما ضَرَبَ للرَحمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وهُوَ كَظيم}. ويُقالُ أَبْشَرَ أَيْ وَجَدَ بِشارَةً نحو أَبْقَلَ وأَمحلَ. وأَبْشَرَتِ الأرضُ حَسُنَ طُلوعُ نَباتها. وإذا ثُقِّلَ فَمِنَ البُشرى وإذا خُفِّفَ، فمِنَ السُرورِ، يقال: بَشَرْتُه فَبَشُرَ، نحوَ جَبَرْتُهُ فجَبُرَ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هُوَ مِنَ بَشَرْتُ الأديمَ إذا رَقَّقْتُ وَجْهَهُ. وتَباشيرُ الوَجْهِ، وبِشْرُهُ ما يَبْدو مِنْ سُرورِهِ، وتَباشيرُ الصُبْحِ ما يَبْدو مِنْ أَوائِلِهِ، وتَباشيرُ النَخْلِ ما يَبْدو مِنْ رُطَبِهِ، ويُسَمَّى ما يُعْطَى المُبَشِّرُ: بُشْرى وبِشارَة.
قولُهُ: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} الطَمْأَنَةُ والطُمِأْنينةُ: السُكونُ وعدمُ الاضْطِرابِ، واسْتُعيرتْ هُنا لِيَقينِ النَفْسِ بحُصولِ الأَمْرِ تَشْبيهاً للعِلْمِ الثابِتِ النَفْسِ أيْ عَدَمُ اضْطِرابِها. أخرج ابْنُ أَبي حاتمٍ بسندِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قولَه: "وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ" أيْ: تَطْمَئِنُّوا إِلَيْهِ.
قولُه: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} حَصَرَ سبحانَه، النَصْرَ في ذاتِه العليَّةِ أَمّا الإمْدادُ بالملائكة فهو للبُشْرى وطَمْأَنةِ نُفوسِ المُؤمنينَ، والنَصْر مَعنىً مِنَ المعاني يَدقُّ إدْراكُه، وسُكونُ النَفْسِ لِتَصَوُّرِهِ بخِلافِ الصُوَرِ المَحْسوسَةِ مِنْ تَصويرِ مَدَدِ المَلائكةِ ورُؤْيَةِ أَشْكَالِ بَعْضِهم، فإيَّاكُم أَنْ تُفْتَنوا حتى بالمَلائكَةِ؛ لأنَّ النَصْرَ لا مِنْكم ولا مِنَ المَلائكةِ، ولكنَّه من عندي أنا. وهو تَذييلٌ، أَيْ كُلُّ نَصْرٍ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ لا مِنَ المَلائكَةِ. لأَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَحْدَهُ. فقد أَخرجَ ابْنُ أبي حاتمٍ بِسَنَدِهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ قال: "وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ" أي: إِلاَّ مِنْ عِنْدِي، بِسُلْطَانِي وَقُدْرَتِي، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِزَّ وَالْحُكْمَ إِلَيَّ، لا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِي.
ذُكرَ أنَّ أبا جَهْلٍ قالَ لابْنِ مَسْعودٍ ـ رضيَ اللهُ عَنْهُ: ما هذِهِ الأَصْواتُ التي أَسمَعُها في المعركة؟ فقد كانت هناك أَصْواتٌ تُفْزِعُ الكُفَّارَ في غَزْوَةِ بَدْرٍ، فقال ابْنُ مَسْعودٍ: إِنَّها أَصْواتُ الملائكة. قال: إذاً بالمَلائِكةِ تَغْلِبونَ لا أَنْتم.
قولُهُ: {إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فَهُوَ العَزِيزُ الجَانِبِ، الحَكِيمُ فِي تَدْبِيرِهِ. وإجراءُ وصْفَيْ العزيزِ الحكيمِ هُنا لأَنَّهُما أَوْلى بالذِكْرِ في هذا المقامِ، لأنَّ العزيزَ يَنْصُرُ مَنْ يُريدُ نَصْرَهُ، والحكيمَ يَعْلَمُ مَنْ يَسْتَحِقُّ نَصْرَهُ وكيفَ يُعْطاهُ. أَخْرجَ ابْنُ أَبي حاتم بسندِهِ عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ أنَّه قال: "إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، يَقُولُ: "عَزِيزٌ" فِي نِقْمَتِهِ إِذَا انْتَقَمَ". "حكيمٌ" في أمرِهِ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، نَحْوُ ذَلِكَ. وأَخْرَجَ عَنْ مُحَمَّدَ بْنِ إِسْحَاقَ: "عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، الْعَزِيزُ فِي نُصْرَتِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ إِذَا شَاءَ. وقالَ هُنا: "إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" على الاسْتِئنافِ الابتدائيِّ فجُعِلَ كالأِخْبارِ بما لَيْسَ بمعلومٍ لهم. وقالَ في سُورةِ آلِ عُمرانَ: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الآية: 126. فجاءتِ الصِفَتَانِ العَلِيَّتانِ بصِيغة النَعْتِ، وهنا قال "إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" فَجاءَتا بِصيغةِ الخَبَرِ المُؤَكَّدِ بِ "إنَّ"، فَنَزَّلَ المُخاطَبينَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَتَرَدَّدُ في أَنَّهُ تَعالى مَوْصُوفٌ بهاتِينِ الصَفَتَين: وهما العِزَّةُ، المُقْتَضِيَةُ أَنَّهُ إذا وَعَدَ بالنَصْرِ لم يُعْجِزْهُ شيءٌ، والحكمةُ. فما يَصْدُرُ مِنْ جانِبِهِ يَجِبُ أنْ تَغوصَ الأفْهامُ في تَبَيُّنِ مُقتَضاه، فكَيْفَ لا يَهْتَدون إلى أَنَّ اللهَ لمَّا وَعَدَهُمُ الظَفَرَ بإحْدى الطائفتَيْنِ، وقَدْ فاتَتْهُمُ العِيرُ أَنَّ ذلكَ آيِلٌ إلى الوَعْدِ بالظَفَرِ بالنَفِيرِ؟.
قولُه تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ الله إلاَّ بُشْرى ولتطمئنَّ قلوبُكم}الجعلُ مُتَعَدٍّ إلى مَفْعولٌ واحدٌ هُو هاءُ الضميرِ المتصلِ ب "جعله" العائدِ إلى مَصْدرِ فعلٍ مُقَدَّرٍ يَقْتَضيهِ المَقامُ اقْتِضاءً ظاهراً مُغنياً عَنِ التَصْريحِ بِهِ، كأنَّهُ قِيلَ: فَأَمَدَّكم بهم وما جَعَلَ إِمدادَكم بهم "إِلاَّ بشرى" وهوَ اسْتَثْناءٌ مُفرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ العِلَلِ أَيْ وما جَعَلَ إمْدادَكم بإنْزالِ الملائكَةِ عِياناً لِشيْءٍ مِنَ الأَشْياءِ إلاَّ للبُشْرى لَكُمْ بِأَنَّكم تُنْصَرون. و "إلاَّ" للحَصْرِ. و "إلاَّ بُشْرى" مُسْتَثْنى مِنَ المَفعولِ لَهُ، أَيْ: ما جَعَلَهُ اللهُ لِشيءٍ "إلاَّ بُشرى". فهو اسْتِثْناءٌ فُرِّغَ لَهُ العامِلُ، وبُشْرى مَفْعولٌ مِنْ أَجْلِهِ منصوبٌ. وشُروطُ نَصْبِهِ مَوجودةٌ وهوَ: أَنَّه مَصْدرٌ مُتَّحِدُ الفاعِلِ والزَمانِ. و "لتطمئن" مَعْطوفٌ على مَوْضِعِ بُشْرَى، إذْ أَصْلُهُ لِبُشْرى. ولما اخْتَلَفَ الفاعلُ في "ولتطمئن"، أَتى باللام إذْ فاتَ شَرْطُ اتحادِ الفاعِلِ، لأنَّ فاعلَ "بُشْرى" هو "اللهُ"، وفاعل "تَطِمَئِنَّ" هُوَ "قلوبكم". و "تطمئنَّ" مَنْصوبٌ بإضْمارِ أَنَّ بَعْدَ لامِ كَيْ، فهو مِنْ عَطْفِ الاسْمِ على تَوَهُّمِ. مَوْضِعِ اسْمٍ آخَرَ، فَ "جَعَلَ" عَلى هَذا التَقديرِ، مُتَعَدٍّ إلى واحدٍ.
وقال الحُوفيُّ: "إلاَّ بُشْرى" في مَوْضِعِ نَصْبٍ على البَدَلِ مِنْ الهاءِ، وهيَ عائدةُ على الوَعْدِ بالمَدَدِ. وقيلَ: "بشرى" مَفْعولٌ ثانٍ ل "جعلهالله". فعلى هذيْنِ القَوْلَينِ تَتَعَلَّقُ اللامُ في "لتطمئن" بمَحذوفٍ، إذْ لَيْسَ قَبْلَهُ عَطْفٌ يَعْطِفُ عَليها. قالوا: تَقْديرُهُ ولِتَطْمَئِنَّ قُلوبُكم بِهِ بَشَّرَكم. و "بشرى" فُعْلى مَصْدَرٌ ك "رُجْعى"، وهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَشَرَ الثُلاثيِّ المُجَرَّدِ، والهاءُ في "بِهِ" تَعودُ على ما عادَتْ عَلَيْهِ هاء "جعله" على الخِلافِ المُتَقَدِّمِ.
وقال ابْنُ عَطِيَّةَ: اللامُ في "ولتطمئن" مُتَعَلِّقةٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ يَدُلُّ عليْهِ "جعله". ومعنى الآية: وما كان هذا الإمدادُ إلاَّ لِتَسْتَبْشِروا بِهِ، وتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكم. وكأّنَّه رَأَى أَنَّهُ لا يُمْكِنُ عِنْدَهُ عَطْفُ "ولتطمئن" على موضِعِ "بشرى"، لأنَّ مِنْ شَرْطِ العَطْف على الموْضِع عِنْدَه أَنْ يَكونَ ثَمَّ مُحرِزٌ للمَوْضِعِ، ولا مُحَرِزَ هُنا، لأنَّ عامِلَ الجَرِّ مَفقودٌ. ومَنْ لم يَشْتَرِطِ المحرزَ فيَجوزُ ذلك على مَذْهَبِهِ، وإلاَّ فَيكونُ مِنْ بابِ العَطْفِ على التَوَهُّمِ كما ذَكَرناه أوَّلاً.
وقوله: {ولتطمئنَّ قلوبُ} الواو عاطفة، واللامً للتَعليلِ، والفِعْلُ مَنْصوبٌ بأَنْ مُضْمَرَةٍ جَوازاً، والمصْدَرُ المؤوَّلُ مِنْ أَنْ المُضْمَرَةِ والفِعْلُِ، مجرورٌ باللامِ، مَعْطوفٌ على "بُشْرى"، وجُرَّ لاخْتِلالِ شَرْطِ اتحادِ الفاعِلِ؛ فإنَّ فاعلَ الجَعْلِ "اللهُ"، وفاعلَ الاطْمِئْنانِ "قُلوب".
قولُه: { وما النَصرُ إلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} الواو استئنافية، و "ما" فعل ناقص من النواسخ، بمعنى ليس، و "النَصرُ" اسمها، و "إلا" للحَصْرِ، والجارُّ متعلِّقٌ بخبرِها المحذوف، وجملة "وما النصرُ" مُسْتَأْنَفَةٌ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 16 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-27-2015 09:27 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 15 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-26-2015 08:54 PM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 14 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-26-2015 10:08 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 13 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-25-2015 10:20 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 12 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-23-2015 09:31 PM


الساعة الآن 05:18 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir