أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك           
العودة   منتديات البوحسن > المنتديات العامة > القسم العام

القسم العام المواضيع العامة التي ليس لها قسم مخصص

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-06-2009
  #1
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

النشاط الكنسي والتبشيري في غرب إفريقيا وتأثيره علي دارفور


الكاتب : د. طارق أحمد عثمان/جامعة افريقيا العالمية بالسودان/ مركز البحوث والدراسات الافريقية

--------------------------------------------------------------------------------

* مقدمة :



تفترض هذه الدراسة المحدودة أن هناك جهدا تبشيريا منظما تسعي إليه الكنيسة العالمية بمختلف مسمياتها ومذاهبها وتصوراتها في أقليم دارفور ، ويصل بصورة ما إلي النازحين من ابناء دارفور الموجودين حاليا كلاجئين في دولة تشاد ، وغير خفي الاعلان الدولي بشأن دارفور وتصاعد الحملة الإعلامية والسياسية تجاه هذه المنطقة من قبل المجتمع الدولي ، وتتجه بعض وجهات النظر أن هناك مؤامرة كبري تحاك في هذا الشأن اريد منها النيل من الحكومة السودانية أولا ومن المجموعات التـي يعتقد أنما تميل إلي لون من الأصولية الإسلامية في معاشها وحياتها .

وقضية دارفور معقدة وشائكة ، ولايمكن أن يبريء أحد منها أو من التداعيات والافرازات التي لحقت بها ، فالحكومة السودانية اشتركت بصورة ما في أسباب الأزمة وكذلك المعارضة المسلحة وغير المسلحة ، ودول الجوار ، والقوي العالمية ، والكنيسة الدولية .. الخ ، الا أن الإنسان المسالم في دارفور والذي غادر أرضه وبيته وفقد أهله ، هو المتضرر الأول ، وهو صاحب الحق الأول ، وتتم الآن باسمه وجرت من قبل عمليات التدويل والحشد ، وكثر المتبضعون باسمه بحثا عن مكسب قريب أو حتي بعيد ، ودخل بعض أبناء الاقليم في تحالفات مشبوهة ، أما سعيا وراء حق ضائع ، أو جريا وراء مطمع شخصي ، كل ذلك يحدث والعالم يشهد الحرمان والبؤس والحاجة في وجوه طائفة من نساء وأطفال وعجائز هذا الأقليم وهم يمدون أيديهم طلبا للغوث والعون والمدد.

وعلي الرغم من أننا لانملك تقارير فعلية تثبت تورط هؤلاء القادمين للعون في عمل تنصيري واضح ، الا أن ذلك يتم في الخفاء ، وتملك أجهزة وزارة الداخلية ما يحملها علي التأكيد بوجود عـمل ما للتنصير ، ونملك دوافع قوية تجعلنا ننحو هذا المنحي ، أهمها أن معظم الوكالات العاملة في حقل الاغاثة ذات صبغة تنصيرية يعملون في بيئة مواتية لأن يبدل المرء دينه ، أو يجعل دينه بدرجة من الهشاشة تجعله يرفض بناء مسجد له .

ويقع طائفة من المنكوبين من أبناء دارفور ، تحت رحمة الدولة التشادية تحت ظل مؤثرات قوية تحركهم نحو الإنسلاخ من عقيدتهم وثقافتهم وهويتهم .

وتتجه هذه الدراسة إلي رصد الأحداث المتعلقة بهذه المسألة ومحاولات تفسير بعض المظاهر التي اكتنفت مجريات الامور في هذه القضية .

دارفور : الأرض والسكان :

دارفور ، اقليم واسع ، ويقسم إلـي ثلاث ولايات : ( شمال دارفور ، وجنوب دارفور ، وغرب دارفور) ، ويحده من الغرب دولة تشاد ، ومن الشمال الغربي ليبيا ، ومن الجنوب الغربي إفريقيا الوسطي ، ويحـــر الغزال في جنوبه ، وفي شرقه إقليم كردفان ( (1)

ويقع إقليم دارفور في أقصي غرب السودان بين حوالي خطي طول 27ْ و22ْ شرقاودائرتي عرض 30 و22ْ شمالا، ويمكن اعتبار دارفور جزءا ًمن اقليم الساحل الإفريقي الذي يمتد من السنغال حتي شرق السودان ، وفي الماضي كانت دارفور تعتبر أقصي غرب السودان الشرقي ، وذلك في مقابلة السودان الأوسط – وهو حوض تشاد والسودان الغربي غرب تشاد حتي السنغال ، ويشارك إقليم دارفور الكبير بولاياته الثلاث معظم أجزاء السودان في عدد من المظاهر الطبيعية وهذه المظاهر هي التكوين الجيولوجي والمناخ والتربة والنباتات ، وتشترك دارفور في هذه المظاهر أيضا مع عدد من دول الساحل الإفريقي( (2)

وتبلغ جملة مساحة دارفور الكبري حوالي 000ر140 ميلا مربعا أو000ر448كلم(3)

ووفقا لتعداد سنة 1993 فإن سكان الإقليم يصلون الي 456ر2746ر4 بينما تقدر جهات أخري أن سكان المنطقة قد يصلهم عددهم إلي ستة ملايين نسمة ((4)

أما سكان الإقليم فهم من إثنيات متعددة وقبائل شتي ربما تفوق 95 قبيلة ، وهي موزعة علي مناطق الإقليم وفقا للعوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية فمثلا نجد أن قبيلة الفور والتي سمي الاقليم باسمها تتوزع علي كل أنحاء الاقليم ويتمركزون بشكل خاص في جبل مرة وما حولها ، وقد جاء انتشارهم في المنطقة تبعا للظروف التاريخية والطبيعية في الاقليم حيث مكنتهم سلطنة دارفور من الانتشار كما أن اشتغالهم بالزراعة بشكل رئيسي ، جعلهم يتوزعون في مناطق جبل مرة ، والفاشر ، وزالنجي ، وجبل سي ، وقارسيلا ( وادي صالح) وكتم ، ونيالا وغيرها (5)

ونجد قبائل بني منصور في منطقة ( الملم ) وتتمركز قبيلة الأسرة في منطقة أم كدادة ، وتوجد قبيلة أولاد مانا في غرب الفاشر وحول جبال ، وانا ، والسريف ، وحمارو والكلاقو وقبيلة أولا أقوي في شرق الفاشر ، وابوجلول في شمال كتم في منطقة أمو ، والبديات في مناطق شقاق وكارو شمال كتم وهي قبيلة رعوية ولها امتداد في تشاد ، وبني جرار في أم كدادة وبروش والصيت .. وغير هذا (6)

وقد وردت عدة إشارات مبكرة لبعض قبائل دارفور ، وبعض من هذه الإشارات ترجع إلي حوالي ألف وخمسمائة سنة أو ربما أكثر من ذلك (7)

وقد وصف محمد بن عمر التونسي الذي وصل إلي دارفور في سنة 1803 جانبا من القبائل الموجودة بالمنطقة من بينها : الفور ، الزغاوة ، الداجو ، البرجد , التنجر ، المساليت ، الميدوب ، التامة ، القمر ، البرتي ، الميمة ، المراريت ، الفرتيت ، أما القبائل ذات الأصول العربية فمنها : المسيرية ، الرزيقات ، بنو هلبة ، الهبانية ، المحاميد ، المجانين ، بنو عمران ، الزيادية ، بنو جرار ، الزيادية ، التعايشة (8)

وتنقسم القبائل في دارفور إلي مجموعات القبائل المستقرة في المناطق الريفية مثل : الفور والمساليت والزغاوة والداجو والتنجر والتامة ، إضافة إلي مجموعات القبائل الرحل المتنقلة مثل : المحاميد والمهرية وبني حسين والرزيقات والمعالية ، والإسلام هو الدين الغالب في المنطقة ولقد عاشت تلك المجموعات القبلية من رحل ومزارعين في وفاق كبير منذ أمد بعيد ، وهناك علاقات مصاهرة بينهما (9)

ولقد شكلت دارفور ارضا للهجرات المتدفقة تجاهها من الشعوب القادمة من غرب حدود تشاد السودان ولم تصادف هذه الهجرات أية عوائق بل كانت مستمرة ، وربما وصل عددهم في الربع الأخير مــن القرن الماضي وفقا لما ذكره أوفاهي إلي حوالي 30 % من سكان المنطقة ، فقد تدفق علي الأقل في المائتين سنة أو الثلاثمائة عاما الأخيرة إلي دارفور واستقر بها مجموعات صغيرة من الحجاج والفقرا المتعلمين والعلماء والتجار والفولاني الرحل الذين يربون الماشية وغيرهم (10)

الصراع في دارفور والأجندة الدولية :

تطور النزاع فـي دارفور إلي الحد الذي أصبح أزمة دولية خرجت عن الحدود السودانية ، وأصبحت واحدة من التحديات الأمنية لحكومة السودان ، ووصفت أفرازات هذه المشكلة خاصة الجانب الإنساني منها بأنها أكبر كارثة تواجه المجتمعات الدولية المعاصرة واتخذ الصراع المسلح شكله العلني منذ مارس 2003 ، حيث بدأت الجماعات المتمردة المسلحة نشاطها ، كما تحركت الدولة ممثلة في اجهزتها العسكرية والأمنية ، والاستخباراتية عملها في مقاومة هذا النشاط المسلح إضافة إلي نشاط المجموعات المسلحة الأخري بالإقليم ، والتي شملت جماعات السلب والنهب المسلح ، والمجموعات المسلحة المقاومة للمتمردين ، ومليشيات الجنجويد ، وقد أوجد ذلك واقعا انسانيا متدهورا حيث هاجر مئات الألاف من الأشخاص من قراهم ومدنهم بسبب العمليات العسكرية ، وقد شملت آثار هذه الأزمة حسب تقديرات الحكومة السودانية حوالي مليون شخص ، حيث ذكر (مهدي إبراهيم( أحد مسئولي الدولة أن العدد الكلي الذي يعيش في المعسكرات التي أقامتها الحكومة السودانية بعيد تفجر الصراع بلغ 960 ألفا موزعون علي معسكرات النزوح المختلفة في ولاية دارفور الكبري، وتقدر بعض المصادر المحلية أن المتأثرين بهذه الحرب يبلغ حوالي مليوني شخص ، وتبعا لذلك نلاحظ مدي تأثر الاقليم بهذه الازمة خاصة ,ان القري الصغيرة والكبيرة في الغالب الأعم ونتيجة لظروف الحرب قد هجرها سكانها ولجأوا إلي المدن الكبري وحواضر الإقليم ، وقد برزت معسكرات النزوح في باديء الأمر في المدارس والمنازل والساحات ، حدث ذلك في مدن (كتم) و( الفاشر) و) كبكابية ( و (طويلة) و ) سرف عمرة ( (11)

وقد اهتمت الدوائر الغربية بالصراع في دارفور اهتماما بالغا علي مستوي الدول والحكومات والشعوب ، كذلك ومنظمات المجتمع المدني وقد برز الاهتمام الرسمي للحكومات الغربية من خلال تصريحات وزراء الخارجية بتلك الدول ، ومن ذلك تصريح وزير الخارجية ) كولن باول ( أمام لجـنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ ، حيث قال :

إن التحقيقات توصلت إلي أن ابادة جماعية ارتكبت في دارفور في سياق تنفيذ سياسة الارض المحروقة ضد المتمردين والمدنيين وأن تلك الجرائم قد تكون مستمرة ، وقد جاء اعلان )باول( عن نتائج تحقيقات امريكية في القضية قبيل بدء مجلس الأمن في مناقشة مسودة قرار دولي يفرض عقوبات علي السودان ، واتهم التقرير الذي تلاه )باول( امام لجنة مجلس الشيوخ ، الحكومة السودانية ، والجنجويد بالمسئولية عن مقتل نحو 50 ألف شخص ، وتشريد نحو مليون في النزاع المستمر (12)

وقد تعرضت الإدارة الامريكية إلي انتقادات من قبل مواطنيها داخل المجتمع الأمريكي بسبب اقتراحها اعطاء الخرطوم مهلة 30 يوما لتنفيذ المطالب الدولية تجاه هذه المسألة ، وافاد تقرير وزارة الخارجية أن مسؤولين امريكيين اجروا علي مدي خمسة اسابيع مقابلات مع 1136 لاجيء من دارفور أكدوا ارتكاب فظائع منظمة واسعة النطاق ضد القرويين ، وإضاف أن ) قوات حكومية أو مليشيات غير نظامية سودانية ، أو خليط من الاثنين ، اقدموا علي تدمير قري بأكملها ، كمـا تم توثيق جرائم قتل جماعي وجرائم اغتصاب ونهب للممتلكات ( (13)

وأعلن وزير الخارجية الامريكي ) كولن باول ( في 1/7/2004م في مقام آخر أن الأسرة الدولية غير راضية عن الأوضاع في دارفور والتي وصفتها بأنها ( خطيرة جدا جدا ) وندد مرة أخري بعمليات الاغتصاب التي تجري في الإقليم ، وذكر أن الناس لايشعرون بالأمن ويغادرون مخيمات اللاجئين بحثا عن الطعام ، وقال باول إنه ابلغ نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وزير الخارجية( مصطفي عثمان اسماعيل) باستياء الولايات المتحدة من الوضع الأمني في دارفـــور الذي تصفه ( الأمم المتحدة)) بأنه اسوأ أزمة إنسانية في العالم ( (14)

وخلال لقاءيين عقدهما( باول ) في العام 2004 مع الرئيس السوداني عمر البشير ووزير خارجيته مصطفي عثمان اسماعيل وضع ( باول ) ثلاثة شروط لحكومة الخرطوم:

أن تسيطر علي المليشيات العربية الموالية للحكومة المتهمة بقتل السكان ذوي الأصول الإفريقية في دارفور .

- السماح للمنظمات الانسانية بالعمل في الاقليم بحرية

- بدء المفاوضات مع حركتي التمرد(15)

وفي رصد للتقرير الذي أعدته منظمة العفو الدولية ( أمنستي ) عن الأوضاع في دارفور ، ذكرت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في دارفور ، وجاء وصف لاعدامات تمت خارج نطاق القضاء وانماط أخري من القتل غير المشروع ، ,اعمال عنف وتعذيب بما في ذلك الاغتصاب ضد المدنيين ، وتدمير لقري ومحاصيل وسرقة مواشي وممتلكات ، وحمل التقرير الحكومة المسئولية عن جانب من هذه الانتهاكات وأوردت معلومات تثبت العلاقة بين الجنجويد والقوات السودانية المسلحة ، كما تحدث التقرير عن الأوضاع الإنسانية الحرجة وسط اللاجئين السودانيين في تشاد ، وقد وصف التقرير جهود المنظمات العاملة في المجال الإنساني بأنها كبيرة موضحا أن عدد النازحين من ولايات دارفور إلي داخل السودان بلغ مليونا و1464 ألف شخص منهم 700 الف من جنوب دارفور و414 ألفا من شمال دارفور و350 ألفا من غرب دارفور ، فيما بلغ عدد اللاجئين إلي تشاد حوالي 65 ألف لاجيء (16)

وقد ظلت الحكومة السودانية تقلل الانفعالات البالغة التي تبديها الحكومة الغربية ازاء الوضع في دارفور ، فقد قال وزير الخارجية السوداني والذي اعترف بوجود مشكلة في دارفور : أن الحكومة ماتزال تري أن قلق الأسرة الدولية مبالغ فيه ، وأنه ليست هناك مجاعة ولا أوبئة ( (17)

) أما عن اتجاهات التدويل للقضية فيعتقد حسن مكي محمد أحمد أن حركة العدل والمساواة التي يري أنها واجهة للمؤتمر الشعبي حزب د. حسن الترابي أحد أبرز المعارضين للحكومة الحالية ، قد استفادت من علاقاتها الدولية خاصة بالمانيا التي تملك جذورا تاريخية بمنطقة دارفور ، لأن الرحالة الألمان زاروا المنطقة وكتبوا عنها وأغلب الكتابات الموجودة عن دارفور تعود إلي هؤلاء ، ولأن علي دينار الحاكم الأخير في سلطنة دارفور والتي انهارت في 1916 علي يد الانجليز كانت له صلات بالمانيا وربما كان يعاضدها ويناصرها علي خصومه البريطانيين ، كما أن هناك عدد كبير من أبناء قبيلة الزغاوة الرافد القبلي المهم لهذه الحركة ، موجودين في المانيا ، والكنيسة هناك لها اتصالات بهؤلاء وقد نظمت لهم عدة مؤتمرات منها مؤتمر المهمشين الذي انتخب د. علي الحاج نائب الدكتور حسن الترابي رئيسا له ، فقد عقد هذا المؤتمر بتمويل الماني ، كما تمكنت حركة العدل والمساواة من الالتقاء بالنخب السياسية الألمانية نحو مجموعات الخضر ، وقابلت وزير الخارجية الألماني( فيشر) والذي زار السودان في اعقاب الأزمة ، واصبحت لهذه الحركة علاقات قوية مع مكونات الحياة السياسية في المانيا وقد أوجد هؤلاء علاقات مع الاتحاد الأوربي ، أما حركة تحرير السودان فقد استفادت من النافذة التي فتحت لها عبر الحركة الشعبية لتحرير السودان ، فاقامت علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية واوربا ، ويري حسن مكي محمد أحمد كذلك أن التعتيم الذي مارسته الحكومة علي الصراع في المنطقة والضرب العنيف من قبل قوات الجو السودانية للمدن والقري ، والتسليح العشوائي ، والآثار المترتبة علي ذلك تجاه المدنيين ، والذي خلف واقع أن كل واحد من بين خمسة أفراد من ابناء دارفور هائم علي وجهه، والتقاط المنظمات لهذا الامر والاعلام الكثيف كل ذلك قاد إلي تدويل الأزمة ، وقاد الشعوب إلي مناداة حكامهم بالضغط علي الحكومة السودانية (18)

وكما ساعدت المنظمات المدنية في المجتمعات الغربية وتحركات المتمردين في دارفور – كما أشرنا – إلي تحريك الضغط علي الحكومة السودانية من قبل المجتمع الدولي واتخاذ اجراءات صارمة في حقها ، وتدويل القضية ، اسهمت مراكز الفكر في أمريكا في القيام بدور مؤثر في صياغة القرار الامريكي تجاه السودان وتوجيهه نحو خدمة أغراض المؤسسات الغربية ، وهذه المراكز لاتخاطب الرأي العام بشكل كامل وإنما تسعي إلي التأثير علي النخبة من صانعي السياسة والاكاديميين ووسائط الأعلام وجماعات المصالح ، ومن أهم مراكز الفكر هذه ، مؤسسة بروكينجز Brooking Instution ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS ومؤسسات يمنية أخري ظهرت خلال الثلاثة عقود الماضية مثل مؤسسة التراث Heritage foundation ومعهد كاتو Cato وغيرها وكل هذه الهيئات وقفت لدفع الأدارة الامريكية لتغيير سياستها تجاه السودان لتكـون أكثـر تشددا منذ 2001 وحتي الأزمة الراهنة في دارفور (19)

إن اتجاهات التدويل في مسألة دارفور علي الرغم من التفسيرات المذكورة تظل قضية في حاجة إلي نقاش أكبر وأكثر عمقا ، فالتدويل حدث في فترة موجزة وضمن وقت قصير ، وقد أتت فيه الخطي متسارعة ، وتداخلت فيه عوامل متعددة ومتشابكة ، والتي من بينها رغبة الإدارة الأمريكية في تصفية حساباتها مع الخرطوم ضمن متغيرات حديثة وأخري قديمة ، نحو علاقات الخرطوم مع الارهاب ومسألة البترول والتعاطف الموجود تجاه قضية جنوب السودان من قبل الولايات المتحدة وحرصها في الوصول إلي درجة من المكاسب لصالح الحركة المقاتلة في جنوب السودان وقد تحقق ذلك فعلا في حدوث اتفاقية سلام من شأنها أن تخفف الاتجاهات الإسلامية المتشددة للحكومة في الخرطوم. ولايمكن القول بأن المأساة في دارفور محدودة أو قليلة الشأن ، كما أنه من غير المنطقي وصفها بأنها كارثة انسانية عظمي ، أو أنها اعظم مصيبة بشرية حلت علي الكون في مطلع هذا القرن بالنظر إلي مايحدث في العراق أو انتهاكات حقوق الإنسان التي تتم في فلسطين ، أو حتي ما جري في القرن الماضي في إفريقيا في موجات الإبادة العنصرية التي وقعت في ارض البحيرات وما إلي ذلك من أحداث ملتهبة تشمل انحاء متفرقة من العالم خاصة العالم الإسلامي الذي تركزت في حقه المشكلات بما يشبه عملا مرتبا ضده أو هكذا يتوهم ، ويعتقد كثيرون بصحة هذه النظرية والتي تظن أن جهدا منظما يتم في الغرب المسيحي ضد العالم الإسلامي أوضح مايمكن أن يظهر فيه هو افتعال المشكلات واشعال الحروب وبذر أصول الخلاف داخل المجتمعات الإسلامية وتعميقها ، ورفد التيارات العنصرية المناهضة للتعريب والأسلمة ، وزرع القلاقل في الدول التي تتعمق بها الثقافة الإسلامية والعربية وتمتلك إلي جانب ذلك ثروات حقيقية ، ونحن هنا وأن كنا لانؤسس فرضيتنا علي هذا القول بشكل أساسي إلا أننا نستصحب مؤثرا هاما وفاعلا يتضمن هذه الفكرة ، وهو وكما ذكرنا في مقدمة هذه الدراسة وجود أجندة ثانية للمؤسسات الدولية العاملة في تحريك الجهد للتضامن مع أهل دارفور ، وتلك النشطة في تقديم مساعدات فعلية إلي دارفور . ويجوز لنا هنا آن نتسآل:



هل كان الدور الرسمي الأمريكي في الضغط علي الحكومة يأتي ضمن أهدافه تحقيق مكاسب للكنيسة ، وللتبشير المسيحي ؟

وهل كانت الدوافع الدينية محركا هاما وحقيقيا لكسب ارض جديدة للتكريز ونشر البشارة للحكومات الغربية فضلا عن منظمات المجتمع المدني ووكالات الغوث ، والتي يعمل بعضها دون مواربة تحت مسميات مسيحية ، وأن كانت تعلن أن تضمن الاعانة للمحتاجين بغض النظر عن دينهم وهي لاتمتلك أجندة دينية ازاء ذلك .

وعلي ضوء هذا كيف يمكن تفسير تصريح وزير الخارجية الفرنسي ، والذي ذكر فيه أنه يعتقد أن هناك اتجاها قويا لدي الحكومة السودانية في دعم العرب ضد الإفريقيين في دارفور ضمن مخطط ؟

وهناك أمور واضحة في هذا السياق لاتحتاج إلي جهد كبير لتكوين رؤي حولها فيما يتعلق بدور الكنيسة في ازمة دارفور ، وإن كان الأمر الذي تعلنه عبر هذا الدور قد لايدفع إلي القلق ، لكن قد يحتمل الأمر أن تكون هناك أجندة خفية – وهذا ما سنسعي إلي بيانه من خلال هذه الدراسة – وعلي مستوي الكنيسة الدوليةبمختلف مذاهبها ، خاصة الكنيسة الأم ، الكنيسة الكاثوليكية نجد أن هناك تدخلا معلنا في هذه القضية ، فلقد وجه البابا نداء ، ودفع مبعوثا منه للتدخل في دارفور (21)

ويعتقد بعض الباحثين أن اليمين المسيحي الأمريكي ظل يصور أن ما حدث كان ابادة جماعية منظمة ، واغتصاب متعمد بدوافع منهجية للنساء كما أن الاهتمام بدارفور من قبل المنظمة المسيحية من شأنه – وفي بعض نواحيه – أن يعكس للمواطن الامريكي عدم التعصب المسيحي من خلال التصدي لاضطهاد المسلمين في السودان مثل ما تم من قبل التصدي لاضطهاد المسيحيين في الجنوب ، وهذا من شأنه أن يبرز الوجه الانساني الذي تتعامل به القيم المسيحية مع مختلف الطوائف والفئات الدينية ويترك ذلك اثره علي ابناء امريكا ويعطي صورة حسنة عن الكنيسة (22)
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009
  #2
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

الجهد الغوثي والتنصير :

حرصت الحكومات الغربية علي الضغط علي الخرطوم لفتح مطاراتها لاستقبال وكالات الغوث الإنساني وتسهيل مهامها ، وعلي الرغم من تشكك حكومة الخرطوم الكبير حول الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه المنظمات وطبيعة العمل الذي تؤديه وما تخفيه من توجهات خفية وأجندة غير معلنة ، إلا أنها وجدت نفسها مرغمة في كثير من الأحيان علي توفير السبل المناسبة لوصول هذه المنظمات إلي المنطقة المنكوبة أما نتيجة لعدم مقدرتها علي سد الاحتياجات الحقيقية لسكان مخيمات النزوح ، أو للضغوط التي تواجهها من الإدارة الامريكية وبعض الدول الغربية والمجتمع الدولي ، لمساعدة النازحين . وفيما يتعلق بالضغوط لقبول المساعدات الإنسانية نلحظ أن وزير الخارجية الأمريكي ( باول ) سعي إلي انتزاع تعهدات من المسئولين السودانيين بتسهيل وصول هذه المساعدات ، كما أن حرص علي أن يتحقق بنفسه من الظروف التي يعيشها النازحون (23)

واعتبر )باول ( أن مخيم) ابوشوك (والذي أقيم بالقرب من الفاشر ، وتساهم فيه وكالات الأمم المتحدة وعدة منظمات إنسانية دولية ، من بينها( اوكسفام(واللجنة الدولية للصليب الأحمر يعطي الأمل وليس فقط وسائل البقاء (24)

وعند زيارة ) باول ( لمخيم) أبوشوك ( في يونيو 2004 اندفع نحوه الآلاف النازحين واحاطوه من كل جانب (25)

وفيما يتعلق باظهار الحكومة السودان لاستيائها من اداء منظمات الاغاثة ، وجهت الحكومة انتقادات لهذه المنظمات العاملة في دارفور وقالت إنها لاتنفق سوي جزء بسيط من الاموال التي تصلها من الجهات المانحة وتحتفظ بالباقي لتغطية نفقات انشطتها وذكر والي جنوب دارفور الحاج عطا المنان أن المجتمع الدولي انفق حتي الآن ) في مارس2003 ) علي ازمة دارفور مليار دولار كان نصيب مواطني دارفور منها %12 فقط ، وأكد أن نصيب ولايته منها 500 مليون دولار بينما ذهب القسم الأكبر إلي النفقات الإدارية وامتيازات موظفي المنظمات الدولية العاملة هناك (26)

ومن الواضح أن نقد الحكومة السودانية للمنظمات يحمل دلالات أخري فالدولة السودانية غير راضية عن الأداء العام لهذه المنظمات ومن المعقول جدا أن نقول إنها تملك مايحملها علي الاعتقاد أن المنظمات الغوثية في دارفور تؤدي إلي العديد من الأعمال التي لاتتفق مع دورها الإنساني بالمنطقة ، ويبرز لنا هذا من خلال الهجوم الذي شنه الرئيس السوداني عمر البشير علي المنظمات ووصفه لها ( بالعدوة ) ، وكانت السلطات السودانية اعتقلت في وقت سابق من العام الماضي خمسة من مسئولي الاغاثة يعملون لدي منظمة اغاثات الكنيسة النرويجية لأتهامهم بتصوير فيلم وثائقي داخل مخيمات المتمردين لدعم المزاعم بوقوف ابادة جماعية ، وعمليات اغتصاب (27) .

اضف إلي ذلك بعض العراقيل التي كان يضعها بعض كبار الموظفين المسئولين من متابعة عمل هذه المنظمات في وجه بعض المنتسبين لهذه المنظمات (* ) ويتذرعون ازاء عملهم هذا بحجج امنية وظل بعض العاملين في الاغاثة يشكون من مضايقات وقيود علي السفر ، واجراءات بيروقراطية تعطل عملهم في دارفور ن وتحدث بعضهم مثل عاملين في منظمتي ( اوكسفام ) و(أطباء بلا حدود ) أنهم تلقوا تهديدات بالطرد نتيجة لأنهم تحدثوا عن أعمال عنف قد شاهدها(28).

وقد بقيت نظرة الحكومة المتشككة في أدوار منظمات الإغاثة العاملة بالمنطقة عاملا يحكم سلوك الحكومة السودانية تجاه هذه المنظمات فقد ذكر مصدر قضائي سوداني في يونيو 2005 أن السلطات السودانية لم تسقط الاتهامات الموجهة إلي اثنين من مسئولي الإغاثة شاركا في اعداد تقارير بشأن عمليات اغتصاب في اقليم دارفور ، وقال ( يان برونك ) مبعوث الأمم المتحدة لدي السودان انه توقع سحب الاتهامات بالتجسس ونشر معلومات زائفة الموجهة ضد اعضاء منظمة اطباء بلاد حدود الفرع الهولندي ، لكن عبدالدائم زمراوي المسئول الكبير بوزارة العدل قال إن الاتهامات الجنائية ضد اعضاء منظمة أطباء بلاحدود مازالت قائمة ولم يتم اسقاطها ، وتم اعتقال ( فينسنت هوت ) ورئيسه البريطاني ( بول فورمان ) في مايو 2005 بشأن التقرير الذي نشر في مارس وافرج بكفالة في وقت لاحق من اعتقالهما وعندما سئل ( زمراوي ) أن كان يتوقع اسقاط الاتهامات عنهما قال إن هذا يتوقف علي سلوك المنظمة ، وقال المدعي العام السوداني إن التقرير الذي اعدته منظمت أطباء بلا حدود الذي تناول بالتفصيل 500 حالة اغتصاب مزيف(29). وكانت الحكومة السودانية قد اشارت في الفترات السابقة أنها ستكون حذرة في التعامل مع المنظمات الأهلية الراغبة في العمل بالسودان ، كما أنها وجهت اتهامات لتلك المنظمات العاملة بالمنطقة بانها تدعم المتمردين(30).

وفي نهاية السنة الفائتة أوقفت السلطات السودانية نشاط منظمة ( كوبي ) الايطالية في اعقاب الاشتباه بأنها متورطة في نقل مساعدات إلي مسلحي دارفور ، فقد ذكر مسئول حكومي أن السلطات المحلية في الفاشر ضبطت أفراد المنظمة في اثناء ترحيلهم لمواد اغاثية إلي منطقة ( كلكل) التابعة للحركات المسلحة (31).

وتجربة المنظمات الغوثية في غرب إفريقيا لاتوحي بالثقة ، كما أنها تبرز إلي الحد البعيد الحذر الذي تسلكه حكومة الخرطوم تجاه التعامل مع هذه المنظمات فلقد جاء في التقرير الذي قدمته(اسميتا ناتيك) وهي مستشارة مستقلة لحقوق الإنسان ، ومشاركة في وضع تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ، عن تجربة الاطفال اللاجئين في غينيا وليبرياوسيراليون ، اتهامات واضحة لعمال المنظمات الطوعية غير الحكومية ، واعتمد التقرير علي مقابلات شخصية شملت 15 طفلا وبالغا ، ووجه اتهامات نحو 40 وكالة عون و67 فردا ، وجاءت المعلومات الواردة في التقرير مثيرة للصدمة ، فقد اشارت الي تورط عاملين في المخيمات الدولية في العنف الجنسي ، ضد اللاجئين حيث ذكر أن خدمات جنسية تفرض مقابل المساعدة أو الغذاء أو حتي وضعية اللاجئي ، واوضح التقرير أنه في منتصف عام 1999 افادت منظمة مراقبة حقوق الانسان بأن الاستغلال الجنسي يمثل مشكلة منتشرة في مخيمات غينيا وان الفتيات الصغيرات يجبرن علي ممارسة البغاء للوفاء بالتزاماتهن حيث كن الفتيات يقمن علاقات جنسية مع امناء السجلات والمواطنين الذين تستخدمهم المفوضية السامية للامم المتحدة لشئون اللاجئين علي أمل أن يؤدي ذك الي ضمان تسجيلهم بشكل صحيح وحصولهم علي المساعدة ، وفي يناير 2001 اعاد تقييم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين علي أمل أن يؤدي ذلك إلي ضمان تسجيلهم بشكل صحيح وحصولهم علي المساعدة ، وفي يناير 2001 اعاد تقييم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لبرنامجها في غينيا المخاوف نفسها حيث ذكر :

( من أكثر الزبائن الرئيسين للبغايا اللاجئات هم موظفو المنظمات غير الحكومية) ، وبالنظر إلي معسكرات النازحين في دارفور ، فإنه من الملاحظ جدا ان نسبة الأطفال والنساء داخل هذه المعسكرات ربما يتجاوز ال 70% (32).

وتذكر بعض المصادر أنه يمكن تقسيم الفئات النازحة داخل المعسكرات إلي الآتي :

50% أطفال

30% نساء

20% رجال (33)

ويحصر نفس المصدر عدد المنظمات الأجنبية العاملة في دارفور ويصف نشاطها حيث اشار إلي امكاناتها بأنها هائلة علي المستوي المادي والبشري ، فقد بلغ عددها 54 منظمة ، منها 43 منظمة عالمية و11 منظمة تابعة للامم المتحدة ووكالاتها ، وبلغ عدد العاملين الاجانب في هذه المنظمات 489 فردا في مختلف التخصصات ، وتمتلك هذه المنظمات اسطولا ضخما من السيارات بمختلف أنواعها وتقدر المركبات التابعة لهذه المنظمات بـ 262 مركبة اضافة إلي اعداد كبيرة من المعدات والأجهزة والآليات المساعدة كما أكد هذا المصدر علي أن هذه المنظمات تركز عملها في أوساط القبائل ذات الأصل الإفريقي(34). ويذهب المصدر إلي أن المنظمات تمتلك أجندة خفية تسعي إلي تمريرها من خلال العمل الاغاثي ، وقد خلفت نتيجة لعملها الدؤوب بين النازحين آثارا سلبية ، تجلت في عدة نواحي ، ابرزها مايلي :

- وجود شبكة معلومات واتصالات في غاية الدقة تربط المنظمات الأجنبية ببعضها بعضا ، وتحسب كل التحركات في داخل المعسكرات .

- أثر المنظمات علي اتجاهات التفكير لدي المواطنين واستطاعت أن توجههم نحو غايتها إلي درجة التي دفعت بعض المواطنين إلي أن يرفضوا بناء مسجد داخل المعسكر.

- يرفض النازحون برامج العودة الطوعية بحجة عدم توفر الأمن والغذاء وضعف الحكومة في حمايتهم (35).

- وتؤكد الدراسة علي أن المنظمات الأجنبية تسيطر بشكل تام علي المعسكرات ، الذين تتجاوز نسبة الأمية لدي أحدي العينات التي أجريت عليها الدراسة ال 60% ، وتبلغ نسبة الذين ارتادوا الخلوة ( كتاب ) 23% ، أما الذين تلقوا تعليما في المرحلة الثانوية فنسبتهم لاتتجاوز ال 5ر1% (36).

وتسعي هذه المنظمات إلي تعليم الأطفال داخل المعسكرات اللغة الانجليزية بطريقة أقرب إلي التبشير أو الحوار حول التبشير في محاولة للمباعدة بينهم وبين الثقافة العربية(37).

ويتخوف قادة العمل الإسلامي من أنشطة العون الإنساني باعتباره أحد مداخل التبشير والتنصير بين المسلمين خاصة في زمن الأزمات والكوارث فمثلا جمعية العون المباشر ومقرها الكويت وهي أحدي الوكالات الإسلامية الغوثية تري أن هناك عملا تنصيريا يتم تحت غطاء العمل الإنساني ، وهذا ما يعتقده عبدالرحمن السميط ، صاحب هذه الجمعية ، والذي يقول : ( نري اهتمام بعض الكنائس المعادية للإسلام بمنطقة دارفور ، وهي تحاول استغلال الفرصة للقيام بأعمالها التنصيرية (38) وقد أكد الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي ، والذي زار السودان في العام 2004 ، أن التدخل الغربي في ازمة تحت غطاء المساعدات الإنسانية يهدف لتنصير سكان الإقليم ، واتهم القرضاوي الغرب خلال خطبة الجمعة التي القاها في أحد مساجد الخرطوم بتدبير مؤامرة للسيطرة علي السودان ، وعبر عن أن هذه المساعدات التي يقدمها الغرب ، محاولة لمسخ الهوية الإسلامية لدارفور ، وقال ( هؤلاء الناس يريدون أن يغزونا في أوطاننا تحت مسمــــي الإعانات والمساعدات الخيرية لتنصير المسلمين ) (39).

أما الحكومة السودانية ، فمن جانبها أكدت علي وجود حملة تنصير لاقليم دارفور وذلك من خلال عمل المنظمات الأجنبية في معسكرات النازحين تحت غطاء العمل الإنساني ، وكان والي ولاية جنوب دارفور ( الحاج عطا المنان ) قد كشف عن نشاط نعته بالواسع لعدد من المنظمات في مجال تنصير المسلمين بالمنطقة إلا أنه قلل من شأن تلك المحاولات وقال : إن السلطات الحكوميةوالإدارات الأهلية قادرة علي التصدي لمواجهات هذه التحديات ). وفي مؤتمر لمنظمة الدعوة الإسلامية ، إشار بعض المسئولين الحكوميين من ذوي الصلة بملف دارفور ، إلي تزايد كبير للمنظمات الأجنبية ذات الصبغة المسيحية ، في حين أن عدد المنظمات الإسلامية لايتجاوز أصابع اليدين (40).

وقد عبرت الحكومة السودانية عن قلقها الشديد من عمل المنظمات والذي يعتقد أن له أهدافا تنصيرية ، من خـلال تصريح وزير الدولة بالداخلية ( أحمد محمد هارون ) والذي اشار إلي أن هذه المنظمات تقوم بأدوار في غاية الخطورة ، وتستغل العمل الإغاثي في عمليات التنصير(41).

وكما أشرنا فيما سبق من صفحات أن الاهتمام بدارفور من قبل المؤسسات ظل يتصاعد بشكل كبير ومتداعي وبعض المنظمات الكنسية لم يعزها أن تخفي رغبتها في الأخذ بيد أبناء منطقة دارفور ، فقد أعلنت منظمة ( كاريتاس ) العالمية الكاثوليكية وفقا لموقعها الرسمي علي شبكة المعلومات ( الانترنت ) أن لديها حملة تستهدف مبدئيا 124 الف من ابناء دارفور ، وعبرت عن رغبتها في ارسال (قوات متطوعين جدد Join forces ) للعمل في دارفور مع مائتي منصر كاثوليكي ، وذكرت المنظمة في نداء لها أن هناك تحالفا كنسيا دوليا سيعمل وفق خطة أولية ل 18 شهرا تحت عنوان ( التحالف الدولي الطاريء لدارفور (ACDER ويضم هذا التحالف هيئة المعونة النرويجية الكنسية ومجلـس كنائس السودان ، والكنيسة الكاثيوليكية السودانية ، كما اعلنت هذه المنظمة أنها ترعي 45 الف لاجيء من دارفور في ثلاثة معسكرات في تشاد (42).

وهذه المنظمة وهي في الواقع تمتلك فروعا لها في انحاء العالم ، وتقوم إذاعة الفاتيكان بتغطية مجهوداتها والأعلان عنها ، كما أنها تقوم بدور بارز في دعم برامج التنصير المختلفة حول العالم بتوزيع الأناجيل والنشرات التنصيرية بعشرات اللغات الإفريقية ، كما تمول المشروعات الاستثمارية لشباب ونساء المهاجرين (43).

وفي نفس هذا الاطار تعتقد المنظمات الإسلامية الخيرية المحلية أن هذا يأتي ضمن مشروع كبير لتنصير المسلمين – كما أشرنا – وتري أن هذه المنظمات الأجنبية تعطي الخبز بيد بينما تقدم الصليب باليد الأخري وأكثر ما يمكن أن ندلل به علي موقفنا وبالإضافة إلي ماذكرناه من وجود رغبة حقيقية لدي الكنيسة العالمية في توجيه عملها نحو دارفور ، التصريحات التي بدرت مـن رئيس الكنيسة البروتستانتية ( فولففانغ هوبر ) حيث يقول هناك مسؤولية أوربية تجاه إفريقيا ، إنه لمن الضروري ومن الشرعي أن نهتم بالأوضاع المحزنة والمثيرة للقلق في دارفور ، وان نطرحها للنقاش العلني ، ونحث علي اتخاذ اجراءات تؤدي إلي انهاء الحرب الأهلية في دارفور ) ، وقد قام ( هوبر) مع وفد من تسعة أشخاص برحلة عبر السودان وزار خلالها مشروعات الإغاثة واطلع بنفسه علي الأوضاع في المنطقة .

وقد أشار إلي اهمية حرية الأديان وإلي أن الشمال المسلم لايعطي صورة مناسبة حول هذا الموضوع حيث يقول : ( وتبقي حرية ممارسة الأديان مسألة جوهرية ) ... ونحن علي يقين أن الحرية الدينية مكفولة في الجنوب أكثر مما هي عليه في الشمال .. ودعا الكنيسة السودانية إلي السعي نحو التغيير وتنظيم نفسها من جديد ، وقال إنه يتوجب علي المانيا أن تساعد في ذلك ، ولدي ( هوبر ) قناعة كاملة أنه علي الاوربيين أن يساهموا في صنع مستقبل القارة الافريقية (45)

أما علي الأرض ، وفي منطقة دارفور ، وعلي الرغم من أنه لايوجد عمل تبشيري معلن ، إلا أن هناك إشارات علي وجود محاولات للحوار حول بعض الحقائق الدينية بين بعض المواطنين وبعض مسؤولي العامل الإغاثي من الأجانب ، وهذا الحوار شمل مسائل حول أهداف الأديان نحو الخير والإصلاح وتجديد النفس البشرية ، ويتم هذا بمنأي عن نظر الجهات التابعة للحكومة السودانية ، كما أن القوات الإفريقية لحفظ السلام والعاملة في الإقليم ، يتحدث افرادها بصورة مباشرة مع المواطنين ، ويجري الحديث عادة باللغة الإنجليزية مع بعض المواطنين ممن لديهم معرفة بالانجليزية ، ولكن لايمكن الجزم بأن القوات الافريقية أو بعض المنتسبين اليها يتحدثون عن قضايادينية أو أن لديهم اتجاهات محددة لابلاغ رسالة معينة أضف إلي ذلك أن اختلاطهم بالمواطنين يقل كثيرا عن أولئك العاملين في حقل الإغاثة من الأجانب ( 46) وقد اكد ( حقار محمد أحمد ) وهو استاذ جامعي من تشاد وقد زار اقليم دارفور ، علي وجود حالات تنصير لمسلمين تم استقطابهم من قبل الكنيسة ، وذكر أنه علي علم ومعرفة ببعض الأسماء للذين تم تنصيرهم فعليا (47)

__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009
  #3
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

التنصير في غرب إفريقيا وأثره علي دارفور :

نحاول في هذه الفرعية من الدراسة النظر في إمكانية وجود تأثير مباشر أو غير مباشر للنشاط التبشيري في وسط وغرب إفريقيا علي دارفور في ظل وجود التوترات الحالية ، وهل توجد آلية محددة يتم عبرها استقطاب المسلمين إلي المسيحية ؟ وهل يمكن أن يؤثر الوجود المسيحي في غرب إفريقيا علي طبيعة الصراع الموجود في دارفور ، خاصة مع بقاء قوات إفريقيا بها اعداد لابأس بها منا منطقة غرب إفريقيا ، ومع تدخل نيجيريا كوسيط لحل أزمة دارفوةر ، وقد استضافت المتنازعين ، علي مدي اشهر في إطار التفاوض ؟ وكيف يمكن أن تكون تشاد عاملا مهما في إضعاف الهوية الإسلامية لمنطقة دارفور واستخدامها في معركة المبشرين واتجاهاتهم لكسب ارض جديدة للمسيحية في دارفور؟

من ناحية جغرافية ، تشمل هذه المنطقة كل المساحة التي يحدها من الشمال والشرق خط وهمي يسير شرقا من مصب نهر السنغال الي الحدود الغربية لجمهورية السودان ، ومن هناك نحـو الجنوب الغربي ، إلي جبل الكميرون ويحدها من الغرب والجنوب المحيط الأطلسي ، وعلي ذلك فهي تتضمن كل الجزء الأدني من الانتفاخ أو البروز الغربي العظيم لإفريقيا الواقع بين المحيط الاطلنطي ووادي النيل ، وتضاريس هذه المنطقة عبارة عن سهل ساحلي ضيق يأخذ في الارتفاع نحو الداخل ليكون هضبة داخلية( فوتا جالون ) لتمثل خط تقسيم مياه لأنهار غرب إفريقيا ( 34).

والمجتمع في هذا الاقليم ، فهو كغيره من المجتمعات الإفريقية ، ففي أغلب مناطقه ، تنتظمه القبلية ، أما من الناحية المعيشية ، فنجد مجتمعاته تتراوح بين فلاحين يعيشون بشكل بسيط في القري أعلي التلال وبين مجتمعات في المدن الكبيرة تعد علي درجة ما من التنظيم ومن ناحية أخري فإن ثقافاته تختلف بين الثقافة البدائية للعقائد المحلية ، وبين ثقافة الصفوة من أهل الفكر ذوي الثقافة الغربية ، وفي أمكنة عدة لاتزال تلك الممالك القديمة في الغابات ، كما توجد أيضا مجتمعات رعوية في المناطق شبه الجافة في اطراف الاقاليم والمتاخمة للمناطق الصحراوية ، أما أديان ومعتقدات هذا الأقليم فإنه تنتشر به المعتقدات التقليدية المحلية والتي أثرت علي حضارات تلك المنطقة خاصة فني النحت إضافة إلي وجود الإسلام والمسيحية(49).

هناك حملتان تبشيريتان وفدتا علي تلك المنطقة الأولي في أعقاب الحروب الصليبية ، وكان البرتغاليون والفرنسيون طرفا فيها لكن هذه الحملة لم تدم طويلا وفي الواقع لم يكن لهاتين الحملتين أي تأثير بين الإفريقيين ، أما الحملة التنصيرية الثانية والتي جاءت بعد فترة فقد دامت عدة قرون وأولها كان علي يد البرتغاليين في ساحل غينيا في القرن الرابع عشر الميلادي(50).

وأشارت بعض المصادر أن تاريخ اكبر البعثات الكاثوليكية إلي غرب إفريقيا يعود إلي العام 1860 ، ففي هذا العام أخذت فرنسا علي عاتقها توسيع مستعمراتها هناك ، وهناك إشارات عديدة إلي تواريخ مختلفة لرحلات تبشيرية انجليزية وغيرها ، ومن ناحية الانتشار الراسي للمسيحية في دول غرب إفريقيا وهو يعني مدي فهم الوطنيين لتعاليم اللاهوت المسيحي المستقاة من نصوص الكتاب المقدس ، وبصورة أخري كمية النشاط المسيحي ونوعه ومستوي أداء مؤسسات العبادة النصرانية في تأدية الشعائر والدعوة للنصرانية ، ومن هذه الناحية ، نجد أن في عدد المسيحيين في دول غرب إفريقيا تفاوتا من دولة إلي أخري ، وحتي الدولة الواحدة نجد اختلافا في المصادر في تحديد نسبة أصحاب العقائد ، إضف إلي ذلك الاختلافات الكمية داخل المسيحية نفسها عند اجراء المقارنة بين الطوائف والمذاهب المختلفة للمسيحية ، ونجد أن دولا يتزايد فيها عدد المسلمين ودولا أخري يتزايد فيها تعداد المسيحيين علي حساب العقائد الأخري وهكذا ، وفي الغالب أن الدول التي يسود فيها الإسلام ، يعكس هذا الأمر مدي ضعف التأثير المسيحي وضعف الإنتشار الرأسي في تلك الدول ، وبذلك يعتبر الإسلام أحد العوامل التي تعوق انتشار العقيدة المسيحية في تلك المناطق(51).وبالنظر إلي ماذكرناه فإنه يمكن استبعاد فرضية أن تؤثر الأنشطة الكنسية البعيدة نسبيا ومن ناحية جغرافية فــي مناطق غرب إفريقيا علي المسلمين في دارفور .

وعلي الرغم من وجود ممرات تقليدية وطرق قديمة تربط غرب إفريقيا الأقصي عبر تشاد بدارفور ، الا أن هذا المؤثر يظل ضعيفا ، وقد يكون محتملا مع وجود النازحين في شرقي تشاد ومع وجود القوات الإفريقية في دارفور ، ومايمكن أن يلتفت إليه من الاهتمام المتزايد لنيجيريا بقضية دارفور ، وربما للكنيسة يد في ذلك وفي هذا الاتجاه نلحظ أن نيجيريا هي الدولة الإفريقية الوحيدة شمال الصحراء التي بادر وفد منها بالمجيء إلي دارفور(52).

لكن من غير المنطقي كذلك اعطاء هذا المؤثر قدرا اكبر من حجمه خاصة ونحن نعلم المشكلات التي تواجه الكنيسة في غرب إفريقيا مع مواطنيها ، والصعوبات التي تعترض المسيحية في تلك المناطق وعلي الأخص مع وجود صحوة إسلامية حقيقية بين المسلمين في غرب افريقيا وتحديدا بين الجماعات القبلية ذات التاريخ الإسلامي المعروف نحو قبائل الفولاني والتي تنتشر في 18 دولة والهوسا وغيرهما .

أما فيما يتصل بتشاد فإن الأمر يختلف نوعا ما أولا للقرب الجغرافي وللعلاقات الوثيقة بين تشاد والسودان من ناحية التداخل القبلي والثقافي والاجتماعي ولذلك نجد أن اثنيات غرب دارفور تتميز بتداخلها المتصل وامتدادها القطري مع دول الجوار خاصة تشاد وافريقيا الوسطي ، وأهم قبائل غرب دارفور المساليت وهم من أصول زنجية ، وقد اختلطوا بالعرب، وأهم مدنهم ( الجنينة ) ولهم امتداد في تشاد وتسكن شمالهم قبائل القمر ويزعم هؤلاء انهـم من أصل عربي ، ويتكلم معظمهم اللغة العربية ، وأهم القبائل العربية ذات التـداخل مع تشاد هم ( بنو حسين ) ويتجاورون مع المساليت كما نجد ايضا قبائل السلامات في أقصي جنوب غرب دارفور(53).

ويمتد الشريط الحدودي بين تشاد والسودان بطول 750 كلم (54). وتوجد في تشاد ثلاثة معتقدات رئيسة : هي : الديانة التقليدية المحلية ، والإسلام ، والنصرانية (55) وينتشر في تشاد الاعتقاد بالتنجيم والسحر الذي يستخدمونه في قضاء الحوائج وحل الأمور المستعصية ويكثر عندهم الظواهر الخارقة في النفس والطبيعة والحياة ، نحو التخاطر وهو انتقال الافكار من شخص إلي آخر بدون استخدام وسائل الاتصال الحسية ، وقراءة الأثر ، وهو حالة خاصة من الاستبصار ، يستطيع فيها الوسيط أن يتلقي معلومات عن شخص أو شيء عن طريق الاتصال ببعض متعلقات هذا الشخص أو الشيء ، وضرب الرمل أو الحظ ، وهو يستعمل لمعرفة الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، واستحضار الأشياء ، وهو القدرة علي تحريك شيء من مكان آلي أخر ، أو استحضار شيء من بعيد في لحظات (56).

وقد انتشر الإسلام في تشاد عن طريق التمازج السكاني السلمي سواء بتأثير الهجرات العربية أو بواسطة التجار المسلمين الذين كانوا يجذبون الناس إلي الإسلام إما بالدعوة أو القدوة الحسنة ، وقد تم هذا الأمر في وقت مبكر .

وكان أول ملك مسلم من حكام مملكة كانم هو ( هومي) الذي حكم البلاد مابين سنة 1085م وسنة 1095م وقد اسلم علي يد أحد الفقهاء ، وانتشر الإسلام أثر ذلك في صفوف رعاياه.(57)

وقد سعي المستعمر الفرنسي إلي اضعاف الهوية الإسلامية للمسلمين في تشاد وعمل الاستعمار الفرنسي علي تحقيق عدة غايات في سبيل ذلك ، من بينها :

- تهميش الدور الحضاري والثقافي للغة العربية في تشاد.

- التأكيد علي أن اللغة العربية لغة وافدة مثل الفرنسية

- تشجيع اللغات المحلية والعمل علي تطويرها في مواجهة اللغة العربية

- العمل علي اعتماد اللغة العربية الدارجة لغة رسمية

- ابعاد اللغة العربية من الحياة الرسمية للدولة التشادية

وظل الاهتمام بالتعليم الفرنسي قائما حتي في العهد الوطني ، بينما ضعف الاهتمام بالتعليم العربي فمدارس التعليم الفرنسي في غالبيتها حكومية ( 3356 مدرسة حكومية في مقابل 1067 مدرسة أهلية خاصة ) بينما نجد أن مدارس التعليم العربي في غالبيتها مؤسسات أهلية ( 38 مدرسة حكومية في مقابل 161 مدرسة أهلية وخاصة ) (58).

وقد دخلت المسيحية إلي ارض تشاد في الحقبة الاستعمارية وقد بدأت بعثات التبشير البروتستانتية عملها في جنوب تشاد عام 1923م وكانت في البداية بعثات امريكية ، ثم تلتها جنسيات أخري (59).

أما بعثات التبشير الكاثوليكية فقد جاءت إلي تشاد بعد بعثات التبشير البروتستانتية ، وقد نجم هذا التأخير عن موقف الفاتيكان والذي كان يعتبر تشاد تابعة للأسقفية الايطالية بالخرطوم ، ولم تشأ الحكومة الفرنسية إرسال مبشرين إلي تشاد نظرا للأطماع التوسعية لنظام ( موسوليني ) في تشاد ، وقد ظل هذا الوضع إلي مابعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945) واجلاء ايطاليا عن كل مستعمراتها في إفريقيا ، وبموجب المرسوم البابوي الصادر بتاريخ 22 مارس 1946 تكونت في تشاد ثلاثة تنظيمات كاثوليكية (60)

وفي سنة 1960بلغ عدد الكاثيوليك 54317 ووصـل عدد البعثات الي 30 بعثة ، وظلت الكنيسة تقدم خدماتها الاجتماعية للمسيحيين والمسلمين وأصحاب العقائد التقليدية ، ويعتقد أن المسيحية حققت نجاحا كبيرا في تشاد ، عن طريق الأثر الفعال الذي تركته في المجتمع التشادي ، وربطه باوربا وتعميق الارتباط باللغة الفرنسية وفلسفتها الفكرية(61).

ويري مصدر مسيحي أن نسبة الأديان والمذاهب تتوزع في تشاد كالآتي :

العقائد المحلية 21%

مسلمون 44%

الرومان الكاثوليك 21%

الانجيلية 12% (62)

وإزا كل الذي ذكرناه يمكن القول حول معسكرات النزوح في تشاد إنه المكان الجيد الذي يمكن أن تتوفر بيئة مناسبة ومثالية إلي الحد البعيد ، لمزيد من التنصير ونشر المسيحية بين النازحين الذين يعيشون في تشاد في معسكرات ، وعبر تشاد يمكن أن تمر رسل التبشير ودعاته ، وقد سعت الامم المتحدة من قبل إلي نقل الإغاثة عبر تشاد ، فقد اقترح ( توم فراسلين ) مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الانسانية علي الحكومة السودانية نقل الإغاثة لسكان دارفور عبر تشاد(63).

كما أن تشاد الحالية تعاني من صراعات داخلية يمكن أن تؤدي بحكومتها ، وهي تعاني من التدخل والسيطرة الأجنبية وتوجد بها قوات فرنسية ، كما أن المجتمع التشادي مجتمع متعدد الإثنيات ( حوالي 200 إثنية ) تتكلم أكثر من 100 لغة ، يعاني من مشكلات عشائرية مزمنة ، تعرضه بشكل دائم للتفكك وغياب السلطة المركزية ، اضف إلي ذلك عمق الثقافة الغربية في المجتمع التشادي ، ونشاط الحركة التبشيرية في غرب تشاد ، والتنصير بين المسلمين ، وسعي الحكومة الحالية في تشاد إلي استخدام النازحين السودانيين من دارفور وسيلة ضغط علي الحكومة السودانية لايقاف تدخلها في الشأن الداخلي التشادي ، فقد هدد الرئيس التشادي(ادريس ديبي ) باغلاق مخيمات اللاجئين علي أرضه، وقد أثار هذا ردود فعل حادة ولاسيما من(واشنطون) ، وقد ظهر هذا في قيام السفير الامريكي ( مارك وول) بزيارة إلي مخيم ( قوز أمير ) شرق تشاد علي بعد أقل من مائة كلم من الحدود مع السودان ليطمئن علي الأوضاع هناك ، بعد أن حصل تأكيد من الرئاسة التشادية بأنه لن يتم طرد اللاجئين ، وهكذا فإن اللاجئين السودانيين يظلون ضحية للحرب وعرضة لحياة يكتنفها الخوف والجوع والمرض وعدم الاستقرار وعبرت احدي النازحات في مخيم (قوز أمير) عـن وضعها ( هربنا من الحرب لكن الحرب لحقت بنا ) (64).

وتبقي هذه الاجواء – كما أشرنا – منطقة صالحة لنمو التبشير وزيادة العمل التنصيري ، خاصة ونحن نعلم أن أهم مايركز عليه المنصرون اليوم للتأثير علي المسلمين إغاثة المنكوبين حيث يكون المرء في اشد الحاجة لمن يمد له يد العون في المأكل والمشرب والمأوي والدواء(65)

ويستخدم التبشير الظروف الاجتماعية المتدهورة ويتخذ من ذلك وسيلة للتقرب من أهل البلاد فيقدم الاعانات المادية ويفتح المدارس وينفق عليها ويشرف عليها(66).

وقد جعل مجلس الكنائس العالمي ، وهو يهدف إلي توحيد الكنائس الشرقية ، وجنيف مقره الحالي – ثلاثة أهداف عامة له ، كان اهمها : تقديم المعونات الإنسانية للاجئين علي اختلاف أديانهم (67) .
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009
  #4
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

المراجع :

) Abbas . M. Sharaky , Oil , Water mine- rals , and the Crisis in Darfur Sudan p141

2-- مصطفي محمد خوجلي، دارفور البيئة والانسان) ورقة ( ضمن أعمال الحلقة النقاشية حول ازمة دارفور – الأصول والمواقف وسيناريوهات الحل والتدخل 2005 ص 21

3- عبدالوهاب الطيب البشير ، أوضاع النازحين في دارفور في ضوء ديناميات الصراع بين الدولة والمعارضة والمجتمع الدولي) ورقة( ضمن أعمال الحلقة النقاشية ، مرجع سابق ص 85

4-طارق أحمد عثمان ومبارك محمد عبدالمولي ، الصراع في دارفور الجذور الأسباب – تطورات الازمة ( ورقة ) ضمن أعمال الحلقة مرجع سابق ص 133

5-نفسه ، ص 173

6- نفسه ، ص ص 173 - 174

7- سيد حريز ، دارفور انثروبولوجيا البعد الإثني والثقافي للصراع السياسي ، ) ورقة ( أعمال الحلقة النقاشية حول ازمة دارفور ، مرجع سابق ص 182

8- نفسه ص 185

9-عبدالعزيز راغب شاهين ، الصراع العرقي فـــي دارفور – دراسة انثروبولوجية) ورقة ) ضمن أعمال الحلقة النقاشية حول أزمة دارفور ، مرجع سابق ص 207

10-ر. س. أوفاهي ، الدولة والمجتمع في دارفور ، ترجمة عبدالحفيظ سليمان عمر ، ط أولي ، القاهرة 2000 ، ص 20

11- طارق أحمد عثمان ومبارك محمد عبدالمولي ، الصراع في دارفور ، مرجع سابق ، ص ص 155 ، 156

12-رصد تصريحات وزير الخارجية الامريكي كولن باول تجاه قضية دارفور ، وكالة السودان للأنباء ص 26

13-نفسه ، ص 26

14-وكالة السودان للانباء ، مرجع سابق ص 16

15-نفسه ، ص 9



16-وكالة السودان للانباء ، إدارة المعلومات والبحـوث ماذا قالت منظمة العفو الدولية ( امنستي ) ص ص 40 ، 67

17-وكالة السودان للانباء ، رصد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ، مرجع سابق ص 7

18-حسن مكي محمد أحمد ، دارفور المأساة واجتهادات في مساعي الحل( ورقة ) ضمن أعمال الحلقة النقاشية حول ازمة دارفور ، مرجع سابق ص ص 289 ، 290

19-محمود ابوالعينين ، الدور الامريكي في أزمة دارفور (ورقة ) ضمن أعمال الحلقة النقاشة حول ازمة دارفور ، مرجع سابق ص 459

20-وكالة السودان للانباء ، رصد لتصريحات وزير الخارجية ، الفرنسي حول دارفور

21-حسن مكي محمد أحمد ، دارفور المأساة .. مرجع سابق ص 291

22-المعتصم أحمد علي الأمين ، ازمة دارفور – المقدمات – النتائج الحلول ،) ورقة ( ضمن أعمال الحلقة النقاشية حول ازمة دارفور ، مرجع سابق ، ص ص 345 - 346

23 وكالة السودان للانباء ، رصد تصريحات وزير الخارجية الامريكي . مرجع سابق ص 10

24-نفسه ، ص 9

25-نفسه ص 8

26 -وكالة السودان للانباء ، إدارة المعلومات والبحوث ، السودان ينتقد منظمات الاغاثة لانفاقها اليسير في اغاثة دارفور ، (تقرير 22/3

27- نفسه

* شاهدت بنفسي اثنين ( رجل وأمرأة ) من الاطباء العاملين باطباء بلا حدود السويسرية يتعرضون لوقف عملهما من قبل مفوض الشؤون الانسانية بمدينة الفاشر ، وعندما طلبت منهما الادلاء بافادة رفضا ذلك حيث قرر انهما لايريدان تصعيد الموقف حرضا علي عملهما الانساني – بحسب ما قالاه –

280 وكالة السودان للانباء ادارة المعلومات والبحوث ، السودان يعلن عن قواعد جديدة لعمليات الاغاثة في دارفور 18/5/2006

29- وكالة السودان للانباء ، ادارة المعلومات والبحوث ، السودان يقول الاتهامات ضد موظفي الاغاثة مازالت قائمة 17/6/2005

30- الايام ، العدد 7895 بتاريخ 18/5/ 2004م

31- الصحافة ، العدد 4463 بتاريخ 9/11/2005م

32- الوان ، العدد 2875 ، بتاريخ 28/4/ 2004م

33- سراج الدين عبدالغفار عمر ، الازمة السودانية – مع اشارة خاصة لاوضاع العمل الانساني بدارفور (_ ورقة ) ضمن اعمال الحلقة النقاشية حول ازمة دارفور ، مرجع سابق ص 66

34- نفسه ص 67

35- نفسه ، ص 70

36- نفسه ، ص 74

37- الحياة ، العدد 538 ، بتاريخ 6/10/ 2004م

38- وكالة السودان للانباء ، ادارة المعلومات والبحوث 10/9/ 2004م نشرة خاصة ص ص 22 ، 23

39- htt :// www. Sudan tv , Idarfurpeace attanseero6. htm

40- الشارع السياسي ، العدد 2508 بتاريخ 26/10/2004

41- htt :// www. Sudan tv , Idarfurpeace

42- htt :// www. Sudan tv , Idarfurpeace/altansear

43-Ibid

44Ibid

45- htt :// www. Gabtara de / We bcom/ Show article

46- مشاهدات شخصية ومقابلات اثناء زيارتي للاقليم بغرض اجراء دراسة في سبتمبر 2004

47- مقابلة

48- طارق احمد عثمان وعبدالوهاب الطيب البشير ، مدخل لدراسة المسيحية ط أولي مركز البحوث والدراسات الافريقية ، جامعة افريقيا العالمية ، اصدارة رقم (45) 2003 ص 63

49- نفسه ، ص ص 63- 64

50- نفسه ، ص 65

51- نفسه ، ص ص 67- 68

52- سراج الدين عبدالغفار عمر ، مرجع سابق ص 69

53- عبدالوهاب الطيب البشير ، أوضاع النازحين في دارفور ، مرجع سابق ص ص 89- 90

54- السعيد البدوي ، دارفور الاطار الجغرافي ( ورقة) ضمن الحلقة النقاشية حول ازمة دارفور ، مرجع سابق ص 4

55- عبدالرحمن عمر الماحي ، المجتمع التشادي في عهد الاحتلال الفرنسي 1918 – 1960 القاهرة 1997 ص ص 97 ، 98

56- نفسه ص ص 105 – 106- 107

57- سيدي محمد ولد عبدالله ، دخول الاسلام في تشاد ضمن ندوة اللغة العربية في تشاد ( الواقع والمستقبل ) ط أولي جمعية الدعوة الإسلامية صفحات 113 ، 114

58- محمد شكري وزير ، اثار الغزو الفكري علي التعليم بمجتمعات وسط افريقيا – دراسة علي التعليم بدولة تشاد – ضمن ندوة اللغة العربية في تشاد ، مرجع سابق ص ص 790 – 791

59- عبدالرحمن عمر الماحي ، المجتمع التشادي ، مرجع سابق ص ص 122- 123

60- نفسه ، ص 125

61- نفسه ، صفحات 127 الي 129

62- طارق احمد عثمان وعبدالوهاب الطيب البشير ، مدخل لدراسة المسيحية ، مرجع سابق ص 74

63- البيان ، بتاريخ 1/3/2004

64- وكالة السودان للانباء ، ادارة المعلومات والبحوث اللاجئون السودانيون ضحية للنظام التشادي ومتمردي دارفور

65- بابكر حسن قدرماري ، وسائل تنصير المسلمين ومـــوقف الدعوة الي الاسلام منها ( ورقة)ضمن التنصير والتغلغل الاستعماري في افريقيا جامعة افريقيا ص 87

66- الهادي الدالي وعمار هلال ، دراسة في حركات التبشير والتنصير بمنطقة افريقيا فيما وراء الصحراء ط أولي الدار المصرية اللبنانية يناير 2002 ص 73

67- www . alJazeera,net







النشاط الكنسي والتبشيري في غرب

إفريقيا وتأثيره علي دارفور







د. طارق أحمد عثمان
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-07-2009
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

ملف كامل عن قضية شغلت الكثيرين ويكتنفها الغموض بارك الله بك بنت الاسلام على جهودك الطيبة
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-07-2009
  #6
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

وبارك الله بك على مرورك العطر وردك الطيب عليه
تحياتى وتقديرى لك دوما
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2009
  #7
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

شكرا لك أختنا الكريمة على ما تتحفينا به من هذه المقالات المتميزة الرصينة
بارك الله فيك
والى مزيد
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-01-2009
  #8
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

:sm269:

على مرورك اخى الكريم الذى تتعطر معه صفحات مواضيعى ويسعدنا ويشرفنا دوما
تحياتى وتقديرى
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2009
  #9
الحسين
محب نشيط
 الصورة الرمزية الحسين
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور -ابو حمام
المشاركات: 279
معدل تقييم المستوى: 16
الحسين is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

بارك الله بك وبجهودك
:extra139:
الحسين غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2009
  #10
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: النشاط الكنسي والتبشيرى فى غرب إفريقيا وتأثيره على دارفور

:sm269:

على مرورك اخى الكريم
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
انواع البنزين وتأثيره على اداء المحركات عبدالقادر حمود القسم العام 2 02-25-2012 08:31 PM


الساعة الآن 10:20 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir