أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد،يُحيي ويُميت،وهو حي لا يموت،بيده الخير وهو على كل شئ قدير           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > رسائل ووصايا في التزكية

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
قديم 08-11-2009
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري




بسم الله الرحمن الرحيم[/CENTER]




قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه
(توفي
709
هـ)
:




كفى بك جهلا أن تحسد أهل الدنيا على ما أعطُوا وتشغل قلبك بما عندهم فتكون أجهل منهم ، لأنهم اشتغلوا بما أعطوا واشتغلت أنت بما لم تُعط !!!



ترمد عينك فتعالجها ، وما سبب ذلك إلا أنك ذُقت بها لذة الدنيا ، فتعالجها حتى لا يفوتك النظر إلى مستحسناتها..


وترمد بصيرتك أربعين سنة فلا تعالجها ؟!



واعلم أن عُمرا ضُيع أوله حريٌّ أن يُحفظ آخره..


كامرأة كان لها عشرة أولاد مات منهم تسعة وبقى واحد، أليست تردُ وجدها على ذلك الواحد ؟ وأنت قد ضيعت أكثر عُمرك فاحفظ بقيته وهي صُبابة يسيرة..


والله ما عُمرك من أول وُلدت.. بل عُمرك من أول يوم عرفت الله تعالى..



شتّان بين أهل السعادة وأهل الشقاوة:


فأهل السعادة إذا رأوا إنسانا على معصية الله أنكروا عليه الظاهر ، ودعوا له في الباطن . وأهل الشقاوة يُنكرون عليه تشفيا فيه ، وربما ثلبوا عليه عرضه ، فالمؤمن من كان ناصحا لأخيه في الخلوة ، ساترا له في الجلوة . وأهل الشقاوة بالعكس : إذا رأوا إنسانا على معصية أغلقوا عليه الباب وفضحوه فيها ، فهؤلاء لا تُنور بصائرهم ، وهم عند الله مبعدون..



إذا أردت أن تختبر عقل الرجل فانظر إليه إذا ذكرت له شخصا : فإن وجدته يطوف على محمل سوء حتى يقول لك: خلنا منه ذاك فعل كذا وكذا ! فاعلم أن باطنه خراب وليس فيه معرفة ، وإذا رأيته يذكره بخير ، أو يذكر له ما يوصف بالذم ويحمله على محمل حسن ويقول : لعله سها أو له عذر أو ما أشبه ذلك فأعلم أن باطنه معمور فإن المؤمن يعمل على سلامة عرض أخيه المسلم..







***************************************



من كتاب تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس للإمام ابن عطاء الله السكندري
(توفي
709
هـ)



الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر
الاســـم:	___online.jpg‏
المشاهدات:	2523
الحجـــم:	16.6 كيلوبايت
الرقم:	3896  
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-24-2017 الساعة 11:38 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-19-2009
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري


بسم الله الرحمن الرحيم


قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه


مثال الإيمان معك إذا عصيت الله تعالى كالشمس المكسوفة ، أو كالسراج إذا غطيته بصحفة ، هو موجود ولكن منع نوره الغطاء..

ولا يدفع المدد الهابط مثل الكبر ، لأن الغيث لا يقرّ إلا على الأرض المنخفضة لا فوق رؤوس الجبال.. فكذلك قلوب المتكبرين تنتقل عنها الرحمة وتنزل إلى قلوب المتواضعين.. والمراد بالمتكبرين : من يردّ الحق ، لا من يكون ثوبه حسنا ، ولكن الكبر بطر الحق ، أي دفعه واحتقار الناس .

كفى بك جهلا أن يعاملك مولاك بالوفاء ، وأنت تعامله بالجفاء..

من عال - حمل - هم الدنيا وترك هم الآخرة كان كمن جاءه أسد يفترسه ثم قرصه برغوث ، فاشتغل به عن الأسد ، فإن من غفل عن الله اشتغل بالحقير ، ومن لم يغفل عنه لم يشتغل إلا به. فأحسنُ أحوالك أن تفوتك الدنيا لتحصيل الآخرة .

إياك أن تخرج من هذه الدار وما ذُقت حلاوة حبه...
ليس حلاوة حبه في المآكل والمشارب ، لأنه يشاركك فيها الكافر والدابة ، بل شارك الملائكة في حلاوة الذكر، والجمع على الله تعالى ، لأن الأرواح لا تحتمل رشاش النفوس، فإذا انغمست في جيفة الدنيا لا تصلح للمحاضرة، لأن حضرة الله تعالى لا يدخلها المتلطخون بنجاسة المعصية...

فطهّر قلبك من العيب يفتح لك باب الغيب ، وتُب إلى الله وارجع إليه بالإنابة والذكر.. ومن أدام قرع الباب يُفتح له ، ولولا الملاطفة ما قُلنا لك ذلك ، لأنه كما قالت رابعة العدوية رضي الله عنها:ومتى أُغلق هذا الباب حتى يُفتح ؟! ولكن هذا باب يوصلك إلى قربه

وإياك وذهول القلب عن وحدانية الله تعالى ، فإن أول درجات الذاكرين استحضار وحدانيته تعالى [فالله واحد في ذاته..واحد في صفاته..واحد في أفعاله] . وما ذكره الذاكرون ، وفُتح عليهم إلا باستحضار ذلك ، وما طردوا إلا بذكرهم مغلبة الذهول عليهم . وتستعين على ذلك بقمع الشهوتين : البطن والفرج.

ولا يُضادك في الله إلا نفسك !
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-07-2009
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري




بسم الله الرحمن الرحيم


:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه

قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه: ليس الفقيه من فقأ الحجاب عن عيني قلبه... وإنما الفقيه من فهم سر الإيجاد.. وأنه ما أوجده إلا لطاعته... ولا خلقه إلا لخدمته ، فإذا فهم هذا كان هذا الفقيه منه سببا لزهده في الدنيا وإقباله على الآخرة وإهماله لحظوظ نفسه واشتغاله بحقوق سيّده مفكرا في الميعاد قائما بالاستعداد

قال صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير) والمؤمن القوي هو الذي أشرق في قلبه نور اليقين

قال الله تعالى: ( والسابقون السابقون...أولئك المقربون...في جنات النعيم) سبقوا إلى الله فخلّص قلوبهم مما سواه... فلم تُعِقهم العوائق...ولم تشغلهم عن الله الخلائق ... فسبقوا إلى الله... إذ لا مانع لهم... وإنما منع العباد من السَّبق.. جواذب التعلق بغير الله ...فكلما همّت قلوبهم أن ترحل إلى الله سبحانه وتعالى جذبها ذلك التعلق الذي به تعلقت فكرّت راجعة إليه ومقبلة عليه

وافهم هاهنا قوله تعالى : (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) القلب السليم هو الذي لا تعلق له بشيء غير الله تعالى
وقوله تعالى: (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرّة ..وتركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم) يفهم منه أنه.. لا يصلح مجيئك إلى الله.. ولا الوصول إليه إلا إذا كنت فردا مما سواه
وقوله تعالى: (ألم يجدك يتيما فآوى) يفهم منه أنه.. لا يأويك الله.. إلا إذا صحّ يُتمُك مما سواه
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وتر يحب الوتر) أي يحّب القلب الذي لا يشفع بمثنيات الآثار فكانت هذه القلوب لله وبالله

فأهل الفهم أخذوا عن الله.. وتوكلوا عليه.. فكانوا بمعونته لهم.. فكفاهم ما أهمهم.. وصرف عنهم ما أغمهم.. واشتغلوا بما أمرهم عما ضمن لهم علما منهم بأنه لا يكلهم إلى غيره.. ولا يمنعهم من فضله.. فدخلوا في الراحة.. وقفوا في جنة التسليم ولذاذة التفويض.. فرفع الله بذلك مقدارهم.. وكمّل أنوارهم
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-24-2017 الساعة 11:39 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-25-2009
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري




بسم الله الرحمن الرحيم




:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه




مناجاة الحقّ سبحانه وتعالى لعبده على لسان هواتف الحقائق:

أيها العبد.. ألق سمعك وأنت شهيد..يأتيك مني المزيد..وأصغ بسمعك فأنا لست عنك ببعيد..




أيها العبد.. كنتُ بتدبري لك قبل أن تكون لنفسك..فكن لنفسك بأن لا تكون لها..وتولّيت رعايتها قبل ظهورك وأنا الآن على الرعاية لها..




أيها العبد.. أنا المنفرد بالخلق والتصوير.. وأنا المنفرد بالحكم والتدبير.. لم تشاركني في خلقي وتصويري.. فلا تشاركني في حكمي وتدبيري.. أنا المدبّر لملكي..وليس لي فيه ظهير.. وأنا المنفرد بحكمي..فلا أحتاج إلى وزير..




أيها العبد.. من كان لك بتدبيره قبل الإيجاد فلا تشاركه في المراد..ومن عوّدك حسن النظر منه إليك.. فلا تقابله بالعناد..




أيها العبد.. متى أحوجتك إليكَ حتى تحتال عليّ؟؟




أيها العبد.. متى وكّلت شيئا من مملكتي لغيري حتى أكِل ذلك إليك؟؟ متى خاب من كنتُ له مدبّرا؟؟ ومتى خذل من كنتُ له ناصرا؟؟




أيها العبد.. لتشغلك خدمتي عن طلب قسمتي.. وليمنعك حسن الظن بي عن اتهام ربوبيتي.. لا ينبغي أن يُتهم محسن..ولا أن يُنازَع مقتدر.. ولا أن يُضاد قهّار.. ولا أن يُعترَض على حكيم.. ولا أن يُعال همّ مع لطيف..




لقد فاز بالنجاح من خرج عن الإرادة معي.. ولقد ذلّ من احتال عليّ.. ولقد استوجب النصر مني عبدا إذا تحرك يتحرك بي.. ولقد استمسك بأقوى الأسباب من استمسك بسببي..



***************************************
من كتاب تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس للإمام ابن عطاء الله السكندري
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-24-2017 الساعة 11:40 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-19-2009
  #5
شاذلي
محب نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 342
معدل تقييم المستوى: 16
شاذلي is on a distinguished road
افتراضي رد: من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري

بسم الله الرحمن الرحيم


:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه


اعلم يا أخي جعلك الله من أهل حبه، وأتحفك بوجود قربه، وأذاقك من شراب أهل ودّه، وأمّنك بدوام وصله من إعراضه وصدّه، ووصلك بعباده الذين خصّهم بمراسلاته، وأشهدهم سابق تدبيره فيهم، فسلموا إليه القياد، وكشف لهم عن خفي لطفه في صنعه، فخرجوا عن المنازعة والعناد. فهم مستسلمون إليه، ومتوكلون في كل الأمور عليه، علما منهم أنه لا يصل عبدٌ إلى الرضا إلا بالرضا، ولا يبلغ إلى صريح العبودية إلا بالاستسلام إلى القضا..

واعلم أن الحق سبحانه، إذا أراد أن يقوّي عبدا على ما يريد أن يورده عليه من وجود حكمه، ألبسه من أنوار وصفه، وكساه من وجود نعته، فتنزلت الأقدار وقد سبقت إليها الأنوار، فكان بربه لا بنفسه، فقوي لأعبائها، وصبر للأوائها.

وإنما يعينهم على حمل الأقدار، ورود الأنوار.
وإن شئت قلت: وإنما يعينهم على حمل الأحكام، فتح باب الأفهام.
وإن شئت قلت: وإنما يعينهم على حمل البلايا، واردات العطايا.
وإن شئت قلت: وإنما يقويهم على حمل أقداره، شهود حسن اختياره.
وإن شئت قلت: وإنما يصبّرهم على وجود حكمه، علمهم بوجود علمه.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على ما جرى، علمهم بأنه يرى.
وإن شئت قلت: وإنما يصبّرهم على أفعاله، ظهوره عليهم بوجود جماله.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على القضا، علمهم بأن الصبر يورث الرضا.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على الأقدار، كشف الحجب والأسفار.
وإن شئت قلت: وإنما قواهم على حمل أثقال التكليف، ورود أسرار التصريف.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على أقداره، علمهم بما أودع فيها من لطفه وإبراره.

فهذه عشرة أسباب توجب صبر العبد وثبوته لأحكام سيده، وقوته عند ورودها. وهو المعطي لكل ذلك بفضله، والمانّ بذلك على ذوي العناية من أهله.

فسبحانه من إله منّ على العباد بالجود قبل الوجود، وقام لهم بأرزاقهم مع كلتا حالتيهم من إقرار وجحود. وأمد كل موجود بوجود عطائه، وحفظ وجوده ووجود العالم بإمداد بقائه، وظهر بحكمته في أرضه، وبقدرته في سمائه.


***************************************
من كتاب التنوير في إسقاط التدبير للإمام ابن عطاء الله السكندري
__________________
عروش الدنيا وممالكها، وبطشها وسلطنتها.. كل ذلك أقلّ من أن يقاوم خفقة من خفقات قلب محبّ!..


ونعيم الدنيا وأفراحها، ولهوها ولذائذها.. كل ذلك أقلّ من أن يخلق لمعةَ فرحٍ في قلب حزين!..
شاذلي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-26-2010
  #6
admin
مدير عام
 الصورة الرمزية admin
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: uae
المشاركات: 717
معدل تقييم المستوى: 10
admin تم تعطيل التقييم
افتراضي رد: من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري



[/SIZE][/CENTER]

بسم الله الرحمن الرحيم






:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه







مَا نَفَعَ القَلبُ شَيء مِثْلَ عُزلةٍ يَدخُلُ بِهَا مَيدانَ فِكرَةٍ




الشرح



وذلك لأنه يوصل إلى معرفة حقائق الأشياء وتزداد به معرفة الله ويطلع به المتفكر على خفايا آفات النفس ومكائد الشيطان وغرور الدنيا. والشأن في العزلة أن تكون بالقلب والقالب، بأن يتباعد صاحبها عن الخلق. وقد تكون بالقلب فقط بأن يختلط بجسمه معهم مع تعلّق قلبه بالحق كما قالت رابعة العدوية




ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي وأبحت جسمي من أراد جلوسي



فالجسم مني للجليس مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي



ويقول الدكتور البوطي: وهذه الحكمة تُركز على ضرورة اتخاذ الإنسان ساعات من العزلة بين الفينة والأخرى يخلو فيها إلى نفسه كي يُقومها، وليس المقصود بها العزلة الدائمة عن المجتمع، إنما هي عُزلات متفرقة، فهي بمثابة الحمية للمريض. والدليل عليها فعل الرسول صلى الله عليه و سلم سلسلة الخلوات في غار حراء، و التي واظب عليها حتى بعد البعثة حين كان يقوم في الليل فيصلي و يقرأ القرآن





كَيْفَ يُشْرِقُ قلب صُوَرُ الأكوان مُنْطَبِعَةٌ في مِرْآتهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَرْحَلُ إلى اللهِ وَهُوَ مُكَبَّلٌ بِشَهْواتِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَطمَعُ أنْ يَدْخُلَ حَضرة اللهِ وَهُوَ لَمْ يَتَطَهَرْ مِنْ جَنْابِةِ غفلاته؟ أَمْ كَيْفَ يَرْجو أَنْ يَفْهَمَ دَقائِقَ الأسرار وَهُوَ لَمْ يَتُبْ مِنْ هَفْواتِهِ؟




الشرح



المطالب أربعة: إشراق القلب، والرحيل إلى حضرة الله تبارك وتعالى، ودخولها، والإطلاع على أسرارها. وكل واحدة وسيلة لما بعدها. والموانع أربعة : انطباع صور الأكوان في عين القلب، والتكبّل بالشهوات، وعدم التطهير من جنابة الغفلات، وترك التوبة من الهفوات




طَلَبُكَ مِنهُ اتِّهامٌ لَهُ. وَطَلَبُكَ لَهُ غَيْبَةٌ مِنْكَ عَنْهُ. وَطَلَبُكَ لغيره لِقِلَّةِ حَيائِكَ مِنْهُ. وَطَلَبُكَ مِنْ غيره لِوُجودِ بعدك عَنْهُ.




الشرح:


أي طلبك منه تعالى حوائجك معتمدا على الطلبمعتقدا أنه لولاه لما حصل مطلوبك اتهام له تعالى بأنه لا يرزقك إلا بالطلب. وأما إذا كان الطلب على وجه التعبد امتثالا لقوله تعالى : { ادعوني أستجب لكم } فلا يكون معلولا. (يشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم مالم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي) فمعناه: يستجاب لأحدكم ما لم يظن أن له حق على الله أن يستجيب دعاءه إن دعاه).


وكذلك طلبك له تعالى، بأن تطلب قربك منه والوصول إليه بعملك، غيبة منك عنه، إذ الحاضر لا يُطلَب، وهو تعالى أقرب إليك من حبل الوريد. (فالأصل أن لا تغيب عنه ولا تغفل عنه البتة وذلك بدوام ذكره والأنس به جل جلاله).


وكذلك طلبك لغيره من الأعراض الدنيوية أو المراتب الأخروية لقلة حيائك منه إذ لو استحييت منه لم تؤثر عليه سواه.


وكذلك طلبك من غيره تعالى غافلا في حال الطلب عن مولاك إنما يكون لوجود بعدك عنه إذ لو كان قريبا منك لكان غيره بعيدا عنك .


فالطلب بأوجهه الأربعة معلول سواء كان متعلق ا بالحق أو الخلق إلا ما كان على وجه التعبد والتأدب واتباع الأمر وإظهار الفاقة












إحَالَتُكَ الأَعمَالَ عَلَى وُجُود الفَرَاغ منْ رُعُونَات النَّفسِ





الشرح


أي إحالتك أيها المريد الأعمال الصالحة على وجود الفراغ من أشغال الدنيا، تعدّ من رعونات النفس (أي حماقتها) لما في ذلك من إيثار الدنيا على الآخرة، وأشغال الدنيا لا تنقضي. وفي الحديث: ما من يوم إلا وهو ينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فاغتنم مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.





ما أرادت همّة سالك أن تقف عند ما كُشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة: الذي تطلب أمامك، ولا تبرّجت ظواهر المكوّنات إلا ونادته حقائقُها (إنّما نحن فتنة فلا تكفر)






الشرح



أي ما قصد سالك (أي سائر إلى الله تعالى) أن يقف بهمّته عند ما كُشِف لها من الأنوار والأسرار في أثناء السير، ظناً منه أنه وصل إلى النهاية في المعرفة، إلا ونادته هواتف الحقيقة (جمع هاتف وهو ما يُسمع صوته ولا يرى شخصه) أي قالت له بلسان الحال: الذي تطلب (الله ورسوله، "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" ) أمامك، فلا تقف. وما ألطف قول أبي الحسن التستري في هذا المعنى




ولا تلتفت في السير غيراً فكل ما سوى الله غيرٌ فاتخذ ذكره حصنا




وكل مقام لا تقم فيه إنه حجاب فجُدَّ السير واستنجد العونا



ومهما ترى كل المراتب تجتلى عليك فحل عنها فعَن مثلها حُلنا



وقل ليس لي في غير ذاتك مطلب فلا صورة تجلى ولا طرفة تُجنى






وقوله: ولا تبرّجت (أي أظهرت له زينتها ظواهر المكونات التي هي كالعروس في تبرجها) ، إلا ونادته حقائقها (أي بواطنها بلسان الحال): إنما نحن فتنة (أي ابتلاء واختبار) ، فلا تكفر، أي فلا تفتتن بنا ، ولا تقف عندنا ، فتحجب بنا عن معرفة الله التي لا تتناهى في دار البقاء الأبدية ، فضلاً عن هذه الدار الدنية ، وهو كفر بحق المنعم جل شأنه


وبالجملة فالوقوف بالهمّة على شيء دون الحقّ جل جلاله خسران ، والاشتغال بطلب ما يقرب إليه كرامة من الله ورضوان . فجد في الطلب ، والتزم حسن الأدب







ما تَوَقَّفَ مَطْلَبٌ أنْتَ طالِبُهُ بِرَبِّكَ، وَلا تَيَسَّرَ مَطْلَبٌ أَنْتَ طالِبُهُ بنفسك



الشرح




أي ما تعسّر مطلب من مطالب الدنيا والآخرة أنت طالبه بربك ؛ أي بالاعتماد عليه ، والتوسل إليه . فمتى أنزلت حوائجك به فقد تمسكت بأقوى سبب ، وفزت بقضائها من أفضاله بغير تعب . { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ومعنى قوله : ولا تيسر مطلب أنت طالبه بنفسك ؛ أنك لو اعتمدت أيها المريد على حولك وقوتك ، تعسرت عليك المطالب ، ولم تتحصل على بغيتك









***************************************









:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه







لا تَرْفَعَنَّ إلى غيره حاجَةً هُوَ مُوْرِدُها عَلَيْكَ. فَكَيْفَ يَرْفَعُ غَيْرُهُ ما كانَ هُوَ لَهُ واضِعاً! مَنْ لا يَسْتَطيعُ أَنْ يَرْفَعَ حاجَةً عَنْ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَسْتَطيعُ أنْ يَكونَ لَها عَنْ غيره رافِعا



الشرح


أي لا ترفعن إلى غيره تعالى حاجة ؛ كفقر أو نازلة هو موردها عليك اختباراً لك، بل ارفع إليه ذلك ، فإنه سبحانه يحب أن يُسأل ، وفي الحديث : من لم يسأل الله يغضب عليه. وما ألطف قول بعضهم


لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب



الله يغضب أن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب





ومن المحال أن يرفع غيره سبحانه ما كان هو له واضعاً ، فإن الله غالب على أمره ، والعبد شأنه العجز عن رفع النازلة عن نفسه ، فكيف يستطيع أن يرفعها عن غيره ؟ فالطلب من الخلق غرور وباطل ، وليس تحته عند أرباب البصيرة طائل ،وهذا إذا كان على وجه الاعتماد عليهم ، والاستناد إليهم ، مع الغفلة في حال الطلب عن الله تعالى . وأما إذا كان من باب الأخذ بالأسباب ، مع النظر إلى أن المعطي في الحقيقة الملك الوهاب ، فهو من هذا الباب








إنْ لَمْ تُحْسِنْ ظَنَّكَ بِهِ لأَجْلِ حُسْنِ وصفه، فَحَسِّنْ ظنَّكَ بِهِ لِوُجودِ معاملته مَعَكَ. فَهَلْ عَوَّدَكَ إلّا حَسَناً! وَهَلْ أَسْدى إلَيْكَ إلّا مِنَناً؟



الشرح


اعلم أن تحسين الظن بالله تعالى أحد مقامات اليقين ، والناس فيه على قسمين : فالخاصّة يحسنون الظن به ؛ لاتصافه بالصفات العلية ، والنعوت السنية . والعامّة لما عودهم به من الإحسان ، وأوصله إليهم من النعم الحسان ، فإن لم تصل أيها المريد إلى مقام الخاصة ، فحسن ظنك به لحسن معاملته معك ، فإنه ما عودك إلا عطاءً حسناً ، ولا أسدى ؛ أي أوصل ، إليك إلا مننا. والله عودك الجميل فقس على ما قد مضى.


وينبغي للعبد أن يحسّن الظن بربه في أمر دنياه وأمر آخرته ؛ أما أمر دنياه فأن يكون واثقاً بالله تعالى في إيصال المنافع إليه من غير كد ولا سعي، أو بسعي خفيف مأذون فيه مأجور عليه ، بحيث لا يفوته شيئاً من فرض ولا نفل ، فيوجب له ذلك سكوناً وراحة في قلبه ، فلا يستفزه طلب ، ولا يزعجه سبب . وأما أمر آخرته فأن يكون قوي الرجاء في قبول أعماله الصالحة ، فيوجب له ذلك المبادرة لامتثال الأوامر ، والتكثير من أعمال البر. ومن أعظم مواطن حسن الظن بالله تعالى حالة الموت لما في الحديث: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله. وورد: أنا عند ظن عبد بي فليظن بي ما شاء



لا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك ، وافرح بها لأنها برزت من الله إليك { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }(58) يونس



الشرح


أي لا يكون فرحك بالطاعة لأجل كونها برزت منك ، فإنك إذا فرحت بها من هذه الحيثية ، أورثتك العجب المحبط لها ؛ لأنك شاهدت أنها بحولك وقوتك . وإنما يكون فرحك بها ، لأجل كونها برزت من الله إليك ، وتفضل بها عليك قال تعالى : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (96) الصافات . ولذا استدل بآية : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }(58) يونس












***************************************




















__________________
اللهم يا من جعلت الصلاة على النبي قربة من القربات نتقرب اليك
بكل صلاة صليت عليه من اول النشأة الى ما لا نهاية الكمالات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-24-2017 الساعة 11:40 PM
admin غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-12-2010
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي




بسم الله الرحمن الرحيم




:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه



قَلََّما تَكونُ الوارِداتُ الإلهيَّةُ إلّا بَغْتَةً، صِيانَةً لَها أَنْ يَدَّعِيَها العِبادُ بِوُجودِ الاسْتِعْدادِ

الشرح:
أي أن الواردات الإلهية التي هي الأسرار العرفانية يقل حصولها غير بغتة أي فجأة من غير استعداد لها بعبادة، لئلا يدعيها العباد بوجود الاستعداد لها . فإن تحف الله تعالى وهداياه مقدسة عن أن تعلل الأعمال. لأنها من مواهب الغني المفضال فحصولها بغير استعداد كثير وأما حصولها بالاستعداد فنزر يسير.

إذا أَرَدْتَ أنْ تَعْرِفَ قَدْرَكَ عِنْدَهُ فانْظُرْ في ماذا يُقيمَكَ
الشرح:
هذه الحكمة تشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله تعالى من قلبه". مما يدور على ألسنة العوام: إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر في أي شيء أقامك. وفي الحديث: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" فإذا رضيك الله أيها المريد لحسن طاعته فاعرف قدرها واشكره على عظيم نعمته.

مَتى رَزَقَكَ الطّاعَةَ وَالغِنى بِهِ عَنْها فَاعْلَمْ أنَّهُ قَدْ أَسْبَغَ عَلَيْكَ نِعَمَهُ ظاهِرةً وَباطِنَةً
الشرح:
أي متى رزقك الله الطاعة التي هي امتثال المأمورات واجتناب المنهيات في ظاهرك والغنى بالله عنها (بأن لا تركن إليها بباطنك) فاعلم أنه قد أسبغ (أي أتم) عليك نعمه ظاهرة وهي تلك الطاعات، وباطنة وهي معرفتك التي باعدتك عنها و أوجبت لك رفيع الدرجات. فإن المطلوب من العبد شيئان: إقامة الأمر في الظاهر والتعلق بالله لا غيره في الباطن. فمن رزقه الله هذين لأمرين فقد أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة وأوصله إلى غاية أمله في الدارين. وقد كان أبو بكر الوراق يقول: إني لأصلي الركعتين وأنصرف عنهما كأني أنصرف عن السرقة استحياء منه.















***************************************


من كتاب "الحكم العطائية" للإمام ابن عطاء الله السكندري
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-24-2017 الساعة 11:41 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-12-2010
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي







خَفْ مِنْ وُجودِ إحْسانِهِ إلَيْكَ

وَدَوامِ إساءَتِكَ مَعَهُ
أنْ يَكونَ ذلِكَ اسْتِدْراجاً لَكَ

{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}
الشرح:
أي خف أيها المؤمن من وجود إحسانه سبحانه وتعالى عليك مع دوام إساءتك معه (بترك أوامره) أن يكون ذلك استدراجا لك شيئا فشيئا حتى يأخذك بغتة. فإن الخوف من الاستدراج بالنعم من صفات المؤمنين كما أن عدم الخوف منه مع الدوام على الإساءة من صفات الكافرين. قال تعالى: { سنستدجهم من حيث لا يعلمون } أي لا يشعرون بذلك، وهو أن يلقي في أوهامهم أنهم على شيء وليسوا كذلك، يستدرجهم بذلك حتى يأخذهم بغتة . كما قال تعالى : { فلما نسوا ما ذكروا به } إشارة إلى مخالفتهم وعصيانهم { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } أي فتحنا عليهم أبواب الرفاهية { حتى إذا فرحوا بما أوتوا } من الحظوظ الدنيوية ولم يشكروا عليها { أخذناهم بغتة } أي فجأة { فإذا هم مبلسون } أي آيسون قانطون من الرحمة. وقيل في قوله تعالى { سنستدجهم من حيث لا يعلمون } نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها، فإذا ركنوا إلى النعمة وحجبوا عن المنعم أُخذوا.

مِنْ جَهْلِ المُريدِ أنْ يُسيءَ الأَدَبَ

فَتُؤَخَّرَ العُقوبةُ عَنْهُ، فَيَقولَ:

لَوْ كَانَ هذا سُوءَ أدَبٍ لَقَطَعَ

الإِمْدادَ وَأَوْجَبَ الإِبْعادَ.

فَقَدْ يَقْطَعُ المَدَدَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُ،

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا مَنْعُ المَزيدِ.

وَقَدْ يُقامُ مَقامَ البُعْدَ وَهُوَ لا يَدْري،

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا أنْ يُخَلِّيَكَ وَما تُريدُ
الشرح:
يعني أن من جهل المريد بحقائق الأشياء أن يسيء الأدب إما مع الله بنحو الاعتراض عليه في أفعاله كأن يقول: ليت هذا الأمر لم يكن. وإما مع المشايخ بنحو الاعتراض عليهم وعدم قبول إشارتهم فيما يشيرون به عليه. وإما مع بعض الناس بنحو الازدراء بهم. فتؤخر العقوبة عنه أي عن ذلك المريد بأن لا يعاقب في ظاهره بالأسقام والبلايا ولا في باطنه بحسب زعمه فيقول: لو كان الذي وقع منه سوء أدب لقطع الإمداد (وهو ما يرد من بحر إفضال الواحد الصمد) وأوجب الإبعاد عن الله تبارك وتعالى. وإنما كان ذلك جهلا من المريد لأنه قد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر ولو لم يكن من قطع المدد عنه إلا منع المزيد أي الزيادة من المدد لكان كافيا في قطعه. وقد يقام ذلك المريد مقام (أي في مقام) البعد وهو لا يدري ولو لم يكن من إقامته في مقام البعد إلا أن يخليك أيها العبد المسيء وما تريد بأن يسلط نفسك عليك ويمنع نصرتك عليها لكان ذلك كافيا في البعد.

****************
من كتاب "الحكم العطائية" للإمام ابن عطاء الله السكندري
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 04-12-2010 الساعة 06:22 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-12-2010
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

لا عَمَلَ أَرْجى لِلْقُلوبِ مِنْ عَمَلٍ يَغيبُ عَنْكَ شُهودُهُ ويُحْتَقَرُ عِنْدَك وُجودُهُ
الشرح:
أي لا عمل من أعمال البر أكثر رجاء للقلوب أي لإصلاحها (وفي نسخة للقبول أي لقبول الله له) من عمل يغيب عنك شهوده لأنك إن غبت عن شهود عملك فقد بقيت حينئذ بربك وصار وجود العمل محتقرا عندك لاتهامك لنفسك في عدم القيام بحق الله كما يجب. ولذا قال بعض العارفين: كل شيء من أفعالك إذا اتصلت به رؤيتك فذلك دليل على أنه لا يقبل منك لأن المقبول مرفوع مغيب عنك وما انقطعت عنه رؤيتك فذلك دليل على القبول. يشير إلى قوله تعالى: { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.

مَنْ لَمْ يُقْبِلْ عَلى اللهِ بِمُلاطَفاتِ الإحْسانِ قِيْدَ إلَيْهِ بِسَلاسِلِ الامْتِحانِ
الشرح:
أي من لم يقبل على الله تعالى بسبب ملاطفاته هي الإحسان، قِيد (أي قاده الله إليه) بالامتحانات والابتلاءات الشبيهة بالسلاسل. فالنفوس الكريمة تقبل على الله لإحسانه والنفوس اللئيمة لا ترجع إليه إلا ببلائه وامتحانه. ومراد الرب من العبد رجوعه إليه طوعا أو كرها.

مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النِّعَمَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِزَوالِها، وَمَنْ شَكَرَها فَقَدْ قَيَّدَها بِعِقالِها
الشرح:
فيه تشبيه النعم بالإبل التي شأنها النفار إن لم تقيد بالعقال، ومن كلامهم : الشكر قيد للموجود وصيد للمفقود، وناهيك قوله تعالى: { لئن شكرتم لأزيدنكم } والشكر لغة: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الشاكر أو غيره سواء كان ذكرا باللسان أو عملا بالأركان أو اعتقادا بالجنان. كما قال الشاعر:
وما كان شكري وافيا بنوالكم ولكنني حاولت في الجهد مذهبا
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
وفي الاصطلاح: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله. وقد قيل للجنيد وهو ابن سبع سنين: يا غلام ما الشكر؟ فقال: أن لا يعصى الله بنعمه.




***************************************
من كتاب "الحكم العطائية" للإمام ابن عطاء الله السكندري


__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-12-2010
  #10
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي



:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه

لا تَتَعَدَّ نِيَّةُهِمَّتِكَ إلى غَيْرِهِ؛ فَالْكَريمُ لا تَتَخَطّاهُ الآمالُ

الشرح
أي لا تجعل قصدك متعديا إلى غير الله تبارك تعالى، فالكريم لا تتخطاه آمال المؤملين،
فإن ذا الهمة العلية يأنف من رفع حوائجه إلى غير كريم ولا كريم على
الحقيقة إلا رب العالمين. وأجمع العبارات في معنى وصف الكريم ما قيل:
الكريم هو الذي إذا قدر عفا، وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء،
ولا يبالي كم أعطى ولا لمن أعطى، وإن رفعت حاجة إلى غيره لا يرضى، وإذا
جفي عاتب وما استقصى، ولا يضيع من لاذ به والتجا، ويغنيه عن الوسائل
والشفعاء



تَشَوُّفُكَ إلى ما بَطَنَ فيكَ مِنَ العُيوبِ خَيْرٌ مِنْ تَشَوُّفِكَ إلى ما حُجِبَ عَنْكَ مِنَ الغُيوبِ

الشرح
تشوفك (أي تطلعك بعين البصيرة) إلى ما بطن (أي خفي)
فيك من العيوب والأمراض القلبية كالكبر والحقد والعجب والرياء والسمعة
والمداهنة وحب الرياسة والجاه ونحو ذلك حتى تتوجه همتك إلى زوال ذلك
بالرياضة والمجاهدة خصوصا على يد شيخ عارف خير لك من تطلعك إلى ما
حجب عنك من الغيوب (أي ما غاب عنك) كالأسرار الإلهية والكرامات الكونية لأن
هذا حظ نفسك وذلك واجب عليك لربك. فإن نفسك
تطلب الكرامة ومولاك مطالبك بالاستقامة، ولأن تكون بحق مولاك خير من أن
تكون بحظ نفسك وهواك. وهذه الحكمة عمدة في طريق القوم


ما قَلَّ عَمَلٌ بَرَزَ مِنْ قَلْبِزاهِدٍ، وَلا كَثُرَ عَمَلٌ بَرَزَ مِنْ قَلْبِ راغِبٍ

الشرح

يعني : أن العمل الصادر من الزاهد في الدنيا كثير في المعنى وإن كان قليلا
في الصورة لسلامته من الآفات القادحة في قبوله من الرياء والتصنع للناس
وطلب الأعراض الدنيوية. بخلاف الصادر من الراغب فيها فإنه على العكس من
ذلك





***************************************
من كتاب "الحكم العطائية" للإمام ابن عطاء الله السكندري
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه عبدالقادر حمود تراجم أصحاب السلسلة الذهبية للسادة الشاذلية 10 04-09-2019 01:37 PM
من كلام شيخنا حفظه الله تعالى في زيارة 19/11/2013 عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 04-02-2014 01:20 AM
النفح العنبري في نظم حكم السكندري عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 2 06-11-2013 01:47 PM
مقامات التقوى - من كلام شيخنا الجامي حفظه الله عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 9 06-13-2012 06:38 PM
روائع من كلام الإمام الرفاعي admin رسائل ووصايا في التزكية 8 09-11-2009 09:57 AM


الساعة الآن 05:40 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir