أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت           
العودة   منتديات البوحسن > اسلاميات > مقالات مختارة

مقالات مختارة اخترنا لكم في هذا النادي مما قالوا ومما كتبت الصحف لنضع بين ايديكم باقة من المواضيع المميزة والهادفة

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 09-26-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي موازين الناس وميزان التقوى

جليبيب عند الله ليس بكاسد
للأستاذ الشيخ أحمد نصيب المحاميد




لا يزال كثير من الناس قديماً وحديثاً، يغترون بالمظهر الخلاب، والهندام المرموق، والهيئة الحسنة، وهم كذلك يكبرون الثروة الواسعة، والمركب الفخم، والجاه العريض، والصيت المنتشر، ويكفرون بعد ذلك بالقيم الإنسانية الرفيعة، والأخلاق المهذبة السامية، ولكن الحقيقة لا تخفى، والخلق النبيل لن يعود على صاحبه إلا بالخير، والقيم الإنسانية والروحية ستظل محتفظة بقدسيتها ومكانتها. وهذا الصحابي الجليل، القليل الذكر، المغمور الصيت، يكشف لنا بما وقع له مع الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الحقائق، ويستبين لنا من ذلك طريق واضح لمعالجة بعض النواحي الاجتماعية التي لها خطرها وأهميتها.
هذا ((جُلَيْبٍيب)) شاب من أصحاب النبي، آتاه الله إيماناً متيناً، وخلقاً مستقيماً، وهمة عالية، غير أنه لم يرزق صباحة في الوجه، ولا رشاقة في القوام، ولا جمالاً في المنظر، ولا تنسيقاً في الهيئة، فكان طبيعياً أن يعرض عنه الناس فلا يزوجوه، ويبتعدوا عنه فلا يصاهروه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يعني بأصحابه كلهم على السواء، ويهتم بشؤونهم الخاصة والعامة، ولا يقيم وزناً إلا للقيم الحقة، والأخلاق المرضية، نظر يوماً إلى ((جُلَيْبٍيب)) فأدرك ما يحز في نفسه من ألم، وما يعتلج في صدره من رغبة، وما يرد على خاطره من تمنيات كإنسان ... فلم يدعه صلى الله عليه وسلم يعاني هذه الآلام، ويكبت هذه الرغبات وهو الرسول الكريم، الذي وصفه الله تعالى بإنه رؤوف رحيم.
لذلك فقد سعى بنفسه عليه السلام فخطب ابنة رجل من الأنصار لتكون زوجة لجليبيب، وتوقف الأنصاري أبو البنت، وقال للنبي: ((حتى استأمر أمها)) وانطلق الرجل الأنصاري إلى امرأته، فذكر لها ما أراد الرسول، فأبت أشد الإباء، وكأنها كرهت لابنتها أن يكون حظها في الحياة هذا الرجل، ولِمَ لا تنتظر حتى يأتيها شاب وسيم قسيم يتثنى في مشيته، ويسلب الألباب في طلعته، ويكون على جانب عظيم من الثراء والنسب؟!!
واتصل الخبر بالبنت فماذا كان موقفه؟ إنها قد تنبهت لأمر عظيم غفل عنه أبوها، وكاد أن ينالهما شر وسخط، وأن يحل بهما عذاب عذاب ونقمة، لولا أن الفتاة الحصينة أنقذت الموقف، وظهر من عميق تفكيرها وبعد نظرها وتوقد ذهنها ما يعجز عنه الرجال.
قالت لأبيها وأمها: ((أتريدون أن تردوا على رسول الله أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه))، ثم تلت قول الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) ثم اردفت تقول: ((أما أنا فقد رضيت وسلمت لما يرضى لي به رسول الله)).
وهنا تنبهت أمها، واستيقظ أبوها، وعرفا أن فتاتهما أنقذتهما من هوة سحيقة كادا يترديان فيها، دعتهما إلى استجابة أمر الله ورسوله، والتماس رضاهما، وطلب ما عندهما من المثوبة والأجر.
وأقبل الأب على ابنته يباركها، ويشكرها ، ويدعو لها ، وقد امتلأ إكباراً لها، وإعجاباً برجاحة عقلها، وقوة إيمانها، ونفاذ رأيها إذ وفقت إلى ما لم يوفقا إليه، ودعاها إيمانها إلى الاستجابة لأمر الرسول، وذهب أبوها مسرعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ((يا رسول الله، إن كنت رضيته لنا فقد رضيناه)) فقال النبي: ((فإني قد رضيته))، وتم الأمر، وكان الزواج.
وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد بما كان من الفتاة من موقف حميد مشرفٍ فسرَ بها ، وأكبرَ من شأنها ، ودعا لها فقال : ( اللهم اصبب عليها الخير صبا ، ولا تجعل عيشها كدّا ) ويستجيب الله تعالى دعاء رسوله فتصبح الفتاة في بيتها الجديد من أكثر الأنصار ( نفقة ومال ) .
ويسعد جليبيب بهذه الفتاة الملائكية التي منحها ربها جمالاً وكمالاً فكانت مثلاً أعلى لكل فتاة .
وتسعد الفتاة بهذا المال الوافر ، والخير الدائر ، والزوج المؤمن ، ولعالها كانت أكثر الفتيات سعادة وهناءة بما كانت تشعر به من طاعة الله ورسوله وامتثال أمره والتماس مرضاته ، ورضاها بما قسم لها .
ويمكث جليبيب إلى جانب زوجه الوفية ما شاء الله أن يمكث ، حتى يسمع داعي الجهاد يهيب بالمؤمنين من القيام بما يتوجب عليهم من نصرة الله ورسوله ، فيستجيب جليبيب للداعي ، ويخرج مجاهداً مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
ويخوض المعركة ببسالة وصبر ، ويقتل عدداً من أعداء الله ورسوله ، ثم يخر صريعاً مضرجاً بالدماء ، وينال من الله تكريماً أن سجلَ اسمه في سجل الشهداء .
عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له ، فلم فرغ من القتال قال : ( هل تفقدون من أحد ؟ ) قالوا : نفقد واللهِ فلاناً وفلانا . قال : ( لكني أفقد جليبيب ) فوجدوه عند سبعة قد قتلهم ، ثم قتلوه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبر فقال : ( قتل سبعة ثم قتلوه ، هذا مني و أنا منه ) – حتى قالها مرتين أو ثلاثة - ، ثم قال بذراعيه فبسطهما فوضع على ذراعي النبي صلى الله عليه وسلم حتى حفر له فما كان له سرير إلاَّ ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دُفن .
ويتحدث الصحابة عما نال جليبيب من إعراضٍ عنه ، و كساد أول الأمر، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أما عند الله فليس بكاسد ) .
نعم إنه ليس بكاسد. وهل من تكريم أعظم من أن يحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذراعيه حتى يوارى مقره الأخير ، في جنات النعيم .
إن في هذه القصة لعظة وذكرى للذين يخضعون لهذه المادة، ويغترون بالمظهر، ولا يقيمون وزناً للخلق الكريم!!



يتبع
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة admin ; 08-30-2013 الساعة 01:45 AM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لباس التقوى ـ المرقعة ـ الكركرية الصوتيات والمرئيات 1 09-14-2012 04:56 AM
مقامات التقوى - من كلام شيخنا الجامي حفظه الله عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 9 06-13-2012 06:38 PM
بركة التقوى مع الغافلين عبدالقادر حمود مقالات مختارة 11 11-20-2010 01:09 PM
2.في الفص المحمدي ، دورات الفلك و الملك وميزان التجديد عمرالحسني المواضيع الاسلامية 0 10-30-2010 02:57 PM
1.في الفص المحمدي ، دورات الفلك و الملك وميزان التجديد عمرالحسني المواضيع الاسلامية 0 10-30-2010 02:56 PM


الساعة الآن 01:42 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir