أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة           

المقدسات الاسلامية هذا الركن لذكر الاماكن المقدسة والمساجد والاثار الاسلامية

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 11-29-2012
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رحلتي إلى القدس

رحلتي إلى القدس (1): عبور الحدود ودخول القدس


كنا في عمان لليلة واحدة وجميع من تعاملنا معهم تقريباً كانوا من أصل فلسطيني. على وجه الخصوص، كان هناك أخوين، أشرف وشادي. أمضى أشرف ساعتين برفقتي في البحث عن مكتبات في وسط مدينة عمَان في حين قام شادي، الأخ الأصغر، بقيادتنا إلى جسر الملك حسين. يعود أصل أسرتهم إلى الخليل وقد نزحت إلى عمان بعد حرب عام 1967. منذ ذلك الحين، لم يعد أحد من العائلة إلى موطنه بما في ذلك والدهم المتوفى الذي كان بعمر 15 سنة تقريباً عندما نزح. عندما ذكرت لأشرف أن الأردن لديها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل وهو ما يعني أنه بإمكانه الذهاب لزيارة مدينته رفض بشدة مشيراً إلى أنه من السخافة أن يحتاج إلى تأشيرة دخول لزيارة وطنه! وقال بأنه لن يفعل ذلك أبداً. وهذا الوضع إلى حد ما يلخص معضلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. المشكلة ليست بهذه البساطة.
غادرنا الحدود في وقت مبكر. عندما تغادر الجانب الأردني، يقابلك منظر جميل من سلسلة جبال مع قرية في أسفلها. هناك بحر من الأبنية البيضاء على خلفية جبلية من اللون البني التي تثير مشاعرك وتستحضر في مخيلتك صوراً من الأراضي المقدسة. لقد كان جزء من شوقي للقدوم هنا هو المشي (حرفياً) على جزء من التاريخ الذي هو أمر أساسي بالنسبة لإيماني كمسلم. لا يوجد أي مكان آخر في العالم تلتقي في مسارات الأنبياء العظماء مثل ابراهيم، وموسى، وعيسى، وداود، ومحمد صلى الله عليهم وسلم في نفس الأرض عدا هذا المكان. مجرد التأمل في هذا أثار مشاعري والآن أصبحت هذه الأرض في مجال النظر. أخبرني سائق الحافلة بأن تلك الأرض كانت أريحا، المدينة الأكثر انخفاضاً وإحدى أقدم المدن في العالم. فلسطين، ذلك المكان البعيد الذي كان يثير الروعة في مشاعري لأكثر من عقد من الزمن، قد أصبح الآن جزئياً حقيقة واقعة.
على الجانب الاسرائيلي، لاحظت بعض الابتسامات بينما كنا نضع أمتعتنا عبر نقطة التفتيش الأولى. في مكتب التأشيرات، كان هناك رجلاً معتدلاً إلى حد ما تعامل معنا بابتسامة، لكن كان من الصعب معرفة ما إذا كانت ابتسامته تدل على بهجته أم أنه كان يحاول معرفة ماذا يفعل شخصان مستعربان يحملان جوازات سفر بريطانية ويتحدثان اللهجة البريطانية بطلاقة. عندما عبرنا بالباص، أخبرت زوجتي عما كنت أتوقعه من استجواب مطوَل بسبب أختام التأشيرات المتنوعة التي كانت على جوازات السفر من بلدان “ساخنة”. كنت قد حضّرت في ذهني إجابات لأسئلة قد تكون حرجة، وعلى الرغم من أن ردودي ستكون صادقة، لكنني كنت أتمرن على الإجابات. سألنا لماذا نحن هنا وشرحنا له بأنها فرصة لنا بالطبع لزيارة الأرض المقدسة. سألنا عدة أسئلة عشوائية أخرى ثم قال: “سأعطيكم أسبوعاً واحداً.” بما أننا كنا سنبقى لأسبوع فقد كان الأمر لا بأس به ولكن اسرائيل عادةً تمنح الرعايا البريطانيين تأشيرة دخول لـ 3 أشهر. لم أرد أن أعترض وقبلت. ثم قال الرجل: “ولكنكم لن تذهبوا إلى الضفة الغربية!” أجبت على الفور: “ماذا؟” ذلك لأن الخليل وبيت لحم يقعان في الضفة الغربية، لذا أخبرته بأننا نريد الذهاب إلى بيت لحم لزيارة كنيسة المهد. ضحك وقال: “لماذا؟ أنت مسلم. لدينا كنيسة في القدس، قم بزيارتها”. كنت مستاءً جداً من كلامه وأردت أن أرد عليه لكنني قررت ألا أفعل لأنه كان من الواضح بأنه غير عقلاني. اتفقنا على البقاء في القدس بدلاً من ذلك وأعطانا التأشيرة. لاحظت أن زميله في النافذة التالية كان أيضاً يخبر المسافرين ألا يذهبوا إلى الضفة الغربية. لكن ذلك لم يكن أكثر من طلب على شكل أمر لأنهم لا يستطيعوا ختم جواز السفر بـ “اسرائيل فقط”. مع ذلك، لم يكن ذلك ليمنعنا من زيارة الضفة الغربية.
عند موقف الحافلة في الخارج، اقترب مني سائق سيارة أجرة بدا عليه أنه فلسطيني. قدمنا أنفسنا ونصحني بأن آخذ الخيار الأرخص إلى القدس. عندما سألته عن المركبة التي يقودها، أشار إلى سيارة أجرة خاصة أكثر تكلفةً. منطقياً، كنت أتوقع منه أن يشجعني على ركوب سيارته، لكنه لم يفعل وهذا ما أثار فضولي لأننا نعرف بأن الفلسطينيين يعانون من الفقر المدقع وهم بأمس الحاجة للمال. كنت أظن أن مثل هذا الحال سيدفع الناس لمحاولة كسب قدر ما يستطيعون بغض النظر عن الإمكانيات المالية للسائح، ولكن هذا السائق (سأسميه عبد الله) لم يتناسب مع هذا التحليل. مثل هذه القراءة البسيطة لها دلالات عميقة جداً حول ما يجري على أرض الواقع من خلال التفاعل المباشر مع الناس الذين تم تصويرهم من خلال السياسة ووسائل الإعلام بشكل مختلف، ومن ثم تجد بأنك حقاً تحطم هذه الصور الذهنية والانطباعات بغض النظر عما إذا كنت قد صدقتهم أو كنت تعتقد بذلك. أحببت عبد الله وبدأنا الحديث. كان من المقدسيين الأصليين ويستطيع التحدث بالعبرية أيضاً وكان سلوكه مريحاً جداً على العكس تماماً مما تصوره وسائل الإعلام الغربية. لقد كان يبتسم ويمزح وحتى أجاب على أسئلتي الحرجة حول الحياة في ظل الاحتلال بهدوء واتزان. يخطئ أحدنا إذا اعتقد بأن هذا السائق لم يكترث للواقع لكنه يهتم.
في وقت لاحق من رحلتي، أدركت بأنه ربما يبدو على المقدسيين الأصليين أنهم يتحدثون بسهولة عن صعوبات حياتهم ولكنهم في الواقع وببساطة نشؤا وتعودوا على حياة قد يتعذر على الكثير منا في الغرب فهمها. لا تتهيج عواطفهم بمواجهة الحقائق القاسية التي تزعجنا عندما نسمع عنها، ذلك لأنهم شاهدوا وعاشوا واختبروا هذه الحقائق يوماً بعد يوم على مدى عقود. البعض منهم الذين ولدوا بعد عام 1967 لا يعرفون شيئاً آخر غير هذا. يمكنك فقط أن تتخيل نوع العقدة الذهنية التي يخلقها هذا الواقع في عقول المقدسيين العرب. أخذنا سيارة الأجرة مع عبد الله وتوجهنا نحو القدس.
الطريق إلى القدس يمر من البحر الميت على اليسار وأريحا على اليمين. يتموج الطريق عبر سلسلة جبلية صغيرة تميز المنظر العام للأرض الفلسطينية. أشار عبد الله إلى عدد من المشاريع السكنية على قمم هذه التلال والجبال. لقد كانت البيوت مميزة تماماً ومغطاة غالباً بأسقف الآجر الأحمر على غرار ما تجد في بلاد الغرب. وقد ذكّرني هذا المنظر بظاهرة المجمعات المزودة ببوابات الشائعة في دول الخليج، إلا أنها لم تكن مجرد مجمعات سكنية ببوابات ولكنها كانت مستوطنات للمستعمرين الاسرائيليين. لقد كانت تجربة غير عادية أن تراهم لأول وهلة كما لو أنك تقابل شخصاً مشهوراً لكن لم يكن هناك بهجة بهذا اللقاء لأن هذه المستوطنات قد بنيت على الأراضي الفلسطينية المحتلة. لا يمكن لهذا التناقض أن يكون أكثر وضوحاً إلا عندما مررنا عبر منطقة مليئة بخيام مبعثرة لبدو فلسطينيين بالقرب من سفح الجبل المحاذي لمستوطنة كبيرة في أعلى الجبل السابق. كانت تخطر في مخيلتي قصص حول هذه المستوطنات وحول الغضب والعنف وتشريد الفلسطينيين والإصرار على العيش على الأرض التي يعترف المجتمع الدولي على أنها فلسطين. لقد كان مصدري الوحيد للمعلومات حول فلسطين واسرائيل على مدى السنوات الـ 12 الماضية من خلال وسائل الإعلام العامة، ولكن كوني على أرض الواقع وبعيداً عن تحيز غرف الأخبار جعل من هذه التجربة أكثر من عادية.
سياسة المستوطنات قابلة للانفجار والفكر وراء توسيعها مدعاة للتوتر بسبب الخطر الراهن والجلي على عملية السلام. في وقت لاحق من الرحلة عرفت المزيد عنها من خلال أحد المعارف الذي سأتكلم عنه لاحقاً. يكفي هنا أن أقول بأن السلام، أو أي شيء قريب من ذلك، سوف لن يتحقق أبداً طالما استمرت هذه المستوطنات بالتوسع.
عندما اقتربنا أكثر من القدس، أشار عبد الله إلى السيارات التي تحمل لوحات خضراء على عكس اللوحات الصفراء الأكثر شيوعاً. لقد كانوا من الضفة الغربية ولا يسمح لهم بالدخول إلى القدس. وصلنا إلى نقطة التفتيش، وعندما نظرت من نافذة السيارة كان هناك طابور من مركبات الضفة الغربية التي يترجل منها الركاب. كان عليهم التوجه إلى التفتيش قبل أن يسمح لهم بالدخول (أو الرفض)، وبعد ذلك عليهم ركوب سيارة أجرة أو وسيلة نقل أخرى للوصول إلى وجهاتهم. بالنسبة لنا، فقد التقينا بجندي اسرائيلي مجهز تماماً. مرة أخرى، مررنا بتجربة جديدة على أرض الواقع. ذلك لأن رؤية جندي حاملاً بندقية آلية ومتوجهاً نحو سيارتنا لتفتيشها كان أمراً يمكن أن أشاهده على الأخبار في الوطن، ولكن بما أني كنت في خضم التجربة فقد انتابني بعض الانزعاج حيال ذلك على الرغم من أنه لم يكن من شيء يدعونا للقلق (لأننا لم نكن فلسطينيين). كان السائق يحمل تصريحاً خاصاً يسمح له بالتحرك بحرية في البلاد، وبالتالي لم تستمر المسألة لأكثر من دقيقة لكنها فعلياً تركت انطباعاً لا ينسى في ذهني. بعد بضع دقائق، ما يقارب من أربع ساعات بعد مغادرة عمان، وصلنا إلى الأرض المقدسة.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ميدان عمر بن الخطاب في البلدة القديمة في القدس ! عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 0 05-14-2012 09:07 PM
معلقة غزة على أسوار القدس عبدالقادر حمود الانشاد والشعر الاسلامي 0 08-26-2010 07:35 AM
رحلة إلى القدس بالصور عبدالقادر حمود المقدسات الاسلامية 0 06-02-2010 07:18 PM
ماأجمل القدس عبد الله الدالي ملتقى الأعضاء 3 04-28-2010 01:06 PM
القدس في عيون الرحالة.. عرباً وأجانب الرشيد ركن بلاد الشام 1 05-20-2009 03:32 PM


الساعة الآن 11:03 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir