قلعة المرقب –عش النسور



عمر مهملات

قام فرع اتحاد الصحفيين بحلب بجولة علمية وترفيهية الى الساحل السوري الذي تميز بأشجاره الباسقة وخضرته الدائمة وزرقة بحره وروعة أوابده ومعالمه الأثرية فكان لنا زيارة لقلعة المرقب التي بنيت على أعلى قمة جبل,

شامخة قوية عزيزة بأبراجها وأسوارها كما تبني النسور اعشاشها في أعلى اغصان الأشجار ,لذا سميت هذه القلعة ونظيراتها ( اعشاش النسور ) وقمنا بجولة في القلعة لنتعرف على تاريخ بناء القلعة وما تضمه من أبراج وأسوار.‏

قلعة المرقب‏

الموقع‏

تقع على الساحل السوري بين مدينتي طرطوس وبانياس الساحليتين وعلى بعد 5 كم من بانياس .‏

تاريخ القلعة :‏

عرفت قلعة المرقب بأسماء عديدة خلال العصور التاريخية باللغة اليونانية ماركوبوس وماركابال ودعيت من قبل اللاتين أي الفرنجة باسم مارغت ومارغاتوم وأطلق العرب عليها اسم المرقب حيث تعني باللغة العربية الحارس أو المراقب وسميت بهذا الاسم لأنها تشرف على البحر والتلال المجاورة ومن ارتفاع"362" م وتقوم بدور الحارس أو المراقب.‏

جميع القلاع الصليبية بنيت على أطلال مستوطنات قديمة يتراوح تاريخها مابين القرن الأول والثاني الميلادي مروراً بالعهود اللاحقة حيث قامت على اثر بناء قديم في عهد هارون الرشيد وفي عام 1062 كان أول من بناها هو شيخ القبائل العربية الجبلية رشيد الدين بن سنان وكانت من المواقع الحصينة على الساحل التابعة للمسلمين والتي حاول البيزنطيون احتلالها عام 1104 اثناء غزوهم الساحل.‏

وفي العهد الصليبي انطلقت الجيوش الصليبية الاربعة من أوروبا عام 1096 استجابة للنداء الذي اطلقه البابا اربان في مجمع "كليد مونت" وقد تم للجيوش الصليبية احتلال عدد من المدن العربية ومنها مدينة القدس عام 1099 بعد ان تمت سيطرتهم على مدن الساحل السوري وبنى الصليبيون عدداً من القلاع والحصون وفق مخططات وأساليب معينة في المواقع الاستراتيجية الهامة أهمها قلعة الحصن وقد دام الاحتلال الصليبي168 عاما أي من 1285 -1117 م.‏

وان أول من احتلها روجر أمير انطاكية بعد ان تخلى عنها صاحب المرقب ثم أهداها روجر بدوره إلى أسرة مانيسوير الاقطاعية التابعة لامارة انطاكية .‏

وقد اصابت الزلازل الشديدة قلعة المرقب عام 1170 فتهدم بعض أقسامها وفي عام 1186 سلمت القلعة إلى جماعة الاستبارية مقابل اجر سنوي بلغ 2000 بيزنط ذهبي ولقد اضافت جماعة الاستبارية عدداً من الأبنية الدفاعية والمنشآت العسكرية الهامة للقلعة مما زاد في تحصينها.‏

حاول الصليبيون منع الجيوش العربية من المرور إلى الشمال وبالرغم من ذلك استطاع السلطان صلاح الدين عام 1188 من المرور أمام اسوار قلعة المرقب متجهاً إلى جبلة بعد ان أعاد مدينة طرطوس فقد أرسل غليوم الثاني ملك صقلية أميرال البحر مارغريت حملة بحرية لمنع تقدم العرب باتجاه جبلة لكن صلاح الدين استطاع حماية جيشه ومتابعة مسيره.‏

وعندما فكر العرب باستعادة القلعة قام السلطان قلاوون بإعداد العدة لمعركة سيخوضها دون أن يعين الجهة التي ستوجه لها فجهز المجانيق وآلات الحديد والنفط والنشاب وأسرع بالمسير حتى ظهر أمام قلعة المرقب في 10 صفر 684 هجري 1285 م ونصب المنجنيقات وسائر أدوات الحصار وبدأ القتال واشتد الحصار والنزال حتى بدت الثغرات في الأسوار وأيقن الفرنجة أنهم قتلى دون شك فطلبوا الأمان بعد دفاع طال أكثر من 35 يوماً وقد أجاب السلطان قلاوون بالعفو والأمان لابقاء الحصن ووافق أهل المرقب بالخروج من القلعة مع كل مايستطيعون حمله مع 55 حصاناً وبغلاً محملين بما يرغبون وعلاوة على ذلك سمح لكل فارس بحمل 2000 قطعة ذهبية وقد لجؤوا إلى طرطوس ومنها إلى طرابلس ودخل قلاوون القلعة في موكب مهيب في 25 أيار عام 1285 واستخدمها بعد فتحها كمركز للحركات العسكرية ضد الصليبيين ووضع فيها حامية قوية واصبحت مركزاً لولاية هامة ربطت بإمارة طرابلس.‏

وفي العهد العثماني 1918-1516 م تمتعت ببعض الاستقلال الاداري تحت سلطة قائد موال للسلطان العثماني ,وبعد انتهاء الفترة العثمانية أصبحت القلعة مركزاً للقوات الفرنسية مجهزة بالمدافع عام 1920 وبعدها تم جلاء الفرنسيين.‏

وصف القلعة‏

تتركز على قمة جبل بركاني صخري يشرف على شاطئ البحر وشيدت على ارتفاع 362 م عن سطح البحر والجبل الذي تقوم عليه هو مثلث الشكل تقريباً طرفاه الشمالي والغربي شديد الانحدار ويفصله عن سلسلة جبال العلويين واد عميق في جهته الشرقية وفي الجهة الجنوبية الغربية تتوالى المرتفعات والمخفضات إلى أن تزول تماماً قرب شاطئ البحر وتعتبر الناحية الجنوبية للقلعة أضعف نقطة طبيعية دفاعية لها لذا لجأ الصليبيون إلى بناء أكبر وأضخم أبراج هذه القلعة من تلك الجهة لصد الهجمات.‏

عمريت‏

ومن قلعة المرقب تم زيارة مدينة عمريت وهي مدينة اثرية ساحلية تقع في جنوب شرق مدينة طرطوس التي بنيت في 29 م.‏

وهي تقع في أرض سهلية استعمل في بنائها الحجر الرملي على الطريق المزفتة الساحلية الذاهبة إلى حمص وهي تبعد 700 م عن الشاطئ و7 كم جنوب شرق مدينة طرطوس , مدينة فينيقية تعود إلى العهد البرونزي الوسيط ورد ذكرها في حملات تحوتمس الثالث تحت اسم ( فرط عمروت) وعرفت في العهدين اليوناني والهلنستي باسم ( ماراتوس) , كما ورد ذكرها في نصوص رأس شمرة ( اوغاريت) وسماها الاموريون( امريت) وحالياً تعرف بـ ( عمريت) انشأها سكان ارواد مقابل جزيرتهم حين حكموا الساحل وازدهرت في أواخر القرن السادس قبل الميلاد فضربت النقود باسمها واستقلت عن أرواد في أواخر القرن الثالث قبل الميلاد فنقمت عليها وخربتها عام 148 ق.م استقبل فيها الاسكندر المقدوني مبعوث الملك دارا ولكنها فقدت أهميتها في العهد الروماني واستعملت حجارة أبنيتها في بناء المدن المجاورة وقراها.‏

أهم آثارها:‏

المعبد والملعب والتل والمدافن ( المغازل وبرج البزاق) وتعد مدافنها التي كانت مخصصة لملوك أرواد وعمريت وكبار الأغنياء من الشواهد النادرة على الساحل السوري.‏

المعبد :‏

بشكل حوض حفر في الصخر 56×49م وبعمق 3 م يحيط به رصيف مروق بدعامات حجرية ومسقوف بالحجارة ومزين بالشراريف المغلقة له قناة ماء للتطهير وأخرى للشرب ويتخلل واجهة الاروقة ميازيب يظهر فيها اثر الفن الفارسي ,في وسط الحوض الهيكل المركزي المعد لتمثال الإله ملقرت الشافي من الأمراض وكان الناس يطوفون حوله بالدعاء للشفاء .‏

الملعب :‏

على بعد 300 م شمال شرق المعبد محفور في الصخر 225م×30م وقد عثر في أطرافه على بعض عراوي الجرار من طبريا وفخار جزيرة رودس.‏

التل :‏

ويقع في الجهة الشرقية من المعبد طبقته السطحية من العصر اليوناني- الفارسي ويضم بعض المدافن الدائرية النادرة إضافة إلى لقى تعود إلى عصر البرونز الأوسط( أواخر الألف الثالث ق.م).‏

زار المدينة الرحالة بوكوك عام 1745 م وتلاه ارنست رينان 1860 الذي أجرى تحريات أثرية في الموقع ثم موريس دونان الذي عثر عام 1926 في مستودع المقدسات على تماثيل متوسطة الحجم يعود تاريخها إلى القرن الخامس ق.م وتوليها المديرية العامة للآثار أهمية وتقوم فيها أعمال التنقيب منذ عام 1954 لترميم مبانيها والكشف عن حضارتها التي قال عنها موريس دونان: ( إن عمريت تؤلف الأساس اللازم لدراسة المنطقة الممتدة بين المتوسط والعاصي).‏