أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعملت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-30-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي كلمة هادئة في احكام القبور



الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


المقدمة
الحمد لله الذي جعل محمدًا رحمة للعالمين، وأغاث برحمته عموم العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الكمال، خير من تضرب له أكباد المطي وتشد إليه الرحال، وعلى آله وصحبه خير صحب وآل.
وبعد:
فهذه سلسلة « مفاهيم يجب أن تصحح»، والتي فاز بقدم السبق فيها المرحوم السيد الأستاذ الدكتور محمد علوي المالكي رحمه الله، وجمعنا به في جنات النعيم.
وكم كان مصيبا حينما نادى منذ أمد بعيد بتصحيح هذه المفاهيم، فالسكوت عن مجازفة البعض -والتي وصلت إلى حد التكفير والاتهام بالشرك بسبب المغالاة في هذه المفاهيم، وجَعْل بعضها من العقائد وهي من الفروع- أحدث كثيرا من الفتن التي نحصد اليوم نتائجها.
والمفهوم الذي بين يدينا هو الخامس من هذه المفاهيم، وهو مفهوم «أحكام القبور».
بَينت في هذه الرسالة مشروعية بعض هذه الأحكام، ونقلت اتفاق علماء المسلمين على ذلك، مستندا في كل ذلك إلى الكتاب والسنة، بما لا يدع مجالا للشك في تلك الأحكام،  لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
واللهَ أرجو القبول والتوفيق إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
د. عمر عبدالله كامل
في ربيع الأول 1426هـ
القاهرة- مصر
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الدعاء عند القبور
الأدلة على جواز الدعاء عند القبور أكثر من أن تحصى:
1- ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو للأحياء والأموات عند زيارة القبور، ففي صحيح مسلم( ) ومسند أحمد( ) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم السيدة عائشة رضي الله عنها أن تقول عند زيارة البقيع: «السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ».
وفي صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله  يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: «السلام عليكم، أسأل الله لنا ولكم العافية»( ).
وفي سنن الترمذي عن ابن عباس قال: مر رسول الله  بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم »( ).
وفي المسند عن عائشة حديثاً في زيارة البقيع، وفيه قول النبي  : «اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم »( ).
فعلم مما سبق أن الدعاء عند القبور للأحياء والأموات سنة.
2- إن الآيات كقوله تعالى:  ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ( ) والأحاديث التي فيها فضل الدعاء والحث عليه جاءت مطلقة وعامة، كقوله : «الدعاء هو العبادة». ولم يرد نص يقيدها أو يخصها بما يفيد منع أو كراهة الدعاء عند القبور، فالواجب الإبقاء على هذه النصوص والعمل بمقتضاها من الإطلاق والعموم، ويؤيد الإطلاق والعموم حصول الخصوص المتقدم في الدعاء عند القبور، وهو نص على أحد أفراد العموم.
3- فإن قيل: هذا خاص بقبر النبي  فالجواب أن الخصوصية لا دليل عليها، بل مشروعية الدعاء عند القبر الشريف تفيد استحباب الدعاء عند الأماكن الفاضلة الأخرى، فالبقعة المباركة لم تفضل وتشرف إلا بساكنها النبي  فاستحب الدعاء عندها، وكذلك كل بقعة تشرفت بصالح أو ولي.
وقال الشوكاني: « قوله: « والمواضع المباركة » وجه ذلك أن يكون في هذه المواضع المباركة مزيد اختصاص، فقد يكون مالها من الشرف والبركة مقتضياً لعود بركتها على الداعي فيها، وفضل الله واسع، وعطاؤه جمّ، وفي الحديث « هم القوم لا يشقى بهم جليسهم » . فجعل جليس أولئك القوم مثلهم مع أنه ليس منهم، وإنما عادت عليه بركتهم فصار كواحد منهم.

فلا يبعد أن تكون المواضع المباركة هكذا، فيصير الكائن فيها الداعي لربه عندها مشمولاً بالبركة التي جعلها الله فيها فلا يشقى حينئذ قبول دعائه »( ).
4- وجاء في تهذيب التهذيب: « عن الحاكم النيسابوري قال: سمعتُ أبابكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا، وهم إذ ذاك متوافرون، إلى زيارة قبر عليّ بن موسى الرضا بطوس، قال: فرأيت من تعظيمه – يعني ابن خزيمة – لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا»( ).
5- وقال الإمام الحافظ الفقيه أبو حاتم محمد بن حبان البستي في كتابه الثقات (في ترجمة الإمام علي الرضا عليه السلام: « وقبره بسناباذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد، قد زرته مراراً كثيرة، وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرتُ قبر عليّ بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوتُ الله إزالتها عني إلا استجيب لي، وزالت عني تلك الشدة، وهذا شيء جربته مراراً فوجدته كذلك، أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم أجمعين »( ).
6- وفي سير أعلام النبلاءفي ترجمة معروف الكرخي:
« وعن إبراهيم الحربي قال: قبر معروف الترياق المجرب (يريد إجابة دعاء المضطر عنده) لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء، كما أن الدعاء في السحر مرجو، ودبر المكتوبات، وفي المساجد، بل دعاء المضطر مجاب في أي مكان اتفق، اللهم إني مضطر إلى العفو فاعف عني »( ).
7- وفي سير أعلام النبلاء في ترجمة السيدة نفيسة عليها وعلى آبائها السلام قال الذهبي: «قيل: كانت من الصالحات العوابد، والدعاء مستجاب عند قبرها، وعند قبور الأنبياء والصالحين، وفي المساجد، وعرفة ومزدلفة، وفي السفر المباح، وفي الصلاة، وفي السحر، ومن الأبوين، ومن الغائب لأخيه، ومن المضطر، وعند قبور المعذبين، وفي كل وقت وحين، لقوله تعالى:  وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ( )»( ).
8- وفيه أيضاً( )في ترجمة الفقيه الحنفي المصري القاضي بكار بن قتيبة: نقل الذهبي عن ابن خلكان قوله: « وقبره مشهور قد عرف باستجابة الدعاء عنده » .
10- وفي اقتضاء الصراط المستقيم: « وذكر أبو علي الخرقي في قصص من هجره أحمد أن بعض هؤلاء المهجورين كان يجيء عند قبر أحمد ويتوخى الدعاء عنده، وأظنه ذكر ذلك للمروزي»( ). والمروزي توفي سنة خمس وسبعين ومائتين.
11- وفيه «وقد أدركنا في أزماننا وما قاربها من ذوي الفضل علماً وعملاً من كان يتحرى الدعاء عندها – يعني القبور – أو العكوف عليها – يعني القبور -، وفيهم من كان بارعاً في العلم، وفيهم من كان له كرامات »( ).
تعقيب على تعقيب
أولاً: قال ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم: «الدعاء لايكره عند القبور مطلقا بل يؤمر به كما جاءت به السنة كأن يمر بالقبور أو يزورها فيسن أن يسلم عليها ويسأل الله العافية له وللموتى، ثم قال: وإنما المذموم أن يتحرى المجيء الى القبر للدعاء»( ).
وقال في موضع آخر: « وأما الدعاء عند القبور فهو جائز بلا ريب مالم يتحروا الدعاء عندها فيكره أو يعتقد الداعي أنه مشروع أو يقصدها معتقداً أن الدعاء عندهم أفضل أو أقرب للإجابة أو أسرع إجابة فيكون حراماً أو مكروهاً »( ).
فمما سبق نجد أنه:
1- استحب الشارعُ زيارة القبور وندب الدعاء عندها كما في الأحاديث الثابتة، فقصد القبور للدعاء عندها مطلوب حيث تحصل الرقة في القلب والخشوع بتذكر المآل، وإذا كان قد ثبت مشروعية الدعاء عند القبور، فالتفرقة بين التحري والعفو لادليل عليها، وهي من باب التفرقة بين أفراد الجنس الواحد الذي هو استحباب الدعاء عند القبور فيدخل فيه ماوقع قصداً أو عفواً.
2- تفرقة ابن تيمية بين ما وقع قصداً أو عفواً تمحل، وهو معارض بقصد عدد من الصحابة رضي الله عنهم للقبر الشريف والدعاء عنده، وقد ثبت ذلك عن جماعة
ومعارض لطلب المجيء للقبر الشريف والدعاء والاستغفار عنده كما في الآية: " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ(النساء: من الآية64)...
3- وابن تيمية نفسه يعارض تفرقته، وله كلام لطيف في تفضيل بعض الأماكن على بعض في الذكر والدعاء، فقال في (الرد على الأخنائي):
« والمؤمن قد يتحرى الصلاة أو الدعاء في مكان دون مكان لاجتماع قلبه فيه، وحصول خشوعه، لا لأنه يرى أن الشارع فضل ذلك المكان كصلاة الذي يكون في بيته ونحو ذلك. فمثل ذلك إذا لم يكن منهيا عنه لابأس به، ويكون ذلك مستحباً في حق ذلك الشخص لكون عبادته فيه أفضل، كما إذا صلى القومُ خلف إمام يحبونه كانت صلاتهم أفضل من أن يصلوا خلف من هم له كارهون »( ).
ثانياً: اعترف ابن تيمية في مواضع من كتبه لاسيما (اقتضاء الصراط المستقيم) ( ) بأن جماعات من أهل العلم والفضل من المتقدمين فمن بعدهم الى عصره كانوا يتحرون الدعاء عند القبور، وأن هذا منصوص عليه في أماكن كثيرة، واستحب العلماء المصنفون في مناسك الحج إذا زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدعو عنده.
وقد أجاب ابن تيمية عن هذه النقول المتواترة قرناً بعد قرن بما نصه (2/691): « الأمة اختلفت، فصار كثير من العلماء أو الصديقين الى فعل ذلك، وصار بعضهم إلى النهي عن ذلك».
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

التبرك بالقبور والصلاة عندها
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في مسنده عن داود بن أبي صالح قال: أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال: أتدري ما تصنع فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال نعم جئت رسول الله  ولم أت الحجر سمعت رسول الله  يقول: « لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن أبكوا عليه إذا وليه غير أهله » .
وأخرجه الحاكم في المستدرك بهذا الإسناد وصححه وأقره الذهبي والسيوطي في الجامع الصغير وأخرجه كذلك أبو الحسين يحيى بن الحسين بن جعفر في (أخبار المدينة) عن المطلب بن عبد الله بن حنطب وفيه (فإذا رجل ملتزم القبر) فهو صحيح بمجموع طرقه.
الحديث الثاني: عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: « رأيت أسامة يصلي عند قبر رسول الله  ، فخرج مروان بن الحكم فقال:تصلى عند قبره؟ قال إني أحبّه فقال له قولا قبيحا... » الحديث رواه ابن حبان في صحيحه والطبراني وأحمد في مسنده حديث صحيح.
الحديث الثالث: أخرج الحاكم في مستدركه عن علي بن الحسين عن أبيه: « أن فاطمة بنت النبي  كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده » قال الحاكم (هذا الحديث رواته عن آخرها ثقات) فهو حديث صحيح.
فالحاصل أن الصلاة والدعاء عند القبر تبركا بصاحبه وتوسلا إلى الله به ليس فيه مخالقة، بل هي سنة صحابية.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وجود القبور داخل المساجد
1- أخرج البزار بسند صحيح عن رسول الله  «في مسجد الخيف قبْرُ سبعين نبيًا» صححه ابن حجر العسقلاني وذكره البزار في مسنده وعده من فضائل مسجد الخيف.
2- الثابت أن إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر قد دفنا في الحجر مما يلي باب الكعبة.
وأخرج ابن جرير الطبري في تفسيره عن رسول الله  قال: « دحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت فهي أول من طاف به، وهي الأرض التي قال الله تعالى:  إني جاعل في الأرض خليفة  ، وكان النبي إذا هلك قومه أو نجا هو والصالحون أتى هو ومن معه فعبدوا الله بها حتى يموتوا، فإن قبر نوح وهود وصالح وشعيب بين زمزم والركن والمقام » وأقر به كذلك الأزرق في تاريخ مكة وابن أبي حاتم في تفسيره وإسناده مرسل صحيح.
وله آثار حديدة تقويه وفيها ذكر لعدد الأنبياء المقبورين في الكعبة.
والشاهد في هاتين الحالتين- المسجد الحرام ومسجد الخيف- أن النبي  لم ينبش هذه القبور ويخرجها من المسجد بل ولم يحدد أماكانها ويضع حولها سورا ويمنع الصلاة عندها.
3- بنى الصحابي أبو جندل مسجدًا على قبر الصحابي أبي بصير ذكر ذلك ابن الأثير في (أسد الغابة) بإسناده وهو إسناد حسن والسهيلي في الروض الأنف وله إسناد آخر مرسل صحيح أو حسن ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب كما أخرجه البيهقي في دلائل النبوة فالخبر ثابت وأقره النبي  .
فهذه القصة صحيحه حضرها أكثر من ثلاثمائة صحابي وعلم بها النبي  ويقال فيها ما قيل في الدليل السابق.
4- أ- لما توفى رسول الله  اقترح بعض الصحابة أن يدفن في مسجده وقال بعضهم عند المنبر فقال سيدنا أبو بكر: « سمعت من رسول الله  شيئا ما نسيته قال: « ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه » أدفنوه في موضع فراشه » . ولم يقل سيدنا أبو بكر ولا غيره من الصحابة إن دفنه في المسجد حرام!!
ب- كان  يعلم أن قبره سيدخل في المسجد وأخبر بذلك في قوله « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة » وأخبر صحابته أن المدينة ستتسع .
ج- حضر أو عاصر توسعة المسجد وإدخال القبر فيه أكثر من خمسة عشر صحابيا ولم يعترض منهم أحد على ذلك ولا ذلك ولا ذكر أنه حرام أو أنه يتعارض مع حديث « لعن الله اليهود والنصارى ... » الحديث فضلا عن التابعين.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

معنى اتخاذ القبور مساجد
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»( ).
فالحديث لا يتناول أيَّ مكان آخر غير عين القبر، فلا يدخل فيه ما حول القبر أو ما جاوره أو ما كان فوق القبر غير مسامِتٍ له، أي على غير فتنة، فالمقصود بالحديث هو عين القبر من حيث: السجود عليه أوْ له، فإن المساجد جمع مسجد وهو ما يسجد (عليه) كما هو مقتضى اللغة العربية.
قال العلامة البيضاوي: « كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم ويجعلونها قبلة لهم يتوجهون في الصلاة نحوها فقد اتخذوا أوثانا ولذلك لعنهم الله ومنع المسلمين عن مثل ذلك » فبين  أن المحذور هو أمران:
الأول: السجود للقبور وهو غاية التعظيم.
الثاني: جعلها قبلة والتوجه في الصلاة إليها – وإلى صاحبها- قلبيا وحسيا أي: عبادتها.
ولا يخفى أن بعضهم قد بالغ – بعد تغيير كتبهم وتحريفها- في تعظيم أنبيائهم فعبدوهم كما أخبر القرآن  وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله  .
قال ابنُ عبد البر: « في هذا الحديث إباحة الدعاء على أهل الكفر، وتحريم السجود على قبور الأنبياء، وفي معنى هذا أنه لا يحل السجود لغير الله عزَّ وجلّ، ويحتمل الحديث أن لا تُجْعل قبور الأنبياء قِبلة يُصلَّى إليها، ثم قال: وقد زعم قوم أنَّ في هذا الحديث ما يدل على كراهية الصلاة في المقبرة وإلى المقبرة ، وليس في ذلك عندي حجة »( ).
وقال ابن عبد البر في موضع آخر من التمهيد: «وكانت العرب تصلِّي إلى الأصنام وتعبدها، فخشى رسول الله  على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم: كانوا إذا مات لهم نبي،عكفوا حول قبره كما يُصْنَعُ بالصنم، فقال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: اللَّهُمَّ لا تجعل قبري وثنًا يُصَلَّى إليه، ويُسْجَدً نحوه ويُعْبَدُ فقد اشتدَّ غضبُ الله على من فعل ذلك، وكان رسولُ الله  يحذِّر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صَلُّوْا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجدًا، كما صنعت الوثنية

بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه ممَّا لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم.. ».
ثم قال: « وقد احتجَّ بعضُ من لا يرى الصلاة في المقبرة بهذا الحديث، ولا حجة له فيه»( ).
والاتِّخاذُ الموجب لِلَّعن شرحه العلامة السيِّد عبد الله بن الصِّدِّيق الغُمَاري رحمه الله تعالى في رسالته « إعلام الراكع السَّاجد بمعنى اتِّخاذ القبور مساجد »، فقال:
« اتِّخاذ القبور مساجد، معناه: السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها، كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان، وهو شرك صريح، وهذا المعنى، منطوق اللفظ وحقيقته.
وثبتت أحاديث مبينة له ومؤيدة:
منها: حديث عائشة عند الشيخين، قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في مرضه الذي لم يقم منه: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » ، قالت: « فلولا ذلك أبرزوا قبره، غير أنه خشى أن يُتَّخَذَ مسجدًا » ، أي يسجد له.
ومنها: ما رواه ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: « اللَّهُمَّ لا تجعل قبري وثنًا، لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»( ). جملة لعن الله قومًا، بيان لمعنى جعل القبر وثنًا.
ومعنى الحديث: اللَّهُمَّ لا تجعل قبري وثنًا يُسْجَدُ له ويُعْبَدُ كما سجد قوم لقبور أنبيائهم.
ومنها: ما رواه البزَّار عن أبي سعيد الخدري: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: « اللَّهُمَّ إنِّي أعوذ بك أن يُتَّخَذ قبري وثنًا، فإنَّ الله تبارك وتعالى اشتدَّ غضبُه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » إسناده ضعيف لكن حديث أبي هريرة شاهد له.
ومنها: ما رواه ابن سعد في الطبقات قال: أخبرنا مَعْن بن عيسى، أخبرنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسْلَم، عن عطاء بن يسار أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: « اللَّهُمَّ لا تجعل قبري وثنًا يُعبد، اشتدَّ غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » . مرسل صحيح الإسناد
ومها: ما رواه ابن أبي شيبة، حَدَّثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عَجْلان، عن زيد بن أسْلَم قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «اللَّهُمَّ لا تجعل قبري وثنًا يُصلَّي له، اشتدَّ غضب الله على قوم اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد » ، ورواه عبد الرزاق عن معمر، عن زيد به، وإسناده صحيح( ).
تقرَّر في علم المعاني: أنَّ الجملتين إذا كانت بمعنى واحد، فإنهما يجرَّدان عن العاطف،كما في هذه الأحاديث؛ لإفادة اتِّحادهما في المعنى »( ).انتهى كلام الشيخ رحمه الله تعالى عليه ورضوانه.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #6
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

هل يجوز بناء المساجد على القبور؟
ذهب بعضهم إلى أن اتخاذ القبور مساجد له ثلاث معان:
الأول: السجود على القبور.
الثاني: السجود إليها.
الثالث: بناء المساجد عليها وقصد الصلاة فيها.
وهذا المعنى الثالث زيادة على النصِّ تخالفه، فبعد أن علمت مما سبق أنَّ الحديث لا يحتمل إلاَّ معنيين فقط هو السجود على القبر أو إليه، فالحديث منطوقه ومفهومه لا يفيد هذا المعنى الثالث بل الأدلة الثابتة تعارض هذا المعنى وترده.
1- قال العلامة السيد عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى في رسالته « إعلام الراكع الساجد »( ):
« اتخاذ القبور مساجد يحتمل معنيين: السجود لها وعبادتها كما سبق (وزاد بعضهم): وبناء المساجد عليها وهذا المعنى خطأ لا يصح، وبيان ذلك من وجوه:
الأول: أنه مجاز، والمجاز لا يجتمع مع الحقيقة في كلمة، كما تقرر في علم البيان، وهو الراجح عند جمهور الأصوليين.
الثاني: وعلى القول الضعيف بجواز اجتماعهما، فإنما يمكن ذلك إذا كان في سياق نفي، فيصح نفي الحقيقة والمجاز معًا في كلمة، كأن يقال: ما رأيت أسدًا، ويراد الحيوان المفترس والرجل الشجاع، والنفي أوسعُ دائرة من الإثبات، والفعل في الحديث مثبت، وهو اتخذوا ، والفعل المثبت لا يعم، فلا يراد به إلاَّ الحقيقة.
الثالث: أنَّ بناء المساجد على القبور، ثبت فيه حديث بخصوصه وهذا يبيِّن أنهما معنيان مختلفان بالحقيقة والمجاز » .
2- أنَّ الأمة أجمعت منذ نهاية عصر الصحابة وكبار التابعين في عصورها المتوالية باختلاف مذاهبها العقدية والفقهية على جواز إدخال القبور في المسجد النَّبوي الشريف.
3- أنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أخبر بأن قبره سيكون داخل المسجد فقال: «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة» .
4- أنه قد ثبت بإسناد صحيح أنَّ عددًا من الأنبياء مدفونون بمسجد الخيف، ولم يأمر بنبش القبور ونقلهم خارج المسجد أو إغلاق المسجد فالمسجد غيره كثير !!
5- أنه قد جاءت أسانيد لا بأس بها تصرِّح بأن إسماعيل عليه السلام وغيره مدفونون بالمسجد الحرام، ولم يأمر بإخراجهم.
6- أنه قد ثبت أن عددًا من الصحابة رضي الله عنهم قد بنوا المسجد عند أو على قبر الصحابي المجاهد أبي بصير  ، وأقرهم النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على ذلك.
7- أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تصلي في الحجرة النبوية حيث القبور الشريفة، وراجع المبحث السابع من هذا القسم.
بل عندما كان يضيق المسجد بالمصلين في الجمعة كان الناس يدخلون الحجرات النبوية لأداء الصلاة، ومنها الحجرة الشريفة التي فيها القبور، ففي كتاب ابن تيمية « الرد على الأخنائي »: « وقال أبو زيد: حدثنا القعنبـي وأبو غسان عن مالك قال: كان الناس يدخلون حجر أزواج النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ويصلون فيها يوم الجمعة بعد وفاة النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، وكان المسجد يضيق بأهله »( ).
ومن أراد الاستزادة ، فعليه بكتاب (كشف الستور).
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الكلام على حديث
« لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد »
في صلح الإخوان: استدلالهم بقوله  : «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» رواه البخاري وغيره.
الجواب: أن المسجد جمع مسجد وهو ما يسجد عليه كما هو مقتضى اللغة العربية.
فالملعون من سجد على القبور واتخذها مسجدًا أي محل السجود بأن تكون نفسها مسجدًا.
وأما إذا اتخذ بجنبها مسجدًا وسجد على الأرض وهو بعيد عن القبر أو بين القبر أو بين القبر والمسجد فاصل كما هو الغالب فلا يدخل في هذا الوعيد المفهوم من هذا الحديث كيف وقد قال الله تعالى في أهل الكهف  وقال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا  .
ذكر أهل التفسير أن الذين غلبوا على أمرهم هم المؤمنون.
وأخبر الله أنهم اتخذوا عليهم مسجدًا.
قال الشهاب الخفاجي في حاشيته على تفسير البيضاوي: « في هذه دليل على اتخاذ المساجد على قبور الصالحين » انتهى.
ومعنى هذا الحديث كما ذكرنا أولا: أن المنهي عنه اتخاذ نفس القبر مسجدًا يعني محل السجود وهذا لا يوجد في الإسلام ولله الحمد.
قال الشهاب الخفاجي في شرح الشفاء في شرح قوله  :« اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » أي: يسجدون لها كما يسجدون للأوثان. انتهى.
ونقل محشي المشكاة عن البيضاوي ما نصه: كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم ويجعلونها قبلة لهم ويتوجهون في الصلاة نحوها فقد اتخذوا أوثانا ولذلك لعنهم الله ومنع المسلمين عن مثل ذلك، أما من اتخذ مسجدًا في جوار رجل صالح أو ولي في مقبرة وقصد به الاستظهار بروحه أو وصول أثر من أثار عبادته إليه لا للتعظيم والتوجه فلا حرج إليه ألا ترى أن مرقد إسماعيل عليه السلام في المسجد الحرام عند الحطيم ثم أن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى فيه المصلى لصلاته انتهى بالهامش.
قوله (والتوجه) أي: في الصلاة يتوجه عليه في الصلاة
(أقول) ويؤيده قوله تعالى:  واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى  فإنه مقام وقوفه وهو الحجر لشرفه أمرنا الله أن نتحرى الدعاء والصلاة عنده لحصول البركة فيه، والله أعلم.
فتبين أن مراد الحديث كما هو مقتضى اللفظ وقواعد العربية ما قلناه أولاً ومع هذا فالسجود حرام لا كفر يخرج عن الملة إذ لم يقل به أحد من العلماء كما لا يخفي والله أعلم »( ). أهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

قراءة القرآن عند القبر
إن الدليل الخاص بالقراءة عند القبر قد جاء بما يؤيد العام:
1- فروي عن أحمد بن حنبل أنه كان يقول: القراءة عند القبر بدعة، ثم رجع رجوعاً أبان به عن نفسه، فروى جماعة من أصحابه أن أحمد نهى ضريراً أن يقرأ عند القبر، وقال له: إنّ القراءة عند القبر بدعة، فقال له محمد بن قدامة الجوهري: يا أبا عبدالله ماتقول في مُبشر الحلبي؟ قال: ثقة، قال: فأخبرني مُبشر، عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج، عن أبيه: أنه أوصى إذا دُفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها، وقال: سمعتُ ابن عمر يوصي بذلك. فقال له أحمد: «فارجع وقل للرجل يقرأ» .
وهنا أمران:
أولاً: هذه الرواية ثابتة عن أحمد فقد رواها عنه عدد من أصحابه، ومن قدح في ثبوتها – كالألباني ومن قلده – فباعتبار طريق واحد فقط، فقد نقل الألباني في أحكام الجنائز بواسطة كتاب الروح لابن القيم: قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق، ثنا علي بن موسى الحداد وكان صدوقا، قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة.. فذكره ثم قال الألباني:
« في ثبوت هذه القصة عن أحمد نظر، لأن شيخ الخلال الحسن بن أحمد الوراق لم أجد له ترجمة فيما عندي الآن من كتب الرجال، وكذلك شيخه علي بن موسى الحداد لم أعرفه، وإن قيل في هذا السند أنه كان صدوقاً، فإن الظاهر أن القائل هو الوراق هذا، وقد عرفت حاله »( ).
قلت: كلام الألباني خطأ على أحمد من وجهين:
الوجه الأول: أن الخلال رواه عن أحمد في جزء (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ( )من وجهٍ آخر فقال: وأخبرنا أبوبكر بن صدقة قال: سمعت عثمان بن أحمد بن إبراهيم الموصلي قال: كان أبوعبدالله أحمد بن حنبل في جنازة ومعه محمد بن قدامة الجوهري فذكره.
قلتُ: أبوبكر بن صدقة هو أحمد بن محمد بن عبدالله بن صدقة الحافظ له ترجمة في تاريخ بغداد( )وقال الدارقطني: « ثقة ثقة » .
وعثمان بن أحمد الموصلي من أصحاب أحمد وممن رووا عنه( ).
الوجه الثاني: أن أصحاب أحمد بن حنبل المصنفون في مذهبه أعرف بالروايات عنه من غيرهم، وجميعهم نقلوا عنه جواز القراءة على القبور بل ورجوعه عن النهي اعتماداً على ما ذكره الخلال.
ثانياً: أما عن الإسناد فقال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثقون »( ).
وهؤلاء الأئمة الصوابُ حليفهم فمبشر ثقة، وعبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج ذكره ابن حبان في الثقات( )، وله أحاديث انظرها في ترجمه العلاء بن اللجلاج من تهذيب الكمال، وترجمة جده الصحابي اللجلاج رضي الله عنه في المعرفة والتاريخ وكتب الصحابة.
ورد توثيق ابن حبان ثم عد عبدالرحمن بن العلاء ضمن المجاهيل كما فعل الألباني في أحكام الجنائز( )خطأ مصادم للنص والعمل.
2 - وهذا إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين يذهب الى جواز القراءة على القبر وهو نفس مذهب أحمد وبعين استدلاله.
قال عباس الدوري: « سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر فقال: حدثنا مٌبشر بن إسماعيل الحلبي، عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج، عن أبيه بأنه قال لبنيه: إذا أدخلتموني قبري ووضعتموني في اللحد، فقولوا: بسم الله وعلى سنة رسول الله وسنوا علي التراب سنا، واقرؤوا عند رأسي أول البقرة وخاتمتها فإني رأيت ابن عمر يستحب ذلك »( ).
3- قال رسول الله : « اقرؤوا يس على موتاكم »( ).
قال السيوطي في شرح الصدور: «قال القرطبي في حديث: « اقرؤا على موتاكم يس » هذا: يحتمل أن تكون هذه القراءة عند الميت في حال موته،ويحتمل أن تكون عند قبره».
قلتُ: (القائل هو الحافظ السيوطي): «وبالأول قال الجمهور كما تقدم في أول الكتاب، وبالثاني قال ابن عبدالواحد المقدسي في الجزء الذي تقدمت الإشارة اليه، وبالتعميم في الحالين قال المحب الطبري من متأخري أصحابنا»( ).
وقال ابن مفلح في الفروع: « واحتج بعضهم – يعني في القراءة على القبور – بقوله عليه الصلاة والسلام: « اقرؤوا يس على موتاكم » وبأن الميت أولى من المحتضر »( ). يعني حمله على الميت هو حقيقة اللفظ فيكون أولى من حمله على المحتضر.
ولذلك قال الأمير الصنعاني: « وهو شامل للميت بل هو الحقيقة فيه»( ).
وقال ابن حجر الهيتمي: « أخذ ابن الرفعة وغيره بظاهر الخبر وتبع هؤلاء الزركشي فقال لايبعد على القول باستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه
أنه يندب قراءتها في الموضعين »( ).
4- أن النبي  صلى الجنازة على القبر مرات كما في الصحيحين وغيرهما،والصلاة مشتملة على ذكرٍ وتلاوةٍ للقرآن ودعاء، وإذا جاز الجميعُ جاز البعضُ.
وأخرج مسلم في صحيحه من حديث ثابت البناني، عن أبي رافع عن أبي هريرة: أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد – أو شاباً – ففقدها رسول الله  فسأل عنها – أو عنه – فقالوا: مات، قال: « أفلا كنتم آذنتموني » ، قال: فكأنهم صغروا أمرها - أو أمره - فقال: «دلوني على قبره» فدلوه، فصلى عليها ثم قال: « إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم »( ).
فقوله : « إن هذه القبور مملوءة ظلمة وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم »: صريح في أن الصلاة سبب في تنوير القبور ورحمة أهلها، فكل جزء من هذه الصلاة كالتلاوة والدعاء يكون سببا في ذلك. والله أعلم.
5- عن ابن عباس رضي الله عنهما: « مرّ النبي  على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير. ثم قال: أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لايستتر من بوله. قال: ثم أخذ عودا رطبا فكسره باثنتين ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثم قال: لعله يُخفف عنهما مالم ييبسا »( ).
قال الإمام الخطابي: « فيه دليل على استحباب تلاوة الكتاب العزيز على القبور، لأنه إذا كان يرجى عن الميت التخفيف بتسبيح الشجر فتلاوة القرآن العظيم أكبر رجاء وبركة » .
وقال ابن الملقن: « استحب العلماء كما نقله النووي وغيره عنهم قراءة القرآن عند القبر لهذا الحديث، لأنه إذا رجى التخفيف بتسبيح الجريد فالقرآن أولى»( ).
وفي (كشف القناع عن متن الإقناع) للشيخ منصور البهوتي: « وفي معنى ذلك الذكر والقراءة عنده لأنه إذا رجى التخفيف بتسبيحها – يعني الجريدة – فالقراءة أولى»( ).
6- أخرج ابن أبي شيبة: «حدثنا حفص بن غياث، عن المجالد، عن الشعبي قال: « كانت الأنصار يقرأون عند الميت بسورة البقرة ».
والخلال: «كانت الأنصار إذا مات لهم ميت اختلفوا الى قبره يقرأون عنده القرآن»( ).
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

حكم القراءة على القبر في المذاهب
1 - مذهب السادة الحنفية:
جاء في الفتاوى الهندية: « ويستحب إذا دفن الميت أن يجلسوا ساعة عند القبر بعد الفراغ بقدر ما ينحر جزوراً ويقسم لحمها، يتلون ويدعون للميت،...، قراءة القرآن عند محمد – رحمه الله تعالى- لا تكره، ومشايخنا – رحمهم الله تعالى – أخذوا بقوله »( ).
وفي رد المحتار: « لا يكره الجلوس للقراءة على القبر في المختار »( ).
2 – مذهب السادة المالكية:
جاء في النَوازل الصغرى لشيخ الجماعة سيدي المهدي الوزَاني المالكي – تبعاً لنوازل الجنائز من المعيار- ما نصُه: « وأما القراءة على القبر فنصُ ابن رشد في الأجوبة وابن العربي في أحكام القرآن والقرطبي في التذكرة على أنه ينتفع بالقراءة، أعني الميت، سواء قرأ في القبر أو قرأ في البيت، ثم قال: وأما شهاب الدين في القواعد فنصَ على أنه لا ينتفع بذلك إلا إذا قرأ على القبر مشافهة، وهو قول خارج عن المذهب، ونقله المهدي الوزَّاني عن كثير من أئمة المالكية كأبي سعيد بن لب، وابن حبيب، وابن الحاجب، واللخمي، وابن عرفة، وابن المواق وغيرهم، وما جاء عن مالك من كراهية ذلك فإنما لمن رآه سنّة. قال ابن المواق: إنما كره مالك أن يفعل ذلك استناناً »( ).
تنبيه:
قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: « قال مالك: ما علمت أحداً يفعل ذلك. فعلم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه »( ).
قلتُ: لا يلزم من عدم علم الإمام مالك رحمه الله تعالى، نفي الفعل عن الصحابة والتابعين جميعاً وتحمس ابن تيمية لرأيه يجعله يستنتج من النص ما لا يتحمله، لا سيما مع وجود النصوص التي تخالف ما رآه ابن تيمية. خذ منها:
- ما أخرجه الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عن الشعبي قال: «كانت الأنصار إذا مات لهم ميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون عنده القرآن»( ).
3 – مذهب السادة الشافعية
وفي نهاية المحتاج ما نصه: « وسن أن يقرأ عنده – يعني القبر – ما تيسر »( ). وأيضًا: «ويقرأ ويدعو عقب قراءته، والدعاء ينفع الميت، وهو عقب القراءة أقرب للإجابة»( ).
تنبيه:
قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: « ولا يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة –يعني القراءة عند القبور- كلام، وذلك لأن ذلك كان عنده بدعة »( ).
فقد أخطأ ابن تيمية على الإمام الشافعي رحمه الله تعالى فنفى الثابت عنه، وقوّله ما لم يقله.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-30-2010
  #10
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

تلقين الميت في القبر
1- أخرج الطبراني في (المعجم الكبير) عن سعيد بن عبد الله الأودي قال: شهدت أبا أمامة وهو في النـزع الأخير قال:
« إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله ، فقال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي قاعداً، ثم يقول يا فلان بن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وبالقرآن إماماً، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما يقعدنا عند من لقن حجته، قال: فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه؟ قال: ينسبه إلى أمه حواء، يا فلان بن حواء»( ).
2 - قال ابن القيم في الروح في تأييد التلقين وإثبات مشروعيته ما نصه: « فهذا الحديث وإن لم يثبت فاتصل العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كافٍ في العمل به »( ).
3- وسئل عنه ابن تيمية عن تلقين الميت في قبره بعد الفراغ من دفنه، فأجاب: « هذا التلقين المذكور قد نقل عن طائفة من الصحابة أنهم أمروا به كأبي أمامة الباهلي وغيره، وروي فيه حديث عن النبي ، لكنه مما لا يحكم بصحته، ولم يكن كثير من الصحابة يفعل ذلك، فلهذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء: إن هذا التلقين لا بأس به، فرخصوا، ولم يأمروا به، واستحبه طائفة من أصاحب الشافعي وأحمد...» كذا في مجموع الفتاوى( ).
4 –عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله»( ). وظاهر الحديث وحمله على حقيقته صريحان في جواز التلقين.
5 - عن ضمرة بن حبيب رضي الله عنه – أحد التابعين – قال: « كانوا يستحبون إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس عنه أن يقال عند قبره: يا فلان، قل: لا إله إلا الله، ثلاث مرات، يا فلان قل ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد »( ).
وقول التابعي: « كانوا يفعلون » يفسر بأن المراد به جمع من الصحابة رضي الله عنهم.

مذاهب الأئمة في التلقين
1 – فالسادة الحنفية التلقين عندهم جائز وبعضهم ندبه( ).
2 – وأما مذهب السادة المالكية فصرح المتأخرون بجوازه، واستدل له الأستاذ أبو سعيد بن لب بحديث أبي أمامة المخرج في الطبراني( ).
3 – وأما مذهب السادة الشافعية فمستحب عندهم، ففي المجموع( ): «قال جماعات من أصحابنا: يستحب تلقين الميت عقب دفنه فيجلس عند رأسه إنسان ويقول: «يا فلان ابن فلان، ويا عبد الله بن أمة الله، اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وحده... » الحديث.
فهذا التلقين عندهم مستحب، وممن نص على استحبابه القاضي حسين، والمتولي، والشيخ نصر المقدسي، والرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقاً».
4 - وأما مذهب السادة الحنابلة فالمعتمد عندهم استحبابه. ففي الفروع لابن مفلح: «وأما تلقينه بعد دفنه فاستحبه الأكثرون »( ).
وفي كشاف القناع عن متن الإقناع: « واستحب الأكثر تلقينه بعد دفنه »( ).
أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.





من هنا
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب الحج والعمرة والزيارة احكام واسرار على المذهب الشافعي راجي الخير المكتبة الرقمية 2 09-27-2013 02:11 PM
احكام القران الكريم للشيخ محمود الحصري عبدالقادر حمود المكتبة الرقمية 0 08-30-2013 02:42 PM
حكم البناء على القبور عبدالقادر حمود الرد على شبهات المخالفين 4 07-28-2011 12:08 AM
كلمة هادئة في حديث لاتطروني عبدالقادر حمود الرد على شبهات المخالفين 26 11-29-2009 08:17 PM


الساعة الآن 09:53 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir