أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ، وارحمني ،واهدني ، واجبرني، وعافني،وارزقني ، وارفعني           

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
قديم 06-21-2012
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي آداب العلاقة بالمعارف

بسم الله الرحمن الرحيم المنعم بالإيجاد والإمداد المنزه عن التقييد والإطلاق الذي نور بصائر العارفين بنور معرفته وملأ قلوبهم أنواراً وصلوا بها إلى ميادين مكاشفته وجعل الإقتداء بهم سبباً لنيل الامال والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله المنزل عليه : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ } وعلى اله وأصحابه الذين أذن لهم ببث العلم والمعرفة بالله تعالى



وأما القسم الثالث، وهم المعارف: فاحذر منهم؛ فإنك لا تر الشر إلا ممن تعرفه، أم الصديق فيعينك، وأما المجهول فلا يتعرض لك، وإنما الشر كله من المعارف الذين يظهرون الصداقة بألسنتهم.
فأقلل من المعارف ما قدرت، فإذا بليت بهم في مدرسة أو مسجد أو جامع أو سوق أو بلد، فيجب ألا تستصغر منهم أحدا؛ فإنك لا تدري لعله خير منك، ولا تنظر إليهم بعين التعظيم لهم في حال دنياهم فتهلك، لأن الدنيا صغيرة عند الله تعالى، صغير ما فيها. ومهما عظم أهل الدنيا في قلبك فقد سقطت من عين الله تعالى، وإياك أن تبذل لهم دينك لتنال به من دنياهم؛ فلا يفعل ذلك أحد إلا صغر في أعينهم ثم حرم ما عندهم.
وإن عادوك فلا تقابلهم بالعداوة؛ فإنك لا تطيق الصبر على مكافأتهم، فيذهب دينك في عداوتهم، ويطول عناؤك معهم، ولا تسكن إليهم في حال إكرامهم إياك وثنائهم عليك في وجهك وإظهارهم المودة لك؛ فإنك إن طلبت حقيقة ذلك لم تجد في المائة واحداً، ولا تطمع أن يكونوا لك في السر والعلن واحد، ولا تتعجب إن ثلبوك في غيبتك ولا تغضب منه؛ فإنك إن أنصفت وجدت من نفسك مثل ذلك، حتى في أصدقائك وأقاربك، بل في أستاذك ووالديك؛ فإنك تذكرهم في الغيبة بما لا تشافههم به، فاقطع طمعك عن مالهم وجاههم ومعونتهم؛ فإن الطامع في الأكثر خائب في المال، وهو ذليل لا محالة في الحال.
وإذا سألت واحدا حاجة فقضاها، فاشكر الله تعالى واشكره، وإن قصر فلا تعاتبه ولا تشكه فتصير عدواة له، وكن كالمؤمن يطلب المعاذير، ولا تكن كالمنافق يطلب العيوب، وقل لعله قصر لعذر له لم أطلع عليه.
ولا تعظن أحدا منهم ما لم تتوسم فيه أو مخايل القبول، وإلا لم يستمع منك وصار خصما عليك، إذا أخطئوا في مسألة، وكانوا يأنفون من التعلم منك، فلا تعلمهم؛ فلا تعلمهم؛ن فإنهم يستفيدون منك علما ويصبحون لك أعداء، إلا إذا تعلق ذلك بمعصية يقارفونها عن جهل منهم، فاذكر الحق بلطف من غير عنف.

وإذا رأيت منهم كرامة وخيرا، فاشكر الله الذي حببك إليهم. وإذا رأيت منهم شرا، فكلهم إلى الله تعالى، واستعذ بالله من شرهم، ولا تعاتبهم، ولا تقل لهم: لمِ لَم تعرفوا حقي؛ وأنا فلان بن فلان، وأنا الفاضل في العلوم? فإن ذلك من كلام الحمقى، وأشد الناس حماقة من يزكي نفسه ويثني عليها.
واعلم أن الله تعالى لا يسلطهم عليك إلا بذنب سبق منك، فاستغفر الله من ذنبك، واعلم أن ذلك عقوبة من الله تعالى.
وكن فيما بينهم سميعا لحقهم، أصم عن باطلهم، نطوفا بمحاسنهم، صموتا عن مساويهم، واحذر مخالطة متفقهة الزمان، لا سيما المشتغلين بالخلاف والجدال.
واحذر منهم؛ فإنهم يتربصون بك- لحسدهم- ريب المنون، ويقطعون عليك بالظنون، ويتغامرون وراءك بالعيون، ويحصون عليك عثراتك في عشرتهم، حتى يجبهوك بها في حال غيظهم ومناظرتهم، لا يقيلون لك عثرة، ولا يغفرون لك زلة، ولا يسترون لك عورة، يحاسبونك على النقير والقطمير، ويحسدونك على القليل والكثير، ويحرضون عليك الإخوان بالنميمة والبلاغات والبهتان، إن رضوا فظاهرهم الملق، وإن سخطوا فباطنهم الحنق، ظاهرهم ثياب وباطنهم ذئاب.
هذا ما قطعت به المشاهدة على أكثرهم، إلا من عصمه الله تعالى؛ فصحبتهم خسران، ومعاشرتهم خذلان.
هذا حكم من يظهر لك الصداقة، فكيف من يجاهرك بالعداوة? قال القاضي ابن معروف رحمه الله تعالى:
فَاحـذَر عَـدوكَ مَـرَة وَاحذَر صَديقَكَ أَلفَ مَرَة
فَلَرُبَما اِنقَلَبَ الـصَـديقُ فَكانَ اَعرَف بِالمَضَـرَة
وكذلك قال أبو تمام:
عَدوُكَ مِن صَديقِكَ مُستَفـاد فَلا تَستَكثرِنَ مِنَ الصَحـابِ
فَإِنّ الدَاءَ أَكثَـرَ مـا تَـراهُ يَكون مِنَ الطَعامِ أو الشَرابِ
وكن كما قال هلال بن العلاء الرقى:
لَما عَفوتَ وَلَم أَحقِد عَلـى أَحـد أَرحتَ نَفسى مِن هُم العَـداواتِ
إِني أَحيى عَدوى عِنـدَ رُؤيَتِـهِ لأَدفَعَ الشَرَ عَنى بِالـتَـحـياتِ
وَأَظهَر البَشَر لِلإِنسانِ أَبغُضُـهُ كَأَن قَد مَلا قَـلـبـى مَـرات
وَلسَت أَسلَمَ مِمَن لَستَ أَعرِفُـهُ فَكَيفَ أَسلَم مِن أهلِ المَـوَداتِ
الناسُ دَاء دَواءِ الناسِ تَركُـهُـم وَفي الجَفاءِ لَهُم قِطَعُ الأَخواتِ
فَسالِم الناسَ تَسلَم مِن غوائِلِـهِـم وَكُن حَريصاً عَلى كَسبِ التقياتِ
وَخالِق الناسَ وَاصبِر ما بُلَيتَ بِهِم اَصَمٌ اَبكَمٌ اَعمـى ذا تـقـيات
وكن أيضا كما قال بعض الحكماء: الق صديقك وعدوك بوجه الرضا، من غير مذلة لهما ولا هيبة منهما، وتوقر من غير كبر، وتواضع من غير مذلة، وكن في جميع أمورك في أوسطها، فكلا طرفى قصدن الأمور ذميم، كما قيل:
عَلَيكَ بِأَوساطِ الأَمورِ فإِنّـهـا طَريقٌ إِلى نَهجِ الصِراط قَويمُ
وَلا تَكُ فيها مُفرَطا أَو مُفرَطا فَإِنّ كُلا حالِ الأُمـورِ ذمـيمُ
ولا تنظر في عطفيك، ولا تكثر إلى وارئك الالتفات، ولا تقف على الجماعات، وإذا جلست فلا تستوفز، وتحفظ من تشبيك أصابعك، وكثرة بصاقك ونخمك، وطر الذباب عن وجهك، وكثرة التمطى والتثاؤب في وجوه الناس في الصلاة وغيرها، وليكن مجلسك هادئا، وحديثك منظوما مرتبا، واصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك من غير إظهار تعجب مفرط، ولا تسأله إعادته، واسكت عن المضاحك والحكايات، ولا تحدث عن إعجابك بولدك وشعرك وكلامك وتصنيفك وسائر ما يخصك، ولا تتصنع تصنع المرأة في التزين، ولا تتبذل تبذل العبد، وتوق كثرة الكحل والإسراف في الدهن، ولا تلح في الحاجات، ولا تشجع أحداً على الظلم، ولا تعلم أحدا من أهلك وولدك فضلا عن غيرهم مقدار مالك؛ واجفهم من غير عنف، ولن لهم من غير ضعف، ولا تهازل أمتك ولا عبدك، فيسقط وقارك من قلوبهم، وإذا خاصمت فتوقر، وتحفئ من جهلك وعجلتك، وتفكر في حجتك، ولا تكثر الاشارة بيدك، ولا تكثر الالتفاف إلى من ورائك ولا تجث على ركبتيك، وإذا هدأ غضبك فتكلم. وإذا قربك السلطان فكن منه على حد السنان، وإياك وصديق العافية؛ فإنه أعدى الأعداء، ولا يجعل مالك أكرم من عرضك.
فهذا القدر يافتى يكفيك من بداية الهداية، فجرب بها نفسك؛ فإنها ثلاثة أقسام: قسم آداب الطاعات، وقسم في ترك المعاصي، وقسم في مخالطة الخلق، وهي جامعة لجمل معاملة العبد مع الخالق والخلق.
فإن رأيتها مناسبة لنفسك، ورأيت قلبك مائلا إليها راغبا في العمل بها، فاعلم أنك عبد نوَّر الله تعالى بالإيمان قلبك، وشرح به صدرك، وتحقق أن لهذه البداية نهاية، ووراءها أسرارا وأغوارا ومكاشفات، وقد أودعناها كتاب (إحياء علوم الدين)؛ فاشتغل بتحصيله.
وإن رأيت نفسك تستثقل العمل بهذه الوظائف، وتنكر هذا الفن من العلم، وتقول لك نفسك: أنى ينفعك هذا العلم في محافل العلماء، ومتى يقدمك هذا على الأقران والنظراء?! وكيف يرفع منصبك في مجالس الأمراء والوزراء? وكيف يوصلك إلى الصلة والأرزاق وولاية الأوقاف والقضاء? فاعلم أن الشيطان قد أغواك وأنساك متقلبك ومثواك، فاطلب لك شيطانا مثلك، ليعملك ما تظن أنه ينفعك ويوصلك إلى بغيتك. ثم أنه قط لا يصفو لك الملك في محلتك، فضلا عن قريتك وبلدتك، ثم يفوتك الملك المقيم والنعيم الدائم في جوار رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.




بداية الهداية أبو حامد الغزالي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-24-2012
  #2
فراج يعقوب
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,269
معدل تقييم المستوى: 16
فراج يعقوب is on a distinguished road
افتراضي رد: آداب العلاقة بالمعارف

جزاك الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
__________________
اللهم صل على سيدنا محمد صاحب الكوثر صلاة لاتعد ولاتكيف ولاتحصر ننال بها الرضوان الأكبر وجواره يوم المحشر وعلى آله وسلم
فراج يعقوب غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-25-2012
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: آداب العلاقة بالمعارف

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
آداب الجمعة محمد الميانى المواضيع الاسلامية 0 10-21-2014 11:37 PM
العلاقة المهمة بين الأوراد والأذكار وفقه التحولات عبدالقادر حمود الآذكار والآدعية 2 04-02-2014 01:20 AM
آداب العلاقة بالعوام المجهولين عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 06-25-2012 09:47 PM
آداب العلاقة بالاخوان والأصدقاء عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 06-25-2012 09:46 PM
عين علي" هل تـُسقى و"زمزم"... سر العلاقة عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 1 07-14-2010 01:53 PM


الساعة الآن 12:47 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir