أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           زوَّدك الله التقوى، وغفر ذْنبك ويسَّر لك الخير حيث ما كنت           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
قديم 01-30-2015
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 19

إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
(19)
قولُهُ ـ تَعالى جَدُّهُ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} يَقولُ الحقُّ ـ جَلَّ وعلا، لمُشْرِكِي مَكَّةَ على جِهَةِ التَهَكُّمِ: "إنْ تَسْتَفْتِحوا"، والفتحُ: مِنَ الفَتاحَةِ (بنصبِ الفاءِ وضمها) أَيْ: الحكومةِ وهي الحُكْمُ أو القضاء بين المتخاصمين والفصلُ في خصومتهم، وقد تقدَّم بيانُه في غير موضعٍ بشيءٍ من التفصيل، وهو هُنا بهذا المعنى أَيْضاً. أَيْ: إنْ تَطْلُبُوا نَصْرَ الطائفة التي هي على الحقِّ. بمعنى الحُكْم على أَهْدَى الفِئتينِ وأَعْلى الجُنْديْنِ وأَكْرَمِ الحزبينِ فقد وردَ أَنَّ أَبُا جَهْلٍ قالَ فِي بِدْءِ المَعْرَكَةِ: (اللَّهُمَّ أقْطَعُنَا لِلرَّحْمِ، وَأتَانَا بِمَا لاَ يُعْرِفُ، فَأَحْنِهِ (فأهْلِكهُ) الغَدَاةَ). وفي رواية أخرى أنَّهُ قال حين التقى الجمعان: اللَّهُمَّ رَبَّنا دِينُنا القديمُ ودِينُ محمَّدٍ الحديثُ، فأَيُّ الدِينينِ كانَ أَحَبَّ إليكَ وأَرْضى عَنْك فانْصُرْ أَهْلَهُ اليومَ. فقد كانتْ قريشٌ تَظُنُّ أَنَّها على الحقِّ وأنَّها تَدينُ بالدين الصَحيحِ، وأَنَّ محمَّداً ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، قدْ فارَقَ دِينَ قومِهِ، وأَنَّهُ آبقٌ خارجٌ على دينِ آبائهِ وأجدادِهِ مفارقٌ لدينِ قومِه ومفرِّقٌ لجماعَتِهم، حتى أنَّ النَضْرَ بْنَ الحارثِ قال يومَها فيما رُوي عنه: اللَّهُمَّ إنْ كانَ هذا هُو َالحَقَّ مِنْ عندِكَ فأَمْطِرْ عَلَينا حجارةً مِنَ السَمَاءِ، أَوِ ائْتِنا بِعذابٍ أَلَيْم. وكان ممن قُتِلَ يوم بَدْرٍ. فَإذاً المُسْتَفْتِحَ بِاللهِ وَالمُسْتَنْصِرَ بِهِ هوَ أبو جهلٍ وفئتُهُ. وروِيَ كذلك أَنَّ قُرَيْشاً قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إلَى بَدْرٍ، طَافَوا بِالكَعْبَةِ وَأَخَذَوا بِأَسْتَارِهَا، واسْتَنْصَرُوا بِاللهِ قَائلين: (اللَّهُمَّ انْصُرْ أَعَلَى الجُنْدَينِ، وَأَكْرِمَ الفِئَتَينِ، وَخَيْرَ القََبيلتَيْنِ). فَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الآيَةِ وَمَعْنَاهَا: إِنْ تَسْتَنْصِرُوا بِاللهِ، وَتُحَكِِّمُوهُ ليَفْصلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْدَائِكُمُ المُؤْمِنِينَ، فَقَدْ جَاءَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ، ونَزَلَ حكمُهُ تعالى كما طلبتم، فقد نَصَرَ اللهُ أَعْلى الجُنْدَيْنِ وأَهْدى الفِئتَينِ وأَكْرَمَ الحِزْبين، وهوَ محمَّدٌ رسولُ اللهِ ـ صَلى اللهُ عليهِ وسَلَّمُ، وحِزبُه الذين آمنوا بِهِ وبِرسالتِهِ، واتَّبعوهُ ونَصَروهُ. فالخطابُ عندَ جمهورِ العُلَماءِ للمُشْركين.
وقيلَ: الخطابُ في الآيةِ للمؤمنين، والمعنى: إنَّ تَسْتَنْصِروا فقدْ جاءَكُمُ النَصْرُ، وإنْ تَنْتَهوا عَنِ المنازعة في أَمرِ الأنفالِ، التَكاسُلِ في القتالِ، والرَّغبةِ عَمَّا يختارُهُ الرَسولُ، فهو خيرٌ لكم، وإنْ تَعودوا إليه، نُعِدْ عَليكُم الإنكارَ، أَوْ تَهْييجَ العَدُوِّ، ولنْ تُغْنيَ، حينئذٍ عَنْكُمْ كَثْرَتُكم؛ إذْ لم يَكُنِ اللهُ مَعْكمْ بالنَصْرِ، فإنَّهُ مَعَ الكامِلين في إيمانهم.
وقيل: الخطابُ متوجه به إلى الفئتين، فقولُه: "إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ" خطابٌ للمُؤمنين، وما بَعْدَهُ خطابٌ للكافرين. أَيْ: وإِنْ تَعودوا إلى القِتالِ نَعُدْ إلى مِثْلِ وَقْعَةِ بَدْرٍ. والصحيحُ هو الرأيُ الأول واللهُ أعلم.
قولُه: {وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وَإِنْ تَنْتَهُوا عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ بِاللهِ، وَالتَّكْذِيبِ لِرَسُولِهِ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ؛ لِتَضَمُّنِهِ سَلامَةَ الدّارَيْنِ وخيرَ المَنْزِلَيْنِ.
قولُه: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ} وَإِنْ عُدْتُمْ إلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيهِ م المُسْتَفْتِحَ بِاللهِ وَالمُسْتَنْصِرَ بِهِ ِنَ الكُفْرِ وَالضَّلاَلِ وَمُحَارَبَةِ النَّبِيِّ وَالمُؤْمِنينَ وَعَدَاوَتِهِمْ، نَعُدْ لَكُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الوَقْعَةِ، وَلَنْ تَنْفَعَكُمْ وَلَنْ تُفِيدَكُمْ "تُغْنِي عَنْكُمْ" جُمُوعُكُمْ شَيْئاً، وَلَنْ تُحَقِّقَ لَكُمُ النَّصْرَ، فسنُسلِّطُهم عليكم مرَّةً أُخرى، وقد شاهدتم ذلك وعَرَفْتُموهُ يومَ بَدْرٍ وعلمتم تأثيرَ نُصْرَتِنا للمؤمنين.
قولُه: {وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} بِكَسْرِ الأَلِفِ عَلى الاسْتِئْنافِ وبِفَتْحِها، عطف على قولِهِ: {وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} أوْ على قوله: {أَنِّي مَعَكُمْ}. والمعنى: ولأنَّ اللهَ مع المؤمنين؛ والتقدير: ولن تغني عنكم فئتُكم لِكَثْرَتها لأَنَّ اللهَ مع المؤمنين. أيْ: مَنْ كانَ اللهُ في نَصْرِهِ لم تَغْلِبْهُ فِئَةٌ وإنْ كَثُرَتْ. فَإِنَّ اللهَ مَعَ رَسُولِهِ وَمَعَ المُؤْمِنِينَ، وَمَنْ كَانَ مَعَ اللهِ فَلاَ غَالِبَ لَهُ.
ومما جاءَ في سَبَبِ نُزولِ هذِهِ الآيةِ المباركةِ ما أخرجه ابْنُ أَبي شَيْبَةَ وأَحمدُ وعبدُ بْنُ حميدٍ والنَسائيُّ والطبريُّ وابنُ المنذرِ وابْنُ أَبي حاتمٍ وأَبو الشِيْخِ وابْنُ مَردويْهِ وابْنُ مَندَه والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقيُّ في الدَلائلِ عنْ ابْنَ شهابٍ عنْ عبدِ اللهِ بْنِ ثَعلَبَةَ بْنِ صَغير. أَنَّ أَبا جَهْلٍ قالَ حينَ التَقى القومُ: اللهمَّ أقطَعُنا للرَحِمِ وأتانا بما لا نَعْرِفُ فأحِنْهُ الغداةَ. فكانَ ذلك اسْتِفْتاحاً مِنْهُ، فنَزَلتْ: "إنْ تَسْتَفْتِحوا فقد جاءكُمُ الفَتْحُ" الآية. وأَخْرجَ ابْنُ ُأبي شَيبْةَ وابنُ جريرٍ وابْنُ المُنذرِ وابْنُ أبي حاتم، عن عَطِيَّةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال أَبو جَهْلٍ يومَ بَدْرٍ: اللهمَّ انْصُرْ إحْدى الفِئتَين، وأَفضلَ الفِئَتين، وخيرَ الفِئتين. فنزلت "إنْ تَستفتحوا فقد جاءكم الفتحُ".
قوله تعالى:{تَسْتَفْتِحُوا} صِيغَ بصيغةِ المُضارِعِ مَعَ أنَّ الفِعْلَ مَضى لِقَصْدِ اسْتِحْضارِ الحالَةِ مِنْ تَكْريرِهم الدُعاءَ بالنَصْرِ على المسلمين، وبذلك تَظهَرُ مناسبةُ عطفِ: "وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ: إلى قوله: "وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ" أي تنتهوا عن كفركم بعد ظهورِ الحقِّ في جانب المسلمين. والأَلِفُ والسينُ والتاءُ تفيدُ الطَلَبَ، فتقولُ: اسْتَفْهَمَ، أي طلب الفهم، واستوضح: أي طلب الإيضاح .. .
قولُه: {شيئاً} هو منصوبٌ على أَنَّه مفعولٌ مُطلَقٌ أو على المفعولية.
قوله: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} هذه الجملة عطفٌ على الجمة في قولِهِ: "إنْ تستفتحوا".
قولُه: {ولو كَثُرَت} هذه الجملةُ الامتناعيَّةُ في محلِّ نصب على الحال.
قرأَ الجمهور: {وَلَن تُغْنِيَ} بالتاء مِنْ فوقٍ لِتِأْنيث الفئةِ. وقرئ: "ولن يُغْني" بالياءِ من تحتِ لأنَّ تأنيثَه مَجَازيٌّ، وللفصلِ أيضاً.
قرأَ الجمهورُ: {وَإِنَّ اللهَ مَعَ المؤمنين} بالكسر، وقرأ نافع وابن عامر وحفصٌ عن عاصم "وَأَنَّ الله مَعَ المؤمنين" بالفتح. فالفتح من أوجه أحدها: أنه على لام العلة تقديره: ولأن الله مع المؤمنين كان كيت وكيت. والثاني: أنَّ التقدير: ولأن الله مع المؤمنين امتنع عنادهم. والثالث: أنه خبرُ مبتدأ محذوف، أي: والأمر أن الله مع المؤمنين. وهذا الوجهُ الأخيرُ يَقْرُب في المعنى مِنْ قراءة الكَسْرِ لأنَّهُ اسْتئنافٌ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 16 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-27-2015 09:27 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 15 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-26-2015 08:54 PM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 14 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-26-2015 10:08 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 13 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-25-2015 10:20 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 12 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-23-2015 09:31 PM


الساعة الآن 10:19 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir