أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد،يُحيي ويُميت،وهو حي لا يموت،بيده الخير وهو على كل شئ قدير           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 11-13-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي سيرة سيد التابعين (سعيد بن المسيب)

:extra138:


:extra159:

إن الناظر فى ماضى الأمة الإسلامية وحاضرها لا يملك إلا العجب العجيب والدَهَش الغريب من هذا التراجع الحضارى الذى وصلت إليه اليوم وأصبحت الحاجة الملحة إلى نهضة إسلامية تملى علينا أن نطرح للمناقشة
– وبكل صراحة – الأسباب التى أدت إلى هذا التقهقر والوسائل المثلى لتحقيق بعث إسلامى جديد خاصة بعد أن فشلت الحلول المستوردة فى تحقيق النهضة المرجوة فصار لزاما على الخلف اليوم أن يستفيد من منهج السلف الصالح صانع حضارة الأمس.
وفى سيرة سيد التابعين (سعيد بن المسيب) يمكن أن نجد الكثير من معالم الطريق المنشود والعديد من المبادئ التى لابد أن نقوم بها إن أردنا بصدق أن يعود لنا المجد المفقود.

العلم الركيزة الأساسية للرقى

أدرك سعيد بن المسيب منذ نعومة أظافره أنه لا يوجد مصيبة أعظم من الجهل يمكن أن تلم بحياة الإنسان فأنفق عمره فى تحصيل العلم يقول فى ذلك عن نفسه (إن كنت لأرحل الأيام والليالى فى طلب الحديث الواحد) وفى كنف الصحابة أخذ ينهل من نبع العلم الصافى فسمع من عثمان وعليا وزيد بن ثابت وسعد بن أبى وقاص وعائشة وأبا موسى الأشعرى رضى الله عنهم جميعا كما كان زواجه من ابنة الصحابى أبى هريرة رضى الله عنه المنحة الربانية التى هيأت له الفرصة لسماع مئات الأحاديث من ذاكرة الوحى حتى صار أثبت الناس وأعلمهم بحديث أبى هريرة رضى الله عنه كما رأى سعيد عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان مغرما بتتبع أقضية عمر وتعلمها حتى قيل له (راوية عمر) وكان عبد الله بن عمر يرسل إليه يسأله عنها قال أبو طالب قلت لأحمد بن حنبل سعيد بن المسيب عن عمر حجة؟ قال هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟

ومع طول المثابرة فى تحصيل العلم صار سعيد عالم أهل المدينة بلا مدافعة وإمام فقهائها السبعة الذين كانوا الواصل الحقيقى بين عصر الصحابة وعصور المذاهب الفقهية المختلفة فيقول (ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله ? ولا أبو بكر ولا عمر منى) وقال عنه قتادة: ما رأيت أحد أعلم من سعيد بن المسيب وعن مكحول قال طفت الأرض كلها فى طلب العلم فما لقيت أعلم من سعيد وسأل رجل القاسم بن محمد عن شئ فقال أسألت أحدا غيرى قال نعم عروة وفلانا وسعيد بن المسيب فقال: أطع ابن المسيب فإنه سيدنا وعالمنا وكان عبد الله بن عمر إذا سئل عن الشيء يشكل عليه يقول: سلوا سعيد بن المسيب فإنه قد جالس الصالحين وروى الربيع عن الشافعى أنه قال: إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن وقال الإمام أحمد هى صحاح قال وسعيد بن المسيب أفضل التابعين وقال على بن المدينى: لا أعلم فى التابعين أوسع علما منه وإذا قال سعيد مضت السنة فحسبك به وهو عندى أجل التابعين وقال أبو حاتم: ليس فى التابعين أنبل منه.

ولئن لم يترك سعيد آثارا مكتوبة على عادة علماء ذلك العصر لندرة وسائل الكتابة فإنه قلما نجد كتابا فى الفقه أو التفسير أو الحديث التى كتبت فى عصر التدوين إلا وآراء سعيد واجتهاداته مبثوثة فى ثنايا مباحثها قال عمر بن العزيز (إن مصدر العلم سعيد وما كان عالم بالمدينة إلا يأتينى بعلمه) وبالإضافة إلى تميزه فى العلوم الشرعية والآداب الربانية برع إمام التابعين فى علم تعبير الرؤيا أخذ ذلك عن أسماء بنت أبى بكر وأخذته أسماء عن أبيها رضى الله عنهم وتُروى فى براعته فى التعبير مواقف رائعة منها ما رواه ابن سعد فى الطبقات عن عمر بن حبيب بن قليع قال كنت جالسا عند سعيد بن المسيب يوما وقد ضاقت علىّ الأشياء ورهقنى دين فجلست إلى ابن المسيب ما أدرى أين أذهب فجاءه رجل فقال يا أبا محمد إنى رأيت رؤيا قال ما هى؟ قال: رأيت كأنى أخذت عبد الملك بن مروان فأضجعته إلى الأرض ثم بطحته فأوتدت فى ظهره أربعة أوتاد قال ما أنت رأيتها قال: بلى أنا رأيتها قال لا أخبرك أو تخبرنى قال: ابن الزبير رآها وهو بعثنى إليك قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك بن مروان وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة قال عمر بن حبيب الراوى فدخلت إلى عبد الملك بن مروان بالشام فأخبرته بذلك عن سعيد بن المسيب فسره وسألنى عن سعيد وعن حاله فأخبرته وأمر لى بقضاء دينى وأصبت منه خيرا.

وعن مسلم الخياط قال: قال رجل لابن المسيب إنى أرانى أبول فى يدى فقال اتق الله فإن تحتك ذات محرم فنظر فإذا امرأة بينها وبينه رضاع وقال له رجل إنى أرى فى النوم كأنى أخوض النار فقال إن صدقت رؤياك لا تموت حتى تركب البحر وتموت قتلا قال الراوى: فركب البحر فأشفى على الهلكة وقتل يوم قديد بالسيف.
واليوم وفى عصر الفضائيات وثورة المعلومات لابد لنا أن لا نغفل حقيقة هامة هى أن العلم الذى رفع ابن المسيب إلى سماء المجد بل ورفع أى أمة عبر الزمان لابد أن يكون اللبنة الأولى فى صرح تقدمنا المنشود وأن لا نرضى بغيره بدلا لأن أى رقى بدون علم وهم وسراب سرعان ما يزول تاركا مرارة ومذلة فى حياة أصحابه لا يعلم قدرها إلا الله.

لا … لا … يا قيود الأرض

كان ابن المسيب آية فى الصلاح والتقى وإيثار الآخرة على الدنيا التى لا تساوى عند الله جناح بعوضة فلقد ألزم نفسه التقلل من حلالها والإعراض عن حرامها وحطامها يقول ابن كثير (كان سعيد بن المسيب من أورع الناس فيما يدخل بيته وبطنه وكان من أزهد الناس فى فضول الدنيا والكلام فيما لا يعنى ومن أكثر الناس أدبا فى الحديث جاءه رجل وهو مريض فسأله عن حديث فجلس فحدثه ثم اضطجع فقال الرجل وددت أنك لم تتعن فقال إنى كرهت أن أحدثك عن رسول الله ? وأنا مضطجع وقال برد مولاه: ما نودى للصلاة منذ أربعين إلا وسعيد فى المسجد وقال ابن إدريس: صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة).

ولقد بلغ حب العبادة شغاف قلبه فلم يفتر عنها لا فى سراء ولا ضراء فيقول رحمه الله (ما فاتتنى التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة وما نظرت إلى قفا رجل فى الصلاة منذ خمسين سنة) وعن بشر بن عاصم قال: قلت لسعيد يا عمى ألا تخرج فتأكل الثوم مع قومك؟ فقال معاذ الله يا ابن أخى أن أدع خمسا وعشرين صلاة خمس صلوات وقد سمعت كعبا يقول وددت أن هذا اللبن عاد قطرانا اتبعت قريش أذناب الإبل فى هذه الشعاب إن الشيطان مع الشاذ وهو من الاثنين أبعد. واشتكى يوما عينه فقالوا له لو خرجت يا أبا محمد إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفه قال فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح.
وها هو العابد حتى فى أحلك المواقف فعن أبى حازم قال سمعت سعيد بن المسيب يقول لقد رأيتنى ليالى الحرة وما فى المسجد أحد من خلق الله غيرى وإن أهل الشام ليدخلون زمرا زمرا يقولون: انظروا إلى هذا الشيخ المجنون وما يأتى وقت صلاة إلا سمعت أذانا فى القبر ثم تقدمت فأقمت فصليت وما فى المسجد أحد غيرى ويؤثر عنه أنه حج أربعين حجة وما ترك الدعاء والقيام منذ عرف الإسلام حتى لقب (براهب قريش) وكان يكثر من قول (اللهم سلم سلم) فإذا دخل الليل خاطب نفسه قائلاً (قومى يا مأوى كل شر والله لأدعنك تزحفين زحف البعير) فكان إذا أصبح وقدماه منتفختان يقول لنفسه (بذا أمرت ولذا خلقت) ومع ذلك لم تكن العبادة عنده مرادفة للقيام والقعود فعن مالك بن أنس قال: قال برد – مولى ابن المسيب – لسعيد بن المسيب ما رأيت أحسن ما يصنع هؤلاء قال سعيد وما يصنعون؟ قال يصلى أحدهم الظهر ثم لا يزال صافا رجليه يصلى حتى العصر فقال سعيد ويحك يا برد! أما والله ما هى بالعبادة تدرى ما العبادة؟ إنما العبادة التفكر فى أمر الله والكف عن محارم الله. كما كان رحمه الله يكره كثرة الضحك ويصوم الدهر ولا يفطر إلا فى أيام التشريق بالمدينة.

ومن مواقفه المضيئة أنه أدركه رجلاً من قريش ومعه مصباح فى ليلة مطيرة فسلم عليه وقال كيف أمسيت يا أبا محمد؟ قال أحمد الله فلما بلغ الرجل منزله دخل وقال نبعث معك بالمصباح قال لا حاجة لى بنورك نور الله أحب إلى من نورك وكان يقول رحمه الله (لا تقولن مصيحيف ولا مسيجيد ولكن عظموا ما عظم الله فكل ما عظم الله فهو عظيم حسن) ويقول (ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله ولا أهانت أنفسها بمثل بمعصية الله وكفى بالمؤمن نصرة من الله عز وجل أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله)
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-13-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: سيرة سيد التابعين (سعيد بن المسيب)

أما الدنيا فمالها وسعيد بن المسيب فلقد كان يعيش من كسب يده له أربعمائة دينار يتجر بها فى الزيت ويقول عن هذا المال (اللهم إنك تعلم أنى لم أمسكه بخلا ولا حرصا عليه ولا محبة للدنيا ونيل شهواتها وإنما أريد أن أصون به وجهى عن بنى مروان حتى ألقى الله فيحكم فىّ وفيهم وأصل منه رحمى وأؤدى منه الحقوق التى فيه وأعود منه على الأرملة والفقير والمسكين واليتيم والجار) وكان له فى بيت المال بضعة وثلاثون ألفا من الدراهم عطاؤه تراكمت بسبب رفضه قبولها فكان حين يدعى إليها يأبى ويقول (لا حاجة لى فيها حتى يحكم الله بينى وبين بنى مروان) وكان من أورع الناس فيما يدخل بيته وبطنه فيروى ابن سعد فى الطبقات عن طلحة الخزاعى قال (كان فى رمضان يؤتى بالأشربة فى مسجد النبى ? فليس أحد يطمع أن يأتى سعيد بن المسيب بشراب فيشربه فإن أتى من منزله بشراب شربه وإن لم يؤت من منزله بشئ لم يشرب شيئا حتى ينصرف) أما طعامه فهو بسيط يشمل فى الغالب خبزا وزيتا ولما حبس صنعت ابنته طعاما كثيرا فلما جاءه أرسل إليها قائلا (لا تعودى لمثل هذا أبدا فهذه حاجة هشام بن إسماعيل يريد أن يذهب مالى فأحتاج إلى ما فى أيديهم وأنا لا أدرى ما أحبس فانظرى إلى القوت الذى كنت آكل فى بيتى فابعثى إلى به).

ومن أقواله الرائعة (من استغنى بالله افتقر الناس إليه) وقوله (الدنيا نذلة وهى إلى كل نذل أميل وأنذل منها من أخذها من غير وجهها ووضعها فى غير سبيلها).
إن هذه المعانى الغالية لهى خير دواء لهذه المادية التى خيمت على كل شئ فى حياتنا وأردت الكثيرين منا وأخلدتهم إلى الأرض فضاعت من حياتهم كل فضيلة وصاروا لا يفهمون إلا لغة الدينار والدرهم فلم يحصدوا من وراء كل هذا إلا القلق والحيرة والشك واستعصت عليهم السعادة الحقيقية فكانوا بمنأى عنها.
لا تأخذك فى الحق لومه لائم
تجلت هذه القاعدة فى حياة سيد التابعين فى أكثر من موقف ونطق بها لسان حاله فى كل لحظة من لحظات أيام عمره المباركة فكان الواثق بالله الذى لا يحابى فى الحق أحدا ولا يرده ما يتخمض عن ذلك المنهج من تبعات فهانت عليه نفسه فى الله كما قال عمران بن عبد الله (أرى نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه فى ذات الله من نفس ذباب)
ومن مواقفه الشهيرة فى ذلك قصه تزويج ابنته وقد كان الخليفة عبد الملك بن مروان تقدم لخطبتها لأبنه الوليد حين ولاه العهد ويذكر المؤرخون أنه أرسل موكبا كبيرا على رأسه مندوب خاص نزل المسجد ووقف على حلقة سعيد فأبلغه سلام أمير المؤمنين وأنه قدم يخطب إليه ابنته لابنه الوليد ولى العهد وانتظر الناس أن يستبشر سعيد بهذا التشريف الذى ناله ولكنه لم يزد على كلمة (لا) وكان لسعيد تلميذ متين الدين والخلق يدعى عبد الله بن أبى وداعة افتقده أياما فلما عاد إليه قال له سعيد: أين كنت فقال توفيت زوجتى فانشغلت بها قال سعيد فهلا أخبرتنا فشهدناها ثم أراد التلميذ أن يقوم فقال سعيد هل أحدثت امرأة غيرها قال يرحمك الله ومن يزوجنى وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ قال سعيد إن أنا فعلت تفعل؟ قال نعم فأمر بالشهود وكتابة العقد قال ابن أبى وداعة: فقمت وما أدرى ما أصنع من الفرح وصرت إلى منزلى وجعلت أفكر ممن آخذ وأستدين؟ وصليت المغرب. وكنت صائما فقدمت عشائى لأفطر وكان خبزا وزيتا وإذا بالباب يقرع فقلت من هذا فقال سعيد ففكرت فى كل إنسان إسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب فإنه لم ير منذ أربعين سنه إلا ما بين بيته والمسجد فقمت وخرجت وإذا بسعيد بن المسيب وظننت أنه بدا له فقلت يا أبا محمد هلا أرسلت إلى فأتيتك قال لا أنت أحق أن تزار قلت فما تأمرنى قال رأيتك رجلا عزبا قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذه امرأتك فإذا هى قائمة خلفه فى طوله ثم دفعها فى الباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم صعدت إلى السطح وناديت الجيران فجاءونى وقالوا ما شأنك قلت زوجنى سعيد بن المسيب ابنته وقد جاء بها على غفلة وها هى فى الدار فنزلوا إليها وبلغ أمى فجاءت وقالت وجهى من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام فأقمت ثلاثا ثم دخلت بها فإذا هى من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله ? وأعرفهم بحق الزوج.

وكان رحمه الله يقول (لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بالإنكار من قلوبكم لكيلا تحبط أعمالكم) وعن المطلب بن السائب قال كنت جالسا مع سعيد بن المسيب بالسوق فمر بريد لبنى مروان فقال له سعيد من رسل بنى مروان أنت؟ قال نعم قال فكيف تركتهم؟ قال بخير قال تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب؟ قال فاشرأب الرسول فقمت إليه فلم أزل أرجيه حتى انطلق ثم قلت لسعيد يغفر الله لك تشيط بدمك بالكلمة هكذا تليقها قال اسكت يا أحمق فوالله لا يسلمنى الله ما أخذت بحقوقه.

وعقد عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان بالعهد وكتب بالبيعة لهما إلى المدينة وعامله يومئذ عليها هشام بن إسماعيل فدعا الناس إلى البيعة فبايعوا وأبى سعيد أن يبايع لهما وقال لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار فقيل له ادخل واخرج من الباب الآخر قال والله لا يقتدى بى أحد من الناس فضربه هشام ستين سوطا وطاف به فى تبان من شعر وسجنه فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع ويقول سعيد ! كان والله أحوج أن تصل رحمه من أن تضربه.
وقيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ولا يحركك ولا يؤذيك قال والله ما أدرى إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد فصل صلاة لا يتم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفا من حصى فحصبته بها زعم أن الحجاج قال: ما زلت بعد ذلك أحسن الصلاة.

وفى سنة 91هـ حج الوليد بالناس فلما اقترب من المدينة أمر عامله عليها عمر بن عبد العزيز أشرافها فتلقوه فرحب بهم وأحسن إليهم ودخل المدينة النبوية فأخلى له المسجد النبوى فلم يبق بهد أحد سوى سعيد بن المسيب لم يتجاسر أحد أن يخرجه وعليه ثياب لا تساوى خمسة دراهم فقالوا له تنح عن المسجد أيها الشيخ فإن أمير المؤمنين قادم فقال والله لا أخرج منه فدخل الوليد المسجد فجعل يدور فيه ويصلى ههنا وههنا ويدعو الله عزوجل قال عمر بن عبد العزيز وجعلت أعدل به عن موضع سعيد خشية أن يراه فحانت منه التفاته فقال من هذا؟! أهو سعيد بن المسيب؟ فقلت نعم يا أمير المؤمنين ولو علم أنك قادم لقام إليك وسلم عليك فقال قد علمت بغضه لنا فقلت يا أمير المؤمنين إنه وإنه وشرعت أثنى عليه وشرع الوليد يثنى عليه بالعلم والدين فقلت يا أمير المؤمنين إنه ضعيف البصر – وإنما قلت ذلك لأعتذر له – فقال نحن أحق بالسعى إليه فجاء فوقف عليه فسلم عليه فرد عليه سعيد السلام ولم يقم له ثم قال الوليد كيف الشيخ؟ فقال بخير والحمد لله كيف أمير المؤمنين؟ فقال الوليد بخير والحمد لله وحده ثم انصرف وهو يقول لعمر بن عبد العزيز هذا فقيه الناس فقال أجل يا أمير المؤمنين.

نسوق هذه المواقف للذين يأكلون بدينهم ويداهنون الظالم بغية عرض من الدنيا فلا يسعنا إلا أن نهمس فى آذانهم قائلين (تشبهوا بالكرام البررة واقتدوا بخير سلف تكتب لكم النجاة فى الدنيا والآخرة).
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-15-2008
  #3
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي رد: سيرة سيد التابعين (سعيد بن المسيب)

كان ابن المسيب آية فى الصلاح والتقى وإيثار الآخرة على الدنيا التى لا تساوى عند الله جناح بعوضة فلقد ألزم نفسه التقلل من حلالها والإعراض عن حرامها وحطامها يقول ابن كثير (كان سعيد بن المسيب من أورع الناس فيما يدخل بيته وبطنه وكان من أزهد الناس فى فضول الدنيا والكلام فيما لا يعنى ومن أكثر الناس أدبا فى الحديث جاءه رجل وهو مريض فسأله عن حديث فجلس فحدثه ثم اضطجع فقال الرجل وددت أنك لم تتعن فقال إنى كرهت أن أحدثك عن رسول الله ? وأنا مضطجع وقال برد مولاه: ما نودى للصلاة منذ أربعين إلا وسعيد فى المسجد وقال ابن إدريس: صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة).

الله الله

يا له من عبد شكور اخي الحسيني اكرمك الله بالنضر الى وجه سعيد ابن المسيب
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-16-2008
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: سيرة سيد التابعين (سعيد بن المسيب)

حياكم الله اخي ابو معاوية
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سعيد بن المسيب تحمَّل السجن والجلد في جهاده ضد الظلم والمنكر عبدالقادر حمود السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 3 04-12-2012 03:35 AM
قصة سعيد والحصان ابوعبدالله القسم العام 6 09-26-2009 01:41 AM
يوميات زوج سعيد أبوانس القسم العام 4 08-16-2008 05:35 PM
سعيد بن المسيب أبوانس السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 2 08-16-2008 03:27 PM


الساعة الآن 06:51 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir