أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           الحَمْدُ لله الذِي عَافَانِي في جَسَدِي ورَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وأَذِنَ لي بِذِكْرهِ           

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 04-06-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الشعاعات - الشعاع الثالث


الشعاع الثالث - ص: 47

الشعاع الثالث

المقدمة
اِنّ هذه الحجّة الإيـمانية الثامنة 1؛ اذ تَشهدُ على وُجوبِ وجُودِهِ سُبحانه، وعلى وَحدانيته، فهي تَشهدُ على إحاطةِ ربوبيته، وعظمَة قُدرَته بِدلائل قاطعة، وتثبِتُ أيضاً إحَاطة حاكميته، وتدلُ على شُمُولِ رحْمته، كما تثبتُ إحاطة حِكمَته، وشُمول علمه جميع أجزاءِ الكون.
والخلاصة: إنَّ لكُلّ مقدمةٍ من هذهِ الحُجَّةِ الإيـمانية الثامنة ثماني نتائج، وهي تُثبِتُ في كُلّ مُقدّمةٍ من المقدّماتِ الثمانية، النتائج الثمانية بدلائلها؛ لذا أصبحت لهذه الحُجّةِ الإيمانية الثامنة مزايا راقية وخصائص سامية.
"ان رسالة "المناجاة" تثبِت وجوب الوجود، والوحدة والأحديّة، وجلال الربوبية، وعظمة القُدرة، وسِعَة الرَّحمة، وعموميَّةَ الحاكميَّة، وإحاطة العلم، وشُمُول الحكمة.. وأمثالها من الأُسُسِ الإيمانية، تُثبِتُها باسلوب مُوجز خارقٍ وبقطعيَّةٍ فوق العادة وبخالصيةٍ ويقينيّةٍ.. وإنَّ إشَاراتِها الى الحشر قويَّةٌ جداً وبخاصَّة التى في ختامها".
سعيد النورسي

_____________________
1 حيث ان هذه الرسالة هى الحجة الثامنة من مجموعة "طعصا موسى". ـ المترجم

الشعاع الثالث - ص: 48
المناجاة

بسم الله الرحمن الرحيم
(إنّ في خَلْقِ السّمــواتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلْكِ الَّتي تَجْرِي فِي البَحْرِ بما يَنْفَعُ النّاسَ وَمَا أنْزَلَ الله مِنْ السّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأحْيا بِهِ الأرضَ بَعْدَ مَوتِهَا وَبَثّ فيْها مِنْ كُلّ دَابّةٍ وَتَصْرِيفِ الرّياحِ وَالسّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السّماءِ وَالأرضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقلونَ) (البقرة: 164)
هذه الرسالة "المناجاة" التي هي الشعاع الثالث نوعٌ من تفسير للآية الكريمة المذكورة أعلاه.
يا إلهي ويا ربّي!
إنّي أرَى ببصيرة الإيمان وبتعليم القرآن ونوره وبدرس الرَّسُول الأكرم صلى الله عليه وسلم وبما يريه إسم الله "الحكيم" أنه:
ليس في السَمواتِ من دورانٍ وحركةٍ إلاَّ ويُشير الى وجودك ويدلُ عليه؛ بانتظامه البديع هذا..
وما من جِرم من الأجرام السَّماوية إلاّ ويشهد شهادة على ربوبيَّتِكَ ويشير اشارة الى وحدتِكَ ؛ بسكونها في أداءِ وظيفتها بلا ضوضاءٍ وببقائِها بلا عمدٍ..
وما من نجم إلاَّ ويشهد على عظمة اُلوهيّتِكَ ويشير الى وحدانيَّتِكَ؛ بخلقته الموزونة وبوضعهِ المُنتظم وبتبسُّمِه النُّورانيّ وبِمُمَاثلتهِ ومشابهته للنجُوم كافة..
وما من كوكبٍ سيَّار من الكواكب الإثنى عشر إلاَّ ويشهد على وُجُوبِ وُجُودِكَ ويُشيرُ الى سلطنة اُلوهيتِك؛ بحركته الحكيمة وتذلله المُطيع ووظيفته المُنتظمة وتوابعه المُهمة
الشعاع الثالث - ص: 49
نعم، مثلما تشهد السَّمواتُ مع ساكنيها، وكلُّ سماءٍ بحدِّ ذاتِها، فإنَّ جَميعها معاً تشهد بالبداهة شهادةً ظاهرةً جليَّةً على وُجُوبِ وُجودِك يا خالق السَّمواتِ والأرضِ َ وتشهَدُ شهادةً قويّةً صادقةً على وحدتك وفرديّتِكَ يامن تدير وتدبِر الذرات بمركباتها المُنظمة ويا من تُجري الكواكب السيارة مع توابعها المنظمة وتسخّرُها لطاعتك.. شهادة ظاهرةً قويةً تُصدّقها براهين نورانيَّة، ودلائل باهِرة، عدد النجوم التي في وجه السماء..
فهذه السّموات الصَّافية الطاهرة الجميلة تدل دلالة ظاهرة على هيبة ربوبيَّتِكَ وعظمة قدرتك المُبدعة.. وتُشيرُ إشارةً قويَّةً الى سعة حاكميَّتِكَ المحيطة بالسَّمواتِ الشاسعة، والى رحمتك الواسعة المحتضنة لكلِّ ذي حياةٍ.. وتشهدُ - بلا ريب - على شُمُولِ حكمتك لكلِّ فعلٍ وعلى إحاطة علمك بكُلِّ شئ، المنظمان في قبضتهما جميع شؤون وكيفيات جميع المخلوقات السّماوية؛ بأجرامِها التي هي في غاية الضخامة وفي غاية السُرعة، وبإظهارها اوضاع جيش مُنظّمٍ ومهرجانٍ مهيبٍ مُزيّن بمصابيح وضَّاءةٍ.. فتلكما الشَّهادة والدلالة ظاهرتان جليتان كأن النُجوم كلمات شهادة للسَّمواتِ الشَّاهدة ودلائلها الـمتجسّمة النُّورانية.. اما النُجوم السابحة في بحر السَّمواتِ وفي فضائها، فانها تُظهر شعشعة سلطان ألوهيَّتِك؛ بأوضاعها المُماثلة لجنود منصاعين وسفن منتظمةٍ وطائراتٍ خارقةٍ ومصابيح عجيبةٍ. ورفيقات شمسنا التى هى نجمة من ذلك الجيش ترنو الى عوالم الآخرة، وليست مُعطلة، بدلالة وظائف الشمس في سياراتها وفي أرضنا، ولربما هي شموس عوالم باقية.
يَا واجب الوُجُود! يَا واحدُ، يَا أحدُ!
إنَّ هذه النُجُوم الخارقة وهذه الشمُوس الضَّخمة والأقمار العجيبَة.. قد سُخِّرَت ونُظّمت ووُظِّفت في مُلكِكَ أنتَ، وفي سمواتِكَ أنت، بأمركَ أنت، وبقُوتِكَ وبقُدرتكَ أنت، وبإدارتكَ وتدبيركَ أنت.. فجميعُ تلك الأجرام العُلويّة تسبّحُ وتُكبّرُ للخالقِ الواحد الذي خلقها، ويجريها، ويديرها، وتقول بلسَان الحال: سُبحَان الله.. الله اكبر.. وأنا معها أُقدّسُك بجَميع تَسبِيحاتها.
الشعاع الثالث - ص: 50
يَامن اختفى بشدَّة الظُهُور! يَامن احتجبَ بعَظمة الكِبرياء!
يَا قدِيرُ ياذا الجلال! يَا قادر القُدرة المُطلقة!
لقد أدركتُ بِدَرس قُرآنك الحكيم وبتعليم الرَّسول الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه:
مثلما تَشهدُ السَّمواتُ والنجُوم على وجُودكَ وعلى وحدَتكَ، يَشهدُ جَو السَّماءُ كذلك على وجوب وُجُودك ووحدتك بسحابه وبروقه ورعوده ورياحه وأمطاره.
نعم، إن إرسال السَّحاب الجامد بلاشعور، المطَر الباعث للحياة، إغاثةً للمضطرّين من الأحياء، ليس إلاَّ برحمتك وحكمتك أنت، فلادخل فيه للمصادفة العشواء قط.
وكذا البرقُ الذي هوطاقة كهربائية عظمى، يشوِّقُ بسَنَاه الى فوائده النورانية، وينوِّر قدرتك الفاعلة في الفضاء على افضل وجه.
وكذا الرعد المبشر بقُدوم المطر، والذي يُنطِق الفضاء الواسع بتسبيحاته، فيُدوي في أرجاء السّمواتِ، يُسبّحُك ويقدّسُكَ ويشهد بلسَان المقال على رُبوبيَتكَ.
وكذا الرّياح المسَخَّرة بوظائف عدّة: كحمل أكثر الأرزاق ضرورة لمعيشة الأحياء وأسْهَلِها تناولاً وفائدة، ومنح الأنفاس وترويح الأنفس وغيرها كثير، تُشير الى فعالية قدرتك أنت، وتشهد شهادة على وُجُودِكَ؛ بتبديلها الجو - لحكمة - كأنه "لوح المحو والإثبات" فتكتب مايفيد وتمحو ما أفاد. كما انَّ "الرحمة" المستدرة برحمتك من السَّحاب والمرسلة الى الأحياء تشهد هي أيضا على سعة رحمتك، ووُسعةِ رأفتك؛ بكلمات قطراتها العذبة اللطيفة الموزونة المنتظمة.
يَا مصرّف يَا فعَّال! يَا فيَّاضُ يَا مُتعَال!.
مثلما شهد السَّحَابُ والبرقُ والرَّعدُ والرّيحُ والمطر - كلٌّ على حِدة - على وُجُوب وُجُودِكَ، فإنَّ جميعها معاً تُشير إشَارة قويَّة جداً الى وحدتك، والى فرديَّتِكَ؛ بخاصية الإتّفاق والمعيَّة والتداخُل وشَدِّ بعضها أزر البعض، رغم البُعدِ في النوعيَّة والإختلاف في الماهيَّة..
ومثلما تشهد تلك العناصر الجوية على جلال ربُوبيتك الجاعلة من الفضاء الفسيح محشراً للعجائب؛ بملئه وإفراغه مرَّاتٍ عدَّة وربَّما في اليوم الواحد، فإنَّها تشهد على
الشعاع الثالث - ص: 51
عظمة قدرتك المصرِّفة وشمولها كلَّ شئ، والتي تكتب ذلك الجوَّ الواسع وتبدِله كأنهُ "لوحة كتابة" وتعصر المعصرات لتسقي روضة الأرض ماءً غدقاً.. فضلاً عن دلالتها على السِعة المطلقة لرحمتك ولحاكميَّتِكَ ونفوذهما في كُلِّ شئ، وتدويرهما كرة الارض كافة والمخلوقات كافة تحت غطاء الجو.
وكذا الهواء المنبث في الفضاء يستخدم في وظائف عدّةٍ إستخداماً حكيماً.. والغيوم والأمطار تستعملان في فوائد جمّة إستعمالاً عليماً.. بحيث لولا علم محيط بكلِّ شئ وحكمة شاملة كُلَّ شئ، لما أمكن أن يكون ذلك الإستعمال ولا ذلك الإستخدام.
يَا فعَّالُ لما يُريدُ!
إنَّ إظهار نموذج الحشر والقيامة كُلَّ وقتٍ بفعاليَّتِكَ في جوِّ الفضاء، وتبديل الصيف الى شتاء والشتاء الى صيف خلال سَاعة، وإتيان عالم وارسال آخر الى الغيب وأمثالها من شُؤونِ قُدرتك المتجلّية.. تشِير الى تبديلها الدنيا الى آخرة، وستظهر شؤوناً سرمديَّة في الآخرة.
يَا قدير يَاذا الجلال!
إنَّ الهواء والرِيح والسحاب والمطر والبرق والرَّعد في جوِّ السَّماء لمسخَّرة كلها وموظّفة في ملكك أنت، وبأمرك وحولك أنت، وبقوَّتِكَ وقدرتك أنت.. فمخلوقاتُ هذا الفضاء رغم البعد في ماهيَّاتها تُسبّحُ بحمد آمرها وتُثني على حاكمها الذي يُخضعها لأوامر آنيَّة - في مُنتهى السُّرعة - ولآمرين مُسرعين فوريين.

يَا خالق الأرض والسَّموات! ياذا الجَلال!
لقد آمنت وعلمتُ بتعليم قرآنك الحكيم وبدرس الرَّسُولِ الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه:
مثلما السَّمواتُ بنجومِها، وَجوُّ الفضاء بما فيه، تشهد على وُجُوبِ وُجُودِكَ ووحدانيَّتك.. كذلك الأرض بجميع مخلوقاتها، وبأحوالها، تَشهد شَهادات وتشير إشارات، عدد موجوداتها، على وُجُودِكَ وعلى وحدتك.
الشعاع الثالث - ص: 52
نعم، فما من تحوُّل في الأرض، ولامن تبدُل فيها - كتبديل الأشجار والحيوانات ملابسها سنوياً - كلّياً كان أم جزئياً، إلاَّ ويشير بانتظامه وتناسُقه، الى وُجُودِكَ ووَحدَتِكَ.
ومامن حيوان إلاَّ ويشهد شهادة على وُجُودكَ ووَحدَتك؛ بالرّزق الذي يساقُ إليه برحمة، وبأجهزته الضرورية لحياته والمودعة فيه بحكمة، كلٌّ حسب ضعفه وإحتياجهَ.
ومامن نباتٍ أو حيوان يتم إيجاده أمام ناظرينا في كُلِّ ربيع، إلاَّ ويعرّفك؛ بصنعته العجيبة وبزينته اللطيفة وبتميزه التام وبانتظامه وبموزونيته.. فخلق مايملأ وجه الأرض من معجزات قدرتك المسماة بالنباتات والحيوانات، من بيوض وبويضات وقطرات ونُطف وحبوب وحبيبات، رغم أن مادتها محدودة وواحدة ومتشابهة، خلقاً كاملاً سوياً ومزيناً بزينةٍ، ومتميّزاً بعلاماتٍ فارقة.. شَهادة أقوى من شهادة الضياء على الشَّمسِ واسطع منها على وُجُود صانعها الحكيم، وعلى وحدته وحكمته وقدرته المطلقة.
ومامن عنصر كالهواء والماء والنُور والنار والتُراب إلاَّ ويملك شَهادة على وحدتكَ وعلى وجودِك؛ بأدائها لوظائف مكملة بشعور بالغ، رغم خلوّها من الشعور، وبجلبها لأثمار ومحاصيل متنوِعة في غاية الإنتظام من خزينة الغيب، رغم بساطتها وتجاوز بعضها للبعض الآخر وعدم إنتظامها وتشتُّتِها في كُلِّ مكان.
يَا فاطرُ يَا قديرُ! يا فتاح يَا علاَّم! يا فعّالُ يا خلاَّقُ!..
كما أنَّ الأرض تشهد بجميع ساكنيها على كون خالقها واجباً للوجود، فهي تشهد كذلك على وحدتك وعلى احديتك، يَا واحدُ يَا أحدُ يَا حنَانُ يَا منَانُ يَا وهابُ يَا رزَّاقُ! بسكتها التي على وجهها، وبالسكك التي على وُجُوه ساكنيها، وبجهة الوحدة والإتفاق والتداخل والتعاون فيما بينها، ووحدة اسماء الربوبية وافعالها الناظرة اليها جميعاً.. فتشهد شهادات - بدرجة البداهة بل بعدد الموجودات - على وَحدَتِكَ وعلى أحديَّتِكَ.
الشعاع الثالث - ص: 53
وكذا فكما تدل الأرض؛ بوضعها المشابه لمعسكر ومعرض وميدان تدريب، وبمنح أجهزة مخَتلفة متنوّعة بانتظام الى أَربعمائة ألف من الأمم المختلفة التي تضمُها فرقة النباتات والحيوانات، على جلال ربوبيتك، وعلى نفاذ قُدرتك في كُلِّ شئ.. كذلك الأرزاق المتنوّعة لأحياء غير محدودة والنَّاشئة من تراب يابس بسيط، وإرسالها بكلِّ كرم ورحمة الى كلِّ حيّ فرداً فرداً في أوانها وانقياد تلك الأفراد غير المحدودة وإطاعتها إطاعة تامة للأوامر الربانية ودينونتِها التامة لها، تظهر شمول رحمتك كلّ شئ وإحاطة حاكميتك بكلّ شئ.
وكذا فإنَّ إدارة قوافل المخلوقات المعرضة دوماً للتغير والتبدل في الأرض، وسوقها ومناوبتها بالموت والحياة.. وإدارة وتدبير الحيوانات والنباتات التى لا يمكن أن تتم إلاَّ بعلم يتعلَّق بكلّ شئ، وبحكمة غير متناهية تتحكم في كُلّ شئ.. تدلُ على إحاطة علمك وحكمتك..
وكذا فإنَّ هذه الأهمية العظمى، وهذا البذل والصرف غير المحدود، وهذه التجلّيات الربانية المطلقة، وهذه الخطابات السُبحانية غير المحدودة، وهذه الإحسانات الإلهية غير المتناهية لهذا الإنسان الذي يتصرف في موجُودات الأرض وهو المكلف بوظائف غير محدودة في فترة قصيرة والمزود باستعدادات وأجهزة معنوية تهيؤه لمعيشة مديدة في زمن غير محدود.. لامحالة أنها لاتنحصر في مدرسة الدنيا هذه، وفي ثكنة الأرض المؤقتة هذه، وفي معرض العالم المؤقت هذا، ولاتنحصر في هذا العمر القصير الحزين المكدر، ولا في هذه الحياة العكرة المنغّصة، ولافي هذا العالم الفاني الملئ بالبلايا والنوائب. بل كل ذلك يشير بلا شك الى عمر آخر أبدي وسعادة باقية خالدة ويشير الى إحسانات أُخروية في عالم البقاء، بل يشهَد علىها .
فيَا خالق كلّ شئ!
إنَّ جميع مخلوقات الأرض تدار مسخّرة في ملكك أنت، وفي أرضك أنت وبحولك وقوتك أنت، وبقدرتك وارادتك أنت، وبعلمك وحكمتك أنت.
وإن ربوبية تشاهد فعاليتها على وجه الارض لتبدي إحاطة وشمولاً، لإنَّ إدارتها وتدبيرها وتربيتها هي من الحساسيّة في غاية الكمال.. وإن إجراءاتها المنتشرة في كل
الشعاع الثالث - ص: 54
جهة هي في وحدة ومعية ومشابهة.. بحيث تُعلم انها ربوبيةٌ وتصرفٌ كليٌّ لاتقبل تجزئة قط. وهي في حكم كلي لايمكن انقسامه قط. فتسبّح الأرض بجميع ساكنيها وتقدس خالقها بألسنة غير محدودة فصيحة أبينَ من لسان المقال، فتحمد رزاقها الجليل وتثني عليه بألسنة أحوال بعدد نعمه التي لا تعد ولا تُحصى.
سُبحَانَكَ يَا مَن اخْتفى بِشدة الظّهور.. سُبحانكَ يامن احتجب بعظمة الكبرياء..
إني اقدِّسُكَ وأُسبّحُكَ بِجميع تقديسات الأرض وتسبيحاتها من القصور والعجز والشريك، وإني أحمدك وأُثني عليك بجميع تحميدات الأرض واثنيتها.

يَا رَبَّ البَرِ والبحر..!
لقد تعلمت بدرس القرآن وبتعليم الرَسُولِ الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه:
مثلما السَّمواتُ والفضاء والأرض تشهد على وحدانيتك وعلى وجودك، فالبحار والأنهار والجداول والعيون أيضاً تشهد شهادة - بدرجة البداهة - على وُجُوب وُجُودِك وعلى وحدتك.
نعم، فما من موجود، بل مامن قطرة ماء في بحار دنيانا هذه وهي منبع العجائب - كأنها مراجل بخار - إلاَّ وتُعرّف خالقها؛ بوجودها وبانتظامها وبمنافعها وبحالها.
وما من مخلوق من المخلوقات الغريبة التي ترسل اليها أرزاقها إرسالاً كاملاً في رملٍ بسيطٍ وماءٍ بسيطٍ.. ولاحيوان من الحيوانات البحرية التي هي في غاية كمال الخلقة وبخاصة الأسماك التى تجمل البحار بما تقذف إحداها مليوناً من البويضات.. إلاَّ ويشير الى خالقه، ويشهد على رزاقه؛ بخلقته وبوظائفه وبإدارته وباعاشته وبتدبير أموره وبتربيته.
وكذا ليس في البحر من جوهرة من تلك الجواهر القيّمة واللآلئ المزينة الثمينة ذات الخواص النفيسة لاتعرفك ولاتُعرّفك؛ بخلقتها الجميلة وبفطرتها الجذابة وبخاصيتها النافعة.
الشعاع الثالث - ص: 55
نعم، فكما تشهد كُلُّ جوهرة فردة، فإنَّ تلك الجواهر بمجموعها معاً تشهد بوحدتك كذلك؛ بما فيها من الإتفاق والتداخل والإختلاط َووحدة سكة الخِلقة وغاية السُهولة في الأيجاد وغاية الكثرة في الأفراد..
وإنَّ جعل البحار المحيطة بالأرض معلقة في السماء مع برّها الشاسع، وهي سابحة حول الشمس دون أن تنسكب إنسكاباً، ودون أن تتشتت فائضة، ودون أن تستولي على اليابسة.. وخلق حيواناتها المنتظمة المتنوعة وجواهرها من رملها البسيط ومائها البسيط.. وإدارة أرزاق تلك المخلوقات وسائر أمورها إدارة كلية تامة.. والقيام بتدبيرها وتطهير سطحها من جنائز غير محدودة لابد منها.. تشهد بإشارات بعدد موجوداتها على انك موجود وواجب الوجود..
وكما أنها تدلُ دلالة ظاهرة جلية على جلال سلطنة ربوبيتك، وعلى عظمة قدرتك المحيطة بكلّ شئ، فهي تدلُ كذلك على السّعة المطلقة لرحمتك ولحاكميتك اللّتين تهيمنان على كُلِ شئ، وتسعفان كل شئ، إبتداءً من النجوم الضخمة والمنتظمة في أعالي السَّموات الى الأسماك الصَّغيرة المنتظمة الإعاشة في أعماق البحَار، وتشير الى علمك المحيط بكلّ شئ والى حكمتك الشاملة لكل شئ؛ بانتظامها وبفوائدها وبحِكمها وبميزانها وبموزونيتها.
وإنَّ إيجاد حياض رحمة كهذه للإنسان القادم ضيفاً الى مضيف الدُنيا هذه، وتسخيرها لسيره وسياحته ولسفينتهِ ولمنافعهِ.. يشير الى أن الذي يُكرم ضيوفه في ليلة واحدةٍ، في دارِ إستراحةٍ شيدها َلهم على طريق سفرهم، بهذا الكَرَم العظيم من هدايا البحار وعطاياها.. لابد أنه قد أحضر في مقر سلطنته الأبدية بحار رحمة أبدية واسعة بحيث أن المشهودة منها هنا ليست إلاَّ نماذج فانية وصغيرة أمام تلك الأبدية..
وهكذا فإن وجُود البحار بهذا الطّراز الخارق وبوضعها العجِيب في أَطراف الأرض وإدارة مخلوقاتها والقيام بتربيتها في غاية الإنتظَام، يُظهر بداهة أن جميعها مسخرة في ملكك أنت، وبأمرك وبقوتك وبقدرتك وباَدارتك وبتدبيرك وحدك، فهي تقدّس خالقها بألسنة حالها هاتفة:
الله أكبر!!
الشعاع الثالث - ص: 56
يَا قَادر ياذا الجَلالِ!
يَامن جعل الجبال أوتاداً ذات خزائن لسفينة الأرض!
لقد علمت بتعليم الرَسُولِ الأَكرَم صلى الله عليه وسلم وبدرس قرآنك الحكيم أنه:
مثلما البحارُ تعرفك وتُعرّفك بعجائبها وغرائبها،كذلك الجبالِ تعرفك وتعرّفك؛ بخدماتها وبحكمها؛ بتأمين سكون الأرض من تأثير الزلازل ودمارها، وبتهدئةِ الأرض من غوائل الإنقلابات الجارية في جوفهَا، وبإنقاذ الأرض من فيضاِن البحار وطغيان عوارمها، وبتصفية الهواء من الغازات المضرة، وبمحافظتها المياه وضمان إدّخارها، وبخزنها المعادن المستلزمة لحاجات الأحياء.
نعم، فما من نوع من أنواع الصُّخُورِ التي في الجبال، ولا ِ قسم من اقسام المواد التي هي علاجات لمختلفِ الأمراض والعاهات، ولاجنس من أجناس المعادن الْـمتنوِّعة جداً والتي تلزم الأحياء ولاسيما الإنسان، ولاصنف من أصناف النباتات المزينة بأزهارها الجبال وبأثمارها القفار.. إلاَّ وتشهد بداهة على وُجُوبِ وجود صانع ذي قدرة غير متناهية، وحكمة غير متناهية ورحمة غير متناهية وكرم غير متناه؛ بما فيها من الحكم والإنتظام وحُسن الخلقة والفوائد، مما لايمكن نسبتها الى المصادفة.. وبما فيها من الإختلاف الشديد في المذاقات، رغم التشابه الظاهري - وبخاصة في المعدنيات كالملح وملح الليمون والسُلفات والشب - ولاسيما النباتات، بأنواعها المتباينة العديدة الناشئة من تُراب بسيط وبأزهارها وأثمارها المتنوّعة. فضلاً عن أنها تشهد على وحدة الصانع وعلى أحديته؛ بما في هيئتها العامة من وحدة الإدارة ووحدة التدبير ووحدة المنشأ والمسكن والخلق، والتساوي في الإتقان، مع الرخص واليسر والوفرة والسرعة في الخلقة.
وكذا فإنَّ خلق كُلّ نوع من أنواع المصنوعات الموجودة على سطح الجبال وفي جوفها، المنتشرة في كُلّ جهة من جهات الأرض، وإيجادها في آن واحد وبنمط واحد بلا خطأ وبلا اختلاط، رغم التداخل ضمن سائر الانواع، في غاية الكمال والسُرعة ومن دون أن يُشغلك فعلٌ عن فعلٍ.. يدلُ على هيبة ربوبيتك وعلى عظمة قدرتك التي لا يعجزها شئ.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الثالث


الشعاع الثالث - ص: 57
وكذا فان ملء سطوح الجبال بالأشجار والنباتات وبطونها بالمعادن المنتظمة وتسخيرها تلبية لحاجات الأحياء كافة، تسخيراً يضمن حتى أمراضها المتنوّعة، بل أذواقها المختلفة، ويشبع شهياتها المتباينة.. يدلُ على السعة المُطلقة لرحمتك وعلى الوسعة غير المُتناهية لحاكميتك.
وكذا إحضار كل ما هوَ خَفيٌّ ومُختلط، وفي ظلمة طبقات التراب، إحضاراً مُنتظماً بعلم وببصيرة ودون حيرة وحسب الحاجة.. يدلُ على إحاطة علمك المُتعلّق بكلِ شئ، وعلى حكمتك المُنتظمة لكلّ شئ، وشمولها جميع الأشياء.
وكذا إحضار الأدوية وادّخار المواد المعدنية يشير بوضُوح ويدلُّ بجلاء على محاسن تدابير ربوبيتك الرحيمة والكريمة وعلى لطائف مُدخرات عنايتك.
وكذا جعل الجبال الشّوامخ مخازن إحتياطية مُنتظمة ومُستودعات مُكملة لكنوز ضرورية لحياة الضيوف القادمين الى مضيف الأرض ولسدِ حاجاتهم في المُستقبل.. يشير ويدل بل ويشهد على أنَّ صانعاً له هذا الكرم الواسع ومكرماً وحكيماً رؤوفاً، وقديراً ومربياً.. لابُدَّ له خزائن أبدية لآلائه الأبدية في عالم أبدي لأولئك المُسافرين الضُيوف المحبوبين عنده.. فتقوم النجوم هناك بمهمة ما تقوم الجبال بها هاهنا.
يَا قَادِرُ على كلِّ شئ!
إنَّ الجبال وما فيهَا من المخلوقات .. مسخّرات ومُدخرات في ملكك أنت، وبقوتك وقدرتك أنت وبعلمك وحكمتك أنت. إنها تسبّحُ وتقدّس لفاطرها الذي وظفها وسخَّرها على هذه الصورة.

يا خالِقُ ويا رحمنُ!
ويَا رَبُّ ويا رحيمُ!
لقد علمت بتعليم الرَسُول الأكرم صلى الله عليه وسلم وبدرس القُرآن الحكِيم أنه:
مثلما السَّماء والفضاء والأرض والبحر والجبل تعرفك وتُعَرِّفك بما فيها وبمخلوقاتها، كذلك جميعُ الأشجار والنباتات في الأرض تعرفك وتعرِّفك - بدرجة البداهة -
الشعاع الثالث - ص: 58
بأوراقها وأزهارها وأثمارها.. فكلُّ ورقة من أوراق الأشجار والنباتات المُهتزّة بجذبات الذّكر وشوقه.. وكلُّ زهرة من الأزهار الواصفة والمُعَرفة بزينتها لأسماء صانعها.. وكلُّ ثمرة من الأثمار المُتبسِمة من لطافتها بتجلي الرَّحمة فيها.. تشهد كلُها؛ بالنظام الذي في صنعتها الخارقة، وبالميزان الذي في النظام، وبالزّينة التي في الميزان، وبالنقوش الموجودة في الزينة، وبالعبق الطيب المتنَوع المَمزوج بالنقوش، وبالطعوم المُختلفة في العبق الفوّاح للأثمار.. شهادة بدرجة البداهة لايمكن نسبتها الى المَُصادفة على وُجُوبِ وجودِ صانع لانهاية لرحمته ولانهاية لكرمه.
فكما أنَّ الأمر هكذا في كلّ فرد، فكلُّ الأشجار والنباتات معاً تشهد كذلك بالبداهة على وحدة ذلك الصَّانع الواجب وجوده وعلى أحديته؛ بوحدتها وإتفاقها ومعيتها على سطح الأرض كافة وبتشابهها على سكة الخلقة وبارتباطها في التدبير والادارة وبتوافقها فيما يتعلق بها من أفعال الإيجاد والأسماء الربانية وبادارة الأفراد غير المَحدودة لمائة ألف نوع مع تداخلها إدارةً مباشرة دون حيرة ولاخطأ.
وكذا مثلما يشهد أولئك على وجوبِ وجودِكَ وعلى وحدتكَ، فإن إعاشة وإدارة أفراد غير محدودة لجحفل الأحياء من الجيش الهائل المتشكل من أربعمائة ألف من الأمم على وجه الأرض إدارة بكمال الإتقان وبمئات الآلافِ من أنماط الأعاشة والادارة التي تتم بكمال الإنتظام دون سهو ولاخلط.. تدلُ على جلال ربوبيتك وهيبتها فى وحدانيتك، وعلى عظمة قدرتك التي تخلق الربيع بيُسر إيجاد زهرة وتعلقها بكلّ شئ، وتدلُ قطعاً على سعة رحمتك المُطلقة التي تهئ أقسام الأطعمة المُتنوعة المُختلفة وغير المحدودة وتحضرها لحيوانات غير محدودة وللإنسان في كلِ جهةٍ من جهات هذه الأرض الضخمة.
وان جريان تلك الامور والإنعامات وأشكال الإدارة وأنواع الإعاشة والإجراءات غير المحدودة، بكمال الإنتظام، وإنقياد كلّ شئ وخضوعه حتى الذرات لتلك الأوامر والإجراءات.. تدلُ دلالة قاطعة على السعة المطلقة لحاكميتك.
وإن عمل كلّ شئ لكلّ ورقة وزهرة وثمرة، ولكل جذر وغصن وفرع، من تلك الأشجار والنباتات، عملا بعلم وبصيرة وفق ماتقتضيه الفوائد والمصالح والحِكَم..
الشعاع الثالث - ص: 59
يدلُ على إحاطة علمك بكلّ شئ، وشمول حكمتك لكل شئ، دلالة ظاهرة جلية وتشير إليهما بأصابعها التى لاتحد. وإنها تحمد وتثني بألسنتها غير المحدودة على جمال صنعتك وهي في منتهى الكمال، وعلى كمال نعمتك وهي في منتهى الجمال.
وكذا فان هذه الإحسانات الثمينة والنّعم القيّمَة العميمة، وهذه المصارف والإكرامات التى تفوق الحد، تصلنا بأيادي الأشجار والنباتات في هذه الدَار المُؤقتة والمضيف الفاني، وفي زمن قصير وعمر قليل، تشير بل تشهد على أن الرَحيم ذا القدرة والكرم الذي ساق هنا لضيوفه كلّ هذه الرَحمة.. لابُد انه قد أعد أشجاراً مثمرة ونباتات مزهرة خالدة بما يليق بالجنة الخالدة في عالم خالد في مملكة خالدة لعباده الذين سيخلدهم أبد الآبدين.. لكي يحول دون انقلاب نتائج مصاريفه وآلائه التي صرفها للتَودد والتَعرُف الى ضدّها - أي لئلا تقول جميعُ الخلائق: لقد أذاقنا تلك النعم وأعدمنا قبل ان نتناولها - ولكي يحول دون إسقاِط هيبة ألوهيته، ودون إنكار سعة رحمته، ودون تحوُّل جميع أحبته المُشتاقين إليه أعداءً بحرمانهم.. أجل لقد أَحضرها من خزائن الرحمة الخالدة وفي جناته الخالدة. وما التي ها هنا إلاّ نماذج عرض للزبائن فحسب.
وكما أن الأشجار والنباتات كافة تقدّسُك وتسبحك وتحمدك بكلمات أوراقها وأزهارها وأثمارها، كذلك كلُ كلمة من تلك الكلمات بحدّ ذاتها تقدّسُك أيضاً، وبخاصة خلق الأثمار خلقاً بديعاً ولبابها المتنوّعة، وصنعتها العجيبة وبذورها الخارقة، وإيداع صحاف الطعام تلك الى أيدي الأشجار ووضعها على رؤوس النباتات وارسالها هكذا الى ضيوفه الأحياء مما يجعل تسبيحات ألسنة حالاتها ظاهرة وجلية تبلغ درجة لسان المقال..
فجميع اولئك مسخرات في ملكك أنت، وبقوتك وقدرتك أنت، وبإرادتك وإحساناتك أنت، وبرحمتك وحكمتك أنت، وإنها منقادة مطيعة لكل أمر صادر منك.
فيامن اختفى بشدة الظهور! ويامن احتجب بعظمة الكبرياء! ياصانعُ، يَاحكِيمُ! يَاخَالِقُ يَارحِيمُ!
الشعاع الثالث - ص: 60
إني أحمدك وأثني عليك مُقدِّساً إياك من القصور والعجز والشريك، بألسنة جَميع الأشجار والنباتات وجميع الأوراق والأزهار والأثمار وبعددها.

يَا فَاطِرُ يَا قَادِرُ!
يَا مُدبِّرُ يَا حَكِيمُ!
يَا مُرَبِّي يَا رَحيمُ!
لقد علمت بتعليم الرَسُولِ الأكرَم صلى الله عليه وسلم وبدرس القُرآن الحكيم وآمنت بأنه:
كما أن النباتات والأشجار تعرفك وتُعلم صفاتك القدسية وأسماءك الحسنى، فليس في الأحياء المالكة للرُوح كالإنسان والحيوانات من فرد لايشهد على وُجوبِ وُجُودِكَ، وعلى تحقق صفاتك؛ باعضاء جسمه الداخِلية منها والخارجية، العاملة والمساقة الى العمل - كالساعَاتِ المنتظمة - وبآلاته وحواسه الموضوعة في بدنه بنظام في منتهى الدّقة وبميزان في مُنتهى الحَساسية وبفوائد ذات أهمية، وبأجهزته البدنية المخلوقة في غاية الإتقان، والمفروشة في غاية الحكمة والموضوعة في غاية الموازنة.. لان هذه الصنعة الدّقيقة ببصيرة، والحكمة اللطيفة بشعور، والموازنة التامّة بتدبير لايمكن أن تتدخل فيها القوة الَعمياء ولا الطبيعة الصماء ولا المُصادفة العشواء، فلايمكِن أن تكون هذه الأمور من أعمالها.. أما تشكـلها بنفسها فهو محال في مائة محال؛ لانه ينبغي أن تعرف كلُ ذرَة من ذراتها وترى وتعمل كل مايخص تركيب جسَدِهَا، بل كل شئ يتعلق بها في الدنيا، فتملك علماً وقدرةً محيطين كأنها إله، ثم يمكن ان يحال تشكيل الجسد اليها ويقال انها تشكلت بنفسها!!.
وكذا ليست هناك كيفية للأحياء عامة؛ مِن وحدة التدبير، ووحدة الإدارة، ووحدة النوع، ووحدة الجنس، ووحدة سكة الفطرة - المشاهدة إتفاقها في أوجهها عامة من عين وأذن وفم وغيرها - ومن الإتحاد في سكة الحكمة - الظاهرة في سيماء كل فرد من أفراد النوع الواحد، ومن المعية في الإعاشة والايجاد مع تداخل بعضها في
الشعاع الثالث - ص: 61
بعض.. إلاَّ وتتضمن شهادة قاطعة على وحدتك، وإشارة الى أحديتك في الواحدية، بما يملك كلُّ فرد من أفرادها من تجليات جميع الأسماء الناظرة الى الكون.
وكذا فكما أن تسخير مئات الآلافِ من انواع الحيوانات المنتشرة مع الأنسان على وجه البسيطة كافة وتجهيزها وتدريبها وجعلها مطيعة ومسخرة كأنها جيش منظم، وجريان أوامر الربوبية فيها بانتظام بالغ يدل على درجة جلال ربوبيتك تلك، فإن القيمة الغالية لتلك المخلوقات مع أنها في غاية الكثرة، وإيجادها في منتهى السرعة مع أنها في غاية الكمال، وخلقها في منتهى السهولة مع أنها في غاية الإتقان.. يدل دلالة قاطعة على عظمة قدرتك.
وكذا إيصال أرزاق تلك المخلوقات المنبثة في أقاصي الشرق والغرب والشمال والجنوب إبتداءً من أصغر ميكروب وإنتهاءً بأضخم حيوان، ومن أصغر حشرة الى أضخم طير.. يدل على سعة رحمتك المُطلقة.
وكذا تحول وجه الأرض كل ربيع الى معسكر لتلك المَخلوقات بدلاً من تلك التي أنهيت خدماتها في الخريف واداء كل منها مهمتها الفطرية كأنها جنديٌّ مطيع يستنفر من جديد.. يدل دلالة قاطعة على سعة حاكميتك المُطلقة.
وكذا فكما أن كل حيوان يشير إشارات بعدد الحيوانات الى إحاطة علمك بكل شئ، وشُمُول حكمتك لكل شئ.. بخلقها كنسخة مصغرة للكائنات، بعلم في غاية العمق، وحكمة في غاية الدّقَة، بلا خلط بين الأجزاء المُختلطة، وبلا تحير بين الصور المتباينة للحيوانات كافة، وبلا خطأ ولاسهو ولانقص.. فإن خلق كل منها كذلك خلقاً في روعة الإتقان والجمال، مما يجعله معجزة في الصنعة وخارقة في الحكمة.. يشير الى كمال حسن صنعتك الربانية، والى غاية جمالها. تلك الصّنعة التي تحبها وترغب في عرضها ونشرها.
وكذا تربية كل منها وبخاصة الصغار تربية في غاية الرقة واللطف، وتلبية جميع رغباتها وآمالها.. تشِير إشاراتٍ غير محدودة الى الجمال الرائع لعنايتك.
الشعاع الثالث - ص: 62
يَا رَحْمنُ يَا رَحِيمُ!
يَا صَادِقَ الوَعْد الأمِين!
يَا مَالك يوم الدِّينِ!
لقد علمت بتعليم رسولك الأكرم صلى الله عليه وسلم وبإرشاد قرآنك الحكيم أنه:
ما دامت الحياة اعظم نتيجة منتخبة من الكون، والروح هي الخلاصة المُختارة من الحياة، واولو المشاعر هم النتيجة الخالصة من بين اقسام ذوي الأرواح، والإنسان هو أجمع أولي المـشاعر، وجميع الكائنات بدورها مسخرة وساعية لأجل الحياة، وذوو الحياة مسخرون لذوي الأرواح وقد بعثوا الى الدنيا لأَجلهم، وذوو الأَرواح مسَخرونَ للإنسَان وفي عونه دائماً، والناس يحبون خالقهم محبة خالصة بفطرتهم، وخالقهم يحبهم ويحـبب نفسه اليهم بكل وسيلة، واستعداد الإنسان وأجهزته المعنوية تتطلع الى عالم آخر باق والى حياة أُخرى أبدية، وان قلبه وشعوره ليطلبان البقاء ويتوقان إليه، وان لسانه ليتوسل الى خالقه بأدعية غير محدودة طالباً البقاء.. فلايمكن مطلقاً إغضاب الناس المُحبّين المحبوبين وإسخاطهم بعداوة أبدية بعدم بعثهم بعد إماتتهم، وهم قد خلقوا أصلاً لمحبة خالدة وأُرسِلوا الى هذه الدنيا بحكمة لنيل عيش سعيد في عالم أبدي آخر.
ثم إن الأسماء الحسنى المُتجلية على الإنسان تشير الى أن الذي هُو مرآة عاكسة لتجليات تلك الأسماء في هذه الحياة القصيرة الفانية سيحظى بتجلّياتها الأبدية في عالم البقاء. نعم إن الخليل الصَّادق للخالد يكون خالداً، وأن المرآة الشاعرة للباقي يستلزم بقاءها. وكما يفهم من الرّوايات الصحيحة: أن أرواح الحيوانات ستبقى دائمة، وأن أرواح بعض أفراد خاصة من الحيوانات ستمضي الى عالم البقاء مع أجسادها؛ كهدهد ونمل سليمان عليه السّلام، وناقة صالح عليه السَلام، وكلب أصحاب الكهف 1، وأنَ كل نوع منها سيتجسّد بجسد لإستعماله أحياناً.. فالحكمة والحقيقة، وكذا الرحمة والرّبوبية تقتضي كلها ذلك.

_____________________
1 روي انه يدخل الجنة مع المؤمنين على ماقال مقاتل: عشرة من الحيوانات تدخل الجنة ناقة صالح وعجل ابراهيم وكبش اسماعيل وبقرة موسى وحوت يونس وحمار عزير ونملة سليمان وهدهد بلقيس وكلب اصحاب الكهف وناقة محمد صلى الله عليه وسلم فكلهم يصيرون على صورة كبش ويدخلون الجنة (ذكره فى مشكاة الانوار) انظر تفسير روح البيان 5/226 للبروسوي و تفسير القرطبى 1/372 ، - المترجم.

الشعاع الثالث - ص: 63
يَا قَديرُ يَا قيومُ!!
إن جميع ذوي الحياة وذوي الأرواح وذوي الشُعور قد وظّفوا بوظائف فطرية فى ملكك انت، وسخروا لأوامر ربوبيتك أنت، وبقُوتك وقُدرتك وحدك، وبارادتك وتدبيرك ورحمتك وحكمتك.
وإن قسماً منها قد سُخّرت وذللت للإنسان من لدن رحمتك، لابقوّته وغلبته بل لضعفه وعَجزه فطرة. فكلُّ حيوان يؤدي عبادته الخاصّة به، بلسان الحال والمقال مُسبِّحاً خالقه وبارءه ومعبُوده مُقدّساً إيّاه من القصور والشّرك حامداً شاكراً لأنعمه وآلائِهِ.
سُبحانَك يَامن اختفى بشدة الظُهُور! سُبحانكَ يَامن احتجب بعظمة الكبرياء!
إنّي أُقدّسُك بتسبيحات جميع ذوي الأرواح مُنادياً: سُبحانك.. يَامن جَعل من الماء كُلَّ شئ حيّ..

يَا رَبَّ العالمين!
يَا إله الأولين والآخِرين!
يَا رَبَّ السَّمواتِ والأرضين!
لقد علمتُ بتعليم الرّسُولِ الأكرم صلى الله عليه وسلم وبدرس القُرآن الحكيم وآمنت أنه:
مثلما السَّمَاء والفضاء والأرض والبر والبحر والشَّجر والنبات والحيوان.. تَعرفُك بأفرادها وأجزائها وذراتها، وتشهد على وُجودِكَ وعلى وَحدتك، وتدلُ عليهما وتشير، فان الأنبياء والأولياء والاصفياء الذين هم خلاصة نوع الإنسان الذي هو خلاصة ذوي الحياة الذين هم خلاصة الكون، يشهدون ويخبرون بوجوب وجودك ووحدانيَتك وأحدِيتك، اخباراً قاطعاً بقوة مئات الأجماع ومئات التواتر المُستندة الى مُشاهدات قلوبهم وعقولهم وكشفياتها وإلهاماتها واستخراجاتها وبقطعيتها، ويثبتون إخباراتهم بمعجزاتِهِم وكراماتهم وبراهينهم اليقينية. نعم، ليست في القلوب خاطرة غيبية تومئ الى الذات المُخبرة بها فى ستار الغيب.. وليس فيها إلهام صادق يوجب
الشعاع الثالث - ص: 64
الرؤية الى الذات المُلهمة فيها.. وليست فيها عقيدة يقينية تكشف عن صفاتك القدسية وأسمائك الحُسنى كشفاً بحقّ اليقين... وليس في الأنبياء والأولياء قلب نوراني يشاهد أنوار واجب الوُجُود بعين اليقين.. وليس في الأصفياء والصدّيقين عقل منور يصدّق آيات وجوب وجود خالق لكل شئ ويثبت براهين وحدته بعلم اليقين.. إلاّ ويشهد شهادة، ويملك دلالة، ويعرض إشارة على وُجُوبِ وجودِكَ وعلى صفاتك المُقدسة وعلى وحدتك وعلى أحديتك وعلى أسمائك الحُسنى...
وليست هناك معجزة من المُعجزات الباهرة المُصدّقة لأخبار سيد جميع الأنبياء والأولياء والأصفياء والصديقين ورئيسهم وخلاصتهم ذلك الرسُولُ الأكرم صلى الله عليه وسلم ولاحقيقة من حقائقه السَّامية المُظهرة لحقانيته، ولا آية من آيات التوحيد القاطعة للقرآن المُعجز البيان الذي يلخص جميع الكتب المُقدسة الحقة، ولامسألة إيمانية من مسائله القدسية.. إلاّ وتشهد شهادة، وتملك دلالة، وتعرض إشارة على وجوبِ وجودِكَ وعلى صفاتك المقدسة وعلى وحدتك وعلى أحديتك وعلى اسمائِك الحُسنى وعلى صفاتك الجليلة.
ومثلما يشهد جميع اولئك المُخبرين الصَّادقين الذين يعدون بمئات الآلافِ، مستندين الى معجزاتهم وكراماتهم وحججهم، على وُجُودِكَ وعلى وحدانيتك.. فإنهم يخبرون - ويثبتون بالإجماع والإتفاق - عن مدى عظمة جلال ربوبيتك الجارية إبتداءً من إدارة الأمُوُر الكلية للعرش الأعظم المُحيط بكل شئ، الى معرفة أخفى الخلجات والخواطر الجُزئية للقلب وسرائره وآماله وأدعيته والإستماع إليه وإدارته.. ويعلنون مدى عظمة قدرتك التي توجد الأشياء المُختلفة غير المحدودة - أمام أعيننا - دفعة واحدة، وتخلق أكبر شئ بسهولة خلق أصغر حشرة، دون أن يمنع فعل فعلاً.
ومثلما أنهم يخبرون - ويثبتون ذلك بمعجزاتِهم وحججهم - عن سعة رحمتك المُطلقة التي صيرت الكون في حُكم قصر منيف لذوي الأرواح وبخاصة للإنسان، والتي أعدت الجنة والسعادة الأبدية للجن والأنس، والتي لاتنسى مطلقاً أصغر كائن حي وتسعى لتطمين وتلطيف أعجز قلب..وعن سعة حاكميتك المُطلقة التي تسخر وتوظف وتخضع لأوامرها جميع أنواع المخلوقات من الذرات الى السيارات.. فانهم يشهدون ويدلون ويشيرون كذلك - بالاجماع والإتفاق - الى إحاطة علمك المُحيط
الشعاع الثالث - ص: 65
بكل شئ الذي جعل الكون بحكم كتاب كبير يضم رسائل بعدد أجزائه، والذي سجل جميع حوادث الموجودات في "إمام مبين" وفي "كتاب مبين" وهما سجلا "اللوح المحفوظ" والذي أودع البذور فهارس الأشجار ومناهجها كافة، والذي أملى في جميع القوى الحافظة في رؤوس أولي المشاعر تواريخ حياتهم بانتظام ودون خطأ .. ويشهدون كذلك على شمول حكمتك المُقدسة كل شئ، التي قلدت كل موجود حكماً كثيرة جداً، حتى أنها اعطت بما تمدُّ كل شجرة نتائج بعدد أثمارها، والتي أردفت في كل ذي حياة مصالح بعدد أعضائه، بل بعدد أجزائه وخلاياه، حتى أنها مع توظيفها لسان الإنسان بوظائف عدة فقد جهزه أيضاً بموازين ذوقية بعدد أذواق الأطعمة. وهم يشهدون أيضاً على إستمرار تجليات الأسماء الجلالية والجمالية - الظاهرة آثارها في هذه الدنيا - ودوامها بأسطع صورة وأبهرها في أبد الآباد، وعلى استمرار آلائك المُشاهدة أمثالها في هذه الدُنيا الفانية وبقائها اكثر بهاء ولمعاناً في دار السعادة، وعلى موافقتها المُشتاقين الذين حظوا بها في هذه الدنيا ومصاحبتها لهم في الخلود.
فالرَّسُولُ الأكرم صلى الله عليه وسلم - في المُقدمة - مستنداً الى مئات من معجزاته الباهرة، والقرآن الكريم مستنداً الى آياته الجازمة، ثم جميع الأنبياء عليهم السلام وهم ذوو الأرواح النيرة، وجميع الأولياء وهم أقطاب ذوي القلوب النورانية، وجميع الأصفياء وهم أرباب العقول المُنورة.. يبشرون الجن والأنس بالسعادة الأبدية وينذرون الضالين بجهنم - وهم يؤمنون بهذا ويشهدون عليه - إستناداً الى ماذكرته مراراً وتكراراً من الوعد والوعيد في جميع الكتب السماوية والصحف المُقدسة، وإعتماداً على صفاتك وشؤونك القُدسية كالقدرة والرحمة والعناية والحكمة والجلال والجمال، ووثوقاً بعزة جلالك وسلطان ربوبيتك، ويبشرون بكشفياتهم ومشاهداتهم وبعقيدتهم الراسخة بعلم اليقين.
يَا قَادرُ يَا حَكيمُ! يَا رَحمَنُ يَا رَحيمُ! يَا صَادِقَ الوَعدِ الكريم! يَا قَهَّارُ يَاذا الجَلالِ ويَاذا العِزَّةِ وَالعَظمَةِ والجَلالِ!..
إنك مقدس مطلق، وأنت متعال منزّه مطلق عن أن توصِم بالكذب كلَّ هذا العدد من أوليائك الصادقين ووعودك العديدة وصفاتك الجليلة وشؤونك المُقدسة..
الشعاع الثالث - ص: 66
فتحجب ما تقتضيه جازماً سلطنة ربوبيتك، وترد مالايحد من أدعية ودعوات صادرة مما لايعد من عبادك المقبولين الذين أحببتهم وأحبوك وحببوا أنفسهم إليك بالإيمان والتصديق والطاعة... فأنت منزّه، وأنت متعال مطلق مستغن عن تصديق أهل الضلالة والكفر الذين يتعرضون لعظمة كبريائك في إنكارهم الحشر، ويتسببون في التجاوز على عزة جلالك ويمسون هيبة ألوهيتك ورأفة ربوبيتك بكفرهم وعصيانهم وبتكذيبهم إياك في وعدك.
فأنا أقدس عدالتك وجمالك ورحمتك غير المُتناهية - بلا حد ولانهاية - وأنزهها عن هذا الظلم والقبح غير المتناهيين وأرغب أن أتلو بعدد ذرات وجودي الآية الكريمة: (سُبحَانه وتعالى عما يقولونَ علُوّاً كبيراً) (الاسراء: 43). بل إن رسلك الصادقين - أولئك الذين هم دعاة سلطنتك الحقيقيون - يشهدون ويبشرون ويشيرون بحق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين الى خزائن رحمتك الأخروية وكنوز آلائك في عالم البقاء، وتكشف تجليات أسمائك الحُسنى تجلياً تاماً خارقاً في دار السعادة، ويرشدون عبادك المُؤمنين بأن أعظم شعاع لإسم "الحقّ" الذي هو مرجع جميع الحقائق وشمسها وحاميها هو: حقيقة الحشر الكبرى.
يَا رَبَّ الأنبياء والصديقين!.
إن أولئك جميعاً مسخرون وموظفون في ملكك أنت، وبأمرك وقدرتك أنت، وبأرادتك وتدبيرك أنت، وبعلمك وحكمتك أنت.. وقد أظهروا الكرة الأرضية بالتقديس والتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل في حكم أعظم مكان للذكر وأبرزوا الكون في حكم اكبر مسجد للعبادة.
يَاربي! وَيَارَبَّ السَّمواتِ والأرضين!
يَا خَالِقي! وَيا خَالِقَ كل شئ!
بحق قدرتك وإرادتك وحكمتك وحاكميتك ورحمتك التي سخرت بها السّمَوات بنجومها، والأرض بمشتملاتها، وجميع المخلوقات بجميع كيفياتها وانواعها:
الشعاع الثالث - ص: 67
سَخّر لي نفسي..
وسخّر لي مطلوبي..
وسخّر قلوب الناس لـ"رسائل النور" ليخدموا القرآن والإيمان..
وهب لي ولإخواني إيماناً كاملاً وحسن الخاتمة.
وكما سخرت البحر لموسى عليه السّلام..
وسخرت النار لإبراهيم عليه السلام..
وسخرت الجبَالَ والحديد لداوُد عليه السلام..
وسخرت الأنس والجن لسليمان عليه السلام..
وسخرت الشّمس والقمر لمحمدٍ عليه الصلاةُ والسلام..
سخّر القلوب والعقول لـ"رسائل النور".
واحفظني واحفظ طلبة رسائل النور من شرّ النفس والشيطان ومن عذاب القبر ومن نار جهنم. وأسعدنا في فردوس الجنة.
آمين، آمين، آمين.
(سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إلاّ مَا عَلّمْتَنَا إنّكَ أنْتَ العَليمُ الحَكيمُ)
(وآخِرُ دَعواهُم أنِ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْنَ)

إن هذا الدرس الذي اقتبسته من القرآن الكريم ومن الجوشن الكبير 1 - الذي هو مناجاة نبوية - أعرضها على باب ربي الرحيم عبادة فكرية. فإن كان قد بدر مني تقصير فإني ألوذ برحمته مستشفعاً القرآن الكريم والجوشن الكبير راجياً العفو عن تقصيري.
سعيد النورسي

_____________________
1 الجوشن: يعني الدرع الذي يستعمل للصدر. وهو مناجاة نبوية رائعة برواية الامام زين العابدين رضي الله عنه. يتضمن هذا الدعاء الاسماء الالهية والصفات الجليلة، وبين كل مقطع وآخر: (سبحانك يا لااله الا أنت الامان الامان اجرنا من النار. . . خلصنا من النار. . . نجنا من النار) - المترجم.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشعاعات - الشعاع الثالث عشر عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 5 04-06-2011 03:41 PM
الشعاعات - الشعاع السابع عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 8 04-06-2011 03:13 PM
الشعاعات - الشعاع السادس عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-06-2011 02:55 PM
الشعاعات - الشعاع الخامس عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-06-2011 02:51 PM
الشعاعات - الشعاع الرابع عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 04-06-2011 02:45 PM


الساعة الآن 07:09 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir