المجاذيب (الدامر)
ينتسب المجاذيب إلى الجعليين وجدهم هو الشيخ محمد المجذوب الكبير بن أحمد بن علي بن حمد ضمين الدامر بن عبد الله بن محمد بن الحاج عيسى بن قنديل الجعلي بن حمد بن عبد العال بن عرمان بن ضواب بن غانم بن حميدان بن صبح بن مسمار بن سرار بن حسن بن محمد ادريس بن قضاعة بن عبد الله حرقان بن مسروق بن أحمد بن إبراهيم جعل المتصل نسبه بالعباس رضي الله عنه.
كان المجاذيب من قبل ينسبون للطريقة القادرية إلى أن جاء الشيخ حمد أبودقن المشهور بحمد الصغير بن محمد المجذوب الكبير فأخذ الطريقة الشاذلية على الدراوي وكان الشيخ حمد قد درس عند الغبش في بربر وهكذا تأسست الطريقة المجذوبية الشاذلية وكان ذلك عام 1776م ثم تجددت الطريقة بعده على يد حفيده محمد المجذوب الصغير بن قمر الدين الذي ولد عام 1796م وتوفي عام 1832م.
الشيخ الطاهر المجذوب:
أصبح الشيخ الطاهر المجذوب خليفة لعمه محمد المجذوب الصغير في سواكن وتزوج من بنت الشريف أبوبكر بن يوسف أحد علماء سواكن الأعلام من قبيلة الأرتيقا الشقلي.
الشيخ محمد المجذوب بن الشيخ الطاهر :
ولد بسواكن عام 1842م وتلقى العلم على يد والده ثم طلب الفقه على يد الشيخ محمد مدني السواكني وفي عام 1297هجري توجه للأراضي المقدسة حاجا وتلقى العلم هناك على يد الشيخ علي باصيري والعلامة السيد أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية وتتلمذ بالمدينة على يد العلامة الاشراقي وأب خضير.
أعقب الفكي حمد أبودقن بن محمد المجذوب الكبير ثمانية عشرة وهم:
- الفكي عبد الله النقر
- أحمد أب جدري
- رقية
- المدني
- الطيب
- التهامي
- قمر الدين (والد الشيخ الطاهر المجذوب)
- الطاهر
- علي
- الصادق
- الأمين
- الأزرق
- الأحمر
- منصور
- المكي
- القرشي
- مصطفى
- محمد المشهور براجل السفينة
عقب هؤلاء هم المجاذيب ومن ليس من عقبهم ليس مجذوبيا. ( نقلا عن موقع الأشراف للفائدة)
انتقل المجاذيب من بلدة درَو - قرية الشعديناب الحالية - إلى مدينة الدامر الحالية ويقول المؤرخ بركهرت أن لمدينة الدامر شهرة كبيرة في هذه المنطقة وأن سكانها لطفاء يرحبون بالغريب وهم أفضل من جيرانهم في مدينة بربر. وقد اشتهرت مدينة الدامر بسوقها يحث يردها الكثير من القبائل والمزارعون لبيع انتاجهم وشراء ما يحتاجون إليه من سلع وكانت عكس مدن شندي ، قوز رجب ، بربر ودنقلا سوقاً محلية لا علاقة لها بالأسواق الخارجية أوجد بلدة الدامر التي أصبحت مدينة كبيرة حوالي عام 873هـ أي قبل دولة سلاطين الفونج التي وجدت حوالي عام 910هـ حمد بن عبد الله وبني بها المساجد والمدارس فأصبحت بالإضافة إلى مكانتها التجارية مدينة للعلم وملجأ لأهل التصوف لسبب الأمن الذي كان سائداً فيها.
كان المجاذيب الذين قدموا إلى مدينة الدامر أثرياء وأصحاب أملاك شاسعة وفي الوقت نفسه كانوا علما دين وفقهاء تثق بهم العامة وتلوذ إليهم طلباً للمساعدة سوءاً كانت مادية أو معنوية.
المصدر:
سليمان سليم علم الدين- (التصوف الإسلامي) تاريخ، عقائد وطرق، أعلام – نوفل بيروت.
ذكرى الشيخ المجذوب
درج كثير من الناس في الدول الإسلامية على أحياء ذكرى الأولياء والصالحين وتلاوة مناقبهم وسيرهم.
وفي هذه الأيام تحتفل الطرق الصوفية في السودان وخصوصا الطريقة المجذوبية الشاذلية بذكرى الولي القطب العارف بالله سيدي الشيخ محمد المجذوب بن قمر الدين رضي الله عنه في يوم الخميس التاسع والعشرين من محرم 1429هجرية الموافق 2008/1/7 بفناء ضريحه بالدامر التي تشرفت بان يقترن اسمها على هذا الشيخ الجليل فيقال دامر المجذوب والذي سمي كثير من الناس باسمه داخل السودان وخارجه في عدد من الدول العربية المغرب والشام تيمنا وتبركا بهذا الولي المشهود له بالكرامات ،حيث كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر عالما عاملا تقيا ونقيا وزاهدا ورعا وقبل ذلك محبا ومادحا للمصطفى صلى الله عليه وسلم.
اجتهد الشيخ محمد المجذوب في الطريق الشاذلي وألف مواداً تبع فيها نهج البرونجي ونظم قصائد في المدح والتوسل. وللشيخ محمد المجذوب الكثير من المؤلفات منها: رسالة المنسك الابهج في مشاعر العمرة والحج، وقد طبع هذا الكتاب لأول مرة في سنة 1332 هجرية وقد احتوى هذا الكتاب قصائد أخرى في هوامش للشيخ محمد المجذوب ، وأيضا رسالة الحزن والقبض، وبغية المريد السالك والوريقات النافعة، ورسالة في مصطلح الحديث، ورسالة في الحديث والمعجز الوجيز من أحاديث الرسول العزيز صلى الله عليه وسلم والشمائل الرمزية ، ورسالة السنة المحمدية في بيان القواعد الدينية ورسالة العقد الاسني ورسالة المظاهر الابليسية، ورسالة شمس نهار التجلي. وقد ذكر العلامة الشيخ مجذوب جلال الدين بمؤلف (أسنى المطالب في ذكرى المناقب) نقلا عن الشيخ محمد الطاهر المجذوب إن الشيخ المجذوب والدته من حضور المتمة وقد ولد بها وبعد أن شب وترعرع انتقل إلى بلده الدامر وعمره خمس سنوات وطن آبائه أئمة الدين الكرام، قرأ بمسجدها كتاب الله العزيز الحكيم وحفظه ولم يتجاوز التاسعة من عمره وتعلم ما يجب تعلمه من علوم الدين والتي اشتهرت الدامر بها وقد أجازه في التدريس شيخه وابن عمه الفقيه العلامة محمد الأزرق، الذي استوطن فيما بعد بالقضارف وهو جد الأزارقة هناك ونفع الله بعلومه كثيرا من العلماء الإعلام واخذ كذلك المجذوب من والده الفقيه قمر الدين الطريقة الشاذلية واشتغل بأورادها.
وللشيخ محمد المجذوب روائع شعرية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم نذكر منها رائعته المشهورة:
صببت دموعا يشهد الحزن إنها ++ أتت من فؤاد بالغرام متيم
وليس له من ذا التتيم مشرح ++ سوى أن يرى معشوقه ميسلم
يقول لي المعشوق لا تخش بعد ذا ++ حجابا ولا طردا فعهدي متمم
متى ما أردت القرب من فنادني ++ آلا يا رسول الله إني مغرم
أحييك من بعد واني جليس من ++ يحيى مشغول بذكرى مترجم
حلفت يمينا إن قلبا يحبكم ++ عليه عذاب النار قطعا محرم
فكيف بمن قد شافكم كل ساعة ++ فهذا يقينا في الجنان ينعم
سلام عليكم والسلام ينيلني ++ أكررها شهود للجمال ويلهم
لساني تحيات تليق بقدركم ++ أكررها في حبكم وأهمهم
سلام على رأس الرسول محمد ++ لرأس جليل بالجلال معمم
سلام على وجه الحبيب محمد ++ فيا نعم وجه بالضياء ملثم
سلام طوق النبي محمد ++ لطرف كحيل أدعج ومعلم
سلام على انف الحبيب محمد ++ لأنف عديل أنور ومقوم
سلام على خد الحبيب ++ لخد منير أسهل ومشمم
سلام على فم النبي محمد ++ لفم به دُرٌ نفيس منطم
بغير كلام الله والذكر والندا ++ لحضرة مولاه فلا يتكلم
سلام على عنق الحبيب محمد ++ لعنق سطيع نير ومبرم
سلام على صدر الحبيب محمد ++ لصدر وسيع بالعلوم مطمطم
سلام على قلب الحبيب محمد ++ لقلب بنور الله دوما مقيم
يشاهد رب العرش في كل لحظة++ وان ناقت العينان ما نام فاعلم
سلام على كف النبي محمد ++ كف رحيب كم يجود ويكرم
به كم فقير صار من بعد فقره ++ غنيا وكم طاغ به متضيم
سلام على قدم الحبيب محمد ++ به داس حجب للعز ذاك المقدم
به قام في المحراب لله قانتا ++ يناجي لرب العرش والناس نوم
ما زال هذا دأبه كل ليلة ++ إلى أن به بان الونا والتورم
سلام على ذات النبي محمد ++ فيا حسنها فيها الجمال متمم
سلام على كل النبي محمد ++ نبي عظيم بالجلال معطم
نبي لمولاه العلي عناية ++ به تبدُ إذا ما الخلق في الحشر يفعم
عليه لواء الحمد ينصب رفعة ++ ومن تحته الأنبياء والرسل يزحم
به كل عاص في القيامة لائذ ++ وكل محب فائز ومكلم
به يرتجي المجذوب ينجو بصحته++ بغير امتحان يا شفيع ويسلم
عليك صلاة الله ثم سلامه ++ يعمان كل الآل ها نحن نختم
=============
كما نظم الشيخ محمد المجذوب قصائد في المدح والتوسل منها:
لقد طال شوقي يا أمين لطيبة ++ أشخصها طولا وطورا ناظر
تذكرت يا خلي ليالي مبيتنا ++ بمسجدها والقوم باك وذاكر
تذكرت تردادي أخي بين روضة ++ وبين دكاك الزيق وهي أواخر
وان لها نورا إلى العرش ساطعا ++ تشاهده أبصارنا والبصائر
==========
وفي أسلوبه رضي الله عنه حلاوة فنجده يقول في المصطفى صلى الله عليه وسلم :
تعشقت فيه قبل أن اعرف الهوى ++ فلا تسألني من بعد ما صرت اعرف
أنوم به واستيقظ بحبه ++ ويعرفه قلبي ولبي والطرف
========
وقال رحمه الله:
أراك حزينا منك فاضت مدامع ++ امن نسمة هبت ام النور ساطع
وما لك مهما إن تذكرت جيرة ++ بشعب بني سعد جفتك المضاجع
=======
وقال الشيخ متحدثا بنعمة ربه الكريم الواهب شعرا:
صنعت خلوتي بالحب واصطف حولها ++ كبار رجال أباحوا بسكرة
ولي قصة في الحب لو حكيت على ++ فحول رجال لاستمالوا بقصتي
ولي جرعة في العشق لو طرحت علي ++ بحار ملاح لاستحالت عذوبة
ولي خلعة في الفضل لو نشرت على ++ جيوش صنوف من ألوف نعمت
وخوطبت في سري بسر كتمته ++ مخافة أن يؤتي بأكبر فتنة
مقامي مجهول علي لحكمة ++ تقاصر عنها فهم أرباب حكمة
ولكنني أشربت خمرة وصلهم ++ بكاسات ود هي على أديرت
ومنزلتي إن شاء ربي عليه ++ لديه بمحض الفضل لا با طاعة
نترجم عن كه وكم وكنه ++ وإنس وجن ثم إن وإن وإنه
عليه قرأت السبع أحرف منة ++ ومنه عرفت الحد والبطن منحة
وان صراطي قد سلكت بهديه ++ ومنه له الإحسان والحسن منه
وخضت لبحر للشريعة رائق ++ على بر نص من كتاب وسنه
وقابلني وجه الجلال تكرما ++ ولاحظني وجه الجلال لحفظتي
ومن لست أرجو أن أكون لحبه ++ فأهل محفوظ بأعلى عناية
فمنه له الحمد الجميل نيابة ++ من العبد مجذوب المقر بعجزه
أصلي به منه على حبه الذي ++ به نلت كل خير ونعمة
===========
وقال رضي الله عنه وأرضاه هذه الأبيات وهو غائب عن حسه مشاهد لجمال محبوبة مراقب لأنسه:
حضور إذ اغنيا وغيب حضورنا ++ وذا عجب فليعجب المتعجب
ويسجد للنور المقدس قلبنا ++ ويرفع إن أذن الجناب المحبب
وأعمالنا قلبية ونفوسنا ++ بعطر جناب الهاشمي تطيب
وأرواحنا عرشيه وأمورنا ++ بحضرة محبوب الإله مقرب
فلا تعجبوا فانا جميعنا ++ لدى الله عند الهاشمي مقرب
ومنه به فيه نغوص لجوهر ++ نفس على كل الأنام مغيب
شربنا بكأس الحب منه عشية ++ فها كلنا فيه يهيم ويطرب
فو الله لم تشهد سواه عيوننا ++ ولا قلبنا في غيره يتقلب
فنحن معاه وهو معنا حقيقة ++ على كل حال ذاك شرق ومغرب
يحدثنا في روعنا بعلومه ++ فتسمعها الأجزاء منا وتكتب
فسبحان من أعطى وسبحان من يعطي ++ عبيدا تراه في الخلائق يلعب
سقاه بكاس من لذيذ شرابه ++ فهيمه فيه سناء ومشرب
وانسه حتى استطاب بانسيه ++ فو الله ما أحلاه أنسا وأطيب
كساه ثياب الوصل ثوبا مطرزا ++ فما خوفه إلا ليقلي و يسلب
فحاشا جناب الأكرمين وحقه ++ حرام عليه أن يعود فيوهب
نصلي على نور الحقيقة احمد ++ صلاة ينال الآل منها ومصعب
==========
إن للشيخ محمد المجذوب رضي الله عنه شعرا صوفيا يمتاز بالروعة والتصوير والدقة والعذوبة وهذه لمحات بسيطة ولا مجال للتفصيل. ولكن فلنحتفل بالذكرى السنوية للعارف بالله الشيخ محمد المجذوب بن قمر الدين مع أهل الطرق الصوفية والأحباب والمريدين وأسرة السادة المجاذيب..