أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           سبحانك اللهم وبحمد ك وتبارك اسمك وتعالي جدك، ولا إله غيرك           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 06-27-2011
  #1
حجة الإسلام
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 32
معدل تقييم المستوى: 0
حجة الإسلام is on a distinguished road
افتراضي التأويل الأمين لفاتحة رب العالمين [ الجزء الأول ]

التأويل الأمين لفاتحة رب العالمين [ الجزء الأول ]
يقول إمام التأويل كرم الله وجهه : ( لو كان لي أن أؤول فاتحة الكتاب لما كفاني فيها حمل سبعين بعير ) ...
وقال قول مقارب في تأويل " بسم الله الرحمن الرحيم " ...

مقدمة : سميت الفاتحة بفاتحة الكتاب لأنها تفتح معاني الكتاب الكريم ، وكتاب النفس المكنون في الصدور ؟؟؟ !!! ...
وسميت السبع المثاني ، لأنها سبع آيات فيها ثناء و إجلال لله عز وجل ...
وهي سبع من الإسباع وهي تنقية القلب وترقيته بآيات الثناء القلبي الإيماني الناتج عن شهود جمال وعظمة الفضل و الإحسان الإلهي ؟؟؟ !! ...


{ ِبسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } [الفاتحة : 1] ...
كلمة بسم الله أي بأمر الله ، وهنا بما أن الناقل هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يعني أني أتكلم باسم الله أي نيابة عن الحق وبتوجيه وإرسال منه سبحانه وتفويض منه ، بمعنى آخر أن الرسول الكريم هو الناطق الرسمي عن الله كونه الخليفة الأعظم ؟؟ !!! ...
وهو شأن الأنبياء أيضاً لقوله تعالى : ( إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) [النمل : 30] ...
أي أن هذه الرسالة من سليمان الممثل الرسمي لله عز وجل بالأرض ...
ومثال ذلك كأن يقول الحاكم باسم الشعب أي نيابة عن الشعب وبتفويض منه أقول ..
وبسم الله تعني أي من عند الله مثال إرسال تهنئة لشخص ما يكتب عليها باسم فلان أي من قبل فلان ...
وهذا الوجه يستخدم من قبل العبد المؤمن التابع لخليفة الله في الأرض ...
يقول الإمام علي كرم الله وجهه : ( العالم [ العالم الرباني ] وكيل الله في الأرض ) ...
و باسم تعني بسمو وعلو الله نتلوا عليكم آيات الله ؟؟؟ !!! ...
وباسم الله أي بسمة الله الرحمن الرحيم نبين لكم ما جاء من الله ؟؟؟ !!! ...
وغيره من فيض المقاصد في البسملة الرحمانية ...
وأجمل معنى للبسملة أي " بسمة رحمة الله وسموه وعزته أتلو عليكم ما تنزل من آياته " ...

والآن نعود إلى سياق الآية إلى اسم الذات الأعظم " الله" وهو أسم ذات الإلوهية و الربوبية الأعظم من تألهه القلوب إجلالاً وتعظيماً وتولهه محبة واحتماء ، فهو المطاع صاحب الأمر المطلق الفعال لما يريد ...
بل أن أسم الله هو اسم الذات الجامع لأسماء ومعاني الإلوهية و الربوبية في آن واحد المتفرد بكل شيء الملجئ و المصدر لكل شيء ...
وهنا من خلال السياق نقول باسم الله الرحمن أي باسم الذات الأعظم المطاع صاحب الأمر مصدر الرحمة و الربوبية ونعني أسم الرحمن وهو اسم ذات الربوبية ...
و الرحمن هو مصدر الرحمة بكل شيء ، بالرفق و القسوة ؟؟؟ !!! ...
بالفقر و الغنى ، بالمرض و السقم و الصحة و الشفاء ، وبالضيق و الفرج ، بالضر و النفع ، فهو المتجلي على عباده بكل شيء المالك لمصائرهم ...
هب أن طفلاً اجتذبته ألون النار الفاقعة البراقة في مدفئة أو موقد فاندفع نحوها منجذب بأنوارها ودفئها وحال بينه وبين غايته أبوية أو أحدهما فمنعاه من التقدم بل و أغلاظا عليه بل ربما دعت الضرورة و الحكمة أن يقوم أحدهم بجعله يزوق الشيء اليسير من ضررها ، حتى يرتدع ويتحسب خطرها ...
فهل يكون بذلك قد ظلم واحتجز عن الحرية و الخير أم أن الأبوين كان دافعهم لهذا الرحمة بالابن ، و المثال الأعلى للرحمن ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [آل عمران : 26] ...
ففي الأثر القدس : ( وإن لي عباد قسمت لهم الغنى فلو أفقرتهم لأفسدت عليهم دينهم ، وإن لي عباد قسمت لهم الفقر فلو أغنيتهم لأفسدت عليهم دينهم ) ...
و في الأثر الشريف ( إن الله تعالى ليحمي المؤمن من الدنيا نظرا وشفقة عليه كما يحمي المريض أهله الطعام ) ، ورد في كنز العمال رقم { 6262} برواية الديلمي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ...
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز و جل ليتعاهد وليه بالبلاء كما يتعاهد المريض أهله بالطعام و أن الله ليحمي عبده الدنيا كما يحمي المريض الطعام ) ، رواه البيهقي في " شعب الإيمان " و البيهقي لا يروي الضعيف ...
وفي رواية : ( إن الله يحمي عبده الدنيا كما يحمي الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة ) ...

بسم الله الرحمن الرحيم : ( ......... وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [البقرة : 216] ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( .............. فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) [النساء : 19] ...

فكل ما يسوقه الرحمن لعباده هو خير مطلق فيه المنفعة التامة لعباده ولكن لا يدرك ذلك إلا لمن بصره الله بنوره فتمايز عنده الحق عن الباطل ...
فكلما زاد العقل قل البؤس وزادة السعادة و الوعي عند المؤمن التقي ...
ومثال ذلك أب رشيد حكيم عدول لديه أبناء أحدهم طائش غلب عليه الجهل و الحمق ...
فنراه يحظى من الأب المراقبة ، و المحاسبة وربما التوبيخ ودوام التوجيه ، وذلك من باب الحرص عليه من أبيه فهو مسؤولية الأب حتى يفيء إلى رشده ...
بينما نجد أن ابنه الأخر بار لأبيه عاقل اتخذ من أبيه مثل أعلى فأطلق له أبيه حبل الثقة والحرية ، لأنه يعلم أنه في أمان بل من عليه بالخصوصية ..
وكذلك الأمر بالمعلم النموذجي فإنا نجده يركز على الطالب الكسول أكثر منه على المجتهد ...
و المثل الأعلى لله عز وجل ..
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً [16] لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ) [الجن : 17] ...
هنا يخبرنا الله في هذه الآيات أن من يتتبع خطوات المنهج الصحيح وطريق الهداية تتوافد عليه الخيرات القلبية و النعيم و السعادة حتى ينجذب أو يلتفت العبد إلى ربه بكليته ، ومن يعرض عن ما يذكره بمعاني فضل وجمال الربوبية فيخضع لمعالجة ربانية متصاعدة ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً [11] وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً [12] وَبَنِينَ شُهُوداً [ 13] وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً [14] ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ [15] كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً [16] سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ) [المدّثر : 17] ...
ولكن الآن قد يسأل سائل أين الرحمة حينما يكتب الله على عباده الشقاء و العسر و المرض و الفقر و الخوف ...
كيف يكون الحرمان من العدل و الرحمة كما يؤولاها سادتنا الأشاعرة هي " إرادة الخير" فأين الخير في ذلك ؟؟؟ !!! ...
و الجواب نقول إن أسم ذات الله الرحمن هو المتجلي على عباده بالرحمة و العدل معاً ...
ولكن كيف يكون ذلك فإليكم البيان ...
قد يشعر الإنسان بالصحة و القوة و القدرة فيستغل الشيطان ذلك فيه ويتقمص نفسه الأمارة ، ويدعوه إلى مجموعة من الشرور ، منها يحرك فيه السادية وهو التمتع بتعذيب وقهر الآخرين فيبدأ بأسرته فيضطهد زوجته ويسئ معاملتها ، ثم يقسو على أولاده ثم تشتد جبروته ليؤذي جيرانه ويعوق والديه .... الخ ..
هنا يأتي دور الرحمن في معالجة وكبح جماح الشر عند هذا المرء فيمرضه برحمته وعدالته ، إن وجد به بذرة الخير ، فيمرضه مرض شديد ، يجعله فيه طريح الفراش ، فيشهده من خلال ذلك مدى ضعفه ، ومدى حاجته للغير ممن ظلمهم وأساء إليهم ، فيتحرك في قلبه الندم على ظلمه وتجبره ، فيلتجئ إلى الله طالباً الصفح و الغفران وكذا من أهله وذويه وجيرانه ، ويعود إلى رشده ، ويدرك حجم ضعفه ، وحقيقة فضل الله عليه ، والمرض العضوي فيه شفاء لأمراض النفس ...
ومن هنا نفهم جانب من قوله تعالى : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) [الشعراء : 80] ...
أي إن المرض شفاء للنفس بمعنى إن مرضت نفسين فإنه يشفيني بالمرض العضوي أو إن مرضت عضوياً فهو يشفيني من مرضي العضوي و النفسي في آن واحد ...

فهو هنا عندما مرض وضعف كان ذلك أرحم من الله له ، أم أن الرحمة في تركه على طغيانه حتى يسبب جريمة يعاقب عليها الشرع أو القانون ؟؟؟ !!! ...
الجواب المنطقي هذا أرحم فقد ندم مع نفع الندم له أم إن وصل طغيانه إلى ارتكاب جريمة قتل وحكم بقصاص الموت ما هي درجة ندمه وحسرته على فعلته ...
وحتى هذه الحالة فيها رحمة للإنسان ؟؟؟ !! ...
فالمجرم القاتل الذي يقتص منه بمقص الشريعة الإلهية أو حتى القانون الوضعي يسقط عنه الجرم بالقصاص بالدنيا ، إضافة عندما يصل المرء إلى اليقين بحتمية الموت ، يلتجئ إلى الله بكليته وكامل طاقته يطلب من الله الغفران وقبول التوبة ، وإن الله يقبل التوبة من عبده ما لم يغرغر في النزع الأخير ؟؟؟ !!! ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [الزمر : 53] ...
كما في الأثر القدسي : ( ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء وأتيتني تائب مستغفر غفرت لك و لا أبالي ) ...
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله : ( يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي . يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرنني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقبتني لا تشرك بي شيئاً لأتيك بقرابها مغفرة ) ، رواه الترمذي في "سننه" ...
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن عبداً أصاب ذنباً فقال : يا رب أذنبت ذنباً فاغفر لي فقال له ربه : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب و يأخذ به فغفر له ، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً آخر فقال : يا رب أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال ربه عز و جل : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب به غفرت لعبدي فليعمل ما شاء ، ثم عاد فأذنب ذنباً فقال : رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك و تعالى : أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت قد غفرت لك ) ، رواه الحاكم في "مستدركه" ، وقال صحيح بشرط الشيخان ...
أليس ما حدث لهذا العبد رغم شدته سوءه ، هو رحمة وعدل من الرحمن ؟؟؟ !!! ...
وهناك رحمة أشد من الرحمن لمن وجد الله به بذرة الإيمان ، قوية ولكنها حساسة قابلة للخمول و ربما التلف فيكون العلاج بالرأفة وهي الرحمة الشديدة أو الرحمة الوقائية ، وهي تكون بأن يحجبه الله عن إمكانية الوقوع بالشرور المكتسبة ...
فيمرضه دون أن يسئ أو يطغى وقد يلزمه بالمرض مدى الحياة أو الفقر مدى الحياة أو ربما الشقاء مدى الحياة رحمة به وحرص عليه وحفاظ عليه حتى توافيه المنية ...
فإذا ما أخذ ما أوهب اسقط ما أوجب ؟؟؟ !!! ...
ولكن قد يسأل سائل أليس ذلك ظلم أن يحرم الإنسان من متع الحياة ومباهجها ؟؟؟ !! ...
و الجواب لا لأن الدنيا غروره ، مباهجها مزيفة وحتى لو كان فيها فرح وسعادة فهو نسبي وقليل وحتى لو كانت سعادة و هناء المرء في الدنيا دائم على مدار الساعة وطول العمر فهو مقيد بعمر الإنسان ، ولو طال العمر إلى ما شاء الله فإن الإنسان يمل ويضجر بعد حين لمحدودية أساليب السعادة في الدنيا ...
ولنا في ذلك مثال شعوب الدول الإسكندنافية ، مثل السويد و سويسرا و النروج والدانمرك ، فشعوب هذه الدول يعيشون إن صح ولم يكن في ذلك مبالغة ، برفاهية و سلام دون مشاكل أو منغصات اجتماعية ...
ولكن نجد عندهم ظاهرة سائدة هي الانتحار ، والسبب أن الدنيا انكشفت لهم بكل أفاق السعادة فيها وتبدى لهم زيفها ، وأن هذه المباهج و المقومات لم تروي ظمأ النفس الإنسانية لحقيقة السعادة التي لا تكون إلا بالله عز وجل و لذة الإيمان به و القرب منه ...
ومن لم يدرك هذه الحقيقة تعلق بالحياة فأصبح فراقه عن الدنيا أمر لا يطاق فخرجت سعادة الدنيا عنده من قلبه بآلام النزع ، لأنه ببغيه بالدنيا وحبه لها بنا أمله وسعادته بها على حساب مجهول مبهم وهو الآخرة ترك ما بناه بدنياه إلى خراب الآخرة ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) [الشورى : 27] ...
يقول الإمام علي كرم الله وجهه : ( الدنيا يومان ، يوم فرح ويوم حزن وكلاهما زائل فدع ما يزول إلى ما لا يزول ) ...
ونعود إلى رحمة الرحمن ، بالأضداد نقول أن امرئ نبت في قلبه ذنب حب النساء وهذا الهوى يحرك شهوة الجنس وقد يدفع إلى الزنا ؟؟؟ !!! ...
في الدرجة الأولى يجب أن نعرف أن الجسد مهما بلغ من الصحة و القوة و النشاط فلن يستطع أن يلبي رغبات النفس الجامحة بل أن المرء إذا ما أفرط في تلبية حاجات ورغبات وأهواء النفس في المأكل مثلاً أو الجماع " المعاشرة الجنسية" فإن هوى النفس سوف يهلك الجسد ويتلف أعضائه فالزاني أو متعشقي اللذة الجنسية ، عادة ما يقتلهم مرض الكبد و الوهن هذا إن لم يهلكهم مرض جنسي مثل مرض الإيدز ( فقد المناعة المكتسبة ) أو الهيربز أو الكلاميديا الجنسية أو الزهري أو السيلان إلى آخره من أمراض الفحش و العياذ بالله ...
لذلك نجد من رحمة الله في كثير من عباده أنه يعالجهم بطرق أخرى منها الضعف الجنسي أو يخضع محب النساء لتجربة عاطفية قاسية ، تجعل نفسه تفتر عن هذا التعلق أو يخضعه لقصاص شرعي ، لأن الزنا هو شهوة جسدية تقوى بحضور الشيطان في الخلوة وقصاص الزنا ألم جسدي بالجلد يصحب بفضيحة على مرأى من الناس فيكون العلاج بالأضداد ...
ولكن يسأل سائل لما لا يترك من يحب النساء أن يفعل ما يشاء ضمن هذا الهوى والجواب لأن الدنيا دار ممر وليست دار مقر وهي دار بلاء لا دار بقاء ، فهي دار امتحان يؤهل إلى السعادة المطلقة بالآخرة إضافة إلى أن التكوين العضوي و النفسي للإنسان في الدنيا لا يمنحه القدرة على المتعة بالإفراط بها ولا يروي ظمأه في هذا المضمار ؟؟؟ !!! ...
فكما يخبرنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( الزاني كظمآن يشرب من ماء البحر ) ..
ويخبرنا أيضاً أن له في الدنيا ثلاث كما في الآخرة ففي الدنيا له ، ذهاب بهاء الوجه وقصر العمر ودوام الفقر ...
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( يا معشر المسلمين إياكم و الزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة فأما التي في الدنيا فذهاب البهاء و دوام الفقر و قصر العمر و أما التي في الآخرة سخط الله و سوء الحساب و الخلود في النار ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم : { أن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون } [المائدة : 80] ) ، رواه البيهقي في " شعب الإيمان" و البيهقي لا يروي الضعيف ...
فذهاب بهاء الوجه بسبب إنهاكه وإرهاقه ، وقصر العمر بسبب اهتلاك أعضائه كالكبد و القلب وهي أعضاء مميتة إذا ما مرضت أو تلفت ...
ودوام الفقر بقلة المال لكثرة إنفاقه في هذا المجال و انشغاله وفتوره عن الكسب لتكاسله بالشهوة ، وذهاب بركة رزقه وربما ذهاب رزقه ، إضافة لفقره الدائم للشهوة ...
و الله لم يمنعنا من ذلك إلا حب بنا وحرصاً علينا ، فهو لم يحرمنا من هذه الغريزة ولكنه نظمها لنا بشكل لا نتعدى به على حقوق الآخرين و لا نعتدي على ممتلكاتهم و أعراضهم ، ولا نفسد في المجتمع وندمر فكرة الحرص على إنشاء الأسرة و الالتزام نحو الأبناء ، وهي مشكلة يعاني منها اليوم الكثير من الدول الإباحية ..
إضافة إلى أن هذه المتعة مؤجلة للمؤمن لتكون في أجمل أشكالها ؟؟؟ !!! ...
فالحور العين بالجنة ، مجرد لمحها يورث في شغاف النفس متعة تعادل لحظة الرجفة وهي ذروة المتعة أو النشوة الجنسية بقوة سبعين عام متواصلة بدفعة آنية ، فماذا يحدث إذا وصل التفاعل إلى أوجه وحدث التلاقي و التلابس ؟؟؟ !!! ...
إن الله لم يخلقنا ليعذبنا بل خلقنا ليسعدنا بالدارين ، ولكن جعل سعادة ونعيم المؤمن المطلقة في الآخرة حيث الديمومة بالسرور و التجدد اللا محدود و الأبدية بالعيش ...
أو و العياذ بالله العكس تماماً في حالة الركون إلى الدنيا فالحياة الدنيا هي أقصر مرحلة في مسيرة النفس الإنسانية و أخطر مرحلة ...
ومن هنا نجد مدى رحمة الرحمن فينا في الحرمان و الفقر و الجوع ...... الخ ..
لأن الغاية الأسمى للخلق هي أن نحب الله لأن العبودية هي أعلى درجات المحبة ، ولا يكون ذلك إلا بشهود عظيم الفضل الرباني علينا في الدنيا ثم يكشف لنا طرف مما أعد الله لعبده من سعادة و نعيم ، أما أجمل وأعظم سعادة فهي سعادة النظر إلى وجه الله ...
فالإنسان قد يفتن بجمال امرأة حسناء فاتنة تأثر شغاف قلبه ، وتوقد به الحب فينفتل بها عن الدنيا وما فيها فكيف بمن شهد مصدر الجمال وأساسه ...
فلو شـاهـدت عيـناك من حســننا *** الذي رأوه لمـا وليت عنا لغــــيرنا
ولـو سمعت أذناك حسن خطـابنا *** خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولـو ذقـت من طعم المـحبة ذرة *** عذرت الذي أضحى قتيلا بحبنا
ولـو نسمت من قـربنا لك نسمـة *** لكنت غريباً و اشــتياقاً لقربنا

يروى أن الإمام الجنيد قدس سره ، جاءته امرأة تشكو زوجها في جامع الشونيزي في بغداد ، قائلة : يا سيدي إن هذا الرجل يريد أن يتزوج علي ، ولو كان لي أن أكشف عن وجهي لغير المحارم لعلمت يا سيدي أن من كان له زوجة بجمالي لا ينبغي له أن يتلفت لسواها ، وهنا فوجئ الجميع بسقوط الإمام الجنيد قدس سره على الأرض مغشياً عليه ؟!!
وعندما عاد له وعيه سئل ماذا أصابك يا سيدي ، فأجاب : تراءى لي وكأن الحق تعالى يقول : ( لو كان لي أن أكشف في الدنيا عن وجهي فيراني عبدي بعيني رأسه ، لعلم أن من كان له رب مثلي لا ينبغي أن يلتفت لأحد سواي ) ...
فهل من العدل و الرحمة أن يتركنا الله لأهوائنا الموهومة المهلكة أم يحول بيننا وبين ذلك برحمته ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) [السجدة : 13] ...
وكلمة هداها في هذا الآية هو الهوى الذي تعتقد النفس أن بإتباعه السعادة ...
وجهنم هو العذاب النفسي الرادع للنفس عن ضلالها وإن شأت فقل هي المعالجة بشكليها الأصغر و الأكبر ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) [السجدة : 21] ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ) [الأنعام : 44] ...
والإبلاس هو الحرمان من الخير الحقيقي في الآخرة ؟؟؟ !!! ...
فالعلاج قد يكون مؤلم ولكنه ينجي من عذاب أكثر إيلام و أدوم في الآخرة ، وحتى من أصر على الحنث العظيم أي المخالفة و الإعراض عن الحق ، واستوجب عذاب الآخرة فهو في كنف الرحمن أيضاً ؟؟؟ !!! ...
ولكنه تحت العناية المركزة لإطفاء آلام ندمه وخزية و عاره وحسرته يوم القيامة لا بد له من العلاج العضوي المؤلم حتى تهدئ نفسه ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) [الفرقان : 27] ...
فكل ما يأتي من الأفعال هي رحمة من رحمة الرحمن ؟؟؟ !!!
نهاية الجزء الأول ...
__________________
لا نريد صوفية تشطح * ولا سلفية تنطح * بل وسطية "تنصح وتصلح وتصفح"



لا يكمل عالم في مقام العلم حتى يبلى بأربع : شماتة الأعداء ، وملامة الأصدقاء ، وطعن الجهال ، وحسد العلماء ، فإن صبر جعله الله إماماً يقتدى به




** اللهم أنت مقصودي ... ورضــاك مـطلـــوبـي **




حجة الإسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-04-2011
  #2
حمامة المدينة
مشرفة القسم العام وقسم التراث والتاريخ
 الصورة الرمزية حمامة المدينة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 645
معدل تقييم المستوى: 15
حمامة المدينة will become famous soon enough
افتراضي رد: التأويل الأمين لفاتحة رب العالمين [ الجزء الأول ]

بارك الله فيكم وجعله في موازين حسناتكم
__________________
حمامة المدينة غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رسالة الأمين فى الوصول لرب العالمين عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 7 05-23-2012 02:15 PM
الملم المغيث في علم الحديث [الجزء الأول] حجة الإسلام المواضيع الاسلامية 2 04-09-2012 10:46 PM
فضائل الأولياء الصالحين وخيراتهم على المؤمنين ( الجزء الأول ) حجة الإسلام رسائل ووصايا في التزكية 1 11-27-2011 10:29 PM
التأويل الفريد في عقيدة المريد [ سورة الناس] حجة الإسلام المواضيع الاسلامية 3 05-11-2011 11:48 PM
الإساءة للصادق الأمين نوح المواضيع الاسلامية 3 02-03-2009 07:06 AM


الساعة الآن 02:40 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir