أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 07-25-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي عظات بليغة من قصص القرآن


“وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الذِينَ كَذبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلهُمْ يَتَفَكرُونَ، سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الذِينَ كَذبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ” (الأعراف: 175-177) .

هذه القصة الحزينة نتدبرها ونقف عند أحداثها المؤثرة عبر خطوات نتأمل خلالها كيف انحدر هذا العالم العابد من علو في الدين أكسبه إياه يقينه وصبره، إلى إخلاد إلى الأرض مثقلاً بالهوى واتباع الشيطان .

ها هي قصة عابد عالم آتاه الله آياته فانسلخ منها فجهل بعد علمه، وفسق بعد طاعته، وأوغل في الجهل والفسوق حتى علم الله منه تأصل الفساد في طبعه وتجذره في قلبه، فوكله إلى نفسه، ولم يقله من زلته، فلم ينتفع بما كان عنده من اليقين في آيات الله، ولم يصبر عند بلاء الله وفتنته، فكان من الغاوين، وضرب الله له في القرآن مثلاً بأخس الكائنات في آيات تتلى إلى يوم القيامة .

إنه ليس أهلاً لأن يرفعه الله بآياته الكريمات لأنه أخلد إلى الأرض ومال إليها وصار أكبر همه أن ينال حظوظه من الدنيا سواء كان يريد الجاه أو المال أو المرتبة أو غير ذلك واتبع هواه في ما أخلد إليه فمثله كمثل الكلب يلهث دائماً سواء حملت عليه أم لم تحمل .

“ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الذِينَ كَذبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلهُمْ يَتَفَكرُونَ” فهذا هو الكافر الذي آتاه الله تعالى العلم وبين له الشرع على أيدي رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام ولكنه أبى إلا أن يتبع هواه ويخلد إلى الأرض فصار هذا مآله .

أغلب المفسرين قالوا إن الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هو بلعام بن باعوراء، وكان من أهل العلم، لقوله تعالى: “آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا” وكان أيضاً من أهل العبادة حتى اشتهر بكونه مجاب الدعوة وليس نبياً، لأن ما صار إليه وما ختم له به مما يعصم الله عنه الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، غير أنه فُتن بملذات الدنيا وعرضها الزائل، حتى انقلب من حال العبادة والطاعة لله، إلى حال المعصية والصد عن سبيل الله .

وبلعام عبارة عن كلمتين باللغة العبرية هما (بلاع) و(عام)، أما كلمة (بلاع) فمعناها كما باللغة العربية بلع و(عام) باللغة العبرية معناها الشعب وسُمي بذلك لأنه بلع شعب إسرائيل بتضليله لهم من خلال الفتوى والترقيع للسلطان أو كاد أن يبتلعهم إلى أن أخرسه الله .

أوثق المصادر

وقال القرطبي رحمه الله تعالى: “واختلف في تعيين الذي أوتي الآيات فقال ابن مسعود وابن عباس: هو بلعام بن باعوراء، ويقال: ناعم، من بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام، وكان بحيث إذا نظر رأى العرش وهو المعني بقوله: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا” .

ونظراً لكون القصة من أخبار الأمم الماضية، فإن أوثق المصادر التي يمكن أن ننقل منها تفاصيل قصة الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هو القرآن الكريم، وهي مجملة فيه بما يفي بتحقيق المقاصد القرآنية في إيراد القصص حيث يركز على أهم فصول الحادثة ويقف عند أبرز مواطن العبرة، لذا فإن القصة على خطورتها وأهميتها ملخصة في ثلاث آيات من القرآن الكريم .

وذكر المفسرون والمؤرخون من مظاهر انسلاخ صاحب القصة عن آيات الله مظاهرته أهل الكفر ونصرتهم على المؤمنين بكل الأساليب والطرق، ولهاثه خلف الشهوات وسقوطه في وحلها .

إن تأمل هذه القصة يهدي المؤمن بإذن الله إلى الاعتبار والاتعاظ، إذ فيها من العبر والدروس ما يعين على الصبر والثبات على دين الله، للمسلمين عامة وللأئمة منهم خاصة، حتى يستشعر المرء دائماً مكر الله فلا يأمنه أبداً “فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ” (الأعراف: من الآية 99) .

وبذا يوطن المؤمن نفسه على موجبات السعادة وموانع الخسران وهي: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، حتى يأتيه اليقين وهو على ذلك، قال تعالى: “وَالْعَصْرِ إِن الْإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَق وَتَوَاصَوْا بِالصبْرِ” (العصر:1-3) .

شروط الإمامة

إن درجة الإمامة في الدين ليست رتبة لازمة وصفة أبدية، لا ينزل عنها المرء أو يتحول، بل إنها نتيجة لاستيفاء شروط معينة، لذلك نجد في القرآن والسنة وكتب التاريخ والسير أخبار الأئمة الظلمة وعواقبهم السيئة، وسير علماء السوء الذين انسلخوا من آيات الله، ولم يحملوا ما حملوا من الكتاب، وما ضُرب لهم من أمثال بأخس الكائنات .

كما نجد في كتب الأحكام السلطانية والسياسة الشرعية مباحث عن عزل الأئمة ومحاسبتهم، وهذا حق للرعية تمارسه عند الاقتضاء، مما يدل على وجوب الصبر على استدامة الشروط الشرعية لأهلية الإمامة في الدين، وذلك بمجانبة كل ما من شأنه أن يخل بواحد من الأصلين العظيمين وهما اليقين والصبر، أو بهما معاً .

قال تعالى: “وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَما صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ” (السجدة: 24)، وصاغ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قاعدته الذهبية في فقه الدعوة والسياسة الشرعية فقال: “بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين” .

كفر النعم

هذه القصة الحقيقية التي حدثت ووقعت فصولها زمن موسى عليه السلام تؤكد أن من أبغض الأمور إلى الله، والموجبة لسخطه وانتقامه، كفر نعمه وعدم شكره بالقلب واللسان والفعال، وإن من أعظم النعم الإلهية والمنح الربانية التي يجب شكرها على نحو ما وصف العلم والهداية، وعلى كل من أوتيهما أن يؤدي شكرهما، فيعترف أولاً بأن مسديهما هو الله وحده لا شريك له كما أقر بذلك إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام في ما قص عنه القرآن “الذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ” (الشعراء: 78) ولهج به يوسف عليه السلام: “رَب قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ . .” (يوسف: من الآية 101) .

إن ما يقع فيه العبد من الخطأ والزلل في القول أو العمل، ثم يتوب منه ويقلع عنه، لا يوجب دوام سخط الله عليه ولا سلب نعمه إياه، فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، قال تعالى: “إنّمَا التوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلذِينَ يَعْمَلُونَ السوءَ بِجَهَالَةٍ ثُم يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً” (النساء: 17) .

أما الفاقرة فهي الإصرار على المعصية وقصد مخالفة أوامر الله مع كون المواعظ الشرعية والكونية لائحة وناذرة، ولا يتصور صدور هذا إلا من منسلخ تماماً من آيات الله، ومتبع لخطوات الشيطان، حيث يجول بين الشبهات والشهوات لا يتقي شيئاً منها ولا يذر، وهذا هو الطغيان الذي قل من يرجع إلى الاستقامة بعد بلوغه “وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ” (الأعراف: من الآية 176) .

مخالفات شرعية

أما ما فُتن به الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها فهو جملة مخالفات شرعية من جهة العلم وجهة العمل، فقد انسلخ أولاً من آيات الله، وقصد إلى استعمال علمه في الصد عن سبيل الله في محاولته الدعاء على موسى وجيشه بالاسم الأعظم الذي علمه الله، ثم أكل الرشاوى في دين الله، وخذلان المؤمنين وإعانة أعدائهم عليهم، كما ورد في بعض الروايات (تفسير الطبري 9 / 124)، وكل ذلك يدل على تجرده من حلة اليقين الذي كان قد كساه الله بها، وتخليه عن الصبر الذي كان يعصمه، مما حوله عن مقام الإمامة في الدين وجعله من علماء السوء . كما أن الذي يقدح في يقين العالم أو ينقص من صبره قد ينبع من مصادر خارجية تغزو عقيدته والتزامه بطاعة الله، كأن يستفز لاستخدام علمه في ما لا يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو يطلب منه عمل ينصر به باطلاً أو يخذل به حقاً، وحينئذ يتميز أهل الصبر واليقين عن أهل الرقة في الدين، حيث يثبت الله أولئك بإيمانهم وصبرهم فلا تنطق ألسنتهم إلا بالحق، ولا تبطش جوارحهم إلا بالحق، ويخذل أولئك بجهلهم وخفتهم فيتأولون في قول الباطل، وفعل الباطل، ونصرة الباطل، ويتدرجون في ذلك حتى إذا رسخت أقدامهم في الشر صاروا في حزب الشيطان .

الظلم يمنع الصبر

وهنا نخلص إلى نتيجة مؤداها أن أكبر نقيض لليقين هو الكفر والتكذيب بآيات الله تعالى، كما أن أعظم مانع من الصبر هو الظلم سواء كان للنفس أو للغير أو لهما معاً، وعلى دركاتهما ينحدر المرشح للإمامة إلى أسفل السافلين قال تعالى: “سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الذِينَ كَذبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ” (الأعراف: 177) .

وينبغي أن يعلم أنه كما لليقين والصبر فروع فكذلك للكفر والظلم فروع، ومن فروع الكفر التلبث بالتكذيب أو الشك بشيء من دين الله تعالى، أو الابتداع في الدين ما ليس منه، أو إنكار شيء من السنة أو معارضته بالأهواء .

أما فروع الظلم فمنها سائر المعاصي سواء ما كان منها من أعمال القلوب كالحسد والحقد والرياء والسمعة، أو ما كان من أعمال الجوارح كالكذب والنميمة والغيبة وأكل أموال الناس بالباطل، والجور في الحكم بينهم، وغيرها مما يوقع الإنسان في ظلم ربه وظلم نفسه وظلم إخوانه . ولا شك في أن تحول طائفة من أئمة الدين وانتكاستهم بعد استقامتهم، وتحالفهم مع دعاة الضلالة وهجرهم أهل الحق، لمما يبعث في نفوس المسلمين المرارة والحزن، بل قد يسبب تارة انهزام المجاهدين والدعاة ولو إلى حين، نظراً لقوة تأثير أئمة الضلال في مصائر الأمم عبر تاريخ البشرية الطويل، غير أن للحق جولة وصولة، تهيئ لها صحوة إيمانية علمية ينصر الله بها دينه وأولياءه، ويخذل بها الباطل وأهله، فيبعث من أهل الصبر واليقين من يجدد الدين، ويحمي ديار المسلمين .





أحمد حلمي سيف النصر
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2011
  #2
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 19
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: عظات بليغة من قصص القرآن



اللهم الهمنا رشدنا
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنور ; 07-25-2011 الساعة 03:43 PM
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:11 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir