أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعملت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > رسائل ووصايا في التزكية

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-06-2010
  #1
عبدالرحمن الحسيني
محب نشيط
 الصورة الرمزية عبدالرحمن الحسيني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 285
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرحمن الحسيني is on a distinguished road
Awt20 ليكن لك حظٌ من القرآن الكريم ليلاً

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين,
لقد كرَّمنا الله عز وجل واصطفانا وجعلنا ورثة لهذا القرآن العظيم, قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}. فأثبت لنا الاصطفاء والعبودية.
ولكن انقسم هؤلاء المصطفين إلى ثلاثة أقسام, ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات, قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ الله ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير}.

وقلنا بأنه ينبغي على كل واحد منا أن يصنف نفسه من أي الأصناف هو؟

لأنه لا يليق بالإنسان العاقل بعد أن اصطفاه الله تعالى ليكون من ورثة القرآن العظيم أن يخلد إلى الأرض, لأنه إذا أخلد إلى الأرض واتبع هواه فربما أن تنزع منه تلك النعمة لا قدَّر الله تعالى, ألم يقل الله عز وجل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون}.

لذلك لنسمع وصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عندما يقول: (أحسنوا جوار نعم الله، لا تنفروها، فقلما زالت عن قوم فعادت إليهم) رواه أبو يعلى عن أنس رضي الله عنه.
لذلك لنسمع وصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عندما يقول: (أحسنوا جوار نعم الله، لا تنفروها، فقلما زالت عن قوم فعادت إليهم) رواه أبو يعلى عن أنس رضي الله عنه.

اهتمام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بأهل القرآن:

أيها الإخوة الكرام: إن تلاوة القرآن الكريم وتدبر آياته, وتعلمَ وتعليمَ القرآن, ومدارستَه سبب من أسباب محبة الله تعالى لعبده, كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ, قَالَ: قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله قَالَ: أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ الله وَخَاصَّتُهُ).

لننظر إلى مجالسنا هل هي مجالس مدارسة القرآن الكريم أم هي مجالس اللهو والغفلة عن الله عز وجل؟ فإن كانت المجالس مجالس المدارسة للقرآن الكريم فهي مجالس الرحمة وتنزل الملائكة عليها, كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتْلُونَ كِتَابَ الله وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ).

وأما إذا كانت مجالس غفلة والعياذ بالله تعالى فلنسمع حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا فَتَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرٍ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه الإمام احمد عن أبي هريرة رضي الله عنه.

لنكون أصحاب الهمم العالية حتى تكون لنا منزلة عند الله تعالى وعند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أولاً: روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (بَعَثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا وَهُمْ ذُو عَدَدٍ, فَاسْتَقْرَأَهُمْ, فَاسْتَقْرَأَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ, فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا, فَقَالَ: مَا مَعَكَ يَا فُلَانُ؟ قَالَ: مَعِي كَذَا وَكَذَا وَسُورَةُ الْبَقَرَةِ, قَالَ: أَمَعَكَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ, فَقَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَاذْهَبْ فَأَنْتَ أَمِيرُهُمْ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ: وَالله يَا رَسُولَ الله مَا مَنَعَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ إِلَّا خَشْيَةَ أَلَّا أَقُومَ بِهَا, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَاقْرَءُوهُ فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ, وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَيَرْقُدُ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ وُكِئَ عَلَى مِسْكٍ).

ليسأل كل واحد منا ماذا معه من القرآنالعظيم؟ وهل الذي معنا من القرآن نعمل به أم لا؟

ثانياً: وهذا سيد القراء أبي بن كعب رضي الله عنه, عندما تنزل سورة البينة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأمره سيدنا جبريل عليه السلام أن يقرأها على أُبَي, أخرج الإمام أحمد والبخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيٍّ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ, قَالَ: الله سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: الله سَمَّاكَ لِي, قَالَ: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي).

انظروا إلى نعمة الله عز وجل على من رعى نعمة القرآن وحافظ عليها حتى صارت له منزلة عند الله عز وجل, أما من أُكرم بهذه النعمة وضيَّعها لا قدَّر الله فقد خسر الدنيا والآخرة.

وجاء في صحيح مسلم عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ, قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ: { الله لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: وَالله لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ).

هذا هو العلم النافع في الدنيا والآخرة, فهذا أبو المنذر أبي بن كعب صاحب المكانة عند الله عز وجل وعند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

ثالثاً: في يوم أحد عندما قتل بعض أصحابه الكرام رضي الله عنهم, كان يقدم الأكثر حفظاً للقرآن لللحد كما روى الإمام أحمد عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (شَكَوْا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَرْحَ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَالُوا: كَيْفَ تَأْمُرُ بِقَتْلَانَا؟ قَالَ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا فِي الْقَبْرِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا).

رابعاً: جاء في صحيح البخاري عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه قَالَ: (بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنْ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالَتْ الْفَرَسُ, فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ, فَقَرَأَ فَجَالَتْ الْفَرَسُ, فَسَكَتَ وَسَكَتَتْ الْفَرَسُ, ثُمَّ قَرَأَ, فَجَالَتْ الْفَرَسُ, فَانْصَرَفَ وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ, فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا, فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ, اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ, قَالَ: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ الله أَنْ تَطَأَ يَحْيَى وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا, فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ, فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ, فَخَرَجَتْ حَتَّى لَا أَرَاهَا, قَالَ: وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟ قَالَ: لَا, قَالَ: تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ).

أين نقضي ليالينا؟ هل في القرآن العظيم أم في مطالعة المسلسلات والأفلام, والسهرات التي ستكون حسرةً على أصحابها يوم القيامة لا قدَّر الله تعالى.

ليكن لك حظٌ من القرآن الكريم ليلاً:

أيها الإخوة الكرام: ليكن لكل واحد منا حظٌ في جنح الليل من القرآن العظيم, لأنه من طال نومه طالت حسرته, بسبب تضييعه للوقت بدون فائدة.

فإن أهل الدنيا جعلوا جلَّ وقتهم ليلاً في الغفلات, فلنجعل جزءاً من هذا الليل مع كتاب الله عز وجل, كما قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ}. اللهم اجعلنا من هذه الطائفة.

لننظر أيها الإخوة إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في ليله ولننظر في ليلنا.

أولاً: روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ ثُمَّ قَالَ: نَامَ الْغُلَيِّمُ أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ).

ثانياً: روى الإمام أحمد عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: (صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ, فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ, قَالَ: ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى, فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا, ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا, ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُسْتَرْسِلًا, إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ, ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ, ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ, ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ, ثُمَّ سَجَدَ, فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ).

ثالثاً: أخرج الإمام مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ, وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيْ الْبِئْرِ وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ, فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِالله مِنْ النَّارِ أَعُوذُ بِالله مِنْ النَّارِ أَعُوذُ بِالله مِنْ النَّارِ, قَالَ: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ الله لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ).

هؤلاء هم شباب الصحابة رضي الله عنهم, شباب نشأووا في طاعة الله عز وجل, شباب نشأووا على محبة التقرب من الله تعالى, شباب نشأووا على تلاوة القرآن العظيم والقيام به ليلاً.

أما حال بعض شباب اليوم نشأووا على التعلق بالنساء والمال وحب الظهور وحب الشهوات, وانظروا إلى هواتفهم النقالة ماذا يوجد فيها من صور ورسائل, كم هو الفارق بين شباب اليوم وشباب السلف الصالح رضي الله عنهم.

الأمور التي تعين على قيام الليل:

أيها الإخوة الكرام: قد يتساءل أحدنا عن بعض الأمور التي تعين على قيام الليل, لأن الحقيقة قيام الليل من أعظم نعم الله تعالى على عباده, أسأل الله تعالى أن لا يحرمنا منها, وخاصة هذا فصل الشتاء قد أقبل, روى البيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشتاء ربيع المؤمن ، قَصُرَ نهارهُ فَصَام ، وطَالَ ليلهُ فَقَام).

من الأمور التي تعين على قيام الليل:

أولاً: قلة المعاصي, لأن المعاصي حجاب بين العبد وربه, وكم من عبدٍ حُرِم قيام الليل بسبب المعاصي, جاء في إحياء علوم الدين أن رجلاً قال للحسن: يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم؟ فقال: قيدتك ذنوبك ورب الكعبة.

كم منا من هو حريص على قيام الليل, ولكن لا يستطيع القيام وقد يتساءل عن سر حرمانه؟ فسر الحرمان هو اقتراف العبد المعاصي, وخاصة المعاصي التي تتعلق بالعين والأذن واللسان, مِن نظرٍ إلى النساء وسماع لما يسخط الله تعالى من غناء وكلام فاحش, ومن غيبة ونميمة وسخرية, والأهم من كل ذلك لقمة الحرام التي يقذفها الرجل في فمه, ورحم الله من قال: كل ما شئت فمثله تعمل, فمن أكل الحلال وُفِّق للطاعة, ومن أكل الحرام وقع في المعصية.

ثانياً: قراءة الأذكار المسنونة قبل النوم, وخاصة أواخر سورة البقرة, بعد آية الكرسي وسورة الإخلاص والفلق والناس مع التسبيحات, لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم علَّم سيدنا علياً وسيدتنا فاطمة رضي الله عنهما تلك التسبيحات.

روى الإمام مسلم في كِتَاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: (أَنَّ فَاطِمَةَ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى فِي يَدِهَا, وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ, فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ وَلَقِيَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا, فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ إِلَيْهَا, فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا, فَذَهَبْنَا نَقُومُ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى مَكَانِكُمَا, فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى صَدْرِي, ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا, إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَنْ تُكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ, وَتُسَبِّحَاهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَتَحْمَدَاهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ).

ثالثاً: عدم السهر الطويل بعد العشاء, لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم كان يكره السهر بعد العشاء إلا لمصلٍ أو مسافر جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ).

رابعاً: القيلولة في النهار, لأنه ورد في الحديث الشريف الذي رواه الطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قيلوا فإن الشيطان لا يقيل).

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة الكرام: لنجعل لنا حظاً وافراً من كتاب الله عز وجل لأن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته من خلقه, ولهم المكانة العالية عند الله عز وجل, وعند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم.

ولنجعل كذلك لنا حظاً وافراً من الليل بحيث يخلو أحدنا مع ربه عز وجل يتلو آياته ويذكر الله تعالى, حتى يفوز في ظل العرش يوم القيامة كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ الله فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ). وعدَّ منهم: (وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).

ورحم الله القائل:

وَليُّ الله ليس له أنـيسُ *** سوى الرحمن فهو له جليسُ

فيذكرهُ ويذكرهُ فيبكي *** وحيدُ الدهر جوهره نفــيسُ.

هكذا كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم, وهكذا كان أصحابة الكرام, ولا خير فيمن لا يقتدي بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم وبصحابته الكرام رضي الله عنهم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

منقول من موقع فضيلة الشيخ الحبيب أحمد النعساني
__________________
ابو خالد الحسيني
عبدالرحمن الحسيني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-07-2010
  #2
حمامة المدينة
مشرفة القسم العام وقسم التراث والتاريخ
 الصورة الرمزية حمامة المدينة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 645
معدل تقييم المستوى: 15
حمامة المدينة will become famous soon enough
افتراضي رد: ليكن لك حظٌ من القرآن الكريم ليلاً

اللهم انفعنا وارفعنا بالقران الكريم
واجعلنا نتلوه اناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذ يرضيك عنا
شكرا لكم على النقل الطيب وبارك الله فيكم
__________________
حمامة المدينة غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسماء القرآن الكريم عبدالقادر حمود المواضيع الاسلامية 3 05-30-2013 06:07 PM
دار القرآن الكريم الدلامية 847 هـ عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 1 01-06-2012 03:14 AM
جمع القرآن الكريم طيبه المواضيع الاسلامية 4 01-11-2009 05:18 AM
القرأن الكريم بالتفسير مع إمساكية شهر رمضان الكريم 2008 اللهم إجعله فى ميزان حسناتنا. علاء الدين قسم الحاسوب 1 09-01-2008 11:50 PM


الساعة الآن 09:48 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir