أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ، وارحمني ،واهدني ، واجبرني، وعافني،وارزقني ، وارفعني           

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 01-05-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الوصية السابعة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد:

قال الله جلَّ وعلا: {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُون * مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون} [الجاثية: 14ـ15].
الله تعالى جلَّ وعلا قال لرسوله الأكرم صلى الله تعالى عليه وسلم وأمره: {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا} تذكرةً للمؤمنين وتهذيباً لأخلاقهم: اغفروا واصفحوا سيما عن المسيئين؛ ليكون العفو والغفران دَيْدَنةً (قاعدة أو عادة) راسخةً في نفوسكم, وكذلك الأخلاق التي ذُكرت في القرآن الكريم من الأخلاق المرضيَّة المنبِّهة على القسط الحقيقي والعدل الإلهي.
{مَنْ عَمِلَ} عملاً {صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} أي يعود نفعه إليه, {وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} وبالُ إساءته {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون} جميعاً, يحاسبكم على أعمالكم, ويجازيكم بمقتضاها. لكن ما أخذ الله سبحانه وتعالى عبادَهُ إلا بعد أن يرسل عليهم رسلاً مبشرين ومنذرين, وينزل عليهم كتباً مبيِّنة لهم طريق الهداية والرشاد, فإن اهتدوا فقد فازوا بصلاح الدارين, وإن اعتدوا فقد ضلوا عن سواء السبيل, واستحقُّوا بالعذاب الأليم.
الله تعالى جلَّ وعلا أنزل الشريعة وأنزل القرآن على الرسول الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم وأمره بالتبليغ, وبلَّغ عليه الصلاة والسلام. لنا قدوة برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبأمره, قال الله تعالى جلَّ وعلا: {... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [الحشر: 7], وقال الله جلَّ وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21], يعني الذين آمنوا وتمسَّكوا بالشريعة واتَّبعوا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام هم موافقون إن شاء الله تعالى لرضا الله جلَّ وعلا واتِّباع رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم, يعني اللهُ تعالى جلَّ وعلا لا يحكم بالمساواة بين المطيع والعاصي.
أيها المؤمنون المخلِصون الطالبون التخلُّقَ بأخلاق الله تعالى, وأخلاق رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم, الهاربون عن أخلاق أعدائه المخالفين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ} المبعوث لإرشادكم وإهدائكم {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي خصلة حميدة بديعة مقبولة, يجب التأسي والاتِّصاف بها {لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} أي لقاءه ومطالعة وجهه الكريم, {وَ} يرجو أيضاً {الْيَوْمَ الآخِرَ} الموعود فيه هذه الكرامة العظيمة, وبواسطة هذا الرجاء وغلبة هذه الأمنية العظيمة في خاطره, {وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} في عموم الأعيان والأوقات؛ لتلذُّذه بذكره سبحانه وتعالى حتى ينال ما وُعد من الفوز بشرف اللقاء.
ومن كان كذلك, وهمُّه ذلك, فهو مؤتَسٍ بالرسول صلى الله تعالى عليه وسلم في تلك الخصلة المحمودة والدَيْدَنَةِ المسعودة المقبولة عند الله تعالى, التي هي الرضا بجميع ما جرى عليه من القضاء, ومن علامات هذا الثباتُ على العزيمة وتحمُّل الشدائد ومقاساة الأحزان وارتكاب المتاعب والمشاقِّ في إعلاء دين الله تعالى وكلمة توحيده جلَّ وعلا, والتوكل نحوه في الضراء والسراء, وكظم الغيظ عند هجوم الغضب, والعفو عند القدرة, وغير ذلك من الخصائل الحميدة المرضيَّة.
وقد قال الله تعالى جلَّ وعلا: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُون * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُون} [الجاثية: 20ـ21].
إن {هَذَا} القرآن {بَصَائِرُ لِلنَّاسِ} يبصِّرهم طريق الهداية, ويوصلهم إلى طريق التوحيد الإلهي إن استقاموا عليها بالعزيمة الصادقة الصحيحة {وَهُدًى} يهديهم إلى سواء السبيل {وَرَحْمَةٌ} نازلة من قبل الحقِّ جلَّ وعلا {لِّقَوْمِ يُوقِنُون} يُوفَّقون للإيمان والإيقان والكشف والعيان.
وقال تعالى جلَّ وعلا: {أَمْ حَسِبَ} الغافلون الضالُّون المسرفون {الَّذِينَ اجْتَرَحُوا} واكتسبوا طول عمرهم {السَّيِّئَاتِ} المُبعِدة لهم عن طريق الحقِّ وسبيل الهداية {أّن نَّجْعَلَهُمْ} ونصيِّرهم بعدما رجعوا إلينا {كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} المقرِّبة لهم إلى الحقِّ وتوحيده, أي مِثْلَهم بلا مزية لهم عليهم, بل ظنُّوا أنهم وهم {سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُون}.
وقال الله تعالى جلَّ وعلا: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِين} [الجاثية: 28ـ30].
أمامنا الحشر الجسمانيُّ والحساب الربانيُّ, نحن لسنا كالبهائم, بل نحن مسؤولون عن رسولنا وشرعه وكتابه وهو القرآن, لا بدَّ أن نتفكَّر, حينذاك كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ} من الأمم {جَاثِيَةً} أي كل فرد من أفراد الأمم {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} بين يدي الله تعالى إلى صحيفة أعمالها التي كُتب فيها جميع أحوالها وأفعالها الكائنة الحاصلة منها في هذه الدنيا, لا بدَّ حينذاك ـ أي وكأننا هناك؛ لأن محقَّق الوقوع كالوقوع ـ أن نتفكَّر الآن, حتى لا نستحي حينذاك من ربِّنا جلَّ وعلا, لأن زمانَ الاستحياءِ والحفظِ عن محارم الله وعن مخالفةِ الشريعة اليوم, ويقال لهم حينئذ: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ} كلٌّ منكم {مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} في نشأتكم الأولى, إن خيراً فخير, وإن شراً فشر. لا بد لنا الآن أن نحاسِب قبل أن نُحاسَب, وأن نتدارك اليوم قبل أن يفوت وقت التدارك, لأن ربَّنا جلَّ وعلا يراقب علينا, وكتابه بين يدينا, الحمد لله نحن مؤمنون به وبكتابه وباليوم الآخر كذلك, وبما يجري علينا نؤمن, لا بد الانتباه, كما قال ربُّنا جلَّ وعلا: {... فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُور} [لقمان: 33].
{فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ} أيها المجبولون على الغفلة والغرور {الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بتغريراتها وتلبيساتها من مالها وجاهها ولذاتها الفانية الغير القارَّة {وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ} عفوه وغفرانه وسعة رحمته وجوده {الْغَرُور} أي الشيطان المبالغ في الغرور والتغرير بأن يجبركم على المعاصي اتِّكالاً على عفو الله وغفرانه.
{هَذَا كِتَابُنَا} الذي فصَّلنا فيه أعمال كلٍّ منكم ـ يقول لنا, لا شكَّ لنا يا ربَّنا ـ {يَنطِقُ عَلَيْكُم} ويذكِّركم {بِالْحَقِّ} على الوجه الذي صدر عنكم بلا زيادة ولا نقصان, إلا إذا خالفتم الكتاب والرسول صلى الله تعالى عليه وسلم والشريعة, وتُبتم بعده توبة قطعية نصوحاً, وهو يقبل التوبة عن عباده, حينذاك إن شاء الله تعالى لا نُسأل عن المخالفات.
{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ} ونأمر الملائكة الموكَّلين عليكم, المراقبين لأحوالكم وأعمالكم أن يكتبوا جميعَ {مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} أي أعمالَكم حسناتِها وسيئاتها, صغائرها وكبائرها, إذا لم يسبقها التوبة والإنابة.
وبعدما تُحاسبون على مقتضى كتبكم وصحائفكم: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا} يعني أذعنوا وأيقنوا بوحدة الحقِّ, ووقوع يوم القيامة, وصدَّقوا رسوله وكتابه {وَ} مع كمال إيمانهم ويقينهم {عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} من الأفعال والأخلاق الحميدة تقرُّباً إلى الله تعالى ـ لا رياءً ولا شهرةً ـ وتأدُّباً معه سبحانه وتعالى بما يليق بعبوديته وتعظيم شأنه. {فَ} أصحاب هذه الأوصاف الجميلة {يُدْخِلُهُمْ} اليوم {رَبُّهُمْ} الذي يوفِّقهم على الإيمان والتوحيد, والأعمال الصالحات, والإخلاص لله تعالى {فِي رَحْمَتِهِ} وفضل وحدته وفضل لطفه {ذَلِكَ} الذي بشَّر به عباده المؤمنين المخلصين {هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِين} والفضل العظيم, لا فوز أعظم منه وأعلى. الفوز العظيم في الدنيا ليس بالمخالفات الشرعية, ولا في التدريسات المخالفة للشريعة, ولا في جمع حطام الدنيا. من أيقن واعتقد أن أعماله كلَّها تُكتب, لا بدَّ أن يراقب الشريعة والسنة النبوية.
اللهم ارحمنا ووجِّهنا وقلوبَ المؤمنين والمؤمنات جميعاً نحو فضلك, ونحو رضاك, موافقاً لكتابك, ولاتباع حبيبك الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم, حسبنا الله ونعم الوكيل, اللهم احفظنا والمؤمنين والمؤمنات جميعاً برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلَّم, والحمد لله ربِّ العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
العاجز الفقير الغريب أحمد فتح الله جامي
خادم الطريقة الشاذلية
هذا ما أملاه عليَّ سيدي العارف بالله المربي الشيخ أحمد فتح الله جامي, شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية, حفظه الله تعالى ونفعنا به.
يوم الأحد بعد صلاة العشاء
الموافق 13 محرم 1432هـ
19 كانون الأول 2010م





عن موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 01-05-2011 الساعة 07:36 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-07-2011
  #2
الـــــفراتي
عضو شرف
 الصورة الرمزية الـــــفراتي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,649
معدل تقييم المستوى: 18
الـــــفراتي is on a distinguished road
افتراضي رد: وصية جديدة

جزاكم الله كل خير
الـــــفراتي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-08-2011
  #3
عمرالحسني
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرالحسني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 93
معدل تقييم المستوى: 15
عمرالحسني is on a distinguished road
افتراضي رد: وصية جديدة

والله سيدي نبهتنا بموعظتك سيدي
عمرالحسني غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-21-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: وصية جديدة

جزاهم الله عنا كل خير
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النسخة النهائية لزيارة 14-02-2012 محب الاحباب رسائل ووصايا في التزكية 5 02-23-2012 09:45 PM
الوصية السادسة - عرض العبادة على الشريعة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 07-27-2011 11:55 PM
الوصية عبدالرحمن الحسيني المواضيع الاسلامية 0 06-12-2010 04:11 PM
برنامج Internet Download Manager النسخة 5.14 احمد قسم الحاسوب 1 05-16-2009 01:24 AM


الساعة الآن 08:02 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir