أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           الحَمْدُ لله الذِي أحْيَانا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النَشُور           

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-23-2011
  #11
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 180
العصر من افراد كلية طبقة المعنى الاشارى ذاك. وقد جرت بين العلماء منذ القدم دستور حساب الجمل والجفر - حساب الابجدية - لإيجاد القرائن والحجج، فهذا الطرز من الحساب لا يخدش الآية الكريمة ولا يجرح معناها الصريح، بل قد يكون وسيلة لبيان اعجاز القرآن وعظمة بلاغته. فلا اعتراض على هذه الاشارات الغيبية، اذ الذي لا يستطيع انكار ما لايعد ولايحصى من استخراجات اهل الحقيقة من الاشارات القرآنية التي لا تحصى، ما ينبغى له ينكر هذا بل لا يمكنه ذلك.
اما استغراب ذلك المعترض واستبعاده ظهور مثل هذا السفر النفيس - رسائل النور - من رجل اعتيادي غير ذي بال، فانه اذا ما فكر بالدليل على عظمة القدرة الالهية التي تخلق شجرة ضخمة من بذيرة الصنوبر. فلاشك انه يضطر الى قبول ظهور مثل هذا الاثر ممن هو في العجز المطلق والفقر المطلق وفي ظرف الحاجة الشديدة مثل هذا الوقت دليلاً على الرحمة الالهية الواسعة.
انى اطمئنكم واطمئن المعترضين - بالشرف الرفيع لرسائل النور - أن هذه الاشارات واخبارات ورموز الاولياء ذات الايماءات قد ساقتني دائماً الى الشكر والحمدلله والى الاستغفار من ذنوبي. ولم يحصل ان اورثتْ ما يمكن ان يكون مدار فخر وغرور وانانية للنفس الامارة بالسوء في اي وقت كان. ولا في اية دقيقة كانت. واثبتّ ذلك بترشحات حياتي الماثلة امامكم منذ عشرين سنة.
وفضلاً عن هذه الحقيقة فان الانسان لايخلو من القصور والنسيان والسهو، فلي ذنوب كثيرة اجهلها. وربما قد تدخّل فكري وأوجد اخطاءً في الرسائل، ولكن هذا المعترض لا يبالي بتغير الحروف القرآنية المقدسة الى حروف اخرى ناقصة وقيامهم بوضع ترجمة بشرية ناقصة للقرآن الكريم ومحرفة ومملوءة بالتأويلات الفاسدة لاهل الضلالة والتي خدشت معاني الآيات الصريحة للقرآن... لا يبالي بهذا ولكنه يركز نظره على شخص ضعيف مظلوم بيّن نكتة اعجازية ليقوي بها ايمان اخوته، فيعترض عليه بما يورث الفتور لخدمة الايمان. علماً ان نقطة اعتراضه لا يمكن ان يعترض عليها من كان يملك ذرة من الانصاف.
وانه لمن دواعي حيرتي وعجبي:


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 181
ان ذلك المعترض الفاضل هو تلميذ استاذ من أساتذتي القديرين في السلسلة العلمية وهو "الشيخ فهيم". وهو احد طلاب الامام الرباني رضى الله عنه الذي ارتبط به اشد ارتباط، فكان عليه ان يسعى اكثر من غيره لمعاونتي بكل مالديه من قوة، دون الالتفات الى ذنوبي وحياتي الماضية المتداخلة المضطربة والى انفعالاتي، الاّ ان اعتراضه مع الاسف قد اورث - كما سمعنا - الفتور لدى بعض اصدقائنا الضعفاء، وسلّم بيد اهل الضلالة ما يشبه الحجة.
اننا ننتظر من ذلك الشيخ الفاضل تلافي سوء الفهم هذا والسعى لتعميره ونأمل معاونته لنا بدعواته ونصائحه البليغة المؤثرة. علاوة على ذلك اُبين ما يأتي:
في هذا الوقت الذي يبدو في الظاهر انحسار وتقهقر تلك المشارب والمسالك الحقة القوية جداً - والتي ينضوي تحت لوائها الملايين من المؤمنين المستعدين لكل تضحية - أمام الهجوم العنيف لهذه الضلالة. تحملت رسالة النور جميع تلك الهجمات، وحملت على عاتقها الاعباء كافة فشقّت طريقها سابقة الجميع في طريق الايمان. لذا، لا يمكن ان تُسند هذه الرسائل الى رجل عاجز نصف أمي قضى حياته بين المنفى والسجن وتحت رقابة سلطات الدولة، وقيامها بتنفير الناس من حوله بالدعايات المغرضة. فمثل هذا الرجل لا يمكن ان يكون مالكاً لها. ولا يمكن ان يفتخر بها او يدّعيها، فهي ليست نابعة من ذكائه ومهارته، بل هي معجزة من معجزات القرآن الكريم لهذا الزمن وهبتها الرحمة الالهية، وكل ما في الأمر ان هذا الرجل وآلافاً من اصدقائه قد مدوا أيديهم الى تلك الهدية الغالية النفيسة، فوقع الخيار عليه في بيانها.
والدليل على ان الرسائل ليست من بنات افكاره ان هناك من الرسائل ما قد كُتبت في ست ساعات واخرى في ساعتين، وبعضها في ساعة واحدة واخرى في عشر دقائق.
فانا اقسم انه لو كان لي حدّة ذكاء سعيد القديم وقوة حافظته لما تمكنت ان اكتب في عشر ساعات ما كُتب آنذاك في عشر دقائق ولا يمكنني ان اكتب في يومين ما كتب في ساعة.

الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 182
فالرسالة التي تبحث في ماهية "انا" (الذات الانسانية)، والتي كتبت في ست ساعات لا يمكن ان تكتب لا من قبلي ولا من قبل الفلاسفة والعباقرة الباحثين، في ستة أيام. وهكذا.
فنحن اذن مع اننا مفلسون ليس لنا شئ. الاّ اننا أصبحنا خداماً ودلالين في معرض أغلى المجوهرات. نسأل المولى الكريم ان يوفقنا وجميع طلاب رسائل النور - بفضله وكرمه - في هذه الخدمة باخلاص تام. آمين.
***
ملاحظة المترجم:
وضع الاستاذ النورسي ضمن ملحق قسطموني ثلاث قطع من رسالة "اللوامع" وهي: "كل الآلام في الضلالة، وبيان موجز لإعجاز القرآن، وبرهانان عظيمان للتوحيد" وذلك حسب قاعدته المذكورة في خاتمة رسالة "قطرة من بحر التوحيد" من المثنوي العربي النوري، حيث يقول:
"لأني ارى القرآن منبع كل الفيوض، وما في آثاري من محاسن الحقائق ما هو الاّ من فيض القرآن، فلهذا لا يرضى قلبي ان يخلو أثر من آثاري من ذكر نُبَذٍ من مزايا اعجاز القرآن"
ولما كانت رسالة "اللوامع" قد نشرت ملحقة بمجموعة "الكلمات" نكتفي هنا بادراج احدى تلك القطع الثلاث وهي: بيان موجز لإعجاز القران. ومن شاء فليراجع القطعتين الاخريين في "اللوامع".



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 183
بيان موجز لاعجاز القرآن
رأيت في الماضي فيما يرى النائم: انني تحت جبل (آرارات). انفلق الجبل على حين غرة، وقذف صخوراً بضخامة الجبال الى انحاء العالم، فهزّ العالم وتزلزل.
وفجأة وقف بجنبي رجل، قال لي: بيّن بايجاز ما تعرفه مجملاً من أنواع الاعجاز... اعجاز القرآن.
فكرتُ في تعبير الرؤيا، وأنا ما زلت فيها وقلت:
ان ما حدث هنا من انفلاق مثالٌ لما يحدث في البشرية من انقلاب، وسيكون هدى القرآن بلا ريب عالياً ومهيمناً في هذا الانقلاب. وسيأتي يوم يبين فيه اعجازه.
أجبتُ ذلك السائل قائلاً:
ان اعجاز القرآن يتجلى من سبعة منابع كلية، ويتركب من سبعة عناصر.
المنبع الأول:
سلاسة لسانه من فصاحة اللفظ؛ اذ تنشأ بارقة بيانه من جزالة النظم، وبلاغة المعنى، وبداعة المفاهيم، وبراعة المضامين، وغرابة الاساليب. فيتولد نقش بياني عجيب، وصنعة لسان بديع، من امتزاج كل هذه في نوع اعجاز لا يملّ الانسان من تكراره أبداً.
أما العنصر الثاني:
فهو الاخبار السماوي عن الغيوب في الحقائق الغيبية الكونية والاسرار الغيبية للحقائق الإلهية. فمن أمور الغيب المنطوية في الماضي، ومن الأحوال المستترة الباقية في المستقبل تنشأ خزينة علم الغيوب. فهو لسان عالم الغيوب يتكلم مع عالم الشهادة، في أركان (الايمان) يبينها بالرموز، والهدف هو نوع الانسان، وما هذا الاّ نوع من لمعة نورانية للاعجاز.
اما المنبع الثالث فهو:
ان للقرآن جامعية خارقة من خمس جهات: في لفظه، في معناه، في أحكامه، في علمه، في مقاصده.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 184
لفظه:يتضمن احتمالات واسعة ووجوهاً كثيرة بحيث ان كل وجهٍ تستحسنه البلاغة، ويستصوبه علم اللغة العربية، ويليق بسر التشريع.
في معناه: لقد أحاط ذلك البيان المعجز بمشارب الأولياء واذواق العارفين ومذاهب السالكين، وطرق المتكلمين، ومناهج الحكماء، بل قد تضمن كلَّها. ففي دلالاته شمولٌ وفي معناه سعة.
فما أوسع هذا الميدان ان أطللت من هذه النافذة!.
الاستيعاب في الاحكام: هذه الشريعة الغراء قد اُستنبطتْ منه، اذ قد تضمن طراز بيانه جميع دساتير سعادة الدارين، ودواعي الأمن والاطمئنان، وروابط الحياة الاجتماعية، ووسائل التربية، وحقائق الأحوال.
استغراق علمه: لقد ضم ضمن أسوار سوره العلوم الكونية والعلوم الإلهية، مراتب ودلالات ورموزاً واشارات.
في المقاصد والغايات: لقد راعى الرعاية التامة في الموازنة والاطراد والمطابقة لدساتير الفطرة، والاتحاد في المقاصد والغايات، فحافظ على الميزان.
وهكذا الجامعية الباهرة في احاطة اللفظ وسعة المعنى واستيعاب الاحكام واستغراق العلم وموازنة الغايات.
اما العنصر الرابع:
فافاضته النورانيةُ حسب درجة فهم كل عصر، ومستوى أدب كل طبقة من طبقاته وعلى وفق استعدادها ورتب قابليتها.
فبابُه مفتوح لكل عصر ولكل طبقة من طبقاته، حتى كأن ذلك الكلام الرحماني ينزل في كل مكان في كل حين.
فكلما شاب الزمان شبّ القرآنُ وتوضحت رموزه، فذلك الخطيب الإلهي يمزق ستار الطبيعة وحجاب الاسباب فيفجّر نورَ التوحيد من كل آية، في كل وقت. رافعاً راية الشهادة شهادة التوحيد على الغيب.
ان علو خطابه يلفت نظر الانسان ويدعوه الى التدبّر؛ اذ هو لسان الغيب يتكلم بالذات مع عالم الشهادة.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 185
يُخلَص من هذا العنصر: أن شبابيته الخارقة شاملة محيطة، وأنسيته جعلته محبوب الانس والجان، وذلك بالتنزلات الإلهية الى عقول البشر لتأنيس الأذهان، والمتنوعة بتنوع أساليب التنزيل.
أما المنبع الخامس:
فنُقولُه واخبارُه في اسلوب بديع غزير المعاني، فينقل النقاط الأساس للاخبار الصادقة كالشاهد الحاضر لها. ينقل هكذا لينبّه بها البشر.
ومنقولاته هي الآتية: اخبار الأولين وأحوال الآخرين وأسرار الجنة والجحيم، حقائق عالم الغيب، واسرار عالم الشهادة، والاسرار الإلهية والروابط الكونية. تلك الاخبار المشاهَدة شهود عيان حتى انه لا يردّها الواقع ولا يكذّبها المنطق بل لا يستطيع ردّها ابداً ولو لم يدركها.
فهو مطمَح العالم في الكتب السماوية، اذ ينقل الاخبار عنها مصدّقاً بها في مظان الاتفاق، ويبحث فيها مصححاً لها في مواضع الاختلاف.
ألا انه لمعجزة هذا الزمان ان يصدر مثل هذه الأمور النقلية من "أميّ"!
اما العنصر السادس:
فانه مؤسس دين الاسلام ومتضمنه. ولن تجد مثل الاسلام ان تحريت الزمان والمكان، لا في الماضي ولا في المستقبل. انه حبل الله المتين، يمسك الأرض لئلا تفلت، ويديرها دوراناً سنوياً ويومياً. فلقد وضع وقاره وثقله على الأرض، وساسها وقادها وحال بينها وبين النفور والعصيان.
أما المنبع السابع:
فان الأنوار الستة المفاضة من هذه المنابع الستة يمتزج بعضها مع بعض، فيصدر شعاع حُسنٍ فائق، ويتولد حدس ذهني، وهو الوسيلة النورانية.
والذي يصدر عن هذا: ذوق، يُدرَك به الاعجاز.
لساننا يعجز عن التعبير عنه، والفكر يقصر دونه.
فتلك النجوم السماوية تُشاهَد ولا تُستمسك.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 186
طوال ثلاثة عشر قرناً من الزمان يحمل أعداء القرآن روح التحدي والمعارضة..
وتولدت في أوليائه واحبائه.. روح التقليد والشوق اليه.
وهذا هو بذاته برهان للاعجاز.
اذ كُتبت من جراء هاتين الرغبتين الشديدتين ملايين الكتب بالعربية، فلو قورنت تلك الملايين من الكتب مع القرآن الكريم، لقال كلُ من يشاهد ويسمع، حتى أكثر الناس عامية، دونك الذكي الحكيم:
ان هذه الكتب بشرية.. وهذا القرآن سماوي.
وسيحكم حتماً:
ان هذه الكتب كلها لا تشبه هذا القرآن ولا تبلغ شأوه قطعاً.
لذا فإما انه أدنى من الكل. وهذا معلوم البطلان وظاهر بالبداهة.
اذن فهو فوق الكل.
ولقد فتح أبوابه على مصراعيه للبشر ونشر مضامينه أمامهم طوال هذه المدة الطويلة. ودعا لنفسه الأرواح والأذهان.
ومع هذا لم يستطع البشر معارضته، ولا يمكنهم ذلك. فلقد انتهى زمن الامتحان.
ان القرآن لا يقاس بسائر الكتب ولا يشبهها قطعاً.
اذ نزل في عشرين سنة ونيف نجماً نجماً - لحكمة ربانية - لمواقع الحاجات نزولاً متفرقاً متقطعاً. ولأسباب نزول مختلفة متباينة. وجواباً لأسئلة مكررة متفاوتة. وبياناً لحادثات أحكام متعددة متغايرة. وفي أزمان نزول مختلفةمتفارقة. وفي حالات تَلَقٍّ متنوعة متخالفة. ولأفهام مخاطبين متعددة متباعدة. ولغايات ارشاداتٍ متدرجة متفاوتة.
وعلى الرغم من هذه الأسس فقد أظهر كمال السلاسة والسلامة والتناسب والتساند في بيانه وجوابه وخطابه، ودونك علم البيان وعلم المعاني.
وفي القرآن خاصية لا توجد في أي كلام آخر: لأنك اذا سمعت كلاماً من أحدٍ فانك ترى صاحب الكلام خلفه أو فيه فالاسلوب مرآة الأنسان.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 187
أيها السائل المثالي!
لقد أردت الاعجاز، وها قد أشرتُ اليه.
وان شئت التفصيل، فذلك فوق حدّي وطوقي. أتقدر الذبابة مشاهدة السماوات؟
وقد بيّن كتاب (اشارات الاعجاز) واحداً من أربعين نوعاً من ذلك الاعجاز، ولم تفِ مائة صفحة من تفسير لبيان نوع واحد.
بل أنا الذي أريد منك التفصيل، فقد تفضّل المولى عليك بفيضٍ من الهامات روحية.
لا تبلغ يد الأدب الغربي ذي الاهواء والنزوات والدهاء..
شأن أدب القرآن الخالد ذي النور والهدى والشفاء.
اذ الحالة التي ترضى الأذواق الرفيعة للكاملين من الناس وتُطمئنهم، لا تسرّ أصحاب الاهواء الصبيانية وذوي الطبائع السفيهة، ولا تسلّيهم، فبناءً على هذه الحكمة؛
فان ذوقاً سفيهاً سافلاً، ترعرع في حمأة الشهوة والنفسانية، لا يستلذ بالذوق الروحي، ولا يعرفه أصلاً.
فالأدب الحاضر؛ المترشح من أدب أوروبا، عاجز عن رؤية ما في القرآن الكريم من لطائف عالية ومزايا سامية، من خلال نظرته الروائية، بل هو عاجز عن تذوقها، لذا لا يستطيع ان يجعل معياره محكّاً له.
والأدب يجول في ثلاثة ميادين، دون ان يحيد عنها:
ميدان الحماسة والشهامة..
ميدان الحسن والعشق..
ميدان تصوير الحقيقة والواقع..
فالأدب الأجنبي:
في ميدان الحماسة؛


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 188
لا ينشد الحق، بل يلقّن شعور الافتتان بالقوة بتمجيده جَور الظالمين وطغيانهم.
وفي ميدان الحسن والعشق؛
لا يعرف العشق الحقيقي، بل يغرز ذوقاً شهوياً عارماً في النفوس.
وفي ميدان تصوير الحقيقة والواقع؛
لا ينظر الى الكائنات على انها صنعة إلهية، ولا يراها صبغة رحمانية، بل يحصر همه في زاوية الطبيعة ويصور الحقيقة في ضوئها، ولا يقدر الفكاك منها.. لذا يكون تلقينه عشق الطبيعة، وتأليه المادة، حتى يمكّن حبها في قرارة القلب، فلا ينجو المرء منه بسهولة.
ثم ان ذلك الأدب المشوب بالسفه، لا يغني شيئاً عن اضطرابات الروح وقلقها الناشئة من الضلالة والواردة منها أيضاً، ولربما يهدئها وينيّمها.
وفي حسبانه انه قد وجد حلاً، وكأن العلاج الوحيد، وهو رواياته. وهي:
في كتاب.. ذلك الحي الميت.
وفي سينما.. وهي أموات متحركة.
وفي مسرح.. الذي تبعث فيه الأشباح وتخرج سراعاً من تلك المقبرة الواسعة المسماة بالماضي!
هذه هي أنواع رواياته.
وأنّى للميت ان يهب الحياة!..
وبلا خجل ولا حياء!.. وضع الأدب الأجنبي لساناً كاذباً في فم البشر.. وركّب عيناً فاسقة في وجه الانسان.. وألبس الدنيا فستان راقصة ساقطة.
فمن أين سيعرف هذا الأدب؛ الحسنَ المجرد.
حتى لو أراد ان يُري القارئ الشمسَ؛ فانه يذّكره بممثلة شقراء حسناء.
وهو في الظاهر يقول: "السفاهة عاقبتها وخيمة، لا تليق بالانسان"..
ثم يبين نتائجها المضرة..
الاّ انه يصورها تصويراً مثيراً الى حد يسيل منه اللعاب، ويفلت منه زمام العقل، اذ يضرم في الشهوات، ويهيج النزوات. حتى لا يعود الشعور ينقاد لشئ.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 189
اما أدب القرآن الكريم:
فانه لا يحرك ساكن الهوى، لا يثيره، بل يمنح الانسان الشعور بنشدان الحق وحبه، والافتتان بالحسن المجرد، وتذوّق عشق الجمال، والشوق الى محبة الحقيقة.. ولا يخدع أبداً.
فهو لا ينظر الى الكائنات من زاوية الطبيعة، بل يذكرها صنعة إلهية، صبغة رحمانية، دون ان يحير العقول.
فيلقّن نور معرفة الصانع..
ويبين اياته في كل شئ..
والأدبان.. كلاهما يورثان حزناً مؤثراً. الاّ انهما لا يتشابهان.
فما يورثه أدب الغرب هو حزن مهموم، ناشئ من فقدان الأحباب، وفقدان المالك. ولا يقدر على منح حزن رفيع سامٍ .
اذ استلهام الشعور من طبيعة صماء، وقوة عمياء يملأوه بالالام والهموم حتى يغدو العالم مليئاً بالاحزان، ويلقي الانسان وسط اجانب وغرباء دون أن يكون له حامٍ ولامالك! فيظل في مأتمه الدائم..
وهكذا تنطفئ أمامه الآمال.
فهذا الشعور الملئ بالأحزان والآلام يهيمن على كيان الانسان، فيسوقه الى الضلال، والى الالحاد، والى انكار الخالق.. حتى يصعب عليه العودة الى الصواب، بل قد لا يعود أصلاً.
أما أدب القرآن الكريم:
فانه يمنح حزناً سامياً علوياً، ذلك هو حزن العاشق، لا حزن اليتيم.. هذا الحزن نابع من فراق الأحباب، لا من فقدانهم.
ينظر الى الكائنات؛ على أنها صنعة إلهية، رحيمة، بصيرة بدلاً من طبيعة عمياء. بل لا يذكرها اصلاً، وانما يبين القدرة الإلهية الحكيمة، ذات العناية الشاملة، بدلاً من قوة عمياء.

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #12
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 190
فلا تلبس الكائنات صورة مأتم موحش، بل تتحول - امام ناظريه - الى جماعة متحابّة، اذ في كل زاوية تجاوب. وفي كل جانب تحابب. وفي كل ناحية تآنس.. لا كدر ولا ضيق.
هذا هو شأن الحزن العاشقي.
وسط هذا المجلس يستلهم الانسان شعوراً سامياً، لا حزناً يضيق منه الصدر.
الأدبان.. كلاهما يعطيان شوقاً وفرحاً.
فالشوق الذي يعطيه ذلك الأدب الأجنبي؛ شوق يهيج النفس، ويبسط الهوس.. دون ان يمنح الروح شيئاً من الفرح والسرور.
بينما الشوق الذي يهبه القرآن الكريم؛ شوق تهتز له جنبات الروح، فتعرج به الى المعالي.
وبناءً على هذا السر:
فقد نهت الشريعة الغراء عن اللهو، وما يُلهي.. فحرّمت بعض آلات اللهو، واباحت أخرى.
بمعنى:
ان الآلة التي تؤثر تأثيراً حزيناً حزناً قرآنياً وشوقاً تنزيلياً، لا تضر. بينما ان أثرت في الانسان تأثيراً يتيمياً وهيّجت شوقاً نفسانياً شهوياً. تحرم الآلة.
تتبدل حسب الاشخاص هذه الحالة..
والناس ليسوا سواء.
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 191
[الكسب المعنوي الجماعي]
باسمه سبحانه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
ان الدليل القاطع على ان كل طالب صادق لرسائل النور سيكسب ذلك الكسب الخارق النابع من سر ليلة القدر والتي يكسب فيها المرء ثلاثاً وثمانين سنة من عمر معنوى، ومن سر الاخلاص والتساند والاشتراك في الاعمال الاخروية الجارية بين طلاب رسائل النور، هو:
الاحتمال القوي ان لا يكسب ذلك الكسب الخارق واحدٌ او اثنان او عشرة او عشرون، بل مئات ضمن دائرة النور التي تضم اربعين الفاً بل مائة الف من المؤمنين الحقيقيين الخالصين. فبسر الاخلاص وبدستور الاشتراك في الاعمال الاخروية نتوجه نحن وانتم كذلك الى هذه الحقيقة - حقيقة ليلة القدر - فنفترض انفسنا ضمن جميع الاخوة وكل منّا يتكلم باسم الجميع في هذا الشهر المبارك فنقول بصيغة الجمع: أجرنا، ارحمنا، واغفرلنا، ووفقنا، واهدنا، واجعل ليلة القدر في هذا الشهر شهر رمضان خيراً في حقنا من ألف شهر. وننوى في كل دعاء ضمن "نا" ضمير الجمع جميع اخواننا. وعليكم معاونة اخيكم هذا الضعيف بالذات في وظيفته المرهقة بتلك النية الخاصة.
***

[لِمَ ننشغل برسائل النور وحدها؟]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
اننى في هذا الشهر المبارك شهر رمضان في الوقت الذى احتاج فيه الى نسيان الدنيا والى عدم النظر الى الامور الآفاقية الخارجية الاّ انهم - مع الاسف - ألجأوني الى النظر اليها احياناً. نسأله تعالى ان يجعل هذا النظر نوعاً من العبادة حيث ان نيتنا فيه الخدمة الايمانية.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 192
نعم، كما انهم يتعرضون لكم فانهم باساليب مختلفة يُشعرون تعرضهم لنا. ولكن شكراً لله تعالى ان تعدّيهم علينا يؤدي الى خلاف مقصودهم، فيعين فتوحات رسائل النور.
وقد ذكر الطالب البطل "نظيف" ان اعتراض الشيخ في استانبول قد اصبح وسيلة لفتوحات رسائل النور وسطوعها، وان الاعتداء على حقوقنا، في امور طفيفة هنا وهناك تورث مثل هذه النتيجة.. ولكن وجدوا في الوقت الحاضر وسيلة لا تخطر على بال لترويع بعض العلماء الضعفاء وأهل التصوف والقاء الفتور في قلوبهم تجاه رسائل النور.
فهم يقولون: ان سعيداً لا يقتني كتباً اخرى لديه، بمعنى انه لا يعجبه تلك الكتب بل لا يعجبه حتى كتب الامام الغزالي فلا يجلب اليه مؤلفاته.
فبهذه الكلمات العجيبة التي لا معنى لها يكدّرون اذهان الناس. ألا ان الذين يروجون مثل هذه الاشاعات انما هم اهل الزندقة، ولكن يجعلون العلماء الساذجين وبعضاً من اهل التصوف وسيلة لذلك.
ونحن نقول تجاه هذا:
حاش لله مائة مرة حاش لله... ان مهمة رسائل النور وطلابها هى الحفاظ على مسلك استاذهم حجة الاسلام الامام الغزالى، والذود عنه ما وسعهم وانقاذه من هجمات أهل الضلالة.. وهو استاذي الوحيد الذي يربطني بالامام علي رضي الله عنه، ولكن في زمانهم لم يكن هجوم الزندقة الرهيبة يزعزع اركان الاسلام. لذا فالاسلحة التي استعملها اولئك العلماء المحققون الاجلاء، والمجتهدون العظام حسب عصورهم في المناظرات والمناقشات العلمية والدينية لا يُحصل عليها بسرعة، بل يحتاج الى وقت، ولا تُقهر أعداء هذا الزمان قهراً تاماً. الاّ ان رسائل النور باستلهامها القرآن المبين قد وجدت اسلحة يمكن الحصول عليها بسرعة، وهى قوية نافذة، وفي الوقت نفسه تمزق العدو وتجعلهم شذر مذر، لذا لا تُراجع مصانع اسلحة اولئك الافذاد السامين الميامين. لان القرآن الكريم الذي هو مصدرهم جميعاً ومنبعهم ومرجعهم واستاذهم قد اصبح استاذاً كاملاً لرسائل النور. فضلاً عن ذلك فالوقت ضيق ونحن ضعفاء، فلا نجد متسعاً من الوقت كي نستفيد من تلك الآثار النورانية،


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 193
علاوة على ذلك فان هناك مئات الاضعاف من امثال طلاب رسائل النور ينشغلون بتلك الكتب وهم يؤدون تلك الوظيفة ونحن اودعناها لهم. والاّ - حاش وكلاّ- فنحن نحب تلك الآثار الطيبة الميمونة لاساتذتنا السامين اولئك بقدر ما نحب ارواحنا وكياننا، ولكن لكل منا دماغ واحد ويد واحدة ولسان واحد، وتجاهنا الوف المتعدين والوقت ضيق. وحيث أننا شاهدنا آخر سلاح اوتوماتيكي أمامنا وهو براهين رسائل النور، اضطررنا الى الاكتفاء بذلك السلاح والاعتصام به.
***

[ما يسوق الى الرياء وما يمنع منه]
اخوتي الاعزاء الخالصين المخلصين ويا رفقائي الحقيقيين الجادين في خدمة القرآن!
لمناسبة انتشار رسالة "الاخلاص" حوالينا وفي ولاية اسبارطة ولمناسبة حدوث حادثتين طفيفتين، ورد خاطر قوي الى القلب. ستكتب ثلاث نقاط تخص الرياء:
اولاها:
ان الرياء لا يدنو من الفرض والواجب والشعائر الاسلامية واتباع السنة النبوية الشريفة واجتناب الحرام. فاظهار هذه الامور ليس من الرياء قطعاً، الاّ اذا كان الشخص قد جُبل على الرياء مع ضعف شديد في الايمان. بل إن اظهار العبادات التي تمس الشعائر الاسلامية اجزل ثواباً من اخفائها بكثير، كما بيّنها حجة الاسلام الامام الغزالي رضى الله عنه.
وعلى الرغم من ان اخفاء سائر النوافل له اثوبة كثيرة فان النوافل المتعلقة بالشعائر الاسلامية ولاسيما في مثل هذه الاوقات التي راجت فيها البدع، وكذا اظهار التقوى التي هي ترك الحرام ضمن هذه الكبائر المنتشرة، لها أثوبة عظيمة اكثر من اخفائها، ناهيك ان يتقرب منها الرياء.
النقطة الثانية:
هناك اسباب عديدة تسوق الانسان الى الرياء. منها:
السبب الاول: ضعف الايمان: ان الذي لا يفكر بالله يعبد الاسباب ويتخذ وضع الرياء بحبه اظهار نفسه للناس. فطلاب رسائل النور لا يعيرون اهمية ولاقيمة


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 194
للاسباب ولا للناس من حيث العبودية كى يقعوا في الرياء في عبوديتهم باظهارها لهم. وذلك لانهم يتلقون درساً ايمانياً تحقيقياً قوياً من رسائل النور.
السبب الثاني: ان الحرص والطمع يسوقان الانسان - من زاوية الفقر والضعف الانساني - الى جلب توجه الناس وتلبّس أوضاع متكلفة للرياء والظهور.
ولما كان طلاب النور يحصلون على عزة الايمان باسترشادهم بدروس (رسائل النور) كالاقتصاد والقناعة والتوكل على الله والرضى بقسمته، فانها باذن الله تمنعهم عن الرياء والعجب والتنازل لمنافع الدنيا.
السبب الثالث: ان حرص الانسان على الشهرة، وحب الجاه، وطلب نيل المقامات، والتفوق على الاقران وامثالها من الاحاسيس والمشاعر، وكذا التظاهر بمظهر حسن رفيع وتقمص طور اشخاص عظام لا يليق به، وجلب انظار الناس واعجابهم نحوه بما هو فوق حدّه وطاقته، وما شابهها من أنواع التصنع والتكلف في الاعمال.. كلها تسوق الى الرياء.. ولكن لما كان طلاب رسائل النور قد حوّلوا "انا" الى "نحن" أي تركوا الانانية ودخلوا ضمن دائرة الشخصية المعنوية للجماعة ويسعون في اعمالهم باسم تلك الشخصية، أي يقولون "نحن" بدلاً من "أنا".. وكما قد نجا أهل الطرق من الرياء بوسائل قتل النفس الأمارة والأخذ بقاعدة: "الفناء في الشيخ" و"الفناء في الرسول".. فان احدى تلك الوسائل هي "الفناء في الاخوان"، أي اذابة الشخصية الفردية في حوض الشخصية المعنوية لاخوانه وبناء أعماله على وفق ذلك، أقول: انه كما قد نجا أهل الحقيقة بتلك الوسائل من ورطة الرياء ينجو باذن الله طلاب النور بهذا السر أيضاً.
النقطة الثالثة:
انه لا تعد من الرياء والعجب قط تلك الأطوار والاوضاع الرفيعة التي يقتضيها مقام اداء الواجب الديني، وجعل الناس يتقبلونه قبولاً حسناً. اللّهم الاّ اذا كان الشخص يسخّر تلك الوظيفة الدينية طوع انانيته ويستغلها لأغراضه الشخصية.
فإمام الجامع، يجهر بالاذكار، كجزء من واجبه في اقامة الصلاة واداء الاذكار، ويُسمِعها الآخرين، وهذا لا رياء فيه قط، ولكن اسماعها الناس خارج نطاق واجبه، ربما يداخله الرياء، فان اخفاءها اكثر ثواباً من الجهر بها.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 195
لذا فان طلاب النور الحقيقيين، اثناء ادائهم لواجب نشر الوعي الديني، واثناء قيامهم بعباداتهم اتباعاً للسنة النبوية، واثناء التزامهم بالتقوى التي هي اجتناب الكبائر.. انما يُعدّون مكلفين مأمورين في سبيل خدمة القرآن. فنسأل الله تعالى الاّ يداخل أعمالهم تلك، الرياءُ. الاّ من دخل ضمن دائرة رسائل النور لغرض آخر غير خدمة القرآن.
***

[حول وظائف السيد المهدي]
.. ان الذي تنتظره الأمة وسيأتي في آخر الزمان، له مهام ثلاثة، وان أهم وظيفة من هذه الوظائف الثلاث وأعظمها وأجلها هي نشر الايمان التحقيقي وانقاذ الايمان من الضلالة..
أما وظيفته الثانية: فهي تنفيذ الشريعة الغراء وتطبيقها، فبينما لا تعتمد الوظيفة الاولى على القوة المادية بل ان سندها هو القوة المعنوية من اخلاص ووفاء وقوة العقيدة، فان هذه الوظيفة تحتاج الى قوة مادية عظيمة مرهوبة الجانب، وسلطة ذات شأن، كي يتمكن من تنفيذها.
اما وظيفته الثالثة: فهي خدمة الاسلام باعلان الخلافة الاسلامية مستندا الى الوحدة الاسلامية، والاتفاق مع الروحانيين النصارى - الذين يلتحقون به خدمة للايمان - فهذه الوظيفة يمكن تطبيقها بسلطة عظيمة وقوة هائلة وملايين الفدائيين المضحين.
ان الوظيفة الاولى أسمى وأعلى من الوظيفتين التاليتين بدرجات، الا انهما يبدوان في نظر عامة الناس ولاسيما العوام، أسطع وأبهر وأوسع منها لما لهما من جاذبية.
خلاصة الكلام:
ان اطلاق اسم "المهدي" الى أي شخص في الوقت الحاضر، يورد الى الذهن الوظائف الثلاث دفعة واحدة، فيحصل الخطأ، وقد يجرح الاخلاص.. وتضعف


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 196
قوة الحقائق لدى العوام شيئاً ما، و تنقلب اليقينيات المدعمة بالبراهين الى الظن الغالب للقضايا المقبولة، فلا يظهر لدى الحائرين من المؤمنين التغلب المبين على الضلالة العنيدة والزندقة المتمردة. وعندها يبدأ أهل السياسة بإثارة المخاوف والشكوك ويشرع قسم من العلماء بالاعتراض...
***

"
كتب لمناسبة تعديل حسن الظن المفرط لعالم فاضل نحو الاستاذ لعل فيه فائدة لكم"
الى العالم الفاضل، والاخ العزيز الصادق، حشمت أفندي!
لقد قرأنا بتقدير و اعجاب رسالتكم الكريمة حول المجدد، ونقلناها الى استاذنا وهو يقول:
نعم! انه ينبغي لهذا العصر من مجدد له شأنه ليقوم بتجديد الدين والايمان، وتجديد الحياة الاجتماعية والشريعة، و تجديد الحقوق العامة والسياسة الاسلامية.
ولكن أهم تلك الوظائف، هو التجديد في مجال المحافظة على الحقائق الايمانية فهي أجل وأعظم تلك الوظائف الثلاث. لذا تبقى دوائر "الشريعة" و "الحياة الاجتماعية والسياسية" في الدرجة الثانية والثالثة والرابعة بالنسبة لدائرة الايمان.
هذا وان الأهمية البالغة التي وردت في الحديث الشريف حول تجديد الدين، انما هي باعتبار التجديد في الحقائق الايمانية، ولكن نظراً لان أفكار عامة الناس، والذين حصروا همهم في الحياة الدنيا تتوجه أول ما تتوجه الى الحياة الاجتماعية الاسلامية والسياسة الدينية التي تبدو اكثر أهمية من غيرها وأوسع واعظم مدى، لما لها من جاذبية وهيبة في السلطة والحكم، فترى ان هؤلاء ينظرون بتلك العدسة ومن تلك الزاوية الى الامور ويفسرونها في ضوئها.
ثم انه يبدو بعيداً جداً، بل يكاد يكون غير ممكن اجتماع هذه الوظائف الثلاث كلها في شخص واحد، أو في جماعة واحدة، في هذا العصر، وعلى الوجه الاكمل، ومن دون ان تعيق احداها الاخرى. بل قد لا تجتمع أصلا تلك الوظائف الا


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 197
في "السيد المهدي" الذي يمثل الجماعة النوارنية لآل البيت النبوي في آخر الزمان، وفي الشخص المعنوي لجماعته.
فللّه الحمد بما لا يتناهى من الحمد؛ ان دفع الشخص المعنوي لطلاب رسائل النور وحقيقتها - في هذا العصر - لأداء وظيفة التجديد من حيث المحافظة على الحقائق الايمانية.
وهي منذ عشرين سنة تؤدي تلك الوظيفة المقدسة بنشرياتها المؤثرة والفاتحة للقلوب صادةً صولات الزندقة القوية الرهيبة وغارات الضلالة منقذة ايمان مئات الالوف من اهل الايمان، والشاهد على ذلك اكثر من اربعين الفاً من الشهود.
يقول استاذنا:
لا ينبغى ان يكون شخصي العاجز الضعيف موضع النظر وتحميل كاهلي هذا الثقل العظيم بما يفوق حدي بالوف المراتب. وهو يخصكم بالسلام، ونحن بدورنا نخصكم بالسلام ومن له علاقة برسائل النور هناك.
من طلاب رسائل النور
امين، فيضي، كامل
***

[يد القدر ويد الانسان في الحادثة]
انه قاعدة اساس في رسائل النور: ان في كل حادثة يد الانسان ويد القدر معاً، ولكن الانسان يظلم حيث ينظر الى السبب الظاهرى، بينما القدر يعدل لانه يرى السبب الخفى لتلك المصيبة.
ولقد ثبت بتجارب ان يد العناية الالهية ورحمته تعالى موجودة في كل المصائب التي نزلت برسائل النور لحد الآن.
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 198
[فتوى أمين الفتوى]
ان السيد "علي رضا" اكبر علماء استانبول واكثرهم تحرياً وبحثاً والذي تولى في أغلب الأوقات منصب مفتي الانام، وهو أمين الفتوى السابق، بعد ما شاهد الشعاع الاول المتضمن للارشادات القرآنية ورسالة الآية الكبرى وامثالها من الرسائل قال للحافظ أمين وهو من طلاب رسائل النور القديرين:
"لقد خدم بديع الزمان الدين الاسلامي اعظم خدمة في هذا الزمان، وان مؤلفاته صائبة جداً، ولم يتيسر لأحد اخراج أثر كهذا في مثل هذا الزمان الجدب، اذ ترك الدنيا ونبذها. وهو قمين بالتهنئة والتبريك بكل الوجوه. وان رسائل النور مجددة للدين. نسأله تعالى ان يوفقه للخير. آمين".
وقد دافع عن عدم اطلاق اللحية لدى البعض سارداً قصة سلطان العلماء من آباء جلال الدين الرومي ثم قال:
"ولبديع الزمان ايضاً بمثل هذا، اجتهاد بلا شك، فالمعترضون لا يملكون الحق.."
وأمر العالم مصطفى: اكتب ماقلته:
"اخصّ سلامي الكامل لبديع الزمان مع الاحترام والتوقير له. وانا في دعاء مستمر لكم لتكملوا مؤلفاتكم. لا تتألم من تعرضك لانتقاد بعض علماء السوء، اذ الاشجار المثمرة ترشق بالاحجار لنيل الثمار، مثل مشهور. استمروا في جهادكم. نسأله تعالى ان يوفقك في مقصودك عاجلاً. وفي أمانة الله وحده وحفظه.
علي رضا
امين الفتوى السابق"
هكذا قضى عالم جليل ومدقق فاضل وصاحب الكلام في هذا الزمان من حيث الشريعة والقرآن الكريم. فعلى طلاب رسائل النور الاّ يبوحوا باسم ذلك العالم - أخذاً بالحذر - وعدم الاعلان عنه، بل يضموه في ادعيتهم.
سلامنا الى جميع الاخوة.
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 199
[ اسـس العمل مع المعترضين]
باسمه سبحانه
(وان من شىءٍ الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ابداً دائماً
لما كان أولياء الله الصالحون لا يمكنهم ان يعرفوا الغيب - إن لم يلهمهم الله سبحانه تعالى - حيث لا يعلم الغيب الاّ الله؛ لذا فان اعظم ولي صالح لا يستطيع ان يطلع على حقيقة وواقع الحال عند ولي آخر، بل ربما يعاديه لعدم علمه بحقيقته، وما حدث فيما بين بعض العشرة المبشرين بالجنة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، خير دليل على هذا. وهو يعنى ان وليين اثنين اذا ما انكر أحدهما على الآخر، فان ذلك لا يسقطهما من مقام الولاية ومنزلتها الاّ اذا كان هناك أمر يخالف مخالفة كلية لظاهر الشريعة. لذا:
اتباعاً لدستور الآية الكريمة
(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) (آل عران: 134).
وحفاظاً على ايمان المؤمنين من التصدع، وذلك بالمحافظة على حسن الظن القائم بينهم وبين شيوخهم أو رؤسائهم.
وبناء على ما يلزم من انقاذ الاركان من طلاب النور المخلصين من سَورة الغضب المضرة - مع كونها محقة - على اعتراضات باطلة.
واجتناباً لما يستفيد منه أهل الالحاد من هذه الخصومة بين طائفتين من أهل الحق بجرح الطائفة الاولى بسلاح الاخرى واعتراضاتها، وتهوين شأن الثانية بدلائل الاولى ثم دحرهما معاً.
على طلبة النور حسب الأسس المذكورة:
الاّ يواجهوا المعارضين بالحدة والتهور، ولا يقابلوهم بالمثل. بل عليهم ان يكتفوا بالدفاع عن انفسهم فحسب، مع اظهار روح المصالحة، والاجابة بوضوح عن نقاط الاعتراض، حيث ان الأنانية في عصرنا هذا قد تطاولت واشرأبت بعنقها حتى أصبح كل شخص لا يريد ان يذيب انانيته - التي هي كقطعة ثلج بطول قامته - ولا يرغب في تغييرها بل يسوّغ لنفسه ويراها معذورة دائماً. وها هنا ينشأ النزاع

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #13
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 200
والخصومة ويكون موضع استفادة أهل الباطل والضلال على حساب اصحاب الحق واهله.
ان حادثة الاعتراض في استانبول تومئ الى ان بعض العلماء المعجبين بمشربهم والانانيين من المتصوفة وبعض المرشدين وأهل الحق ممن لم يقتلوا نفوسهم الأمارة بالسوء ولم ينجوا من ورطة حب الجاه سيعترضون على رسائل النور وطلابها، حفاظاً على رواج مشربهم ومسلكهم، وتوجّه اتباعهم اليهم. بل هناك احتمال قوي ان تكون المقابلة شديدة.. فعند حدوث مثل هذه الحوادث علينا بالتأني، وضبط النفس، والثبات، وعدم الولوج في العداء، وعدم التهوين من شأن رؤساء الطائفة المعارضة...
فلو افترض - فرضاً محالاً - ان اعتراضاً على رسائل النور ورد حتى من القطب الاعظم ومن مكة المكرمة، فان طلاب رسائل النور يثبتون ولا يتزعزعون، بل يتلقون اعتراض ذلك القطب الاعظم على صورة التفاتة كريمة وتحية وسلام. ويحاولون كسب توجهه وتقبيل يده وايضاح مدار الاعتراض لاستاذهم العظيم.
***

[مرض العصر]
نعم يا اخوتي !
انه في خضم التيارات الرهيبة والحوادث المزلزلة للحياة والعالم ؛ ينبغي ان يكون الانسان على ثبات وصلابة لاتحد بحدود، وضبط للنفس لانهاية له، واستعداد دون حدود للتضحية.
ان تفضيل المؤمنين الحياة الدنيا على الاخرة مع ايمانهم بالاخرة ومعرفتها حق المعرفة ، وترجيح قطع زجاجية تافهة على الالماس الثمين مع معرفة وعلم بها ورغبة فيها، وذلك بسيطرة دوافع الحس العمياء التي لاتبصر العقبى، وترجيح لذة آنية حاضرة على رطل من لذات صافية آجلة.. ان هذا مرض مخيف اصاب هذا العصر بل هو مصيبة من مصائبه، وبلية من بلاياه، وهو مضمون اشارة الاية الكريمة:


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 201
(يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة)(ابراهيم: 3)
ومن جراء هذه المصيبة يقع المؤمنون الحقيقيون احياناً في خطأ جسيم كموالاتهم أهل الضلالة. نسأله تعالى ان يجنّب أهل الايمان وطلاب رسائل النور من شر هذه المصيبة. آمين .
سعيد النورسي
***

[رزق طالب العلم]
لقد اقتنعت قناعة تامة بعد حوالى ألف من التجارب أنه:
في اليوم الذي اكون في خدمة رسائل النور أشعر بانكشاف وانبساطٍ وفرح وبركة في قلبى وفي بدني وفي دماغي وفي معيشتي حسب درجة تلك الخدمة. وقد شعرت من اخوتي الكثيرين - سواءً هنا أم هناك - الحالة نفسها ومازلت أشعر بها، وكثيرون يعترفون قائلين: "اننا نشعر بها ايضاً". حتى أنني اعتقد - كما كتبته لكم في السنة الماضية - ان السر في عيشي الكفاف وما يقيم الأود قد كان من تلك البركة.
وهناك رواية عن الامام الشافعي رضي الله عنه انه قال: انا ضامن رزق طالب العلم الخالص؛ لان في رزقهم بركة وسعة.
ولما كانت الحقيقة هي هذه وان طلاب رسائل النور قد اظهروا الأهلية التامة لعنوان "طالب العلم" في هذا الزمان، فلا ينبغي التخلي عن خدمة رسائل النور تجاه هذا القحط والجوع المنتشر. مع ادراك ان افضل علاج لهذا هو الشكر والقناعة والارتباط بصفة الطالب لرسائل النور، وعدم ترك الخدمة بحجة الضرورة لهاثاً وراء متطلبات العيش.
نعم ان هموم العيش هذه قد احاطت بالناس كلهم من كل جهة. وأهل الضلالة يستغلون هذا الوضع. ويجد أهل الدين انفسهم معذورين قائلين: ماذا نعمل انها ضرورة. لذا فعلى طلاب رسائل النور مواجهة بلاء الجوع والضرورة برسائل النور


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 202
ايضاً. فوظيفة كل طالب ليس هو انقاذ ايمانه وحده بل هو مكلف ايضاً بالحفاظ على ايمان غيره، ولا يكون ذلك الاّ بالاستمرار الجاد في الخدمة.
لقد كتبنا لكم: لا تواجهوا المعارضين بالعداء. بل اتخذوا طور الصداقة مع اهل التقوى واهل العلم قدر المستطاع. وعليكم الأخذ بهذا: لا تقحموا في صفوفكم من يمكن ان يسبب ضرراً برسائل النور ويمس صلابة طلابها، لان امثال هؤلاء ان لم ينضموا الى الدائرة بنية خالصة ربما يورثون الفتور. وان كانوا يحملون انانية وحباً للذات يكسرون صلابة طلاب رسائل النور ويجلبون انظارهم الى خارج رسائل النور ويشتتون افكارهم. يلزم في الوقت الحاضر اليقظة التامة والاخذ بالحذر...
سعيد النورسي
***

[معجزة معنوية]
ان رسائل النور ليست طريقة صوفية بل حقيقة، وهى نور مفاض من الآيات القرآنية ولم تستق من علوم الشرق ولا من فنون الغرب، بل هى معجزة معنوية للقرآن الكريم خاص لهذا الزمان.
***

[تتبع اخبار الحرب]
"جواب لسؤال ورد من قبل طلاب رسائل النور"
سؤال: لقد سألناكم في السنة الماضية: ها قد مرت خمسون يوماً ولم تلتفتوا الى التيارات الجارية في العالم ولم تسألوا عنها وقد أجبتم لنا في حينه. ولكن رغم ان ذلك الجواب كان حقيقة وكافياً، الاّ انه كان من المفروض ان تنظروا الى تلك التيارات ولو قليلاً من زاوية انتشار رسائل النور والعمل لها وإفادة العالم الاسلامي. أفلا يدفعكم الفضول الى الاهتمام بها والسؤال عنها من هذه الزاوية؟


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 203
الجواب: ان الانسان الذي يخوض غمار هذه الحرب الطاحنة يمثل اصدق تمثيل الآية الكريمة (انه كان ظلوماً جهولاً) (الاحزاب: 72) لذا لايجوز النظر الى المظالم المحيرة فضلاً عن موالاة تلك التيارات وتتبع اخبارها والاستماع الى دعاياتهم الكاذبة الخدّاعة ومشاهدة معاركها بأسىً وحزن. لأن الرضى بالظلم ظلم واذا ما مال اليه يكون ظالماً. واذا ما ركن اليه ينال زجر الآية الكريمة (ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار) (هود: 113).
نعم، لأن هذه الحرب المدمرة ليست لأجل إحقاق الحق وإرساء الحقيقة ولا لأجل اعلاء شأن الدين واقرار العدالة، بل تستند الى العناد والعصبية القومية والمصلحة النوعية واشباع انانية النفس، فترتكب مظالم شنيعة ومآسي أليمة لم يُرمثيلها في العالم. والدليل على ذلك:
إفناء الابرياء من اطفال وعوائل وشيوخ ومرضى بالقنابل المدمرة بحجة وجود جندي أو اثنين من جنود الاعداء فيما بينهم.. واتفاق أعتى المستبدين من البرجوازيين مع الفوضيين والارهابيين الذين هم المتطرفون من الاشتراكين والشيوعيين واهدار دماء الوف بل ملايين من الابرياء.. والاستمرار في هذه الحرب الضارة للانسانية جمعاء.. وردّ الصلح والسلام.. لذا فان الاسلام والقرآن الكريم بريئان بلاشك من مثل هذه الحروب المدمرة التي لا تنسجم مع أي قانون كان من قوانين العدالة ولا مع الانسانية ولا مع اي دستور كان من دساتير الحقيقة وقوانين الحقوق. ولا يتنازلان ولا يتذللان لمعاونة اولئك؛ لأن فرعونية رهيبة ومصلحية عجيبة تستحوذان فيهم بحيث لا يمدون يد العون الى القرآن والاسلام بل يحاولون جعلهما آلتين طيعتين في سبيل مآربهم. فلا شك ان أحقية القرآن تأبى الاستناد الى سيوف ظالمين كهؤلاء. بل الفرض على اهل القرآن والواجب عليهم الاستناد الى قدرة رب العالمين ورحمته بدلاً من الاستناد الى قوة عجنت بدماء ملايين الابرياء.
ولما كان الالحاد يسحق اهل الدين مستنداً الى احدى القوتين المتصارعتين وان الانحياز الى التيار المخالف للزندقة يبدو كوسيلة للنجاة من جورهم، الاّ ان التجارب اثبتت ان ذلك الانحياز - في الوقت الحاضر - يولد اضراراً كثيرة دون ان يجدي نفعاً.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 204
ثم ان الزندقة تدور - بسبب النفاق - حيث دارت مصلحتها، الى اي جهة كانت. وتجعل صديقك حليفها وتدفعه الى معاداتك. فتبقي الآثام التي اكتسبتها من الانحياز ثقيلة في عنقك.
وحيث ان وظيفة طلاب رسائل النور هى الايمان، لا تهمهم الامور الجارية في الحياة ولا يدفعهم الفضول الى النظر اليها بلهفة.
وبناء على هذه الحقيقة: فلي الحق الاّ انظـر اليها طوال ثلاث عشرة سنة وليس ثلاثة عشر شهراً فحسب.
فلقد نظرتم انتم اليها فماذا كسبتم غير الآثام؟ وماذا فقدت أنا ولم انظر اليها؟
السؤال الثاني:
ماالسبب وماوجه التخصيص لطلاب رسائل النور الخواص، انهم ضمن الطائفة المعرّفة بالآية الكريمة
(الذين انعمت عليهم) في سورة الفاتحة، وضمن الطائفة المجاهدة في آخر الزمان المعرّفة في الحديث الشريف (لا تزال طائفة من امتي) 1 وانهم فرد من افراد المعنى الاشاري للآية الكريمة (الاّ الذين آمنوا)..الخ، من سورة العصر.؟
الجواب: السبب هو: ان رسائل النور قد كشفت وحلّت ما يقرب من مائة من طلاسم الدين واسراره ومعميّات الحقائق القرآنية. بحيث ان الجهل بطلسم وسرّ يوقع الكثيرين في الشبهات والشكوك ولا ينجون من الريوب. بل قد يفقدون ايمانهم، اما الآن وبعد فك تلك الاسرار وحل تلك المغاليق لا يجرأ الملحدون على الظهور والغلبة ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
وقد اشرنا الى قسم منها في المكتوب الثامن والعشرين (العنايات السبع). وستُجمع تلك الطلاسم باذن الله في مجموعة مستقلة.
***
_____________________
1 رواه البخارى في كتاب الاعتصام ، ومسلم في كتاب الايمان برقم 247 وكتاب الامارة برقم 170،173، 174 .



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 205
[رسائل النور سانحات قلبية]
ان مسائل رسائل النور ليست نابعة من العلم، وإعمال الفكر، وبالنية والقصد والارادة، بل هي - بالاكثرية المطلقة - سانحات وظهورات قلبية وتنبيهات وإخطارات على القلب.
***

[كيف نجوتُ من ألم الشفقة؟]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
لقد شعرتُ - بدافع العطف الانساني - بحزن أليم جداً للبشرية المضطربة في هذا لشتاء القارس، والشتاء المعنوي الرهيب الذي يلطخ البشرية بالدماء، فأمدّت حكمة الخالق الكريم ورحمته تعالى قلبي المحزون، وهو ارحم الراحمين واحكم الحاكمين - كما بينته ذلك في كثير من الاماكن - فورد هذا المعنى الى القلب:
ان تألمك هذا الشديد، يجرى مجرى الانتقاد لحكمة ذلك الحكيم ورحمة ذلك الرحيم سبحانه وتعالى. فلا رأفة - في دائرة الامكان - تسبق الرحمة الآلهية، ولا حكمة اكمل من حكمته الربانية. فكّر: ان العصاة ينالون جزاءهم والابرياء والمظلومون سينالون ثوابهم بعشرة اضعاف مما قاسوا. فعليك النظر الى الحوادث الواقعة خارج دائرة اقتدارك من زاوية رحمته وحكمته وعدالته وربوبيته تعالى.
وهكذا نجوت من الألم الشديد النابع من الشفقة بفضل الله.
يُنقل ادناه جواب سعيد القديم حول سؤال، اورده في مؤلفه "المناظرات" المطبوع قبل ثلاثين سنة.
لقد سئل قبل ثلاثين سنة اثناء تجواله بين العشائر:
سؤال: أما تكون الشكوى من الزمان والاعتراض على الدهر اعتراضاً على بدايع صنعة الصانع جل جلاله؟
الجواب: كلا، ثم كلا، بل ربما تعني الشكوى ما يأتي:


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 206
كأن الشاكي يقول: ان ماهية العالم المنظمة بدستور الحكمة الأزلية غير مستعدة لانجاز الأمر الذي أطلبه، والشئ الذي أبغيه، والحالة التي اشتهيها، ولايسمح به قانون الفلك المنقش بيد العناية الأزلية، ولاتوافقه طبيعة الزمان المطبوعة بمطبعة المشيئة الأزلية، ولا تأذن له الحكمة الإلهية المؤسّسِة للمصالح العامة.. لذا لا يقطف عالمُ الممكنات من يد القدرة الإلهية تلك الثمرات التي نطلبها بهندسة عقولنا وتَشَهّي هوانا وميولنا. وحتى لو أعطتها لَماَ تمكن من قبضها والاحتفاظ بها، ولو سقطتْ لَمَا تمكّن من حملها. نعم لا يمكن أن تسكن دائرة عظيمة عن حركاتها المهمة لاجل هوى شخص...
هذا وتُلحق رسائل النور هامشاً في بحث الزلزلة، كالآتي:
بينما لكل عنصر من العناصر وكل حادثة من الحوادث المادية والمعنوية - كالشتاء والزلزال - مئات من النتائج والغايات الخيرة. فان ايقافه لئلا يأتي شرٌ ونتيجةٌ ذات ضرر وشر، ارتكابٌ لمئات الشر، بترك تلك المئات من النتائج الخيرة، وهذا منافٍ للحكمة والحقيقة والربوبية.
ولكن الافراد الذين يتضايقون من القوانين الكلية، يمدّ الرحمن الرحيم سبحانه كل فرد عاجز ضعيف منهم بالعنايات الخاصة والامدادات الخصوصية والاحسانات المخصوصة ويسعفهم بدواء لدائهم. ولكن ليس وفق هوى ذلك الفرد، بل وفق منفعته الحقيقية، وقد يُعطى له ألماساً في الاخرة على ما طلبه من زجاج في الدنيا.
***

[هموم العيش الثقيلة]
كنت شديد القلق لاحتمال انفراط تساند طلاب رسائل النور - واكثرهم فقراء - وتزعزعهم امام هذه الحالات الرهيبة من هموم العيش التي اثقلت كاهل الفقراء والقحط الذي المّ بالناس - ضمن الوفرة - حيث بلغ الغلاء مبلغه في هذا الشتاء المادي والمعنوي. فأنتم يا اخوتي محتاجون ومكلفون في هذه العواصف الهوج اكثر من اي وقت آخر بالحفاظ على ترابطكم واتحادكم وغض النظر عن تقصيرات اخوانكم وعدم نشر الانتقاد فيما بينكم. حذار حذار ان يمتعض احدكم من


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 207
الاخر... فلا ينتقدنّ أحدكم الآخر... وبخلاف ذلك فان اظهاركم ولو قليلاً من ضعف يستغله اهل النفاق فيلحقون بكم اضراراً بليغة.
وتجاه ضرورة هموم العيش عليكم الالتزام بالاقتصاد والقناعة. وحيث ان المصالح الدنيوية ساقت كثيراً من اهل الحقيقة واهل الطريقة الى نوع من المنافسة، فأنا قلق من هذه الجهة التي لم تزعزع طلاب رسائل النور الى الآن، ونسأل الله ألا تزعزعهم في المستقبل ايضاً. ولكن ليس الجميع على النمط نفسه من الاخلاق. واذا ما اراد البعض راحته ضمن الدائرة المشروعة فلا تعترضوا عليه. والطالب الذي يعاني حالة الضرورة يمكنه ان يقبل الزكاة. وانه ليعدّ نوعاً من خدمة رسائل النور ايضاً، مدّ يد العون بالزكاة الى الاركان - من طلاب النور - الذين نذروا وقتهم لخدمة رسائل النور والى الساعين في الخدمة. بل يجب معاونتهم. ولكن يجب الاّ يكون بالحرص والطمع والسؤال بلسان الحال. والاّ يفتح الميدان لتعرض أهل الضلالة الذين يقولون: هؤلاء ضحوا بدينهم في سبيل الحرص والطمع اذ يقيسونكم على انفسهم ويتهمونكم بقولهم: ان قسماً من طلاب رسائل النور ايضاً قد جعلوا دينهم اداةً لدنياهم.
عليكم بقراءة رسالة "الاخلاص والاقتصاد" فيما بينكم تارة، وتارة اخرى رسالة "الهجمات الست".
ان ثباتكم الخارق وصلابتكم المتينة وتساندكم التام واتفاقكم العظيم سيكون مدار فخر لهذه البلاد بل هى بدرجة تستطيع ان تنقذ مستقبلها. احذروا الاّ تفسد تساندكم العاصفة الجديدة المقبلة.
***
[حقيقة تتعلق بأرباب العلم]
باسمه سبحانه
اخواني الاعزاء!
ان لرسالة الحزب النوري كرامةً معنوية تعود الى شخصي، والآن جاء دور بيانها: عندما انقلب سعيد القديم الى سعيد الجديد قبل ثلاثة وعشرين عاماً، واختار مسلك


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 208
التفكر، بحثتُ عن سرّ (تفكرُ ساعةٍ خير من عبادة سنة) وفي كل عام او عامين كان ذلك السرّ يغيّر من شكله فينتج إما رسالة عربية او رسالة تركية. وقد دامت تلك الحقيقة وهي تتلبّس الاشكال المختلفة ابتداء من رسالة "قطرة" العربية، وانتهاء الى رسالة "الآية الكبرى"، حتى اخذت شكلها الدائمي في "الحزب النوري". ومنذ عشرين عاماً، كلما تملكني الضيق واصاب الفكر والقلب إرهاق، ولجأت الى قراءة قسم من ذلك الحزب بتأمل، الاّ وكان يزيل ذلك الضيق والسآمة والارهاق. وقد تكرر ألف مرة انه لم يبق اي اثر للملل والتعب - الناتجين عن الانشغال طوال خمس او ست ساعات من الليل - بقراءة سدس ذلك الحزب قبيل الفجر. نعم ان هذه الحال تدوم حتى الآن.
ولمناسبة هذه الحقيقة ابُين مسألة وحقيقة عظيمة تتعلق في الوقت الحاضر بارباب المدرسة الشرعية والعلماء:
لقد انقادت طائفة المدارس الشرعية لطائفة التكايا والزاويا الصوفية منذ سالف العصور، أي سلّموا لهم القياد وراجعوهم للحصول على ثمار الولاية. وتحرّوا عندهم أذواق الايمان وانوار الحقيقة. حتى كان عالم كبير من علماء المدرسة الشرعية يقبّل يد شيخ ولي صغير من أولياء الزاوية الصوفية ويتبعه، فطلبوا ذلك النبع الفياض بالماء الباعث على الحياة في التكايا والزوايا .
بينما أظهرت رسائل النور بالمعجزة المعنوية للقرآن الكريم - كما هو ماثل امامكم - ان في المدارس الشرعية ايضاً طريقاً قصيرة توصل الى انوار الحقيقة، وفي العلوم الايمانية ينبوع ثر هي أصفى وانقى من غيرها. وانه في العلم الشرعي، وفي الحقائق الايمانية وعلم كلام أهل السنة، طريقاًِ للولاية هي اسمى واحلى واقوى من العمل والعبودية والطريقة الصوفية.
بينما يلزم - بل الالزم - سعي علماء المدرسة الشرعية لموالاة رسائل النور باعتزاز وشوق، فان اكثرهم لا يعرفون - يا للاسف - ان هذا الكنز العظيم الباقي، وهذا النبع الفياض الباعث على الحياة، مُلك مدرستهم نفسها، ولا يبحثون عنه، ولا يحاولون الحفاظ عليه.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 209
ولكن الآن ولله الحمد بدأت تباشير ذلك حيث جذبت مجموعة "الكلمات" العلماء والمعلمين معاً الى الانوار.
***

[الحاجة الى الحقائق الايمانية ماسة]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
حمداً لله وشكراً له بما لا يتناهى من الحمد والشكر، اذ جعل ولاية اسبارطة مدرسة الزهراء والجامع الازهر والذي كان هدف خيالي منذ مدة. فاقلامكم تغنى رسائل النور عن المطبعة ونشركم بالرونيو هذا العدد الكبير من النسخ المضبوطة المتسمة بالتوافق في وقت قصير أثبت دعواي الذي قلته صباحاً ثم اتى "امين" بهذه النسخ ثمرات رياض الجنة قبيل الظهيرة والدعوى هي: ان الحقائق الايمانية التي تخدمها رسائل النور هى اجلّ من كل شئ والحاجة اليها على اشدها في الوقت الحاضر، ولكن الملحدون اماتوا قلوبهم وأطاشوا نفوسهم بالاهواء فينكرون الحاجة الى حقيقة الايمان فيقولون: ان الذي يحرك اهل الدين والعلم نابع من مقاصد دنيوية وحاجاتها. وهكذا يتهمونهم ويعرضونهم لظلم شديد بموجب ذلك الاتهام. إن اسكات هؤلاء الملحدين التعساء إسكاتاًَ تاماً وفعلياً يلزم وجود مضحين لا تشبع حاجاتهم الى الحقائق الايمانية اعظم مشاغل الدنيا، بل حتى اضرارها الجسيمة لا تشغلهم عنها.
- ترى هل هناك احد من هذا القبيل؟
- نعم، وها ولاية اسبارطة وحواليها امامكم...
***

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #14
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 210
[نفس امارة ثانية]
"مسألة دقيقة كتبتْ تنبيهاً لأحد اخواننا الذي لم يرَ تقصيره، نرسلها لكم علّها تنفعكم كذلك"
رأيت - في وقت ما - لدى عدد من الأولياء العظام - ممن نجوا من أوضار نفوسهم الامارة بالسوء مجاهدات نفسية، وشكايات منها. فكنت أحار في الأمر كثيراً، ولكن بعد مدة طويلة رأيت ان هناك نفساً امارة معنوية - غير دسائس النفس الأمارة الحقيقية - هي أشد عصياناً من الأولى واكثر نفوراً من الطاعة، واكثر ادامة للاخلاق الذميمة، هي النفس الثانية، وهي مزيج من الهوس والمشاعر والطبائع، وهي موغلة في الاعصاب والعروق، وهي الحصن الأخير الذي تحتمي به النفس الأمارة، وهي التي تتولى القيام بوظيفة النفس الأمارة السيئة السابقة - التي تزكّت منها- فتجعل المجاهدة تستمر الى نهاية العمر.
وأدركت حينها ان اولئك الأفذاذ الميامين ما كانوا يشكون من النفس الأمارة الحقيقية، بل من نفس امارة مجازية. ثم شاهدت ان الامام الرباني احمد الفاروقي السرهندي ايضاً يخبر عن هذه النفس المجازية.
ولما كانت حواس هذه النفس الامارة الثانية عديمة الشعور، عمياء لا تبصر، فلا تفهم أقوال العقل ولا تدرك نصائح القلب، ولا تعير لها سمعاً كي تنصلح وتدرك تقصيراتها، لذا لا ترتدع عن السيئات الا بلطمات التأديب وصفعاتها وبالآلام، أو بالتضحية التامة بحيث يضحي المرء بمشاعره وحواسه كلها للهدف الذي يصبو اليه فيترك انانيته كلياً، بل كل ما يملكه لذلك الهدف، كما تركه طلاب النور الخواص.
وفي هذا العصر العجيب، تتفق النفسان الأمارتان - الحقيقية والمجازية - معاً بتلقينات رهيبة،حتى تدفعا الانسان ليدخل في السيئات والآثام طوعاً وبرغبة منه، تلك السيئات التي ترتعد من شناعتها الكائنات.
حتى انني - في غضون دقيقة واحدة - وبضيق قليل جداً فوتُّ حسنة عظيمة جداً.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 211
وقد حدث ايضاً ضمن مجاهدة معنوية عظيمة خلال عشر دقائق، عندما كان احدهم وهو في صفي يخترق صفوف أعدائي ويشقهم شقاً كمن يرميهم بمدافع ثقيلة عظيمة. فتحيّنَت تلكما النفسان الامارتان فرصة الغفلة موقتاً، اذ شَعرتُ بميلٍ للتفوق وبأثرة مظلمة الى اقبح رياء وحسد بدلاً من الشكر والحمد العظيمين حيث قلت: "لِمَ لمْ ارم القذائف أنا؟"
فالف شكر وشكر للبارئ الكريم سبحانه ان رسائل النور ولاسيما رسائل "الاخلاص" ازالت كلياً دسائس كلتا النفسين وضمدت الجراحات التي ولدتاها، مثلما ازالت الحالات التي حدثت في دقيقة واحدة، وفي عشر دقائق ازالة تامة والحمد لله. فعرفت تقصيري - تلك المعرفة التي هي استغفار معنوي - ونجوت بفضله تعالى من العذاب والآلام المضمرة التي هي جزاء معجل لذلك الخطأ.
***

قلق ساور قلبي فجأة
ابينه لكم:
لقد شعرتُ وادركت ان اهل الضلالة لعجزهم عن صد السيوف الألماسية لرسائل النور يريدون زعزعة رابطة الطلاب الوثيقة مستفيدين من عروق واهية نابعة من اختلاف المشارب او المشاعر مستغلين متطلبات العيش ولوازمه والغفلة التي تخيم في الربيع. اياكم واياكم ان تجد الفرقة فرجة فيما بينكم. احذروا. فالانسان لا يخلو من خطأ. ان باب التوبة مفتوح. فاذا مادفعتكم النفس والشيطان الى الاعتراض على اخيكم وانتقاده على حق، قولوا:
اننا مكلفون بالتضحية بحياتنا وكرامتنا وسعادتنا الدنيوية في سبيل الحفاظ على التساند الذي هو الرابطة الوثقى لرسائل النور، فضلاً عن مثل هذه الامور الجزئية. فوظيفتنا التضحية بكل ما يمت بصلة بالدنيا والانانية لما تكسبنا رسائل النور من نتائج جليلة" وبهذا تُسكتون النفس الامارة. وان دار حول مسألة نقاش ونزاع، فشاوروا بعضكم بعضاً. لا تتشددوا، اوغلوا برفق، الناس ليسوا سواسية في


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 212
المشارب. ينبغي ان يتسامح بعضكم مع البعض الآخر في الوقت الحاضر.
سلامنا الى الاخوة جميعاً فرداً فرداً.
***

[لا تفسحوا المجال للانتقاد]
اخوتى الاعزاء الاوفياء!
حذار حذار.. لا تفسحوا المجال لانتقاد بعضكم البعض الآخر فيستغل أهل الضلالة اختلاف مشاربكم وعروقكم الضعيفة وحاجاتكم المعيشية. صونوا اراءكم من التشتت بإقامة الشورى الشرعية بينكم، اجعلوا دساتير رسالة الاخلاص نصب اعينكم دائماً. وبخلاف هذا فان اختلافاً طفيفاً في هذا الوقت يمكن ان يلحق اضراراً بليغة برسائل النور.
***

[ما الذي يمنعنا عن السياسة؟]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
لقد أتاني اليوم - صلاح الدين - ومسؤول من الامن - المباحث - يتعقبه، دخل عليّ من ورائه.
قلت لذلك الجاسوس الحكومي:
ان رسائل النور - ونحن الذين نتلقى الدرس منها درساً كاملاً - لن نجعلها اداةً للدنيا قاطبة ناهيك عن سياستها، ونحن لا نتدخل بدنيا اهل الدنيا، فمن البلاهة توقع الاضرار منا وذلك:
اولاً: ان القرآن الكريم قد منعنا من السياسة، لئلا تسقط في نظر اهل الدنيا الحقائق التي هي بنفاسة الالماس الى مستوى القطع الزجاجية التافهة.
ثانياً: ان الشفقة والضمير والحقيقة تمنعنا من السياسة. لانه لو كانت نسبة المنافقين الملحدين الذين يستحقون العقاب اثنين من عشرة، فهناك سبع أو ثمان من


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 213
الابرياء من أقاربهم وذويهم. وهناك الاطفال والعوائل والشيوخ والمرضى. فاذا نزلت المصيبة والبلاء فان اولئك الابرياء الثمانية سيسقطون في أتون المصيبة. ولربما سيلحق بالمنافقين الاثنين والملحدين ضرر طفيف. ولهذا فان ما في ماهية رسائل النور من الشفقة والرحمة والحق والحقيقة قد حالت دون الدخول في السياسة بوسائل الاخلال بالادارة والنظام فضلاً عن أن نتائجها مشكوك فيها.
ثالثاً: ان هذا الوطن وهذه الامة والحكومة - مهما كان شكلها - بحاجة ماسة الى رسائل النور. فينبغى لأعتى الملحدين منهم ان يميل الى دساتيرها المتسمة بالدين والحق ناهيك عن الخوف منها والعداء لها، اللهم الاّ اذا كانت خيانة فاضحة للامة والوطن والحاكمية الاسلامية. لأن هناك خمسة اسس ضرورية لانقاذ هذه الامة وهذا الوطن في حياتها الاجتماعية والسياسية ونجاتها من الفوضى والارهاب ومن المخاطر العظيمة:
الاول: الرحمة. الثاني: الاحترام. الثالث: الامن والثقة. الرابع: اجتناب المحرمات والتمييز بين الحرام والحلال. الخامس: الطاعة وترك التسيب.
وهكذا فرسائل النور عندما تنظر الى الحياة الاجتماعية تحقق هذه الاسس الخمسة وتثبّت بها ركائز النظام في البلاد.
ألا فليعلم الذين يتعرضون لرسائل النور، ان تعرضهم هذا انما هو عداء - في سبيل الفوضى والارهاب - للوطن والامة والنظام.
هذا ما قلته باختصار لذلك الجاسوس الحكومي. وقلت له: قل هذا لمن ارسلك هنا. وقل لهم ايضاً: ان الذي لم يراجع الحكومة لتأمين راحته طوال ثماني عشرة سنة.. والذي لا علم له بالحرب الدائرة التي قلبت العالم رأساً على عقب منذ احد عشر شهراً.. والذي يستغني عن ان يقبل ايجاد علاقة صداقة مع من يشغل مراتب رفيعة في الدولة. فالذي يتوجس خيفة من مثل هذا الرجل ويساوره الشكوك وكأنه سيتدخل بامور دنياهم ومن ثم مضايقته وشد الخناق عليه، ماذا يعني عمله هذا؟ وما المصلحة فيه؟ واى قانون يجيز هذا؟ حتى البلهاء يعرفون ان التعرض له جنون وبلاهة! قلنا له هذا، ثم غادرنا.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 214
[لا تنشغلو بلسعات البعوض]
اخواني الاعزاء
لا داعي الى درس وتوجيه جديد، اذ شاهدت بين رسائلكم رسائل "الاخلاص" - هذه المرة - فأحيلكم الى دروس تلك الرسائل. الاّ انني انبّه الى ما يأتي:
لما كان مسلكنا يستند الى الاخلاص، ومبنياً على الحقائق الايمانية فاننا مضطرون - وفق مسلكنا - الى عدم التدخل في أمور الحياة الاجتماعية والحياة الدنيوية، مالم نضطر اليها. وعلينا التجرد والابتعاد عن تلك الحالات التي تؤدي الى التنافس والتحيز والتنازع.
فأسفاً، وألف أسف، لأهل العلم ولأهل التقوى الضعفاء الذين يتعرضون - في الوقت الحاضر - الى هجوم ثعابين مرعبة، ثم يتحججون بهفوات جزئية شبيهة بلسع البعوض، فيعاونون بانتقاد بعضهم البعض تلك الثعابين الماردة، ويمدّون المنافقين الزنادقة باسباب لتدميرهم وتحطيمهم، بل يساعدونهم في هلاك انفسهم بايدي اولئك الخبثاء.
يذكر اخونا المخلص جداً حسن عاطف في رسالته: ان عالماً واعظاً شيخاً قد اتخذ طوراً يلحق الضرر برسائل النور حيث حاول التعرض لها بالتهوين من شخصي الضعيف، بحجة تركي لسنة نبوية (اطلاق اللحية) علماً ان ذلك الترك مبني على عذرين مهمين.
أولاً: ليعلم ذلك الشخص، واعلموا أنتم كذلك، انني خادم رسائل النور، ودلاّل ذلك الدكان. اما رسائل النور فهي تفسير حقيقي للقرآن الكريم وهي وثيقة الصلة به، ذلك الكتاب الجليل المرتبط بالعرش الاعظم، لذا لا تسري اخطائي وتقصيراتي الشخصية الى الرسائل...
ثانياً: بلّغوا ذلك العالم الواعظ عني السلام. فانني أقبل انتقاده لشخصي واعتراضه عليّ بتقدير وبرحابة صدر. وانتم بدوركم لا تسوقوا ذلك العالم الفاضل ولا امثاله من العلماء الى المناقشة والمناظرة. ولو حدث تعدّ وتجاوز علينا، فلا تقابلوه حتى بالدعاء عليهم. اذ ان ذلك المتجاوز أو المعترض ايا كان، هو أخونا من حيث


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 215
الايمان لأنه مؤمن. حتى لو عادانا، فلا نستطيع ان نعاديه بمثل عدائه، حسب ما يرشدنا اليه مسلكنا. لأن هناك اعداء شرسين وحيّات لاذعة ونحن لا نملك سوى النور، لا الصولجان. والنور لا يؤلم، بل يلاطف بضيائه، ولاسيما الذين هم ذوو علم فلا تثيروا غرورهم العلمي ان كانوا على غرور وانانية، بل استرشدوا ما استطعتم بدستور الآية الكريمة: (واذا مرّوا باللغو مرّوا كراماً) (الفرقان: 72).
ثم ان ذلك الشخص المحترم، كان داخلاً في دائرة رسائل النور، واشترك في استنساخ الرسائل، فهو اذن ضمن تلك الدائرة، فاصفحوا عنه حتى لو كان يحمل خطأ فكرياً.
فليس مثل هذا الشخص الفاضل من ذوي الدين والتقوى المنسوبين الى الطرق الصوفية بل حتى من المؤمنين المنسوبين الى فرق ضالة، لا ينبغي ان نثير معهم نزاعاً وخصاماً في هذا العصر العجيب، بل لا نجعل نقاط اختلاف ونزاع موضع نقاش مع المؤمنين بالله واليوم الآخر حتى لو كانوا من النصارى.
هذا ما يقتضيه هذا العصر العجيب، وما يقتضيه مسلكنا الذي نسلكه، وما تقتضيه خدمتنا المقدسة.
ولأجل الحيلولة دون ظهور عوائق اجتماعية وسياسية امام انتشار رسائل النور في العالم الاسلامي، ينبغي لطلاب رسائل النور اتخاذ سلوك المصالحة. اياكم واياكم ان تتعرضوا لصلاة الجماعة والجمعة 1 للعلماء، فلا تنتقدوا المشتركين فيها. أما قول الامام الرباني: "لا تدخلوا مواضع البدع" فالمقصود منه لا ثواب فيها، وليس معناه بطلان الصلاة، لأن قسماً من السلف الصالحين قد صلّوا خلف يزيد والوليد. ولكن اذا كان المرء يتعرض للكبائر في اثناء ذهابه الى المسجد وايابه منه، فالأولى ان يظل في معتكفه...
يذكر اخونا في رسالته عن اخواننا الجدد الشجعان الثابتين. فنحن نقبلهم بكل مهجنا وارواحنا. ولكن الداخلين في دائرة رسائل النور لأجل ان يقدروا شجاعتهم الشخصية حق قدرها يبذلون شجاعتهم في ثبات لا يتزعزع ومتانة لا تلين وترابط لا
_____________________
1 حيث كان الاذان والاقامة والخطبة بالتركية.



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 216
ينفصم مع اخوانه. فيجب تحويل تلك الشجاعة الشخصية التي هي بحكم قطع زجاجية متكسرة الى الماس التضحية الصدّيقية الناشدة للحقيقة.
نعم ان اهم اساس في مسلكنا بعد الاخلاص التام هو الثبات والمتانة. وبهذه المتانة حدثت وقائع كثيرة اثبتت ان امثال هؤلاء الذين نذروا حياتهم في خدمة النور يقابل كل منهم مائة شخص، فالشخص الاعتيادي الذي لا يتجاوز عمره الثلاثين قد فاق أولياءً يتجاوزون الستين من العمر.
ثم ان شخصاً حتى لو كانت شجاعته حسنة. فانه بعد دخوله جماعة متساندة لا يستطيع ان يستعمل شجاعته تلك، حفاظاً على راحة جماعته وصيانةً لعدم زعزعتهم، فلابد من العمل وفق الحديث الشريف (سيروا على سير اضعفكم). 1 ويلزم عدم الخوض في مسائل النزاع، وعدم طرق مسائل القبعة والاذان واستعمال عناوين الدجال والسفياني مع الغرباء حيث يسبب هذا اتخاذ العلماء واهل السياسة تجاه رسائل النور موقف المجابهة والتعدي عليها. فالحذر هو الألزم.. والواجب ضبط النفس، حتى ان عدم الاخذ بالحذر ولو جزئياً يؤثر حتى هاهنا.
وان رسائل النور ليست دائرة واحدة بل لها طبقات كالدوائر المتداخلة. فهناك طبقة الاركان والمالكين والخواص والناشرين والطلاب والموالين وامثالها من الطبقات.
فمن لم يكن اهلاً للدخول في طبقة الاركان لا يطرد خارج الدائرة، بشرط عدم موالاته لتيار يخالف رسائل النور، والذي ليست له ميزات الخواص يمكن ان يكون طالباً بشرط عدم الدخول في مسلك مضاد، والذي يعمل بالبدعة يمكن ان يكون صديقاً بشرط عدم موالاته قلباً لها.
ولهذا لا تخرجوا احداً من جراء خطأ طفيف خارج الدائرة لئلا يلتحق بصف الاعداء. ولكن لا يُشرَك هؤلاء في التدابير الدقيقة التي يتخذها اركان رسائل النور ومالكوها.
***

_____________________
1 قال في المقاصد: لا اعرفه بهذا اللفظ، ولكن معناه في قوله صلى الله عليه وسلم: اقدر القوم بأضعفهم فإن فيهم الكبير والسقيم والبعيد وذاالحاجة. ورواه الشافعي في مسنده وكذا الترمذي وحسّنه، وابن ماجه والحاكم وقال: على شرط مسلم، وابن خزيمة وصححه (كشف الخفاء 1518 باختصار).



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 217
[طلاب النور يفضلون الخدمة على القطبية]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
ان حادثتين وقعتا في اليومين السابقين اوردتا الى الخاطر مسائل عدة منها:
اولاها: يكتب اخونا صلاح الدين من آنقرة: لقد بدأوا بالتعدى على اهل الطرق الصوفية. وهناك اعتقالات في آنقرة وفي الشرق حول هذه المسألة. وطلاب رسائل النور محفوظون في كل جهة بالعناية الربانية، فاخلاصهم المتين وترابطهم الوثيق واخذهم بالحذر تديم عليهم تلك العناية الربانية.
ثانيها: يشكو الناس كلهم في هذه الايام من الضيق الذي ينتابهم، وكأن فساد الهواء المعنوي قد اورث مرضاً ضيقاً مادياً شاملاً. حتى سرى فيّ هذا المرض يوماً. وحيث ان رسائل النور دواء لكل ما ينتابنا، فان المنشغلين بها اما لا ينتابهم ذلك المرض او يمسهم مساً طفيفاً.
.......
رابعها: لقد شاهدت في بعض الرسائل المرسلة اوصافاً مفرطة بحق استاذهم، ونظرت الى نفسي ورأيتها لا تستحق حتى زكاة تلك الاوصاف، وليس من حقي امتلاكها. فقلت: ترى ما المصلحة والفائدة التي يحصل عليها اخواني هؤلاء الناشدون للحق في غلوهم في حسن الظن واستمرارهم عليه مع تنبيهاتي المستمرة لهم؟.
فخطر على القلب:
ان هؤلاء، وبلدتهم ولاية اسبارطة وحواليها يرون يُمن حسن ظنهم العظيم اقتداءً بالأولياء من امثال عثمان الخالدي وشكري طوبال، فلم يبالغوا اذن بالنظر من هذه الزاوية فقد شاهدوا حقيقة. ولكن كما ان الكشفيات تحتاج الى تأويل والرؤى الى تعبير، فالاحكام الخاصة اذا عممت يظهر خطأ في جهة. وكذلك هؤلاء. قد أعطوا الفائدة التي اسداها الشخص المعنوي لرسائل النور لهم ولبلدتهم الى احد ممثلي ذلك الشخص المعنوى وهو أخوكم هذا الذي دعوه الاستاذ. فعمموا حادثة تلك البلدة ونظروا اليها حادثة عامة فاظهروا غلواً في حسن الظن.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 218
السادس:
قبل حوالي ثلاثة أيام استمعت الى الكلمة الثانية والعشرين اثناء تصحيحها. ورأيت ان فيها: ذكراً كلياً، وفكراً واسعاً، وتهليلاً كثيراً، ودرساً ايمانياً قوياً، وحضوراً بلا غفلة، وحكمة سامية، وعبادة فكرية رفيعة وامثالها من الانوار وادركت الحكمة في قيام قسم من الطلاب بكتابة الرسائل أو قراءتها أو الاستماع اليها بنية العبادة. فباركت عملهم وصدّقتهم.
الحاصل: نبارك اخوتنا امثال الحافظ علي وخسرو الذين صدّقوني في دعواي التي كنت اقولها وهي:
ان طلاب رسائل النور الحقيقيين يرون خدمة الايمان فوق كل شئ، فحتى لو منحوا مرتبة القطبية يفضلون عليها خدمة الايمان حفاظاً على الاخلاص.
***

[مدرسة معنوية في البرزخ]
كنت اسمع ايام كنت طالباً من اناس موثوقين كلاماً نقلاً عن ائمة عظام وهو:
"ان طلاب العلوم الجادين الخالصين المحبين للعلم، الذين يتوفون في اثناء دراستهم للعلوم يكونون في البرزخ ايضاً في مدرسة معنوية وكأنهم في دراستهم السابقة. فينعم الله سبحانه عليهم وضعاً ملائماً لذلك العالم". كان هذا الكلام يدور كثيراً في ألسنة طلاب العلوم آنذاك.
ولما كان طلاب النور في الوقت الحاضر هم خلّص طلاب العلوم فإن وظيفة محمد زهدى وعاصم ولطفي وامثالهم من الطلاب المتوفين رحمهم الله مستمرة بلاشك لأجل اضافة حسناتٍ الى سجل اعمالهم باقلامهم المعنوية التي تعمل عملها ان شاء الله.
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 219
[لا تُطلب مقاصد دنيوية بالعبادة الفكرية]
ان رسائل النور لا تكون وسيلة قطعاً لكسب مصالح دنيوية، ولا تستغل ترساً لدفع اضرارها، لكونها عبادة فكرية ذات شأن وأهمية. فلا تطلب بها مقاصد دنيوية بالذات، اذ لو طلبت يفسد الاخلاص ويتغيّر شكل تلك العبادة الجليلة. ويكون المرء كالصبيان الذين يتترسون بجزء المصحف الذي يتلونه لدى عراكهم بعضهم ببعض. فالضرر الذي يصيب رأسه سيمس ذلك المصحف حتماً، لذا ينبغي الاّ يُترّس برسائل النور تجاه هؤلاء الخصوم العنيدين.
نعم، لقد نزلت صفعات تأديب بالذين يتعرضون لـرسائل النور ويعادونها، فهناك مئات الوقائع تثبت هذا، ولكن يجب الاّ تستعمل رسائل النور في انزال الصفعات بل لا تنزل بالنية والقصد لانه عمل مناف لسر الاخلاص والعبودية لله.
فنحن نكل أمر مَن ظلمنا الى ربنا الجليل الذي حمانا واستخدمنا في خدمة رسائل النور..
نعم! ان نتائج خارقة تخص الدنيا تترتب بكثرة على رسائل النور - كما هي في الأوراد المهمة - ولكن لا تُطلب هذه النتائج، وانما توهب. فلا تكون علّة للأمر قطعاً، وانما يمكن ان تكون لها فائدة. فلو حصلت نتيجة الطلب، كانت اذن علةً، مما يفسد الاخلاص ويبطل قسماً من تلك العبادة.....
نعم! ان مقاومة رسائل النور مقاومة غالبة للكثرة الكاثرة من المنكرين المعاندين، انما هي مما تحمله من سر الاخلاص.. ومن عدم كونها وسيلة لأي غرض كان.. ومن توجه نظرها مباشرة الى السعادة الأبدية.. ومن عدم تتبعها أي قصد كان سوى خدمة الايمان.. ومن عدم التفاتها الى الكشف والكرامات الشخصية التي يوليها بعض أهل الطرق أهمية.. ومن كونها تحصر وظيفتها في نشر أنوار الايمان وانقاذ ايمان المؤمنين، مما كسبته من سر وراثة النبوة التي هي شأن الصحابة الكرام الحاملين للولاية الكبرى .
نعم، ان ما تكسبه رسائل النور طلابها في هذا الزمان الرهيب من نتيجتين ثابتتين على وجه التحقيق جديرتان بالاهتمام. وهما تفوقان أي شئ آخر حتى لا تدعان حاجة الى النظر الى مقامات معنوية وأمور أخرى غيرها.


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #15
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني

الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 220
فالنتيجة الاولى هي:
ان من يدخل دائرة رسائل النور بوفاء صادق واقتناع كامل، تختم حياته بالحسنى، أي يدخل القبر بالايمان. فهناك أدلة قوية على هذا.
والنتيجة الثانية هي:
ما تحقق َوتقرر في دائرة النور من الاشتراك المعنوي في أعمال الآخرة الذي دُفعنا اليه دون اختيارنا ولا علمنا، كأن كل طالب حقيقي صادق يقوم بالدعاء والاستغفار والعبادة بالوف الالسنة والقلوب، والتسبيح لله باربعين ألف لسان كما هو لدى بعض الملائكة. ويتحرى عن الحقائق السامية والرفيعة بمئات الألوف من الأيدي كحقيقة ليلة القدر في شهر رمضان المبارك.
ولأجل مثل هذه النتيجة: يرجّح طلاب النور خدمة النور على مقام الولاية ولا يتطلعون الى الكشف والكرامات ولا يسعون لقطف ثمرات الآخرة في الدنيا. ويفوّضون التوفيق في نشر الرسائل وجعل الناس يتقبلونها والترويجلها، ونيل مظاهر الشهرة والاذواق والعناية الالهية التي يستحقونها، وامثالها من الأمور التي هي خارجة عن نطاق وظيفتهم، يفوضونها كلها الى الله سبحانه ولا يتدخلون فيها. فلا يبنون أعمالهم وحركاتهم على تلك الأمور. وانما يعملون باخلاص تام قائلين: تكفينا وظيفتنا، وهي خدمة الايمان ليس الاّ.
***

[من مزايا رسائل النور ] 1
ان رسائل النور في هذا العصر، وفي هذا الوقت بالذات عروة وثقى، أي سلسلة قوية لا تنقطع، وهي حبل الله. فمن استمسك به فقد نجا.
ان رسائل النور برهان باهر للقرآن الكريم، وتفسير قيم له، وهي لمعة براقة من لمعات اعجازه المعنوي، ورشحة من رشحات ذلك البحر، وشعاع من تلك الشمس، وحقيقة ملهمة من كنز علم الحقيقة، وترجمة معنوية نابعة من فيوضاته..
_____________________
1 مستلات من كتاب "ختم التصديق الغيبي" - المترجم.



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 221
ان رسائل النور ليست كالمؤلفات الأخرى التي تستقي معلوماتها من مصادر متعددة من العلوم والفنون، فلا مصدر لها سوى القرآن، ولا استاذ لها الاّ القرآن، ولا ترجع الاّ الى القرآن.. ولم يكن عند المؤلف أي كتاب آخر حين تأليفها، فهي ملهمة مباشرة من فيض القرآن الكريم، وتنزل من سماء القرآن ومن نجوم آياته الكريمة...
ان الذي يدفع اعتراضات الملحدين التي تتهيأ منذ ألف سنة للنيل من القرآن الكريم.. والذي يزيل شبهات الفلاسفة الكفرة التي تراكمت منذ أمد سحيق، ووجدت الآن سبيلاً للانتشار.. والذي يصد حقد اليهود الذين يضمرون العداء والثأر من القرآن الكريم الذي زجرهم وعنّفهم.. والذي يقابل هجوم نصارى مغرورين على القرآن الكريم..
نعم.. ان الذي يدفع هذه الغارات جميعها هم ابطال ميامين، وقلاع معنوية حصينة للقرآن الكريم وجدوا في كل عصر من العصور. ولكن الآن غدت الحاجة ماسة اكثر الى اولئك الابطال، اذ زاد عدد المهاجمين من واحد واثنين الى المئة. وقلّ عدد المدافعين عن القرآن من المئة الى اثنين أو ثلاثة. فضلاً عن ان تعلّم الحقائق الايمانية من علم الكلام أو المدارس الشرعية يحتاج الى زمن طويل، لا تسمح به أحوال هذا الوقت، فانسدّ ذلك الباب أيضاً. اما رسائل النور فهي تعلّم الحقائق الايمانية العميقة جداً باسلوب يفهمه كل الناس في أقصر وقت.
ان خاصية مميزة راقية لـرسائل النور هي: انه في هذا العصر العجيب يستند الكفر والايمان الى آخر الحصون في المبارزة القائمة بينهما. فـرسائل النور تبين تلك الركائز النهائية بياناً قوياً قاطعاً. وهذه الخاصية تظهر في رسالة "الآية الكبرى" باسطع ما يمكن، اذ تبين الصراع القائم بين الكفر والايمان حتى في آخر ركائزهما. ولنوضح هذا بمثال.
فمثلاً: ان في ميدان حرب عظيمة واثناء اجتماع حشود الجنود من الطرفين واصطدام فوجين منهما، يمدّ العدو فوجه بالاعتدة والاجهزة الحربية ليشد من قواهم المعنوية ويقويها، فيسخر كل الوسائل الممكنة لذلك، منها التهوين من معنويات اهل الايمان وتفتيت تساندهم وترابطهم، بمعنى انه: لا يدع وسيلة الاّ يستعملها في سبيل تشتيت قوة أهل الايمان المعنوية التي هي قوة احتياطية ساندة عظيمة. حتى انه يبعث


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 222
على فوج المسلمين وعلى كل فرد من أفراده مجموعة متساندة مترابطة مشبعة بروح الجماعة والتنظيم الخاص.
واذ يحاول العدو افناء القوة المعنوية لفوج المسلمين افناءً كاملاً، يظهر أحدهم كالخضر عليه السلام ويقول:
"لا تيأس أيها المسلم! فان لك نقطة استناد عظيمة وركيزة لا تتزعزع قط، وجيوشاً جرارة لا تغلب وقوى احتياطية لا تنفد، فلو اجتمعت عليك الدنيا بأسرها لا يمكنها أن تبارز تلك القوى وتتحداها، بل لا يقدر على تدميرها الاّ من يملك قدرة على تدمير الكون بأسره. أما سبب انهزامك في الوقت الحاضر فهو ارسالك جندياً واحداً ليقابل جماعة منظمة وشخصاً معنوياً. فاسعَ أيها المسلم، ليكون كل جندي من جنودك في حكم جماعة وبمثابة شخص معنوي يستمد معنوياته من الدوائر المحيطة به".
وهكذا يمتلئ قلب المسلم قناعةً واطمئناناً من كلام الخضر.
والأمر كذلك في رسالة "الآية الكبرى"؛
اذ ان أهل الضلالة المغيرين على أهل الايمان أصبحوا روحاً خبيثة تسري في الأمة، وشخصية معنوية حاملة لروح الجماعة والتنظيم الخاص تفسد وجدان الناس وقلوبهم عامة في العالم الاسلامي. وتمزق الستار الاسلامي السامي الذي يحيى العقائد التقليدية لدى عوام المسلمين، وتحرق المشاعر المتوارثة أباً عن جد.. تلك المشاعر التي تديم الحياة الايمانية..
فبينما يحاول كل مسلم - يائساً - لينجو بنفسه من هذا الحريق المرعب الذي شب في أرجاء العالم. اذا بـرسائل النور تأتي كالخضر عليه السلام، وتمد اليه يد العون والمساعدة، واذا برسالة "الآية الكبرى" كالجندي المطيع ذي الخوارق، تستمد الامداد المعنوي والمادي الذي لا يقاوم من آخر جيوشه المحيطة بالكون...أما سائر النقاط في المثال، فعليكم تطبيقها كي تتبين خلاصة ذلك السر.
ان رسائل النور كذلك ليست نوراً مقتبساً، وبضاعة مأخوذة من معلومات الشرق وعلومه، ولا من فلسفة الغرب وفنونه. بل هي مقتبسة من العرش الرفيع السماوي لمرتبة القرآن الكريم الذي يسمو على الشرق والغرب.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 223
فـرسائل النور التي هي ضياء معنوي، وعلم في منتهى العلو والعمق معاً، لا تحتاح دراستها والتهيؤ لها الى تكلف، ولا داعي الى اساتذة آخرين لتعلمها، ولا الاقتباس من أفواه المدرسين، حيث ان كل شخص يفهم حسب درجته تلك العلوم العالية، دونما حاجة الى اشعال نار المشقة والتعب للحصول عليها، فيفيد نفسه بنفسه، وربما يكون عالماً محققاً.
سؤال:
لِمَ خصت رسائل النور من بين سائر الكتب القيمة باشارات من القرآن الكريم، والتفاتته اليها، وباستحسان الإمام علي رضي الله عنه وتقديره لها، وبتوجّه الشيخ الكيلاني قدس سره اليها والتبشير بها. فما وجه اختصاصها، وماالحكمة في اهتمام وتقدير هذين الاستاذين الفاضلين الى هذا الحد بـرسائل النور؟.
الجواب: من المعلوم ان دقيقة واحدة تكون ذات أهمية تقابل ساعة كاملة وانها تثمر من النتائج ماتنتجه تلك الساعة، وربما ماينتجه يوم كامل، بل قد تكون بمثابة سنين. ويحدث احياناً ان تكون ساعة واحدة لها من الاهمية وتعطي من النتائج ما لسنة من العمر بل العمر كله.
فمثلاً: ان الذي يستشهد في سبيل الله في دقيقة واحدة يفوز بمرتبة الاولياء.. وان الذي يرابط ساعة واحدة في ثغر المسلمين عند اشتداد البرد وصولة الاعداء الرهيبة، قد تكون له من الاهمية ما لسنة من العبادة.
وهكذا الامر في رسائل النور. اذ ان سبب الاهتمام الذي نالته رسائل النور نابع من اهمية الزمان نفسه.. ومن شدة الهدم الذي أحدثه هذا العصر في الشريعة المحمدية والشعائر الأحمدية.. ومن فتنة آخر الزمان الحالية التي استعاذت منها الامة الاسلامية منذ القدم.. ومن زاوية انقاذ ايمان المؤمنين من صولة تلك الفتن.
فلأجل هذه الاسباب كلها حازت رسائل النور أهمية عظمى حتى أشار اليها القرآن الكريم اشارة قوية، والتفت اليها التفاتة كريمة، وبشّر بها الامام علي رضي الله عنه بثلاث كرامات، واخبر عنها الشيخ الكيلاني رضي الله عنه اخباراً ذا كرامة، وحضّ مؤلفها.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 224
نعم! لقد تزعزعت قلاع الايمان التقليدية وتصدعت امام هجمات هذا العصر الرهيب. ونأت عن الناس وتسترت بحجب واستار. مما يستوجب على كل مؤمن ان يملك ايماناً تحقيقياً قوياً جداً كي يمكّنه من المقاومة والثبات وحده تجاه الضلالة المهاجمة هجوماً جماعياً.
فـرسائل النور تؤدي هذه الوظيفة، وفي أحلك الحالات وارهبها، وفي أحوج الاوقات، وأحرجها. فتؤدي خدمتها الايمانية باسلوب يفهمه الناس جميعاً. واثبتت اعمق حقائق القرآن والايمان وأخفاها ببراهين قوية، حتى أصبح كل طالب نور وفيّ صادق يحمل في قلبه الايمان التحقيقي كأنه قطب مخفي من اقطاب الاولياء وركيزةً معنوية للمؤمنين، وذلك لخدماته الايمانية في القرية او القصبة او المدينة التي فيها. ورغم انهم غير معروفين وغير ظاهرين ولا يلتقيهم احد فقد صار كل منهم بعقيدتهم المعنوية القوية كضابط شجاع في الجيش يبعث مدداً معنوياً الى قلوب أهل الايمان فيثبتهم وينفخ فيهم روح الحماس والشجاعة.
اخوتي الأوفياء الصادقين الاعزاء.. يا عماد سلواني في هذه الدنيا، ويا رفقائي الذين لا يكلّون في خدمة الحقيقة.
بينما كنت أتأسف في هذه الأيام على اشتغال ذهني جزئياً بالدفاعات أمام المحاكم، ورد الى القلب ما يأتي:
ان ذلك الانشغال هو كذلك اشتغال علمي، اذ هو خدمة في سبيل نشر الحقائق الايمانية وتحقيق حريتها وانكشافها؛ فهو نوع من العبادة من هذه الجهة.
وانا بدوري كلما وجدت ضيقاً في نفسي باشرت بمطالعة مسائل النور بمتعة ولذة، رغم اني اطلعت عليها مئة مرة. حتى وجدت "الدفاعات" هي كذلك مثل رسائل النور العلمية.
ولقد قال لي أحد اخواني: "انني أشعر بشوق وحاجة الى تكرار قراءة "رسالة الحشر" وان كنت قد قرأتها ثلاثين مرة".
فعرفت من كلامه هذا: ان رسائل النور التي هي مرآة عاكسة لحقائق القرآن الكريم وتفسير قيم أصيل له، قد انعكست فيها أيضاً مزية رفيعة للقرآن الكريم الا وهي عدم السأم من قراءتها.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 225
شكراً وحمداً لله بما لايتناهى من الحمد والشكر؛ ان عوام المؤمنين في زماننا هذا، الذين هم في امس الحاجة الى نقطة استناد يستندون اليها قد وجدوها في رسائل النور، فهي حقيقة لن تكون وسيلة لأي شئ كان، ولايداخلها اي غرض او مقصد كان، ولاتفسح المجال لأية شبهة او وسوسة كي تدخل فيها، ولايستطيع اي عدو كان ان يجد حجة لجرحها وتفنيدها.. وان الذين سيسعون لنشرها يسعون للحق والحقيقة وحدهما دون ان تشوب سعيهم مقاصد دنيوية. كل ذلك ليطمئن بتلك الحقيقة أولئك البعيدون ويثقوا بناشريها الصادقين اطمئناناً تاماً لينقذوا ايمانهم من صولة الزنادقة والملحدين على الدين واعتراضات الفلاسفة وانكارهم عليه.
نعم، ان اولئك المؤمنين سيقولون بلسان حالهم: "ان اعداءً شرسين وبهذه الكثرة لم يستطيعوا ان يفنّدوا هذه الحقيقة ولا ان يعترضوا عليها. وان طلاب تلك الحقيقة لايحملون في خدمتها قصداً غير الحق وحده. فلابد ان تلك الحقيقة هي عين الحق ومحض الحقيقة". وبهذا يقوى ايمانهم بدليل واحد يفوق ألف برهان وبرهان، فينقذون ايمانهم ولايساورهم شك بعدُ.
انه لأجل اطمئنان عوام المؤمنين وتقبلهم حقائق الايمان دون ان يساورهم اي تردد، يلزم في الوقت الحاضر، وجود معلّمين، يحملون من الايثار ما يجعلهم يضحون لا بمنافعهم الدنيوية وحدها، بل بمنافعهم الأخروية أيضاً في سبيل منافع أهل الايمان الاخروية. فيكون ذلك الدرس الايماني خالصاً نقياً بحيث لا يفكرون فيه بالمنافع الشخصية مهما كانت. بل يسعون في الخدمة الايمانية، بالحقائق، نيلاً لرضا الله، وعشقاً للحقيقة، وشوقاً الى الحق، والسداد الذي في الخدمة، وذلك ليطمئن كل من يحتاج الى الايمان اطمئناناً تاماً دون حاجة الى ايراد الأدلة له، ولكي لا يقول: "انه يخدعنا ويستميلنا" وليعلم ان الحقيقة قوية بذاتها الى حد لا يمكن ان تتزعزع بأي حال من الأحوال، ولا تكون اداةً طيعة لأي شئ كان.. فيقوى ايمانه عندئذٍ ويقول: "حقاً ان ذلك الدرس الايماني هو عين الحقيقة" وتمحى شبهاته ووساوسه.
***
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الملاحق - ملحق امير داغ الثاني عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 9 03-23-2011 06:12 PM
الملاحق - ملحق اميرداغ الاول عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 9 03-23-2011 05:54 PM
الملاحق - ملحق بارلا عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 8 03-23-2011 05:10 PM
من أسماء القرآن«عربي مبين» صفة لكتاب الله وحجة للحق نزل بلسان العرب ليتحدى فصاحتهم عبدالقادر حمود المواضيع الاسلامية 0 12-17-2010 09:55 AM


الساعة الآن 04:33 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir