أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ،والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 01-05-2015
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 199


خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِين
(199)
قولُهُ ـ تعالى شأنُه: {خُذِ الْعَفْوَ} الخطابُ للرسولِ الكريم ـ عليه وآلِهِ وصحبِه مِنَ اللهِ أَفْضَلُ الصَلاةِ وأَكْمَلُ التَسْليم ـ وحقيقةُ الأََخْذِ تَناوُلُ شَيْءٍ مِنْ بَينِ عِدَّةِ أَشْياء للانْتَفاعِ بِهِ أَوْ لإضْرارِهِ، واسْتُعْمِلَ هُنا مجازاً فاسْتُعيرَ للتَلَبُّسِ بالوَصْفِ والفِعْلِ. و "العَفْوََ" مَا عَفَا وَصَفَا مِنْ أَخْلاقِ النَّاسِ. والمعنى: أَيُّهَا النَّبِيُّ سِرْ فِي سَبِيلِ الدَّعْوةِ إلى اللهِ، وَخُذِ النَّاسَ بِاليُسْرِ ومَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ، وَأْمُرْهُمْ بِكُلِّ أَمْرٍ مُسْتَحْسَنٍ تَعْرِفُهُ العُقُولُ النيِّرةُ والفِطْرَةُ السَليمَةُ التي فَطَرَ اللهُ الناسَ عليها، وَتُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ، والأَذْواقُ الخاليةُ مِنْ كُلِّ تَأْثيرٍ خارجيٍّ ووسْوَسَةِ الشياطينِ.
وَقد كَانَ النَّبِيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ لا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَينِ إلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا. فقد أَخْرَجَ البُخاريُّ ومُسْلِمٌ عن السَّيِّدةِ عائشةَ أُمِّ المؤمِنينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها أَنَّ رَسولَ اللهِ ـ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ ما خُيِّرَ بَينَ أَمْريْنِ إلاَّ اخْتارَ أَيْسَرَهُما.
وأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ الطبريُّ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، أَنَّه ـ صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّم ـ سَألَ جِبْرِيلَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ عَنِ المَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ بِأنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتُعْطِيَ مِنْ حَرَمَكَ، وَتَصِلَ مَنْ قََطَعكَ).
وأَخْرجَ ابْنُ أَبي الدُنيا، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المنذرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ عَنِ الشَعْبيِّ قالَ: لمّا أَنْزَلَ اللهُ: "خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين" قالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلّى اللهُ عليْه وسلَّمَ ـ ((ما هذا يا جبريلُ؟)) قالَ: لا أَدْرِي حتّى أَسْأَلَ العالِمَ ..! فَذَهَبَ ثمَّ رَجَعَ فقالَ: إنَّ اللهَ أَمَرَكَ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ.
وأَخْرجَ ابْنُ مَردَوَيْهِ عَنْ جابرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قال: لمّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ: "خُذِ العفوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضِ عَنِ الجاهلين" قالَ النبيُّ ـ صلى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: ((يا جبريلُ ما تَأْويلُ هذِهِ الآيةِ؟ قالَ: حَتّى أَسْأَلَ. فصَعِدَ ثمَّ نَزَلَ فقالَ: يا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَصْفَحَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ. فقالَ النَبيُّ ـ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: أَلاَ أدُلُّكم على أَشْرَفِ أَخْلاقِ الدُنْيا والآخرةِ؟ قالوا: وما ذاكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وتُعْطي مَنْ حَرَمَكَ، وتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ)).
وأَخْرَجَ ابْنُ مردويْهِ عَنْ قَيْس بْنِ سَعْدٍ بْنِ عُبادَةَ ـ رضي اللهُ عنهما ـ قال: لمّا نَظَرَ رَسولُ اللهِ ـ صَلى اللهُ عليهِ وسلّمَ ـ إلى حمزةَ ابْنِ عبدِ المُطَّلِبِ ـ رضي اللهُ عنه ـ (وقد مُثِّلَ به) قالَ: ((واللهِ لأُمَثِلَنَّ بِسَبْعينَ مِنْهم. فجاءَهُ جبريلُ بهذِهِ الآيَةِ: "خُذِ العفوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين" فقال: يا جِبريلُ ما هذا؟ قال: لا أَدْري! ثمَّ عادَ فقالَ: إنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ. وبناءً عليهِ فإنَّ الآيةَ ثابتةُ الحُكْمِ، غَيرُ مَنْسوخَتِهِ ـ كَما قِيلَ ـ وهُوَ الصَحيحُ، لما رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُبيرِ ـ رضي اللهُ عنهما ـ أنّهُ قالَ: ما أَنزلَ اللهُ ذلك إلاَّ في أَخْلاقِ الناسِ، ومَنْ قالَ أَنَّ هذِهِ الآيةَ نَسَخَتْها آياتُ القِتالِ فقدَ وَهِمَ: لأنَّ العَفْوَ بابٌ آخَرُ، وأَمَّا القتالُ فَلَهُ أَسْبابُهُ، ولَعَلَّهُ أَرادَ مِنَ النَسْخِ ما يَشْمَلُ مَعنى البَيانِ أوْ التَخصيصِ في الاصْطِلاحِ.
وَكم مِْنْ عاصٍ مُتَمَرِّدٍ، أَوْ عَدُوٍّ مُلِحٌّ في عَداوَتِهِ كَفَّهُ حُسْنُ المُعَامَلَةِ عَمَّا هُوَ فِيهِ، فإنَّ النُفوسَ قدْ جُبِلَتْ عَلى حُسْنِ العِشْرَةِ والمُعامَلَةِ الحَسَنَةِ، فمَعنى خُذِ العَفْوَ: عامِلْ بِهِ واجْعَلْهُ وصْفاً ولا تَتَلَبَّسْ بِضِدِّهِ. ومِنْ ذلكَ قولُ أَبي الأَسْوَدِ الدُؤليّ:
خُذِي العَفْوَ مِنِّي تَسْتَديمي مَودَّتي ... ولا تَنْطِقي في سَوْرَتي حينَ أَغْضَبُ
وإنَّ أَكْبرَ دَوْلَةٍ إسْلامِيَّةٍ اليومَ، وهي أَنْدُونِيسيا ـ وكثيرٌ من الشعوب غيرِها ـ لم يَصِلْها الفاتحونَ بِسُيُوفِهم، وإنَّما وَصَلَها التُجَّارُ المُسْلِمونَ بِصِدْقِهم وحُسْنِ مُعامَلَتِهم، فدَخَلَ أَهلُها في الإسْلامِ بحُسْنِ المعامَلَةِ وطِيبِ العِشْرَةِ وكَريمِ الخُلُقِ، بعكسِ ما عَلَيْهِ حالُ المُسْلِمينَ اليومَ، فلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ العليِّ العظيمِ.
والعَفْوُ: هُوَ السَّهْلُ الذِي لاَ كُلْفَةَ فِيهِ. قال عبدُ اللهِ ْبنُ الزُبَيرِ ـ رضي اللهُ عنهما: أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ أَنْ يَأْخُذَ العَفْوَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ. وقالَ مجاهد: "خُذِ العَفْوَ" يَعني العَفْوَ مِنْ أَخْلاقِ النّاسِ وأَعْمالهم مِنْ غيرِ تَجَسُّسٍ، وذلك مِثْلُ قَبولِ الاعْتِذارِ، والعفوِ، والمُساهَلَةِ، وتَرْكِ البَحْثِ عَنِ الأشياءِ ونحْوِ ذلك. وأَخرَجَ سَعيد بْنُ مَنصور، وابْنُ أَبي شَيْبَةَ، والبُخاريُّ، وأَبو داوودَ، والنَسائيُّ، والنَحّاسُ في ناسِخِهِ، وابْن جَريرٍ الطبريُّ، وابْنُ المنذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، والطَبرانيُّ، وأَبو الشَيْخِ، وابْنُ مَردويْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدلائلِ، عنْ عبدِ اللهِ بْنِ الزُبيرِ ـ رضي اللهُ عنهما ـ قال: ما نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ إلاَّ في أَخْلاقِ الناسِ: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين". وفي لَفْظٍ: أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ أَنْ يَأْخُذَ العَفْوَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ.
وأخرج ابْنُ أَبي حاتمٍ وأَبو الشَيخِ، والطبرانيُّ في الأَوْسَطِ، وابْنُ مَردوَيْهِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رضي اللهُ عنهما ـ في قولِهِ تَعالى: "خذ العفو" قالَ: أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ أَنْ يَأْخُذَ العَفْوَ مِنْ أخْلاقِ الناسِ.
وأَخرجَ ابْنُ أَبي الدُنيا في مَكارِمِ الأَخْلاقِ عَنِ إبْراهيمَ بْنِ أَدْهَمَ قال: لما أَنْزَلَ اللهُ: "خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين" قالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ العَفْوَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ)).
وأَخْرَجَ ابْنُ مَردوَيْهِ عَنْ السيدة عائشةَ، أُمِّ المؤمنين ـ رضي اللهُ عنها ـ في قولِ اللهِ تعالى: "خُذِ العَفْوَ" قالَ: ما عَفى لَكَ مِنْ مَكارِمِ الأَخلاقِ.
وقالَ ابْنُ عبَّاسٍ والسُدِّيُّ والضَحّاكُ والكَلْبيُّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم جميعاً: يَعني خُذْ ما عَفا لَكَ مِنْ الأَمْوالِ وهُوَ الفَضْلُ عَنِ العِيالِ، وذلكَ معنى قولِهِ كذلك في سُورَةِ البَقَرَةِ: {يَسأَلونَكَ ماذا يُنْفِقونَ، قُلِ العَفْوَ} الآية: 219، ثمَّ نُسِخَتْ هذِهِ بالصَدَقاتِ المَفروضاتِ.
وأَخْرجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ مِنْ طَريقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مالِك بْنِ أَنَس، عن عبدِ اللهِ ابْنِ نافع. أَنَّ سالمَ بْنَ عبدِ اللهِ مَرَّ على عِيرٍ لأهْلِ الشامِ وفيها جَرَسٌ، فقالَ: إنَّ هذا يُنْهى عَنْهُ. فقالوا: نحنُ أَعْلَمُ بهذا مِنْكَ، إنَّما يُكْرَهُ الجُلْجُلُ الكَبيرُ، وأَمَّا مِثْلُ هَذا فَلا بَأْسَ بِهِ، فَبَكى سالمٌ وقال: "وأَعْرِضْ عَنِ الجاهِلين".
قولُهُ: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} أيْ: بالمعْروفِ، والمَعْرُوفُ هو اسْتَحَسَنَهُ الشَّرْعُِ. والعُرفُ أيضاً هوَ أَفعالُ الخيرِ، أوِ العُرْفُ الجاري بينَ الناسِ. واحْتَجَّ المالِكِيَّةُ بهذه الآيةِ على الحُكْمِ بالعُرْفِ الذي يجْري بين الناس. وقالَ عَطاء: "وأْمُرْ بالعرف" يَعني: بِلا إلِهَ إلاَّ اللهُ. والأمْرُ يَشْمَلُ النَهْيَ عَنِ الضِدِّ، فإنَّ النَهْيَ عَنِ المُنْكَرِ أَمْرٌ بالمَعروفِ، والأمْرُ بالمَعروفِ نهيٌ عَنِ المُنْكَرِ، لأنَّ الأَمْرَ بالشَيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، فالاجْتِزاءُ بالأَمْرِ بالعُرْفِ عَنِ النَهْيِ عَنِ المُنْكَرِ مِنَ الإيجازِ، وإنَّما اقْتُصِرَ على الأَمْرِ بالعُرْفِ هُنا: لأنَّهُ الأَهَمُّ في دَعْوَةِ المُشْرِكينَ لأنَّهُ يَدْعوهم إلى أُصولِ المَعروفِ، واحداً واحداً، كما ورَدَ في حديثِ مُعاذ بْنِ جَبَل ـ رَضِيَ اللهُ عنه ـ حين أَرْسَلَهُ الرسولُ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ إلى أَهْلِ اليَمَنِ، فقد أَمَرَهُ أَنْ يَدْعوَهم إلى شهادةِ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، ثمَّ قال: فإنْ هُمْ طاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فأَخْبِرْهُم أَنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِم خمسَ صَلَواتٍ. ولو كانتْ دَعوةُ المُشركين مُبْتَدَأَةً بالنَهْيِ عَنِ المُنْكَرِ لَنَفَروا ولمَلَّ الداعي لأنَّ المُنكراتِ غالبةٌ عَليهم، ومُحْدِقَةٌ بهم، ويَدخُلُ في الأَمْرِ بالعُرْفِ الاتِّسامُ بِهِ والتَخَلُّقُ بخُلُقِهِ: لأنَّ شأنَ الآمِرَ بِشَيْءٍ يجبُ أَنْ يَكونَ مُتَّصِفاً بمثلِهِ، وإلاَّ فقد تَعَرَّضَ للاسْتِخْفافِ به وبما يدعوا إليه. فإنَّ خِطابَ القُرآنِ الناسَ بأنْ يَأْمُروا بِشَيْءٍ يُعْتَبَرُ أَمْراً لهم بذلك الشيْءِ. وهي مسألةٌ أصوليّةٌ.
قولُهُ: {وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} أَيْ: أبي جَهْلٍ وأَصحابُه، وقد نَسَخَتْها آيةُ السَيْفِ. وقيلَ: إذا تَسَفَّهَ عليكَ الجاهِلُ فلا تُقابِلْهُ بالسَفَهِ، وذلك مِثْلُ قولِهِ في سورة الفرقان: {وإِذا خاطَبَهُمُ الجاهلونَ قالوا سلاماً} الآية: 63، وذلكَ سلامُ المُتارَكَةِ. قالَ جَعفر الصادقُ ـ رضي اللهُ عنه: أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ ـ صَلى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ ـ بمَكارِمِ الأَخْلاقِ، وليسَ في القُرآنِ آيَةٌ أَجمَعُ لمَكارِمِ الأَخْلاقِ مِنْ هَذْهِ الآيَةِ.
وقولُهُ: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} سورة البقرة، الآية: 109. والمُرادُ بِهِ هُنا ما يَعُمُّ العَفْوَ عَنِ المُشْركينَ وعَدَمُ مُؤاخَذَتِهم بجفائهم ومَساءَتهم الرَسولَ والمؤمنين.
وأَخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وابْنُ مَردوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ قال: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَينٍ بْنِ بَدْرٍ، فَنَزَلَ عَلى ابْنِ أَخيهِ الحُرِّ بْنِ قَيْسٍ ـ وكانَ مَنَ النَفَرِ الذينَ يُدْنيهِمْ عُمَرُ ـ رضي اللهُ عنه، وكانَ القُرَّاءُ أَصحابَ مجالِسِ عُمَرَ ومُشاوَرَتِهِ، كُهولاً أَكانوا أَوْ شَباباً ـ فقالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أَخيه: يا ابْنَ أَخِي هَل لَّكَ وَجْهٌ عِنْدَ هذا الأَميرِ فتَسْتَأْذِنُ لي عَلَيْهِ؟ قال: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَليْهِ. قالَ ابْنُ عبَّاسٍ: فاستَأْذَنَ الحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فلمَّا دَخَلَ قالَ: هيَا يا بْنَ الخَطَّابِ، فو اللهِ ما تُعطينا الجَزْلَ، ولا تَحْكُمُ بَيْنَنا بالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فقالَ لَهُ الحُرُّ: يا أَميرَ المُؤمنينَ: إنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قالَ لِنَبِيِّهِ ـ صَلى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ ـ "خَذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجاهِلين" وإنَّ هذا مِنَ الجاهِلينَ. والله ما جاوَزَها عُمَرُ حينَ تَلاها عَلَيْهِ، وكانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتابِ اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ.
والإعْراضُ: إدارةُ الوَجْهِ عَنِ النَظَرِ للشَيْءِ، مَشْتَقٌّ مِنَ العارِضِ
وهُوَ الخَدُّ.
قولُهُ تعالى: {خُذِ العَفْوَ} حُذِفَ المَفْعولُ الأوَّلُ للأَمْرِ لإفادَةِ عُمومِ المَأْمورين.
وقولُهُ: {العفوَ} أل: التَعريفِ في "العَفْوَ" لتَعريفِ الجِنْسِ فَهُوَ مُفيدٌ للاسْتِغْراقِ، فقَدْ عَمَّتِ الآيةُ صُوَرَ العَفْوِ كُلَّها.
وقولُهُ: {الْعُرْفِ} ال: التعريف هنا كالتَعْريفِ في "الْعَفْوَ" يُفِيدُ الاسْتِغْراقَ أَيْضاً.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 174 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-05-2014 01:28 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 98 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-22-2014 03:38 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:46 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:41 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 96 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:33 AM


الساعة الآن 02:28 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir