ماأصل تسمية آزورا لمنطقة دير الزور
الفصل الأول من كتاب الباحث عباس طبال اللهجة الفراتية
ماأصل تسمية آزورا لمنطقة دير الزور
الباحث : عباس طبال
كلمة لابـدَّ منهـا :
قبل البدء بأي بحث عن منطقة من المناطق ، سواء كان بحثا عن تاريخها أو موروثها الشعبي أو أعراقها وقبائلها أو لغتها ولهجاتها وعاداتها وأعرافها وتقاليدها ، أو طبيعتها وتكوينها الجغرافي أو الجيولوجي
لا بد من تحديد هذه المنطقة موقعا وحدودا وتاريخا بشكل موجز ، حتى يتمكن القارئ من معرفة المكان الذي سيتناوله البحث المدروس
ولذلك نقدم لمحة موجزة عن المنطقة التي سيتناولها بحثنا ، آملين أن يلقي ضوءا بسيطا يكشف جانبا من موروثها العربي
هذه المنطقة هي :
• ديــر الـزُّوُر - الموقـع والحـدود والتاريخ
تقع محافظة دير الزٌّور في الجزء الشرقي من القطر العربي السوري تجاورها محافظة الحسكة من الشمال ، والقطر العراقي من الشرق والجنوب الشرقي ، ومحافظة حمص من الجنوب والجنوب الغربي ، ومحافظة الرقة من الغرب والشمال الغربي ، وإذا نظرنا إلى امتداد المحافظة من خلال مقياس موقعها الفلكي على خريطة سورية نجدها تمتد على نحو درجتين وخمس وعشرين دقيقة عرض ، من 5‘34 إلى 30 ‘36 شمال خط الاستواء ، كما تمتد على نحو درجة طول من 10‘40 شرق غرينتش ، من أصل خمس درجات ونحو ست درجات طول يمتد عليها القطر
هذا ما جاء في تعريف محافظة الدير في كتاب " دير الزور ، ماض ٍ عريق وحاضر مشرق " الذي أصدرته محافظة دير الزور عام 1998م
وبالرجوع إلى كتب البلدان ، نجد ياقوت الحموي يذكر ديرا من الأديرة الواقعة على شاطئ الفرات الأوسط بين الرقة والخابور سمّـاه " دير الرمّـَان "وقال عنه :
" مدينة كبيرة ذات أسواق للبادية بين الرقـّة والخابور ، تنزلها القوافل القاصـدة من العراق إلى الشام "
ويختلف الباحثون من أبناء الدير حول قبول اسم " دير الرمان " كاسم قديم للدير
ويعللون رفضهم بأنّ ما بين الرقـّة والخابور، يجب أن يكون على الضفة اليسرى لا اليمنى من النهر لأنّ دير الزور تقع اليوم على الضفة اليمنى
وسبب هذا الرفض غير صحيح ، وذلك لأن ياقوت الحموي يذكر رحبة مالك بن طوق بأنها بين الرقة وبغداد ، والرحبة تقع على الضفة اليمنى مثل الدير، واتباعا لرأيهم السابق في دير الرمان ، فالرحبة يجب أن تكون على الضفة اليسرى لا اليمنى ويدحض قولهم واقع البلدتين " دير الرمان والرحبة " فالأول فيه أسواق للبادية ، والبادية تقع يمين النهر لا يساره ، والبدو يتسوقون منه دون أن يضطروا لعبور النهر والتعرض للمخاطر
ويمثل " دير الرمان " التلُّ الأثري الذي كانت الدير قائمة عليه قبل اتساعها والمسمّى " الدير العتيق " والذي دُمِّـرَ وأزيل من الوجود بما كان عليه من بيوت بواسطة الجرافات الضخمة ، مع أنّ آثارا رومانية وفاطمية وعباسية وجدت في باطنه من قبل
كانت إزالته عام 1968 م وقد ذكر الشاعر" الفراتي " في ديوانه" العواصف ص" 148 واقعة هدم الدير ، قال :
فـَدَيْـرُ تـَغـْلِـبَ لـم تـَتـْرُك بـِسـَاحَـتِـه
مَـعَـاوِلُ الهـَدْم ِ لا سَـقـْفـًا ولا عَـمَـدا
ومحافظة الدير تقع بكاملها في مساكن تغلب منذ العصر الجاهلي يقول الأخـطـل التغلبي :
سَـمَـوْنـا بـِعِـرنِـيـنَ أشـَمّ َ وعَـارض
ٍ لِـنـَمْنـَعَ مـا بـيـنَ العِـراق ِ إلى البـِشـْر
ِ وقوله في القصيدة نفسها :
فـأصـبَـحَ مـا بَـيْــن العِـراق ومَنـْبِج
لِـتـَغـْلِـبَ تـردى بالرديـنِـيَـة السـُّمـر
ِ والدير تقع ضمن الحدود التي ذكرها الأخطل ، سواء فيما بين العراق إلى ( البشر ِ ) أم ما بين العـراق ومنبج
والدير معـروف لدى البدو ، يعـبرون منه في قـدومهم من جزيرة العـرب عـبر البادية قاصدين الجزيرة السورية وديار بكر أو الموصل وشمالي العـراق ، وذلك منذ فجر التاريخ إلى وائل الستينات من القرن العشرين 0 وقد ورد ذكرها في قصيدة من الشعـر النبطي للشاعر "الفارس ساجر الرفدي أمير قبيلة السلقا من الحسنة من قبيلة عنزة ، مطلعها:
يَـا خـْليـف ﮔــََطـِّع للسِّـبـايـا مِسَـامِيـر
عـَن ِالـْحـَفـا يـا شـُوقْ مُـوضِـي جـِبينـَه
إلى أن يقول :
كـمْ عِـز ِبْـةٍ ز ِحْـنـاه مَـعْ نــُوُضـْة َالطـِّيـر
وكـمْ شـيـخ ﮔــُوم ٍعـِنِـدهِـنْ جَـادْعـِينـه
مِـن حَـدْ حـَايـل لِـيـنْ سِـنجَـار والـدِّيــــرْ
وكـَـمْ خِـيـرٍ ٍ بــِرْمـاحـْنـا عـَاثــْر ِيــــنـَــه
( حايل: مدينة حائـل في السعودية 0 الـدير : دير الزور كما سميت عام 1864م )
و ذكر الخوري برصوم أيوب، أستاذ اللغة السريانية في جامعة حلب ، ديـر الـزُّور في كتاب " الأصول السريانية في أسماء المدن والقرى السورية وشرح معانيها ص 184 " بقوله :
دير الزُّور : مركز محافظة دير الزُّور تقع في الشمال الشرقي من سوريا متاخمة للحدود العراقية السورية ، قال عنها الأستاذ حسـن حُسني في الندوة الدولية لتاريخ دير الزور وخمسين عاما على اكتشاف مدينة ماري في محاضرة له بعنوان " اسم دير الزور " أخذ ًا عن شرح الأستاذ سهيل الأغا في كتابه" مدينة دير الزور عام 1964 ص 391 " قـال:" ودير الزور مؤلفة من كلمتين ( دير ) وهو المكان الذي يسكنه الرهبان المسيحيون، و( الزُّور) وهو المكان الموجود على مقربة من النهر وتكثر فيه النباتات الطبيعية ( كالغـَرَبْ والطـَرفاء )على شكل غابة نهرية صغيرة
أمّا نحن فـنقول : " إنَّ كلمة ( دير الزور ) مركبة من كلمتين سريانيتين ، الأولى " ديـر " مقام الرهبان أو الراهبات ، والنسبة إليه ديراني على غير قياس ( سريانية )
ويقول العـلامة مار إغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق عضو مجمع اللغة العربية بدمشق ، ما يـلـي :
" إنّ ديـر الـزُّور تحريف للعبارة السريانية ( ديـر زعُـور) ZAUR DAΥR أي الدير الصغير ، وذلك أولاً : لأنّ حرف العين في اللغة السريانية الشرقية العامية يلفظ أحيانا همزة وأحيانا يختفي كليا كما حصل هنا في ( دير الزور )
ثانيا : أنـَّه عرف بالديـر الصغير تمييـزًا له من الدير الكبير الذي كان بجواره
وعلى هذا العرض لما جاء في أقوال البطريرك مار إغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية وسائر المشرق ، فالدير ديران ، صغير ( دير زَعُوُر ) باق ٍحلَّ اسم دير الزور اليوم مكانه ، و( الدير الكبير ) كان بجانبه رُبـَّما دمَّره النهر مع ما دمَّر من المعالم التي وجدت على شاطئيه ويبدو أن بقايا من سوره على النهر الكبير ( الفرع الكبير للفرات في دير الزور ) استعمله أحـد سكان الدير لوضع ناعورة عليه 0 كما أنّ التلَّ الاصطناعي الذي بنيت فوقه بيوت الدير ( العتيق) الذي أزالته جرافات ( بلدوزرات ) أسعد صقر ، محافظ دير الزور ورئيس بلديتها عام 1968 م 0قد طـُمِسَ ومُحِيَ كل أثر يدل على تاريخ مدينة دير الزور، وسحقه أسعد تحت سلاسل جرافاته الرؤوفة بالآثار، والتي لم ترحم حتى المئذنة العباسية التي كانت قائمة فوق التل الاصطناعي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
01-06-2009
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض الشجري