أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله           

ركن وادي الفرات نادي مختص بتراث وتاريخ المنطقة الشرقية من سوريا

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي خضراء بتول الفرات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد سيد الاولين والاخرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحقيقة هذه القصة من اروع القصص التي قرأتها اسطورة في الحب والوفاء
خضراءبتول الفرات
كانت دير الزور بعيدة عن مراكز المدن الكبرى ,التي تمتاز بالحركة الفكرية النشطة ,وتقدم المعارف والعلوم .لذا كانت الحركة العلمية والأدبية بهذه المدينة خاوية متردية في سائر عصورها . تمتاز هذه البلدة بإهمال أهلها للكتاب ,وعدم اقتناء الكتب ,أو اغتراف العلوم والآداب منها ,فلم يكن بها سوى مكتبة واحدة في سوق التجار,فيها بعض الكتب الشعبية ,وبعض كتب الفقه والأدب .ولاتجد فيها من كتب التراث والأصالة إلا النزز اليسير . ومن يقرأ القرآن الكريم ,ويحسن القراءة في كتب سيرة بني هلال ,والتغربية ,والزير سالم ,فإنه يكون من القلائل الذين يشار لهم بالبنان ,ويوسّع لهم في المجلس ,ولهم مكانا"خاصا"في الدواوين ,حيث يلتف حوله أشياخ تلك الأيام ,وعشاق المجالس ,ليقرأ لهم فصلا"من تلك الكتب الشعبية الرائجة . صاحب تلك المكتبة المتواضعة شاب من أهالي دير العتيق يسكن محلة ((الغرب ))حيث كان يبيع إلى جانب الكتب والقصص الشعبية بعض ما يحتاجه أهل العلم من أقلام ودفاتر وحبر .هذا الشاب اسمه عبد تعلم في المدرسة الإعدادية في أواخر العهد العثماني وتخرج منها ,إنه شاب في الخامسة والعشرين من العمر ,فارع الطول ,أسمر اللون ,نحيف الجسم ,يلبس طربوشا"قاتما",وزبونا"مخططا",وسترة جميلة . كان خجولا",حييا",هادئا",يأنس الناس ويأنسونه يحسن قراءة الكتب وينشرح صدره لها, ويكتب بخط جميل . لا يكاد يمر شخص أمام دكانه إلا وينظر إلى ذلك الشاب الذي طأطأ رأسه فوق صفحة كتاب يقرأ فيه ,فكان كل من يشاهده على تلك الحالة يتمنى أن يكون ذلك الدكان له ,ليقرأ هذه ويكون ((فقيها")),ويعب ّمن هذه الكتب المكدّسة كما عبّ((عبد)). زبائن كثيرون كانوا يترددون على مكتبة ((عبد ))يشترون ,ويذهبون ،بعضهم يعود إليه كل شهرين وبعضهم كل عام ،وآخرون لا يرجعون إليه البتة . لكن صاحب المكتبة الذكي شاهد فتاة تتردد عليه بين الحين والآخر ,تشتري الكتب الصغيرة ,فتدفع له ثمنها ,ثم يجول نظرها في الدكان وتنصرف ,وتعود إليه بعد أيام حين تنتهي من قراءة ما اشترته من كتب . كانت تلك الفتاة إذا عادت إلى المكتبة نظرت إلى ((البسطة ))حيث يعرض عليها عبد آخر ما صدر من الكتب في دمشق والقاهرة وبيروت ,ثم تنظر ملية إلى عبد وهو يقرأ في كتاب وقد جلس على كرسي خشبي كبير . تلك الفتاة التي عشقت الكتب هي ((خضراء)) من دير العتيق ,ومن محلة الغرب أيضا",تسكن في بيت أهلها المجاور لدار أهل عبد . إنها في ربيعها الخامس عشر ,جميلة ,لطيفة, تعلمت عند ((الملا)) وأولعت بقراءة الكتب ,ولا نذيع سرا" إذا قلنا :إنها الفتاة الوحيدة بدير الزور التي كانت تتردد على تلك المكتبة لشراء الكتب وقراءتها . كان عبد يعجب من شغف خضراءبالقراءة ,فكان يعطيها بعض الكتب الصغيرة مجانا",ويبيعها بعض الكتب الأخرى برأس المال دون أن يربح منها شيئا",وكانت تتدلل عليه أحيانا",لأنها من الزبائن الدائمين ,حيث تعيد إليه بعض الكتب التي قرأتها ,فيبدلها بكتب أخرى ,لأنها تحافظ على الكتاب وتعتني به .وحين يعزم السفر إلى حلب ليجلب الكتب ,كان يخبرها عن موعد سفره ,فكانت تطلب منه أن يجلب لها بعض الكتب الخاصة ,فكان عبد ينال رضاها بهذه الخدمة ,ويفرح كثيرا"ويرتعش قلبه كلما قالت له ((وفقك الله وأعادك بالسلامة )). ويسافر عبد ويبذل جهده للحصول على وصاة خضراء,لينال رضاها ويسعدها بتلك الكتب الثمينة ,فكان يجمع كتبها ويربطها ,ثم يضعها في حقيبة يده ,بينما الكتب الأخرى توضع في علب خاصة .وباستحياءوخجل تقول له بعد السلام (الحمد لله على السلامة ))فكان يبتسم ويناولها ربطة الكتب التي أوصته بها ,ويقول :خذي هذه الكتب إلى البيت ,فما أعجبك منها خذيه وما زاد فرديه . وتأخذ خضراءمنه ربطة الكتب إلى بيت أهلها لتختار ما يناسبها . ********** مرت سنوات طويلة على ((عبد وخضراء ))تقراْ،وتتردد على المكتبة ،تصقل ذهنها ،وتشحذ فكرها ،وتنمي موهبتها . وعبد كان يراقب تلك الفتاة ،ويسأل عن حسبها ونسبها ،ويحيط بأوضاع عائلتها ،بعد أن عرف كل شيىْ عن أخلاقها ومعاملتها وثقافتها ودينها . لقد أحبها حبا" صادقا"، وأحبته حبا"عفيفا"،وراح كل واحد منهما يتمنى أن يكون زوجا"للآخر،جاء كثيرون يطلبونها فرفضت ،وعرضت عليه أمه كثيرات فأبى . وأخيرا"أخذ جيرانها يتهامسون؛لماذا تتردد خضراءعلى دكان عبد ؟!!لماذا تقرأ الكتب التي يجلبها عبد من حلب ؟!!! وسمع عبد بما يتهامس به جيرانه ،فذهب إلى والدته وأخبرها أنه يحب خضراءويود الزواج منها ،لقد كانت أمه تتوقع هذا الأمر ،لأنها شعرت هي الأخرى كذلك بمحبتهما لبعضهما ،فلم تتردد في الذهاب لحظة واحدة إلى دار أهل خضراءلتطلبها منهم لولدها عبد . بعد الخطبة ازداد حب عبد لخضراء ،وصارت تخفف من زيارتها للمكتبة ،حياء وإبعادا"لشبه الوشاة والحاسدين ،وصار عبد كلما سافر إلى حلب جلب لها الهدايا (زجاجة عطر ،قبقاب خشب ،هبرية ،شلحة )ثم يضيف إلى ذلك كتابا"مما يراه مناسبا"لها ،فكانت تفرح بالكتاب أكثر ما تفرح بتلك الهدايا . واتفقت العائلتان على عقد الزواج ،فراحت خضراء إلى صاحباتها تدعوهن للغناء في ليلة (الحنة )فأسرعن يحملن الدفوف ويلبسن أجمل الثياب . وكتبوا عقد الزواج المبرور ،واتفقوا على تجهيز خضراء غدا"لتزف إلى عبد . لاأحد في الدنيا يستطيع أن يصف فرحة خضراء في تلك الساعة ،وكذلك كان عبد يكاد يطير من الفرح،وينتظر ساعة الزفاف بفارغ الصبر . لا يكاد يهدأ،إنه يتحرك دائما"،ينظر يمينا"...يسارا"،يلتفت برأسه وجسمه كله .يشرد ذهنه ،يغوص فكره في متاهات لا يدري نهايتها . أرسلت خضراء ثيابها وصندوقها المزخرف إلى بيتها الجديد وراحت إحدى خالاتها لتنظم البيت وتعلق الثياب في مكانها .والصندوق والفراش في زوايا الغرفة ،ثم لتضع المرآة ومشط العظام على الرف المجاور لصندوق الزينة الذي حوى أصنافا"من العطور والكحل والزباد وغير ذلك . وقبل أن تدخل خضراء دار زوجها الذي يرافقها ,قدموا لها زجاجة العطر فضربتها مرارا"على عتبة الدار حتى تحطمت ،وفاحت رائحة العطر العبقة تزكم الأنوف ,استبشارا"بدخول طالع الخير ,وتفاؤلا"بالسعادة والهناء . خضراء وعبد الآن في غرفتهما منفردين ,كل واحد منهما يريد أن يحتضن الآخر بقلبه ,وأمامها عش الزوجية ,رشوه بالعطر ,ووضعوا بجانبه إبريق ماء وكأسا".وقد علقوا القرآن الكريم فوق الوسادة في منتصف الجدار ,يقابله سيف . في هذه الليلة سيلمس عبد لأول مرة في حياته جسد امرأة ,وستنام خضراء في حضن رجل أحبته إلى الصباح .الفراش المعطر أمامهما .السراج لن يطفأ في هذه الليلة .أمه وأبوه والمقربون إليه جلسوا خلف باب الغرفة ,خالات خضراء جلسن معهم ,ينتظرون خروج عبد من غرفة العرس ليطلقوا عياراتهم النارية ,ولتلهج ألسنة النساء بالهلاهل . أوى عبد إلى فراشه ,وأوت خضراء إليه أيضا",تعانقا",قبّل كل واحد منهما الآخر عشرات القبلات ,كان الصمت بينهما هو الذي يتكلم عما يجيش في نفسيهما ,وقلبيهما ,وروحيهما . طال مكث عبد في الغرفة ولم يخرج .وبعد ساعة متأخرة من الليل قالت أمه لمن حولهما :إن عبد خجول حيي ,فلينصرف كل شخص إلى بيته .وذهبوا .... عبد وخضراء ؛ناما في الفراش متعانقين إلى الصباح .واستيقظا على صوت نقر الباب .عبد ...عبد ..قم يا ولدي وتناول الفطور مع زوجتك خضراء . إن الشمس لم تشرق بعد ,قاما من فراشهما ,ودخلا إلى غرفة مجاورة فصبا على جسديهما الماء وعادا إلى غرفتهما ,فصليا الصبح ,ثم جلسا ينتظران الطعام الذي أعدته لهما أمه . جاءت أمه إليه تقبله وتعانقه ,وتعانق خضراء التي طأطأت برأسها خجلا".وراحت تمسح بشعرها وأكتافها بيديها قائلة :اللهم صلّ على النبي .وعلى آل النبي .اللهم أرنا خيرها ,وأكفنا شرها .ونظرت إليهما بعد أن تركت أمامهما سفرة الطعام قائلة :يا عبد كيف وجدت الزواج هل تم ّ.. وصمتت .وعرف عبد ما تقصد أمه فقال لها مقاطعا":يا والدتي الحمد لله ... كل شيء بتوفيق الله . عرفت الأم أن ولدها قد دخل بزوجته فراحت تخرج من الغرفة وتطلق الهلاهل في باحة الدار ,بينما راح عبد وخضراء ينظران إلى بعضهما مبتسمين وهما يتناولان أول لقمة معا". وجاءت خالة خضراء في الصباح الباكر لتسأل عن الزواج المبرور ,فانشرح صدرها حين قابلتها أمه بالابتسامة المشرقة والترحيب الزائد :الحمد لله ؛كل شيء يتم بتقدير الله .وجاءت فعانقت خضراء وباركت لهما بهذا الزواج ,وتمنت لهما حياة سعيدة . كل الناس في( دير العتيق )عرفوا أن عبد رجل كبقية الرجال ,فلماذا لم ينجب أطفالا"ولم تحمل خضراء بعد !!!
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 12-08-2009 الساعة 01:42 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السباحة في الفرات عبدالقادر حمود ملتقى الأعضاء 0 10-22-2011 08:11 PM
شواطي الفرات عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 4 01-12-2009 10:47 AM
من تاريخ نهر الفرات عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 6 01-08-2009 05:37 PM
نهر الفرات عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 4 10-05-2008 02:29 PM
شيخ وادي الفرات عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 3 08-13-2008 10:43 AM


الساعة الآن 03:11 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir