أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           الحَمْدُ لله الذِي أحْيَانا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النَشُور           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 12-05-2009
  #1
زمزم
محب جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 21
معدل تقييم المستوى: 0
زمزم is on a distinguished road
افتراضي النقاء النفسي في رحلة الحج

النقاء النفسي في رحلة الحج



سورة الحج هي السورة الوحيدة في القرآن التي تضم بين آياتها سجدتي تلاوة . . ولعلها إشارة صريحة من المشرع الحكيم إلى ما يعني اتصال العبادة الحقة في صورتها الأبرز ويمثلها السجود والتذلل والخضوع بالعبادة الشاملة التي هي أقرب إلى الجهاد منها إلى تأدية المناسك وهي الحج المبرور في أبهى صورها وأجملها كما بين رسولنا الأعظم وهو من أوتي جوامع الكلم، فقد روى البخاري عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: “لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور” .


شرح صلى الله عليه وسلم ذلك أيضا في حديثه ( الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة ) . . فهل استقرَّ في قلوبنا وضمائرنا بعض هذه الدروس والعِبَر من هذه العبادة السامية الجليلة في هذا المؤتمر الإسلامي السنوي الكبير الذي تجتمع فيه القلوب قبل الأجساد؟


ضيوف الرحمن


ما أجمل الإنسان عندما يتخفف من أثقاله ويحطّم قيود الكثافة والحس، وتنعتق روحه من أسرها فيحلّق بعيداً بعيداً إلى عوالم لا تراها عيون الأجساد لكن للأرواح اللطيفة فيها ميدان رحب فسيح، وجولات بديعة رفيعة . . وما أقسى القلوب التي لا تحن ولا تطمح إلى غذائها المصفى، وعالمها الآسر وأي جفاءٍ وغفلة يغلّفان قلباً تظلّه هذه الأيام ثم لا يكون له في ميدان النور مسرح ومطرح ولا من لواعج الشوق نصيب وشأن؟


سبحان الله ما أحلى بطاح مكة والمدينة! وما هذا الجمال الذي تبديه والجلال الذي توحيه فلا يبصره إلا من كان له قلب حي بصير!


“اللهم: ها هم ضيوفك بين يديك وفدوا إليك شعثاً غبراً . . . قد وقفوا وقوف الراجين . . . ونفروا نفور المؤملين . . وباتوا مبيت الخاشعين . . وضحّوا تضحية الشاكرين . . ورموا رمي المعاهدين . . وتحللوا تحلل المبتهجين، وطافوا طواف المودعين . . فتقبل منهم ربنا . . فأنت وحدك الغفور البر الرحيم . .وأنت الواحد الأحد الذي تلبى دعوته وتهرع النفوس إليه . .أنت الواحد الأحد رب النعمة التي لا تعد ولا تحصى ولا تكفر . .رب العزة التي لا تذل ورب القوة التي لا تعجز ورب السلطان النافذ في السماء والأرض سبحانك لا إله إلا أنت” .


سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحج المبرور؟ فقال: “أن تعود زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة”، فليكن حجكم حاجزًا لكم عن مواقع الهلكة، ومانعًا لكم من المزالق المتلفة، وباعثًا لكم إلى المزيد من الخيرات وفعل الصالحات، واعلموا أن المؤمن ليس له منتهى من صالح العمل إلا حلول الأجل .


ما أجمل أن يعود الحاج بعد حجه إلى أهله ووطنه بالخلق الأكمل، طاهر الفؤاد، ناهجًا منهج الحق والعدل والسداد؟ إن من يعود بعد الحج بتلك الصفات الجميلة هو حقًا من استفاد من الحج وأسراره ودروسه وآثاره .


النية الصادقة


إن الحاج منذ أن يُلبي وحتى يقضي حجه وينتهي فإن كل أعمال حجه ومناسكه تعرفه بالله، وتذكره بحقوقه وخصائص ألوهيته . . فعندما يستقر التوحيد في أعماق النفس الإنسانية تتبدى لها سلوكيات راقيَة وأقوال حكيمة وأفعال خَيِّرة، وتتوالى أركان الإسلام بأنوارِها من الصلاة والصيام والزكاة، ويأتي الحج ليمثِّل قمة هذا الإيمان والإسلام تشريعًا وواقعًا . . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بُنِي الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً” .


ولذلك كان من أول ما يلزم للحجِّ هو النيّة الطاهرة الصادقة التي يعزم فيها المسلم على الرحيل إلى ربه بنفس مؤمنة، وذات تائبة، وهمّة معرضة عن الشهوات والملذات، مقبلة على الطاعات والقربات؛ لأنه سيحل ضيفًا على ربه عزّ وجلّ، حول بيته الذي جعله الله مباركًا وهدى للعالمين .


فالحج فريضة العمر للمسلم، والإيمان والإسلام يبدآن بكلمة التوحيد الخالص: لا إله إلا الله، تلك الكلمة التي جاهد عليها الأنبياء جميعًا، فقد قالوا لأقوامهم: “اعبدوا الله ما لكم من إله غيره” . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل ما قلتُه أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله” .


ومن هنا فإن المسلم الحاج يُفتَرَض فيه أنه التزم بأركان الإسلام كلها، وأدى واجبات الدين بأجمعها، ليعود من حجِّه ويواصل مسيرة النقاء النفسي والصفاء القلبي والطُّهر الخلُقي والسلوكي في عالمه الفسيح،وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “العمرةُ إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” . فالحج قائم على جميع ألوان العبادة التي تشمل القلب والقالِب وتتمكَّن من النفس والجوارح، وتنطلق من الإخلاص والتسليم المطلَق لله رب العالمين، ولعل التلبية التي يُرَدِّدها الحاج في حرَكاته وسكَناته هي التعبير الصحيح عن خضوع الإنسان نفسًا وبدنًا لخالقه الأعظم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك .


إن الحج فريضة توجِد في الإنسان إذا أدّاها بصدق وإخلاص كثيرًا من مقومات الشخصية الاجتماعية المنشودة للمجتمع الحي الدؤوب، فهي تأخذه أولاً بالتوبة، والتطهر من المآثم والمظالم، وتعلمه الرحلة في سبيل العقيدة، والتعب في سبيل المبدأ، وهي تعلمه أيضًا كيف يلتئم وينسجم مع إخوانه في مؤتمر عام ضخم، وهي تعوده كيف تنبسط يده بالبرِّ والإحسان، وتعوده على التضحية والبذل، وحبَّذا لو فقه ملايين المسلمين هذه الفريضة الجليلة على هذا الوضع، حتى تتضاعف الثمرات من أداء الحج في كل عام


ارتباط بالعلوم الكونية


إن مبادئ الإسلام وتشريعاته لا تسمو بالجانب الروحي فقط بل ترتبط ارتباطا قويا بكل العلوم التي تشتمل على رقي الحياة البشرية وازدهارها وتقدمها في إطار الإيمان والحق والأمن والسلام فقد شرع الله الحجّ ليكون رحلة خالصة مخلصة لوجهه وفي سبيله، تتوافر فيها رياضة الحسّ والوجدان، وحمل النفس على التجرُّد من زينة الحياة، والإقبال بها على طاعة الرحمن؛ ولذلك كان في الحج انتقال وارتحال، وإعداد للزاد، واحتمال لمشاقِّ السفر وتغير الأجواء، وتجرد من متاع الحياة، حتى في الثياب المألوفة والملابس المعروفة، وإقبال على الله بالحسّ والنفس، والعمل والقول، والذكر والفكر .


وإضافة إلى ذلك فالحج يحتاج إلى المال للزاد والراحلة والمال في الإسلام لابد أن يكون من طرقه المشروعة بكل الوسائل الممكنة، فالإسلام حث على أهمية العمل والإنتاج بالعلم والمعرفة للكسب الحلال وكذلك يحتاج إلى السفر وهو مرتبط بوسائل النقل والمواصلات البرية والبحرية والجوية وذلك يدفع إلى معرفة علم الأرصاد الجوية لمعرفة أوقات هبوب الرياح والسير ليلا أو نهاراً ومعرفة أماكن الأمن والخوف، وهكذا نجد أن هذه العلوم الكونية تعين على أداء العبادات لتكون أقرب إلى القبول عند الله سبحانه وتعالى .


وأداء مناسك الحج والعمرة على وجهها الصحيح لا يمكن إلا اذا كان المؤمن يفعلها بقلبه وجسمه لان كل عمل من أوامر الشريعة المطهرة للقلب فيه تأثير خاص، فلو أن المسلم قام بأداء الأحكام الشرعية بجسمه مع غفلة قلبه عن الاستحضار الذي يتمثل فيه لمن العمل ولم العمل؟ وما الغاية الباعثة عليه؟ كان هذا العمل ناقصا او مردوداً لعدم استيفاء شروطه شرعا لغفلة القلب، فإن الأعمال البدنية صورة ميتة وإنما حياتها وروحها بالإخلاص فيها قال تعالى “لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم”، (الحج: 37) .


الوحدة الفكرية


ومن بين الفوائد التي تتيحها فريضة الحج الوحدة المنهجية والفكرية فهو درس عظيم للوحدة والمساواة عندما يعقله الفرد نظريا ويراه عمليا ويتجسد في صورة واقعية حين نجتمع في أعداد كبيرة من أقطار العالم المختلفة من أجناس متباينة وبلغات لا يشبه بعضها بعضا يحركها جميعا نداء باسم الإسلام أو غاية ترفع شعار الإسلام وهذا يؤكد انه لا وحدة ولا مساواة إلا في منهج الإسلام، ومن خلال الفرائض والشعائر يتأكد معنى الولاء والطاعة لله عز وجل ومن ثم البراء من أعداء الله ويتجسد ذلك في قوله تعالى: “وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله” (التوبة:3) .


ومن ثم يتحول ذلك اليوم العظيم إلى مظاهرة كبيرة لإعلان البراءة من كل شيء يخالف الشرع الحنيف ومن كل معبود إلا الله عز وجل ومن كل منهج إلا منهجه تبارك وتعالى وكأن الجميع يقبلون على دورة تربوية لاستنهاض الهمم والتذكير بواجب كل مسلم تجاه دينه وبعث روح التعاون على البر والتقوى والتواصي بالصبر والتواصي بالحق .


إن السفر إلى الأرض المقدسة يذكرنا بالآخرة والاستعداد لها وكذلك الراحلة أو الوسيلة تذكر المؤمن بالمركب الذي يركبه إلى الآخرة فينبغي أن يأخذ منه عبرة وعظة وعند الخروج من بلده يتذكر خروجه من دار الدنيا إلى الدار الآخرة فيتمثل هذه المعاني في نفسه ليقوى عنده ذكر الدار الآخرة فيقبل عليها بجد واجتهاد لان الغفلة التي رانت على القلوب سببها نسيان يوم القيامة .


والمسلم يرى المشاعر الحرام فيزداد لدين الله إجلالاً، وعلى ربه إقبالاً، وهو يرى بعينيه كيف انبعث دين الإسلام الهادي من جوف الصحراء، ومن واد غير ذي زرع عند بيت الله الحرام، ومع ذلك عمر هذا الإسلام دنيا الناس بالخيرات والبركات، وزانها بالطيّبات الصالحات، وأخرج من رمال الفيافي ومن جوف الخيام رجالاً صاروا فرسان النهار ورُهبان الليل، فعلموا الدنيا كيف تكون القيادة الرشيدة، والعبادة المجيدة، والجهاد من أجل الحق والخير والعدالة والإخاء .


لقد ظل يوم الحج الأكبر يؤدي مهمته المؤثرة بين المسلمين، فقد اتخذ منه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ميقاتا لمحاسبة الولاة والعمال وجباة الأموال وغيرهم من أصحاب المسؤوليات على امتداد الدولة الإسلامية وفيه أكد عمر ما قرره الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول لعمرو بن العاص بعد أن اقتص من ابنه لابن المصري القبطي (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) .


فعلى رؤوس الأشهاد في هذا التجمع الإسلامي المهيب وفي ظلال هذه العبادة الكريمة تحفظ الحقوق وتصان الحرمات ويردع البغي ويرتفع لواء العدل: “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”، (يونس: 58) .
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة زمزم ; 12-05-2009 الساعة 12:30 PM
زمزم غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-06-2009
  #2
هاجر
زهرة المنتدى
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 357
معدل تقييم المستوى: 16
هاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: النقاء النفسي في رحلة الحج

سبحان الله ما أحلى بطاح مكة والمدينة! وما هذا الجمال الذي تبديه والجلال الذي توحيه فلا يبصره إلا من كان له قلب حي بصير
هاجر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-14-2009
  #3
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي رد: النقاء النفسي في رحلة الحج

سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحج المبرور؟ فقال: “أن تعود زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة”، فليكن حجكم حاجزًا لكم عن مواقع الهلكة، ومانعًا لكم من المزالق المتلفة، وباعثًا لكم إلى المزيد من الخيرات وفعل الصالحات، واعلموا أن المؤمن ليس له منتهى من صالح العمل إلا حلول الأجل

الله الله ربي
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-14-2009
  #4
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: النقاء النفسي في رحلة الحج

http://www.amiraa.com/pr/up/60609.gif
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سنن الحج عبدالقادر حمود الفقه والعبادات 2 07-14-2018 10:27 AM
حكم الحج بتأشيرة المرور دون إذن المسؤولين عن الحج عبدالقادر حمود الفقه والعبادات 15 07-14-2018 10:25 AM
اليد العليا خير من اليد السفلى عبدالرزاق رسائل ووصايا في التزكية 2 01-08-2018 04:37 PM
«الرهاب المدرسي» يهدد تحصيل الطالب وتطوره النفسي عبدالقادر حمود القسم العام 0 09-21-2011 07:49 AM
المرض النفسى وكيفية علاجه بنت الاسلام القسم العام 21 06-28-2009 05:19 PM


الساعة الآن 08:47 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir