بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم مهمته الأساسية بقوله :" إنما بعثت معلما"
والقرآن الكريم ذكر هذه المهمة الأساسية لرسول الله بصراحة فقال : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة "
فقد أحصت هذه الآية من مهمات الرسول التعليم والتربية .تعليم الكتاب والحكمة وتربية الأنفس عليها ، وكان الجانب الأعظم من حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم مستغرقا بهذا الجانب إذ أنه هو الجانب الذي ينبع عنه كل خير ولا يستقيم أي جانب من جوانب الحياة سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو عسكريا أو أخلاقيا إلا به ولا يؤتى الإنسان ولا تؤتى أمة ولا تؤتى الإنسانية إلا من التفريط في العلم الصحيح والانحراف عنه. إما إلى الجهل أو إلا ما يضر علمه ولا ينفع.



فالأمة :
بلا علم يوضح لها جوانب سلوكها،
وبلا تربية يعرف كل فرد من أفرادها واجبه.
تصبح أمة فوضوية تصرفاتها غير متوقعة وغير منضبطة.ولكل فرد من أفرادها سلوك يخالف سلوك الآخر وعادات وتصورات تختلف فلا تكاد أمة تفلح بهذا ولا فرد.( أتأمل الفوضى التي تعيشها مجتمعاتنا فوضى في القيم والمفاهيم وسلوكيات أفرادها)
والظاهرة التي نجدها في تاريخ حبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن السيد الرسول بدأ في تشكيل أمة جديدة لها كل مقوماتها الفكرية والسلوكية والأخلاقية والتشريعية والدستورية واللسانية....
.فصهر أفراد هذه الأمة انصهارا تاما ( فترة التوعية وإحياء القلوب وقلب الموازين )
ثم أطلق هذه الأمة في اتجاه وحيد حدد فيه لكل فرد مهمته (تحديد الهدف الشخصي ) ، ورباه على أدائها ( التدريب على تحقيق الهدف) وحدد للجميع المهمة الكبرى (تحديد الهدف الجماعي ) ورسم لها الطريق ( التخطيط لتحقيق الرؤية ) ، موضحا لهم كل شيء في كل جانب (الإشراك المادي والمعنوي لكل من الفرد والجماعة)
وقادهم في هذا الطريق فترة ( فترة القيادة والتعليم والتدريب )
ثم تركهم ماضيا إلى ربه ( فوض للقياديين الجدد) ، فانطلقوا بعده لا غيروا ولا بدلوا فكان ما كان ولا زال.مما نشهده من آثار المسلم العظيم الذي كلما تعثر أخذت بيده سنن حبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم وتربيته فأنقذته وقذفت به إلى الأمام.



كمال المربي يظهر :
1-بمقدار ما يستطيع أن ينقل نفس الإنسان وعقله من حالة دنيا إلى حالة أعلى وكلما رقي بالإنسان أكثر كلما دل ذلك على كماله أكثر.

2-في سعة دائرة البشر( أكبر عدد ممكن من الناس ) الذين استطاع أن ينقلهم إلى كمالهم الإنساني ( تفجير كل طاقاتهم واستثمار كل ذكاء اتهم..) ، فكلما كانت الدائرة أوسع كلما كان أدل على الكمال.

3-ثم في صلاحية هذه التعاليم والتربية ( مضمون العلم الذي تقدمه ومدى حاجة الناس له ) واستمرار إيتاء هذه التعاليم آثارها مدى العصور .بحيث لا يستغني البشر عنها،

وبشهادة العدو والصديق والمؤمن والكافر ما بلغ أحد في تاريخ البشرية ما بلغه حبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم

في هذه الجوانب كلها حتى قال موير: " لم يكن الإصلاح أعسر ولا أبعد منالا منه وقت ظهور محمد ولا نعلم نجاحا وإصلاحا تم كالذي تركه بعد وفاته ". وقالت دائرة المعارف البريطانية : "لقد صادف محمد النجاح الذي لم ينل مثله نبي ولا مصلح ديني في زمن من الأزمنة " ويقول بوزورث اسمث:" إن حبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بلا نزاع أعظم المصلحين على الإطلاق"

تفجير الطاقات والملكات بأكملها عند المتعلم ( شمولية التعليم واجتناب الطريقة التجزيئية )

إنك عندما تدرس شخصية الإنسان قبل اتصالها برسول الله وبعد اتصالها تجد أن كل شيء فيها قد تغير وتجد كل طاقاتها وملكاتها قد انطلقت في الطريق الصحيح :
الطاقات الجسمية والطاقات العقلية والطاقات النفسية والطاقات الروحية والطاقات الوجدانية والمعنوية والأخلاقية هذه الطاقات كلها انطلقت في إطارها الصحيح وطريقها المستقيم بحيث لا يستطيع إنسان أن يقول إن طاقة ما معطلة عند أصحابه أو أنها تعمل عملا غير صالح.

طاقة العمل: " إن الله يحب العبد المحترف"

طاقة المشاركة في العمل العام : " إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وتبعتم أذناب البقر وتركتم جهادكم سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى تعودوا إلى دينكم "

الطاقة الجنسية : " تزوجوا الولود الودود "

الطاقة الجسمية: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف..."

ملكة حسن الهندام: " فأصلحوا رحالكم وأحسنوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في أعين الناس فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش "

طاقة الفكر والعلم :" طلب العلم فريضة " " تفكر ساعة خير من عبادة...."

إنك لا تجد طاقة من طاقات الإنسان إلا وقد أطلقها حبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم في طريقها الصحيح ،
فأصبحت ترى من أصحابه العجب ، في تكامل شخصياتهم عبادا زهادا شجعانا محاربين عادلين رحماء إداريين سياسيين حكماء مربين .
كل واحد منهم أمة ، وما أسهل عليه أن يقود أمة، ولا أدل على ذلك أنه ندر واحد منهم لم يصبح أميرا بعد ذلك ولم يفشل واحد منهم في ما ولي من قيادات.
منقول