أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           
العودة   منتدى الإحسان > التراث والتاريخ > ركن بلاد الشام

ركن بلاد الشام عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (صفوة الله من أرضه الشام ، وفيها صفوته من خلقه وعباده ، ولتدخلن الجنة من امتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب .) رواه الطبراني

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 09-01-2008
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 19
نوح is on a distinguished road
افتراضي خان أسعد باشا.. شاهد على إبداع المعماري الاسلامي

خان أسعد باشا.. شاهد على إبداع المعماري الاسلامي

تميزت سورية عبر عصور التاريخ بموقعها الاستراتيجي الهام بين الشرق والغرب، وقد أهلها هذا الموقع لاستقبال قوافل التجارة القادمة من أوروبا، وشبه الجزيرة العربية.

كما مثل الموقع طريقاً مختصراً للتجارة بين المحيط الهندي والبحر المتوسط إضافة إلى كونه نقطة التقاء لطرق تجارية ثلاث... ومثلت مدينة تدمر وسط سورية بالذات، أهم محطات التجارة، إذ تلتقي فيها تلك الطرق لتتوزع بعدها إلى الشمال الغربي نحو حلب ونقطة التقاء القوافل الأوروبية القادمة من الشمال براً، وباتجاه الغرب لتلتقي في اللاذقية وطرطوس مع القوافل القادمة عبر البحر المتوسط، وباتجاه الجنوب الغربي حيث دمشق فتلتقي مع قوافل مصر ودول شمال إفريقيا العربية، وأخيراً باتجاه الجنوب، لتلتقي في بصرى مع القوافل المقبلة من جزيرة العرب صيفاً.. وقد مثلت هذه القوافل سفارات اقتصادية وثقافية إذ كانت تضم إلى جانب التجار المسافرين والشعراء ما جسد فكرة الحوار بين الشعوب، وقد حطت تلك القوافل في الخانات والأسواق الظليلة في المدن القديمة، من هنا كانت أهمية الخانات في العمارة الإسلامية حيث خصصت الأبنية لإقامة المسافرين وقوافل التجار، وكلمة خان بالفرنسية تعني الفندق، ويستخدم لإيواء واستراحة المسافرين والغرباء على طريق الحرير، وكذلك تسمى القيسارية ومن ثم غلب عليها تسمية الخان ـ الخانات ـ وكان عددها كما يقول القساطلي في أواخر القرن الماضي مئة وتسعة وثلاثين خاناً، وقد عرفت الخانات في العهود الإسلامية الأولى ويذكر أن أول خان شيد في العهد الإسلامي هو الذي بناه هشام بن عبد الملك أحد الخلفاء الأمويين سنة/109هـ 728م/على مقربة من قصر الحير الغربي في البادية السورية، وقد نقش على ساكف بوابته كتابة تاريخية تذكر اسم المعمار ثابت بن ثابت وتاريخ البناء رجب سنة تسع وماية، وقد حفظت في المتحف الوطني بدمشق. ‏

وبعد ذلك توالى الاهتمام بإنشاء الخانات إذ اهتم الملك نور الدين الزنكي بهذه الأبنية وغيرها من المعالم العمرانية حين أعطاها رعاية خاصة، كما أشار الحافظ ابن كثير في موسوعته التاريخية(البداية والنهاية)عند الحديث عن مآثر نور الدين، إلى أنه أكثر من بنى الخانات في المدن.





وقد ازدهرت الخانات في العهد المملوكي، إلا أن العناية الخاصة بالأسواق والخانات كانت أكبر في العهد العثماني نظراً إلى توسع وازدياد المبادلات التجارية بين العواصم الخاضعة للإمبراطورية العثمانية فانتشرت مجموعة من الخانات على طول الطرق التجارية حيث بلغ عددها ثلاثة وثمانين خانا بقي منها خانات(المرادية، الجمرك، الزيت، سليمان باشا السفرجلانية، الزعفرانجية، العامود، الرز، القيشاني، التوتون، الصوان، الصنوبر، السلق، القطن، الجلود، مردم، الجيجاوي، الكزبري، وخان شموط). ‏

إضافة إلى خان أسعد باشا، في دمشق، وقد بناه اسعد باشا العظم حين كان والياً على دمشق، وهو يعد من روائع الخانات في العمارة الإسلامية، ويقع وسط سوق البزورية الشهير في دمشق بالقرب من الجامع الأموي وقصر العظم وحمام نور الدين الشهير، حيث تختلط رائحة البهارات والتوابل مع شذا الزهورات المتسربة من المحلات التجارية فتضيع في زحمة بضائع السوق وباعته وحركته الدائبة التي لاتعرف السكون إلا بعد حلول المساء الدمشقي.




وقد أرخ لبنائه البديري الحلاق في يومياته في حوادث عام/1165هـ 1751م/500أقيم الخان على مساحة تبلغ/2500متر مربع/وبقي خان أسعد باشا الشاهد الأصدق والأجمل على العمارة الإسلامية المتميزة ومما كتب على بابه هذه الأبيات الرقيقة: ‏

لله خان للخير يقصد ‏

بالسعد واليمن قد تشيد ‏

تاريخه قد أتى ببيت ‏

باللؤلؤ الرطب قد تنضد ‏

أمر ببناء هذا الخان الأثري الفريد عام/1753/والي دمشق (أسعد باشا العظم)ليستخدم محطة دمشقية بارزة على طريق الحرير للاستراحة والإقامة تفد إليه قوافل التجار والحجاج الذين يجتمعون في باحته الفسيحة لعرض بضائعهم المختلفة كالحرير والتوابل والبن والأحجار الكريمة من ثم يبيتون فيه إلى حين انتهاء إقامتهم في دمشق الشام. ‏

تفاصيل معمارية وعمل فني مبتكر: ‏

تعتبر واجهة خان اسعد باشا الرئيسة من أجمل وأضخم واجهات المباني الأثرية السورية وأكثرها غنى بالزخارف والتزيينات، يبلغ عرضها(45،9م)، وارتفاعها(6،11)م ويعلوها نصف دائرة قطرها(67،4)م مزخرفة بزخارف نادرة الجمال، نفذت بإتقان رفيع يؤكد مهارة المعماري الدمشقي. ‏

يقع مدخل الخان وسط تلك الواجهة الرائعة وعلى جانبيه كوتان داخل كل منهما سبيل ماء وتعلو كلا منهما نافذة مستديرة إطارها الخارجي زخارف مرصعة تثير الدهشة والإعجاب وما أن تطأ قدم الزائر ساحة الخان حتى يشعر براحة التأمل والشرود الممتع الذي يعيده إلى حكايا الجدات وقصور ألف ليلة وليلة وهنا الباحة مربعة الشكل ومغطاة بثماني قباب محمولة على أربع دعائم ضخمة بارتفاع(6،6)م تندفع نحو الأعلى كأشجار السرو الباسقة فتذهب بالخيال إلى عالم رحب ويعجز المرء عن التأمل في مفرداته. ‏

ويبلغ قطر كل قبة(8م)و ترتفع عن أرض الخان إلى/12م/ وتضم(16)ضلعاً في كل منها نافذة خشبية معشقة مع الجبس والزجاج وقد زودت بمنور خشبي لتأمين إنارة إضافية للخان تضفي عليه سحراً أخاذاً بخطف الأبصار ..أما الجدران المطلة على الباحة فإن مداميكها تتناوب بين اللونين الأبيض والأسود تنطق على الرغم من صمتها، حيث تخترق القسم السفلي من الجدران نوافذ الطابق الأرضي المحمية بقضبان حديدية متقاطعة ومتوضعة على منسوبين بشكل عشوائي فلتحظ روعة توزيع الضوء والظل، وتتفرع من الباحة خمسة ممرات ثانوية ويحتوي الطابق الأرضي على أجنحة ثنائية وثلاثية الغرف تطل على الباحة حيث يضم الخان(84)غرفة، تصميم كل منها بسيط ومتشابه تترواح أبعادها بين(3و6)أمتار وتتوزع أرضياتها على منسوبين مختلفين حسب التقاليد المعمارية الدمشقية بغية تنظيم حركة الهواء والدفء، في حين تم بناء أسقف الغرف على شكل عقود متصالبة أو قبوات نصف اسطوانية زود معظمها بمحاريب وكتبيات جدارية تضفي أجواء من الراحة والرفاهية. ‏

اعتمد في تصميم الخان المعماري على مبدأ التناظر، وصنعت الأبواب فيه من خشب الحور الرومي وزخرفت هذه الأبواب في الطابق الأرضي بالخط العربي الهندسي في حين زخرفت أبواب الطابق الأول بتشكيلات مختلفة ومتنوعة من الخطوط الهندسية المتصالبة والمحفورة بمسامير حديدية بينما صنعت نوافذ القباب بأكملها من الخشب المعشق بالجبس والزجاج، ما يؤكد أهمية الهندسة العمرانية العربية، وفنانيها المبدعين. ‏

في كتاب(سورية اليوم)الذي ألفه الرحالة الأوروبي(لورته)عام/1830م/وصف هذا الخان قائلاً:«في السوق مخزن كبير مبني بمداميك جميلة بيضاء وسوداء أما القبة المركزية الواسعة والتي تمثل المظهر الأكثر تجليا فهي محوطة بالأروقة في حين جاء الباب منحوتاً بالمقرنصات ومزيناً من كل جهة بكوات لطيفة، ليكون في النهاية نموذجاً أكثر جمالاً في العمارة العربية الدمشقية، أحيط هذا المبنى بعدد لايحصى من الممرات تقودنا الأدراج فيه إلى المخازن حيث تتكدس البضائع الثمينة، وإلى الغرف حيث ينام المسافرون وحيث يشم المرء روائح زكية تفوق الوصف في طيبها فهي مزيج من عبيرالزهور والمسك». ‏

ويتابع لورته:(الباب غائر بشكل غريب ومصفح بالحديد ومغطى بالمسامير ومجهز بأقفال ضخمة وسلاسل ثقيلة أحدث في درفته اليمنى باب صغير يضطر المرء للانحناء كي يتمكن من عبوره مثل هذه الأبواب انتشرت في دمشق لاستخدامها بسهولة أثناء الحروب والفتن الأهلية التي كانت شائعة آنذاك). ‏

الخان... متحف للتاريخ وفضاء للنشاط الثقافي: ‏

يستمر الخان بوظيفته كما هي حتى بداية القرن العشرين حيث بطلت وظيفته بظهور الفنادق الحديثة، فانتقلت ملكيته إلى تجار المنطقة الذين استخدموا غرفه مخازن لبضائعهم. حتى إن الباحة كانت تستغل لتكديس تلك البضائع وممارسة عمليات البيع والشراء فيه، لتستمر الحال هذه حتى بداية الثمانينيات حين أخلي الخان من شاغليه بعد صدور قرار استملاكه للمصلحة العامة عام/1973م/ لتبدأ المديرية العامة للآثاروالمتاحف بترميم وإصلاح ما أتلفته عوامل الزمن وسوء الاستخدام ويصبح جاهزاً للاستثمار حيث قام الخبراء اليابانيون بتجهيز الطابق العلوي من الخان لتحويله لمتحف للتاريخ الطبيعي، ويتوقع أن تعرض فيه المكتشفات في المواقع السورية العائدة لتاريخ الإنسان الطبيعي ليمثل فضاء ثقافياً لأنشطة مدينة دمشق الثقافية منها، والسياحية في جانبها التعريفي على المواقع الأثرية في المدينة، الأمر الذي يجعله ميدان حركة دؤوبة سياحياً وثقافياً يوازي حجم أهميته التاريخية. ‏

__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مجمع «تتر الحجازية» المعماري تحفة في قلب القاهرة الفاطمية عبدالقادر حمود القسم العام 3 04-10-2019 01:07 AM
التصوف الاسلامي: إتِّباع الرسول الفارس الجيلاني الرد على شبهات المخالفين 12 09-19-2011 03:06 PM
لمحات من إبداع المتصوفة عبدالله الطباش القسم العام 0 10-14-2009 01:00 PM
الإعجاز المعماري والفلكي في بناء الكعبة المشرفة عبدالقادر حمود المقدسات الاسلامية 3 02-18-2009 03:17 PM
قوانين الكتابة في القسم الاسلامي الـــــفراتي المواضيع الاسلامية 14 01-02-2009 11:02 AM


الساعة الآن 09:57 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir