أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت           

كتب سيدي الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله هذا الركن يختص بعرض كتب سيدي فضيلة الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله ونفعنا به وبعلومه وبركاته

إضافة رد
قديم 01-18-2009
  #61
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 237 } ليس من شأن الرجال وأصحاب العقول السليمة ان يتركوا أدبهم مع غير المتأدبين ، بل شأنهم أن يحافظوا على أدبهم مع الخلق كلهم لأنهم عيال الله ، وهو يوافقون الرسول صلى الله عليه وسلم في أخلاقه . والناس يدخلون في الطريقة من أجل هذه الأخلاق . ومخالفة النفس والشيطان أيسر من مخالفة الخلق ، ومخالفة هؤلاء أصعب من كل القواطع عن الله تعالى ، فلا تعادِ أيها السالك أحداً من المؤمنين ، بل
ـــــــــــــــــــــــــــ ص 156 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليك بمعاداة الشيطان لأن الله أمرك أن تعادي الشيطان ، وأن تُؤاخي المؤمنين بدون مداهنة .
{ 238 } الواجب على المؤمنين تجاه النبي صلى الله عليه وسلم التعظيم قال تعالى : ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } سورة الفتح / 9
وواجب المؤمنين تجاه بعضهم البعض الرحمة ، قال تعالى : { رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } سورة الفتح / 29
وهذا أمر ليس بسهل ، بل هو أمر عظيم جاء إلى نبي عظيم حتى وصل إلينا ، فلا بد أن نستحي من الله تعالى ، وأن نطبق شرع الله تعالى على جوارحنا .
{ 239 } طبيعة ابن أبي سلول موجودة بين الناس ولا يمكن التخلص منها إلا بالمجاهدة والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فراقب نفسك وكن على حذر من صفات ذاك المنافق أن توجد فيك ، ذاك نفاقه اعتقادي ، ومن لم يعمل بمستلزمات الإيمان ، وعمل بعض أعمال المنافقين كان نفاقه عملياً ، فلا بد من التوبة إلى الله عزوجل من طبيعة المخالفين .
{ 240 } إذا كنت صادقاً مع الله تعالى ، ومع رسوله صلى الله عليه وسلم فإنك تقف على أسرار هذه الشريعة والتي من جملتها الطواف ، فبصدقك تقف على ذلك السر الذي طاف به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ــــــــــــــ ص 157 ــــــــــــــ
وحين ذاك إذا رأيت الكعبة المشرفة ترى التجليات الذاتية ، وتشم رائحة النور الإلهي الذي يصب على الكعبة المشرفة ، وتشعر بتلك الرحمات التي تنزل على الكعبة .
{ 241 } الصدق الذي حضنا عليه اسيادنا رضي الله عنهم هو بوسعنا ، والله تبارك وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها ، فهو تكليف شرعي ، ولكن بسبب اتباع الهوى والشهوات لا نطبق على انفسنا ، ولا نمتثل أمر ربنا جل وعلا . نتكلم عن الشريعة ولا نطبق ، نتكلم عن الطريقة ولا نطبق ، فهل هذا من الصدق ؟ لا والله . نحن خُلقنا للعبادة فمرادنا العبودية لا غير ، ليس مرادنا الأذواق ولا الكرامات ولا الشهرة والرياسة ، والله لو تكلم معنا ملَك وقال : أنت من أهل النار ولن تدخل الجنة ، لا تتغير عبادتنا لله عزوجل إن شاء الله . هذا يجب عليكم جميعاً ، يجب عليكم أن تكونوا صادقين وأن تكونوا مع الصادقين ، حتى تدخلوا في مقام العبودية ، والله ليس أحلى ولا أشهى منها عند الصادقين .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-18-2009
  #62
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 242 } الصادق مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ومع المؤمنين ، ومع خلق الله أجمعين وملتزم الأحكام الشرعية لا يخرج من الدنيا إلا ببطاقة نورانية ، فإذا أدخل القبر بتلك البطاقة تعلقت روحه بالعرش وتنعم جسده في التراب ، وصار قبره روضة من رياض الجنة ، وأما إذا خرج من الدنيا كذاباً والعياذ بالله تعالى صارت روحه في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 158 ـــــــــــــــــــــــــــــــ
سجّين وتعذب جسده في التراب ، وصار قبره حفرة من حفر النار والعياذ بالله تعالى . فإذا نفخ في الصور وخرج الصادق من قبره فإنه يخرج بتلك البطاقة النورانية ويَقدُم على الله ورسول والمؤمنين ، والله ينظر إليه وينشر له كتابه ، كما قال تعالى : { وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا } سورة الإسراء / 13
فهذا الصادق أمره إلى الله تعالى إن شاء سأله عن صدقه لقوله تعالى : {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ } سورة الأحزاب / 8
وإن شاء عامله بفضله ، فالصادق هذا حاله فكيف بحال الكذاب والعياذ بالله تعالى إذا خرج من قبره ؟ يجب علينا أن نأخذ ببطاقة الصدق في الدنيا لأنها دار تكليف أما الآخرة فهي دار الجزاء على العمل ، علينا أن نكون من أهل الصدق ، وأن يكون مطلبنا العبودية لله عزوجل ، من خلال متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، علينا أن نتحرى الصدق في كل مقاصدنا حتى نكتب عند الله من الصديقين . اللهم اجعلنا منهم ومعهم ببركة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وببركة أسيادنا رضي الله عنهم ، آمين آمين .
{ 243 } كن على حذر من مدح الناس لك ، لأن أكثر المادحين مداهنون ، ومدحهم لك يكون عليك وبالاً ، فلو صدقت الله لحثوت التراب في وجوههم ، ولو صدقوا الله لكانوا لك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 159 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ناصحين ولم يكونوا مادحين . اصدقوا الله في كل تصرفاتكم فهو العليم الخبير . فتش عن الأخ الناصح لا المادح . كن ناصحاً ولا تكن مادحاً . لأن مدحك لأخيك يُدخل عليه العجب ةالغرور وربما ينسى الله تعالى مصدرَ كل نعمة ، وبالتالي يكون مدحك له وبالاً عليه . ومن كان مع أخيه هكذا فليس صادقاً في محبته . عليك بالنصح له في أن يرعى نعمة الله تعالى ، إن كنت صادقاً في حبه .
إذا رأيت نعمة على أخيك قد ظهرت بفضل الله وكرمه وجب عليك أمران :
1ً ـــ المدح والثناء لله تعالى ، لقوله تبارك وتعالى : { وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱلله } سورة النحل / 53
2ً ـــ النصح لأخيك في أن يرعى تلك النعمة بالشكر لله عزوجل ، لأن الشكر عِقال النعم ، وإلا عرّضها للزوال وفي الحديث الشريف : ( أحسنوا جوار نعمِ الله لاتنفروها ، فإنها قلما زالت عن قوم فعادت إليهم ) رواه ابو يعلى في مسنده وابن عدي في الكامل
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-19-2009
  #63
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 244 } الحر لا يكون عبداً إلا لمعبوده ، ولكنه يشكر من كان سبباً في النعمة ، وهذا من الدين ، وإذا لم يشكر الواسطة يكون مقصراً في دينه . وإذا أردتم شكري التزموا هذه الطريقة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 160 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المباركة الموصولة بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند المتصل ، ولا تنسوا فضل الله تبارك وتعالى عليكم ، وفضل رسوله صلى الله عليه وسلم وفضل شيخنا رحمه الله تعالى . من التزم الطريقة بعد وفاة شيخه فهذا الالتزام شكر للشيخ المتوفي ، وحرمة المشايخ محفوظة في حال حياتهم وبعد وفاتهم رحمه الله . لا تكونوا قدوةً وأعواناً لمن يقطع الخلق عن الطريق لأن هذا ليس من الشكر بل من كفران النعمة ، قال تعالى : ( وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً } . سورة النساء / 105
{ 245 } بعض الناس اعتادوا المدح واجتمعوا مع بعضهم بسبب المدح ، ولو تناصحوا ما اجتمعوا . لو رأيت جماعة كبيرة وفيهم الأخلاق المخالفة ، وقلت لهم : إن هذه الأخلاق مخالفة لأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لانفضوا عنك جميعاً ، وربما ينالك أذى منهم ، لأنهم اعتادوا على المدح لا النصح . أين نحن من سيرة سيدنا عمر رضي الله عنه عندما قال : رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي ؟ . هل السعادة في اتباع الهوى أم في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ؟ .
{ 246 } كن على حذر من مدح الناس ، لأنك لا تعرف باطنهم ، وقد تمدح فاسقاً ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا مدح الفاسق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 161 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غضب الرب واهتز لذلك العرش ) رواه البيهقي وأبو يعلى عن سيدنا أنس رضي الله عنه
وإن قلت : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مدح بعض أصحابه ، وكذلك يوجد في التابعين من مدح ، فإني أقول : هؤلاء الأولياء الكبار لا تتحرك نفوسهم بالمدح والثناء ، لأنهم على يقين بقوله تعالى : ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } سورة النحل / 53
هؤلاء تغلبوا على أنفسهم حتى ماتت عن هواها ، وقليل ماهم . هؤلاء يحمدون الله عزوجل ويشكرونه على عطائه لهم حتى نُصروا على أنفسهم ، وأخرجوا أنفسهم من البين هؤلاء إذا مُدحوا حولوا الأمر إلى الله تعالى ، وقالوا : نحن لسنا هكذا بل أعطانا ربنا عزوجل النصرة على أنفسنا ، وبربنا عرفنا أنفسنا ، وبه تبارك وتعالى تغلبنا على هواها ، وهؤلاء الأولياء الكبار رضي الله عنهم وألحقنا بهم ماتت نفوسهم وحيت أرواحهم ، فكلما مدحوا ربا الإيمان في قلوبهم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مدح المؤمن في وجهه ربا الإيمان في قلبه ) رواه الطبراني والحاكم عن سيدنا أسامة رضي الله عنه .
اللهم ألحقنا بهم يا أرحم الراحمين .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-21-2009
  #64
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة


{ 247 } المدح فيه ضرر على المادح والممدوح ، لأن أكثر المدح يدخل فيه الكذب ، ويوقع الممدوح بالغرور والعجب ، إلا من

ــــــــــــــــــــــــــــ ص 162 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

حفظه الله تعالى من الكذب والغرور ، الوصول إلى الله تعالى ليس بالمدح بل بالاتباع لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلو كان الوصول إلى الله تعالى بالمدح لمدحتُ الناس جميعاً ، ولكن ليس الأمر هكذا . كونوا متيقظين وإلا لعب الناس بكم كما يلعب الأولاد بالكرة .

{ 248 } الوصول إلى الله تعالى بمقدار الانقطاع عن الخلق وعدم التعلق بهم ، ومن اعتمد على الخلق سقط من عناية الله عزوجل ، ووقع في بئر نفسه والعياذ بالله تعالى ، أما من اعتمد على الله عزوجل فإنه يرتفع ويصل إلى الله تعالى ، لا تفرحوا بمدح المادحين ، وأنتم تعلمون الحقيقة قال تعالى : { بَلِ الِإْنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } سورة القيامة / 14
لا تفرحوا بمدح المادحين لأنه من زخرف القول ، كما قال تعالى : { شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } سورة الأنعام / 112
وإني أغضب من المادحين كما أغضب من الشياطين .

{ 249 } نهاك ربك عن مدح نفسك فقال تعالى :{فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} سورة النجم / 32
وأنت أعلم الخلق بنفسك لقوله تعالى : { بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ () وَلَوْ أَلْقَى

ـــــــــــــــــــــــــــــــ ص 163 ــــــــــــــــــــــــــــــ
مَعَاذِيرَهُ } سورة القيامة / 15
فتعرف خبثها ومكرها وخداعها ، فإذا كنت منهياً عن مدح نفسك فكيف تمدح من لا تعرف باطنه ، ولا تعرف كل ظاهره ؟ وحسن الظن بالمؤمنين غير المدح ، فأنت مأمور
بحسن الظن ، ولست مأموراً بالمدح ، لأن المدح مرغوب لدى النفوس كلها ، وهذا الهوى يوجد في جميع المؤمنين ، وهم مشتركون فيه ، ونحن مأمورون بالمجاهدة لهذا الهوى قال تعالى : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } سورة العنكبوت / 69
فكن عوناً لأخيك في مجاهدة نفسه ، وذلك بالنصح له لا بالمدح .

{ 250 } لو أصغيت إلى نفسك عندما تُمدح لوجدت العُجب والغرور فيها يتحرك ، والنفوس عند جميع الخلق واحدة ، وهذا يعني أن الهوى يتحرك في نفوس الآخرين كما يتحرك في نفسك ، لذلك وجب عليك أن لا تمدح حرصاً على إخوانك ، وتحثو التراب في وجوه المادحين حرصاً على قلبك ونفسك .

{ 251 } لا بد من قطع أصول عِرق الرياء بالكلية ، وأصوله ثلاثة أمور :
أولاً : حب الدنيا والتعلق بشهواتها الظاهرة والباطنة .
ثانياً : اللذة العاجلة وترجيحها على الآخرة .
ــــــــــــــــــــــ ص 164 ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثاً : الالتفات إلى الخلق في مدحهم أو ذمهم .
والعاقل لو تفكر بأنه لو سجدت الكائنات لمخلوق ، ومدحوه ، وأقبلوا عليه بالثناء والسمع والطاعة ، ماذا ينفعه ذلك إذا كان الموت حليفاً للساجد والمسجود له ، وعلم أنهما راجعان إلى الله تبارك وتعالى ، فلا بد أن نتعظ بموعظة الله عزوجل . وأن نتفكر بالوقوف بين يديه تبارك وتعالى .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-23-2009
  #65
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 252 } من أظهر حاجته للناس ماعرف الله تعالى ، لأن الخير بيد الله عزوجل ، وأنا لست بحاجة إلى أحد إلا الله تعالى ، لذلك والله والله والله لا أريد أن أحبب الناس فيّ ، ولكن أريد أن أحببهم في الله تعالى ، وإلى هذا الطريق الشاذلي المبارك الذي يوصل الصادقين إلى محبة الله تعالى .
لذلك أقول : المداهنة ليست من الدين في شئ ، وليست من خُلق الإنسان المؤمن فضلاً عمن انتمى إلى هذا الطريق . رجل واحد صادق يوازي مائة ، فتشوا عن الصادق . ولو أحسنا الظن بالجميع نكذب ، لأن الجميع ليسوا بصادقين ، نرجو الله تعالى أن نكون مع الصادقين أصحاب السند المتصل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

{ 253 } أنتم تفرون من الدنيا إلى الدنيا ، وهذا كله تعب وشقاء ، والله لو فررتم من الدنيا إلى الله تعالى لكان خيراً لكم ، فمن فر من الدنيا إلى الدنيا كان مَثله كمثل رجل وقع في الوحل يرفع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 165 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رِجلاً ويضع أخرى وكلتاهما في الوحل . عليكم بالقناعة بالقليل ، لأن القليل والكثير بجانب ما عند الله قليل .

{ 254 } اسمع واحفظ وعد الله في كتابه الكريم المبَّلغ لك عن طريق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال : { أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } سورة المؤمنون / 11
محال أن تنفي صفة الإيمان عن نفسك ، فأنت مؤمن فلا بد لك أن تجتهد لنيل هذا الربح العظيم ، وأن لا تضيعه باتباع النفس الأمارة بالسوء ، وبإغواء الشيطان الرجيم ، وبالحرص على الدنيا الدنية ، فالله يهديك الصراط المستقيم . استعن على أمور دنياك وآخرتك بالصلاة والذكر ومخالفة النفس لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أعنّي على نفسك بكثرة السجود ) رواه مسلم

{ 255 } إذا حافظت على الحضور في عبادتك من ابتداء النية إلى نهاية عمل العبادة جاءت الأنوار الإلهية إلى قلبك ، فذكر الله تعالى يطهر القلب من الأوزار ، والصلوات على الرسول صلى الله عليه وسلم تورث الأنوار ، وقراءة القرآن الكريم لا تعد ولا تحصى فوائدها ، فإذا صليت بعد ذلك آتت الصلاة ثمارها بإذن ربها ، وانقطعت عروق الوسوسة والخطرات عنك في الصلاة .
{ 256 } كن مظلوماً ولا تكن ظالماً ، لأنه من كان مظلوماً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 166 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فبوسعه أن يعفو عمن ظلمه ، أما إذا كنت ظالماً لاقدر الله فأنت لست بضامن أن يعفو عنك من ظلمتَه ، فإذا كنت مظلوماً فلا يخرجنك ظلم الظالم عن طورك وعقلك واستقامتك ، بل اصبر وفوض أمرك إلى الله تعالى ، والله يعينك إن شاء .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-24-2009
  #66
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 257 } عليك ألا تخاف أحداً من خلق الله تعالى ، من عالم الإنس أو من عالم الجن ، وكلما تعلمت مسألة دينية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكتب القوم طّبق ْ على نفسك لأنك مسؤول عن هذا يوم القيامة والله يدافع عن المؤمن الصادق .

{ 258 } الذي تمسك بالإيمان ، وكان صادقاً في سيره وسلوكه في هذا الطريق المبارك الذي جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يشوش عليه ولا يحزن ، لأن طبيعته البشرية ترقّت وسمت وعلت ، فهو يفوض أمره إلى الله تعالى ، ويتمسك بالكتاب والسنة ، وينظر في سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرى فيه الأسوة الكاملة والقدوة الصالحة . ومن عبد الله تعالى بقلب صادق مع الأخلاص أعانه الله تعالى .

{ 259 } الاسترسال مع الخلق من أجل توجيههم إلى شخصية الداعي يذهب بالدين ، وهو من قلة العقل ، فالداعي لا يلتفت إلى مدح الناس وذمهم ، ولا يسعى إلى محبة الناس له ، ولا إلى حبهم لأن في ذلك حظاً للنفس . فالذي يعتمد على الناس ليس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 167 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أفراد هذا الطريق ، كيف تنظر إلى فلان فتفتخر به ، وينظر إليك فيفتخر بك ، وكلاكما عاجز ؟ .

{ 260 } إذا جاءتك مصائب الدنيا وانصبت عليك فلا تترك ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم ، بل ادفع قساوة تلك المصائب ومرارتها بحلاوة ذكرك لله تعالى ، وبمناجاتك لربك تبارك وتعالى ، فهو السميع البصير ، وهذا شأن المؤمن الصادق المخلص الذي يكون على حذر من الدنيا حلوِها ومرِها ، ويكون على حذر من الغفلة عن الله عزوجل .

{ 261 } أنت مؤمن باعتقادك والحمدلله ، ولكن لا بد لك من العمل بمستلزمات هذا الإيمان ، فلا تكن ممن أعرض عن ذكر ربه ، تندم ولا ينفعك الندم ، قال تعالى : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً*قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } سورة طه / 126

{ 262 } المحبة الذاتية علامة الفناء ، والفناء عبارة عن نسيان ما سوى الله تعالى ، فإذا لم يُزِلْ العبد عن ساحة صدره العلوم بالتمام ، ولم يحصل له التحقق بالجهل المطلق ، فإنه لا نصيب
ـــــــــــــــــــــــــــــ ص 168 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
له في الفناء أصلاً ، وهذا الجهل دائمي لا إمكان لزواله لا أنه يحصل أحياناً ويزول أخرى ، ففي عين الجهالة شعور ، وفي عين الحيرة حضور ، وهذا هو موطن حق اليقين . وأحياناً بعد الفناء يجتمع العلم مع البقاء حين ذاك لا يضر العلم مع البقاء ، والله تعالى الموفق للصواب .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-26-2009
  #67
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 263 } كن خليلياً ، فالخليل عليه الصلاة والسلام كان صدّيقاً نبياً ، ودليل صديقيته أنه استجاب لأمر ربه فوضع السكين على حلق ولده ، قس محبتك لربك عزوجل على ذلك فتعرف مدى صِدقك فيها .
{ 264 } أوصيك بتقوى الله تعالى ، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنا فرد من أفراد هذا الطريق ، ولا أريد شيئاً آخر ، والله شهيد على ما أقول، وسيدنا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أوصى أصحابه أن يدفنوه بعد نهاية المعركة ، وأن يبقى تحت سنابك الخيل طيلة المعركة ، لأنه لا يريد شهرة ولا سمعة رضي الله عنه . – هذه الوصية سمعناها في مكة المكرمة حرسها الله تعالى .
{ 265 } الآخرة والدنيا ككفتي الميزان ، ولا بد من ترجيح كفة الآخرة على كفة الدنيا ، لأن الدنيا فانية ، والآخرة باقية ببقاء الله تعالى ، وهي خير من الأولى ، وترجيح الآخرة على الدنيا لا يكون إلا بالاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم . كيف ترجحون الفاني على الباقي ؟
ـــــــــــــــــــ ص 169 ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذا ليس من شأن أصحاب العقول السليمة . علينا أن نتوجه ونوجه الناس إلى الله تعالى ، حتى نرحم في الدنيا والآخرة ، وهذه هي السعادة الأبدية .
{ 266 } الدين ليس فيه مشقة على من تذوق حلاوة العبادة والعبودية لله تعالى ، وأما من لم يتذوق تلك الحلاوة فإن مشقة العبادة تزول بعلم العبد أن الله يراه وهو رقيب عليه .
{ 267 } المؤمن بالصدق صار مؤمناً ، والصدّيق بالصدق صار صدّيقاً ، والكافر والمنافق بالكذب صار كافراً ومنافقاً ، لذلك وجه الله تعالى المؤمنين لأن يكونوا مع الصادقين حتى يكتسبوا من صدقهم قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } سورة التوبة / 119


وأعلى مرتبة في المؤمنين بعد النبوة رتبة الصديقين الذين تحروا الصدق في كل أمورهم ، وبالصدق يُكمل المؤمن كل صفات الكمال .
{ 268 } السكر على أربعة أقسام : سكر بالخمر ، وسكر بالدنيا ، وسكر بالهوى ، وسكر بمحبة الله تبارك وتعالى وبمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم . أما الأول فمنهي عنه بقوله تبارك وتعالى في سورة المائدة : { يَا أَيُّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 170 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *
إِِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } سورة المائدة / 91
أما الثاني فنبه الله سبحانه وتعالى عليه بقوله : { فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } سورة لقمان / 33
أما الثالث فنبه إليه الحق جل وعلا بقوله : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } سورة الجاثية / 23
أما الرابع فأشار إليه الحق جل جلاله بقوله : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ } سورة البقرة / 165
فحب الله تعالى يذهل القلب عن الدنيا والنفس ، ويبقى فيه همٌّ واحد هو حب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم ، والمحبة تقتضي الطاعة ، وإلا فهو مدّعٍ ، ودعواه باطلة .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-31-2009
  #68
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة


{ 269 } الكثير من الناس يظنون أن الصدق والاستقامة الشرعية هي في الكلام والتشدق فيه فقط ، مع العلم أن آيات القرآن الكريم التي نزلت على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ص 171 ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جبرائيل عليه السلام ، كلها متعلقة بالبشر ، من أجل تصحيح العقيدة ، ومن أجل متابعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ومن أجل التمسك بالعبودية ، ومن أجل ترك الهوى والحظوظ النفسانية ، ومن أجل ترك الدنيا وعدم تعلق القلب بها ، ومن أجل الاستقامة ومجاهدة النفس . لو نظرت في القرآن الكريم وفي أفعال البشر لما وجدت تطبيقاً علمياً عند الكثير ، بعضهم اكتفوا بالعلم والقيل والقال ، وتعلقوا بالمادة ، وبعضهم أكل الدنيا بدينه ، وبعضهم باع دينه بدنيا غيره والعياذ بالله .
{ 270 } الكثير من الناس يعرفون الوعظ والكلام ، وأكثر المؤمنين يعرفون الحلال والحرام ، لكنهم لا يعلمون بعلمهم ، لأن التطبيق أصعب من السماعِ والتعليمِ بكثير ، هذا بلاؤنا في هذه الأيام ، ويوم القيامة سوف نُسأل عن العمل لا عن العلم ، نُسأل عن الشريعة ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم . فلابد من ربط الإيمان بالعمل مع مستلزماته ، ولابد من ربط القول مع العمل والمجاهدة ، فمن ربط بينهما تمسك بالشريعة واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وترك الهوى ، ورقى سُلّمَ المعرفة ، وإن لم يكن له نصيب في المعرفة سَلِم على دينه ونجا يوم القيامة بفضل الله وكرمه .
{ 271 } قدْر المرء بمقدار اتباعه للشريعة والسنة النبوية فكلما عظم اتباعه عظم قدره . والاتباع ما قيد بلسان ولا قوم ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــــ ص 172 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عشيرة ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإٍحْسَانٍ } سورة التوبة / 100
فتعاملْ مع الخلق على أساس هذه القاعدة ، وأنزل الناس منازلهم من خلال هذه الآية ، وثمرة هذا الاتباع قوله تعالى : { رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } سورة التوبة / 100
{ 272 } القرآن الكريم مخاطَبٌ به جميع البشر . فسعد به بعضهم بالاتباع ، وشقي البعض الآخر بإعراضهم . فالقسم الأول آمن وقيد نفسه بقيود الشريعة وعمل عملاً صالحاً فكان بذلك سعيداً في الدنيا والآخرة ، والقسم الثاني كفر والعياذ بالله وقيد نفسه بالشهوات واتبع هواه فكان بذلك شقياً . وموانع الإنسان من السعادة أربعة أمور : النفس والشيطان والدنيا والخلق ، وأشد هذه الموانع الخلق ، لأنهم إما أن يمدحوه فيوقعوه بالغرور ، وإما أن يذموه فيقنطوه .

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-31-2009
  #69
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 273 } لا بد من معرفة القواعد أولاً ثم العمل بها ثانياً ، وإلا فالحجة قائمة علينا . قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدّ تَثْبِيتًا * وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً
ـــــــــــــــــــــــــــ ص 173 ـــــــــــــــــــــــــــــــ

عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا } سورة النساء / 68
نسأل الله تعالى أن يجعل القرآن العظيم حجة لنا لا علينا إنه على ما يشاء قدير .
{ 274 } على الإنسان أن لا يتبع إلا طريقاً واحداً ، وإلا لعبت به الأهواء ولا يدري لمن يرضي ، وخاصة إذا اتبع من لم يلتزم الشرع الشريف ، بل اتبع هواه وانغمس في الدنيا وسائر الشهوات من جاه ومقام ورياسة وما شاكل ذلك . والله تعالى ضرب لأصحاب العقول مثلاً في القرآن الكريم فقال : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } سورة الزمر / 29
ليس مثالٌ فوق هذا المثال لمن يعلم ويعقل .
{ 275 } الخروج من الحظوظ مع وجود العلم صعب ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، فلابد من الصدق في الطلب ، فمن صدق في طلبه من الله تعالى أن يخرجه من حظوظ نفسه ، دله الله تعالى على وارث من وراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعينه على ذلك .
{ 276 } قَدَرُ الله عزوجل غائب عن مخلوقاته ، وليس هو بيد أحد فلابد من الأخذ بالاسباب مع عدم الاعتماد عليها ، فلعله أن يصادف السببُ القَدَرَ ، انظر ألم يقل الحق تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ص 174 ـــــــــــــــــــــــــــــ
{ أَليْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } سورة الزمر / 36 ؟
ومع ذلك ما ترك الأخذ بالسبب ، فالأسباب للأبدان والتوكل للقلوب .
{ 277 } المؤمن إذا انتقل من علم اليقين إلى عين اليقين أو حق اليقين ، وجب عليه أمران :
الأمر الأول : الشجاعة مع حفظ الحرمة .
الأمر الثاني : الصبر والتحمل لأذى الخلق .
هذا الثبات لا يكون إلا لمن دخل دائرة عين اليقين أو حق اليقين ، ومع ذلك ترى أهل هذا المقام يخافون سوء الحساب
{ 278 } لا تقل الحق إلا بعد التمكن ، لأن من قال الحق ثم تردد بعد ذلك فهذا يدل على عدم تمكنه وتثبته ، فإذا تمكنت وتثبت فقل الحق ولا تتردد ولكن في وقته ، لأن الحكمة يجب أن توضع في موضعها ، وإلا يكون تضييعاً لها ، ولابد من تحرير النية قبل قبول الحق لقوله تعالى : { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } سورة النساء / 1
فكن متمكناً من معرفة الحق قبل مخالطة الناس .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-03-2009
  #70
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة

{ 279 } وقوف السالك مع تقصيره يعرقل سيره إلى الله تعالى ، فلابد من اللجوء والتضرع إلى الله عزوجل ، لأن الحفظ من الهوى والدنيا والخلق والشيطان من اصعب الامور على أمثالنا ، لقلة
ــــــــــــــــــــــ ص 175 ـــــــــــــــــــــــــــ
الاستقامة على منهج الصلحاء والأتقياء ، وقلة صحبتهم والتقاء نفائس كلامهم ، كل ذلك مع ضعف القوة اليقينية التي يحفظ القلب بها من الاغيار ، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإنابة ، ويهبنا الغفران ، ويمن علينا بالثبات على الإيمان ، وأن يكرمنا بمحبته ، وأن يأخذ بأيدينا لاتباع سنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، والتخلق بالأخلاق القرآنية وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
{ 280 } حسن الخاتمة ليس مضموناً لأحد من الخلق ، إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمبشرين بالجنة ، وما عداهم فلا ، وهذا يعني أن الله تعالى قد يجعل الفاسق ولياً ، وقد يخرج العبد من الإيمان إلى الكفر ، قال تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } سورة النحل / 125
نسأل الله حسن الخاتمة ، وليس أحد معصوماً عن الخطأ لذلك ترى الخوف عند العلماء العارفين أكبر وأعظم من خوف عامة الناس ، وحق المؤمن الصادق إن جاءه ملك الموت ، وقال له : أنت في النار ، عليه أن يجتهد في العبادة ولا يدعها ، لأنه ما خلق إلا لها . نسأل الله تعالى أن يرزقنا حلاوة العبودية والتذلل بين يديه .
{ 281 } الإنسان بعلمه القاصر الجزئي يرى الساعة بعيدة ،
ـــــــــــــــــــــــــ ص 176 ـــــــــــــــــــــــــ
ولذلك يغفل عن ربه جل وعلا ، أما في علمه جل وعلا فإن الساعة قريبة ، قال تعالى : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } سورة الأنبياء /1

فيجب على العاقل ان يتخلى عن علمه الناقص الجزئي إلى علم الله عزوجل الكامل ، ويعتمد على علم الله الكلي لا على علمه الجزئي ، فلو خرجت عن علمك لعلمه لرايت الساعة قريبة كما قال تعالى : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا } سورة المعارج / 7
{ 282 } المؤمن ليس ماموراً بحب الناس لذاتهم، ولكنه مأمور بحب الخير لهم ، فإذا أبغض واحداً من الخلق فلينظر إلى سبب بغضه له .
1ً ــ إن كان يبغضه لاسقامته ، وعدالته ولقوله الحق ، ولعدم اتباعه أهواء الناس ، فهذا البغض حرام ، ولا يليق بمن آمن بالله واليوم الآخر . فعليه أن يتوب إلى الله ويرجع إلى رشده وصوابه ، وأن يحب الخير لأخيه المؤمن لأن الله تعالى قد ربط بينهما برباط الأخوة الإيمانية فقال : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } سورة الحجرات / 10
2ً ــ وأما إذا كان بغضه له بسبب ارتكابه المخالفات الشرعية ـــ من مخالفة أمر الله ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومخالفة الحقيقة
ــــــــــــــــــــ ص 177 ــــــــــــــــــــــــــــ
والطريقة ـــ فيجب عليه أن يبغض أفعاله المخالفة لا شخصه ، وعليه النصح له لأن الدين النصيحة .
3ً ــ أما إذا كان بغضه له بسبب تعارضه معه لمصلحة دنيوية فهذا البغض حرام ، وهو مضر بالإيمان . عليه أن يرجع إلى الله ويتوب . هذا الامر يجب ان يتنبه إليه المؤمنون جميعاً ، وليس خاصاً بمشرب من المشارب ، ولا بمسلك من المسالك .
{ 283 } الإنسان المؤمن يجب أن يكون له حظ من الوراثة النبوية ، بأن يحب الناس لله عزوجل لا لنفسه فمن لم يخرج عن نفسه فإنه يحب الناس لنفسه فإن قدموا له نفعاً أو دفعوا عنه ضراً أحبهم وإلا فلا ، أما من خرج عن نفسه فإنه يحب الناس لله تعالى ، وعلامة محبته لهم في الله أنه يعينهم

على ترك هواهم وحظوظهم لذلك ترى الناس اليوم أكثرهم يحب بعضهم بعضاً للحظوظ وللشهوات ، وليس لله تعالى ، ولو كان الإنسان عاقلاً لأحب الناس لله وفي الله ، لأنه يعلم حقيقةً أن الكائنات كلها لو سجدت له لا يستفيد شيئاً إذا لم يكن ربه تبارك وتعالى راضياً عنه .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شرح الخريدة البهية في علم التوحيد عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 2 06-11-2013 01:41 PM
المنازل البهية في الوصايا الشاذلية عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 2 09-05-2012 07:15 AM
من الوصايا الموجهة للنساء عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-02-2011 01:55 PM
الدرر في احصار المغازي والسير ل يوسف بن عبد البر النمري أشعري مالكي المكتبة الاسلامية 0 05-05-2010 10:48 PM
جامع الدرر البهية لانساب القرشيين في البلاد الشامية عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 17 01-27-2010 10:27 PM


الساعة الآن 02:41 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir