أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله           
العودة   منتديات البوحسن > المنتديات العامة > ركن وادي الفرات

ركن وادي الفرات نادي مختص بتراث وتاريخ المنطقة الشرقية من سوريا

إضافة رد
قديم 10-22-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي مفهوم الغزو.. إشكاليات قديمة

صورة مستعادة للبدوي من صحرائه إلى بلاد اللبن والعسل
مفهوم الغزو.. إشكاليات قديمة

عمار السنجري

قبل البدء في الحديث عن أهمية دراسة القبائل العربية وجمع وتدوين ودراسة مروياتها في قصصها (سوالفها) وأشعارها النبطية، لابد أن نعرض أولا إلى إشكالية أزلية وجدت منذ أن وجد التاريخ الإنساني وفي مختلف الأزمنة والأمكنة. وهي إشكالية العلاقة بين البدو والحضر وهذا ما سيوضح لنا أكثر (مشروعية الغزو بين القبائل قديما إذا صح القول لأنه يرد كثيراً في مروياتها القصصية والشعرية)، حيث يشير الدكتور سعد العبدالله الصويان في مقال له بعنوان “القبيلة والدولة”، أن إشكالية العلاقة بين البدو والحضر تعود إلى أيام قابيل وهابيل، كما أن إشكالية العلاقة بين الدولة والقبيلة تبدأ منذ نشوء المدنيات والدول في بلاد الرافدين وحوض النيل، بدءا من السومريين والبابليين والآشوريين.

معلوم أن الجزيرة العربية تمر عليها دورات من الخصب ودورات من الجفاف. في أعوام الخصب يتكاثر الناس ويحدث ما يشبه الانفجار السكاني. ويتلو ذلك سنينا عجافا يهلك فيها الحرث والضرع فتلفظ الجزيرة بسكانها على شكل موجات متتابعة من الغزوات والهجرات التي تتدافع باتجاه الهلال الخصيب، وآخرها الهجرات التي قامت بها قبائل شمر وعنزة إلى ما يسمونها “ديرة الحِبّان” (أي الحبوب) أو “ديرة الريف والرغيف” أو “دويد العسل” (دويد تصغير ديد أي نهد أو ضرع، أي الضرع الذي يدر العسل ـ لاحظ العلاقة بين هذه النعوت وما ورد في الكتاب المقدس من أن تلك البلاد كانت بلاد اللبن والعسل land of milk and honey). لذا كان من الطبيعي أن يسود الصراع علاقة حواضر ومدنيات الهلال الخصيب مع الموجات المتعاقبة من الغزاة والمهاجرين المندفعة من قلب الجزيرة العربية. وكثيرا ما اضطر ملوك الآشوريين والبابليين في عصور ما قبل التاريخ إلى القيام بحملات تأديبية ضد البدو، كما حدث في عام 691 ق. م. حينما قام سنَحاريب بحملة تأديبية ضد الملكة العربية (تعلحونو) أجبرها على الفرار من أمامه والالتجاء إلى دومة الجندل. أما الملك البابلي نابونيدوس فقد توغل في حملاته التأديبية ضد الأعراب والتي استغرقت عشر سنوات (552 ـ 543 ق. م.) حتى وصل إلى دومة الجندل (أدوماتو) وتيما والعلا (ديدان) والحائط (فدك) وخيبر ويثرب. (1)

ويشير الصويان إلى أن ما حدث لقبائل بني هلال حينما هاجرت إلى مصر والتوتر الذي ساد علاقتهم مع الدولة الفاطمية آنذاك، ثم لما زحفوا إلى شمال أفريقيا حدث لهم نفس الشيء مع دول شمال أفريقيا في تونس والمغرب. وبناء على تلك الأحداث وما نتج عنها من صراعات صور ابن خلدون البداوة العربية التي تقوم على رعي الإبل وكأنها مرحلة بدائية مضادة للحضارة، ولا تزال الثقافة العربية تتبنى هذا النموذج الخلدوني المنحاز ضد البداوة بالرغم من أن الدراسات الأنثروبولوجية والأركيولوجية الحديثة لا تدعم هذا الموقف. يرى ابن خلدون في البداوة نقيضا للحضارة وضدا لها. طبيعة الحياة البدوية، كما يراها ابن خلدون، (2) منافية للعمران ومناقضة له لأن البدو، كما يقول:




“أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم فصار لهم خُلُقا وجِبلّة وكان عندهم ملذوذا لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد للسياسة. وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة والتغلب وذلك مناقض للسكون الذي به العمران ومنافٍ له.. طبيعة وجودهم منافية للبناء الذي هو أصل العمران، هذا في حالهم على العموم. وأيضا فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس وأن رزقهم في ظلال رماحهم وليس عندهم في أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه بل كلما امتدت أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه. فإذا تم اقتدارهم على ذلك بالتغلب والملك بطلت السياسة في حفظ أموال الناس وخرب العمران. وأيضا فلأنهم يكلّفون على أهل الأعمال من الصنائع والحرف أعمالهم لا يرون لها قيمة ولا قِسطا من الأجر والثمن والأعمال، كما سنذكره، هي أصل المكاسب وحقيقتها وإذا فسدت الأعمال وصارت مجانا ضعفت الآمال في المكاسب وانقبضت الأيدي عن العمل وانتبذ الساكن وفسد العمران. وأيضا فإنهم ليست لهم عناية بالأحكام وزجر الناس عن المفاسد ودفاع بعضهم عن بعض، إنما همهم ما يأخذونه من أموال الناس نهبا أو غرامة. فإذا توصّلوا إلى ذلك وحصلوا عليه أعرضوا عما بعده من تسديد أحوالهم والنظر في مصالحهم وقهر بعضهم عن أغراض المفاسد. وربما فرضوا العقوبات في الأموال حرصا على تحصيل الفائدة والجباية والاستكثار منها كما هو شأنهم. وذلك ليس بمغن في دفع المفاسد وزجر المتعرض لها. بل يكون ذلك زائدا فيها لاستسهال الغرم في جانب حصول الغرض. فتبقى الرعايا في مَلَكَتِهم كأنها فوضى دون حكمٍ. والفوضى مهلكة للبشر مفسدة للعمران”.
ثنائية البدو والحضر

لقد سيطر هذا النموذج الخلدوني، حسب الصويان، لثنائية البدو والحضر على الثقافة العربية وتبنته كموقف رسمي لها وأصبح هو النموذج الشائع والسائد. ورغم تطور الدراسات الأنثروبولوجية في العصور الحديثة لا يزال هناك من يرى أن البداوة بمفهومها العربي، والتي تشير إلى رعاة الإبل الذين ينتجعون الصحراء بحثا عن المراعي لقطعانهم، مرادفة للبدائية، تلك المرحلة المتوحشة التي تمثل البدايات الأولى لتطور الجنس البشري، وأنها أتت بعد مرحلة الجمع والصيد وانبثقت مباشرة منها كامتداد طبيعي لها. ومما كرس هذا النموذج أولوية البداوة وسيادة مفاهيمها وقيمها وتصوراتها في الثقافة العربية وما تعكسه مفردات اللغة العربية من تجذر في البيئة الصحراوية والحياة الرعوية. ولقد فسر البعض هذه الأولوية الثقافية واللغوية على أنها أولوية تاريخية وأن البداوة سابقة للحضارة. وربما ساهم في شيوع هذا الفهم الخاطئ العلاقة اللفظية، ولا أقول الاشتقاقية، بين البدو والبدائية وأن البدو، مثلهم مثل الجماعات البدائية، يعيشون حياة تنقل غير مستقرة. (3)

قيل بأن التهجم على العرب المنسوب لابن خلدون يعزى في أساسه إلى تحريف وقع في بعض النصوص التي جاءت في المقدمة، وهذا التحريف مقصود من طرف بعض المستشرقين الذين تجاهلوا المفهوم الحقيقي الذي تشير إليه تلك النصوص. ومما جاء في بعض الآراء أن ابن خلدون كان يقصد باصطلاح “العرب” الإشارة إلى “البدو” أو “الأعراب” وليس مطلق الأمة العربية، ومن بين هذه الآراء رأي الدكتور علي عبد الواحد وافي الذي قال في بعض أبحاثه القيمة: “لو استعمل ابن خلدون كلمة (البدو) للدلالة على قبائل البدو والرّحّل بدلاً من كلمة العرب التي استخدمها في كل الحالات فأحدثت الالتباس، ذلك أن كلمة البداوة كثيراً ما تشير إلى الفطرة والكرم والنبل والشهامة، بينما كلمة العرب تؤول أحياناً إلى العربان، وهم قوم يتميزون بالشراسة وسوء الأخلاق والجهل، كما تعني كلمة العرب الأعراب وهم قوم يتصفون بالغلظة والفظاظة، وإن كانوا فصحاء في لغتهم. وقد ورد في القرآن الكريم بشأن هذه الكلمة: “الأعرابُ أشدّ كفراً ونفاقاً وأجدرُ ألاّ يعلموا حدودَ ما أنزلَ اللهُ على رسولِه واللهُ عليمٌ حكيمٌ”. [التوبة: 97]. (4)

وبما أن البدوي كان لايعرف من الصناعات شيئا بل إنه يحتقر الصناعات على أنواعها ويحتقر الزراعة كذلك. فالبدوية كانت عندما تريد أن تهين احداً لاتجد نعتاً أشد تحقيراً له من صانع او فلاح، إن البداوة عندهم هي الأرستقراطية بعينها، وهي ذروة العيش الكريم، ولكن كيف يكسب البدوي عيشه؟ وكيف يقضي أيامه؟ أمامه طريقان لكسب العيش أولهما تربية الماشية، فهو اذا كان من أرباب الإبل فتربية الإبل أهم سبيل لعيشه، يبيع من نتاجها الذكور مايكفيه العيش في عامه، وهكذا يفعل كل عام. وإذا كان ممن يقتنون مع الإبل غنماً فهو يربي إبلاً وغنما، ويبيع من نتاج غنمه الخراف والسمن (الدهن) واللبن الرائب إذا كان قريباً من حدود العمران، أو الكمأة (الفقع) إذا كانت الامطار الخريفية قد يسرت ظهور الكمأة في آخر الشتاء. وسبيله الثاني كان الغزو والسلب، أي الحرب في سبيل الكسب أو الدفاع عن ماشيته كي لايسلبها بدو آخرون من قبيلة أخرى. وكثيراً ماكانوا يتنازعون دفاعاً عن المراعي في بعض الحالات حين تجف المياه في مناطق قبلية وتجدب الأرض فتقصد القبيلة أرضاً لغيرها طلباً للماء والكلأ لماشيتها فتصطدم بأهلها. ومن هنا فإن قوة القبيلة وشأنها كانا يقاسان بقوة رجالها وسلاحها، أو قل بفرسانها واستعدادها لمجابهة الخصوم، أو لشن الغارات واحتكار الموارد والمراعي. وإذا كانت المراعي تتسع في أغلب المواسم لتلك الكثرة من القبائل في بقاع الجزيرة العربية، فإن الموارد محصورة في مواضع معينة وفي غدران معروفة وآبار يتنافسون على الورود منها ويتخاصمون في ذلك، كما كان يجري قديماً، بحيث لايترك القبيل القوي مجالاً للقبيل الضعيف أن يحظى بنصيب كافٍ منها. (5)

ونشرب إن وَرَدنا الماءَ صَفواً

وَيَشرَبُ غيرنا كَدَراً وطينا

وأصبح بعض رجال القبائل محاربين أشداء بحكم هذه الحاجة في الأزمان السابقة. (6) ويجهل البدو عموماً كثيراً من فنون الحرب وسبل الخداع، التي يألفها المحاربون الحضر في الدول العصرية ولكنهم كانوا يعرفون أخبار عدوهم، ويحاولون كتم أخبارهم لكي لاتتصل بخصومهم، وكانوا يسلكون السبل التي يجدون فيها ماء وكلأ ولاينكشفون فيها لأعدائهم، ويعرفون أي أيام توافقهم للغزوات من حيث الظلمة في الليل أو المناخ وهلم جرا.. ولهم طلائع يرسلونها أمامهم لتكون عيوناً لهم على أعدائهم فلا يباغتونهم إلا وقد عرفوا الكثير عن وضعهم. وكثيراً ماكانوا يلجأون إلى خداع عدوهم بتحويل فريق من غزاتهم لمهاجمة فريق من قبيلة أو عشيرة في جهة ما ويجري الهجوم المباغت الأساسي على فريق آخر في جهة أخرى، أو على ماشية الفريق نفسه في مراعيها. وكانوا إذا باغتوا رعاة قبيلة ونهبوا إبلها مثلاً إنشطروا شطرين، فبعثوا الإبل المنهوبة مع شطر يستاقها ويسير بها، وأبقوا شطراً يكمن لمن ينفر من أصحاب الإبل ليصدوهم عن طلبها. وترى أفراد الكمين حين يتراجعون ينسحب بعضهم بحماية آخرين ويظلون كميناً حتى يتمركز المنسحبون في موضع ورائهم، فينسحب الباقون إلى ماوراء إخوانهم، ويظلون في هذا التناوب عند الإنسحاب حتى ينهكوا النفير، وتصبح الإبل المنهوبة أبعد من أن تُدرك. وعندئذ ينضم الغزاة معاً ويطردون الإبل المنهوبة أمامهم متجهين الى منطقتهم. (7)

الإبل والخيل

ولا تكون المغازي في البادية إلا على ظهور الإبل، وقد تجنّب الإبل أحياناً بالخيل إذا كان مسير الغزاة إلى أرض بعيدة، فيركب الغازي هجينه وقد جنبت اليها فرس يركبها عند الغارة الأخيرة أو عند الفرار إذا لزم الأمر ويُسمى الجيش عندئذ جنيباً. وقد يغزو البدو على الخيل فقط إذا كانت الأرض التي فيها خصومهم قريبة لاتزيد عن مرحلة أو مرحلتين. وقد يجري أحياناً حين يقرر أهل قبيل الغزو إلى أراضٍ بعيدة ويتفق كل إثنين من الغزاة معاً أحدهما يملك فرساً والآخر هجيناً فيسيران معاً راكبين على الهجين معاً ويسحبان وراءهما الفرس. وعلى الفارس أن يهيئ الزاد والرحل ويركب خلف صاحبه الهجّان إلى إن يصلوا إلى أرض العدو. وتكون الفرس عندئذ غير تعبة. ولدى وصولهم يُعيّن العقيد، أي قائد الغزاة، ثلاثة مواضع تجمّع فيها الزمل (إي الهجن) وتنتظر رجوع الفرسان الذين يجرون نحو العدو، ويكون أول هذه المواضع الثلاثة لايبعد أكثر من مسافة ميل ونصف عن مضارب العدو، إمّا في واد أو وراء أكمة. فإذا لم يعد الفرسان في الوقت المحدد يسرع هؤلاء مع هجنهم إلى الموضع الثاني وينتظرون هناك يوماً كاملاً مجيء الفرسان، فإذا مضى اليوم ولم يرجع الفرسان انتقل الجميع إلى الموضع الثالث حيث يجب أن يبقوا ثلاثة أيام أو ربما أربعة، ويكون هذا الموضع قد عُيّن من قبل بعيداً عن مضارب العدو. فإذا انقضى الوقت ولم يعد الفرسان عاد الهجانة إلى أهلهم مسرعين. أما إذا نجح الفرسان واستولوا على حلال أعدائهم من إبل أو غيرها فيكافأ كل زميل بناقة حتى ولو لم ينجح صاحبه بسلب أكثر من ناقة. ولكن إذا غلب الفرسان فإن الزميل لايخسر شيئاً. وقد يحدث في بعض مثل هذه المغازي البعيدة أن يهلك كل الفرسان الغزاة لأن زادهم يظل مع الهجن وأصحابها. والفرسان حين يهاجمون مضارب أعدائهم لايهمهم ما في الخيام بقدر مايهمهم الحلال من جمال وخيل، إلا إذا كان العدو قريباً من منازلهم فإنهم عندها ينهبون الخيام أيضاً ومافيها. وقد يجري في مثل هذه الحالة أن تنجح إمرأة جريئة باسترجاع جمل من جمال زوجها إذا عرفت العقيد وجرت وراءه ورجته أن يُرجع لها جملاً لأنهم مقطوعون. وتظل بقربه حتى يعطيها من ربحه. والغزاة إما أن يكونوا شركاء في كل شيء أو لكل شخص ما استطاع نهبه من متاع أو حلال. (8)

وعرفت البادية نوعاً من السلب ليس غزواً ولكنه أشبه بالسرقة، والبدو كانوا يقرونه ولكنهم لايعتبرونه كالغزو، إنه سطو على طريقة المغاوير Commandos ولا يقوم به في الحادثة الواحدة أكثر من اثنين أو ثلاثة من المغاوير، فتراهم يتسللون ليلاً إلى مضارب خصومهم، ويكمنون بينها حتى تيسّر لهم فرصة يسرقون بها جواداً أو راحلة أو بعض الغنم، وينسلون دون أن يشعر بهم أحد. ويُسمى هؤلاء المغاوير حنشلاً لاغزواً، ويدور قسم كبير من قصصهم البدوي على أخبار الحنشل ومغامراتهم، ويحبكون هذه القصص بخيوط من الحب فتدخل فيها الفتاة ويكون بطل القصة أحد اولئك المغاوير. ولايقوم الحنشل بمغامراتهم إلا ليلاً، ولايركبون إلا في النادر، وإذا ركبوا فمركوبهم الهجن التي ينيخونها بعيداً عن المضارب ويتركونها في العراء مقيدة بحراسة واحد منهم إذا كانوا أكثر من اثنين أو ثلاثة، أو دون حراسة إذا كانوا أقل من ذلك، وكثيراً ما يذكرون في أخبار الحنشل عن تنكر أفراده كأن يلبس واحدهم جلد شاة ويكمن في منخفض من الأرض قرب مضرب خصومه، حتى إذا عاد الرعيان إلى مضارب أهلهم، انسلّ صاحبنا بين القطيع وأخذ يسير معه حبواً حتى يصل فيظل مع القطيع رابضاً أمام الخيمة إلى أن تسنح له فرصة يسرق فيها إما فرساً يعدو عليها فينجو، أو ذلولاً ينسل بها دون أن يشعر به أحد، أو شاة أو غير ذلك. وفي القصص فإن البدوي يستعين بأفراد الحنشل لإنقاذ الأسرى من أبناء الأمراء إذا كانوا مقيدين عند آسريهم بسبب ما. (9)

وقد هيأت هذه المغازي للبدوي فرصة لإظهار بسالته وشجاعته وفروسيته، وترى البدوي حين يتحدث عن بعض مآثره في هذا السبيل يتحدث بلذة وسرور لاتعدلهما لذة وسرور، إن الغزو ميدان لا للربح وحسب بل لإظهار الفروسية والبأس، وهو بهذا ضرب من ضروب الترويح عن النفس حين تسأم الحياة الرتيبة في الخيمة أمام موقد النار وحول الأعمدة، وإذا قدّر له وعاد غانماً أخذ يُنشد أغاني الظفر والفخر، وارتفعت مكانته في عيون أبناء قبيلته وبناتها، وبنوع خاص في عيني فتاته إن كان قلبه عالقاً بحب فتاة. وفي الغزو للبدوي فوق هذا مجال لتحقيق أمانيه بالغنى إن كان فقيراً فهو يظل مؤملاً أن يفلح في غزوة ما فيسعد ويغنى. (10)





هوامش:

1 الدولة والقبيلة: تعقيب على ماسبق، د.سعد العبدالله الصويان، مقال منشور على موقعه

2 مع تحفّظاتنا على رأيه هذا وعدم تسليمنا بكل ماذهب إليه

3 الدولة والقبيلة، الصويان، المصدر السابق

4 نظرات في الفكر المنهجي عند ابن خلدون، علال البوزيدي، مجلة الأمة، العدد 37، محرم 1404هـ

5 البدو والبادية، جبور، الدكتور جبرائيل سليمان، دار العلم للملايين، ط1، بيروت، 1988م، ص: 277، 278

6 جبور، المصدر السابق، ص: 278

7 جبور، المصدر نفسه، ص: 279

8 البدو والبادية، ص: 280

9 المصدر السابق، ص: 281

10 البدو والبادية، ص: 281
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-22-2010
  #2
الـــــفراتي
عضو شرف
 الصورة الرمزية الـــــفراتي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,649
معدل تقييم المستوى: 18
الـــــفراتي is on a distinguished road
افتراضي رد: مفهوم الغزو.. إشكاليات قديمة

يعطيك العافية اخوي
معلومات قيمة ورائعة
ودمتم بحفظ الله
اخوكم الـــــفراتي
الـــــفراتي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صور قديمة لحلب عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 4 02-05-2014 12:14 AM
صور قديمة لدمشق admin ركن بلاد الشام 29 11-08-2013 02:00 AM
في ظلال الإسلام عن مفهوم النفس ابو معاويه المواضيع الاسلامية 1 03-30-2013 01:43 PM
صور قديمة من حمص العدية عبدالقادر حمود القسم العام 3 12-27-2012 03:28 PM
ذكرى «الغزو»: صدّام.. وجعنا الذي لن يطيب! عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 0 08-02-2010 02:07 PM


الساعة الآن 05:30 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir