الحمد لله ذي القدرة والجلال والعظمة والصلاة والسلام على نبيه محمد المختار وعلى ءاله الأبرار وصحابته الأخيار والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القرار .
أما بعد ...
يقول الله عز وجل :" إناكل شيء خلقناه بقدر " سورة القمر ءاية 49
اعلموا أرشدنا الله واياكم إلى كل خيرأن كل ما يدخل في الوجود إنما هو بمشيئة الله وقضاءه وقدره ، والقضاء هنا بمعنى الخلق ، وهو يأتي على وجوه منها :
1. القضاء بمعنى الخلق ، أي الإبراز من العدمإلى الوجود ، وذلك كقوله تعالى :" فقضاهن سبع سموات في يومين " سورة فصلت ءاية 21يعني خلقهن .
2.ويكون القضاء بمعنى التسليط والخلق كقوله تعالى :" فلما قضيناعليه الموت " سورة الإسراء ءاية4 بمعنى خلقنا وسلطنا عليه الموت .
3.
3.ويكون بمعنى الاخبار والاعلام كقوله تعالى ( وقضينا إلى بني اسرائيل في الكتاب لتسدن في الأرض مرتين ))يعني علمناهم واخبرناهم .
4.ويكون القضاء بمعنى الأمر قال الله تعالى :" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا اياه " سورة الإسراء ءاية 23 .
5. وقد يكون القضاء بمعنى الحكم والالزام ، يقال قضى القاضي على فلان بكذا أيالزمه اياه وحكم به عليه .
وأما القدر فهو تدبير الأشياء على وجه مطابق لعلم الله الأزلي ، ومشيئته الأزلية فيوجدها في الوقت الذي علم أنها تكون فيه .
وقال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر : قدرالأشياء وقضاها ولا يكون في الدنيا والآخرة شيء إلا بمشيئة الله وعلمه وقضائه وقدره .
فلا يحدث في العالم شيء إلا بمشيئته فما علم كونه أراد كونه في الوقت الذي يكون فيه ، وما علم أنه لا يكون لم يرد أن يكون ، فإرادة الله نافذة في جميع مراداته على حسب علمه بها .
إذن لا يجري في العالم إلا ما يريده الله تعالى ،ولا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن ولا يطيع طائع ولا يعصي عاص إلا بإرادة الله تعالى وقضائه ومشيئته .
قال الله تعالى : " ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والانس " سورة الأعراف ءاية 179 بينت الآية أن الله تعالى خلق من الجن والناس قوماً ليدخلوا النار ، والله سبحانه وتعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ليظهر ما في استعداد العباد من الطوع والإباء ، فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة .
قال الله تعالى : " قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم اجمعين " سورةالأنعام ءاية 149 أي ولكنه لم يشأ هداية هداية جميعكم ، وكان تعالى عالماً بعلمه الأزلي انهم لا يؤمنون فالعباد منساقون إلى فعل ما يصدر عنهم باختيارهم لا بالاكراه والجبر .
ولو لم يشأ تعالى عصيان العصاة وكفر الكافرين وطاعة المطيعين لما خلق الله الجنة والنار .
وفي الدر المنثور للسيوطي عن عمر بن عبد العزيز يقول : " لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق ابليس " .
يتبع