أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك           
العودة   منتديات البوحسن > اسلاميات > مقالات مختارة

مقالات مختارة اخترنا لكم في هذا النادي مما قالوا ومما كتبت الصحف لنضع بين ايديكم باقة من المواضيع المميزة والهادفة

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-21-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي السنة والشيعة.. دروس من صلاح الدين الأيوبي

السنة والشيعة.. دروس من صلاح الدين الأيوبي



في الصراع الطائفي الدائر رحاه اليوم في العراق والمنطقة يتم استدعاء التاريخ بطريقة انتقائية عرجاء، فيتخذ منه الطائفيون من السنة ومن الشيعة على حد السواء حطبا لإلهاب المعركة، ووصم الطرف الآخر بوصمة الشر، تبريرا لارتكاب جرائم دموية ضده لا يسوغها عقل ولا شرع.

فأهل السنة أصبحوا في نظر بعض الشيعة وهابيين نواصب، أعداء لآل البيت النبوي، يجب الثأر منهم لمصارع آل البيت في القرن الأول الهجري.

والشيعة أصبحوا في نظر بعض أهل السنة روافض باطنيين يظهرون الإسلام ويضمرون الكفر، وخنجرا في خاصرة الأمة، وطابورا خامسا يخدم أعداءها من داخلها.

وفي هذا الجو المشحون بالتعبئة والكراهية العمياء، نسي الطرفان أن التاريخ الإسلامي ليس تاريخ صراع بين السنة والشيعة، كما نسوا أن الطرفين -على عمق الخلاف الفكري والفقهي بينهما- اصطفا في خندق واحد أكثر من مرة حين جد الجد، وتعرضت الأمة للاستباحة من طرف أعدائها.

كما غابت عن بال هؤلاء الطائفيين مظاهر الحكمة والرحمة في تعامل المسلم مع أخيه المسلم المخالف له في فهم جوانب من العقيدة، أو في تطبيق مظاهر من الشريعة.

وفي هذا المقال نذكر الطرفين بسابقة تاريخية من القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، الذي يستوطن في العقل الجمعي الإسلامي مكانة خاصة.

وهو قائد عاش في عصر شبيه بعصرنا من حيث استباحة بيضة الأمة وتكالب أعدائها عليها وافتراق كلمتها. لكنه بتركيب عجيب بين الشجاعة والحزم من جانب، والحكمة والرحمة من جانب آخر، استطاع أن يستعيد بيت المقدس من أيدي الصليبيين وينقذ مصر من شرهم، ويوحد كلمة الأمة في عصر عز فيه الموحد والناصر، وساد المفرق والمخذل.

وكان له كل ذلك بفضل فقهه بسلم الأوليات، ووعيه العميق بظروف الطوارئ التي تمنع استنزاف الذات في الحروب الكلامية والصراعات الجانبية.

والسابقة التاريخية المقصودة هنا هي تعامل صلاح الدين الأيوبي مع حكام الدولة الفاطمية في مصر الذين أعلنوا أنفسهم خلفاء مجانبةً للخلافة العامة في بغداد، وخرجوا على جمهور الأمة في مذهبهم العقدي والفقهي خروجا لم تفعله طائفة مسلمة معتبرة في تاريخ الإسلام، وضايقوا أهل السنة في مصر حتى أصبحت قراءة صحيح البخاري جريمة.

ومع كل ذلك فإن تعامل صلاح الدين الأيوبي مع هذه الدولة المارقة كان محكوما بمنطق غير طائفي، وكان مبنيا على إدراك عميق لظروف الطوارئ التي تعيشها الأمة وهي محاصرة بين فكَّيْ الخطر الصليبي القادم من الشمال، والزحف المغولي الداهم من الشرق.

منهج الحكمة والرحمة والوفاء


أول ما يلفت النظر هنا استنجاد الخليفة الشيعي الفاطمي في مصر بحاكم الشام السني نور الدين زنكي، وهو ما فتح الباب لقدوم صلاح الدين إلى مصر وعمله وزيرا للدولة الفاطمية، وقتاله الصليبيين تحت رايتها سنين عديدة، دون اعتبار للخلاف المذهبي بين الطرفين.

كما يلفت النظر أيضا أسلوب الحكمة والرحمة والوفاء الذي تعامل به صلاح الدين مع القيادة الفاطمية، حينما مال ميزان القوة لصالحه، وأصبح قائدا عسكريا مسيطرا، ثم أخيرا ملكا لمصر والشام، بعد وفاة الخليفة الفاطمي العاضد.

يروي ابن شداد -وهو كاتب صلاح الدين الخاص ومؤرخ سيرته- في كتابه "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية" (ص 280-281) وأبو شامة في "كتاب الروضتين في تاريخ الدولتين" (ص 362-363)، بعض الأمور التي تعكس حكمة صلاح الدين وبعد نظره وفهمه لأخوة الإسلام التي لا تسقط إلا بسقوط أصل الإسلام.

يروي ابن شداد أن نور الدين زنكي لما أرسل إلى صلاح الدين من الشام يأمره بالدعاء لخلفاء بني العباس على المنابر، وهي الإشارة الرمزية إلى البيعة لهم والتخلص من منافسيهم الفاطميين، "راجعه صلاح الدين في ذلك خوف الفتنة".وزاد أبو شامة الأمر توضيحا بالقول: "فاعتذر صلاح الدين بالخوف من وثوب أهل مصر وامتناعهم عن الإجابة إلى ذلك، لميلهم إلى الفاطميين".

فصلاح الدين كان حريصا على توحيد الكلمة بترفق وتلطف، ودون استعجال أو قفز على الوقائع الاجتماعية والثقافية المتراكمة على مر الزمان.

وبعد إصرار نور الدين على أن ينفذ صلاح الدين أمره، انتظر صلاح الدين حتى مرض الخليفة الفاطمي العاضد، فأقعده المرض عن حضور الصلوات وتسيير الشأن العام، فبدأ صلاح الدين في التنفيذ، ولو أراد تنفيذ الأمر في صحة الخليفة الفاطمي وقوته لفتح الباب أمام اقتتال داخلي بين المسلمين في مصر.

ثم لما مات العاضد بُعيد ذلك بمدة وجيزة ندم صلاح الدين على استعجاله في تحويل الخطبة، وعدم التروي أكثر في الأمر. قال أبو شامة: "وأما ندمُ صلاح الدين، فبلغني أنه كان على استعجال بقطع خطبته وهو مريض، وقال: لو علمت أنه يموت من هذا المرض ما قطعتها إلى أن يموت".

وقبل أن يموت العاضد لم يجد أكثر رحمة وثقة من صلاح الدين ليستودعه أبناءه ويوصيه بإكرامهم، رغم بعد الشقة المذهبية بين الطرفين.

يذكر أبو شامة أن أبا الفتوح بن العاضد أخبره "أن أباه في مرضه استدعى صلاح الدين فحضر، قال وأحضرَنا، يعني أولاده وهم جماعة صغار، فأوصاه بنا، فالتزم إكرامنا واحترامنا، رحمه الله".

وبناء على وصية العاضد هذه "نقل صلاح الدين أهل العاضد إلى موضع من القصر ووكل بهم من يحفظهم"، كما يروي ابن شداد. وقد أكد أبو شامة حسن معاملة صلاح الدين لأفراد أسرة الخليفة الفاطمي فكتب: "ونقل أهل العاضد إلى مكان منفرد، ووكل لحفظهم، وجعل أولاده وعمومته وأبناءهم في الإيوان في القصر، وجعل عندهم من يحفظهم".

ولما مات الخليفة الفاطمي لم يظهر صلاح الدين شماتة ولا غبطة برحيل عدوه المذهبي، كما يشمت حملة الفكر الطائفي اليوم بعضهم ببعض، بل "جلس السلطان للعزاء، وأغرب في الحزن والبكاء، وبلغ الغاية في إجمال أمره؛ والتوديع له إلى قبره" كما يقول ابن شداد.

فلم ينس صلاح الدين للعاضد أنه عينه وزيرا لمصر، واستودعه ثقته، وحمَّله لواء الدفاع عن مصر ضد الصليبيين
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الخلاف بين السنة والشيعة - الشيخ العلامة علي جمعة عبدالقادر حمود الصوتيات والمرئيات 2 06-11-2013 01:20 PM
صلاح الدين الأيوبي أنموذج باهر للتسامح الإسلامي عبدالقادر حمود ركن التاريخ 4 08-02-2012 08:37 PM
من باب المغاربة إلى تلمسان.. قصة رجل من زمن صلاح الدين عبدالقادر حمود مقالات مختارة 3 04-21-2011 01:36 PM
دموع صلاح الدين عبدالقادر حمود ركن التاريخ 7 12-07-2010 03:54 PM
من مآثر صلاح الدين الأيوبي البوحسن ركن التاريخ 3 06-19-2010 03:52 PM


الساعة الآن 11:38 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir