أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 12-23-2014
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 119

أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
(191)
قولُهُ تبارك وتعالى: { أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا} يَسْتَنْكِرُ اللهُ تَعَالَى عَمَلَ المُشْرِكِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ أَنْدَاداً وَأَصْنَاماً مَعَ اللهِ، فكيف يَليقُ بِسَليمِ العَقلِ أَنْ يَجْعَلَ المَخلوقَ العاجزَ شَريكاً للخالِقِ القادرِ، ومِنْ حَقِّ المعبودِ أَنْ يَكونَ خالِقاً لِعابِدِهِ. والاستفهامُ هنا للإنْكِار والتَجْهيلِ.
قولُه: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ } وهؤلاءِ الذين يُشْرِكونهم مَعَ اللهِ تعالى هُمْ مَخْلُوقونَ مَرْبُوبونَ لَهُ سبحانَه، لا تَمْلِكُونَ لأنْفُسِهم، وَلاَ لِمَنْ يَعْبُدُونَهم، نَفْعاً، وَلاَ ضَرّاً، فهم في الغالِبِ هم الذين يَصْنَعُونها بَأيْدِيهِمْ ثمَّ يَعْبُدونها، وَلاَ تَسْتَطِيعُ هِيَ خَلْقَ شَيءٍ لِذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى ذَوِي العُقُولِ السَّلِيمَةِ أَنْ لاَ يَجْعَلُوا المَخْلُوقَ العَاجِزَ شَرِيكاً للهِ الخَالِقِ القَادِرِ القَاهِرِ.
وفي هذِهِ الآيةِ الكريمة دَليلٌ على أَنَّهُ ليْس المُرادُ بِقَوْلِهِ: "فتعالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ" ما ذُكِرَ مِنْ قِصَّةِ إبْليسَ بَلِ المُرادُ مِنَ الآيةِ السابِقَةِ الرَدُّ على عَبَدَةِ الأَوْثانِ، في كلِّ زمانٍ وفي كلِّ مكان. كما سلفَ بيانُه.
وصيغةُ المُضارعِ في "يُشْرِكُونَ" دالَّةٌ على تجَدُّدِ هذا الإشْراكِ مِنهم. كما أنّ نَفْيَ المُضارِعِ في قولهِ: "مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً" للدَلالَةِ على تجَدُّدِ نَفيِ الخالِقِيَّةِ عَنْهم. ودَلالةُ المُضارِعِ على الاسْتِمْرارِ والتَكَرُّرِ دَلالةٌ ناشِئةٌ عَنْ مَعنى التَجَدُّدِ الذي في أَصْلِ المُسْنَدِ الفِعْلِيِّ، وهي دَلالَةٌ مِنْ مُسْتَتْبَعاتِ التَرْكيبِ بحَسَبِ القَرائنِ المُعينَةِ لها ولا تُوصَفُ بِحَقيقةٍ ولا مجازٍ لذلك.
أَمّا المَقصودُ مِنْ هذِهِ الآيةِ فهو إقامَةُ الحُجَّةِ على أَنَّ الأوثان لا تَصْلُحُ للإلهيَّةِ. وفيها حُجَّةٌ على أنَّ العبدَ غيرُ مُوجِدٍ لأفعالِه ولا خالقٍ لها، لأنَّهُ تَعالى طَعَنَ في إلهيَّةِ الأَجْسامِ بِسَبَبِ أنها لا تخلُقُ شيئاً، وهذا الطَعْنُ إنما يَتِمُّ لو قُلْنا إنَّ بِتَقْديرِ أَنها كانتْ خالقةً لِشَيْءٍ لم يَتَوَجَّهِ الطَعْنُ في إلهيَّتِها، وهذا يَقْتَضي أَنَّ كُلَّ مَنْ كان خالِقاً كان إلهاً، فلو كانَ العبدُ خالِقاً لأفعالِ نَفْسِهِ كانَ إلهاً، ولمَا كانَ ذلك باطلاً، فعلِمْنا أَنَّ العَبْدَ غَيْرُ خالقٍ لأفعالِ نَفْسِهِ، وإنَّما هو محاسبٌ على نيَّتِه واختيارِهِ، كما أوضحنا ذلك من قبلُ.
قوله تعالى: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} يجوزُ أَنْ يعودَ الضميرُ على "ما" مِنْ حيثُ المعنى، والمرادُ بها الأَصْنَامُ، وكلُّ ما أُشْرِكَ مع اللهِ في شيْءٍ، وإرْجاعُ الضَميرِ إليْها مُفرَداً لِرِعايَةِ لَفْظِها كما أَنَّ إرْجاعَ ضَميرِ الجَمْعِ إليْهِما مِنْ قولِهِ سُبْحانَه وتَعالى: "وَهُمْ يُخْلَقُونَ" لِرِعايةِ مَعناها. فإنّ "ما" تَقَعُ على الواحد والاثنين والجَمعِ فوَحَّدَ قولَهُ "ما لا يخلُقُ" رِعايَةً الحُكْمِ ظاهرِ اللَّفْظِ، وجمَعَ قولَهُ "وهم يخلقون" رِعايةً لجانِبِ المعنى.
وعَبَّرَ عنهم ب ضمير الذكورِ "هُمْ" مع أنها أشياءُ لاعْتِقادِ الكُفَّارِ فيها ما يَعْتَقِدونَ في العُقَلاءِ، ونَظيرُهُ قولُه تعالى في سورة يس: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} الآية: 40. وقوله في سورة يوسُف: {والشمس والقمر رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} الآية: 4. وقولُهُ في سورة النملِ: {يأَيُّهَا النملُ ادْخُلوا مَساكِنَكُم} الآية: 18. مع أنَّها جميعاً أشياءُ غيرُ عاقلة. أَوْ لأنَّهم مخْتَلِطونَ بمَنْ عُبِدَ مِنَ العُقَلاءِ كالمَسيحِ وعُزَيرٍ، عليهما السلامُ ـ وغيرُهما كثيرٌ. أَوْ أنَّ الضميرَ يَعودُ على الكُفَّارِ، أيْ: والكافِرونَ مخْلوقون للهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ فكيف يعبدون غيرهُ، فلو أنَّهم تَفَكَّروا في ذلك لآمَنُوا به سبحانَهُ.
وقُرئَ قولُهُ ـ سبحانَهُ وتَعالى: {أيشركون} بالياءِ على الغَيْبَةِ. وقرأَ السُلَميُّ: "أتُشركون" على خِطابِ الكُفَّارِ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 174 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-05-2014 01:28 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 98 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-22-2014 03:38 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:46 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:41 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 96 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:33 AM


الساعة الآن 10:52 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir