محمد الفراتي " سيرته.. نماذج من شعره " ـــ غازي سعيد العايد
هذا الشيخ هو الفتى الشاعر محمد الفراتي الذي أمضى أربعة أعوام دراسية في الأزهر الشريف بدءاً من عام 1911 وحتى العام 1914 وكان من زملائه آنذاك: زكي مبارك وطه حسين وعبد القادر المازني وأحمد شاكر الكرمي. وقد تفجرت قريحته وهو في مصر وخاصة إبان اندلاع الحرب الكونية الأولى.. فأطلق على نفسه لقب "الفراتي" كونه لم يسبقه إليه أحد من أبناء وادي الفرات.. فأرسل إلى والده رسالة ضمّنها أول قصيدة شعرية من نتاج قريحته يقول فيها
فبلِّغْ يا نسيمَ الصبح عني
إلى مَنْ بالفرات ثَوُوا.. سلامي
عهدتُ به أوانسَ راتِعاتٍ
يصارعن الهوى بين الخيام
يَرِدْنَ على الفرات ولَسْن يوماً
يُرَدْنَ ولم يُصَبْنَ بسهمِ رامِ
برحبةِ "مالكٍ قلبي رهينٌ
يعالجُ سكرةَ الموتِ الزّؤَامِ
كان والده يعمل بنّاء في قضاء الميادين إلى الشرق من دير الزور بـ /45/كم وفيها قلعة الرحبة وهي التي رقّمها مالك بن طوق الذي كان والياً للرشيد على المنطقة وقد كان طلبة بلاد الشام في الأزهر الشريف. والذين أطلق عليهم "طلاب الرواق الشامي" يعانون من الاضطهاد والملاحقة ما يعانون من قبل السلطنة العثمانية وفي ذلك يقول الفراتي
أولئك صحبي فتيةُ الشام أصبحوا
يقاسون أنواع الأذى وَهُمْ هُمُ
فيا لبلاد النيل قوموا بنصرهم
فهذا أوان النصر فالقوم أعدموا
أقيم على إثرها بدار الأوبرا السلطانية في القاهرة حفل خيري لإغاثة الطلبة السوريين تحت رعاية السلطان حسين كامل. سلطانِ مصر، أثناء الحرب العالمية ألقى فيها الشاعر حافظ إبراهيم قصيدة يقول فيها
إنّ في الأزهر قوماً نالهم
من لظى نيرانها بعضُ الشرر
وضاقت الحال والأحوال بالفراتي وزملائه وأطلق الشكوى يقول
أنا ما عشت على الآداب
في الدنيا حريص
عِقدُ أشعاري نفيسٌ
طُرِّزَتْ منه الفصوص
أسَدٌ وَرْدٌ هَموسٌ
أنا والآداب عيص
فاعْجبي يا دولةَ الشعر
إذا قال الرهيص
أنا في مصرَ مقيمٌ
ما على جسمي قميص
وكما ضاقت به الحال فقد زاده الحنين إلى الأهل والوطن اشتياقاً إذ راح ينشد:
هبَّتْ من الزور ريحٌ نشرُها عَبَقٌ
في طيّ أردانها المنشورِ عن وطني
تلك الصَّبا حينما استنشقتها سحراً
نُشِرْتُ بعد البلى يا صاح من كفني
الفراتي والأدب الفارسي: