أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة           

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-14-2008
  #1
ساره
محب نشيط
 الصورة الرمزية ساره
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 404
معدل تقييم المستوى: 16
ساره is on a distinguished road
افتراضي الأخلاص

بسم الله الرحمن الرحيم




الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله




روح العمل ومخه ـ في ديننا ـ هو الإخلاص، وبدونه يصبح العمل جثة هامدة لا حركة له ولا بقاء.
وحين يكون الحديث عن مقومات بقاء الأمم غير خاص بأمة الإسلام لا بد أن يكون ذكر الإخلاص فيه أعم من الدلالة الإسلامية الاصطلاحية، وهي إرادة وجه الله تعالى بالعمل، بل يكون حينئذٍ بمعنى إعطاء العمل حقه بما يضمن الثمرة المرجوة منه، وهو شامل لمعنى الإخلاص في اصطلاح الأمة الإسلامية؛ إذ إن الثمرة المرجوة من عمل المسلم هي رضوان الله تعالى، وهي لا تكون إلا إذا أريد بالعمل وجه الله تعالى وحده، وبذا قامت أمة الإسلام، ونالت وسام الشرف الإلهي: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}.
ولأهمية الإخلاص في بناء الأمة وبقائها كانت السورة الأولى بعد فاتحة القرآن العظيم مفتتحة بأن القرآن {هدى للمتقين}، والتقوى لا تكون أصلاً إلا بإخلاص فهي عمل قلبي، كما جاء في الحديث (التقوى ههنا) أو عمل بدني يوجهه قلب تقي، ولأجل ذلك قال الله تعالى: {إن أولياؤه إلا المتقون}.
و كما كان بدء القرآن العظيم تنبيهاً على الإخلاص كان بدء أهم وأثبت كتب الحديث النبوي مبدوءاً بمثل ذلك، وهو حديث: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) والنية هي أساس العمل كله، يصلح بصلاحها، ويفسد بفسادها.
ولا أظنه غريباً على المتأمل أن يعطى الإخلاص هذه المكانة في غير الأعمال الدينية؛ إذ يلاحظ كل إنسان أن الصانع ـ وإن لم يكن مؤمناً بالله أصلاً ـ إذا أخلص لهدفه الذي يمارس صنعته لأجله، وصدق في إعطائه حقه ـ كان ذلك أضمن لبلوغ هدفه، وكان لا بد من فشله إذا فقد الإخلاص، وأقوى مثال يدل على ذلك ما بلغه علماء الذرة والمخترعون سفن الفضاء في روسية من تفوق في الستينات من القرن الماضي على كل بلدان العالم، بعد أن جعلوا دولتهم قبل ذلك لاحقة بركب الدول التي تملك السلاح الذري.
قد يكون هدفهم شخصياً هو أن تسمع بهم كل الدنيا، ويسجل اسمهم في التاريخ مقروناً بالأحداث
العظيمة، أو أن تكون دولتهم بتلك المكانة العظيمة، ويكون ذلك على أيديهم، كل ذلك قد يكون، وقد يكون غيره، ولكن لا بد لكل عمل ـ لاسيما الأعمال العظيمة ـ من هدف وإخلاص لتحقيقه، ولو كان هدفهم الحصول على المال وحده دون أهداف أخرى لربما قصروا، ولم يبلغوا ذلك الهدف الكبير، إذا حصلوا عليه بالتسويف والمماطلة لحكوماتهم أو وجوه أخرى كثيرة، كانت تجري في قلب تلك الدولة وأشباهها، كالذي أشيع فيها عن وسائل لإنجاز محاصيل زراعية وفيرة هائلة، ثم لم يكن من ذلك شيء،
وظلت هذه الدولة العظمى عسكرياً عاجزة تستدين قوتها اليومي من القمح، ثم حصلت أمور أخرى كثيرة ـ من بينها عدم الإخلاص في دفع ألاعيب السياسة الدولية ـ أدت إلى انهيار هذه الدولة الكبرى،
ولم يبق من اسمها المدوي إلا بقايا ما أخلص فيه المخلصون من القوة العسكرية الذرية، والسفن
الفضائية، انهارت تلك الدولة العظمى، وامتدت الأيدي إلى قلبها تعبث فيه بشتى الأساليب، وإنما صارت كذلك بعد أن أصبحت دولة تحمل مؤهلات الانهيار بخلوها من أهم مؤهلات البقاء: الإخلاص في بلوغ الهدف العظيم.
وربما يكون هذا الإخلاص في حين ما وليد وقته ودواعيه المؤقتة، فيبلغ صاحبه الهدف الذي أراده كما حصل في معركة الجسر في فتوح بلاد فارس حين حُصر جيش العدو بين الغرق في النهر وبين هجوم جيش المسلمين، فدفعه ذلك إلى الاستبسال في القتال؛ لأن النجاة فيه ممكنة، بينما هي في الجانب الآخر محققة الفوات، فهزموا جيش المسلمين الذي جاز سلسلة طويلة من الانتصارات.
وقد يأبى بعض الناس أن يسمى هذا إخلاصاً، فيسميه تصميماً ونحوه، وأرى تسميته إخلاصاً؛ لأن صاحبه يخلص لهدفه، فيبذل قصارى جهده فيه دون غيره، ومتى عرف المقصود فلا مشاحة في التعبير.
وإذا فقدت أمة من الأمم الإخلاص في أهداف دينها أو أهداف دنياها، فقد أعدت نفسها إعداداً تاماً
للانهيار، وانهيار أحد الجناحين مؤذن بانهيار الآخر، وتبقى المسألة متوقفة على وجود العدو المؤهل لضربها الضربة القاضية، وقد كان الفيلسوف الإسلامي الراحل مالك بن نبي رحمه الله تعالى يكرر أن مقاومة الاستعمار لا تجدي دون معالجة تنهي الأهلية للاستعمار في الأمم المغلوبة.
وكثير من أقطار أمتنا الإسلامية اليوم ـ وبعد خلاصها من الاستعمار السابق ـ يحمل مؤهلات الانهيار في جميع مجالاته، وقلما يجد المرء منهم من يحمل هموم الأمة بإخلاص لله، ويبذل طاقته لبلوغ الهدف العظيم، هدف إنقاذ الأمة من أهلية الانهيار.
وليس الطريق إلى ذلك هو المواعظ والخطب والمقالات، التي تنقصها النية المخلصة، هذا شيء يشكل جزءاً من المرض الوبيل، فحين تغلب الأنانية تصبح هذه الوسائل ـ النبيلة في أصلها ـ وسائل للأنانية والأغراض الشخصية، حتى تكون المقالة ضخمة بحسب الثمن، ووسائل للنيل من الخصوم إن عجز صاحبها عن التصريح اكتفى بأن يكون همزة لمزة، ينتقص أعمال الآخرين؛ لأنه لا يدرك قيمتها، أو لا يقدر أهدافها، فتكون في نظره فتاتاً، ويضخم الفتات من أعماله حتى تكون الحبة جبلاً، فتسهم في إنقاذ الأمة، وترفع بناء مجدها، وما ذاك إلا لأنه يطوي قلبه على العجب والغرور والكبر وعشق المال والشهرة، وهو مع ذلك يلبس مسوح الرهبان، ويذرف دموع الإشفاق الأبوي على أمته.
وقل مثل ذلك في التاجر وغير التاجر، الذي يأكل أموال الناس بالباطل، أو يستدينها ليروي طموحه، ويوفي الناس وعوداً ماطلة، وأحلاماً خادعة، وحلفاً بالله وبالأمانة التي جعلها شعاراً واتخذها مغنماً.
وقل مثل ذلك في طالب الوظائف الذي لا يقدم من الصدق إلا مقدار ما يبلغ به غايته العاجلة، ولا يكون عنده إلا التجسس على خصومه، وخداع رؤسائه بأعمال تنفشها التقارير المنمقة، وهو صادق النية مخلص، ولكن في مآربه، لا في مصلحة عمله ولا مصلحة أمته، وإذا خير بين عملين اختار أكثرهما مطاوعة لأهوائه وأكثرهما قابلية أن يسخر لأغراضه الخاصة وشهرته الشخصية، وتكون غاياته هذه أهم من غاية أمته، رغم التظاهر بالنبل والإخلاص.
وقل مثل ما تقدم في كل ذي عمل مسخت أنانيته إخلاصه، وحولته إلى إخلاص للأغراض الشخصية {وما يشعرون} أنهم ـ لا سيما إذا كثروا ـ يسيرون بأمتهم إلى الانهيار، ويؤهلونها أن تخضع للاستعمار، وتقف بين يديه في طريق الانتظار، إن الأمة لا تحتاج إلى هؤلاء، فهؤلاء هم مرضها، الذي ترجو البرء منه ”أتطلب البرء ممن ينشر السقما؟“.
ولو عقل هؤلاء لأدركوا أن إضاعة غاية الأمة إضاعة لأنفسهم عاجلاً أو آجلاً، وأن حفاظهم على الغايات العظيمة لأمتهم بإخلاص يحقق لهم من الآمال ما هو أعظم وأكثر من تلك الأغراض، ويحقق لهم من الشهرة بالحق أضعاف ما يريدون من الشهرة بالباطل.
أين الأغراض النفسية الأنانية الضيقة التي كان مشركو قريش يسعون إليها في عدائهم لرسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من الغايات العظيمة التي ساقها إلى الذين آمنوا به وأطاعوه بإخلاص.
وقد أكرم الله تعالى هذه الأمة بأن لا يزال فيها إلى يوم القيامة رجال جديرون بالاقتداء، يعيشون
لمبادئهم، وتعيش مبادئهم بهم، يراها الناس في صورتهم وأعمالهم قبل أن يروها في أقوالهم، يجددون أمر الدين لا بالصور الفارغة، وتغيير الأشكال الخلابة، بل ببعث الروح فيه، وإعادة الحق إلى نصابه، ،
وحياطته بالتأييد ودفع الشبهات المضللة عنه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله
يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها)، والمجدد إذا كان واحداً كان لابد له من رجال، هؤلاء الحاملون لواء التجديد لا يبالون بذوي القلوب المريضة والأغراض الأنانية، الرافضين لكل من ليس على شاكلتهم، كمثل الذين قالوا من قبل: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون}.
أولئك الهداة هم أمل الأمة في الحفاظ على بقائها وقوتها، حين تكون قوية، وهم أملها بعد ضعفها،
أملها الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كائن، دون نهاية ولا انقطاع، مهما قل
المقتفون آثارهم، (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله)، فإذا ثابت أكثرية الأمة إلى رشدها عرفت قدرهم، وسلكت دربهم بالإخلاص، واقتفت ما جددوا من مبادئ الدين، فساروا بها لتأخذ مكانتها المرموقة بين الأمم، مكانة الهدى والعدل والخلق والمثل العليا
{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
وقد كان بناء هذه الأمة والحفاظ عليها أول أمرها بمن رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من
هؤلاء الهداة، الذي رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأثنى عليهم في كتابه الخاتم، كما أثنى عليهم في كتبه السابقة: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً}، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها،
فأسباب البناء هي هي أسباب البقاء
ساره غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-14-2008
  #2
الـــــفراتي
عضو شرف
 الصورة الرمزية الـــــفراتي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,649
معدل تقييم المستوى: 18
الـــــفراتي is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيكي ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .



[imgr]http://saa2d.jeeran.com/aslam.gif[/imgr]
الـــــفراتي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-15-2008
  #3
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي الرجاء الاشارة الى المصدر

يرج الاشارة الى المصدر في نهاية البحث ياسارة وذلك للامانة وحتى لا يحصل لدينا عجب بأننا أصحاب تلك البحوث
وشكرا لك يابنت أخي على اختياراتك الموفقة والمشاركات الطيبة
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-16-2008
  #4
أبوانس
مشرف القسم الادبي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 549
معدل تقييم المستوى: 16
أبوانس is on a distinguished road
افتراضي

جزاكي الله خيراً وفقكي لما يحب ويرضى
أبوانس غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-23-2008
  #5
ساره
محب نشيط
 الصورة الرمزية ساره
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 404
معدل تقييم المستوى: 16
ساره is on a distinguished road
افتراضي

يعطيكم العافيه وجزاكم الله الف خير وشكرا على مروركم العطر
__________________
اللهم صلى على خير خلقك سيدنا محمد عدد خلقك ورضاء نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك وعلى اله وصحبه وسلم

ساره غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-23-2008
  #6
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله في عمرك ياساره
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-14-2009
  #7
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 19
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: الأخلاص

احد الاخوة يبحث عن هذا الموضوع من خلا ل صندوق المحدثات
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:13 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir