كتبت تعليقاً على كلام نقلته أختنا الفاضلة ـ هبة الله ـ وفقها الله تعالى ـ وكان التعليق في ذيل المشاركات بعد أن مر كثير من الأحبة فأردت أن أعيده هنا استقلالاً لكي تعم الفائدة . ولعل هناك ما غاب عني فأنبه عليه من الأحبة رعاهم الله.
قال الكاتب :
1- رزق الهبل على المجانين!! : فالرزق هو لله وحدة وليس أحد يملك لنفسه ولا لغيره رزقاً ولا نفعاً وموتاً ولا نشوراً، قال الله في كتابه العزيز:{ إنَّ اْللهَ هُوَ الرَّزَّاقٌ ذُو القُوَّةِ المَتيِنُ } (الذاريات:5) ، فالرزق بيد الله سبحانه وتعالى يقسمه لحكمة لا يعلمها إلا هو.
الجواب:هذا المثل يضرب لمن يسند الأمر إلى غير أهله ،ولا وجه لاعتراض الكاتب فمعلوم أن الرزق من الله وحده وإنما المقصود هو من جهة السببية ولذا قال الله تعالى { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا } فنسب الرزق إلى ولي اليتيم .

ولابد أن نعلم أن أهل السنة يفرقون بين أمرين :
الأمر الأول :الإسناد إلى الفاعل حقيقة فهذا لا يكون إلا إلى لله تعالى .
الأمر الثاني:الإسناد إلى الفاعل مجازاً :فهذا يجوز إلى غير الله تعالى من باب الكسب لا التأثير والإيجاد.
وكلاهما سائغان في اللغة .

3- ثور الله فى برسيمه!! :
هذا المثل كناية عن الغفلة وعدم الاهتمام فهو مخلوق الله يرتع في رزق الله .ولا شك أن الإسناد يجوز إلى غير الله تعالى مجازاً .
فتقول أرض شمر وأرض العراقيين وأرض الشاميين ، وأرض الله تعالى .
فالإضافة إلى المخلوق مجازية وإلى الخالق حقيقية .
فإذا قال القائل :هذا ثور الله في برسيم الله .
أو قال:هذا ثور فلان في برسيم آل فلان .كلها جائزة لأن الاعتبارات مختلفة .

4- انا عبد المأمور !! : هذه كلمة خاطئة لأننا كلنا عبيد لله الواحد الأحد القهار.....
المثل هو ا (أنا عبد مأمور ) وليس كما أورده الكاتب .
فإذا قاله الإنسان فهو يقصد أن الأمر بالفعل لم يكن منه وإنما من غيره ،وأنه لا يستطيع أن يخالفه كما لا يستطيع العبد الرقيق أن يخالف سيده .
ثم ينظر في الأمر فإن كان معصية فلا يجوز له طاعته فيها .
وإن كان غير معصية فيجوز له أن يطيعه فيها بل يجب عليه ذلك إن كان الأمر واجباً شرعاً .
وأغلب الناس يستعمل هذه الكلمة إذا طلب منه أن يسهل أمراً لا يرضاه المسؤول .
والخلاصة :أن هذا المثال لا يسوغ الحكم عليه بالتحريم جملة بل فيه تفصيل فإن كانت طاعة في الباطل فهي الممنوعة .واما لفظ العبد وغيره فهو مجرد مثل ،كما تقول إنك لا تجني من الشوك العنب وأنت لا تقصد أن فلاناً عنب حقيقة ولا شوك حقيقة.

5- يا مستعجل عطلك الله !! : وطبعا الغلط واضحا فالله جل شأنه لا يعطل أحدا.
وهذا كلام باطل وهو من جنس عقيدة المعتزلة والوهابية .
واما عقيدة أهل السنة والجماعة فهو أن الأمور كلها من الله تعالى فهو المانع والمعطي وهو النافع الضار .قال الله تعالى {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله } (النساء:78)
6- البقيه فى حيــــــــــــا تك : ما هذه البقية ؟ لا حول ولا قوه إلا بالله هل يموت إنسان قبل انقضاااااء عمره بحيث تكون البقية يرثها أحد أوليائه

وهذا من سوء فهم الوهابية السلفية هداهم الله تعالى فهذا المثل يقال في التعزية والغرض هو استحثاث همم المعزى وتنبيهه إلى أن العلاقة بالميت لا تنتهي بل حياتهم امتداد لأفعاله ولذا فيهدون له الثواب بصدقات وحج ودعاء وعمرة وقراءة وأذكار وغيرها من الأعمال الصالحة .
فهذا هو الغرض من هذا اللفظ في التعزية .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الولد كسب أبيه )) كما قال الله تعالى ((لها ما كسبت ))
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا مات ابن آدام انقطع عمله إلا من ثلاث ...وذكر منها ((أو ولد صالح يدعو له )) فتلك هي البقية التي تكون في أهل الميت وولده .

والخلاصة :أن أهل السنة يفرقون بين الإسناد السببي المجازي والإسناد الحقيقي.
وهذا هو سر الخلاف بين أهل السنة والوهابية في مسألة التوسل والاستغاثة وغيرها .والله أعلم
http://www.albwhsn.net/vb/showthread...0952#post10952