أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت           
العودة   منتديات البوحسن > الصوتيات والكتب > المكتبة الاسلامية

المكتبة الاسلامية كل ما يختص بكتب التراث الإسلامي الصوفي أو روابط لمواقع المكتبات ذات العلاقة على الشبكة العالمية...

إضافة رد
قديم 12-02-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي




الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:
________________________________________________



كتاب (إحياء علوم الدين) لحجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي وقدّس سرّه ورفع درجاته في جناته ونفعنا وإيّاكم وجميع من ندعوا لهم به وبعلومه وأنواره وبركاته وأسراره وإمداده في الدارين... اللهم آمين


كتاب أسرار الحج





بسم الله الرحمنِ الرَّحيم


"الحمد لله الذي جعل كلمة التوحيد لعباده حرزاً وحصناً. وجعل البـيت العتيق مثابة للناس وأمناً، وأكرمه بالنسبة إلى نفسه تشريفاً وتحصيناً ومناً، وجعل زيارته والطواف به حجاباً بـين العبد وبـين العذاب ومجنّاً، والصلاة على محمد نبـي الرحمة وسيد الأمة وعلى آله وصحبه قادة الحق وسادة الخلق وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

فإن الحج من بـين أركان الإسلام ومبانيه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين. فيه أنزل الله عز وجل: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ ديناً} وفيه قال : «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيّاً وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيّاً» فأعظم بعبادة يعدم الدين بفقدها الكمال ويساوي تاركها اليهود والنصارى في الضلال، وأجدر بها أن تصرف العناية إلى شرحها وتفصيل أركانها وسننها وآدابها وفضائلها وأسرارها. وجملة ذلك ينكشف بتوفيق الله عز وجل في ثلاثة أبواب:

الباب الأول: في فضائلهاوفضائل مكة والبـيت العتيق وجمل أركانها وشرائط وجوبها.
الباب الثاني: في أعمالها الظاهرة على الترتيب من مبدإ السفر إلى الرجوع.
الباب الثالث: في آدابها الدقيقة وأسرارها الخفية وأعمالها الباطنة. فلنبدأ بالباب الأوّل وفيه فصلان: " اهـ

الفصل الأول في فضائل الحج وفضيلة البـيت ومكة والمدينة حرسهما الله تعالى وشد الرحال إلى المساجد




فضيلة الحج:

"قال الله عز وجل: {وَأَذِّنْ في النَّاسِ بالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجَ عَميقٍ} وقال قتادة: لما أمر الله عز وجل إبراهيم وعلى نبـينا وعلى كل عبد مصطفى أن يؤذن في الناس بالحج نادى: يا أيها الناس إن الله عز وجل بنى بـيتاً فحجوه، وقال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} قيل التجارة في الموسم والأجر في الآخرة. ولما سمع بعض السلف هذا قال: غفر لهم ورب الكعبة.

وقيل في تفسير قوله عز وجل: {لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ} أي طريق مكة يقعد الشيطان عليها ليمنع الناس منها، وقال : «مَنْ حَجَّ البَـيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» وقال أيضاً : «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ فِي يَوْمٍ أَصْغَرَ وَلا أَدْحَرَ وَلا أَحْقَرَ وَلا أَغْيَظَ مِنْهُ يَوْمَ عَرَفَةَ» وما ذلك إلا لما يرى من نزول الرحمة وتجاوز الله سبحانه عن الذنوب العظام إذ يقال: «إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذُنُوباً لا يُكَفِّرُها إِلاَّ الوُقُوفُ بِعَرَفَةَ» وقد أسنده جعفر بن محمد إلى رسول الله .

وذكر بعض المكاشفين من المقرّبـين أن إبليس لعنة الله عليه ظهر له في صورة شخص بعرفة فإذا هو ناحل الجسم مصفرّ اللون باكي العين مقصوف الظهر فقال له: ما الذي أبكى عينك؟ قال خروج الحاج إليه بلا تجارة، أقول قد قصدوه أخاف أن لا يخيبهم فيحزنني ذلك قال: فما الذي أنحل جسمك؛ قال: صهيل الخيل في سبـيل الله عز وجل ولو كانت في سبـيلي كان أحب إليَّ، قال: فما لذي غير لونك؟ قال: تعاون الجماعة على الطاعة ولو تعاونوا على المعصية كان أحب إليَّ قال: فما الذي قصف ظهرك؟ قال: قول العبد أسألك حسن الخاتمة، أقول: يا ويلتي متى يعجب هذا بعمله أخاف أن يكون قد فطن؟ " اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

"وقال : «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَـيْتِهِ حَاجّاً أَوْ مُعْتَمِراً فَمَاتَ أُجْرِيَ لَهُ أَجْرُ الحَاجِّ المُعْتَمِرِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ فِي أَحَدِ الحَرَمَيْنِ لَمْ يُعْرَضْ وَلَمْ يُحَاسَبْ وَقِيلَ لَهُ ادْخُلْ الجَنَّةَ» وقال : «حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيها، وَحَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ لَيْسَ لَهَا جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ» وقال : «الحُجَّاجُ وَالعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَزُوَّارُهُ إِنْ سَأَلُوهُ أَعْطَاهُمْ، وَإِنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ، وَإِنْ دَعَوْا اسْتُجِيبَ لَهُمْ، وَإِنْ شَفَعُوا شُفِّعُوا»

وفي حديث مسند من طريق أهل البـيت عليهم السلام: «أَعْظَمُ النَّاسِ ذَنْباً مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَظَنَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَغْفِرْ لَهُ» وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبـي أنه قال: «يَنْزِلُ عَلَى هذَا البَـيْتِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ» وفي الخبر: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ الطَّوَافِ بِالبَـيْتِ فَإِنَّهُ مِنْ أَجَلِّ شَيْءٍ تَجِدُونَهُ فِي صُحُفِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَأَغْبَطِ عَمَلٍ تَجِدُونَهُ» ولهذا يستحب الطواف ابتداء من غير حج ولا عمرة

وفي الخبر: «من طاف أسبوعاً حافياً حاسراً كان له كعتق رقبة، ومن طاف أسبوعاً في المطر غفر له ما سلف من ذنبه» ويقال: «إن الله عز وجل إذا غفر لعبد ذنباً في الموقف غفره لكل من أصابه في ذلك الموقف». وقال بعض السلف: «إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل عرفة وهو أفضل يوم في الدنيا»، وفيه حج رسول الله حجة الوداع وكان واقفاً إذ نزل قوله عز وجل: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعمتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإسْلام ديناً} " اهـ.



"قال أهل الكتاب: لو أنزلت هذه الآية علينا لجعلناها يوم عيد، فقال عمر رضي الله عنه: أشهد لقد أنزلت هذه الآية في يوم عيدين اثنين؛ يوم عرفة ويوم جمعة على رسول الله وهو واقف بعرفة. وقال : «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحَاجُّ» ويروى أن علي بن موفق حج عن رسول الله حججاً قال: فرأيت رسول الله في المنام فقال لي: يا ابن موفق حججت عني؟ قلت: نعم، قال: ولبـيت عني؟ قلت: نعم. قال: أكافئك بها يوم القيامة آخذ بـيدك في الموقف فأدخلك الجنة والخلائق في كرب الحساب..

وقال مجاهد وغيره من العلماء: إن الحجاج إذا قدموا مكة تلقتهم الملائكة فسلموا على ركبان الإبل وصافحوا ركبان الحمر واعتنقوا المشاة اعتناقاً. وقال الحسن: من مات عقيب رمضان، أو عقيب غزو، أو عقيب حج مات شهيداً. وقال عمر رضي الله عنه: الحاج مغفور له ولمن يستغفر له في شهر ذي الحجة والمحرّم وصفر وعشرين من ربـيع الأوّل. وقد كان من سنَّة السلف رضي الله عنهم أن يشيعوا الغزاة، وأن يستقبلوا الحاج ويقبلوا بـين أعينهم ويسألوهم الدعاء ويبادرون ذلك قبل أن يتدنسوا بالآثام. " اهـ.



"ويروى عن علي بن موفق قال: حججت سنة فلما كان ليلة عرفة نمت بمنى في مسجد الخيف، فرأيت في المنام كأن ملكين قد نزلا من السماء عليهما ثياب خضر فنادى أحدهما صاحبه: يا عبد الله فقال الآخر: لبـيك يا عبد الله. قال: تدري كم حج بـيت ربنا عز وجل في هذه السنة؟ قال: لا أدري قال: حج بـيت ربنا ستمائة ألف. أفتدري كم قبل منهم؟ قال: لا، قال: ستة أنفس، قال: ثم ارتفعا في الهواء فغابا عني فانتبهت فزعاً واغتممت غماً شديداً وأهمني أمري فقلت: إذا قبل حج ستة أنفس فأين أكون أنا في ستة أنفس؟ فلما أفضت من عرفة قمت عند المشعر الحرام فجعلت أفكر في كثرة الخلق وفي قلة من قبل منهم؛ فحملني النوم فإذا الشخصان قد نزلا على هيئتهما؛ فنادى أحدهما صاحبه وأعاد الكلام بعينه ثم قال: أتدري ماذا حكم ربنا عز وجل في هذه الليلة؟ قال: لا، قال: فإنه وهب لكل واحد من الستة مائة ألف، قال: فانتبهت وبـي من السرور ما يجل عن الوصف.

وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: حججت سنة فلما قضيت مناسكي تفكرت فيمن لا يقبل حجه فقلت: اللهم إني قد وهبت حجتي وجعلت ثوابها لمن لم تقبل حجته قال: فرأيت رب العزة في النوم جل جلاله فقال لي: يا عليّ تتسخى عليَّ وأنا خلقت السخاء والأسخياء وأنا أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وأحق بالجود والكرم من العالمين قد وهبت كل من لم أقبل حجه لمن قبلته." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

فضيلة البـيت ومكة المشرفة:


"قال : «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَعَدَ هٰذَا البَـيْتَ أَنْ يَحُجَّهُ كُلَّ سَنَةٍ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ فَإِنْ نَقَصُوا أَكْمَلَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ المَلائِكَةِ، وَإِنَّ الكَعْبَةَ تُحْشَرُ كَالعَرُوسِ المَزْفُوفَةِ، وَكُلُّ مَنْ حَجَّهَا يَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِهَا يَسْعَوْنَ حَوْلَها حَتَّىٰ تَدْخُلَ الجَنَّةَ فَيَدْخُلُونَ مَعَهَا»

وفي الخبر: إنَّ الحَجَرَ الأَسْوَدَ يَاقُوتَهُ مِنْ يَوَاقِيتِ الجَنَّةِ، وإنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ يَشْهَدُ لِكُلِّ مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقَ وَصِدْقٍ» وكان يقبله كثيراً وروي أنه سجد عليه وكان يطوف على الراحلة فيضع المحجن عليه ثم يقبل طرف المحجن ، وقبله عمر رضي الله عنه ثم قال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك، ثم بكى حتى علا نشيجه فالتفت إلى ورائه فرأى علياً كرّم الله وجهه ورضي الله عنه فقال: يا أبا الحسن ههنا تسكب العبرات وتستجاب الدعوات،

فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين بل هو يضر وينفع، قال: وكيف؟ قال: إن إنّ الله تعالى لما أخذ الميثاق على الذرّية كتب عليهم كتاباً ثم ألقمه هذا الحجر؛ فهو يشهد للمؤمن بالوفاء ويشهد على الكافر بالجحود. قيل: فذلك هو معنى قول الناس عند الاستلام: «اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك». وروي عن الحسن البصري رضي الله عنه: أنّ صوم يوم فيها بمائة ألف يوم، وصدقة درهم بمائة ألف درهم، وكذلك كل حسنة بمائة ألف ويقال: طواف سبعة أسابـيع يعدل عمرة وثلاث عمر تعدل حجة. وفي الخبر الصحيح «عمرة في رمضان كحجة معي» وقال : «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ ثُمَّ آتِي أَهْلَ البَقِيعِ فَيُحْشَرُونَ مَعِي ثُمَّ آتِي أَهْلَ مَكَّةَ فَأُحْشَرُ بَـيْنَ الحَرَمَيْنِ» ."اهـ.



"وفي الخبر: «إنّ آدم لما قضى مناسكه لقيته الملائكة فقالوا: برَّ حجك يا آدم لقد حججنا هذا البـيت قبلك بألفي عام» وجاء في الأثر: إن الله عز وجل ينظر في كل ليلة إلى أهل الأرض فأوّل من ينظر إليه أهل الحرم، وأولّ من ينظر إليه من أهل الحرم أهل المسجد الحرام، فمن رآه طائفاً غفر له، ومن رآه مصلياً غفر له، ومن رآه قائماً مستقبل الكعبة غفر له،

وكوشف بعض الأولياء رضي الله عنهم قال: إني رأيت الثغور كلها تسجد لعبادان ورأيت عبادان ساجدة لجدّة. ويقال: لا تغرب الشمس من يوم إلا ويطوف بهذا البـيت رجل من الأبدال، ولا يطلع الفجر من ليلة إلا طاف به واحد من الأوتاد، وإذا انقطع ذلك كان سبب رفعه من الأرض فيصبح الناس وقد رفعت الكعبة لا يرى الناس لها أثراً، وهذا إذا أتى عليها سبع سنين لم يحجها أحد. ثم يرفع القرآن من المصاحف فيصبح الناس فإذا الورق أبـيض يلوح ليس فيه حرف، ثم ينسخ القرآن من القلوب فلا يذكر منه كلمة. ثم يرجع الناس إلى الأشعار والأغاني وأخبار الجاهلية، ثم يخرج الدجال وينزل عيسى عليه السلام فيقتله والساعة عند ذلك بمنزلة الحامل المقرب التي تتوقع ولادتها.

وفي الخبر: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ الطَوَافِ بِهَذَا الْبَـيْتِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ فَقَدْ هُدِمَ مَرَتَيْنِ وَيرْفَعُ فِي الثَّالِثَةِ» وروي عن علي رضي الله عنه، عن النبـي أنه قال: قال الله تعالى: «إِإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُخَرِّبَ الدُّنْيَا بَدَأْتُ بِبَـيْتِي فَخَرَّبْتُهُ ثُمَّ أُخَرِّبُ الدُّنْيَا عَلَى أَثَرِهِ» .."اهـ



فضيلة المقام بمكة حرسها الله تعالى وكراهيته:


كره الخائفون المحتاطون من العلماء المقام بمكة لمعان ثلاثة:

الأول: خوف التبرم والأنس بالبـيت:؛ فإنّ ذلك ربما يؤثر في تسكين حرقة القلب في الاحترام، وهكذا كان عمر رضي الله عنه يضرب الحجاج إذا حجوا ويقول: يا أهل اليمن يمنكم ويا أهل الشام شامكم ويا أهل العراق عراقكم. ولذلك همَّ عمر رضي الله عنه بمنع الناس من كثرة الطواف، وقال: خشيت أن يأنس الناس بهذا البـيت.

الثاني: تهيـيج الشوق بالمفارقة لتنبعث داعية العودة، فإنّ الله تعالى جعل البـيت مثابة للناس وأمناً. أي يثوبون ويعودون إليه مرة بعد أخرى ولا يقضون منه وطراً. وقال بعضهم: تكون في بلد وقلبك مشتاق إلى مكة متعلق بهذا البـيت خير لك من أن تكون فيه، وأنت متبرم بالمقام وقلبك في بلد آخر. وقال بعض السلف: كم من رجل بخراسان وهو أقرب إلى هذا البـيت ممن يطوف به؟ ويقال: إن لله تعالى عباداً تطوف بهم الكعبة تقرّباً إلى الله عز وجل."
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

االثالث: الخوف من ركوب الخطايا والذنوب بها، فإنّ ذلك مخطر وبالحرى أن يورث مقت الله عز وجل لشرف الموضع. وروي عن وهيب بن الورد المكي قال: كنت ذات ليلة في الحجر أصلي فسمعت كلاماً بـين الكعبة والأستار يقول: إلى الله أشكو ثم إليك يا جبرائيل ما ألقى من الطائفين حولي من تفكرهم في الحديث ولغوهم ولهوهم، لئن لم ينتهوا عن ذلك لأنتفضن انتفاضة يرجع كل حجر مني إلى الجبل الذي قطع منه. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ما من بلد يؤاخذ فيه العبد بالنية قبل العمل إلا مكة، وتلا قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فيه بإلحادٍ بظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أليمٍ} أي إنه على مجرد الإرادة. ويقال: إنّ السيئات تضاعف بها كما تضاعف الحسنات.

وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول: الاحتكار بمكة من الإلحاد في الحرم، وقيل: الكذب أيضاً وقال ابن عباس: لأن أذنب سبعين ذنباً بركية أحب إليّ من أن أذنب ذنباً واحداً بمكة. وركية منزل بـين مكة والطائف. ولخوف ذلك انتهى بعض المقيمين إلى أن لم يقض حاجته في الحرم، بل كان يخرج إلى الحل عند قضاء الحاجة. وبعضهم أقام شهراً وما وضع جنبه على الأرض.

وللمنع من الإقامة كره بعض العلماء أجور دور مكة. ولا تظنن أنّ كراهة المقام يناقض فضل البقعة لأنّ هذه كراهة علتها ضعف الخلق وقصورهم عن القيام بحق الموضع، فمعنى قولنا إنّ ترك المقام به أفضل أي بالإضافة إلى مقام مع التقصير والتبرم، إما أن يكون أفضل من المقام مع الوفاء بحقه فهيهات وكيف لا. ولما عاد رسول الله إلى مكة استقبل الكعبة وقال: «إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحَبُّ بِلادِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيَّ وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ لَمَا خَرَجْتُ» وكيف لا. والنظر إلى البـيت عبادة والحسنات فيها مضاعفة كما ذكرناه.هـ.



فضيلة المدينة الشريفة على سائر البلاد:


ما بعد مكة بقعة أفضل من مدينة رسول الله ، فالأعمال فيها أيضاً مضاعفة. قال : «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيما سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ» وكذلك كل عمل بالمدينة بألف وبعد مدينته الأرض المقدّسة، فإن الصلاة فيها بخمسمائة صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام، وكذلك سائر الأعمال. وروى ابن عباس عن النبـي أنه قال: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِ المَدِينَةِ بِعَشَرَةِ آلافِ صَلاةٍ، وَصَلاةٌ فِي المَسْجِدِ الأَقْصَى بِأَلْفِ صَلاةٍ، وَصَلاةٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ» وقال : «مَنْ صَبَرَ عَلَى شِدَّتِهَا وَلأْوَائِها كُنْتُ لَهُ شَفِيعاً يَوْمَ القِيَامَةِ» وقال : «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ فَإِنَّهُ لَنْ يَمُوتَ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعاً يَوْمَ القِيَامَةِ» وما بعد هذه البقاع الثلاث فالمواضع فيها متساوية إلا الثغور فإن المقام بها للمرابطة فيها فيه فضل عظيم.

ولذلك قال : «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَسْجِدِي هذَا وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى» وقد ذهب بعض العلماء إلى الاستدلال بهذا الحديث في المنع من الرحلة لزيارة المشاهد وقبور العلماء والصلحاء. وما تبـين لي أن الأمر ليس كذلك بل الزيارة مأمور بها. قال : «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا وَلا تَقُولُوا هُجْراً» والحديث إنما ورد في المساجد وليس في معناها المشاهد، لأن المساجد بعد المساجد الثلاثة متماثلة ولا بلد إلا وفيه مسجد فلا معنى للرحلة إلى مسجد آخر، وأما المشاهد فلا تتساوى بل بركة زيارتها على قدر درجاتهم عند الله عز وجل، نعم لو كان في موضع لا مسجد فيه فله أن يشدّ الرجال إلى موضع فيه مسجد وينتقل إليه بالكلية إن شاء ثم ليت شعري هل يمنع هذا القائل من شدّ الرحال إلى قبور الأنبـياء عليهم السلام مثل إبراهيم وموسى ويحيـى وغيرهم عليهم السلام، فالمنع من ذلك في غاية الإحالة، فإذا جوّز هذا فقبور الأولياء والعلماء والصلحاء في معناها، فلا يبعد أن يكون ذلك من أغراض الرحلة كما أن زيارة العلماء في الحياة من المقاصد؛ هذا في الرحلة." اهـ.


"أما المقام فالأولى بالمريد أن يلازم مكانه إذا لم يكن قصده من السفر استفادة العلم مهما سلم له حاله في وطنه؛ فإن لم يسلم فيطلب من المواضع ما هو أقرب إلى الخمول وأسلم للدين وأفرغ للقلب وأيسر للعبادة فهو أفضل المواضع له، قال : «البِلادُ بِلادُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالخَلْقُ عِبَادُهُ فَأَيُّ مَوْضِعٍ رَأَيْتَ فِيهِ رِفْقاً فَأَقِمْ وَاحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى» وفي الخبر: «من بورك في شيء فليلزمه ومن جعلت معيشته في شيء فلا ينتقل عنه حتى يتغير عليه» وقال أبو نعيم: رأيت سفيان الثوري وقد جعل جرابه على كتفه وأخذ نعليه بـيده فقلت: إلى أين يا أبا عبد الله؟ قال: إلى بلد أملأ فيه جرابـي بدرهم. اوفي حكاية أخرى بلغني عن قرية فيها رخص أقيم فيها، قال فقلت: وتفعل هذا يا أبا عبد الله؟ فقال: نعم إذا سمعت برخص في بلد فاقصده فإنه أسلم لدينك وأقل لهمك، وكان يقول هذا زمان سوء لا يؤمن فيه على الخاملين، فكيف بالمشهورين؟ هذا زمان تنقل ينتقل الرجل من قرية إلى قرية يفرّ بدينه من الفتن.

ويحكى عنه أنه قال: والله ما أدري أي البلاد أسكن؟ فقيل له: خراسان، فقال: مذاهب مختلفة وآراء فاسدة، قيل: فالشام، قال: يشار إليك بالأصابع ــــ أراد الشهرة ــــ قيل؟ فالعراق، قال: بلد الجبابرة، قيل: مكة، قال: مكة تذيب الكيس والبدن. وقال له رجل غريب: عزمت على المجاورة بمكة فأوصني. قال: أوصيك بثلاث: لا تصلين في الصف الأول ولا تصحبن قرشياً ولا تظهرن صدقة. وإنما كره الصف الأول لأنه يشتهر فيفتقد إذا غاب فيختلط بعمله التزين والتصنع." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

الفصل الثاني في شروط وجوب الحج وصحة أركانه وواجباته ومحظوراته



أما الشرائط فشرط صحة الحج اثنان: الوقت والإسلام. فيصح حج الصبـي ويحرم بنفسه إن كان مميزاً ويحرم عنه وليه إن كان صغيراً ويفعل به ما يفعل في الحج من الطواف والسعي وغيره. وأما الوقت، فهو شوّال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة إلى طلوع الفجر من يوم النحر، فمن أحرم بالحج في غير هذه المدّة فهي عمرة وجميع السنة وقت العمرة، ولكن من كان معكوفاً على النسك أيام منى فلا ينبغي أن يحرم بالعمرة لأنه لا يتمكن من الاشتغال عقيبه لاشتغاله بأعمال منى.

وأما شروط وقوعه عن حجة الإسلام فخمسة: الإسلام والحرّية والبلوغ والعقل والوقت، فإن أحرم الصبـي أو العبد ولكن عتق العبد وبلغ الصبـي بعرفة أو بمزدلفة وعاد إلى عرفة قبل طلوع الفجر أجزأهما عن حجة الإسلام، لأن الحج عرفة، وليس عليهما دم إلا شاة. وتشترط هذه الشرائط في وقوع العمرة عن فرض الإسلام إلا الوقت. وأما شروط وقوع الحج نفلاً عن الحر البالغ فهو بعد براءة ذمته عن حجة الإسلام فحج الإسلام متقدّم، ثم القضاء لمن أفسده في حالة الوقوف؛ ثم النذر، ثم النيابة، ثم النفل؛ وهذا الترتيب مستحق، وكذلك يقع وإن نوى خلافه. اهـ.


"وأما شروط لزوم الحج فخمسة: البلوغ والإسلام والعقل والحرّية والاستطاعة. ومن لزمه فرض الحج لزمه فرض العمرة. ومن أراد دخول مكة لزيارة أو تجارة ولم يكن حطاباً لزمه الإحرام على قول، ثم يتحلل بعمل عمرة أو حج،

وأما الاستطاعة فنوعان: أحدهما المباشرة وذلك له أسباب أما في نفسه فبالصحة، وأما في الطريق فبأن تكون خصبة آمنة بلا بحر مخطر ولا عدوّ قاهر، وأما في المال فبأن يجد نفقة ذهابه وإيابه إلى وطنه ــــ كان له أهل أو لم يكن ــــ لأن مفارقة الوطن شديدة، وأن يملك نفقة من تلزمه نفقته في هذه المدّة وأن يملك ما يقضي به ديونه وأن يقدر على راحلة أو كرائها بمحمل أو زاملة إن استمسك على الزاملة.

وأما النوع الثاني: فاستطاعة المعضوب بماله وهو أن يستأجر من يحج عنه بعد فراغ الأجير عن حجة الإسلام لنفسه. ويكفي نفقة الذهاب بزاملة في هذا النوع، والابن إذا عرض طاعته على الأب الزَّمِن صار به مستطيعاً ولو عرض ماله لم يصر به مستطيعاً؛ لأن الخدمة بالبدن فيها شرف للولد، وبذل المال فيه منة على الوالد. ومن استطاع لزمه الحج وله التأخير ولكنه فيه على خطر فإن تيسر له ولو في آخر عمره سقط عنه؟ وإن مات قبل الحج لقي الله عز وجل عاصياً بترك الحج، وكان الحج في تركته يحج عنه وإن لم يوص كسائر ديونه. وإن استطاع في سنة فلم يخرج مع الناس وهلك ماله في تلك السنة ــــ قبل حج الناس ــــ ثم مات لقي الله عز وجل عاصياً بترك الحج، وكان الحج في تركته يحج عنه وإن لم يوص كسائر ديونه. وإن استطاع في سنة فلم يخرج مع الناس وهلك ماله في تلك السنة ــــ قبل حج الناس ــــ ثم مات لقي الله عز وجل ولا حج عليه. ومن مات ولم يحج مع اليسار فأمره شديد عند الله تعالى.

قال عمر رضي الله عنه: لقد هممت أن أكتب في الأمصار بضرب الجزية على من لم يحج ممن يستطيع إليه سبـيلاً. وعن سعيد بن جبـير وإبراهيم النخعي ومجاهد وطاوس: لو علمت رجلاً غنياً وجب عليه الحج ثم مات قبل أن يحج ما صليت عليه، وبعضهم كان له جار موسر فمات ولم يحج فلم يصل عليه.

وكان ابن عباس يقول: من مات ولم يزك ولم يحج سأل الرجعة إلى الدنيا وقرأ قوله عز وجل: {رَبِّ ارجِعُونِ لعَلِّي أعْمَلُ صالحاً فيما تَرَكْتُ} قال: الحج، اهـ.





" وأما الأركان التي لا يصح الحج بدونها فخمسة: الإحرام والطواف والسعي بعده والوقوف بعرفة والحلق بعده على قول وأركان العمرة كذلك إلا الوقوف،

والواجبات المجبورة بالدم ست: الإحرام من الميقات فمن تركه وجاوز الميقات محلاً فعليه شاة والرمي فيه الدم قولاً واحداً، وأما الصبر بعرفة إلى غروب الشمس والمبـيت بمزدلفة والمبـيت بمنى وطواف الوداع، فهذه الأربعة يجبر تركها بالدم على أحد القولين، وفي القول الثاني فيها دم على وجه الاستحباب.

وأما وجوه أداء الحج والعمرة فثلاثة:

الأول: الإفراد وهو الأفضل وذلك أن يقدم الحج وحده، فإذا فرغ خرج إلى الحل فأحرم واعتمر. وأفضل الحل لإحرام العمرة الجعرّانة ثم التنعيم ثم الحديبـية. وليس المفرد دم إلا أن يتطوع.

االثاني: القرآن وهو أن يجمع فيقول: «لبـيك بحجة وعمرة معاً» فيصير محرماً بهما ويكفيه أعمال الحج وتندرج العمرة تحت الحج كما يندرج الوضوء تحت الغسل؛ إلا أنه إذا طاف وسعى قبل الوقوف بعرفة فسعيه مسحوب من النسكين وأما طوافه فغير محسوب، لأن شرط الطواف الفرض في الحج أن يقع بعد الوقوف. وعلى القارن دم شاة إلا أن يكون مكياً فلا شيء عليه لأنه لم يترك ميقاته إذ ميقاته مكة.

الثالث: التمتع وهو أن يجاوز الميقات محرماً بعمرة ويتحلل بمكة ويتمتع بالمحظورات إلى وقت الحج، ثم يحرم بالحج ." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #6
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

" ولا يكون متمتعاً إلا بخمس شرائط.

أحدها : أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام وحاضره من كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة.
الثاني: أن يقدم العمرة على الحج.
الثالث: أن تكون عمرته في أشهر الحج.
الرابع: أن لا يرجع إلى ميقات الحج ولا إلى مثل مسافته لإحرام الحج.
الخامس: أن يكون حجه وعمرته عن شخص واحد فإذا وجدت هذه الأوصاف كان متمتعاً ولزمه دم شاة؛ فإن لم يجد فصيام ثلاثة في الحج قبل يوم النحر متفرقة أو متتابعة وسبعة إذا رجع الوطن، وإن لم يصم الثلاثة حتى رجع إلى الوطن صام العشرة تتابعاً أو متفرقاً وبدل دم القران والتمتع سواء. والأفضل الإفراد ثم التمتع ثم القران.." اهـ.



"وأما محظورات الحج والعمرة فستة:

الأول: اللبس للقميص والسراويل والخف والعمامة بل ينبغي أن يلبس إزاراً ورداء ونعلين، فإن لم يجد نعلين فمكعبـين فإن لم يجد إزاراً فسراويل ولا بأس بالمنطقة والاستظلال في المحمل، ولكن لا ينبغي أن يغطي رأسه فإن إحرامه في الرأس، وللمرأة أن تلبس كل مخيط بعد أن لا تستر وجهها بما يماسه فإن إحرامها في وجهها.
الثاني: الطيب فليجتنب كل ما يعده العقلاء طيباً فإن تطيب أو لبس فعليه دم شاة.
الثالث: الحلق والقلم وفيهما الفدية أعني دم شاة، ولا بأس بالكحل ودخول الحمام والفصد والحجامة وترجيل الشعر.
الرابع: الجماع وهو مفسد قبل التحلل الأول وفيه بدنة أو بقرة أو سبع شياه وإن كان بعد التحلل الأول لزمه البدنة ولم يفسد حجه.
والخامس: مقدمات الجماع كالقبلة والملامسة التي تنقض الطهر مع النساء فهو محرم وفيه شاة وكذا في الاستمناء، ويحرم النكاح والإنكاح ولا دم فيه لأنه لا ينعقد.
السادس: قتل صيد البر أعني ما يؤكل أو هو متولد من الحلال والحرام، فإن قتل صيداً فعليه مثله من النعم يراعى فيه التقارب في الخلقة وصيد البحر حلال ولا جزاء فيه."اهـ.





الباب الثاني في ترتيب الأعمال الظاهرة من أولالسفر إلى الرجوع وهي عشر جمل


الجملة الأولى: في السير من أول الخروج إلى الإحرام وهي ثمانية:

الأولى: في المال. فينبغي أن يبدأ بالتوبة ورد المظالم وقضاء الديون وإعداد النفقة لكل من تلزمه نفقته إلى وقت الرجوع ويرد ما عنده من الودائع. ويستصحب من المال الحلال الطيب ما يكفيه لذهابه وإيابه من غير تقتير بل على وجه يمكنه معه التوسع في الزاد والرفق بالضعفاء والفقراء. ويتصدق بشيء قبل خروجه ويشتري لنفسه دابة قوية على الحمل لا تضعف أو يكتريها، فإن اكترى فليظهر للمكاري كل ما يريد أن يحمله من قليل أو كثير ويحصل رضاه فيه.

الثانية: في الرفيق. ينبغي أن يلتمس رفيقاً صالحاً محباً للخير معيناً عليه إن نسي ذكره وإن ذكره أعانه وإن جبن شجعه وإن عجز قوّاه وإن ضاق صدره صبره. ويودع رفقاءه المقيمين وإخوانه وجيرانه فيودعهم ويلتمس أدعيتهم، فإن الله تعالى جاعل في أدعيتهم خيراً والسنة في الوداع أن يقول أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ، وكان يقول لمن أراد السفر: «فِي حِفْظِ اللَّهِ وَكَنَفِهِ زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ ذَنْبَكَ وَوَجَّهَكَ لِلْخَيْرِ أَيْنَمَا كُنْتَ» ." اهـ.



"الثالثة: في الخروج من الدار. ينبغي إذا همّ بالخروج أن يصلي ركعتين أولاً يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص، فإذا فرغ رفع يديه ودعا الله سبحانه عن إخلاص صاف ونية صادقة وقال: اللهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الأهل والمال والولد والأصحاب احفظنا وإياهم من كل آفة وعاهة. اللهم إنا نسألك في مسيرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم إنا نسألك أن تطوي لنا الأرض وتهون علينا السفر، وأن ترزقنا في سفرنا سلامة البدن والدين والمال وتبلغنا حج بـيتك وزيارة قبر نبـيك محمد . اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد والأصحاب. اللهم اجعلنا وإياهم في جوارك ولا تسلبنا وإياهم نعمتك ولا تغير ما بنا وبهم من عافيتك.

الرابعة: إذا حصل على باب الدار قال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله رب أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أذل أوأذل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليَّ. اللهم إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة، بل خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك وقضاء فرضك واتباع سنة نبـيك وشوقاً إلى لقائك. فإذا مشى قال: اللهم بك انتشرت وعليك توكلت وبك اعتصمت وإليك توجهت. اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي فاكفني ما أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم به مني عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك. اللهم زوّدني التقوى واغفر لي ذنبـي ووجهني للخير أينما توجهت. ويدعو بهذا الدعاء في كل منزل يدخل عليه." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

"الخامسة: في الركوب. فإذا ركب الراحلة يقول: بسم الله وبالله والله أكبر توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إني وجهت وجهي إليك، وفوضت أمري كله إليك، وتوكلت في جميع أموري عليك أنت حسبـي ونعم الوكيل. فإذا استوى على الراحلة واستوت تحته قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ــــ سبع مرات ــــ وقال: {الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي هَدَانا لِهذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَولاَ أنْ هَدَانَا اللَّهُ} اللهم أنت الحامل على الظهر وأنت المستعان على الأمور.

السادسة: في النزول. والسنَّة أن لا ينزل حتى يحمى النهار ويكون أكثر سيره بالليل. قال : «عَلَيْكُمْ بَالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بَاللَّيْلِ مَا لا تُطْوَى بِالنَّهَارِ» وليقلل نومه بالليل حتى يكون عوناً على السير. ومهما أشرف على المنزل فليقل: اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، ورب البحار وما جرين أسألك خير هذا المنزل وخير أهله وأعوذ بك من شره وشر ما فيه اصرف عني شر شرارهم. فإذا نزل المنزل صلى ركعتين فيه ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهنّ بر ولا فاجر من شر ما خلق. فإذا جنّ عليه الليل يقول: يا أرض ربـي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما دب عليك أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب، ومن شر ساكن البلد ووالد وما ولد. {وَلَهُ مَا سَكَنَ في اللَّيْلِ والنَّهارِ وهُوَ السَّميعُ العَلِيمُ} ." اهـ.



"السابعة: في الحراسة. ينبغي أن يحتاط بالنهار فلا يمشي منفرداً خارج القافلة لأنه ربما يغتال أو ينقطع، ويكون بالليل متحفظاً عند النوم فإن نام في ابتداء الليل افترش ذراعه، وإن نام في آخر الليل نصب ذراعه نصباً وجعل رأسه في كفه، هكذا كان ينام رسول الله في سفره لأنه ربما استثقل النوم فتطلع الشمس وهو لا يدري فيكون ما يفوته من الصلاة أفضل مما يناله من الحج، والأحب في الليل أن يتناوب الرفيقان في الحراسة فإذا نام أحدهما حرس الآخر ، فهو السنة فإن قصده عدوّ أو سبع في ليل أو نهار فليقرأ آية الكرسي، وشهد الله، والإخلاص، والمعوّذتين، وليقل بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله حسبـي الله، .توكلت على الله، ما شاء الله لا يأتي بالخير إلا الله، ما شاء الله، لا يصرف السوء إلا الله حسبـي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، وليس وراء الله منتهى، ولا دون الله ملجأ {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أنا وَرُسُلي إنَّ اللَّه قويٌّ عَزيزٌ} تحصنت بالله العظيم واستعنت بالحي الذي لا يموت، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واكنفنا بركنك الذي لا يرام. اللهم ارحمنا بقدرتك علينا فلا نهلك وأنت ثقتنا ورجاؤنا. اللهم أعطف علينا قلوب عبادك وإمائك برأفة ورحمة إنك أنت أرحم الراحمين.

الثامنة: مهما علا نشزاً من الأرض في الطريق فيستحب أن يكبر ثلاثاً ثم يقول: اللهم لك الشرف على كل شرف ولك الحمد على كل حال. ومهما هبط سبح ومهما خاف الوحشة في سفره قال: سبحان الله الملك القدوس رب الملائكة والروح جللت السماوات بالعزة والجبروت." اهـ.




الجملة الثانية: في آداب الإحرام من الميقات إلى دخول مكة وهي خمسة:

الأول: أن يغتسل وينوي به غسل الإحرام أعني إذا انتهى إلى الميقات المشهور الذي يحرم الناس منه. ويتمم غسله بالتنظيف ويسرح لحيته ورأسه ويقلم أظفاره ويقص شاربه ويستكمل النظافة التي ذكرناها في الطهارة.

الثاني: أن يفارق الثياب المخيطة ويلبس ثوبـي الإحرام فيرتدي ويتزر بثوبـين أبـيضين، فالأبـيض هو أحب الثياب إلى الله عز وجل، ويتطيب في ثيابه وبدنه ولا بأس بطيب يبقى جرمه بعد الإحرام؛ فقد رئي بعض المسك على مفرق رسول الله بعد الإحرام مما كان استعمله قبل الإحرام .

الثالث: أن يصبر بعد لبس الثياب حتى تنبعث به راحلته إن كان راكباً أو يبدأ بالسير إن كان راجلاً، فعند ذلك ينوي الإحرام بالحج أو بالعمرة قراناً أو إفراداً كما أراد. ويكفي مجرد النية لانعقاد الإحرام، ولكن السنّة أن يقرن بالنية لفظ التلبـية فيقول: «لبـيك اللهم لبـيك لبـيك لا شريك لك لبـيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» وإن زاد قال: «لبـيك وسعديك والخير كان بـيديك والرغباء إليك لبـيك بحجة حقاً تعبداً ورقاً اللهم صل على محمد وآل محمد».

الرابع: إذا انعقد إحرامه بالتلبـية المذكورة فيستحب أن يقول: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وأعني على أداء فرضه وتقبله مني. اللهم إني نويت أداء فريضتك في الحج فاجعلني من الذين استجابوا لك وآمنوا بوعدك واتبعوا أمرك واجعلني من وفدك الذين رضيت عنهم وارتضيت وقبلت منهم. اللهم فيسِّر لي أداء ما نويت من الحج، اللهم قد أحرم لك لحمي وشعري ودمي وعصبـي ومخي وعظامي، وحرّمت على نفسي النساء والطيب ولبس المخيط ابتغاء وجهك والدار الآخرة. ومن وقت الإحرام حرم عليه المحظورات الستة التي ذكرناها من قبل فليجتنبها.

الخامس: يستحب تجديد التلبـية في دوام الإحرام خصوصاً عند اصطدام الرفاق وعند اجتماع الناس وعند كل صعود وهبوط وعند كل ركوب ونزول رافعاً بها صوته بحيث لا يبح حلقه ولا ينبهر، فإنه لا ينادي أصم ولا غائباً ، كما ورد في الخبر. ولا بأس برفع الصوت بالتلبـية في المساجد الثلاثة فإنها مظنة المناسك ــــ أعني المسجد الحرام ومسجد الخيف ومسجد الميقات ــــ وأما سائر المساجد فلا بأس فيها بالتلبـية من غير رفع صوت. وكان النبـي إذا أعجبه شيء قال: «لَبَـيْكَ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَة» ." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

الجملة الثالثة: في آداب دخول مكة إلى الطواف وهي ستة:

الأول: أن يغتسل بذي طوى لدخول مكة والاغتسالات المستحبة المسنونة في الحج تسعة: الأول للإحرام من الميقات، ثم لدخول مكة ثم لطواف القدوم، ثم للوقوف بعرفة، ثم للوقوف بمزدلفة، ثم ثلاثة أغسال لرمي الجمار الثلاث؛ ولا غسل لرمي جمرة العقبة، ثم لطواف الوداع. ولم ير الشافعي رضي الله عنه في الجديد: الغسل لطواف الزيارة ولطواف الوداع فتعود إلى سبعة.

الثاني: أن يقول عند الدخول في أوّل الحرم وهو خارج مكة: اللهم هذا حرمك وأمنك فحرّم لحمي ودمي وشعري وبشري على النار وآمني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك.

الثالث: أن يدخل مكة من جانب الأبطح وهو ثنية كداء ــــ بفتح الكاف ــــ عدل رسول الله من جادة الطريق إليها ، فالتأسي به أولى، وإذا خرج خرج من ثنية كُدى ـ بضم الكاف ـ وهي الثنية السفلى والأولى هي العليا.

الرابع: إذا دخل مكة وانتهى إلى رأس الردم فعنده يقع بصره على البـيت فليقل: «لا إله إلا الله والله أكبر اللهم أنت السلام ومنك السلام ودارك دار السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إن هذا بـيتك عظمته وكرمته وشرفته اللهم فزده تعظيماً وزده تشريفاً وتكريماً وزده مهابة وزد من حجه براً وكرامة، اللهم افتح لي أبواب رحمتك وادخلني جنتك وأعذني من الشيطان الرجيم».

الخامس: إذا دخل المسجد الحرام فليدخل من باب بني شيبة وليقل: «بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وفي سبـيل الله وعلى ملة رسول الله ، فإذا قرب من البـيت قال: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى إبراهيم خليلك وعلى جميع أنبـيائك ورسلك» وليرفع يديه وليقل: اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تتقبل توبتي وأن تتجاوز عن خطيئتي وتضع عني وزري الحمد لله الذي بلغني بـيته الحرام الذي جعله مثابة للناس وأمناً وجعله مباركاً وهدى للعالمين. اللهم إني عبدك والبلد بلدك والحرم حرمك والبـيت بـيتك جئتك أطلب رحمتك وأسألك مسألة المضطر الخائف من عقوبتك الراجي لرحمتك الطالب مرضاتك.

السادس: أن تقصد الحجر الأسود بعد ذلك وتمسه بـيدك اليمنى وتقبله وتقول: اللهم أمانتي أديتها وميثاقي وفيته أشهد لي بالموافاة فإن لم يستطع التقبـيل وقف في مقابلته ويقول ذلك. ثم لا يعرّج على شيء دون الطواف وهو طواف القدوم إلا أن يجد الناس في المكتوبة فيصلي معهم ثم يطوف." اهـ.



.الجملة الرابعة: في الطواف:

فإذا أراد افتتاح الطواف إما للقدوم وإما لغيره فينبغي أن يراعي أموراً ستة:

الأوّل: أن يراعي شروط الصلاة من طهارة الحدث والخبث في الثوب والبدن والمكان وستر العورة. فالطواف بالبـيت صلاة ولكن الله سبحانه أباح فيه الكلام. وليضطبع قبل ابتداء الطواف وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه اليمنى ويجمع طرفيه على منكبه الأيسر فيرخي طرفاً وراء ظهره وطرفاً على صدره، ويقطع التلبـية عند ابتداء الطواف ويشتغل بالأدعية التي سنذكرها.

الثاني: إذا فرغ من الاضطباع فليجعل البـيت على يساره وليقف عند الحجر الأسود وليتنح عنه قليلاً ليكون الحجر قدامه فيمر بجميع الحجر بجميع بدنه في ابتداء طوافه. وليجعل بـينه وبـين البـيت قدر ثلاث خطوات ليكون قريباً من البـيت فإنه أفضل ولكيلا يكون طائفاً على الشاذروان فإنه من البـيت، وعند الحجر الأسود قد يتصل الشاذروان بالأرض ويلتبس به، والطائف عليه لا يصح طوافه؛ لأنه طائف في البـيت، والشاذروان هو الذي فضل عن عرض جدار البـيت بعد أن ضيق أعلى الجدار ثم من هذا الموقف يبتدىء الطواف." اهـ.




.الثالث: أن يقول قبل مجاوزة الحجر بل في ابتداء الطواف: «بسم الله والله أكبر اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعهدك واتباعاً لسنة نبـيك محمد » ويطوف. فأوّل ما يجاوز الحجر ينتهي إلى باب البـيت فيقول: «اللهم هذا البـيت بـيتك وهذا الحرم حرمك وهذا الأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار» وعند ذكر المقام يشير بعينه إلى مقام إبراهيم عليه السلام: «اللهم إن بـيتك عظيم ووجهك كريم وأنت أرحم الراحمين فأعذني من النار ومن الشيطان الرجيم وحرّم لحمي ودمي على النار وآمني من أهوال يوم القيامة واكفني مؤونة الدنيا والآخرة»، ثم يسبح الله تعالى ويحمده حتى يبلغ الركن العراقي فعنده يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشرك والشك والكفر والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنظر في الأهل والمال والولد» فإذا بلغ الميزاب قال: «اللهم أظلنا تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك اللهم اسقني بكأس محمد شربة لا أظمأ بعدها أبداً» فإذا بلغ الركن الشامي قال: «اللهم اجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم» فإذا بلغ الركن اليماني قال: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر وأعوذ بك من الفقر ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وأعوذ بك من الخزي في الدنيا والآخرة» ويقول بـين الركن اليماني والحجر الأسود: «اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك فتنة القبر وعذاب النار» فإذا بلغ الحجر الأسود قال: اللهم اغفر لي برحمتك أعوذ برب هذا الحجر من الدين والفقر وضيق الصدر وعذاب القبر»، وعند ذلك قد تم شوط واحد فيطوف كذلك سبعة أشواط فيدعو بهذه الأدعية في كل شوط.

الرابع: أن يرمل في ثلاثة أشواط ويمشي في الأربعة الأخر على الهيئة المعتادة. ومعنى الرمل الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وهو دون العدو وفوق المشي المعتاد. والمقصود منه ومن الاضطباع إظهار الشطارة والجلادة والقوّة، هكذا كان القصد أولاً قطعاً لطمع الكفار وبقيت تلك السنة والأفضل الرمل مع الدنوّ من البـيت فإن لم يمكنه للزحمة فالرمل مع البعد أفضل فليخرج إلى حاشية المطاف وليرمل ثلاثاً ثم ليقرب إلى البـيت في المزدحم وليمش أربعاً. وإن أمكنه استلام الحجر في كل شوط فهو الأحب، وإن منعه الزحمة أشار باليد وقبل يده، وكذلك استلام الركن اليماني يستحب من سائر الأركان. وروي «أنه كان يستلم الركن اليماني ، ويقبله ، ويضع خدّه عليه» ، ومن أراد تخصيص الحجر بالتقبـيل واقتصر في الركن اليماني على الاستلام أغنى عن اللمس باليد فهو أولى." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

"الخامس: إذا تم الطواف سبعاً فليأت الملتزم وهو بـين الحجر والباب هو موضع استجابة الدعوة، وليلتزق بالبـيت وليتعلق بالأستار وليلصق بطنه بالبـيت وليضع عليه خدّه الأيمن وليبسط عليه ذراعيه وكفيه، وليقل: «اللهم يا رب البـيت العتيق أعتق رقبتي من النار وأعذني من الشيطان الرجيم وأعذني من كل سوء وقنعني بما رزقتني وبارك لي فيما آتيتني. اللهم إنّ هذا البـيت بـيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النار. اللهم اجعلني من أكرم وفدك عليك»، ثم ليحمد الله كثيراً في هذا الموضع وليصل على رسوله وعلى جميع الرسل كثيراً وليدع بحوائجه الخاصة وليستغفر من ذنوبه. كان بعض السلف في هذا الموضع يقول لمواليه: تنحوا عني حتى أقرّ لربـي بذنوبـي.

السادس: إذا فرغ من ذلك ينبغي أن يصلي خلف المقام ركعتين يقرأ في الأولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص وهما ركعتا الطواف. قال الزهري: مضت السنة أن يصلي لكل سبع ركعتين ، وإن قرن بـين أسابـيع وصلى ركعتين جاز . فعل ذلك رسول الله وكل أسبوع طواف. وليدع بعد ركعتي الطواف وليقل: اللهم يسر لي اليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى واعصمني بألطافك حتى لا أعصيك وأعني على طاعتك بتوفيقك وجنبني معاصيك واجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ورسلك ويحب عبادك الصالحين. اللهم حببني إلى ملائكتك ورسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم فكما هديتني إلى الإسلام فثبتني عليه بألطافك وولايتك واستعملني لطاعتك وطاعة رسولك وأجرني من مضلات الفتن. ثم ليعد إلى الحجر وليستلمه وليختم به الطواف، قال : «مَنْ طَافَ بِالبَـيْتِ أُسْبُوعاً وَصَلَّى رَكَعَتَيْنِ فَلَهُ مِنَ الأَجْرِ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ» وهذه كيفية الطواف. والواجب من جملته بعد شروط الصلاة أن يستكمل عدد الطواف سبعاً بجميع البـيت، وأن يبتدىء بالحجر الأسود ويجعل البـيت على يساره وأن يطوف داخل المسجد وخارج البـيت لا على الشاذروان ولا في الحجر، وأن يوالي بـين الأشواط ولا يفرّقها تفريقاً خارجاً عن المعتاد وما عدا هذا فهو سنن وهيئات." اهـ.




الجملة الخامسة: في السعي:

فإذا فرغ من الطواف فليخرج من باب الصفا وهو في محاذاة الضلع الذي بـين الركن اليماني والحجر. فإذا خرج من ذلك الباب وانتهى إلى الصفا وهو جبل فيرقى فيه درجات في حضيض الجبل بقدر قامة الرجل. رقي رسول الله حتى بدت له الكعبة ، وابتداء السعي من أصل الجبل كاف وهذه الزيادة مستحبة، ولكن بعض تلك الدرج مستحدثة فينبغي أن لا يخلفها وراء ظهره فلا يكون متمماً للسعي، وإذا ابتدأ من ههنا سعى بـينه وبـين المروة سبع مرات.

وعند رقيه في الصفا ينبغي أن يستقبل البـيت ويقول: «الله أكبر الله أكبر الحمد لله على ما هدانا الحمد لله بمحامده كلها على جميع نعمه كلها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيـي ويميت بـيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين. {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حينَ تُمْسُونَ وحينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الحَمْدُ في السَّمٰواتِ والأرْضِ وعَشِيّاً وحينَ تُظْهرُونَ يُخْرِجُ الحيَّ مِنَ الميِّت وَيُخْرِجُ الميِّتَ مِنَ الحيِّ ويُحيـي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتها وكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ومِنْ آياتِهِ أنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُراب ثمَّ إذا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} اللهم إني أسألك إيماناً دائماً، ويقيناً صادقاً، وعلماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وأسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، ويصلي على محمد ، ويدعو الله عز وجل بما شاء من حاجته عقيب هذا الدعاء.

ثم ينزل ويبتدىء السعي وهو يقول: «رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»، ويمشي على هينة حتى ينتهي إلى الميل الأخضر وهو أوّل ما يلقاه إذا نزل من الصفاــــ وهو على زاوية المسجد الحرام ــــ فإذا بقي بـينه وبـين محاذاة الميل ستة أذرع أخذ في السير السريع وهو الرمل حتى ينتهي إلى الميلين الأخضرين. ثم يعود إلى الهينة

فإذا انتهى إلى المروة صعدها كما صعد الصفا وأقبل بوجهه على الصفا ودعا بمثل ذلك الدعاء، وقد حصل السعي مرة واحدة؛ فإذا عاد إلى الصفا حصلت مرتان. يفعل ذلك سبعاً ويرمل في موضع الرمل في كل مرة ويسكن في موضع السكون ــــ كما سبق ــــ وفي كل نوبة يصعد الصفا والمروة فإذا فعل ذلك فقد فرغ من طواف القدوم والسعي وهما سنتان. والطهارة مستحبة للسعي وليست بواجبة بخلاف الطواف وإذا سعى فينبغي أن لا يعيد السعي بعد الوقوف ويكتفي بهذا ركناً؛ فإنه ليس من شرط السعي أن يتأخر عن الوقوف وإنما ذلك شرط في طواف الركن. نعم شرط كل سعي أن يقع بعد طواف أي طواف كان." اهـ.


الجملة السادسة: في الوقوف وما قبله:

"الحاج إذا انتهى يوم عرفة إلى عرفات يتفرّغ لطواف القدوم ودخول مكة قبل الوقوف وإذا وصل قبل ذلك بأيام فطاف طواف القدوم فيمكث محرماً إلى اليوم السابع من ذي الحجة. فيخطب الإمام بمكة خطبة بعد الظهر عند الكعبة ويأمر الناس بالاستعداد للخروج إلى منى يوم التروية والمبـيت بها، وبالغدوّ منها إلى عرفة لإقامة فرض الوقوف بعد الزوال؛ إذ وقت الوقوف من الزوال إلى طلوع الفجر الصادق من يوم النحر، فينبغي أن يخرج إلى منى ملبـياً، ويستحب له المشي من مكة في المناسك إلى انقضاء حجته إن قدر عليه. والمشي من مسجد إبراهيم عليه السلام إلى الموقف أفضل وآكد.

فإذا انتهى إلى منى قال: اللهم هذه منى فامنن عليَّ بما مننت به على أوليائك وأهل طاعتك وليمكث هذه الليلة بمنى ــــ وهو مبـيت منزل لا يتعلق به نسك ــــ فإذا أصبح يوم عرفة صلى الصبح فإذا طلعت الشمس على ثبـير سار إلى عرفات ويقول: اللهم اجعلها خير غدوة غدوتها قط وأقربها من رضوانك وأبعدها من سخطك. اللهم إليك غدوت وإياك رجوت وعليك اعتمدت ووجهك أردت فاجعلني ممن تباهي به اليوم من هو خير مني وأفضل.

فإذا أتى عرفات فليضرب خباءه بنمرة قريباً من المسجد، فثمَّ ضرب رسول الله قبته . ونمرة: هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة. وليغتسل للوقوف

فإذا زالت الشمس خطب الإمام خطبة وجيزة وقعد، وأخذ المؤذن في الأذان والإمام في الخطبة الثانية ووصل الإقامة بالأذان، وفرغ الإمام مع تمام إقامة المؤذن. ثم جمع بـين الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وقصر الصلاة، وراح إلى الموقف فليقف بعرفة ولا يقفن في وادي عرنة.

وأما مسجد إبراهيم عليه السلام فصدره في الوادي وأخرياته من عرفة فمن وقف في صدر المسجد لم يحصل له الوقوف بعرفة. ويتميز مكان عرفة من المسجد بصخرات كبار فرشت. ثم، والأفضل أن يقف عند الصخرات بقرب الإمام مستقبلاً للقبلة راكباً. وليكثر من أنواع التحميد والتسبـيح والتهليل والثناء على الله عز وجل والدعاء والتوبة. ولا يصوم في هذا اليوم ليقوى على المواظبة على الدعاء.

ولا يقطع التلبـية يوم عرفة بل الأحب أن يلبـي تارة ويكب على الدعاء أخرى. وينبغي أن لا ينفصل من طرف عرفة إلا بعد الغروب ليجمع في عرفة بـين الليل والنهار: وإن أمكنه الوقوف يوم الثامن ساعة عند إمكان الغلط في الهلال فهو الحزم وبه الأمن من الفوات. ومن فاته الوقوف حتى طلع الفجر يوم النحر فقد فاته الحج، فعليه أن يتحلل عن إحرامه بأعمال العمرة ثم يريق دماً لأجل الفوات، ثم يقضي العام الآتي، وليكن أهم اشتغاله في هذا اليوم الدعاء. ففي مثل تلك البقعة ومثل ذلك الجمع ترجى إجابة الدعوات." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2008
  #10
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

والدعاء المأثور عن رسول الله ، إلا وعن السلف في يوم عرفة أول ما يدعو به فليقل:

لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيـي ويميت وهو حي لا يموت بـيده الخير وهو على كل شيء قدير. اللهم اجعل في قلبـي نوراً وفي سمعي نوراً وفي بصري نوراً وفي لساني نوراً. اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري

وليقل: اللهم رب الحمد لك الحمد كما تقول وخيراً مما نقول لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبـي وإليك ثوابـي. اللهم إني أعوذ بك من وساوس الصدر وشتات الأمر وعذاب القبر. اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، ومن شر ما يلج في النهار ومن شر ما تهب به الرياح. .ومن شر بوائق الدهر. اللهم إني أعوذ بك من تحوّل عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك. اللهم اهدني بالهدى واغفر لي في الآخرة والأولى يا خير مقصود وأسنى منزول به وأكرم مسؤول ما لديه أعطني العشية أفضل ما أعطيت أحداً من خلقك وحجاج بـيتك يا أرحم الراحمين.

اللهم يا رفيع الدرجات ومنزل البركات ويا فاطر الأرضين والسماوات ضجت إليك الأصوات بصنوف اللغات يسألونك الحاجات وحاجتي إليك أن لا تنساني في دار البلاء إذا نسيني أهل الدنيا. اللهم إنك تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المعترف بذنبه أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير. دعاء من خضعت لك رقبته وفاضت لك عبرته وذل لك جسده ورغم لك أنفه.

اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيّاً وكن بـي رؤوفاً رحيماً يا خير المسؤولين وأكرم المعطين، إلهي من مدح لك نفسه فإني لائم نفسي. إلهي أخرست المعاصي لساني فمالي وسيلة عن عمل ولا شفيع سوى الأمل. إلهي إني أعلم أنّ ذنوبـي لم تبق لي عندك جاهاً ولا للاعتذار وجهاً ولكنك أكرم الأكرمين. إلهي إن لم أكن أهلاً أن أبلغ رحمتك فإن رحمتك أهل أن تبلغني ورحمتك وسعت كل شيء وأنا شيء. إلهي إنّ ذنوبـي وإن كانت عظاماً ولكنها صغار في جنب عفوك فاغفرها لي يا كريم. إلهي أنت أنت وأنا أنا، أنا العوّاد إلى الذنوب وأنت العوّاد إلى المغفرة. إلهي إن كنت لا ترحم إلا أهل طاعتك فإلى من يفزع المذنبون.

إلهي تجنبت عن طاعتك عمداً وتوجهت إلى معصيتك قصداً فسبحانك ما أعظم حجتك علي وأكرم عفوك عني فبوجوب حجتك عليّ وانقطاع حجتي عنك وفقري إليك وغناك عني إلا غفرت لي يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج بحرمة الإسلام وبذمة محمد عليه السلام أتوسل إليك فاغفر لي جميع ذنوبـي واصرفني من موقفي هذا مقضي الحوائج وهب لي ما سألت وحقق رجائي فيما تمنيت. إلهي دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه فلا تحرمني الرجاء الذي عرفتنيه. إلهي ما أنت صانع العشية بعبد مقرّ لك بذنبه خاشع لك بذلته مستكين بجرمه متضرع إليك من عمله، تائب إليك من اقترافه، مستغفر لك من ظلمه، مبتهل إليك في العفو عنه، طالب إليك نجاح حوائجه، راج إليك في موقفه مع كثرة ذنوبه، فيا ملجأ كل حي وولي كل مؤمن من أحسن فبرحمتك يفوز ومن أخطأ فبخطيئته يهلك.

اللهم إليك خرجنا وبفنائك أنخنا وإياك أملنا وما عندك طلبنا ولإحسانك تعرضنا ورحمتك رجونا ومن عذابك أشفقنا وإليك بأثقال الذنوب هربنا ولبـيتك الحرام حججنا. يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين. يا من ليس معه رب يدعى، ويا من ليس فوقه خالق يخشى، ويا من ليس له وزير يؤتى ولا حاجب يرشى، يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا جوداً وكرماً وعلى كثرة الحوائج إلا تفضلاً وإحساناً. اللهم إنك جعلت لكل ضيف قرى ونحن أضيافك فاجعل قرانا منك الجنة.

اللهم إن لكل وفد جائزة، ولكل زائر كرامة، ولكل سائل عطية، ولكل راج ثواباً، ولكل ملتمس لما عندك جزاء، ولكل مسترحم عندك رحمة، ولكل راغب إليك زلفى، ولكل متوسل إليك عفواً وقد وفدنا إلى بـيتك الحرام ووقفنا بهذه المشاعر العظام، وشهدنا هذه المشاهد الكرام رجاء لما عندك فلا تخيب رجاءنا. إلهنا تابعت النعم حتى اطمأنت الأنفس بتتابع نعمك وأظهرت الآيات حتى نطقت الصوامت بحجتك، وظاهرت المنن حتى اعترف أولياؤك بالتقصير عن حقك، وأظهرت الآيات حتى أفصحت السَّماوات والأرضون بأدلتك وقهرت بقدرتك حتى خضع كل شيء لعزتك وعنت الوجوه لعظمتك إذا أساء عبادك حلمت وأمهلت، وإن أحسنوا تفضلت وقبلت، وإن عصوا سترت، وإن أذنبوا عفوت وغفرت، وإذا دعونا أجبت، وإذا نادينا سمعت، وإذا أقبلنا إليك قربت، وإذا ولينا عنك دعوت. إلهنا إنك قلت في كتابك المبـين لمحمد خاتم النبـيـين {قُل للَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} فأرضاك عنهم الإقرار بكلمة التوحيد بعد الجحود، وإنا نشهد لك بالتوحيد مخبتين ولمحمد بالرسالة مخلصين فاغفر لنا بهذه الشهادة سوالف الإجرام، ولا تجعل حظنا فيه أنقص من حظ من دخل في الإسلام.

إلهنا إنك أحببت التقرب إليك بعتق ما ملكت أيماننا ونحن عبـيدك وأنت أولى بالتفضل فاعتقنا. وإنك أمرتنا أن نتصدّق على فقرائنا ونحن فقراؤك وأنت أحق بالتطول فتصدّق علينا. ووصيتنا بالعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا وأنت أحق بالكرم فاعف عنا. ربنا اغفر لنا وارحمنا أنت مولانا ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار».

وليكثر من دعاء الخضر عليه السلام وهو أن يقول: «يا من لا يشغله شأن عن شأن ولا سمع عن سمع ولا تشتبه عليه الأصوات، يا من لا تغلطه المسائل ولا تختلف عليه اللغات، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين ولا تضجره مسألة السائلين أذقنا برد عفوك وحلاوة مناجاتك»، وليدع بما بدا له وليستغفر له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات وليلح في الدعاء وليعظم المسألة، فإن الله لا يتعاظمه شيء، وقال مطرف بن عبد الله وهو بعرفة: اللهم لا ترد الجميع من أجلي. وقال بكر المزني: قال رجل لما نظرت إلى أهل عرفات ظننت أنهم قد غفر لهم لولا أني كنت فيهم.
" اهـ.




الجملة السابعة: في بقية أعمال الحج بعد الوقوف من المبـيت والرمي والنحر والحلق والطواف:

"فإذا أفاض من عرفة بعد غروب الشمس، فينبغي أن يكون على السكينة والوقار وليجتنب وجيف الخيل وإيضاع الإبل كما يعتاده بعض الناس. فإن رسول الله ، نهى عن وجيف الخيل وإيضاع الإبل وقال: «اتَّقُوا الله وَسِيرُوا سَيْراً جَمِيلاً لاَ تَطَؤُوا ضَعِيفاً وَلا تُؤْذُوا مُسْلِماً»

فإذا بلغ المزدلفة اغتسل لها لأن المزدلفة من الحرم فليدخله بغسل. وإن قدر على دخوله ماشياً فهو أفضل وأقرب إلى توقير الحرم. ويكون في الطريق رافعاً صوته بالتلبـية فإذا بلغ المزدلفة قال: «اللهم إن هذه مزدلفة جمعت فيها ألسنة مختلفة تسألك حوائج مؤتنفة فاجعلني ممن دعاك فاستجبت له وتوكل عليك فكفيته»،

ثم يجمع بـين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء قاصراً له بأذان وإقامتين ليس بـينهما نافلة، ولكن يجمع نافلة المغرب والعشاء والوتر بعد الفريضتين، ويبدأ بنافلة المغرب ثم بنافلة العشاء كما في الفريضتين. فإن ترك النوافل في السفر خسران ظاهر. وتكليف إيقاعها في الأوقات إضرار وقطع للتبعية بـينهما وبـين الفرائض، فإذا جاز أن يؤدي النوافل مع الفرائض بتيمم واحد بحكم التبعية فبأن يجوز أداؤهما على حكم الجمع بالتبعية أولى. ولا يمنع من هذا مفارقة النفل للفرض في جواز أدائه على الراحلة لما أومأنا إليه من التبعية والحاجة.

ثم يمكث تلك الليلة بمزدلفة وهو مبـيت نسك، ومن خرج منها في النصف الأول من الليل ولم يبت فعليه دم، وإحياء هذه الليلة الشريفة من محاسن القربات لمن يقدر عليه، ثم إذا انتصف الليل يأخذ في التأهب للرحيل ويتزود الحصى منها ــــ ففيها أحجار رخوة ــــ فليأخذ سبعين حصاة فإنها قدر الحاجة، ولا بأس بأن يستظهر بزيادة فربما يسقط منه بعضها، ولتكن الحصى خفافاً بحيث يحتوي عليه أطراف البراجم.

ثم ليغلس بصلاة الصُّبح وليأخذ في المسير حتى إذا انتهى إلى المشعر الحرام وهو آخر المزدلفة فيقف ويدعو إلى الإسفار ويقول: «اللهم بحق المشعر الحرام والبـيت الحرام والشهر الحرام والركن والمقام أبلغ روح محمد منا التحية والسلام وأدخلنا دار السلام يا ذا الجلال والإكرام،

ثم يدفع منها قبل طلوع الشمس حتى ينتهي إلى موضع يقال له وادي محسر فيستحب له أن يحرك دابته حتى يقطع عرض الوادي، وإن كان راجلاً أسرع في المشي. ثم إذا أصبح يوم النحر خلط التلبـية بالتكبـير فيلبـي تارة ويكبر أخرى. فينتهي إلى منى ومواضع الجمرات وهي ثلاثة فيتجاوز الأولى والثانية فلا شغل له معهما يوم النحر، حتى ينتهي إلى جمرة العقبة وهي على يمين مستقبل القبلة في الجادة ــــ والمرمى مرتفع قليلاً في سفح الجبل وهو ظاهر بمواقع الجمرات ــــ

ويرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بقدر رمح. وكيفيته أن يقف مستقبلاً القبلة وإن استقبل الجمرة فلا بأس ويرمي سبع حصيات رافعاً يده، ويبدل التلبـية بالتكبـير ويقول مع كل حصاة: «الله أكبر على طاعة الرحمن، ورغم الشيطان اللهم تصديقاً بكتابك واتباعاً لسنة نبـيك» فإذا رمى قطع التلبـية والتكبـير إلا التكبـير عقيب فرائض الصلوات من ظهر يوم النحر إلى عقيب الصبح من آخر أيام التشريق. ولا يقف في هذا اليوم للدعاء بل يدعو في منزله. وصفة التكبـير أن يقول: «الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبـيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله والله أكبر»، ."اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مختارات من كتاب إحياء علوم الدين لحجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى عبدالقادر حمود كتب سيدي الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله 2 09-09-2014 10:53 AM
الطريق إلى إحياء علوم الدين والدنيا معا عبدالقادر حمود المواضيع الاسلامية 2 06-11-2013 01:05 PM
قبس النور المبين من إحياء علوم الدين" للحبيب عمر بن حفيظ عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 2 11-18-2012 11:47 PM
احياء علوم الدين علاء الدين المكتبة الاسلامية 4 07-12-2012 03:21 AM
عجائب القلب للغزالي من كتاب احياء علوم الدين عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 6 05-23-2012 02:31 PM


الساعة الآن 05:20 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir