أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ، وارحمني ،واهدني ، واجبرني، وعافني،وارزقني ، وارفعني           

إضافة رد
قديم 04-22-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي علامة الفقه والأنساب

علامة الفقه والأنساب


تكونت لأبي بكر الصديق شخصية عربية إسلامية فذّة وهو في كنف الرسول صلى الله عليه وسلم يطلق الدعوة وينافح عنها سواء أمام ملأ مكة أو رجالات القبائل . وقد أتاحت له مواقفه التاريخية في المناهضة والثبات وفي دفع الرأي بالرأي والموقف بالموقف . بلورة شخصيته التاريخية القوية والمهابة من خصومه قبل محبيه، ومن أعدائه قبل مؤيديه . وكانت له تلك السيرة التي يريدها من الصحابة ويحث الناس عليها . تلك السيرة التي يصدر عن صاحبها النصح فيسمعه الصحابة الكبار . وكانت له منزلته التي استحقها بينهم بسابق إسلامه وقديم صحبته للنبيّ صلى الله عليه وسلم ومناصحته لسروات قريش، وبرياضة نفسه على العلم والدين والكرامة والوقار، مما ملأ نفوس الناس حوله بعلمه ودينه وكرامته ووقاره على حدّ سواء .

وإذا كان علم الرجل يعرف بعلامات كثيرة، فإن في سيرة الصديق كما كتبها وحدّث بها كبار المؤرخين والرواة ما يوحي لنا أنها تدل في معظمها على ميزات عظيمة، تبلورت في شخصيته الإسلامية الفارقة . وهي تظهر لنا بمجملها أن سيدنا أبا بكر رضي الله عنه كان له حظ عظيم في ميزان العلم بالدين والفقه، تماماً كما كان له اقتدار ثقافي واسع، استطاع من خلاله أن يبلور عنده شخصيّة القائد الإسلامي والناقد السياسي والاجتماعي الذي ترك آثاره القوية على عموم الشخصيات العربية والإسلامية التي عاصرته أو تلك التي روت مسيرته فتأثرت به على مدى أجيال وأجيال من حياة الدولة العربية الإسلامية .

ثقافة أصيلة

عرف الصديق رضي الله عنه بثقافة عربية إسلامية أصيلة ميزته عن سائر الرجال العرب والمسلمين . وقد تجلّت هذه الثقافة وبانت أصولها ومعالمها في حديثه وحديث العلماء عنه، وفي حديثه أيضاً عن الرجال الكبار ومخاطبتهم له، ومخاطبته لهم . وقد ظهرت له أحكام كثيرة دلت على مدى معرفته بأحكام الدين كرسالة سماوية ودستور حكم دنيوي من جهة، وبتاريخ القبائل من جهة أخرى .

لقد كانت لأبي بكر من أفانين الحكمة والبلاغة والأدب، ما جعل من كلامه أو من خطابه، ما يذهب مذهب “النظم المنثور” أو “جوامع الكلم” . وكما كانت حياته كلها، مضرب المثل في التفاني والبذل ومجاهدة النفس، والجهاد في سبيل الله، دفاعاً عن الإسلام ونصرة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فإن كلامه، في بعضه أو في مجمله، إنما كان يذهب مذهب الأمثال . وقد روت له كتب التاريخ والأدب من درر القول الشيء الكثير إذ كانت ترد في سياقات مواقفه الشهيرة من أحداث عصره، في خضم أحداث الحقبات الثلاث: حقبة الجاهلية، وحقبة النبوة وحقبة الخلافة .

فالصديق كان ينفرد عن سائر المتحدثين والمتكلمين بمعدن من القول متمايز عن غيره من كلام من أوتوا سبيل الفقه والمجاهدة والمكابدة . وقد جعل بعض النقاد كلامه في موازين النقد بحيث قالوا إن كلامه أرجح ما قيل في موازين الكلام، سواء في ذلك موازين البلاغة، أو موازين الخلق والحكمة . وله من جوامع الكلم أمثلة نادرة، تدل على ملكة صاحبها، فيغني القليل منها عن الكثير . وحسبك أن تسمع من أقواله: “احرص على الموت توهب لك الحياة” . أو قوله: “أصدق الصدق الأمانة، وأكذب الكذب الخيانة” . وقوله أيضاً: “خير الخصلتين أبغضهما إليك” وكذلك قوله: “الصبر نصف الإيمان . واليقين الإيمان كله” . ولعل الصديق في مثل هذه الأقوال إنما يحافظ على القصد في العبارة والوزن في الكلام، والذوق في الخطاب، خصوصاً وقد طبع على مثل هذا البيان العربي القديم الذي يختصر تجربته في الحياة وشؤون الكون والخلق .

الفقيه المؤرخ

لقد جعل الصديق من خبرته في الحياة ومعتركه الأدبي والثقافي معها، وبخاصةٍ في وجوهها المؤثرة، مجالاً حيوياً من الأدب والثقافة . إذ كان وثيق الصلة بالتاريخ السياسي لمجتمع الجزيرة، خبيراً بطرق السياحة ومصاحبة القوافل مصغياً إلى حسن القول حريصاً على التثقف بعلم الأنساب والتواريخ، حتى عدّ من المؤرخين والنسابة . ناهيك عن استيعابه لعلوم القرآن والوقوف على أسباب النزول، وفقه الرسالة الشريفة بمقاصدها الدينية والدنيوية والإنسانية، كرسالة تختتم بها عصور الرسالات حيث يضاء الفضاء الإنساني بالشعلة الأخيرة من السماء .

قرأ يوماً: “يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم” فقال الصديق: “إن الناس يضعون هذه الآية في غير موضعها ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن القوم إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، والمنكر فلم يغيروه، عمهم الله بعقابه” . وسأل الصديق الحاضرين يوماً: ما تقولون في هاتين الآيتين: “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم” قالوا: لم يلبسوا إيمانهم بظلم الخطيئة . فقال: لقد حملتموها على غير المحمل: استقاموا، فلم يلبسوا إيمانهم بشرك” .

والى جانب ثقافة الصديق في الفقه وعلوم الدين، كان رضي الله عنه من أعظم علماء الأنساب في عصره . وقد وصف بأنه اختص بالنسب المحيط بالمحامد والمثالب في القبائل العربية كافة . وهو أنفع ما في علم التاريخ .

وفي خبر خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم ومعه علي وأبو بكر، ليعرض الدعوة على القبائل، أن أبا بكر رضي الله عنه تقدم وكان مقدماً في كل خير، وكان رجلاً نسابة، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة . قال: وأي ربيعة أنتم؟ أمن هاماتها أم من لهازمها؟ قالوا: من هاماتها العظمى . قال: وأي هاماتها العظمى أنتم؟ قالوا: من ذهل الأكبر . قال: فمنكم عوف بن محلّم الذي يقال فيه: “لا حرّ بوادي عوف”؟ فقالوا: لا . إلى آخر الرواية . . وهذا ما يدلّ دلالة واضحة على شدّة علم الصديق بميزان النسب.





أ . د . قصي الحسين
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علامة حب الله للعبد محمد الميانى المواضيع الاسلامية 0 11-05-2014 12:44 AM
علامة المريد الصادق في الطريق عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 3 11-03-2011 07:36 AM
القرطبي.. علامة المغرب عبدالقادر حمود السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 0 08-22-2011 06:47 AM
علامة أنقطاع المريد ماهي ؟ قاضي الحب رسائل ووصايا في التزكية 3 06-12-2011 07:18 PM
صفة عمامة النبي صلى الله عليه وسلم عبدالقادر حمود المواضيع الاسلامية 3 12-05-2009 03:24 PM


الساعة الآن 12:15 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir