أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
قديم 12-16-2014
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 188

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا ولا ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
(188)
قولُهُ ـ تبارك وتعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا ولا ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ} أَمْرٌ من اللهُ تَعَالَى لنَبِيَّهُ ـ صلى الله عليه وسَلَّمَ ـ بِأَنْ يُفَوِّضُ الأُمُورَ إِلَيْهِ سبحانه، وَأَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ عَنْ نَفْسِهِ أنَّهُ لاَ يَعْلَمُ الغَيْبَ، وَلاَ هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى شَيءٍ مِنْهُ، إلاّ مَا أَطْلَعَهُ عَلَيهِ رَبُّهُ.
وهذا أَمْرٌ من اللهِ سبحانهُ لنبيِّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأَنْ يُبالِغَ في الاسْتِسْلامِ لمشيئةِ اللهِ في قضائه وقَدَرِه، ويَتَجَرَّدَ مِنَ حولِه وقوَّته وادِّعاءِ المُشارَكَةِ في قُدْرَةِ اللهِ وعلمِ غَيْبِهِ، وأَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ على حقيقتِها بِصِفَةِ مَنْ كانَ بها، لأولئك السائلين الذين سأَلوهُ عَنِ الساعةِ وموعِدِها، كما جاء في الآيةُ الكريمة السابقةِ لهذه الآية، فهُو حَرِيٌّ أَنْ لا يَعلَمَ غَيْباً ولا يَدَّعيهِ، إلاَّ إذا شاءَ اللهُ أَنْ يُطْلِعَهُ على شيءٍ مِنْهُ، لأمرٍ يُريدُه وحِكمةٍ يَقتَضيها. لأنّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أخبرَ عنْ الكثير من المغَيَّباتِ، وقدْ جاءتْ في ذلك الكثيرُ من الأَحاديثِ الصحيحةِ، وهو منْ أَعْظَمِ مُعْجِزاتِهِ ـ صلى اللهُ عليه وآله وصحبه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
قولُه: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} وَأنَهُ لَوُ كَانَ يَعْلَمُ الغَيْبَ، وَيَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ، لاسْتَكْثَرَ مِنْ فِعْلِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَالخَيْرَاتِ، وَلَتَزَوَّدَ لِلآخِرَةِ؛ أوْ لَوْ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أنَّهُ إذا اشْتَرَى شَيئاً رَبحَ فِيهِ لَفَعَلَ ذَلِكَ. أوْ أنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ الغَيْبَ لاجْتَنَبَ الشَّرَّ وَالسُوءَ واتَّقَاهُمَا قبلَ أنْ يَكونا، ولو كانَ يعلَمُ السَنَةَ المجدِبَةَ لأعدَّ لها مِنَ المُخْصِبَةِ. وأَلْفاظُ الآيةِ تَعُمُّ هذا وغيرَهُ فإنّه ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ لا يعْلَمُ شيئاً من هذا كلِّه، ويُصيبُه ما قَدَّرَ اللهُ لَهُ مِنَ خيرِ وشَرِّ دونَ أنْ يستعدَّ لَهُ ويحتاطَ، أوْ يِتَحَرَّزَ منهُ ويَحْتَرِسَ.
وهذا الخطابُ الجليلُ من الله ـ جَلَّ وعلا ـ لنبيِّهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلمَ ـ لِتَعْليمٌ المُسلمين، صحَّةَ الاعتقادِ به سبحانَه، وكيفيَّةِ الاسْتِسْلامِ لِقضاء اللهِ وقَدَرِهِ، والتَأَدُّبِ مَعَهُ، تَبارَكَتْ أَسماؤهُ.
قولُه: {إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ثُمَّ أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِأنْ يَقُولَ للنَّاسِ: إِنَّهُ نَذِيرٌ مِنَ العَذَابِ، وَبشيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالجَنَّةِ، وَهَذِهِ هِيَ مَهَمَّتُهُ. وقال سبحانه: "لقومٍ يُؤمِنون" فخصَّ المؤمنين بالبشارةِ والنِذارةِ لأنَّهم هُمُ الذينَ يَنْتَفِعونَ بهما، أمّا الكافرين فلا ينتفعون بذلك. ويُحتمَلُ أَنْ يكونَ المرادُ أَنَّهُ نَذيرٌ وبَشيرٌ لِقَوْمٍ يُطْلَبُ مِنْهُمُ الإيمانُ ويُدْعَوْنَ إليْه، وهؤلاء همُ الناسُ جميعاً، ويُحتمَلُ أَنْ يُخبرَ أَنَّهُ نذيرٌ ويَتِمَّ الكلامُ، ثم يَبْتَدِئُ يُخبرُ أَنَّه بَشيرٌ للمُؤمنين بِهِ.
رُوِيَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قالوا: يا محمَّدُ أَلا يُخْبرُكَ رَبُّكَ بالرُخْصِ والغَلاءِ حَتى نَشْتَريَ فَنَرْبَحَ، وبالأرْضِ التي تُجْدِبُ لِنَرْتَحِلَ إلى الأَرْضِ الخِصْبَةِ؟. فأَنْزَِلَ اللهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.
وقالَ بعضُهم: لمَّا رَجَعَ ـ عليْهِ الصَلاةُ والسّلامُ ـ مِنْ غَزْوَةِ بَني المُصْطَلِقِ جاءتْ رِيحٌ في الطَريقِ فَفَرَّتِ الدَوابُّ مِنها، فأَخْبَرَ ـ صلى اللهُ عليه وسَلَّمَ ـ بموتِ رِفاعَةَ بالمَدينةِ، وكانَ فيهِ غَيْظٌ للمُنافقين. وقالَ ((انْظُروا أَيْنَ ناقَتي))، فقالَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ أُبيٍّ مَعَ قَوْمِهِ أَلاَ تَعْجَبونَ مِنْ هذا الرَّجُلِ؟ يُخْبِرُ عَنْ مَوْتِ رَجُلٍ بالمدينةِ ولا يَعْرِفُ أَيْنَ ناقتُهُ. فقالَ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((إنَّ ناساً مِنَ المُنافِقين قالوا كَيْتَ وكَيْتَ، وناقتي في هذا الشِعْبِ قدْ تَعَلَّقَ زِمامُها بِشَجَرَةٍ)) فوَجَدوها على ما قالَ، فأَنْزَلَ اللهُ تعالى: "قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرَّاً إِلاَّ مَا شَاءَ الله" واللهُ أعلم.
قوله تعالى: {لِنَفْسِي} جارٌّ ومجرور متعلِّقٌ بِ "أملك" أو بمحذوفِ حالٍ مِنْ "نفعاً" لأنَّه في الأَصْلِ صِفَةٌ لَهُ لو تَأَخَّرَ عنه. ويجوزُ أنْ يَكونَ، مفعولاً لِ "نفعاً"، واللامُ زائدةٌ فيهِ تَقويةً للعامِلِ لأنَّهُ فَرْعٌ، إذِ التَقديرُ: لا أَمْلِكُ أَنْ أَنْفَعَ نَفْسي ولا أَنْ أَضُرَّها. وهُو وَجْهٌ حَسَنٌ.
قولُهُ: {إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ} اسْتِثْناءٌ مُتَّصِلٌ، أَيْ: إلاَّ ما شاءَ اللهُ تمكيني مِنْهُ فإني أَمْلُكُهُ. وفيه دليلٌ على أَنَّ قُدْرَةَ العَبْدِ مُؤَثِّرَةٌ بإذْنِ اللهِ تَعالى ومَشيئَتِهِ، وقيلَ إنَّهُ مُنقطعٌ، أَيْ لكنَّ ما شاءَ اللهُ تَعالى مِنْ مجموعِ النَفْعِ والضَرِّ كائنٌ، والأولى جعلُه مُتَّصِلاً، أَيْ إلاَّ ما شاءَ اللهُ أَنْ يُمَلِّكَنِيهُ بِأنْ يُعَلِّمْنيهُ ويُقْدِرَني عَليْهِ.
قولُهُ: {وَمَا مَسَّنِيَ السوءُ} عَطْفٌ على جوابِ "لو" وهو هُنا أَحسَنُ ما يكونُ مِنْ حيثُ أَثْبَتَ اللامَ في جَوابِ "لو" المُثبتِ، فقالَ "لاستكثرتُ" ولم تَصْحَبِ اللامُ "ما" النافيةَ، فهو أحسنُ من أنْ يقالَ (ولما مَسّني السوءُ). ويجوزُ أَنْ يَكونَ الكلامُ مَقطوعاً تمَّ عند قولِهِ: "لاستكثرت من الخير" وابْتَدَأَ يُخْبِرُ بِنَفْيِ السُوءِ عَنْهُ وهو الجُنونُ الذي رَموهُ بِهِ، و "السوءُ" في لُغةِ هُذيْلٍ الجنون.
قولُهُ: {لقَوْمٍ} هذِهِ مِنْ بابِ التَنَازُعُ يَتَنازَعُ تَعَلُّقَهُ كُلٌّ مِنْ نَذيرٍ وبَشيرٍ: لأنَّ الانْتِفاعَ بالأَمْريْن يَخْتَصُّ بالذين تَهَيَّئوا إلى الإيمان، فالبَصْريونَ يعلِّقُونَهُ ب "بشير" والكُوفِيّونَ يعلِّقونهُ بالأوَّلِ "نذيرٌ" لِسَبْقِهِ، ويجوزُ أَنْ يَكونَ المُتَعَلَّقُ ب "نذير" محذوفاً، أي: نَذير للكافرين، فقد دَلَّ عَليه ذِكْرُ مقابِلِهِ، وهو قَريبٌ مِنْ حَذْفِ المَعطوفِ كما في قولِهِ تعالى في سورة النحلِ: {تَقِيكُمُ الحَرَّ} الآية: 81. أيْ والبردَ، ويجوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِ "بَشير" و "نذير" معاً، أَيْ أُبَشِّرُ المؤمنينَ وأُنْذِرُهم. وهذه المعاني المُسْتَتْبَعاتُ مَقْصودةٌ مِنَ القُرآنِ، وهيَ مِنْ وُجوهِ إعْجازِهِ لأنَّ فيها اسْتِفادةُ مَعانٍ وافرَةٍ مِنْ أَلفاظٍ وَجيزةٍ.
وقد حُصِرَتْ مهمَّتُه هذه ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم ـ أي النِذارةُ والبِشارةُ وأُكِّدَ هذا الخبرُ بِ "إنْ" و "إلاّ".
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 174 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-05-2014 01:28 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 98 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-22-2014 03:38 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:46 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:41 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 96 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:33 AM


الساعة الآن 09:35 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir