أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > رسائل ووصايا في التزكية

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 04-06-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 403

الشعاع الرابع عشر

"الدفاعات"
تتمة قصيرة جداً لإفادتي

أُبين لمحكمة آفيون:
ان افادتي التي قدمتها لأنظاركم ولعدالة القانون، والتي تتضمن تحري منزلى تحرياً غير قانوني بثلاث وجوه، وسوقي للاستجواب ومن ثم توقيفي واعتقالي. كل ذلك تعرّض لكرامة ثلاث محاكم ومسّ لعدالتها واحترامها، بل استخفاف بها. لأن تلك المحاكم الثلاث وهيئات الخبراء الثلاث، قد أتمت تدقيق ما ألّفته خلال عشرين سنة من مؤلفات، وماكتبته من مكاتيب، واجمعوا قرارهم على براءتنا. فاعيدت الينا كتبنا ومكاتيبنا.
وبعد البراءة، ومنذ سنوات ثلاث وانا أعيش في انزواء عن الناس، وتحت ترصد شديد بحيث لا اكتب غير رسالة واحدة لاضررفيها لبعض اصدقائي. فعلاقتي بالدنيا شبه مقطوعة، بل لم اذهب الى موطني رغم السماح.
والآن فان تجديد المسألة نفسها بما ينم عن عدم الاكتراث بالقرار العادل للمحاكم الثلاث انما هو استهانة بكرامة تلك المحاكم وحط من شرفها.
لذا لأجل الحفاظ على كرامة تلك المحاكم التي عدلت في حقي، ارجو من محكمتكم ان تبحث عن سبب آخر ومسألة اخرى لتتهموني بها غير المسائل التي هي: رسائل النور، تشكيل جمعية، تأسيس طريقة صوفية، احتمال الاخلال بالأمن والنظام.
الشعاع الرابع عشر - ص: 404
ان ذنوبي وتقصيراتي كثيرة، لذا قررت ان اعينكم بقدر ما يتعلق الأمر بمسؤوليتي، فلقد تعذبت خارج السجن عذاباً يفوق كثيراً عمّا في داخله. حتى غدا القبر او السجن موضع راحتي الآن. ولقد سئمت الحياة حقاً. كفى الإهانات والتعذيب والترصد المؤلم فيما يشبه السجن الانفرادي طوال عشرين سنة فلقد بلغ السيل الزبى، واوشك ان يمسّ غيرة الله، وعنده يا لخسارة هذه البلاد. اني اذكّركم بهذا.
ان اعظم ملجأ لنا واقواه:
(حسبنا الله ونعم الوكيل)
(حسبي الله لا إله إلاّ هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم).
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 405
"
ردّ على لاِئحة الادعاء"
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

بعد صمت دام ثمانية عشر عاماً، اضطررت الى اعادة تقديم هذه الدعوى رداً على لائحة الادعاء، رغم تقديمها الى المحكمة وتقديم صورة منها الى المراجع العليا في آنقرة.
ادناه خلاصة لدفاع قصير - هو الحقيقة عينها - قد قلته للمدعيين العامين وضابطي الشرطة الذين أتوا لتحري منزلي في "قسطموني" ثلاث مرات، وقلته ايضاً لمدير الشرطة ولثلة من افراد الشرطة - في المرة الثالثة - ولمحكمة "دنيزلي وآفيون". فليكن معلوماً لديكم ان ماقلته لهم هو:
انني اعيش معتكفاً ومنزوياَ منذ عشرين سنة. فطوال ثماني سنوات في "قسطموني" بقيت مقابل مخفرالشرطة وكذا الحال في بقية الاماكن، كنت طوال هذه الفترة تحت المراقبة والترصد الدائم. وقد تحرّوا منزلي عدة مرات، ومع ذلك لم يعثروا على اية امارة لها علاقة بالدنيا او بالسياسة. فلو كان لي شئ من التدخل بها لكانت الشرطة والعدلية تعلم به، أو علمتْ به ولكن لم تعر له بالاً، بمعنى انهم مسؤولون اكثر منى.
فما دام الامر هكذا فلِمَ تتعرضون لي الى هذا الحد دون داع اليه وبما يلحق الضرر بالبلاد والعباد. علماً انه لا يُتعرض في الدنيا كلها للمنزوين المعتكفين المنشغلين بآخرتهم.
نحن طلاب النور آلينا على انفسنا الاّ نجعل من رسائل النور اداة طيعة للتيارات السياسية، بل للكون كله. فضلاً عن ان القرآن الكريم قد منعنا بشدة من الاشتغال بالسياسة.
الشعاع الرابع عشر - ص: 406
نعم، ان مهمة رسائل النور الاساس هي: خدمة القرآن الكريم، والوقوف بصرامة وحزم في وجه الكفر المطلق الذي يودي بالحياة الابدية ويجعل من الحياة الدنيا نفسها سماً زعافاً وجحيماً لا تطاق.
ومنهجها في ذلك: هو اظهار الحقائق الايمانية الناصعة المدعمة بالادلة والبراهين القاطعة التي تلزم اشد الفلاسفة والمتزندفة تمرداً على التسليم بالايمان. لذا فليس من حقنا ان نجعل رسائل النور اداة لاي شئ كان، وذلك لأسباب:
أولاً: كي لا تحول الحقائق القرآنية التي تفوق الالماس نفاسة الى قطع الزجاج المتكسر في نظر أهل الغفلة، حيث يتوهمونها كأنها دعاية سياسية تخدم اغراضاً معينة، وكي لا نمتهن تلك المعاني القرآنية القيمة.
ثانياً: ان منهج رسائل النور الذي هو عبارة عن: الشفقة والعدل والحق والحقيقة والضمير ليمنعنا بشدة عن التدخل بالامور السياسية أو بالسلطة الحاكمة. لأنه اذا كان هناك بعض ممن ابتلوا بالالحاد واستحقوا بذلك العقاب فإن وراء كل واحد منهم عدداً من الاطفال والمرضى والشيوخ الابرياء. فاذا نزل بأحد اولئك المبتلين المستحقين للعقاب كارثة او مصيبة، فان اولئك الابرياء ايضاً سيحترقون بنارهم دون ذنب جنوه. وكذا لان حصول النتيجة المرجوة امر مشكوك فيه، لذا فقد مُنعنا بشدة عن التدخل في الشؤون الادارية بما يخل بأمن البلاد ونظامها عن طريق وسائل سياسية.
ثالثاً: في زمن عجيب كزماننا هذا، لا بد من تطبيق خمسة اسس ثابتة، حتى يمكن انقاذ البلاد وانقاذ الحياة الاجتماعية لأبنائها من الفوضى والانقسام. وهذه المبادئ هي:
1- الاحترام المتبادل
2- الشفقة والرحمة
3- الابتعاد عن الحرام
4- الحفاظ على الأمن
5- نبذ الفوضى والغوغائية، والدخول في الطاعة.
الشعاع الرابع عشر - ص: 407
والدليل على ان رسائل النور في نظرتها الى الحياة الاجتماعية قد ظلت تثبت وتحكم هذه الاسس الخمسة وتحترمها احتراماً جاداً محافظة بذلك على الحجر الاساس لأمن البلاد، هو ان رسائل النور قد استطاعت في مدى عشرين عاماً ان تجعل اكثر من مائة الف رجل اعضاء نافعين للبلاد والعباد دون ان يتأذى او يتضرر بهم احد من الناس. ولعل محافطتي "اسبارطة وقسطموني" خير شاهد وابرز دليل على صدق ما نقول.
فاذا كانت هذه هي الحقيقة. فلا شك ان اكثر اولئك الذين يتعرضون لاجزاء رسائل النور انما يخونون الوطن والأمة والسيادة الاسلامية. ويعملون - سواءً بعلم او بدون علم - لحساب الفوضوية والتطرف.
ان مائة وثلاثين رسالة من اجزاء رسائل النور التي منحت مائة وثلاثين حسنة وفائدة لهذه البلاد، لا تزيلها الاضرار الموهومة التي يتوهمها اهل الغفلة القاصرو النظر الشكاكون، من نقص وقصور في رسالتين او ثلاث. فالذي يهوّن من شأن تلك الرسائل بهذه الاوهام والشبهات ظلومٌ مبين.
أما تقصيراتي وذنوبي التي تمس شخصي الذي لا اهمية له، فاني اضطر دون رغبة مني الى القول:
ان الذي قضى حياة الاغتراب التي هي اشبه ما تكون بالسجن الانفرادي طوال اثنتين وعشرين سنة، معتكفاً ومنزوياً عن احوال الناس. والذي لم يخرج باختياره طوال هذه الفترة الى مجمع الناس في السوق وفي الجوامع الكبيرة. والذي اجري عليه اشد انواع الضيق والعنت وخالف امثاله من المنفيين فلم يراجع الحكومة ولو لمرة واحدة. ولم يقرأ جريدة ولم يستمع اليها، بل لم يكترث بها طوال هذه الفترة.
وخير شاهدعلى هذا القريبون من اصدقائه واحبّائه خلال سنتين في "قسطموني" وخلال سبع سنوات في اماكن اخرى. بل لم يعرف احداث الحرب العالمية ولا المنتصر من المغلوب، ولم يهتم بالمعاهدة والصلح، بل لم يعرف حتى من هم اطراف الحرب، ولم يتحرك فضوله لمعرفتهم، ولم يسأل عنهم ولم يستمع الى الراديو القريب منه خلال ثلاث سنوات سوى ثلاث مرات. والذي يواجه الكفر المطلق برسائل النور، ذلك الكفر الذي يفني الحياة الابدية ويزيد آلام الحياة الدنيا ويجعلها عذاباً في
الشعاع الرابع عشر - ص: 408
عذاب. والشاهد الصادق لذلك مائة الف ممن انقذوا ايمانهم برسائل النور المترشحة من فيض نور القرآن العظيم والتي تجعل الموت بحق مائة الف شخص تذكرة تسريح بدلاً من الاعدام الابدي.
ترى اي قانون يسمح بالتعرض لهذا الرجل - يقصد نفسه - وجعله في يأس من الحياة، ودفعه الى البكاء والحزن، مما يدفع مائة الف من اخوانه الى البكاء؟ بل اية مصلحة في ذلك؟.
ألا يرتكبون باسم العدالة غدراً لا مثيل له ولا نظير ؟
أفلا يكون باسم القانون خروجاً عن القانون ؟
اما اذا قلتم واحتججتم بتصرفكم هذا بما يحتج به فريق من الموظفين -ِ في هذه التحريات - وادعيتم كما يدعون، بانك وطائفة من رسائلك تخالفان نُظمنا ومبادءنا.
فالجواب:
اولاً: ليس من حق نظمكم ومبادئكم المبتدعة هذه ان تدخل معتكفات المنزوين اطلاقاً.
ثانياً: ان ردّ امرٍ ما شئ وعدم قبوله قلبياً شئ آخر. وعدم العمل به شئ اخر تماماً. وان ولاة الامور انما ينظرون الى اليد لا الى القلب. وهناك في كل قطر وفي كل مكان معارضون شديدون للحكومة لا يتدخلون في شؤون الادارة والأمن. حتى انه في عهد سيدنا عمر رَضِيَ الله عَنْهُ لم يمُسّ النصارى بشئ مع انهم كانوا ينكرون الاسلام وقوانين الشريعة.
وعلى هذا واستناداً الى مبدأ حرية الفكر والوجدان، اذا كان بعض طلاب النور يرفضون نظمكم ومبادءكم، وينتقدونها على اساس علمي نقداً بناءاً، او إن صدرت منهم اعمال وتصرفات لا تتفق وتلك المبادئ، بما في ذلك اضمار العداء لأولى الأمر، فليس من حق القانون ان يحاسبهم على ذلك بشرط واحد وهو: ان لايتدخلوا في الشؤؤن الادارية، والاّ يخلّو بالأمن والنظام.
الشعاع الرابع عشر - ص: 409
اما بالنسبة للرسائل، فقد اطلقنا على تلك الرسائل انها سرية وخاصة، وحظرنا نشرها. حتى ان احدهم قد اتى لي بنسخة واحدة من الرسالة التي سببت هذه الحادثة لمرة او مرتين طوال ثماني سنوات في "قسطموني"، وضيعناها في اليوم نفسه. وأنتم الآن تشهرونها بالقوة والإكراه، وقد اشتهرت حقاً.
ومن المعلوم أنه اذا وجد نقص يوجب الذنب في رسالة ما، فان تلك الكلمات وحدها تُحذف ويُسمح بالبقية، ولقد وجدوا خمس عشرة كلمة فقط هي مدار النقد من بين مائة رسالة من رسائل النور بعد اجراء تدقيقات عليها دامت اربعة اشهر في محكمة "اسكي شهر". ووجدوا في صفحتين فقط من بين اربعمائة صفحة من مجموعة "ذوالفقار" 1 موضع نقد بعدم تلاؤمها مع القانون المدني حيث فيهما تفسيرالآيات الكريمة الخاصة بميراث المرأة وحجابها، ذلك التفسير الذي كتب قبل ثلاثين سنة.. كل ذلك يثبت ان هدف رسائل النور ليست الدنيا، بل الناس كافة بحاجة اليها. فلا تصادر تلك المجموعة "ذوالفقار" لأجل تلكما الصفحتين. ولترفع اذنالصفحتان وتعاد لنا مجموعتنا. نعم من حقنا ان نطالب باعادتها لنا.
أما ادا خلتم الالحاد ضرباً من متطلبات السياسة وزعمتم كما يزعم البعض: انك برسائلك هذه تفسد علينا مدنيتنا وتحول دون تمتعنا بمباهج الحياة وملذاتها.
فأنا اقول: "انه لا يمكن لأي شعب أن يعيش بلا دين" وهذا دستور عام، معترف به في الدنيا كلها. ولا سيما ان كان هناك كفراً مطلقاً فانه يسبب لصاحبه عذاباً اشد ايلاماً من عذاب جهنم في الدنيا نفسها. كما اثبت ذلك بادلة وبراهين لا تقبل المناقشة في رسالة "مرشد الشباب"، تلك الرسالة المطبوعة رسمياً، اذ لو ارتد مسلم - والعياذ بالله - فانه يقع في الكفر المطلق، ولن يبقى في الكفر المشكوك فيه الذي يمهل الحياة لصاحبه الى حدٍ ما. ولا يكون كملاحدة الاجانب ايضاً. بل من حيث التمتع بملذات الحياة التي قد يتصورها، لا يكون حظه من ذلك سوى الهبوط الى مرتبة أدنى من مرتبة الحيوانات بمائة مرة التي لامعنى للماضي والمستقبل لديها. وذلك لأن موت الموجودات السابقة واللاحقة وفراقها الابدي، يترك في نفسه آلاماً مستمرة متعاقبة بسبب ضلاله.
_____________________
1 تضم هذه المجموعة الرسائل الآتية: المعجزات القرآنية والمعجزات الأحمدية ورسالة الحشر وذيولها..المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 410
أما اذا جاء الايمان ولامس بشاشة القلب وتمكّن فيه، فان اولئك الاصدقاء الذين لا يحصيهم العد سيحيون فجأةً ويقولون بلسان حالهم: نحن لم نمت.. ولم نفنَ..! وحينئدٍ تنقلب تلك الحالة الجهنمية الى لذائذ فيحاء وروضة غناء.
فما دامت الحقيقية هي هذه، فانني اذكّركم بالآتي:
لا تبارزوا رسائل النور المستندة الى القرآن الكريم فانها لا تُغلب. وإلاّ سيكون امر هذه البلاد مؤسفاً اذا ما حاول احد طمس نورها 1 وسوف تذهب الى مكان آخر، وتنور ايضاً.
ألا فلتعلموا جيداً بأنه لو كان لي من الرؤوس بعدد ما في رأسي من الشعر، وفُصل كل يوم واحد منها عن جسدي، فلن احني هذا الرأس الذي نذرته للحقائق القرآنية أمام الزندقة والكفر المطلق، ولن اتخلى بحال من الاحوال عن هذه الخدمة الايمانية النورية، ولا يسعني التخلي عنها.
لا شك انه لا ينظر الى نقائص تقع في إفادة معتكف منذ عشرين سنة، ولا يقال أنه خرج عن الصدد، ذلك لأنه يدافع عن رسائل النور، اذ ما دامت محكمة "أسكي شهر" لم تجد غير مادة أو مادتين لرسالة أورسالتين من بين مائة من الرسائل السرية الخاصة والعلنية العامة، اثناء اجراء التدقيق عليها خلال اربعة أشهر، علماً ان المادتين توجبان عقاباً خفيفاً، حتى ان المحكمة حكمت بالسجن لمدة ستة اشهر على خمسة عشر من المتهمين البالغ عددهم مائة وعشرين شخصاً، ونحن بدورنا قضينا هذا العقاب..
وما دامت جميع اجزاء رسائل النور قد اصبحت في متناول المسؤولين - قبل سنوات - واعيدت الى اصحابها بعد اجراء التدقيق عليها خلال شهور عدة..
وما دامت لم تظهر اية امارة تمس العدلية والأمن طوال ثماني سنوات في"قسطموني" رغم التحريات الدقيقة..
وما دام قد تحقق لدى هيئة التحريات الاخيرة في "قسطموني" - قبل سنوات - ان بعض الرسائل وجدت تحت اكوام الحطب، مما يوميْ الى عدم نشرها بل فقدانها..
_____________________
1 ولعل الزلازل العنيفة التي حدثت اثناء المبارزة تثبت صدق حكم: سيكون أمر هذا البلاد مؤسفاً.- المؤلف.


الشعاع الرابع عشر - ص: 411
وما دام مدير الشرطة في "قسطموني" ومسؤول العدلية قد وعداني وعداً قاطعاً باعادة الكتب المخفية لي وقبل استلامي لها ساقوني في اليوم التالي بمجرد مجيئ امر التوقيف من "اسبارطة"..
ومادامت محكمتا "دنيزلي وانقرة" قد برأتا ساحتنا واعادتا الينا جميع الرسائل..
فلا بد وبناء على هذه الحقائق الست ومن مقتضى واجب محكمة "دنيزلي" ومدعيها العام كما هو من واجب عدلية "آفيون" ومدعيها العام اخذ جميع حقوقي المهمة بنظر الاعتبار. فأنا على امل ان المدعي العام الذي يدافع عن الحقوق العامة سيدافع عن حقوقي الشخصية التي اصبحت بمثابة الحقوق العامة لمناسبة رسائل النور. بل انتظر ذلك منه.
ان سعيداً الجديد الذي انسحب من ميدان الحياة الاجتماعية منذ اثنتىن وعشرين سنة، ويجهل القوانين الحاضرة واصول الدفاع الحالية، والتي قدم مائة صحيفة من الدفاع المبرهن ببراهين لا تجرح والذي قدّمها سابقاً الى محكمتي "اسكي شهر ودنيزلي" وقاسى جزاء تقصيراته الى ذلك الوقت. ومن بعده في "قسطموني" وفي "اميرداغ" حيث قضى حياته فيما يشبه السجن المنفرد وتحت الرقابة الدائمة.. اقول ان هذا السعيد الجديد وأمره هذا، يؤثر جانب الصمت ويدع الكلام لسعيد القديم.
يقول سعيد القديم:
لما كان سعيد الجديد قد اعرض عن الدنيا ولا يتكلم مع اهلها ولا يجد مبرراً للدفاع الاّ اذا اضطر الى ذلك. الاّ ان المسألة تمس الكثيرين من الابرياء من الفلاحين واصحاب الاعمال حيث يعتقلون بمناسبة علاقتهم الواهية معنا، وتصيب اعمالهم الكساد لعجزهم عن تدارك حاجات اهليهم واطفالهم في موسم العمل هذا.. ان هذا الأمر قد مسّ وجداني مساً قوياً وابكاني من الاعماق.
لذا اقسم بالله العظيم انه لو كان باستطاعتي ان آخذ على عاتقي جميع مشاق اولئك لأخذتها، فالذنب كله يعود لي - ان كان هناك ذنب - وهم ابرياء اصلاً. فلأجل هذه الحالة المؤلمة، على الرغم من سكوت سعيد الجديد اقول:
الشعاع الرابع عشر - ص: 412
لما كان سعيد الجديد يجيب عن مائة من الاسئلة التافهة للمدعين العامين - لولايتي اسبارطة ودنيزلي وآفيون - فأنا كذلك من حقي ان أسأل ثلاثة اسئلة من وزير الداخلية التي يرأسها شكري قايا، وأسأل من وزارة العدل الحاضرة. والأسئلة هي:
السؤال الاول:
بأي قانون يجري توقيفي وتوقيف مائة وعشرين شخصاً معي، جراء مشادة كلامية لم تفض الى حادثة، جرت بين شخص اعتيادي من "اكريدر" وهو ليس من طلاب النور وبين عريف شرطة (جاويش) لمجرد ان وجد بحوزته احد مكاتيبي الاعتيادية، ومن ثم اجراء التحقيق عليه من قبل المحكمة في اربعة أشهر، ومن بعد ذلك ابراء ساحة الجميع سوى خمسة عشر شخصاً من الضعفاء المساكين، مع إلحاق ضرر مالي لأكثر من مائة شخص باكثر من ألف ليرة؟.
تُرى بأي أصل من اصول القانون يمكن جعل الامكانات والاحتمالات بدلاَ عن الوقوعات؟ وعلى وفق اي دستور يتم اضرار سبعين شخصاً من "دنيزلي" ضرراً مالياً يقدّر بالوف الليرات بعد ان كسبوا البراءة؟
السؤال الثاني:
الدستور الالهي هو(ولاتزر وازرة وزر اخرى) (الانعام :164) وان وجود رسالة صغيرة قد حظرنا نشرها، ولم احصل عليها خلال ثماني سنوات سوى مرة او مرتين، وقد كتب اصلها قبل خمس وعشرين سنة وهي التي تنقذ الايمان من الشبهات في نقاط مهمة فيها، وتنجي المرء من الوقوع في انكار الاحاديث المتشابهة.. اقول: ان حصول هذه الرسالة الصغيرة لدى رجل لا نعرفه وفي مكان بعيد عنا، ومنحها معنىً مغايراً لها، ووجدان مكتوب في "كوتاهية" و "باليكسر" ينم عن تعرض طفيف، ثم توقيفنا جراء ذلك في شهر رمضان المبارك حينها وفي هذا الجو القارس حالياً، مع كثير من الفلاحين والكسبة الابرياء، وتوقيف شخص لمجرد وجود مكتوب اعتيادي قديم لنا بحوزته، أو أخذني في جولة بسيارته، أو أبدى علاقة صداقة معنا، او لقراءته احد كتبي، وإلحاق ضرر مادي ومعنوي بهم وبالوطن وبالأمة بقدر الوف الليرات استناداً الى شبهات تافهة.. أتساءل: اي قانون من قوانين العدالة يجري كل هذا؟ وحسب اية مادة قانونية تنفذ الامور؟ اننا نطالب بمعرفة تلك القوانين لئلا نخطئ في المسير!
الشعاع الرابع عشر - ص: 413
نعم، ان حقيقة احد الاسباب التي ادت الى اعتقالنا في كل من "دنيزلي" و "آفيون" هي "الشعاع الخامس". علماً ان هذه الرسالة كتب اصلها قبل فترة دار الحكمة الاسلامية بكثير، بنية انقاذ إيمان العوام تجاه المنكرين لطائفة من احاديث نبوية شريفة لجهلهم بمراميها وتأويلاتها، حتى قالوا: لا يطيب لها العقل. ولنفرض فرضاً محالاً ان هذه الرسالة متوجهة الى الدنيا والسياسة، وكتبت في الوقت الحاضر. ولكن لانها رسالة سرية، ولم يعثر عليها عندنا لدى إجراء التحريات، وان ما اخبرت به من امور مستقبلية هي صحيحة، وانها تزيل الشبهات الواردة على الايمان، ولا تمس الأمن والنظام ولا تتعرض لأشخاص معينين، بل تبين حقيقة علمية بياناً كلياً.. اقول: لو فرضنا هذا فرضاً محالاً، فلا يشكل ايضاً ذنباً. وذلك لأنها أخذت بالسرية التامة للحيلولة دون حدوث مناقشة حولها. قبل ان تنشرها وتعلن عنها المحاكم.
ثم ان ردّ شئ ما ورفضه يخالف تماماً عدم قبوله قبولاً علمياً ويباين كلياً عدم العمل به. فتلك الرسالة لا تقبل علمياً النظام الذي سيأتي في المستقبل القريب، بل ترفضه، وهذا لا يشكل ذنباً. ولا نجد احتمال وجود ذنب بمثل هذا في قوانين العدالة في العالم كله.
حاصل الكلام: ان الكفر المطلق يبيد الحياة الابدية ويحول الحياة الدنيوية الى سّم زعاف ويمحي لذتها ومتعها.. فرسائل النور منذ ثلاثين سنة تقطع دابر هذا الكفر. وقد حازت التوفيق في دحرها المفهوم الكفري الرهيب الذي يحمله الماديون الطبيعيون، وتثبت ببراهين ساطعة دساتير سعادة هذه الامة في حياتيها، وتستند الى حقيقة القرآن السامية. فرسائل هذا شأنها لوكانت لها ألف نقص ونقص - وليست مسألة او مسألتين - تترجح حسناتها التي تفوق الالوف على نقائصها بل تذهبها. نحن ندّعي هذا ومستعدون للاثبات.
السؤال الثالث:
من المعلوم انه لو شوهدت خمس كلمات غير مستساغة قانوناً في مكتوب يحمل عشرين كلمة فان تلك الكلمات الخمس تحذف ويُسمح للاخريات. ولقد تُوهّم في خمس عشرة كلمة وهماً ظاهرياً على انها تحمل ذنباً، وذلك في محكمة "
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 414
اسكي شهر" بعد اجراء التدقيق عليها لمدة اربعة اشهر. ولم تجد هيئة الوكلاء في مجموعة "ذوالفقار" البالغة اربعمائة صفحة ما يخالف القانون الحالي سوى صفحتين فقط، لا تلائمان القوانين الحاضرة. علماً ان الصفحتين لم تتعرضا الاّ لتفسير آيتين كريمتين كتب قبل ثلاثين سنة، وان خبراء "دنيزلي" و "آنقرة" لم يجدوا الاّ خمسة عشر سهواً في رسائل النور، التي اصبحت وسيلة لاصلاح مئات الالوف من الناس الى الآن، وحققت للبلاد والامة الفاً من المنافع..
ثم ان اخذ عائلة "جالشقان" الى التوقيف في موسم العمل هذا وفي عز الشتاء القارس مع ايّ مبدأ يتلائم من مبادئ الجمهورية؟ وايّ قانون من قوانينها يجيزه؟ علماً بان كل ما قامت به هذه العائلة هى انها قدمت خدمات بسيطة للرسائل واستنسخوها لانقاذ ايمانهم وعاونونى في غربتى في "امير داغ" اشفاقاً على شيخوختى وابتغاء لوجه الله.
وما دامت مبادئ الجمهورية لا تتعرض للملاحدة، وفقاً لمبدأ حرية الضمير والوجدان، فمن الأولى والأحق ان لاتتعرض لأولئك الذين لا علاقة لهم بالدنيا، ولا يجادلون مع اهلها، ويعملون لآخرتهم وايمانهم ووطنهم بشكل نافع. كما لا ينبغي ولا يحق لأرباب السياسة الذين بيدهم السلطة في آسيا التي تشرفت بالانبياء ان يحملوا الشعب على التخلي عن الصلاح والتقوى اللذين هما بمثابة الغذاء والعلاج من الحاجات الضرورية لهذه الامة منذ الف عام.
انه من مقتضى الانسانية الصفح عن تقصيرات ترد ضمن اسئلة من قضى عشرين سنة من عمره معتكفاً منزوياً عن الناس تلك التي يسألها بعقل سعيد القديم قبل عشرين سنة.
اننى اذكركم بالآتي لمنفعة الامة والأمن وكواجب من واجباتي الوطنية:
ان اعتقال او محاولة الاساءة الى اولئك الذين لهم علاقة واهية بنا وبرسائل النور، قد يدفع بالكثيرين ممن لهم منافع ايجابية للوطن والنظام ان يتحولوا الى أناس معادين للادارة، ويفسح المجال للفوضى والارهاب.
الشعاع الرابع عشر - ص: 415
نعم، ان عدد الذين انقذوا ايمانهم برسائل النور، واندفع بها خطرهم عن المجتمع، بل اصبحوا اعضاء نافعين ايجابيين يزيد كثيراً على مائة الف شخص. وهم يشغلون مناصب رفيعة في كل دائرة من دوائر الحكومة الجمهورية، ويمثلون مختلف طبقات الناس، وهم يعملون بتفانٍ واخلاص كاملين وعلى اتم وجه من الصدق والنفع والاستقامة.. فالانصاف يقتضي اذاً حماية هؤلاء ومساندتهم لا محاولة الاساءة إليهم.
ان فريقاً من الموظفين الرسميين الذين ضربوا صفحاً عن الانصات الى شكوانا ولم يسمحوا لنا بالكلام ويتذرعون بمختلف الحجج والادعاءات الزائفة في مضايقتنا ليحملوننا على الاعتقاد، اعتقاداً قوياً، بأنهم بتصرفهم هذا انما يفسحون المجال للفوضى في البلاد.
ثم اني اقول باسم مصلحة الحكومة:
ما دامت محكمتا "دنيزلي وانقرة" لم يتعرضا "للشعاع الخامس" بعد اجراء التدقيق عليه واعيد الينا. فمن الضروري للادارة الاّ تقحمه في امور رسمية ثانية فتجعل منه موضع نقاش.
فكما اننا قد اخفينا تلك الرسالة قبل ان تحصل عليها المحكمة وتعلن عنها. فعلى محكمة "آفيون" الاّ تجعل منها مدار سؤال وجواب. لأن تلك الرسالة قوية، لا تردّ. وقد اخبرت عن حوادث قبل وقوعها، ووقعت كما اخبرت. فضلاً عن انها لا تستهدف امور الدنيا. وكل ما في الامر أن احد معانيها الكثيرة توافق رجلاً مات وانتهى امره 1. فلقد حملني وجداني أن اذكركم لمصلحة البلاد والامة ولأجل صيانة الامن والنظام والادارة بالآتي:
لا يدفعنكم التعصب لذلك الرجل الميت الى اقحام ذلك الخبر الغيبى والمعنى الوارد في تلك الرسالة في امور رسمية فانها تفسح المجال لزيادة الاعلان عنها
* * *
_____________________
1 المقصود مصطفى كمال:- المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 416
الى السادة رئيس محكمة افيون والمدعي العام والاعضاء
اقدم لكم هنا نص الدفاع الذي كنت قد قدمته الى المراجع العدلية في "دنيزلي" والذي اشتمل على تسعة اسس.
انني - كما تعلمون - شخص قد ترك الحياة الاجتماعية ولاسيما الحياة الرسمية والسياسية التي لها نواح دقيقة. لذا فانني لا اعلم ما يجب عليّ عمله حيالها، ولا افكر في ذلك، اذ ان التفكير فيه يؤلمني ألماً شديداً، ولكني مضطر الى ان ادرج دفاعي هذا لانني تعرضت في محكمة سابقة الى اسئلة متكررة عديدة لا داعي لها من شخص لايتصف بالانصاف، وهذا الدفاع (الذي يعد بمثابة خاتمة للاجوبة التي قدمتها آنذاك) قد يخرج احياناً عن الصدد، وقد يكون فيه تكرار لالزوم له، وقد يخلو من النظام والاتساق، وقد يحوي على عبارات عنيفة يمكن ان تستغل ضدي، او جملاً تخالف بعض القوانين الجديدة التي لااعرفها، ولكن مادام هذا الدفاع يتوجه نحو الحقيقة ويستهدفها لذا يمكن التجاوز عن جوانب القصور هذه من اجل الحقيقة. ان دفاعي كان يستند الى تسعة اسس:
الاول:
مادامت حكومة الجمهورية لاتتعرض لاهل الالحاد ولاهل السفاهة وذلك تحت شعار حرية الوجدان السارية في الجمهورية، لذا فان عليها - من باب اولى - الاّ تتعرض لأهل الدين ولاهل التقوى.. ومادامت أية امة لاتستطيع العيش دون دين، خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان امم قارة اسيا لاتشبه امم اوروبا من ناحية الدين، وان الاسلام لايشبه النصرانية من زاوية الحياة الشخصية والحياة الاخروية فالمسلم الملحد لايشبه الملاحدة الآخرين. لذا اصبح هذا الدين حاجة فطرية في اعماق هذه الامة التي نورت ارجاء الدنيا منذ الف عام بدينها وبدفاعها البطولي عن تمسكها بهذا الدين تجاه جميع غارات العالم وهجومه عليه. وليس هناك اي تقدم واية مدنية تستطيع الحلول محل تعلم الصلاح والدين وحقائق الايمان في نفس هذه الامة.. لاتستطيع ان تحل محله ولا ان تنسيها اياه: اذن فان على اية حكومة تحكم امة هذا
الشعاع الرابع عشر - ص: 417
الوطن وتأخذ العدالة والأمن بنظر الاعتبار ألا تتعرض لرسائل النور، ويجب الاّ يسوقها احد الى ذلك.
الاساس الثاني:
هناك فرق كبير بين ان ترفض وترد شيئاً ما وبين الاّ تعمل بذلك الشئ. ففي كل حكومة هناك جماعة معارضة لها بشدة، فقد يكون هناك جماعة مسلمون تحت حكم مجوسي، وقد يكون هناك يهود او نصارى تحت حكم اسلامي كما في عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه ومع ذلك تصان الحرية الشخصية لمن لايخل بالامن ولايتعرض لادارة الحكومة، فالحكومات يهمها الظاهر ولاتنقب ما في داخل القلوب. علماً بان اي شخص يروم التعرض للامن وللسياسة ولادارة الدولة لابد ان يطالع الجرائد ويتتبع ما يجري في الدنيا من احداث لكي يحيط علماً بالتيارات وبالاوضاع المساعدة لها، لكي لايخطأ في تصرفه ولاتزل قدمه. اما رسائل النور فقد منعت طلابها عن هذا منعاً باتاً، حتى ان اصدقائي المقربين يعلمون بانني ومنذ خمس وعشرين سنة تركت الجرائد ولم اسأل ولم استفسر عن اية جريدة ولم يكن لدي فضول او رغبة فيها فضلا عن قراءتها. واما الآن فلا اعرف (ومنذ عشر سنوات) اي شئ عن اخبار العالم واوضاعها سوى عن هزيمة الالمان وانتصار البلاشفة.. الى هذه الدرجة منعتنى رسائل النور وابعدتني عن الحياة الاجتماعية. اذن فمن المفروض ومن الواجب ان تمنع حكمة الحكومة وقانون السياسة ودستور العدالة التعرض لي او لاخواني من امثالي، وكل من يتعرض لايفعل ذلك الاّ تحت تأثير اوهامه او احقاده او عناده.
الاساس الثالث:
لقد اضطررت الى تقديم الشرح الطويل التالي جواباً على اعتراضات خاطئة لامعنى لها ولا ضرورة لها، التي قدمها المدعي العام في المحكمة السابقة حول ماجاء في "الشعاع الخامس". ولم يكن هذا المدعي يستند الى مادة في القانون، بل الى حب وتعصب لشخص ميت.
اولاً: لقد كنا نحتفظ بـ"الشعاع الخامس" بشكل سري قبل ان تقع هذه الرسالة في يد الحكومة، ورغم التحريات التي اجريت لم تعثر الحكومة عندي على نسخة
الشعاع الرابع عشر - ص: 418
منها. ولم تكن غاية هذه الرسالة الاّ انقاذ ايمان العوام وازالة شبههم وانقاذهم من رد وانكار بعض الاحاديث المتشابهة. ولم تلتفت هذه الرسالة الى شؤون الدنيا الاّ بالدرجة الثالثة او الرابعة وكشئ عرضي. علماً بان ما اخبرته كان صحيحاً ولم تتعرض لاهل السياسة ولاهل الدنيا ولم تخاصمهم او تبارزهم، بل اكتفت بسوق الاخبار دون ان تعيّن الاشخاص او ان تسمي المسميات، بل تبين حقيقة حديث نبوي بشكل كلي وعام. ولكنهم قاموا بتطبيق هذه الحقيقة على شخص مدهش عاش في هذا العصر فانطبقت عليه تماماً، لذا فقد اظهروا اعتراضهم لانهم حسبوا ان هذه الرسالة أُلفت في هذه السنوات، علماً بان تاريخ هذه الرسالة اقدم من تاريخ انتسابي الى "دار الحكمة الاسلامية" ولكنها نسّقت فيما بعد ودخلت ضمن رسائل النور، واليكم التفاصيل:
قدمت الى استانبول قبل اربعين سنة، اي قبل عام واحد فقط من اعلان الحرية 1، وكان القائد الياباني العام آنذاك قد وجّه الى علماء الاسلام بعض الاسئلة الدينية، فتوجه علماء استانبول بهذه الاسئلة اليّ كما طرحوا عليّ اسئلة اخرى عديدة بهذه المناسبة، ومن ضمن هذه الاسئلة ماورد في احد الاحاديث الشريفة انه:
(يصبح شخص رهيب في آخر الزمان وقد كتب على جبينه: هذا كافر) فقلت:
سيتولى امر هذه الامة شخص عجيب، ويصبح وقد لبس قبعة على رأسه، ويكره الناس على لبسها. فسألوني بعد هذا الجواب:
ألا يكون من يلبسها آنذاك كافراً؟ قلت:
عندما تستقر القبعة على الرأس ستقول: لاتسجد، ولكن الايمان الموجود في الرأس سيرغم تلك القبعة على السجود ان شاء الله، وسيدخلها الاسلام.
ثم قالوا:
وسيشرب هذا الشخص ماءً وستنثقب يده، وعند ذلك سيعلم الجميع انه "السفياني"
_____________________
1 اعلان الحرية: المقصود منه الاعلان الثانى للدستور، اى المشروطية الثانية وتم ذلك سنة 1908 من قبل السلطان عبد الحميد الثانى. - المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 419
فاجبتهم:
هناك مثل يضرب للمسرف فيقال عنه: ان يده مثقوبة وكفه منخرقة، اي ان المال لايبقى في يده، بل يسيل ويضيع.
وهكذا فان ذلك الشخص المدهش والعجيب سيبتلى بالادمان على الخمر (وهو سائل) وسيمرض جراء هذا الادمان مما سيقوده الى اسرافات لاحدود لها، وسيعوّد غيره ايضاً على الاسراف.
فسأل احدهم:
عندما يموت هذا الشخص سيهتف الشيطان في منطقة "ديكيلي طاش" في استانبول للدنيا ان فلاناً قد مات.
فقلت له آنذاك:
"سيعلن هذا النبأ عن طريق البرقيات". ولكني عندما سمعت فيما بعد باختراع الراديو علمت ان جوابي القديم لم يكن تاماً.. وقلت بعد ثماني سنوات عندما كنت في دار الحكمة:
"سيتم اعلان النبأ الى العالم اجمع بوساطة الراديو".
ثم سألوا اسئلة عديدة حول سد ذي القرنين ويأجوج ومأجوج وحول دابة الارض والدجال وعن نزول عيسى عليه السلام، فاجبت عنها، حتى ان قسماً من هذه الاجوبة ادرج في بعض مؤلفاتي القديمة.
بعد مدة ارسل مصطفى كمال رسالتين بالشفرة الى صديقي تحسين بك الذي كان آنذاك والياً على مدينة "وان" يستدعيني الى "انقرة" لكي يكافئني على قيامي بنشر رسالة "الخطوات الست" 1 فذهبت اليها. فعرض عليّ تعييني في وظيفة الواعظ العام في الولايات الشرقية براتب قدره ثلاثمائة ليرة في محل الشيخ السنوسي وذلك لعدم معرفة الشيخ اللغة الكردية، وكذلك تعييني نائباً في مجلس المبعوثان
_____________________
1 في تلك الفترة كانت هناك حكومتان: حكومة الخلافة في استانبول تحت الاحتلال الانكليزي. وحكومة منشقة في انقرة برئاسة مصطفى كمال تقاتل دول الاحتلال. وكان الاستاذ النورسي في استانبول آنذاك فنشر هناك هذه الرسالة الموجهة ضد احتلال الانكليز ودحض سياستهم، وكان لها وقع كبير آنذاك. - المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 420
(المجلس النيابى) وفي رئاسة الشؤون الدينية مع عضوية في "دار الحكمة"، وكان يريد بذلك ارضائي وتعويضي عن وظيفتي السابقة، وكان السلطان رشاد قد خصص تسعة آلاف ليرة ذهبية لانشاء مدرسة الزهراء - التي كنت قد وضعت اسسها - ودار الفنون في مدينة "وان" فقرر مجلس المبعوثان زيادة هذا المبلغ الى مائة وخمسين الف ليرة ورقية حيث وقّع ثلاث وستون ومائة نائباً من بين اعضاء المجلس البالغ عددهم مائتي نائب بالموافقة على ذلك.
ولكني عندما لاحظت ان قسماً مما جاء من الاخبار في المتن الاصلي لرسالة "الشعاع الخامس" ينطبق على شخص شاهدته هناك، فقد اضطررت الى ترك تلك الوظائف المهمة، اذ اقتنعت بان من المستحيل التفاهم مع هذا الشخص او التعامل معه او الوقوف امامه، فنبذت امور الدنيا وامور السياسة والحياة الاجتماعية، وحصرت وقتي في سبيل انقاذ الايمان فقط. ولكن بعض الموظفين الطاغين والبعيدين عن الانصاف استكتبوني رسالتين او ثلاثاً من الرسائل المتوجهة الى الدنيا ثم قمت - نزولاً عند رغبة بعض الذوات - بجمع وتنظيم اصول تلك الرسائل القديمة بمناسبة الاسئلة المتعلقة بالاحاديث النبوية المتشابهة حول علامات يوم القيامة حيث اخذت هذه الرسالة اسم "الشعاع الخامس" من رسائل النور. وان ارقام رسائل النور ليست مطردة مع ترتيب او تسلسل تأليفها، فالمكتوب الثالث والثلاثون مثلاً ألّف قبل المكتوب الاول، كما ان اصل "الشعاع الخامس" هذا مع بعض اجزاء رسائل النور تم تأليفها قبل رسائل النور. على اية حال فان تعصب المدعي العام لمصطفى كمال وصداقته له - وهو يشغل مثل هذا المقام - ادّى الى اسئلة واعتراضات غير قانونية وغير ضرورية وخاطئة مما ساقني الى تقديم هذه الايضاحات الخارجة عن الصدد، وانا ابين هنا احد اقواله كمثال على كلامه المشوب بالمزاج الشخصي الخارج عن القانون.
قال: ألم تندم من قلبك بما اوردته في "الشعاع الخامس"؟ ذلك لانك قمت باهانته وتحقيره عندما قلت عنه: انه اصبح مثل قربة الماء من كثرة شربه الخمر والشراب.
وانا اقول جواباً لتعصبه الذميم والخاطئ تماماً الناشئ من صداقته له:
الشعاع الرابع عشر - ص: 421
لايمكن اسناد شرف انتصار الجيش البطل اليه وحده، ولكن تكون له حصة معينة فقط من هذا الانتصار. فمن الظلم ومن الخروج على العدالة بشكل صارخ اعطاء غنائم الجيش وامواله وارزاقه الى قائد واحد.
وكما قام ذلك المدعي العام البعيد عن الانصاف باتهامي لكوني لا احب ذلك الشخص ذا العيوب الكثيرة، الى درجة انه وضعني موضع الخائن للوطن، فانني اتهمه ايضاً بعدم حبه للجيش، ذلك لانه عندما يعطي الى صديقه ذاك كل الشرف وكل المغانم المعنوية فانه يكون بذلك قد جرد الجيش من الشرف، بينما الحقيقة هي وجوب توزيع الامور الايجابية والحسنات والافضال على الجماعة وعلى الجيش، اما الامور السلبية والتقصيرات والتخريبات فيجب توجيهها الى القيادة والى الرأس المدبر والى الممسك بزمام الامور. ذلك لان وجود اي شئ لايتحقق الا بتحقق جميع شرائط واركان الوجود، والقائد هنا شرط واحد فقط من هذه الشروط. اما انتفاء اي شئ وفساده فيكفي له عدم وجود شرط واحد او فساد ركن واحد فقط. لذا يمكن عزو ذلك الفساد الى الرأس المدبر والى الرئيس لان الحسنات والامور الجيدة تكون عادة ايجابية ووجودية. فلايمكن حصرها على من هم في رأس الدولة. بينما السيئات والتقصيرات عدمية وتخريبية ويكون الرؤساء هم المسؤولون عنها. ومادام هذا هو الحق وهو الحقيقة فكيف يمكن ان يقال لرئيس عشيرة قامت بفتوحات: "احسنت ياحسن آغا"؟ واذا غُلبت تلك العشيرة وجهت الى افرادها الاهانة والتحقير؟.. ان مثل هذا التصرف يكون مجانباً للحق تماماً ومعاكساً له.
وهكذا فان ذلك المدعي العام الذي قام باتهامي قد جانب الحق والحقيقة وجانب الصواب، ومع ذلك فهو بزعمه قد حكم باسم العدالة.
وعلى مثال خطأ هذا الشخص فقد جاءني قبيل الحرب العالمية السابقة في مدينة "وان" بعض الاشخاص المتدينين والمتقين وقالوا لي:
"هناك بعض القواد تصدر منهم اعمال ضد الدين. فاشترك معنا لاننا سنعلن العصيان عليهم".
الشعاع الرابع عشر - ص: 422
قلت لهم:
"ان تلك الاعمال اللادينية وتلك السيئات تعود الى أمثال اولئك القواد. ولايمكن ان نحمّل الجيش مسؤوليتها، ففي هذا الجيش العثماني قد يوجد مائة الفٍ من اولياء الله. وانا لا استطيع ان امتشق سيفي ضد هذا الجيش، لذا لا استطيع ان اشترك معكم". فتركني هؤلاء، وشهروا اسلحتهم، وكانت النتيجة حدوث واقعة "بتليس" 1 التي لم تحقق اي هدف. وبعد قليل اندلعت الحرب العالمية، واشترك ذلك الجيش في تلك الحرب تحت راية الدين ودخل حومة الجهاد، فارتقت منه مئات الالاف من الشهداء الى مرتبة الاولياء، فقد وقعوا بدمائهم على شهادات الولاية. وكان هذا برهاناً وتصديقاً على صحة سلوكي وصواب تصرفي في تلك الدعوى.
على اية حال.. لقد اضطررت الى الاطالة قليلاً وقد ساقتني اليها تصرفات المدعي العام العجيبة والمتسمة بالاهانة تجاهي وتجاه رسائل النور، مع ان من الواجب عند من يتكلم باسم العدالة الاّ يسمح لأية عواطف شخصية ولا لأية مؤثرات خارجية بالتأثير عليه وجرّه الى الخطأ وان كان جزئياً او الى عدم الحياد والى الحكم بانفعالات شخصية ونفسية.
الاساس الرابع:
بعد ان قامت محكمة "اسكي شهر" بتدقيق مئات الرسائل والخطابات طوال اربعة اشهر، اعطت حكماً بالسجن ستة اشهر لخمسة عشر شخصاً فقط من بين مائة وعشرين متهماً. اما بالنسبة لي فقد حكم عليّ بالسجن سنة واحدة. فمع انهم دققوا مائة رسالة (من رسائلي) فلم يجدوا فيها شيئاً سوى خمس عشرة كلمة في رسالة او في رسالتين. وصدر القرار ببراءتي في مسائل تشكيل الطرق الصوفية والجمعيات السياسية وفي موضوع القبعة، وقد قضينا مدة الحكم في السجن. وبعد ذلك وفي "قسطموني" لم يجدوا شيئاً لادانتي مع انهم تحروا وبحثوا وفتشوا كثيراً ولعدة مرات. وقبل سنوات وضعت الحكومة يدها في "اسبارطة" على جميع اجزاء رسائل
_____________________
1 عصيان قامت به العشائر الكردية المحيطة بمدينة بتليس ضد حكم الاتحاد والترقي قبيل الحرب العالمية الاولى. - المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 423
النور بلا استثناء، العلنية منها والسرية الخاصة، وبعد تدقيق هذه الرسائل لمدة ثلاثة اشهر اعادتها الى اصحابها. وبعد عدة سنوات بقيت جميع الرسائل تحت تدقيق محكمة "دنيزلي" ومحكمة "انقرة" لمدة سنتين، ثم اعيدت جميعها الينا. اذن فما دامت هذه هي الحقيقة فان القيام باتهامي واتهام رسائل النور وطلبة رسائل النور من قبل اناس يتكلمون باسم القانون ولكنهم يتصرفون بحقد ويلوموننا تحت تأثير اهواء ومشاعر شخصية وبشكل غير قانوني، لايعني اتهامنا فقط بل يعني قبل ذلك اتهام محكمة "اسكي شهر" وكذلك اتهام محكمة "قسطموني" واتهام موظفي الامن في تلك الولاية، ويعني ايضاً اتهام جهاز العدالة في "اسبارطة" وكذلك محكمة "دنيزلي" ومحكمة الجنايات الكبرى في انقرة، اي انهم يقومون باشراك كل هذه المؤسسات معنا في الذنب (ان كان لنا اي ذنب). لانه لو كان لنا اي ذنب فمعنى ذلك ان الجهات الامنية في تلك الولايات الثلاثة او الاربعة لم تستطع ان ترى شيئاً رغم مراقبتها الدقيقة، او انها رأت ولكنها اغمضت عيونها، كما ان تلك المحكمتين لم تستطيعا معرفة ذلك مع قيامهما بالفحص الدقيق طوال سنتين او انهما لم يقرآ باهتمام. اذن فان هذه الجهات تكون هي المتهمة اكثر مما نكون نحن. هذا علماً بانه لو كانت لدينا رغبة في التوجه الى الامور الدنيوية، لما كان الصوت الصادر منا مثل طنين الذباب، بل لكان صوتاً هادراً كدويّ المدافع.
اجل ان رجلاً دافع بكل شدة وصلابة دفاعاً مؤثراً ودون خوف او وجل امام المحكمة العرفية العسكرية التي انعقدت بسبب احداث 31 مارت 1، وفي مجلس المبعوثان دون ان يبالي بغضب مصطفى كمال وحدّته.. كيف يتهم هذا الشخص بانه يدير سراً خلال ثمانى عشرة سنة ودون ان يشعر به احد مؤامرات سياسية؟ ان من يقوم بمثل هذا الاتهام لاشك انه شخص مغرض. وكما امّلنا من المدعي العام لمحكمة "دنيزلي" فاننا نأمل من المدعي العام لمحكمة "افيون" ان ينقذنا من اعتراضات هؤلاء المغرضين ومن احقادهم، وان يُظهر وجه العدالة وحقيقتها.
_____________________
1 حوادث 31مارت: هي حركة تمرد في الجيش عام 1909م تسببت في اندلاعها جماعة الاتحاد والترقي واتهموا السلطان عبد الحميد باثارتها كمبرر لعزله، مع ان السلطان نفى هذا الاتهام وطلب تشكيل لجنة تتقصى الحقائق الا ان الاتحاديين رفضوا ذلك وعزلوا السلطان(المترجم).

الشعاع الرابع عشر - ص: 424
الاساس الخامس:
ان من الدساتير الاساسية لطلبة النور هو عدم التعرض قدر الامكان للسياسة ولأمور الحكومة وشؤونها واجراءاتها، ذلك لان القيام بخدمة القرآن باخلاص يكفيهم ويغنيهم عن اي شئ آخر. ثم ان الداخلين الآن ساحة السياسة مع وجود تيارات قوية سائدة لايستطيع احد منهم ان يحافظ على استقلاليته وعلى اخلاصه، لان تياراً من هذه التيارات سيجره اليه ويجعله يعمل لحسابه ويستغله في مقاصده الدنيوية، مما يؤدي الى الاخلال بقدسية عمله وخدمته. ثم ان اشد انواع الظلم مع اشد انواع الاستبداد قد اصبحا دستوراً وقانوناً من قوانين الصراع والنزاع المادي في هذا العصر، وهذا يعني ان كثيراً من الابرياء يذهبون ضحية خطأ فرد واحد، او يقع هذا الفرد مغلوباً على امره. عند ذلك يتوهم من هجر دينه من اجل دنياه او جعل دينه وسيلة لدنياه ان حقائق القرآن المقدسة - التي لاينبغي ان تستغل لاي شئ - قد تم استغلالها في ساحة الدعاية السياسية. ثم ان افراد الامة بجميع طبقاتها.. المعارضين منهم او المؤيدين، الموظفين منهم او العامة.. جميعهم لهم حصة في تلك الحقائق القرآنية وهم بحاجة اليها، لذا كان على طلبة النور ان يبقوا محايدين تماماً، وكان من الضروري لهم عدم الخوض في السياسة وفي الصراع المادي وعدم الاشتراك فيه.
الاساس السادس:
لايجوز التهجم على رسائل النور بحجة وجود قصور في شخصي او في اشخاص بعض اخواني، ذلك لان رسائل النور مرتبطة بالقرآن مباشرة، والقران مرتبط بالعرش الاعظم. اذن فمن ذا يجرأ ان يمد يده الى هناك، وان يحل تلك الحبال القوية؟ ثم ان رسائل النور لايمكن ان تكون مسؤولة عن عيوبنا وعن قصورنا الشخصي، لايمكن هذا ولايجوز ان يكون ابداً، حيث ان بركتها المادية والمعنوية وخدماتها الجليلة لهذه البلاد قد تحققت باشارات ثلاث وثلاثين آية قرآنية وبثلاث كرامات غيبية للامام علي رضى الله عنه وبالاخبار الغيبي للشيخ الكيلاني قدس سره. والا فان هذا البلد سيواجه خسائر واضراراً مادية ومعنوية لايمكن تلافيها.
وسيرتد كيد الاعداء الخفيين لرسائل النور من الملاحدة الى نحورهم وستفشل باذن الله الخطط الشيطانية التي يحوكونها والحملات التي يشنونها عليها. ذلك لان طلبة النور ليسوا مثل الآخرين، فبعون الله تعالى وعنايته لايمكن تشتيتهم ولاحملهم
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 425
على ترك دعوتهم ولا التغلب عليهم. ولو لم يكن القرآن مانعاً عن الدفاع المادي فان طلبة النور - الذين كسبوا محبة جماهير هذه الامة وتقديرها، هذا التقدير الذي يُعد شيئاً حيوياً جداً في الامة - والذين هم متواجدون في كل مكان، لن يشتركوا في حادثة جزئية كحادثة الشيخ سعيد او حادثة (منمن) 1 اذ لو وقع عليهم - لاسمح الله - ظلم شديد الى درجة الضرورة القصوى وهوجمت رسائل النور فان الملاحدة والمنافقين الذين خدعوا الحكومة سيندمون لامحالة ندماً شديداً..
والخلاصة انه مادمنا لانتعرض لدنيا اهل الدنيا، فيجب عليهم الا يتعرضوا لآخرتنا ولا لخدماتنا الايمانية.
* * *
[ ادرج فيما يلي خاطرة قديمة وقصة دفاع لطيفة حول محكمة "اسكي شهر" بقيت مخفية حتى الآن ولم تدرج في المضابط الرسمية للمحكمة كما لم ترد في دفاعي امام تلك المحكمة ].
سألوني هناك:
- مارأيك حول النظام الجمهوري؟. فقلت لهم:
- تستطيعون ان تتأكدوا من كتاب "السيرة الذاتية" الموجود لديكم بانني كنت شخصاً متديناً ومن انصار النظام الجمهوري. وذلك قبل ان تأتوا انتم الى الدنيا.. هذا باستثناء رئيس المحكمة المتقدم في العمر. وخلاصة ذلك انني كنت آنذاك منزوياً - كحالي الآن - تحت قبة مقبرة (ضريح) خالية، فكانوا يأتون لي بالحساء، وكنت اقوم باعطاء حبات الحساء الى النمل واكتفي بغمس الخبز في سائل الحساء. سألوني عن السبب فقلت: ان امة النمل وكذلك النحل تعيش في نظام جمهوري، وانا اعطي الحبات للنمل احتراماً لنظامها الجمهوري.
ثم قالوا: انت تخالف بذلك السلف الصالح. فاجبتهم:
- لقد كان الخلفاء الراشدون خلفاء ورؤساء جمهورية في الوقت نفسه فالصديق الاكبر (رضي الله عنه) كان دون شك بمثابة رئيس جمهورية للعشرة المبشرة
_____________________
1 هي حادثة مفتعلة في الاغلب، دبّّرت من قبل حكومة مصطفى كمال اذ ادعت ظهور تمرد اسلامي انطلق من جامع في ناحية «منمن» كان يقوده شخص مختل العقل، وقد تم التنكيل باهالي تلك المدينة بقسوة، واستغلت الحادثة لضرب الشعور الاسلامي - المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 426
وللصحابة الكرام. ولكن ليس تحت عنوان او شكل فارغ، بل كل منهم رئيس جمهورية متدين يحمل معنى العدالة الحقيقية والحرية الشرعية.
اذن فيا ايها المدعي العام ويا اعضاء المحكمة! انتم تتهمونني الآن بمعاداة فكر كنت أحمله منذ خمسين سنة.
اما ان كان سؤالكم حول الجمهورية العلمانية فان ما اعلمه هو ان معنى العلمانية هو البقاء على الحياد، فكما لاتتعرض مثل هذه الحكومة للملحدين ولاهل السفاهة بحجة حرية الضمير فيجب الا تتعرض لاهل الدين ولاهل التقوى . وانني الآن لا اعلم الاوضاع السياسية والاحوال التي تعيش فيها الحكومة الجمهورية لانني قد اعتزلت الحياة الاجتماعية منذ خمس وعشرين سنة، فان كانت قد دخلت في مرحلة مرعبة ومذهلة من العمل لحساب الملاحدة وبدأت بسن القوانين التي تدين من يعمل لآخرته ولايمانه والعياذ بالله فاني اقول لكم دون خوف او خشية انه لو كان لي الف نفس لما ترددت في التضحية بها في سبيل ايماني وفي سبيل آخرتي واعملوا انتم مابدا لكم، وسيكون آخر كلامي (حسبنا الله ونعم الوكيل).
ولو قمتم باعدامي ظلماً او بسجني مع الاشغال الشاقة فانني سارد عليكم بقولي:
انني وبفضل ما كشفته رسائل النور بصورة قاطعة لن اعدم، بل اسّرح واذهب الى عالم النور والسعادة. اما انتم يا اعداءنا المتسترين والمتخفين الذين تسحقوننا لأجل الضلالة فاقول لكم بانني متهئ لكي اسلم الروح باطمئنان وبراحة قلب. لانني اعلم وارى انه سيحكم عليكم بالاعدام الابدي وبالحبس الانفرادي المؤبد، لذا فان انتقامي منكم سيكون تاماً وكاملاً. هذا ما قلته لهم.
الاساس السابع:
استناداً الى بعض التحقيقات السطحية - التي جرت في اماكن اخرى - فقد اتهمتنا محكمة "آفيون" بالسعي لانشاء جمعية سياسية.
وانا اقول جواباً على هذا:
الشعاع الرابع عشر - ص: 427
اولاً: ان جميع من صادقني يشهد بانني لم اقرأ جريدة واحدة منذ تسعة عشر عاماً ولم استمع اليها ولم أسأل عنها وفي ظرف عشرة اعوام وخمسة اشهر لم اعرف من الاخبار سوى هزيمة المانيا والخطر الشيوعي، لم اعرف اي خبر آخر ولم يكن عندي فضول او رغبة للمعرفة.. اذن فمثل هذا الشخص لايمكن ان تكون له ادنى علاقة بالسياسة ولا الجمعيات السياسية.
ثانياً: ان رسائل النور البالغ عددها مائة وثلاثين رسالة، موجودة كلها في متناول اليد وامام الانظار، وقد اقتنعت محكمة "اسكي شهر" بانه لايوجد في رسائل النور اي هدف آخر واية غاية دنيوية عدا حقائق الايمان، لذا لم تتعرض إلا لرسالة واحدة او لرسالتين. اما محكمة "دنيزلي" فلم تتعرض لاية رسالة، كما ان جهاز الامن الضخم في "قسطموني" بالرغم من قيامه بالترصد والمراقبة الدائمة طوال ثمانية اعوام لم تجد من يتهمه سوى شخصين كانا يعاونانني في شؤوني وثلاثة اشخاص آخرين باسباب واهية، وهذا حجة قاطعة بان طلاب النور لايشكلون باي حال من الاحوال جمعية سياسية. اما ان كان مفهوم الجمعية عند الادعاء العام هو جماعة ايمانية تعمل لآخرتها. فاننا نقول جواباً له: لو قمتم باطلاق تسمية الجمعية على طلاب دار الفنون - الجامعة - وعلى اصحاب كل مهنة من المهن عند ذاك يمكن اطلاق اسم الجمعية - بهذا المفهوم - علينا. اما ان كان المقصود هو جماعة تقوم بالاخلال بالامن الداخلي ببواعث دينية فاننا نرد على ذلك بان عدم تورط طلاب النور طوال عشرين سنة باية حادثة مخلة بالامن الداخلي في اي مكان، وعدم تسجيل اي شئ ضدهم في هذا الخصوص لامن قبل الحكومة ولامن قبل المحاكم، لدليل ساطع على بطلان هذه التهمة. اما ان كنتم تتوهمون ان تقوية المشاعر الدينية ستؤدي في المستقبل الى الاخلال بالامن الداخلي وان هذا هو ما تقصدونه من توجيه تهمة الجمعية الينا فاننا نقول:
اولاً: ان جميع الوعاظ (وعلى رأسهم رئاسة الشؤون الدينية) يؤدون الخدمات نفسها.
ثانياً: ان طلبة النور ليسوا بعيدين فقط عن الاضرار بالامن والاخلال بالاستقرار بل انهم يعملون بكل قواهم وبكل قناعاتهم لحفظ الامة من الفوضى والفتن ويحاولون
الشعاع الرابع عشر - ص: 428
بكل جهدهم تأمين الاستقرار والامن، والدليل على هذا هو ما جاء في الاساس الاول اعلاه.
اجل! نحن جماعة هدفنا وبرنامجنا انقاذ انفسنا اولاً ثم انقاذ امتنا من الاعدام الابدي ومن السجن البرزخي الانفرادي المؤبد ووقاية مواطنينا من حياة الفوضى والسفاهة ومحافظة انفسنا (بالحقائق القوية الفولاذية الواردة في رسائل النور) من الالحاد الذي يروم القضاء على حياتنا في الدنيا وفي الآخرة.
الاساس الثامن:
انهم يقومون بتوجيه التهم الينا استناداً الى بعض الجمل المؤثرة الواردة في رسائل النور واستناداً الى بعض التحقيقات السطحية التي جرت في بعض الاماكن، ونقول نحن جواباً على هذا:
مادامت غايتنا محصورة في الايمان وفي الآخرة وليست في الصراع والنزاع والمبارزة مع اهل الدنيا، ومادام التعرض الجزئي القليل جداً الوارد في رسالة او رسالتين لم يكن مقصوداً من قبلنا. بل ربما ارتطمنا بهم عرضاً ونحن نسير نحو هدفنا، لذا لايمكن عدّه غرضاً سياسيا. ومادامت الاحتمالات والامكانات تعد شيئاً والوقائع شيئاً آخر. ذلك لان الاتهام الموجه ليس في اننا قمنا بالاخلال بالامن بل هو "يحتمل" او من الممكن ان نخل بالامن، وهو اتهام باطل ولامعنى له، ويشبه اتهام اي شخص باقتراف جريمة قتل لان من الممكن ان يقوم بذلك. علماً ان المحاكم في "اسكي شهر" وفي "قسطموني" وفي "اسبارطة" وفي "دنيزلي" لم تستطع العثور (بالرغم من تدقيقها الشديد) على اي دليل اتهام في الاف النسخ من الرسائل والمكاتيب المتبادلة بين عشرات الالاف من الاشخاص طوال عشرين عاماً. ومع ان محكمة "اسكي شهر" لم تعثر على شئ سوى رسالة صغيرة، فاضطرت باستعمال مادة قانونية مطاطة الى إلقاء المسؤولية علينا، ومع انها تصرفت بشكل يدين كل من القى درساً دينياً الا انها مع ذلك لم تستطع الا اصدار الحكم بادانة خمسة عشر شخصاً فقط من بين مائة شخص ولمدة ستة اشهر، ولو افترضنا ان شخصاً مثلنا كان بينكم وتم القيام
الشعاع الرابع عشر - ص: 429
بتدقيق عشرين رسالة من رسائله الخاصة التي كتبها في ظرف سنة واحدة.. لو تم هذا الا يمكن العثور في هذه الرسائل على عشرين جملة تضعه في موقف حرج وفي موقف المسؤولية؟ لذا فان العجز عن العثور على عشرين جملة حقيقية تدين صاحبها من بين عشرين الف نسخة من الرسائل والمكاتيب لعشرين الف شخص طوال عشرين سنة برهان قاطع على ان الهدف المباشر لرسائل النور هو الآخرة، ولا علاقة لها بالدنيا.
الاساس التاسع:
لقد سجل في قرار الادعاء لمحكمة "آفيون" المواد التى اوردها المدعى العام المنصف لمحكمة "دنيزلى"، وحكام التحقيق غير المنصفين والسطحيين فى اماكن اخرى - وبدلالة ما عوملنا من معاملات اثناء التحقيق، والمواد هى نفسها وابرزت المكاتيب من دون تاريخ يذكر، والمراسلات التى تمت خلال عشرين او خمس عشرة سنة او عشر سنوات، فتلك المواد اجيب عنها في الاساس الثالث والسؤال الثانى فى ادعائى، والتى تدور حول الشعاع الخامس والرسائل البالغة مائة وثلاثين رسالة ومكاتيب مرت بالتدقيق في محكمة "اسكى شهر" وقضينا عقابه وشملتها قوانين العفو، وبرأت ساحتها محكمة "دنيزلى" فالآن يحاولون ان يجدوا معاذير واهية من تلك الرسائل كى تكون مواد اتهام لنا.
فيا ترى ان الذى اخضع بخطاب منه ثمانى كتائب من الجيش في حادثة 31 مارت مع انهم لم يعيروا سمعاً لشيخ الاسلام ولا لكلام العلماء. هل يمكن ان يُقنع ويستغفل طوال ثمانى سنوات امثال هؤلاء الرجال فقط؟ فهل يمكن ان يقال انه تمكن فحسب من استغفال خمس رجال فى ولاية عظيمة، ولاية قسطمونى؟
فلقد اخرجتم جميع كتبى والرسائل الخاصة والسرية منها والعلنية فى "قسطمونى" وحوادث "دنيزلى". وبعد اجراء التدقيق عليها - لمدة ثلاثة اشهر - لم يعثروا فى تلك الولاية العظيمة على غير فيضى وامين وحلمى وتوفيق وصادق.
فهؤلاء الخمسة كانوا يعاونوننى في اعمالى الشخصية، ابتغاء وجه الله. وعثروا فى ظرف ثلاث سنوات ونصف السنة فى "اميرداغ" على ثلاثة اصدقاء، وبعثوهم اليّ.
الشعاع الرابع عشر - ص: 430
فلو كنت اعمل كما ورد فى تلك التحقيقات السطحية، لكنت استطيع استغفال خمسمائة شخص لا خمسة اشخاص او عشرة، بل لكنت استطيع استغفال خمسة آلاف شخص بل خمسمائة الف.
ابيّن ماقلته فى محكمة "دنيزلى" للحقيقة ولاظهار مدى خطئهم. وادناه اورد نموذجاً او نموذجين منها:
انهم يؤاخذوننا لقيامنا بجمع آيات كريمة من القرآن الكريم تعين على التفكر فى آيات الله - في الكون - تلك التى هِى منبع رسائل النور، وذلك اتباعاً لعادة اسلامية جرت منذ عصر النبوة. وسمينا مجموعة تلك الآيات: "حزب القرآن" أيمكن ان يقال لمن يقوم بمثل هذا العمل: أنهم يحرفون الدين..
ثم انى رغم مقاساتي سنة واحدة من العقاب النازل بي حول رسالة "الحجاب" التى عثروا عليها تحت اكوام الحطب والوقود، وقد استنسخت هذه السنة ونشرت.. نراهم يريدون ادانتنا بها.
ثم اننى لما اعترضت بكلمات قاسية على ذلك الشخص المعروف الذى تولى رئاسة الحكومة بانقرة، فلم يقابلنى بشئ، بل آثر الصمت. الاّ انه بعد موته اظهرت حقيقةُ حديث شريف خطأه -كنت قد كتبته قبل اربعين سنة - فتلك الحقيقة والانتقادات التى كانت فطرية وضرورية واتخذناها سرية، وعامة غير خاصة على ذلك الشخص قد طبقها المدعى العام بحذلقة على ذلك الشخص، وجعلها مدار مسؤولية علينا.
فاين عدالة القوانين التى هى رمز الامة وتذكارها وتجل من تجليات الله سبحانه، واين خاطر شخص مات وانقطعت علاقته بالدولة.
ثم اننا جعلنا حرية الوجدان والعقيدة التى اتخذتها حكومة الجمهورية اساساً لها، مدار استناد لنا. ودافعنا عن حقوقنا بهذه المادة، ولكن اتخذتها المحكمة مدار مسؤولية وكأننا نعارض حرية الوجدان والعقيدة.
الشعاع الرابع عشر - ص: 431
وفى رسالة اخرى انتقدتُ سيئات المدنية الحاضرة وبينت نواقصها، فاسند اليّ في اوراق التحقيق شئ لم يخطر ببالى قط، وهو اظهاري بمظهر من يرفض استعمال الراديو 1 وركوب القطار والطائرة . فأكون مسؤلاً عن كونى معارضاً للرقى الحضارى الحاضر.!
فقياساً على هذه النماذج، يمكن تقدير مدى بُعد المعاملة عن العدالة. نأمل الا تهتم محكمة "آفيون" لما ورد فى اوراق التحقيق من اوهام وشبهات كما لم تهتم بها محكمة "دنيزلى" العامة ومدعيها العام المنصف.
واغرب من جميع ماذكر هو: ان الطائرة والقطار والراديو التى تعتبر من نعم الله العظيمة وينبغى ان تقابل بالشكر لله، لم تقابلها البشرية بالشكر فنزلت على رؤوسهم قنابل الطائرات.
والراديو نعمة إلهية عظيمة بحيث ينبغى ان يكون الشكر المقدم لاجله في استخدامه جهازاً حافظاً للقرآن الكريم يُسمع البشرية جمعاء. ولقد قلت فى "الكلمة العشرين" ان القرآن الكريم يخبر عن خوارق المدنية الحاضرة، وبيّنا فيها عند حديثنا عن اشارة من اشارات آية كريمة، بأن الكفار سيغلبون العالم الاسلامي بوساطة القطار. ففى الوقت الذى احث المسلمين الى مثل هذه البدائع الحضارية فقد جعلها بعض المدعىن العامين لمحاكم سابقة مدار اتهام لنا وكأننى اعارض هذه الاختراعات.
ثم ان احدهم قال: ان رسالة النور نابعة من نور القرآن الكريم، اى إلهام منه، وهى وارثة، تؤدى وظيفة الرسالة والشريعة. فاورد المدعى العام معنى خطأ فاضحاً ببيانه ما لا علاقة له اصلاً وكأن "رسالة النور رسول" وجعلوا ذلك مادة اتهام لي.
ولقد اثبتنا فى عشرين موضعاً فى الدفاع وبحجج قاطعة: اننا لانجعل الدين والقرآن ورسائل النور اداةً ووسيلة لكسب العالم اجمع، ولاينبغى ان تكون وسائل قطعاً. ولا نستبدل بحقيقة منها سلطنة الدنيا كلها. ونحن فى الواقع هكذا . وهناك الوف من الامارات على هذه الدعوى.
_____________________
1 لأجل تقديم الشكر لله تجاه نعمة الراديو، وهى نعمة الهية عظمى، فقد قلت: «ان ذلك يكون بتلاوة الراديو للقرآن الكريم كي يُسمع ذلك الصوت الندي الى العالم اجمع فيكون الهواء بذلك قارئاً للقرآن الكريم» - المؤلف.

الشعاع الرابع عشر - ص: 432
ولكن يبدو من سير الادعاء لمحكمة "آفيون" وفى قرارها المبني على تحقيقات اخرى:
اننا نبتغى الدنيا ولانسعى الاّ لحبك المؤامرات وكسب حطام الدنيا ونجعل الدين اداة لمواد خسيسة تافهة ونعمل على الحط من قيمته.. فيتهموننا على هذا الاساس.
فما دام الامر هكذا فنحن نقول بكل ما نملك :
(حسبنا الله ونعم الوكيل)

سعيد النورسى

* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 433
باسمه سبحانه
تتمة الاعتراض المقدم الى محكمة "آفيون"
ان مخاطبى فى هذا الاعتراض ليس محكمة "آفيون" ولا مدعيها العام، بل اولئك الموظفين العاملين هنا وفى دائرة التحقيقات ممن تساورهم الشكوك والاوهام والاغراض الشخصية فيتخذون مواضع ضدنا مستندين الى تحقيقات ناقصة واخباريات مختلقة استند اليها مدّعون عامون ومخبرون ومتحرون فى اماكن اخرى.

اولاً: ان اطلاق اسم الجمعية - التى لا تخطر على البال - ولا اصل لها اساساً، على طلاب رسائل النور الابرياء الذين ليس لهم اية علاقة بالسياسة. ومن ثم عدّ اولئك المساكين الداخلين في تلك الدائرة ممن ليس لهم غاية غير الايمان والآخرة، انهم ناشرو تلك الجمعية واعضاؤها الفعالون ومن منتسبيها، او جعل الذين قرأوا رسائل النور او استقرأوها او استنسخوها مذنبين ودفعهم الى المحكمة.. كل هذه الامور بُعد واضح عن العدالة.
والحجة القاطعة عليها هى:
ان الذين يقرأون مؤلفات ضارة كالسم الزعاف والتي تهاجم القرآن، كمؤلفات "الدكتور دوزى" وامثاله من الزنادقة، لايعدّون مذنبين حسب دستور حرية الفكر والحرية العلمية، بينما تعدّ ذنباً قراءة وكتابة رسائل النور التى تبين الحقائق القرآنية والايمانية وتعلّمها المحتاجين اليها حاجة ماسة والمشتاقين اليها وتوضّحها لهم وضوح الشمس الساطعة!
ثم انهم اتهمونا على بضع جمل فحسب وردت في رسائل اتخذناها رسائل سرية - لئلا تفسر تفسيراً خاطئاً وذلك قبل الاعلان عنها في المحاكم - علماً ان تلك الرسائل قد دققتها محكمة "اسكى شهر" - سوى واحدة منها- واتخذت
الشعاع الرابع عشر - ص: 434
مايستوجب الامر لها، ولم تعترض الا على مسألة أومسألتين من رسالة " الحجاب" وقد اجبت عنها في عريضتى وفى إعتراضى باجوبة قاطعة. وقلنا: "ان ما فى ايدينا نور ولا نملك صولجان السياسة" واثبتنا ذلك فى محكمة "اسكى شهر" بعشرين وجهاً.
وان محكمة "دنيزلي" قد دققت جميع الرسائل دون استثناء، ولم تعترض على اية رسالة منها.. ولكن اولئك المدعين غير المنصفين قد عمموا حكم تلك الجمل المعترض عليها التى لا تتجاوز جملتين او ثلاثاً على جميع الرسائل حتى صادروا مجموعة "ذو الفقار" البالغة اربعمائة صفحة لاجل صفحات منها فقط. وجعلوا قارئى الرسائل ومستنسخيها مذنبين، واتهمونى بأننى اعارض الحكومة واتحداها. اننى اُشهد اصدقائى القريبين منى والذين يقابلوننى اشهدهم مقسماً بالله: اننى منذ اكثر من عشر سنوات لا اعرف سوى رئيسين للجمهورية ونائباً واحداً فى البرلمان ووالي قسطمونى. فلا اعرف معرفة حقيقية احداً غيرهم من اركان الحكومة ووزرائها وقوادها وموظفيها ونوابها، وليس لى الفضول لمعرفتهم. الاّ ان شخصاً او شخصين اظهرا قبل سنة علاقة نحوى فعرفت عن طريقهما خمسة او ستة من اركان الحكومة.
فهل من الممكن لمن يريد مبارزة الحكومة الاّ يعرف من يبارز. ولايتحرك فيه الفضول لمعرفتهم، ولايهتم بمن يواجههم، أهم اعداء ام اصدقاء؟
يفهم من هذه الاحوال انهم يختلقون معاذير لا اصل لها قطعاً. فمادام الامر هكذا: فاننى اقول لاولئك الظلمة غير المنصفين ولا اخاطب هذه المحكمة:
اننى لا اعير اقل اهتمام بما تعتزمون انزاله بي من عقاب، مهما بلغت درجته من الشدة والقسوة. لاننى على عتبة باب القبر، وفى السن الخامسة والسبعين من عمرى، فهل هناك سعادة اعظم من استبدال مرتبة الشهادة بسنة او سنتين من حياة بريئة ومظلومة كهذه؟
ثم اننى موقن كل اليقين ولايخالجنى ادنى شك فى ان الموت بالنسبة لنا تسريح وتأشيرة دخول الى عالم الطمأنينة والسعادة. ولنا آلاف البراهين من رسائل النور على ذلك، وحتى ان كان الموت اعداماً ظاهرياً لنا فان مشقة ساعة من الزمان تتحول بالنسبة لنا الى سعادة ومفتاح للرحمة وفرصة عظيمة للانتقال الى عالمالبقاء والخلود.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 435
اما انتم يا اعداءنا المتسترين ويا اولئك الذين يضللون العدالة في سبيل ارضاء الزندقة ويتسببون في خلق الاوهام الزائفة في اذهان المسؤولين في الدولة لينشغلوا بنا دون داع او سبب.. اعلموا قطعاً، ولترتعد فرائصكم، انكم تحكمون على انفسكم بالاعدام الابدى وبالسجن الانفرادى الدائم. وان انتقامنا يؤخذ منكم اضعافاً مضاعفة، فها نحن اولاء نرى ذلك ونشفق عليكم. ولاشك ان حقيقة الموت التى ظلت تفرغ هذه المدنية مائة مرة الى المقابر، لابد ان تكون لها غاية ومطلب فوق غاية العيش والحياة. وان محاولة الخلاص من براثن ذلك الاعدام الابدى هى قضية فى مقدمة القضايا الانسانية ، بل هى من اهم الضروريات البشرية واشدها إلحاحاً.
فما دامت هذه هى الحقيقة، أفليس من دواعى العجب والغرابة ان يتهم نفر من الناس طلاب رسائل النور - الذين اهتدوا الى ذلك السر وعثروا على تلك الحقيقة - ويلصقوا اتهامات باطلة برسائل النور التى اثبتت تلك الحقيقة نفسها بالاف الحجج والبراهين؟ ان كل من له مسكة من عقل - بل حتى لو كان مجنوناً - يدرك تمام الادراك بان اولئك النفر باتهاماتهم تلك انما يضعون انفسهم موضع الاتهام امام الحقيقة والعدالة.
ان هناك ثلاث مواد توهم بوجود جمعية سياسية لا علاقة لنا بها اصلاً، هى التى خدعت هؤلاء الظلمة.
اولاها: العلاقة الوطيدة التى تربط طلابى منذ السابق، قد اوحت لهم وجود جمعية.
الثانية: ان بعضاً من طلاب رسائل النور يعملون باسلوب جماعى كما هو لدى الجماعات الاسلامية الموجودة فى كل مكان والتى تسمح بها قوانين الجمهورية ولاتتعرض لها؛ لذا ظن البعض فيهم انهم جمعية، والحال ان نية اولئك الافراد القليلين ليس تشكيل جمعية او ماشابهها، بل هى اخوة خالصة وترابط وثيق اخروي بحت.
الثالثة: ان اولئك الظلمة يعرفون انفسهم انهم قد غرقوا فى عبادة الدنيا وضلوا ضلالاً بعيداً ووجدوا بعض قوانين الحكومة منسجمة معهم، لذا يقولون مايدور فى ذهنهم: ان سعيداً ورفقاءه معارضون لنا ولقوانين الحكومة التي تساير اهواءنا، فهم اذن جمعية سياسية.
الشعاع الرابع عشر - ص: 436
وانا اقول: ايها الشقاة!
لو كانت الدنيا ابدية خالدة، ولو كان الانسان يظل فيها خالداً، ولو كانت وظائفه منحصرة فى السياسة وحدها، ربما يكون لفريتكم هذه معنى. ولكن اعلموا اننى لو دخلت العمل من باب السياسة لكنتم ترون الف جملة وجملة صيغت باسلوب التحدى السياسي، لا عشر جمل فى رسالة. ولنفرض فرضاً محالاً اننا نعمل - كما تقولون - ما وسعنا لمقاصد دنيوية وكسب متعها الرخيصة والحصول على سياستها - ذلك الفرض الذى لم يحاول الشيطان ان يقنع به احداً - فما دامت جميع وقائعنا طوال عشرين سنة لا تُبرز شيئاً لملاحقتنا، اذ الحكومة تنظر الى كسب الشخص لا الى قلبه، والمعارضون موجودون فى كل حكومة بشكل قوي. فلا شك انكم لا تستطيعون ان تجعلونا فى موضع التهمة بقوانين العدالة.
كلمتى الاخيرة:
(حسبى الله لا اله الاّ هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)

سعيد النورسي
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 437
"
حادثة غير قانونية"


بعد براءتنا من محكمة "دنيزلى" ورغم اعتزالى الناس وانسحابى الى الاعتكاف طوال ثلاث سنوات تاركاً السياسة كلياً، فان هذه الحادثة الجديدة التى افضت بنا الى سجن "آفيون" لاتمت الى القانون بشئ بل غير قانونية بعشرة وجوه:
الاول:
ان رسائل النور قد مرت بثلاث محاكم وثلاث هيئات للخبراء ومن سبع مراجع مسؤولة فى "انقرة" وعندكثير من مدققى العدلية فى ظرف سنتين.. فاتفقوا كلهم من دون استثناء على براءة جميع الرسائل وبراءة "سعيد" ومن معه من اصدقائه البالغ عددهم خمسة وسبعين شخصاً. ولم يعاقبوا حتى بجزاء يوم واحد. وعلى الرغم من هذا فان تجاوزهم على تلك الرسائل وكأنها اوراق مخلة بامن البلد، يجعل كل من يملك مسكة من الانصاف ان يدرك مدى خروج الامر عن القانون.
الثاني:
ان الذي ظل فى الانزواء والاعتكاف فى "اميرداغ" طوال ثلاث سنوات بعد البراءة، وعاش غريباً. حتى ان بابه كان يغلق من الداخل والخارج معاً ولايقبل احداً من الناس لمقابلته الاّ للضرورة القصوى، والذى تخلى حتى عن التأليف الذى كان مستمراً عليه طوال عشرين سنة، يأتى المتحرون ويكسرون قفل الباب ويداهمون غرفته اجراءاً لسياسة دنيوية!.
الشعاع الرابع عشر - ص: 438
الثالث:
انه كما قال فى المحكمة: ان من لم يهتم باخبار الحرب العالمية - بشهادة سبعين شاهداً - ولم يستفسر عنها، ومازال مستمراً على حاله ولم يقرأ اية صحيفة كانت منذ خمس وعشرين سنة ولم يستمع اليها والذى قال:
"اعوذ بالله من الشيطان والسياسة" منذ ثلاثين سنة، ونفر من السياسة بكل مالديه من قوة، وقاسى ما قاسى من العذاب طوال اثنين وعشرين عاماً.. ولم يراجع ولولمرة واحدة الدوائر الحكومية - لضمان راحته - دفعاً لجلب الانظار اليه حيث انه لا يتدخل بالامور السياسية.. فعلى الرغم من كل هذا أيوافق القانون مداهمة منزله ومعتكفه وكأنه يدير المؤامرات السياسية وشد الخناق عليه بما لم ير مثله؟.. ان من يملك وجداناً ولو بمثقال ذرة يتألم على هذا الوضع.
الرابع:
بعد تدقيق دام ستة أشهر في محكمة "اسكي شهر" تمت تبرئة رسائل النور من تهم محاولة تشكيل جمعية سياسية او تأسيس طريقة صوفية. ومع ان الرئيس الكبير 1 حرض بعض افراد وزارة العدل وموظفيها مدفوعاً الى ذلك باوهامه وبحقده الشخصي، الا ان رسائل النور بُرئت من تهمة تشكيل اية جمعية واية طريقة صوفية، هذا ماعدا رسالة "الحجاب" (التي تعد جزءاً صغيراً فقط من رسائل النور) حيث جعلوها تكأة وحجة - ليست قانونية بل بقناعة شخصية ووجدانية - مما ادى هذا الأمر الى الحكم بالسجن لمدة ستة أشهر لعدد من طلاب النور لايتجاوز عددهم عشرة طلاب من بين مائة منهم. ولما كان هؤلاء موقوفين منذ اربعة أشهر ونصف حتى موعد فحص الرسائل وتدقيقها فانهم لم يسجنوا سوى شهر ونصف الشهر.
وبعد عشر سنوات قامت محكمة "دنيزلي" ايضاً بتدقيق وتمحيص جميع ماكتب من مكاتيب ورسائل ومؤلفات في عشرين سنة تدقيقاً جيداً دام تسعة اشهر - على إثر اتهام هذه المؤلفات بالتحريض على تأسيس جمعية او طريقة صوفية، وارسلت الى
_____________________
1 المقصود مصطفى كمال. المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 439
محكمة الجزاء الكبرى في "انقرة" خمسة صناديق من هذه الكتب حيث دققت تلك الرسائل والكتب سنتين اثنتين من قبل محكمة الجزاء الكبرى في "انقرة" ومحكمة "دنيزلي". واتفقت المحكمتان بالإجماع على تبرئة هذه الرسائل والكتب من التهم الموجهة اليها كتشكيل جمعية او طريقة صوفية وما شابهها من التهم 1 واعادتها الى اصحابها كما برأت سعيداً واصدقاءه. اذن كم يكون خروجاً على القانون اتهام سعيد باعتباره "رجلاً سياسياً يسعى لتشكيل جمعية" او "رجل مؤامرات" او ماشابه ذلك، وتحريض موظفي العدالة ضده باعتباره "رجل طريقة". يعلم ذلك كل من لم يمت شعوره.
الخامس:
لما كانت "الشفقة" دستور حياتي منذ ثلاثين سنة، واساس مسلكى ومسلك رسائل النور، فانني لا اتجنب التعرض للمجرمين الذين ظلموني وحدهم بل لا استطيع حتى مقابلتهم بالدعاء عليهم، وذلك لكي لا اتسبب في الحاق الضرر باي شخص برئ. بل ان هذه الشفقة هي التي منعتني من ان اتعرض - او حتى ان ادعو - على بعض الفساق بل الظالمين اللادينيين الذين اندفعوا بحقد شديد في ظلمي، ذلك لكي لا اتسبب في ضرر مادي يلحق بالشيوخ والعجائز المساكين من امثال والد ذلك الظالم او والدته، او في الاضرار بأنفس بريئة مثل اولاده. لذا فمن اجل اربع او خمس من الانفس البريئة لا استطيع التعرض لذلك الظالم الغدّار، بل اعفو عنهم أحياناً .
وهكذا فبسرّ هذه الشفقة لا اكتفي قطعاً بعدم التعرض للحكومة وللأمن فقط، بل اوصي جميع اصدقائي بذلك الى درجة ان بعض رجال الأمن المنصفين في ولايات ثلاث قد اعترفوا ان "طلاب رسائل النور" هم رجال أمن معنويون، لانهم يحافظون
_____________________
1 ان اساس رسائل النور وهدفها هو اظهار الحقيقة القرآنية والعمل من اجل "الايمان التحقيقي "؛ لذا فقد حصلت على قرار بالتبرئة عن تهمة تشكيل طريقة صوفية من ثلاث محاكم. ثم انه ما من شخص ادعى خلال عشرين سنة ان "سعيداً أعطاني اذنا بالدخول والانتساب الى طريقة صوفية ". ثم انه لايجوز ان يكون انتساب اكثرية اجداد هذه الامة منذ الف عام الى مسلك معين سبباً في اتهامه او تحميله مسؤولية ما. ثم ان المنافقين المتسترين يلصقون اسم "الطريقة " على حقيقة الاسلام. فلا يٌتهم كل من يتصدى للدفاع عن دين هذه الأمة بأنه صاحب "طريقة ". اما تهمة الجمعية، فالذي عندنا هو اخوة اسلامية هدفها اخوة اخروية، وليست جمعية سياسية، لذا فقد اصدرت محاكم ثلاث قراراتها بالتبرئة ايضاً من هذه التهمة. - المؤلف.

الشعاع الرابع عشر - ص: 440
على الامن وعلى النظام. وهذه حقيقة يشهد عليها آلاف الشهود، ويصدقها فترة حياة تمتد عشرين سنة ومع طلاب يبلغ عددهم الالاف، لم يسجل رجال الامن اية حادثة منهم تمس الأمن. ومع وجود كل هذه البراهين فقد اقتحموا بيت هذا الضعيف وكأنه رجل ثورة ورجل مؤامرة وعاملوه دون انصاف من قبل هؤلاء الاشخاص الغلاظ وكانه سفاح ارتكب مائة جريمة (مع انهم لم يجدوا شيئاً في منزله) وقاموا بمصادرة نسخة نادرة من القرآن المعجز واللوحات الموجودة فوق رأسه وكانها اوراق ضارة.
ترى ايّ قانون يجيز مثل هذه التصرفات ضد آلاف الاشخاص المتدينين الذين حافظوا على الأمن بحُسن خلقهم؟ واية مصلحة في تحريض هؤلاء ودفعهم بالقوة للوقوف ضد الامن والنظام؟
السادس:
بفضل من الله تعالى انني رجل عرف من فيض القرآن منذ ثلاثين سنة كيف ان الشهرة المؤقتة والفانية للدنيا وجاهها المتسم بالانانية والأثرة، وعبادة الشهرة والصيت فيها، أمر لا فائدة ولاخير منه ولا معنى له، فألف حمد وشكر لله، لذا فقد حاول منذ ذلك الحين وبكل جهده الصراع مع نفسه الامارة، ومع ان اصدقاءه والذين خدموه يعلمون علم اليقين ويشهدون بأنه قام بكل ما في وسعه لكسر شوكة نفسه والتخلص من انانيته وتجنب النفاق والتصنع، وقد حاول منذ عشرين سنة معارضة كل الذين اثنوا عليه ومدحوه وتوجهوا نحو شخصه مدفوعين بحسن الظن الذي تهش له نفس كل انسان، وخالف كل الذين رأوه أهلاً لمقامات معنوية، بل فرّ منهم بكل ما يملك من قوة، وردّ حسن الظن المفرط الذي يحمله اصدقاؤه القريبون اليه وخلاّنه الخاصون الى درجة انه آلمهم وجرح شعورهم، وفي رسائله الجوابية لم يقبل أبداً مديحهم وحسن ظنهم الزائد عن الحد في حقه، إذ نسب كل الفضيلة الى رسائل النور التي هي عبارة عن تفسير للقرآن الكريم ولم ينسبها لنفسه بل حرمها من الفضائل ووجه طلاب رسائل النور للتعلق بالشخصية المعنوية لرسائل النور وَعدّ نفسه مجرد خادم عادي للقرآن الكريم، وهذا يثبت اثباتاً قاطعاً بانه لم يسع ابداً لإبراز شخصه وتحبيب نفسه بل رد ذلك.
الشعاع الرابع عشر - ص: 441
ومع ذلك فهل هناك قانون يسمح بتحميل اية مسؤولية عليه ويسمح بالهجوم على دار هذا الشخص الغريب والمريض والمنزوي في غرفته والمتقدم جداً بالعمر والذي لا حول له ولاقوة، والقيام بكسر قفل داره ودخول موظفي التفتيش الى غرفته وكأنه مجرم عتيد، وذلك لمجرد ان بعض اصدقائه البعيدين عنه مدحوه خلافاً لرغبته واثنوا عليه ثناءً يزيد عن حقه ورأوه اهلاً لمقام معنوي لما يحملونه من حسن ظن مفرط، ثم لقيام واعظ لايعرفه في مدينة "كوتاهية" بالتفوه ببعض الكلمات في حقه؟ !.
ومع انني لم ارسل اية رسالة الى تلك المدينة، الا انه تمت كتابة رسالة وضع عليها توقيع مزور لي، مما دعا الى توهم مسؤوليتي عنها، ، وكذلك وجود كتاب مؤثر لايعرف كاتبه في مدينة "باليكسر"... أهذه الأمور تسمح لهم باقتحام الدار والتفتيش فيها؟... مع انهم لم يجدوا في الدار سوى الاوراد وسوى اللوحات... اي قانون في الدنيا واية سياسة فيها تسمح بمثل هذا الهجوم؟
السابع:
في مثل هذا الوقت الذي توجد فيه كل هذه التيارات الحزبية الفوارة في الداخل وفي الخارج، اي في الوقت الذي تهيأت له فرصة الاستفادة، اي فرص كسب سياسيين عديدين الى جانبه بدلاً من افراد معدودين من اصدقائه، فانه كتب الى جميع اصدقائه قائلاً لهم: "اياكم والانجراف في التيارات او الدخول الى معترك السياسة واياكم والاخلال بالأمن" وذلك لتجنب التدخل كلياً في السياسة والاضرار باخلاصه وتجنب جلب انظار الحكومة عليه والابتعاد عن الانشغال بالدنيا.
وقد قام التيار السابق نتيجة لأوهامه بمد يد السوء والضرر اليه جراء تجنبه هذا. اما التيار الجديد فلإدعائه: "انه لا يساعدنا ولايتعاون معنا". وقد سببا له ضيقاً وكرباً شديدين ولكنه مع هذا لم يتدخل ابداً في دنيا أهل الدنيا، بل انشغل بامور آخرته الى درجة انه لم يرسل الى اخيه الموجود في قرية "نورس" رسالة واحدة طوال اثنتىن وعشرين سنة ولم يرسل لاصدقائه في تلك المحافظات عشر رسائل طوال عشرين عاماً... فاي قانون يسمح اذن بالتعرض لهذا الشخص الضعيف المنشغل بآخرته مثل هذا التعرض؟
الشعاع الرابع عشر - ص: 442
وفي الوقت الذي لايتعرض أحد ضد انتشار كتب الملاحدة، وهي كتب ضارة جداً للبلاد وللأمة وللاخلاق، ولا لمطبوعات الشيوعيين، وذلك باسم قانون الحرية. فانه تتم مصادرة اجزاء رسائل النور وكأنها اوراق ضارة وتقدم الى المحكمة. هذا مع ان ثلاث محاكم لم تجد في هذه الرسائل اي أمر مضر، فهي تدعو منذ عشرين سنة الى خير الحياة الاجتماعية لهذه البلاد ولهذه الامة وتقوية اخلاقها وترسيخ أمنها، والى تقوية الاخوة الاسلامية مع العالم الاسلامي، هذه الأخوة التي تعد ركن استناد وقوة حقيقية، والى اعادة صداقة هذا العالم الاسلامي لهذه الامة وتقويتها بصورة مؤثرة. وقد امر وزير الداخلية علماء رئاسة الشؤون الدينية بتدقيق رسائل النور بغية نقدها، وبعد ثلاثة أشهر من التدقيق لم تقم بنقدها، بل ادركت قيمتها حق الادراك وذكرت بانها "مؤلَّف ذو قيمة كبيرة" ووضعت رسائل أمثال "ذو الفقار" و"عصا موسى" في مكتبتها. كما شاهد الحجاج مجموعة رسائل "عصا موسى" في الروضة الشريفة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
فهل هناك قانون او ضمير او انصاف يسمح بمصادرة رسائل النور وجمعها وتقديمها الى المحكمة؟.
الثامن:
بعد اثنتين وعشرين سنة من النفي غير المبرر والمتسم بالضنك، وبعد ان اعيدت له الحرية فانه لم يشأ الذهاب الى بلده الذي ولد فيه حيث يوجد الالاف من أهله واحبائه، بل اختار حياة الغربة والعزلة لكي لا يقرب من الدنيا ومن معترك الحياة الاجتماعية والسياسية، وترك الصلاة في الجامع - مع وجود ثواب كبير في صلاة الجماعة - واختار الصلاة المنفردة في غرفته... اي انه شخص يميل الى تجنب ما يبديه الناس نحوه من احترام. كما ان عشرين سنة من عمره تشهد ويشهد معها الاف من الشخصيات التركية الموقرة بانه يفضل تركيّا واحداً ذا دين وتقوى على العديد من الاكراد غير الملتزمين، كما اثبت في المحكمة ان اخاً تركيا واحداً قوي الايمان مثل "الحافظ علي" يرجح على مائة كردي.
اي ان شخصاً يتجنب لقاء الناس الا لضرورة ماسة لكي يتجنب مظاهر توقيرهم واحترامهم له، ولايذهب حتى الى الجامع، وعمل بكل جهده وعبر جميع مؤلفاته -
الشعاع الرابع عشر - ص: 443
منذ اربعين سنة - على ترسيخ الاخوة الاسلامية وعلى تنمية روح المحبة بين المسلمين، وعد الامة التركية حاملة لراية القرآن ونائلة لثناء القرآن، واحب هذه الامة حباً جماً لهذا السبب، وصرف حياته من اجلها... أيجوز ان يقول والٍ سابق في كتاب رسمي غادر حاول منه نشر دعاية معينة قصد منها اخافة اصدقائه: "انه كردي وانتم اتراك، وهو شافعي وانتم حنفيون"؟ بغية محاولة القاء الرعب في قلوب الجميع وجعلهم يحذرون منه ويتجنبونه.
ثم انني اتسائل : أهناك قانون او مصلحة في محاولة اجبار شخص منزوٍ واكراهه على لبس القبعة مع انه لم يجبره احد على تغيير قيافته طوال عشرين عاماً وخلال محكمتين اثنتين؟ هذا علماً بان القبعة رفعت عن رؤوس نصف العساكر.
التاسع:
وهنا نقطة مهمة جداً وقوية 1 ولكني اسكت عنها لانها تتعلق بالسياسة.
العاشر:
وهذا ايضا لايسمح به اي قانون، ولاتوجد فيه اية مصلحة، وانما هو عبارة عن اوهام لامعنى لها وعن مبالغات تجعل من الحبة قبة، وهو تعرض وتهجم لايقره اي قانون، وهنا ايضا نسكت لئلا نمسّ السياسة التي يحظر النظر اليها حسب مسلكنا..
وهكذا فاننا نقول ونحن امام اوجه عشرة من اوجه المعاملات غير القانونية:
(حسبنا الله ونعم الوكيل)
سعيد النورسي
* * *
_____________________
1 ان وجود النصارى واليهود في الحكومات الاسلامية، وكذلك وجود المسلمين في الحكومات النصرانية والمجوسية يدل على انه لا يمكن من الناحية القانونية التعرض لاي شخص معارض لم يتعرض بسوء الى ادارة الدولة او الى أمنها بشكل فعلي لان الاحتمالات والامكانات لايمكن ان تكون مدار مسؤولية وإلا استلزم تقديم الجميع للمحاكم على اساس احتمال قيامهم باقتراف الجرائم - المؤلف.

الشعاع الرابع عشر - ص: 444
نقاط اخرى اودّ ان اعرضها
على ادارة مدينة "آفيون" ومحكمتها وشرطتها

الاولى:
ان ظهور اكثر الانبياء في الشرق وفي آسيا وظهور اغلب الحكماء في الغرب وفي اوروبا اشارة قدرية منذ الأزل على ان الدين هو السائد وهو الحاكم في آسيا، وتأتي الفلسفة في الدرجة الثانية. وبناءً على هذا الرمز القدري، فان الحاكم في آسيا ان لم يكن متديناً فعليه - في الاقل - الاّ يتعرض للعاملين في سبيل الدين، بل عليه ان يشجعهم.
الثانية:
ان القرآن الحكيم بمثابة عقل الارض وفكرها الثاقب، فلو خرج القرآن - والعياذ بالله - من هذه الارض لجنت الارض، وليس ببعيد ان تنطح رأسها الذي اصبح خالياً من العقل باحدى السيارات وتتسبب في حدوث قيامة.
أجل ان القرآن عروة وثقى وحبل الله المتين يربط ما بين العرش والفرش، وهو يقوم بحفظ الارض اكثر مما تقوم به قوة الجاذبية، ورسائل النور هي التفسير الحقيقي والتفسير القوي لهذا القرآن العظيم، وهذه الرسائل التي اظهرت تأثيرها منذ عشرين سنة في هذا العصر وفي هذا الوطن لهذه الامة تعد نعمة إلهية كبرى ومعجزة قرآنية لاتنطفئ، لذا فليس على الحكومة التعرض لها وترويع طلابها منها ليبتعدوا عنها، بل عليها حماية هذه الرسائل والتشجيع على قراءتها.
الثالثة:
بناءً على قيام أهل الايمان الآتين بتقديم حسناتهم الى ارواح الذين سبقوهم مع دعواتهم بالمغفرة لهم فقد قلت في محكمة "دنيزلي":
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 445
لو سأل اهل الايمان - الذين يعدون بالمليارات - في يوم المحكمة الكبرى منكم وسألوا الذين يضيقون على طلاب رسائل النور (الذين يعملون على اظهار حقائق القرآن) ويحكمون عليهم بالسجن، وقالوا:
انكم كنتم في غاية التسامح مع كتب الملاحدة والشيوعيين ومنشوراتهم باسم قانون الحرية وتسامحتم مع الجمعيات التي ربت وغذت الفوضى، ولم تتعرضوا لهم ابداً، ولكنكم اردتم ان تقضوا على رسائل النور وعلى طلابها بالسجن وبشتى وسائل التضييق، مع انهم كانوا يحاولون انقاذ الوطن والامة من الالحاد ومن الفساد وانقاذ مواطنيهم من الاعدام الأبدي.. لو سألوكم هذا فماذا سيكون جوابكم؟ ونحن ايضا نوجه هذا السؤال اليكم.. لقد قلت هذا لهم، وعند ذلك قام اولئك الذوات المحترمون الذين كانوا من اهل الانصاف والعدالة باصدار قرار بتبرئتنا واظهروا عدالة جهاز العدالة.
الرابعة:
كنت انتظر ان تستدعيني "انقرة" او "آفيون" الى لجنة الشورى وتعاطي الاسئلة والاجوبة حول المسائل الكبيرة التي أخذت رسائل النور على عاتقها القيام بها.
أجل! ان رسائل النور هي اقوى وسيلة وانجع دواء لهذه الامة في هذا البلد في سبيل اعادة الاخوة الاسلامية السابقة والمحبة السابقة وحسن الظن والتعاون المعنوي بين ثلاثمائة وخمسين مليون مسلم، وفي سبيل البحث عن وسائل هذا التعاون. ونذكر ادناه امارة واضحة على ذلك:
لقد قام في هذه السنة في مكة المكرمة عالم كبير بترجمة اجزاء كبيرة من رسائل النور الى اللغة الهندية والى اللغة العربية وارسل هذه التراجم الى الهند والى الحجاز قائلاً:
"ان رسائل النور تحاول تحقيق وحدتنا واخوتنا الاسلامية التي هي اقوى سند نستند اليها، وهي بذلك ترينا ان الامة التركية هي دائماً في المقدمة من ناحية الدين والايمان".
الشعاع الرابع عشر - ص: 446
كما كنت اتوقع ان تثار اسئلة في مسائل كبيرة كالجبال الشوامخ امثال: "ما درجة خدمة رسائل النور وطلابها ضد الشيوعية التي تحولت الى حركة فوضوية في وطننا؟ وكيف يمكن صيانة هذا الوطن المبارك وحفظه من هذا السيل الجارف المخيف؟"... كنت انتظر واتوقع هذا، فاذا بي افاجأ بمسائل تافهة لا تزن جناح ذبابة، ولاتتجاوز مسائل جزئية لاتستلزم مسؤولية، نابعة من احقاد شخصية وافتراءات مقصودة تجعل من الحبة قبة... وهكذا قاسيت من هذه الشروط والظروف القاسية آلاما لم اتجرعها حتى الآن. وقد وجهت الينا الأسئلة نفسها حول المسائل التي وجهت الينا في ثلاث محاكم سابقة والتي برأتنا منها هذه المحاكم مع اضافة مسألة او مسألتين شخصيتين تافهتين واسئلة لا معنى لها.
الخامسة:
لايمكن الوقوف امام رسائل النور ومبارزتها، لانها لاتُغلب فهي تسكّت منذ عشرين سنة اكثر الفلاسفة عناداً وتعلن حقائق الايمان كالشمس في رابعة النهار. لذا فعلى الذين يحكمون هذا البلد الاستفادة من قوتها.
السادسة:
ان التهوين من شأني بأخطائى الشخصية التي لا اهمية لها واسقاطى في نظر عامة الناس بانزال الاهانات بي، لا يضرّ رسائل النور، بل يمدّها - من جهة - اذ لو سكت لساني الفاني فان ألسنة مئات الالاف من نسخ رسائل النور لن تكفّ عن النطق، ولن تسكت عن الكلام والتبليغ، كما ان الالوف من طلبتها الاوفياء الذين منحوا قوة النطق ووضوح الحجة سيديمون تلك الوظيفة النورية القدسية الكلية ان شاء الله الى يوم القيامة، كما كان شأنهم الى الآن.
السابعة:
كما ذكرنا في دفاعاتنا امام المحاكم السابقة والتي سردنا فيها حججنا، فان اعداءنا السريين ومعارضينا الرسميين وغير الرسميين الذين خدعوا الحكومة واستغفلوها واستغلوا الاوهام والمخاوف المتسلطة على بعض اركانها ووجهوا جهاز العدالة ضدنا، إما أنهم من المخدوعين بشكل سئ جداً أو من المنخدعين أو هم يعملون لصالح
الشعاع الرابع عشر - ص: 447
الفوضويين من الذين يحاولون قلب نظام الحكم بشكل غادر، أو هم من اعداء الاسلام ومن المرتدين الذين يحاربون الحقيقة القرآنية ومن الملاحدة الزنادقة.. فهؤلاء لم يترددوا ابداً عندما حاربونا من اطلاق صفة النظام على الردة التامة، ومن اطلاق صفة "المدنية" على السفاهة والتسيب الاخلاقي الرهيب، ومن اطلاق صفة "القانون" على نظام الكفر القهري المنفلت والمرتبط بالاهواء. وهكذا استطاعوا ان يضيقوا علينا تضييقاً شديداً، واستغفلوا الحكومة وخدعوها ووجهوا جهاز العدالة للانشغال بنا دون اي داعٍ، لذا فاننا نحيل هؤلاء الى قهر القهار ذي الجلال ونلتجئ الى حصن (حسبنا الله ونعم الوكيل) ليحفظنا من شرور هؤلاء.
الثامنة:
قامت روسيا في السنة الماضية بارسال العديد من الحجاج الى حج بيت الله الحرام من اجل الدعاية واظهار الروس بمظهر من يحترمون القرآن اكثر من الامم الاخرى، ولتأليب العالم الاسلامي من الناحية الدينية ضد هذه الامة المتدينة في هذا الوطن. ثم انه نظراً للانتشار الجزئي لاجزاء كبيرة من رسائل النور في مكة المكرمة وفي المدينة المنورة وفي دمشق وحلب وفي مصر،وحيازتها على تقدير العلماء وقيامها بكسر الدعاية الشيوعية، فانها اظهرت للعالم الاسلامي بان الامة التركية واخوتهم لايزالون متمسكين بدينهم وبقرآنهم، وانها بمثابة الأخ الكبير للعالم الاسلامي وبمثابة قائد مقدام في سبيل خدمة القرآن. اي ان رسائل النور بينت هذه الحقيقة في تلك المراكز والمدن الاسلامية واظهرتها. فاذا كانت الخدمات الجليلة لرسائل النور تقابل بهذه الانواع من التضييق والالام ألا ترون من الممكن ان تحتد الكرة الارضية وتغضب؟.
التاسعة:
اورد هنا تلخيصاً لاثبات مسألة معينة اوردتها في مرافعتي امام محكمة "دنيزلي":
لو فرضنا ان قائداً رهيباً وعبقرياً استطاع بذكائه ان ينسب لنفسه جميع حسنات الجيش، وان ينسب سيئاته وسلبياته الشخصية للجيش، فانه يكون بذلك قد قلل عدد الحسنات التى هى بعدد افراد الجيش الى حسنة شخص واحد، وعندما نسب
الشعاع الرابع عشر - ص: 448
سيئاته واخطاءه الى الجيش يكون قد كثّر هذه السيئات بعدد افراد الجيش، وهذا ظلم مخيف ومجانب للحقيقة، لذا فقد قلت للمدعي العام في احدى محاكماتي السابقة عندما هاجمني لكوني وجهت صفعة تأديب لذلك الشخص 1 عندما قمت قبل اربعين سنة بشرح حديث نبوي، قلت للمدعى العام: حقاً انني اقلل من شأنه بايراد اخبار من الاحاديث النبوية، إلاّ أننى اقوم في الوقت نفسه بصيانة شرف الجيش وحفظه من الاخطاء الكبيرة، واما انت فتقوم بتلويث شرف الجيش الذي يعد حامل لواء القرآن، وقائداً مقداماً للعالم الاسلامي، وتلغي حسناته لأجل صديق واحد لك. فخضع ذلك المدعى العام للانصاف، باذن الله، ونجا من الخطأ.
العاشرة:
لما كان من المفروض ان يقوم جهاز العدالة بحفظ حقيقة العدالة وحفظ حقوق جميع المراجعين له دون اي تمييز، والعمل في سبيل الحق وباسمه وحده، فاننا نرى ان الامام علياً(رضي الله عنه) في ايام خلافته يمثل امام المحكمة مع يهودي ليتحاكما. وقد شاهد احد مسؤولي العدل ان احد الموظفين احتد وغضب على سارق ظالم وهو يقطع يده فاصدر امره بعزل ذلك الموظف في الحال، وقال آسفاً: "من خلط مشاعره الذاتية باجراء العدالة فقد اقترف ظلماً كبيراً".
أجل، ان الموظف عندما يقوم بتنفيذ حكم القانون ان لم يشفق على المحكوم فليس له ان يحتد عليه، فان فعل ذلك كان ظالماً. حتى ان احد الحاكمين العادلين قال: "ان الشخص الذي يقوم بتنفيذ قصاص القتل ان احتد وغضب اثناء ذلك التنفيذ يُعد قاتلاً".
اذن فما دامت الحقيقة الخالصة والبعيدة عن الاغراض هي التي لا بد ان تسود في المحكمة، فان من الغريب ان يتعرض طلاب النور - البريئون والمحتاجون الى من يسرّي عنهم والى تجلي العدالة في حقهم - الى اهانات ومعاملات قاسية هنا، رغم صدور قرار بتبرئتنا من ثلاث محاكم، ورغم وجود امارات عديدة لاستعداد تسعين في المائة من هذه الامة للشهادة وهذا يدل على انه لايمكن صدور اي ضرر من طلاب النور،
_____________________
1 المقصود هو مصطفى كمال اتاتورك.- المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 449
بل على العكس من ذلك فانهم يقدمون فوائد جمة لهذه الامة ولهذا الوطن، ولأننا قررنا ان نتحمل كل مصيبة وكل اهانة بكل صبر، فاننا نسكت ونحيل الأمر الى الله تعالى ونقول: "لعل في هذا الامر خيراً". ولكنني خشيت ان تؤدي هذه المعاملات الموجهة الى هؤلاء الابرياء نتيجة لتبليغات مغرضة الى قدوم البلايا، لذا اضطررت الى كتابة هذا الأمر. واذا كان هناك اي تقصير او ذنب في هذه المسألة فانه يعود الي. ولم يمد لي هؤلاء المساكين يد المساعدة إلاّ بدافع من ايمانهم ومن أجل آخرتهم ضمن مرضاة الله تعالى، ومع انهم كانوا يستحقون التقدير فان القيام بمثل هذه المعاملات القاسية تجاههم قد اغضب حتى الشتاء. ومن الغريب ايضاً والمحير أنهم ساقوا اوهام تشكيل جمعية مرة اخرى، مع ان ثلاث محاكم دققت هذه الناحية واصدرت قرارها بالبراءة. ثم انه لايوجد فيما بيننا اي امر يستدعي اتهامنا بتشكيل اية جمعية، ولم تجد المحاكم ولا رجال الأمن ولا اهل الاختصاص اية امارة حول ذلك، اذ لاتوجد بيننا سوى رابطة الاخوة الأخروية مثلما يوجد ما بين المعلم وتلاميذه وما بين استاذ جامعي وبين طلابه ومابين حافظ القرآن وتلاميذه الذين يسعون لحفظ القرآن. فالذين يتهمون طلاب النور بتشكيل جمعية عليهم ان ينظروا بنفس المنظار الى جميع اهل المهن والى جميع الطلاب والى جميع الوعاظ ايضاً، لذا فقد وجدت لزاماً علي ان ادافع عن هؤلاء الذين جئ بهم الى السجن هنا نتيجة اتهامات تافهة لا اساس لها ابداً.
ولما قمت بالدفاع ثلاث مرات عن رسائل النور التي يهتم بها هذا البلد والعالم الاسلامي والتي صدرت منها فوائد مادية ومعنوية كبيرة لهذه الامة، فساقوم بالدفاع عنها مرة اخرى منطلقا من الحقيقة نفسها، وليس هناك اي سبب يمنع دفاعي هذا ولايوجد اي قانون او اية سياسة تستطيع ان تحول بيني وتمنعني عن هذا.
اجل نحن جمعية... جمعية لها منتسبون يبلغ عددهم في كل عصر ثلاثمائة وخمسين مليوناً، وفي كل يوم يُظهر كل منتسب حرمته وتوقيره الكامل لمبادئ هذه الجمعية المقدسة بادائه الصلاة خمس مرات ويظهر استعداده لخدمة هذه المبادئ، ويهبون لمساعدة بعضهم بعضاً بادعيتهم وبمكاسبهم المعنوية حسب دستورهم المقدس (انما المؤمنون اخوة) (الحجرات:10). هانحن اولاء افراد هذه الجمعية
الشعاع الرابع عشر - ص: 450
العظيمة المقدسة، وظيفتنا الخاصة ايصال حقائق الايمان القرآنية بشكلها اليقيني الى أهل الايمان، وانقاذهم وانقاذ انفسنا من الاعدام الأبدي ومن السجن البرزخي الانفرادي، ولكن لاتوجد لنا اية علاقة بالجمعيات الدنيوية والسياسية المتسمة بالالاعيب وبالاساليب الملتوية، ولاتوجد لنا اية علاقة بلعبة الجمعيات او باية جمعية سرية مع ان هذه هي التهمة الموجهة الينا على الدوام ونحن اصلا لا نتدنى ابداً اليها.
وبعد ان قامت اربع محاكم بتدقيق هذا الأمر وتمحيصه جيداً قررت اصدار قراراتها بالبراءة.
سعيد النورسي

* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 451
تتمة ومرفق للدفاع
المقدم الى ستة مراجع في "انقرة" والى محكمة "آفيون" للجنايات الكبرى

اقول واصرح لمحكمة "آفيون" بان تحملي وصبري قد نفدا وانه يجب وضع حد لهذا الأمر. فنحن منفيون منذ إثنتين وعشرين سنة دون اي سبب، وتحت الترصد الدائم وكأن حبسي المنفرد وعزلي المطلق عن العالم لايكفي، فقد قدموني للمحاكم ست مرات وادخلوني السجن ثلاث مرات دون اي مبرر قانوني (سوى مسألتين او ثلاث) بل جراء اوهام وتوقع احتمالات، لانهم لم يجدوا في مائة رسالة من رسائل النور اي مأخذ قانوني ضدنا وعاقبوا طلاب النور بغرامات مالية بلغت مئات الالاف من الليرات، وهذا ظلم وغدر لامثيل له، وستلعن الاجيال القادمة بكل شدة مسببي هذا الظلم والقائمين به، اما يوم المحكمة الكبرى فاننا نؤمن الايمان كله بان هؤلاء الظالمين سيرمون الى جهنم وفي أسفل سافلين، وهذا ما جعلنا نجد بعض التسرية، والا فانه كان في مقدورنا ان ندافع بكل قوة عن حقوقنا.
وهكذا ففي خمس عشرة سنة دخلنا ست محاكم، وتم تدقيق رسائل النور ومكاتيبنا مدة عشرين سنة، وكانت النتيجة أننا بُرٍّئنا من قبل خمس محاكم تبرئة كاملة، اما محكمة "اسكي شهر" فلم تجد ما يوجب الادانة الا بضع جمل في رسالة صغيرة هي رسالة "الحجاب" واتخذتها عذراً، واستندت الى مادة قانونية مطاطة، واصدرت حكماً بعقوبة بسيطة ضدنا، ولكننا كتبنا في "اللائحة التصحيحية" التي قدمناها رسميا الى انقرة بعد محكمة التمييز واشرنا الى امر واحد فقط كانموذج على عدم قانونية الحكم، وقلنا:
"ان آية الحجاب التي توضح عادة من العادات الاسلامية القوية الواردة في الدستور المقدس لدى ثلاثمائة وخمسين مليونا منذ الف وثلاثمائة وخمسين عاماً.. هذه الآية الكريمة تعرضت لاعتراض احد الزنادقة، ولانتقاد المدنية؛ لذا قمت
الشعاع الرابع عشر - ص: 452
بتفسيرها والدفاع عنها متبعاً اجماع ثلاثمائة وخمسين الف تفسير 1 مقتدياً في ذلك نهج اجدادنا طوال الف وثلاثمائة وخمسين عاماً. فاذا كانت هناك عدالة في الدنيا فيجب اصدار حكم بنقض العقوبة الصادرة والحكم الصادر بحق رجل قام بمثل هذا التفسير، لكي تمسح هذه اللطخة العجيبة عن جبين جهاز العدالة في هذه الحكومة الاسلامية". وعندما قدمت هذه اللائحة التصحيحية التي كتبتها الى المدعي العام هناك اصيب بالذعر وقال:
"ارجوك! لا ضرورة لكل هذا، فعقوبتك خفيفة، والفترة الباقية قليلة جداً فلا حاجة لتقديم هذه اللائحة".
ولاشك انكم على علم بانني ادرجت نماذج اخرى عجيبة من الاتهامات ضمن الاعتراضات والدفاعات التي ارسلتها اليكم والى المراجع الرسمية في انقرة على غرار هذا الانموذج، لذا فاني اطلب من محكمة "آفيون" وآمل منها باسم العدالة اعطاء الحرية الكاملة لرسائل النور التي لها بركة وخدمة تعادل خدمة جيش باكمله في سبيل مصلحة هذه الامة وهذا الوطن. والا فان دخول بعض اصدقائي الى السجن بسببي يسوقني الى اقتراف ذنب يستحق اكبر عقوبة لكي اودع مثل هذه الحياة، فقد خطر على قلبي مايلي:
بينما كان من المفروض ان تقوم الحكومة بحمايتي وبمد يد العون والمساعدة لي، لوجود مصلحة كبيرة للامة او منفعة كبيرة للوطن في هذا الأمر، فان قيامها بالتضييق علي يشير الى ان عصابة الالحاد الخفية التي تحاربني منذ اربعين سنة والبعض من افراد عصابة الشيوعيين التي التحقت بها الآن، استطاعوا احتلال اماكن مهمة في المراكز الرسمية، وهؤلاء هم الذين يقودون الحملة ضدي. اما الحكومة فهي اما تجهل هذا الأمر او انها تسمح بذلك عن علم، وهناك امارات عديدة مقلقة حول هذا الأمر.
السيد رئيس المحكمة!
لو سمحتم فانني اود ان اطرح سؤالاً يحيرني كثيراً...
_____________________
1 لعل المقصود كلّ مؤلَّف يتناول آيات كريمة بالتفسير والتوضيح.- المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 453
لماذا يقوم اهل السياسة بتجريدي من جميع حقوقي المدنية ومن حقوقي في الحرية بل ربما من حقوقي في الحياة مع انني لم اشترك في السياسة ولم ادخل معتركها؟ لقد عاملوني وكانني سفاح خضب يديه بدماء مئات الضحايا، فوضعوني في حبس منفرد ومنعزل ثلاثة اشهر ونصف، وحاولوا اثناءها التعرض لحياتي واقدموا على تسميمي احدى عشرة مرة. وعندما اراد اصدقائي الحريصون وتلاميذي الصادقون حمايتي من شر هؤلاء منعوا اتصالهم بي، بل انهم حرموني حتى من مطالعة كتبي المباركة والخالية من اي ضرر والتي أجد الأنس معها في وحدتي وشيخوختي ومرضي وغربتي.
لقد رجوت المدعي العام ان يعطيني كتاباً واحداً من كتبي، ومع انه وعد بذلك الا انه لم يفعل، فاضطررت الى البقاء وحيداً في قاعة كبيرة ومقفلة وباردة دون اي شاغل اشغل به نفسي، واوعزوا الى الموظفين والى الخدم والحراس التعامل معي بعداوة وبخشونة بدلاً من المعاملة الحسنة التي قد اجد فيها بعض السلوان وبعض التسرية. وهاكم انموذجاً صغيراً من معاملتهم هذه:
كتبت عريضة الى المدير والى المدعي العام والى رئيس المحكمة، وارسلتها الى احد اخواني لكي يكتبها بالحروف الجديدة التي اجهلها، وفعلا تمت الكتابة وقُدمت العريضة لهم. لقد عدوا هذا جرماً كبيراً صادراً مني، فقاموا بتغطية وسد جميع نوافذ غرفتي وسمّروها، ومع ان الدخان كان يؤذيني، فانهم لم يتركوا نافذة واحدة دون تغطيتها وسدها. ومع ان انظمة السجن تقضي بالا تتجاوز مدة الحبس الانفرادي خمسة عشر يوماً، فانهم حبسوني حبساً انفرادياً مدة ثلاثة أشهر ونصف، ولم يسمحوا لاي صديق بالاتصال بي. ثم انهم أروني لائحة اتهام باربعين صفحة كتبوها وهيأوها في ثلاثة أشهر، ولانني لا اعرف الحروف الجديدة ولكوني مريضاً وذا خط ردئ، فقد رجوتهم ان يبعثوا اليّ من يقرأ هذه اللائحة مع طالبين من طلابي - من الذين يفهمون لغتي لكي يقوما بكتابة اعتراضي ودفاعي - فلم يأذنوا بذلك ولم يقبلوه وقالوا:
"ليأت المحامي لكي يقرأه". ثم لم يسمحوا حتى بذلك، بل قالوا لأحد الاخوان "اكتب اللائحة بالحروف القديمة واعطها له". ولكن كتابة تلك اللائحة لايمكن ان
الشعاع الرابع عشر - ص: 454
تتم الا في ستة أو سبعة أيام. وهكذا فبدلاً من قراءة تستغرق ساعة واحدة فقد مددوا هذا العمل الى ستة او الى سبعة ايام، وذلك لكي يمنعوا اي اتصال معي، وهذا عمل استبدادي مذهل يلغي كل حقوقي في الدفاع. ولا يتعرض سفاح ارتكب مائة جريمة وحكم عليه بالاعدام الى مثل هذه المعاملة في اية بقعة من بقاع الدنيا، والحقيقة انني في ألم شديد لانني لا اعرف اي سبب لمثل هذا التعذيب. لقد قيل لي بان رئيس المحكمة شخص عادل ورحيم، لذا فقد قمت بتقديم هذه الشكوى الى مقامكم كتجربة اولى وأخيرة.
توجد اربعة اسس في لائحة الاتهام:
الاساس الاول:
وهو الادعاء بانني شخص افخر بنفسي وامجدها. وقد رددت هذا الادعاء بكل ما املك من قوة، وكانت اللجنة المختصة في محكمة "دنيزلي" قد ذكرت انه "لو ادعى سعيد انه المهدي المنتظر لقبل كل طلابه ذلك".
الاساس الثاني:
قيامه باخفاء مؤلفاته.
يجب ألاّ تُعطى معاني خاطئة من قبل الاعداء المتسترين، لأن الإخفاء لم يكن بقصد سياسي او باي قصد يضر بأمن البلاد، ولايعد وجود جهاز طبع بالحروف القديمة عذراً لهم للهجوم علينا. اما قضية الصفعة الموجهة من "رسائل النور" الى مصطفى كمال 1 فقد عرفتْ بها ست محاكم وكذلك المراجع الرسمية في "انقرة" فلم يعترضوا عليها واصدروا قرارهم بتبرئتنا واعادوا لنا جميع كتبنا ومن ضمنها
_____________________
1 اورد الادعاء العام اتهاماً نتيجة سوء فهم فيما ورد من كرامة «رسائل النور» التي تجلى بعضها كصفعات تأديبية. إذ زعموا اننا نقول ان البلايا والزلازل التي حدثت في اثناء الهجوم على طلاب النور وعلى رسائل النور انما هي صفعات من رسائل النور... حاشا ثم حاشا، نحن لم نقل ولم نكتب هذا، بل ذكرنا في مواضع عدة مع ايراد الادلة، ان "رسائل النور" بمثابة صدقات مقبولة، لذا فهي وسيلة لدفع البلايا، فعندما يتم الهجوم على «رسائل النور» تبهت الانوار وتجد المصائب الفرصة سانحة للظهور. أجل ان مئات الحوادث والوقائع وشهادة وتصديق الآلاف من طلاب النور ترينا استحالة وجود المصادفة في توافق تلك الحوادث كما أظهرنا ذلك جزئياً في المحاكم فاننا نؤمن بشكل قاطع بان هذه التوافقات دليل على قبول رسائل النور ودليل على الكرم الالهي وهو نوع من الكرامة المهداة من القرآن الكريم الى رسائل النور.- المؤلف.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #6
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 455
"الشعاع الخامس". ثم ان قيامي باظهار سيئاته ليس الا من اجل صيانة كرامة الجيش. اي ان عدم محبة شخص فرد ليس إلاّ من أجل كيل الثناء الى الجيش بكل حب.
الاساس الثالث:
على الرغم من وجود مائة ألف طالب من طلاب النور واحالة مائة الف نسخة من رسائل النور الى ست محاكم في ظرف عشرين سنة، فلم تسجل لدى موظفي أمن عشر ولايات اي شئ يخل بالامن او يقلق هدوء البلد. وان عدم وجود اية مادة تشير الى هذا الاخلال لا في هذه المحاكم الست ولا عند موظفي هذه الولايات العشر لهو اكبر دليل وافضل رد على التهمة العجيبة القائلة باننا نحرض على الاخلال بالأمن.
اما بخصوص لائحة الاتهام الجديدة هذه فمن العبث القيام بالرد عليها، لانه ليس الا تكراراً لتهم سابقة سبق وان تمت الاجابة عليها عدة مرات، وسبق لثلاث محاكم اصدار قراراتها بتبرئتنا منها، وهي مسائل لا أهمية لها. ولما كان اتهامنا في هذه المسائل يُعد في الحقيقة اتهاماً لمحكمة الجنايات الكبرى في "انقرة" ولمحكمة "دنيزلي" ولمحكمة " اسكي شهر" (لان هذه المحاكم برأتنا في هذه المسائل) لذا فانني أدع الاجابة عنها لهذه المحاكم.
زد على هذا فهناك مسألتان او ثلاث مسائل اخرى:
المسألة الاولى:
مع انهم اصدروا قراراً ببراءتنا وباعادة ذلك الكتاب الينا بعد تدقيق وتمحيص تامين دام سنتين في محكمة "دنيزلي" و"محكمة الجنايات الكبرى في انقرة" فانهم يلوحون بمسالة او مسألتين واردتين في رسالة "الشعاع الخامس" بخصوص قائد 1 مات وانتهى امره كمادة اتهام ضدنا. اما نحن فنقول: ان توجيه نقد صائب كلي بحق شخص مات وانتهى امره وانقطعت صلته بالحكومة لايعد في نظر القانون ذنباً.
ثم قام مقام الادعاء باستخراج تأويل متحذلق من معنى عام وكلي، وطبق هذا في حق ذلك القائد. علماً بانه مامن قانون يعد وجود معنى في رسالة خاصة وسرية يدق على افهام العامة ولايدركها سوى واحد في المائة... ما من قانون يعد ذلك ذنباً، ثم
_____________________
1 المقصود هو مصطفى كمال (المترجم)

الشعاع الرابع عشر - ص: 456
ان تلك الرسالة شرحت تأويل الاحاديث المتشابهة بشكل رائع . وعندما نكون بصدد بيان المعنى الحقيقي لحديث وانطبق هذا المعنى بحق شخص مقصر فما من قانون يعد هذا ذنباً، خاصة وان هذا البيان موجود منذ حوالي اربعين عاماً وتم تقديمه لثلاث محاكم ولمحكمتكم، وقدم مرتين خلال ثلاث سنوات الى ستة مراجع رسمية في "انقرة" ولم يتم الاعتراض على دفاعي وعلى اعتراضاتي التي قدمت فيها اجابات قطعية.
ثم ان نقد ذلك الشخص الذي كان ضمن انقلاب ادىالى مساوئ عديدة، لا ترجع اليه وحده حسنات ذلك الانقلاب، بل ترجع الى الجيش والى الحكومة، اما هو فقد تكون له حصة واحدة منها 1 فكما ان قيامنا بنقده من زاوية سيئاته لايعد ذنباً، لايجوز القول ان ذلك يعني الهجوم على حركة الانقلاب. ويا ترى اىّ ذنب واي جريرة في ان تنتقد او تضمر عدم المحبة لرجل حوّل جامع اياصوفيا الذي هو مبعث الشرف الابدي لامة بطلة، والدرة الساطعة لخدماتها وجهادها فى سبيل القرآن، وهدية تذكارية نفيسة من هدايا سيوف اجدادها البسلاء.. حوّله الى دار للاصنام وبيت للاوثان وجعل مقر المشيخة العامة ثانوية للبنات؟
المسألة الثانية حول موجبات الاتهام في لائحة الادعاء العام:
بعدما كسبنا البراءة في ثلاث محاكم، فان بياناً رائعاً لتأويل حديث شريف (في الشعاع الخامس) قبل اربعين سنة انقذ الامة. حيث ان شيخ الاسلام - للجن والانس - "زنبللي علي افندي" قد قال: "ليس هناك اي جواز في لبس القبعة، حتى لو لبست مزاحاً". كما لم يجوّز لبسها شيوخ الاسلام وعلماؤه، مماجعل عوام اهل الايمان امام خطر حين اضطروا الى لبسها 2 إذ أصبحوا امام خيارين: إما ان يتركوا دينهم، او يقوموا بحركة عصيان

_____________________
1 بعد ان استولى مصطفى كمال على مقاليد الحكم قام بسن قوانين عديدة ضد الاسلام فالغى الخلافة والغى المدارس الدينية وقلب احرف الكتابة من الاحرف العربية الى الاحرف اللاتينية، ومنع الأذان الشرعي (اذ امر ان يكون الاذان باللغة التركية) واصدر قانون الازياء واستورد القوانين السويسرية والفرنسية. . . إلخ. وهذه تعد من مساوئ نظامه، الا ان حروب الاستقلال التي شارك فيها وقاد بعضها وانتهت بالانتصار وطرد القوات الاجنبية تعد من المحاسن، ولكن هذه المحاسن شارك فيها قواد آخرون وكانت الحصة الكبيرة فيها للقواد وللضباط الصغار وللجنود البسلاء، بينما حاولت صحفه ومصادر اعلامه ان تنسب جميع هذه المحاسن اليه واهملت الاشارة الى القواد الآخرين والجيش.- المترجم.
2 وذلك بموجب قانون الازياء الذي سنّه مصطفى كمال وأجبر الناس على لبس القبعات. - المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 457
ولكن احدى فقرات رسالة "الشعاع الخامس" ذكرت انه "ستعلو القبعةُ الرؤوس وستقول: لاتسجد، ولكن الايمان الموجود في ذلك الرأس سيجبر تلك القبعة أيضاً على السجود ويجعلها ان شاء الله مسلمة" أنقذت عوام أهل الايمان من التمرد والعصيان كما انقذتهم من التخلي عن دينهم باختيارهم. فضلاً عن انه ليس هناك قانون يطالب الاشخاص المنزوين بمثل هذه الاشياء، ان ست حكومات في ظرف عشرين سنة لم تجبرني على لبس القبعة. كما ان النساء والاطفال وائمة المساجد والموظفين في دوائرهم ومعظم القرويين غير مجبرين على لبسها، وفي الآونة الاخيرة رفعت عن رؤوس الجنود. كما ان لبس الطاقية واغطية الرأس غير ممنوع في كثير من الولايات، ورغم كل هذا فقد اصبح هذا 1 عنصر اتهام ضدي وضد اخواني. فهل يوجد في العالم كله قانون او مصلحة او اصل يعد مثل هذا الاتهام (الخالي من اي معنى) ذنباً؟
الاساس الثالث المتخذ مداراً للاتهام:
وهو زعم التحريض للاخلال بالأمن في "اميرداغ". وانا اقول رداً على هذا:
اولاً:
نشير الى الاعتراض الذي قدمتُه الى هذه المحكمة والى ست مراجع رسمية في "انقرة" بعلم هذه المحكمة واذنها، وهو اعتراض لم يرد عليه، لذا فانني أقدم الاعتراض نفسه كجواب للائحة الاتهام.
ثانياً:
يشهد كل من تكلم معي في "اميرداغ" ويشهد الاهالي وموظفو الأمن بانني بعد صدور القرار ببراءتي ابتعدت بكل قوتي - وانا قابع في انزوائي - عن المشاركة في اية سياسة دنيوية، حتى انني تركت التأليف والتراسل، فلم اكتب الا فقرتين صغيرتين حول الملائكة وحول حكمة التكرار في القرآن، ولم اكن اكتب سوى مكتوب واحد فقط في الاسبوع أحث فيه على قراءة رسائل النور، حتى انني لم ابعث لاخي المفتي - الذي كان من طلابي طوال عشرين عاماً - سوى ثلاث او اربع رسائل في ظرف ثلاث سنوات، وكان يبعث اليّ ببطاقات تهنئة العيد على الدوام، وكان يقلق علي قلقاً كبيراً. اما اخي الآخر الساكن في بلدتي فلم ابعث له طوال عشرين عاماً اية
_____________________
1 اي عدم لبس القبعة - (المترجم).

الشعاع الرابع عشر - ص: 458
رسالة ابداً، ومع ذلك نرى ان لائحة الاتهام تقوم بحذلقة لامثيل لها بتكرار الاسطوانة القديمة واتهامي بالاخلال بالامن، وبالوقوف ضد الحركة الانقلابية. ونحن نقول رداً على هذا:
ان مايزيد عن عشرين الف نسخة من رسائل النور، طوال عشرين عاماً، طالعها عشرون الفا، بل مائة الف من الناس بكل شوق وبكل قبول، ومع ذلك لم تجد ست محاكم ولم يجد رجال الأمن في عشر ولايات معنية اي شئ ضدهم. وهذا يبين بانه لو كان هناك احتمال واحد فقط من ألوف الاحتمالات ضدنا فانهم يأخذون به ويتخذون هذا الاحتمال وكأنه امر واقع لامحالة، مع انه لو كان هناك احتمال واحد ضمن احتمالين او ثلاثة، ولم يظهر اي اثر له فلا يعد ذلك الاحتمال ذنباً. حتى ان واحداً بالالف من الاحتمال غير وارد، وهناك احتمال وارد لكل شخص - ومنهم المدعي العام - وهو احتمال قيامه بقتل اشخاص عديدين، او القيام بالاخلال بالأمن خدمة للشيوعيين وللفوضويين. اذن فان النظر الى مثل هذه المبالغة في الاحتمالات وكأنها اصبحت حقيقة وواقعة واستعمالها على هذا الاساس خيانة للعدالة وللقانون. ثم ان من الطبيعي وجود معارضة لكل حكومة، وان المعارضة الفكرية لاتعد جناية. فالحكومة تأخذ بالظاهر ولاتحاسب على مافي القلوب. ونحن نخشى ان يكون الاشخاص الذين يوجهون مثل هذه التهم الباطلة في حق شخص لم يصدر منه اي ضرر ضد الوطن وضد الامة، بل كانت له فوائد وخدمات كثيرة، ولم يتدخل في شؤون الحياة الاجتماعية بل واجبروه على العيش في عزلة تامة، والذي قوبلت مؤلفاته بكل تقدير في اهم المراكز الاسلامية 1 نخشى ان يكون هؤلاء الاشخاص اداة في خدمة الشيوعية وفي خدمة الفوضوية دون ان يشعروا.
_____________________
1 في الخطأ الثمانين من الأخطاء المائة التي وقع فيها المدعي العام، نراه يقول: "ان التأويل الوارد في الشعاع الخامس يُعد خطأً " وجوابي على ذلك هو: وردت في "الشعاع الخامس " الجملة التالية: "احد التأويلات -والله أعلم - هو هذا التأويل " ومعنى هذه الجملة: "ان من الممكن ان يكون هذا هو معنى هذا الحديث الشريف ". لذا فلا يمكن من الناحية المنطقية تكذيب هذه الجملة، إلاّ عند اثبات استحالتها.
ثانياً: منذ عشرين عاماً، بل منذ اربعين عاماً لم يقم أحد برد التأويلات التي اوردناها رداً منطقياً وعلمياً سواء اكانوا من معارضي أو ممن يحاولون معارضة رسائل النور، ولم يقل احد من اولئك العلماء المعارضين "ان هذه التأويلات فيها نظر "، بل صدّقوها مع الوف من علماء طلاب النور، لذا فانني احيل الى مقامكم تقدير مدى البعد عن الانصاف عندما يرد ّهذا التأويل شخص لايعرف حتى عدد السور الموجودة في القرآن الكريم.
والخلاصة: ان معنى التأويل لحديث شريف او لآية كريمة هو: انه معنى واحد محتمل من عدة معاني محتملة وممكنة. - المؤلف

الشعاع الرابع عشر - ص: 459
هناك امارات اعلم منها ان اعداءنا الخفيين يحاولون النيل من رسائل النور والتقليل من قيمتها، فينشرون وَهْم وجود فكرة المهدية - من الناحية السياسية - فيها ويدّعون ان رسائل النور وسيلة لهذه الفكرة، ويبحثون ويدققون عسى ان يعثروا على سند لهم لهذه الاوهام الباطلة. ولعل العذاب الذي اتعرض له نابع من هذه الاوهام. وانا اقول لهؤلاء الظالمين المتسترين وللذين يسمعون لهم ويعادوننا:
حاش!... ثم حاش!... انني لم اقم بمثل هذا الادعاء، ولم اتجاوز حدي ولم اجعل الحقائق الايمانية وسيلة شخصية او اداة لنيل الشهرة والمجد، وان السنوات الثلاثين الاخيرة خاصة من عمري البالغ خمسة وسبعين عاماً تشهد وتشهد رسائل النور البالغة مائة وثلاثين رسالة، ويشهد الالاف من الاشخاص الذين صادقوني حق الصداقة بهذا.
أجل!. . . ان طلاب النور يعرفون هذا كما انني سردت الحجج التي اظهرت في المحاكم انني لم أسْعَ من اجل مقام او مرتبة لشخصي او من اجل الحصول على مرتبة او مقام او شهرة معنوية او اخروية، بل سعيت بكل ما أملك من وقوة لتوفير خدمة ايمانية لاهل الايمان، وربما كنت مستعداً لا للتضحية بالمراتب الدنيوية الفانية وحدها بل - ان لزم الأمر - بالتضحية حتى بالمراتب الاخروية الباقية لحياتي في الآخرة، مع ان الجميع يسعون للحصول على هذه المراتب، ويعلم اصدقائي المقربون بانني - ان لزم الأمر - اقبل ترك الجنة والدخول الى جهنم من اجل ان اكون وسيلة لإنقاذ بعض المساكين من أهل الايمان. وقد ذكرت هذا وبرهنت عليه في المحاكم من بعض الوجوه، ولكنهم يرومون بهذا الاتهام اسناد عدم الاخلاص لخدمتي الايمانية والنورية، ويرومون كذلك التقليل من قيمة رسائل النور وحرمان الامة من حقائقها.
أيتوهم هؤلاء التعساء ان الدنيا باقية وابدية؟ ام يتوهمون ان الجميع مثلهم يستغلون الدين والايمان في مصالح دنيوية؟ ان هذا التوهم يقودهم الى الهجوم على شخص تحدى اهل الضلالة في الدنيا وضحى في سبيل خدمة الايمان بحياته الدنيوية، وهو مستعد للتضحية بحياته الاخروية ان لزم الامر في سبيل هذه الخدمة. وانه غير مستعد لان يستبدل ملك الدنيا كلها بحقيقة ايمانية واحدة، كما صرح في المحاكم، ويقودهم الى الهجوم على شخص هرب بكل قوته من السياسة ومن جميع
الشعاع الرابع عشر - ص: 460
مراتبها المادية منها وما يشمّ منها معنى السياسة سواءً أكانت من قريب او بعيد وذلك بسر الاخلاص، وتحمّل عذاباً لامثيل له طوال عشرين عاماً، ومع ذلك لم يتنزل - حسب المسلك الايماني - الى السياسة. ثم انه يعد شخصه - من جهة النفس- اقل مرتبة بكثير من طلابه، لذا فهو ينتظر دوماً دعاءهم واستغفارهم له، ومع انه يعد نفسه ضعيفاً وغير ذي أهمية، الا أن بعض اخوانه الخلص اسندوا اليه في رسائلهم الخاصة بعضاً من فضائل النور، وذلك لكونه ترجماناً للفيوضات الايمانية القوية التي استمدوها من رسائل النور، ولم يخطر ببالهم في ذلك اي معنى سياسي، بل على مجرى العادة، ذلك لان الانسان قد يخاطب شخصاً عادياً ويقول له: "انت ولي نعمتي... انت سلطاني". اي يعطون له - من زاوية حسن الظن - رتباً عالية لايستحقها، وهي اكثر الف مرة من رتبته ومن قيمته. وكما هو معلوم فان هناك عادة قديمة جارية مقبولة - لم يعترض عليها احد - فيما بين الطلاب وبين اساتذتهم وهي قيام الطلاب بمدح مبالغ فيه لاساتذتهم قياماً منهم بحق الشكر، ووجود بعض التقاريظ والمدح المبالغ فيه في خاتمة الكتب المقبولة.. فهل يعد هذا ذنباً باي وجه من الوجوه؟ صحيح ان المبالغة تعد في جانب منها مخالفة للحقيقة، ولكن شخصاً مثلي ليس له أحد، ويعاني من الغربة ما يعاني، وله اعداء كثيرون، وهناك أسباب عديدة لكي يبتعد عنه معاونوه ومساعدوه... أفيستكثر علىّ هؤلاء البعيدون عن الإنصاف ان اشدّ من الروح المعنوية لهؤلاء المساعدين والمعاونين ضد المعارضين العديدين، وان انقذهم من الابتعاد والهرب واحول دون كسر حماستهم المتجلية في مديحهم المبالغ فيه، وان احوّل هذا المديح الى رسائل النور ولا أردهم رداً كاملاً وقاطعاً؟ وهكذا يظهر مدى ابتعاد بعض الموظفين الرسميين عن الحق او عن القانون وعن الانصاف عندما يحاولون ان ينالوا من الخدمة الايمانية التي يؤديها شخص بلغ من العمر عتياً وهو على ابواب القبر، وكأن هذه الخدمة مسخرة لغرض من اعراض الدنيا.
ان آخر ما نقول : لكل مصيبة (انا لله وانا اليه راجعون).
سعيد النورسي
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 461
ملحق
لقد ورد في ختام قرار التحقيقات الاخيرة التي أجريت من قبل محكمة التحقيقات ما يأتي:
"لقد قرر مجلس الوزراء قبل اربعة أشهر منع نشر رسالة "المعجزات القرآنية" اي "الكلمة الخامسة والعشرين" ومصادرة اعدادها من السوق نظراً لورود شرح لثلاث آيات قرآنية، وهذا الشرح يعارض القانون المدني الحالي ويصادم المدنية".
وجواباً على هذا نقول:
ان رسالة "المعجزات القرآنية" موجودة الآن ضمن رسالة "ذو الفقار" هذه الرسالة يقارب عدد صفحاتها الاربعمائة صفحة، كنت قد نشرتها رداً على انتقادات المدنية الغربية للقرآن الكريم رداً قاطعاً لايمكن جرحه او الاعتراض عليه. ويشغل هذا صفحتين منها في معرض تفسير لثلاث ايات قرآنية وموجود بصورة متفرقة في ثلاث رسائل قديمة لي. الآية الاولى كانت آية الحجاب، والآية الثانية كانت حول الإرث وهي آية (فلأمّه السدس) (النساء: 11) اما الآية الثالثة فكانت ايضاً حول الإرث وهي آية (فللذكر مثل حظ الانثيين) (النساء: 176) ومع انني قمت بشرح حِكم حقائق هذه الآيات في صفحتين اثنتين وقبل عشرين عاماً (بعضها قبل ثلاثين عاماً) شرحاً ألزم الفلاسفة، إلاّ انهم توهموا وكأنها كُتبت اليوم. وبدلاً من منع رسالة"ذو الفقار" البالغة اربعمائة صفحة فقد كان في الامكان اخراج هاتين الصفحتين فقط منها، ثم اعادتها الينا، وهذا حق قانوني لنا؛ اذ لو وجدت كلمة واحدة او كلمتان ضارتان في خطاب ما، حذفت هاتان الكلمتان وسمح بنشر ذلك الخطاب، وقياساً على هذا فاننا نطالب بحقنا هذا من محكمتكم العادلة.
ولعدم وجود إمكانية مجئ احدهم عندي ليقرأ لي لائحة الاتهام البالغة اربعين صفحة والصادرة قبل شهر فقد قرأوا هذه اللائحة لي اليوم (المصادف لليوم الحادي عشر من حزيران)... قرأوا اللائحة واستمعت انا فوجدت ان الدفاع الذي كتبته قبل
الشعاع الرابع عشر - ص: 462
شهرين وكذلك تتمة هذا الدفاع وملحقه الذي كتبته قبل شهر والذي ارسلته الى مقامكم والى ست مراجع في انقرة يرد لائحة الاتهام هذه رداً قاطعاً، لذا لا اجد اي مسوغ لكتابة دفاع جديد. ولكني احب تذكير مقام الادعاء عندكم بنقطتين او ثلاث فاقول:
ان السبب الذي حدا بي الى عدم الاجابة على هذه اللائحة يعود الى انني لم أشأ ان اطعن في كرامة ثلاث محاكم عادلة اصدرت قراراتها ببراءتنا ولم أشأ ان أخونها. ذلك لان تلك المحاكم حققت بشكل دقيق جميع الاسس الواردة في لائحة الاتهام هذه ثم اصدرت قراراتها بالبراءة. ان عدم احترام هذه القرارات وعدّها وكأنها لاشئ يُعدّ تجاوزاً واعتداءً على شرف جهاز العدالة.
النقطة الثانية:
لقد حاول مقام الادعاء بحذلقة اعطاء معاني لم تخطر على بالنا لمسألتين او ثلاث من بين آلاف المسائل لاتهامنا، بينما توجد هذه المسائل في امهات رسائل النور وحازت على رضى وقبول المحققين من علماء الازهر في مصر وعلماء الشام وحلب وعلماء مكة المكرمة والمدينة المنورة وخاصة على رضى وقبول العلماء المحققين لرئاسة الشؤون الدينية، لذا فقد دهشت واستغربت عندما رأيت المدعي العام يورد بعض الردود وبعض الاعتراضات العلمية في لائحة الاتهام وكأنه عالم من علماء الدين وشيخ من شيوخه. ولنفرض جدلاً ان لي بعض الاخطاء فلا يمكن ان تعد ذنباً يحاسب عليه القانون بل مجرد خطأ علمي، هذا مع العلم ان اي عالم من الاف العلماء لم ير هذه الاخطاء التي يشير اليها المدعي العام ولم يعترض عليها. ثم ان ثلاث محاكم برأتنا وبرأت رسائل النور كلها سوى خمس عشرة كلمة واردة في "اللمعة الرابعة والعشرين" حول (الحجاب) حيث اصدرت محكمة "اسكي شهر" عقوبات خفيفة بحقي وبحق خمسة عشر بالمائة من اصدقائي. وكنت قد ذكرت في تتمة دفاعي التي قدمتها اليكم بانه لو كانت هناك عدالة على سطح الارض لما قبلت ذلك الحكم ضدي بسبب تفسيري ذاك، الذي اتبعت فيه حكم ثلاثمائة وخمسين الف تفسير. وقد حاول المدعي العام بذكائه وبمعاذير شتى اختيار بعض الجمل لكتاب ولخطابات تعود الى عشرين سنة مضت وتحويرها ضدنا. بينما اصبحت خمس او
الشعاع الرابع عشر - ص: 463
ست محاكم - وليست ثلاث محاكم فقط - من المحاكم التي برأتنا شريكة لنا في هذا الذنب او الجرم المزعوم. وانا أذَكّر مقام الادعاء العام بضرورة عدم التعرض الى كرامة تلك المحاكم العادلة.
النقطة الثالثة:
ان نقد ومعارضة رئيس مات وانتهى امره وانقطعت صلته بالحكومة لكونه سبباً في بعض السلبيات في الانقلاب لايعد ذنباً او جرماً في نظر القانون. ولم يكن انتقادنا له صريحاً، بل قام المدعي العام بحذلقته بتطبيق ما جاء في بياننا بشكل عام وكلي، على ذلك الرئيس. فما كان سراً من المعاني التي لم نوضحها اظهره هذا المدعي العام على الجميع وفضحه وركز عليه انظار الناس جميعاً. فان كان هناك ذنب في هذه المعاني فمن المفروض ان يكون المدعي العام شريكاً فيه، ذلك لانه جلب انظار الجماهير لهذه المعاني وحرضهم.
النقطة الرابعة:
على الرغم من قيام ثلاث محاكم باصدار قراراتها بتبرئتنا بشكل قاطع من تهمة تشكيل جمعية الا ان المدعي العام يحاول تكرار الاسطوانة القديمة حول الاوهام والمزاعم الخاصة بتشكيل جمعية سرية ويجهد نفسه في البحث عن اي معاذير غير حقيقية في هذا المجال. ومع ان هناك عدة جمعيات سياسية ضارة لهذه الامة ولهذا الوطن، فانه يؤذن لها ويسمح لها باداء نشاطها بينما يتم إلصاق تهمة "استغلال الدين لتحريض الناس على الاخلال بالامن" بنا، مع ان هناك الاف الشهود والاف الشواهد وقرارات ست ولايات بعدم التعرض لنا، تثبت بان الصداقة الموجودة بين طلاب النور وهى صداقة دراسة هي في صالح الامة وفي صالح الدين وهي في سبيل تأمين السعادة الدنيوية والسعادة الاخروية، وان هؤلاء الطلاب وقفوا وجاهدوا متساندين ضد جميع تيارات الإفساد سواءً أكانت من الخارج ام من الداخل، لذا فان إلصاق تهمة تشكيل جمعية سرية والاخلال بالامن مع انه لم يسجل في ظرف عشرين عاماً اي حادثة اخلال للأمن ضد اي طالب من طلاب النور الذين يتجاوز عددهم مئات الآلاف.. ان مثل هذه التهم لايحتد لها النوع الانساني وحده بل يحق
الشعاع الرابع عشر - ص: 464
لهذه الارض ايضاً ان تحتد وترد هذه التهمة... على اي حال فانني لا اجد مبرراً لإطالة الكلام، اذ ان دفاعي (الذي كتبته قبل لائحة الاتهام هذه) وتتمة دفاعي كافيتان للرد وللاجابة على المدعي العام.
الموقوف في سجن أفيون
سعيد النورسي
* * *

باسمه سبحانه
اوضح لمحكمة افيون ولرئيس محكمة الجنايات الكبرى انه:
لقد قطعت علاقتي بالدنيا لانني مفطور منذ البداية على عدم تحمل التحكم. وتبدو الحياة الآن امام عيني ثقيلة جداً الى درجة انني ارى بانني لا استطيع العيش في مثل هذه الحياة المليئة بتحكمات لامعنى ولا ضرورة لها اذ لا استطيع تحمل تحكمات ونوازع السيطرة لدى المئات من الاشخاص الرسميين خارج السجن، فقد مللت من مثل هذه الحياة. وانا اطالبكم بكل ما املك من قوة ان تعاقبوني. وبما انني لا استطيع نيل الموت فان من الضروري لي البقاء في السجن. وانتم تعلمون جيداً ان الاتهامات الباطلة التي اسندها لي مقام الادعاء غير موجودة وغير واردة اصلاً. لذا فهي لاتكفي لايقاع العقوبة بي. ولكن وجود تقصيرات كبيرة عندي تجاه الوظيفة الحقيقية هو الذى يسبب لي عقاباً معنوياً. ولو كان الاستفسار مناسباً فانني مستعد للاجابة على استفساراتكم. اجل ان ذنبي الوحيد المتأتي من تقصيراتي الكبيرة والذي لايغتفر من حيث الحقيقة، هو اننى بسبب عدم التفاتى الى الدنيا لم اعمل ما انا مكلف به من ايفاء وظيفة جليلة الشأن في سبيل الوطن والامة وفي سبيل الدين، وان عدم استطاعتي ذلك لا يشكل عذراً بالنسبة الي، وقد توصلت الآن الى هذه القناعة في سجن "آفيون" هذا.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 465
ان الذين يتهمون طلاب النور - الذين تنحصر علاقتهم الاخروية الخالصة برسائل النور وبمؤلفها، ويحاولون تحميلهم مسؤولية تشكيل جمعية سياسية، بعيدون كل البعد عن العدالة والحقيقة. اثبت ذلك قرار التبرئة لثلاث محاكم بثلاث جهات. فضلاً عن هذا نقول:
ان جوهر الحياة الاجتماعية الانسانية ولاسيما للامة الاسلامية واساسها هو: وجود محبة خالصة بين الاقرباء، ووجود رابطة وثيقة بين القبائل والطوائف ووجود اخوة معنوية وتعاونية نحو اخوته المؤمنين ضمن القومية الاسلامية، ووجود علاقة فداء نحو قومه وجنسه ووجود التزام قوي ورابطة قوية لاتهتز مع الحقائق القرآنية التى تنقذ حياته الابدية، ومع ناشرى هذه الحقائق، وامثالها من الروابط التي تحقق اساس الحياة الاجتماعية، وان انكارها لايؤدي الا الى قبول الخطر الأحمر الذي يتربص بنا في الشمال والذي يبذر بذور الفوضى ويحاول القضاء على الاجيال وعلى القومية ويجمّع اطفال الناس هناك ويضعهم تحت تصرفه ويحاول ازالة شعور القرابة وشعور القومية وافساد المدنية البشرية والحياة الاجتماعية افساداً تاماً، اقول انه بذلك الانكار وذلك القبول يمكن اطلاق اسم الجمعية على طلاب النور، لذا فان طلاب النور الحقيقيين يظهرون علاقاتهم المقدسة مع الحقائق القرآنية ويظهرون ارتباطهم الذي لا ينفصم مع اخوانهم في الحياة الآخرة، ولانهم يتقبلون برحابة صدر اية عقوبة تقع عليهم بسبب هذه الاخوة فانهم يعترفون بهذه الحقيقة كما هي في حضور محكمتكم العادلة، ولا يتدنون عند الدفاع عن انفسهم الى درك الحيلة والنفاق والكذب.

الموقوف
سعيد النورسي
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 466
ذيل تتمة الاعتراض
المقدم الى الادعاء العام لمحكمة آفيون
اولاً: اُبيّن للمحكمة: ان هذا الادعاء الجديد ايضاً مبني على ادعاءات قديمة لمحكمة "اسكي شهر" و"دنيزلي" ومبني على التقرير المقدم من قبل خبراء سطحيين بعد تحقيقاتهم العابرة. وقد ادعيت في محكمتكم: إن لم اثبت مائة خطأ في هذا الادعاء فانا راضٍ بانزال عقاب مائة سنة من السجن بي وها أنا الآن اُثبت دعواي. إن شئتم اقدم لكم الجدول المتضمن للاخطاء التي تزيد على المائة.
ثانياً: عندما اُرسلتْ اوراقنا وكتبنا الى آنقرة من محكمة "دنيزلي" كتبت لإخوتي - في غضون ترقبى وقلقي على صدور قرار ضدنا - الفقرة التي في ختام بعض دفاعاتي، وهي:
إذا استطاع موظفو العدالة الذين يدققون رسائل النور بهدف النقد والتقييم، أن يقووا ايمانهم وينقذوه، ثم حكموا عليّ بالاعدام، اشهدوا بانني قد تنازلت لهم عن جميع حقوقي. لاننا خدام الايمان ليس الاّ. وان المهمة الاساس لرسائل النور هي: تقوية الايمان وانقاذه. لذا نجد انفسنا ملزمين بالخدمات الايمانية، دونما تمييز بين عدوٍ وصديق، ومن غير تحيّز لأية جهة كانت.
وهكذا.. ايها السادة اعضاء المحكمة، استناداً الى هذه الحقيقة، وفي ضوئها، فقد استطاعت رسائل النور بحقائقها الناصعة وبراهينها الساطعة ان تستميل نحوها قلوب الكثيرين من اعضاء المحكمة وحملتهم على التعاطف معها. فلا يهمني بعدُ ما تريدون فعله، وما تقررون في حقي.. افعلوا ما شئتم فاني مسامحكم.. ولن اثور او اغضب عليكم إطلاقاً. و هذا هو السبب في انني تحملت أشد انواع الأذى والجور والاستبداد والتعرض والاهانات المتكررة التي اثارت اعصابي والتي لم اقابَل قبلُ بمثلها طوال حياتي كلها.. بل انني لم ادعُ على احد بالشر او السوء.
وان مجموعات رسائل النور التي بين ايديكم لهي دفاعي غير القابل للجرح او الطعن، وهي خير دليل على زيف جميع الادعاءات المثارة ضدنا.
الشعاع الرابع عشر - ص: 467
انه لمثير للعجب والحيرة: انه في الوقت الذي دقق علماء اجلاء من مصر والشام وحلب والمدينة المنورة ومكة المكرمة وعلماء من رئاسة الشؤون الدينية، مجموعات رسائل النور ولم ينتقدوا منها شيئاً، بل استحسنوها وقدروها حق قدرها. وفي الوقت الذي حملت الرسائل مائة الف من اهل الحقيقة على التصديق بها رغم الظروف الصعبة المحيطة، ورغم ما اعانيه من الاغتراب والشيخوخة وقلة النصير، وفضلاً عن الهجمات الشرسة المتلاحقة.. اقول في الوقت الذي تقدّر الرسائل هكذا، اذا بالذكى(!) الذي استجمع علينا ادعاءات واهية يتفوه بخطأ فاحش ينم عن سطحيته وسطحية نظرته للامور، اذ قال: ان القرآن الكريم عبارة عن مائة واربعين سورة!.. هذا الشخص نفسه يقيّم رسائل النور فيقول: "ان رسائل النور مع انها تحاول تفسير القرآن الكريم وتأويل الاحاديث الشريفة الاّ انها لا تحمل ماهية علمية وقيمة راقية من حيث تقديمها المعرفة الى قرائها". ألا يفهم من تنقيده هذا انه بعيد كل البعد عن القانون والحقيقة والحق والعدالة!.
و اشكو اليكم ايضاً:
لقد اسمعتمونا الادعاء العام كاملاً طوال ساعتين والذي ادمى قلوبنا لما فيه من اخطاء تربو على المائة سجّلناها في اربعين صفحة. الاّ انكم لم تفسحوا لي مجال دقيقتين من الزمان كي اجيبه في صفحة ونصف الصفحة رغم اصراري على ذلك، لذا اطالبكم باسم العدالة بقراءة اعتراضي بتمامه.
ثالثاً: ان لكل حكومة معارضين. فلا يسمح القانون بالتعرض لهم ماداموا لم يخلّوا بالنظام. أفيمكن لي ولأمثالي ممن اعرضنا عن الدنيا ونسعى للقبر أن ندع السعي للحياة الباقية على وفق المسلك الذي سلكه اجدادنا الميامين طوال الف وثلاثمائة وخمسين سنة وبهدي تربية قرآننا العظيم، وفي ضوء دساتير يقدّسها ثلاثمائة وخمسون مليوناً مؤمناً في كل عصر، ثم ننشغل بحياة دنيوية قصيرة فانية وننقاد لقوانين ودساتير غير اخلاقية للمدنية السفيهة، بل قوانين جائرة وحشية كما هي في البلشفية، وننحاز اليها تحت ضغوط اعدائنا ودسائسهم؟ فليس هناك قانون في العالم كله ولا انسان يملك ذرة من الانصاف يُكره الآخرين على قبول هذا بذاك.
الشعاع الرابع عشر - ص: 468
إلاّ اننا نقول لاؤلئك المعارضين: اننا لم نتعرض لكم فلا تتعرضوا لنا!
وهكذا بناء على هذه الحقيقة: اننا لسنا مع زعيم اصدر اوامر حسب هواه باسم القانون، لتحويل جـامع ايا صوفيا الى دار للاصنام وجعل مقر المشيخة العامة ثانوية للبنات.. لسنا معه فكراً ولا موضوعاً ولا من حيث الدافع ولا من حيث النتيجة، ولا نجد انفسنا ملزمين بقبول امرٍ كهذا.
والواقع انه بالرغم من حياة الاسر والتشرد التي عشتها خلال هذه السنوات العشرين ، والتي ذقت فيها الواناً من العذاب، وتعرضت لأقسى وأشنع اساليب الظلم والاستبداد، ومع ان هناك مئات الالوف من اخواني النوريين الاوفياء، فاننا لم نتدخل في الامور السياسية ولم تُسجّل حادثة واحدة تدل على تعرضنا للأمن او اخلالنا بالنظام.
ان ما اتعرض له في اخريات ايامي هذه، من الاهانات المتكررة والمعاملات الظالمة التي اُقابل بها، وحياة الاغتراب والتشرد التي اعيشها والتى لم أر مثلها من قبل جعلني املّّ الحياة.. انني سئمت الحرية المقيدة، تلك الحرية التي يحدها التحكم ويعقلها الجور والاستبداد. لقد رفعت اليكم طلباً لا لإطلاق سراحي وتخفيف عقابى وإبراء ساحتي، كما هو المألوف، بل لإنزال أشد العقاب بى واقساه، نعم أشده وأقساه لا أخفه وأهونه، ذلك لانه لا سبيل للتخلص من مثل هذه المعاملة العجيبة المنكرة سوى احد امرين: السجن او القبر. ان الطريق الى القبرمسدود امامى لا استطيع الحصول عليه لأن الانتحار محظور شرعاً، ثم ان الاجل سر خفى ، لا يدرك الانسان كنهه بَلَْهَ عن ان تطوله يداه، لذا فقد رضيت بالسجن الذي انا رهين اعتقاله وتجريده منذ حوالى ستة اشهر. 1 الاّ انني لم اقدم هذا الطلب في الوقت الحاضر نزولاً عند رغبة اخواني الابرياء.
رابعاً: انني خلال هذه السنوات الثلاثين من حياتي، والتي اطلقت فيها على نفسي اسم "سعيد الجديد" أدّعي فأقول: بانني قد بذلت ما وسعني الجهد لكبح جماح نفسي الامارة بالسوء، وصونها من العجب والتطلع الى الشهرة والتفاخر، بل قد جرحت اكثر من مائة مرة مشاعر طلاب النورالذين يحملون حسن ظن مفرط
_____________________
1 والحال نفسها تدوم بعد مضي سبعة عشر شهراً - المؤلف.

الشعاع الرابع عشر - ص: 469
بشخصي، يشهد على هذا ما كتبته في (رسائل النور) وحقائقها المتعلقة بشخصي، والمنصفون ممن يختلفون اليَّ بجد، والاصدقاء جميعاً. فأنا لست المالك لبضاعة النور، بل لست الاّ دلالاً ضعيفاً بسيطاً في حانوت مجوهرات القرآن.
كما انني بتصديق من اخواني المقربين، وبما شاهدوا من اماراتها العديدة، عازم على ألاّ أضحي بالمناصب الدنيوية وأمجادها الزائفة وحدها، بل لو أسند اليّ - فرضاً - مقامات معنوية عظمى، فانني اضحى بها ايضاً لخدمتي للايمان والقرآن خشية اختلاط حظوظ نفسي باخلاصي في الخدمة. وقد قمت بهذا فعلاً.
ومع ذلك فقد جعلت محكمتكم الموقرة، من مشاعر الاحترام التي ابداها نحوى بعض اخواني - نظير انتفاعهم برسائل النور كشكر معنوي من قبيل احترام زائد عن احترام المرء لابيه - مع رفضي وعدم قبولي لها، جعلتها مدار استجوابنا وكأنها مسألة سياسية وحملتم فريقاً منهم على التنكر لذلك الاحترام ، فيا عجباً ايّ ذنب واي جريرة في امتداح جاء على لسان الغير ولم يرض به هذا العاجز ولا يرى نفسه لائقاً بذلك؟
خامساً: انى اعلن لكم بصراحة تامة ان محاولة إلصاق تهمة الانتماء الى التكتلات والتجمعات والتدخل في الشؤون الداخلية، الى طلبة النور الذين لاعلاقة لهم بايّ وجه بالتحزب والتجمع والتكتلات والتيارات السياسية المختلفة، ماهي الاّ من وحي منظمة الزندقة المتسترة التي تعمل منذ اربعين سنة على هدم الاسلام ومحو الايمان، خادمة بذلك لنوع من البلشفية والتى سبّبت - هذه المنظمة - في تغذية روح التطرف والفوضى في هذه البلاد، سواء بعلم او بغير علم، واتخذت موقفاً مضاداً تجاهنا.
بيد ان ثلاث محاكم مختلفة قد اتفقت على تبرئة ساحة رسائل النور وطلبتها من تهمة الانتماء الى التكتلات، سوى محكمة واحدة، وهي محكمة "اسكى شهر" حيث حكمت عليّ بالسجن لمدة عام واحد، ولمدة ستة اشهر على خمسة عشر من اخواني من مجموع مائة وعشرين شخصا. ولعل الذي دفع محكمة "اسكي شهر" الى اتخاذ ذلك القرار يعود الى ورود فقرة كُتبت قديماً جاءت ضمن رسالة صغيرة تتعلق بمسألة واحدة وهي "الحجاب" وكان نص تلك الفقرة كما يأتي:
الشعاع الرابع عشر - ص: 470
"لقد طرق سمعنا: ان صباغ أحذية قد تعرض لزوجة رجل ذي منصب دنيوي كبير، كانت مكشوفة المفاتن، وراودها نهاراً جهاراً في قلب العاصمة "انقرة"! أليس هذا الفعل الشنيع صفعة قوية على وجوه اولئك الذين لا يعرفون معنى الحياء من اعداء العفة والحجاب؟"
واذاً فان اصطناع الاسباب الواهية والاتهامات الباطلة ضد طلبة رسائل النور الآن، إن هو الاّ بمثابة الحكم ضد تلك المحاكم الثلاث، ومحاولة لإلصاق التهمة بها ووصمها بوصمة الخيانة والعار.
سادساً: لا يمكن المبارزة مع رسائل النور.. فقد اتفقت كلمة علماء الاسلام الذين اطلعوا عليها انها تفسير قيم صادق للقرآن الكريم، اي انها تنطوى على براهين دامغة لحقائقه الناصعة وهي معجزة معنوية من معجزات القرآن في هذا العصر، وسد منيع امام الاخطار والمهالك التي تتربص بهذه البلاد وبهذه الامة من الشمال.
فالواجب يقتضي من حيث الحقوق العامة ان تعمل محكمتكم الموقرة على الترغيب في هذه الرسائل بدلاً من تخويف طلابها وترغيبهم عنها، هذا ما نعلمه، بل ننتظره منكم.
ومن المعلوم ان عدم التعرض لكتب الملاحدة وبعض الساسة المتزندقين ومجلاتهم وجرائدهم - مع ضررها الفادح للأمة والبلاد والأمن العام - تحت ستار الحرية العلمية، يدفعنا حتماً الى القول والتساؤل: ما الجانب المحظور من التحاق شاب برئ يحتاج الى العون والمساعدة الى صفوف طلبة النور، كي ينقذ ايمانه وينجو من التردى في هاوية الاخلاق الذميمة؟ أفليس من الحكمة والعدل والواجب ان تحتضن الحكومة ووزارة المعارف (التربية) هذا العمل وتشجعه وتقدره حق قدره بدلاً من ان تعمل على مكافحته وعلى ملاحقتنا دون سبب؟
كلمتي الاخيرة: نسأل الله ان يوفق الحكام الى احقاق الحق واقرار العدل.. آمين
(حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم المصير)
الحمد لله رب العالمين.
سعيد النورسي
الشعاع الرابع عشر - ص: 471
كلمتي الأخيرة
اود ان ابيّن مايلي لهيئة المحكمة:
لقد ادركت من لائحة الاتهام ومن وضعي لمرات عديدة وطويلة في السجن الانفرادي بان شخصي هو الهدف في هذه المسألة، فقد لوحظ وجود مصلحة لتهوين شأني والنيل من شخصي. وقد زعم انني شخص ضار للادارة وللأمن وللوطن، وانني اسعى تحت ستار الدين الى مقاصد دنيوية ومن أجل نوع من السياسة، و ردّاً على هذا فانني ابيّن لكم بقطعية تامة:
من اجل هذه الاوهام ومن أجل محاولتكم محاربتي شخصياً لا تمدّوا يدكم بالاذى الى رسائل النور ولا الى طلاب النور الميامين لانهم هم الابناء المضحون في سبيل هذا الوطن وفي سبيل هذه الامة، والاّ سيلحق بهذا الوطن وبهذه الامة ضرر كبير وقد يكون ذلك سبيلاً الى خطر عليهما. واريد ان اؤكد لكم:
لقد قررت ان اقبل - في ضوء مسلكي الحالي - ايّ اذى واية اهانة وايّ عذاب وايّ عقاب موجه الى شخصي بشرط ألاّ يأتي اي ضرر الى رسائل النور والى طلابها بسببي، ففي هذا ثواب لي في الآخرة وهو وسيلة لانقاذي وخلاصي من شرور نفسي الامارة بالسوء. فبينما ابكي من ناحية فانني مسرور من ناحية اخرى. ولو لم يدخل هؤلاء الابرياء المساكين السجن معي من أجل هذه المسألة لكانت لهجتي في الدفاع شديدة جداً، وقد شاهدتم انتم ايضاً ورأيتم كيف حاول من كتب لائحة الادعاء البحث عن أسباب واهية ومعاذير باطلة فقدم جميع ما كتبته من كتب ومن خطابات سرية خاصة وغير خاصة في ظرف عشرين اوثلاثين سنة من حياتي كأننى قد كتبتها باجمعها في هذه السنة، وساق لبعضها معاني خاطئة وقدمها وكأنها لم تر ولم تدخل اية محكمة ولم يشملها اي قانون من قوانين العفو، ولم تتعرض لمرور الزمن.. كل هذا من اجل النيل مني، والحط من شأني. ومع انني ذكرت اكثر من مائة مرة باني اعترف بضآلة شاني وصغر قيمتي، ومع ان معارضي يحاولون بكل وسيلة النيل مني وتهوين امري إلا ان سبب محبة عامة الناس لي محبة اقلقت رجال السياسة يعود الى ان تقوية
الشعاع الرابع عشر - ص: 472
الايمان يحتاج في هذا الزمن وفي هذه الظروف حاجة ملحة وقطعية الى اشخاص لايضحون بالحقيقة - في موضوع الدين - من أجل اي شئ على الاطلاق ولا يجعل احدهم الدين وسيلة وآلة لاي غرض ولاي شئ، ولا يعطي لنفسه حظاً، وذلك لكي يمكن الاستفادة من ارشاداته في دروس الايمان وتحصل القناعة التامة به.
نعم، انه لم يحدث في اي ظرف من الظروف ان اشتدت الحاجة الى الخدمة مثلما بلغه في عصرنا هذا وذلك لأن الاخطار قد داهمتنا من الخارج بشدة وضراوة بالغتين. ومع اعترافي واعلاني بأن شخصي العاجز لا يكفي لسد هذه الحاجة او ملء ذلك الفراغ، فقد ذهب البعض الى الظن بان شيئاً من ذلك يمكن ان يتحقق على يدي، لا لمزية معينة في شخصي، بل لشدة الحاجة الى من يقوم بمثل هذا العمل ولعدم بروز احد بروزاً ظاهراً لتحمل تلك المسـؤولية العظمى.
ولقد تأملت منذ أمد طويل في هذه المسألة في حيرة وتعجب، اذ على الرغم من اخطائي وعيوبي الشخصية المدهشة، وعدم جدارتي للقيام بمثل هذا العمل الجليل باي وجه كان، فقد بدأت افهم الحكمة في التفات العامة وابدائهم ضرباً من مشاعر الاحترام نحوي. والحكمة هي:
ان الحقائق التي تحتوي عليها رسائل النور، والشخصية المعنوية التي يمثله كيان طلبتها، قد يمـمتا وجه تلك الحاجة شطرهما، ولا سيما في ظرف مثل ظرفنا ومثل وسطنا الحاليين، ومع ان حظي من الخدمة قد لايبلغ الواحد في الالف، فان البعض يعتقدون فيّ تجسيداً لتلك الحقيقة الخارقة وممثلاً لتلك الشخصية الامينة المخلصة فيبدون نحوى ذلك النوع من الالتفات.
والواقع ان هذا النوع من الالتفات بقدر ما هو ضارٌّ بي، ثقيل على نفسي ايضاً. حتى انني آثرت الصمت بغير حق على تلك الخسائر المعنوية، حفاظاً على الحقائق النورية وشخصيتها المعنوية. وربما يعود السبب في ذلك النوع من الالتفات الى اشارة مستقبلية للامام علي رضى الله عنه وللشيخ الكيلاني قُدس سره، ولبعض الاولياء الآخرين، بإلهام الهي الى حقيقة رسائل النور، وشخصية طلبتها المعنوية.. وما ذلك الاّ لكون تلك الرسائل مرآة صغيرة عاكسة لمعجزة القرآن المعنوية في عصرنا الحاضر.
الشعاع الرابع عشر - ص: 473
ولعل ذلك البعض قد اخذ شخصي الضعيف بنظر الاعتبار، لا لشئ الاّ لكوني خادماً لتلك الحقيقة الخارقة. ولقد اخطأت عندما لم اصرف التفاتهم الجزئي لشخصي بتأويل الى رسائل النور. والسبب في هذا يعود الى ضعفي وكثرة الاسباب التي قد تدفع مساعديّ الى الخوف. وما قبولي جزءاً مما يخصّ شخصي في الـظاهر إلاّ لإضفاء سمة الاعتماد وصبغة الثقة على اقوالي لا غير.
انني انذركم بالآتي:
لا داعي اطلاقاً للقضاء على شخصي الفاني الشارف على باب القبر. ولاداعي كذلك الى اعطاء مثل هذه الاهمية لوجودي. وانه مما يجب ان تعلموه جيداً هو ان المبارزة مع رسائل النور محاولة يائسة. انكم لن تستطيعوا مبارزتها، ولا تبارزوها. انكم لن تتغلبوا عليها. ولئن حاولتم مبارزتها، فلن تعودوا الاّ باضرار جسيمة على الامة والبلاد معاً، ولكن لن تستطيعوا تشتيت شمل طلبتها او تفكيك وحدتهم مهما حاولتم.. اذ ليس من السهل حمل احفاد وابناء اجدادنا البسلاء الذين ضحوا باكثر من خمسين مليوناً من الشهداء في سبيل الحفاظ على القرآن وحقائقه القيمة، على التنكر والنسيان لماضيهم المجيد، ولا الحيلولة دون بطولاتهم الدينية الرائعة التي كانت دوماً محط انظار العالم الاسلامي وموضع اعجابه. وحتى لو انسحبوا من الميدان فان اولئك الطلاب الاوفياء لن يتخلوا عن رسائل النور التي هي مرآة عاكسة لتلك الحقيقة ولن يرضوا - بذلك التخلي - ان يصيب الضرر الوطن والامة والأمن.
وآخر قولي:
(فان تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)

* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 474
عريضة مرسلة الى مجلس الوزراء
لى رجاء مهم جداً
في خاتمة المجموعة المسماة "سراج النور" والتي تزيد عن ثلاثمائة صفحة توجد خمس عشرة صحيفة - وهي "الشعاع الخامس" -كتبت منذ زمن طويل كانت سبباً لصدور قرار من مجلس الوزراء بمصادرة تلك المجموعة وجمعها.
ان من الممكن اخراج هذا القسم الذي تُوهّم ضرره من مجموعة "سراج النور" التي ثبتت وتحققت فائدتها للجميع ولاسيما لاصحاب المصائب والبلايا وللشيوخ وللذين لديهم شكوك في نواحي الايمان، ثم السماح بماتبقى من الثلاثمائة صفحة للنشر، فباسم جميع من استفادوا من هذه المجموعة وسرّي عنهم من اصحاب المصائب والرزايا والشيوخ وباسم جميع المحتاجين الى الحقائق الايمانية نرجو من مجلس الوزراء السماح بنشرها.
وفي مجموعة "ذو الفقار" البالغة اربعمائة صفحة والتي كُتبت قبل ثلاثين سنة للرد على فلاسفة اوروبا وردت صفحتان فقط من تفسير آيتين حول الارث وحول تحجب النساء.
وورد سطر واحد حول المصارف في رسالة "اشارات الاعجاز" التي كتبت قبل ثلاثين سنة عند تناول اية (وأحل الله البيع وحرم الربا) (البقرة: 275).
وقبل ثلاثين سنة عندما كنت عضواً في "دار الحكمة" كتبت جواباً لستة اسئلة تقدم بها رئيس اساقفة الانكليكان لإنكلترا الى المشيخة الاسلامية وهناك سطر واحد فقط في هذه الاجابة لايسمح به القانون المدني الحالي.
اننا نرجو منكم اعادة مجموعة "ذو الفقار" الينا المصادرة بحجة وجود صفحتين وسطر واحد فقط فيها قيل ان القانون المدني الحالي لايسمح به، مع ان هذه الرسالة قوبلت في العالم الاسلامي باستحسان كبير واثبتت عملياً فوائدها الكبيرة لانها برهنت بشكل رائع على ثلاثة اركان ايمانية، فطلب اعادتها الينا من حقنا، ذلك لأنه
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 475
ان وجدت خمس كلمات ممنوعة في رسالة ما تحذف تلك الكلمات ويُسمح بنشر باقي الرسالة، لذا فنحن نطلب ضمان هذا الحق القانوني المهم لنا. وباسم جميع من يخدم القرآن والايمان ويسعى الى تحقيق الامن والنظام ويخدم هذا الوطن وهذه الامة عن طريق رسائل النور نطالبكم بانقاذنا من الظلم الواقع علينا من الذين يجعلون من الحبة قبة.
ثم ان رسالة "الهجمات الست" التي كتبتها قبل ثمانية عشر عاماً في ساعة غضب وحدّة، لتعرضي الى ظلم شديد.. هذه الرسالة لم ارها منذ ذلك الوقت وابقيتها سرية خاصة ولم اسمح بنشرها، ومع انها وقعت في أيدي ثلاث واربع محاكم، الا ان هذه المحاكم اعادتها الى اصحابها.
سعيد النورسي
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 476
"
رسـالة شـكر"
باسمه سبحانه

رسالة شكر اقدمها الى هيئة الخبراء في ديوان رئاسة الشؤون الدينية، ابين فيها "ثلاث نقط" لاعينهم بها على تصحيح انتقادات جزئية وردت فى تدقيقاتهم واجيب عنها بوضوح.

النقطة الاولى:
اننى اقدم شكرى الى اولئك العلماء الافاضل بثلاث جهات. فانا ممتن لهم بصفتى الشخصية:
اولاها: قيامهم بتلخيص ثلاث عشرة رسالة من مجموعة "عصا موسى" - مما سوى رسالة "الشعاع الخامس" - تلخيصاً يبعث على التقدير والاعجاب.
ثانيتها: ردّهم لما دار عليه اتهامنا وهو: انشاء طريقة صوفية، تشكيل جمعية، والاخلال بأمن البلاد.
ثالثتها: تصديقهم لدعواى في المحكمة، وهو ما قلته امام المحكمة: اذا وجد شئ من الذنب فانه يعود لي، فطلاب النور بريئون منه، ولقد سعوا في سبيل النور انقاذاً لإيمانهم. فاولئك الخبراء ينقذون ايضاًَ طلاب النور ويبرؤن ساحتهم ويسندون الذنوب اليّ. وانا بدوري اقول لهم: ليرضَ الله عنهم. الاّ انهم جعلوا كلاً من المرحوم حسن فيضي والمرحوم الحافظ على واشخاص من امثال هذين الشهيدين ووارثيهم شركاء بذنوبي. لذا فقد اخطأوا فى هذه الجهة. لان اولئك الميامين سابقون في خدمة الايمان وليسوا شركاء في الذنوب، وهم بريئون من اخطائى وذنوبي وقد ارسلتهم العناية الالهية معينين لى رأفةً بضعفي.
النقطة الثانية:
لقد اعترض اولئك الخبراء على روايات في " الشعاع الخامس" فقالوا عن بعضها ضعيفة وعن أخرى موضوعة، وخطّأوا تأويل قسم منها. وقد كتب الادعاء العام لمحكمة
الشعاع الرابع عشر - ص: 477
"آفيون" تقريره في ضوء ذلك، بينما اثبتنا واحداً وثمانين خطأً من اخطائه في قائمة تبلغ خمس عشرة صحيفة. فليطلع الخبراء الافاضل على تلك القائمة.
نقدم ادناه نموذجاً منها:
لقد قال المدعى: جميع تأويلاته مغلوطة، والروايات إما أنها موضوعة او ضعيفة.
ونحن نقول:
ان التأويل يعنى: ان هذا المعنى ممكن مراده من هذا الحديث، اى يحتمل هذا المعنى. اما ردّ امكان واحتمال ذلك المعنى - حسب علم المنطق - فيكون باثبات محاليته. بينما شوهد ذلك المعنى عياناً، وتحقق فعلاً فردٌ من كلية الطبقة الاشارية لمعنى الحديث، لذا لا يعترض على ذلك المعنى قطعاً، لان الحديث قد اظهر بلمعة اعجاز غيبي ذلك المعنى واشهد له هذا العصر. علاوة على ذلك فقد اثبتنا في تلك القائمة اخطاء المدعي من ثلاثة وجوه.
احدها:
ان الامام احمد بن حنبل الحافظ لمليون من الاحاديث الشريفة، وكذا الامام البخارى الحافظ لخمسمائة الف حديث، لم يجرآ على نفي تلك الروايات على اطلاقها . علماً ان اثبات نفيها غير ممكن منطقياً، وان المدعي نفسه لم يطلع على جميع كتب الاحاديث النبوية، وان الاكثرية العظمى لامة الاسلام في كل عصر قد انتظروا رؤية معانِى تلك الروايات، او فرداً من كلية معانيها، بل ان تلك المعانى قريبة من تلقي الامة بالقبول، وقد برز في الواقع افراد منها بذاتهم وشوهدوا عياناً..
لذا فان انكار تلك الروايات انكاراً كلياً خطأ من عشر جهات.
الوجه الثاني:
ان الرواية الموضوعة تعنى انها ليست حديثاً مسنداً عن فلان وعن فلان. ولايعنى ان معناها خطأ. ولما كانت الامة قد تلقتها بالقبول، ولاسيما اهل الحقيقة والكشف، وقسم من اهل الحديث واهل الاجتهاد، بل انتظروا تحقيق معانيها. فلابد ان لتلك الروايات حقائق متوجهة الى العموم كما هى في الامثال المضروبة.
الشعاع الرابع عشر - ص: 478
الوجه الثالث:
انى اسأل: هل هناك مسألة او رواية لم يُعترض عليها في كتاب لعلماء مختلفين في المشارب والمذاهب. فمثلاً: ان احدى الروايات التى تذكر مجئ دجالين في الامة هى هذا الحديث الشريف:
(لن تزال الخلافة في ولدعمي - صِنْوِ أبي - العباس حتى يسلمّها الى الدجال) 1
هذا الحديث الشريف يخبر عن فتنة جنكيز خان وهولاكو، وان دجالاً سيظهر بعد خمسمائة سنة وسيهدم الخلافة.. وامثالها من الروايات الكثيرة التى تخبر عن اشخاص آخر الزمان، وعلى الرغم من ذلك فقد رفض بعض اهل المذهب الميامين او ذوو الافكار المفرطة هذه الروايات. وقالوا: انها رواية ضعيفة او موضوعة.. وعلى كل حال.
ان سبب اقتصارى على ما ذكرت مما ينبغى ان يطول هو حدوث زلزلتين هنا في الساعة التى كنت اكتب هذا الجواب، مثلما حدث اربع زلازل وقت شن الهجوم على رسائل النور وطلابها. والامر على النحو الآتى:
هو توافق حدوث زلزلتين اثناء ما كنت اعانى من ألم جراء عمليات جراحية اجراها تقرير الخبراء الذى سلّم لى مساءً فضلاً عن الحزن الذى غشانى من الانفراد وعدم اللقاء مع الآخرين.
نعم، لقد تسلمت تقرير الخبراء لرئاسة الشؤون الدينية بعد بقائى ثمانية شهور في السجن الانفرادى ومقاساتى المضايقات الشديدة، واذ انا منتظر ان يكونوا لى معينين، اذا - في الصباح - أجد انهم يعززون ادعاء المدعي، حيث ورد: "ان سعيداً قال: ان الزلازل الاربع الماضية هى من كرامات رسائل النور".
فمثلما كتبت في القائمة، اقول: ان رسائل النور من نوع الصدقة المقبولة التى تكون وسيلة لدفع المصائب، فمتى ما هوجمت تجد المصائب الفرصة سانحة امامها فتنزل، واحياناً تغضب الارض بالزلزال.
_____________________
1 انظر: كنز العمال 14/ 271 برقم 33436 ومسند الفردوس 3/ 447، مجمع الزوائد 5/186 جمع الفوائد 1/ 849

الشعاع الرابع عشر - ص: 479
فما ان عزمت على كتابة هذا، وقع زلزالان هنا 1 مما حملنى على ترك كتابة ذلك البحث، لذا ننتقل الى النقطة الثالثة:
النقطة الثالثة:
يا علماءنا المدققين المنصفين ذوى الحقيقة!
لقد دأب اهل العلم - منذ القديم - على عادة فيما بينهم، وهى وضعهم تقريظاً وثناءً - واحياناً مبالغ فيه - نهاية مؤلَّف جيد جديد. وفي الوقت الذى يبدى المؤلِّف امتنانه لاولئك المقرظين لا يُتهم حتى من قبل منافسيه انه يدّعى الاعجاب وحب الظهور. لذا فان كتابة عدد من طلاب النور الخواص الخالصين - كالمرحوم حسن فيضى والشهيد الحافظ على - تقاريظ بناء على عجزى وضعفي وغربتى وعدم وجود الاهل والاقارب وازاء هجوم اعداء كثيرين ظلمة وحثاً للمحتاجين الى النور، وعدّ تلك التقاريظ نوعاً من الغرور والاعجاب بالنفس، رغم احالتى ما يخصنى من المدح والثناء الى رسائل النور، ورغم عدم ردّى له رداً كلياً.. اقول اننى لم استطع ان اوفق بين تلقيكم ذلك المدح انه اعجاب بالنفس وبين ما تحملونه من دقة علمية وتعاون رؤوف وانصاف.. لذا فانا متألم من هذا. علماً ان اصدقائى الخالصين اصحاب التقاريظ لم تخطر ببالهم السياسة وشؤونها.
ولايقال لقولهم: ان رسائل النور في هذا الزمان يصدق عليها معنى فرد وجزئى من المعنى الاشارى الكلى، لان الزمان يصدّق ذلك. ولنفرض ان هذا الكلام مبالغ فيه كثيراً او خطأ، فهو خطأ علمى ليس إلاّ. فكل شخص يستطيع ان يكتب قناعته الشخصية. وانتم ادرى بالافكار المتباينة والقناعات المختلفة فى كتب الشريعة التى دوّنها اصحاب المذاهب الاثنى عشر ولاسيما اصحاب الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية وما يقرب من السبعين من فرق دائرة علماء الكلام واصول الدين. والحال لم يحدث مسيس الحاجة الى اتفاق علماء الدين وعدم خوضهم فى مجادلات فيما بينهم مثل هذا الزمان. فنحن مضطرون الى نبذ الاختلاف في الامور الفرعية وعدم جعلها مدار المناقشات.
* * *
_____________________
1 حدث هذا الزلزال فى 18/9/1948 ضحوة يوم الجمعة. باسم طلاب النور فى سجن آفيون
(خليل مصطفى. محمدفيضى . خسرو).

الشعاع الرابع عشر - ص: 480
ثلاثة اسئلة اوجهها للعلماء المنصفين من الخبراء
الاول:
شخص يثنى على آخر بنية خالصة، أيكون الشخص المثنى عليه مسؤولاً، ولاسيما ان كان المثنى عليه لا يرضى بالثناء بكل قوته ويحيله الى غيره؟ الاّ انه لم يوبخ ذلك الصديق الحميم لئلا ينفر منه بل اكتفى بالقول: ان هذا الثناء فوق حّدي بمائة درجة. فهل يعدّ سكوته هذا اعجاباً بالنفس وتحرياً للمصلحة الذاتية؟..
السؤال الثانى:
فى غمرة الهجوم العنيف الذى يُشن على الدين حالياً، اذا ما ابدى احد طلاب النور العاشقين للحقيقة قناعته الشخصية الخاطئة، بخطأ علمى جزئى لاضرر فيه، هل يستحق هذه الاهانة والاستخفاف؟ علماً ان هناك مسائل دينية تقدر بضخامة الشم الرواسى.
وبينما ينتظر ذلك المثنى عليه تذكيراًً شفيقاً من علماء واساتذة من امثالكم على ذلك الخطأ، أوَ يجوز عقابه من قبل العدلية؟
السؤال الثالث:
ان رسائل النور التى تصدت منذ عشرين سنة لأعتى المعارضين الذين لايحصيهم العد وانقذت ايمان مئات الالوف من الناس وآزرت ايمانهم. أيليق انتقادكم لها في مسألة او مسألتين فيها؟
انى اذكّر اولئك العلماء الافاضل:
انهم انتقدوا المقدمة التى يستهل بها بحث الثناء لأحمد فيضي، وكأننى قد اثنيت بها على نفسى، علماً ان تلك المقدمة هى ردّى لذلك الثناء ورفعه. وقد رفعت فعلاً قسماً منه وصححت القسم الآخر، ولكن لضرورة الاستعجال لم اتمكن من اكماله ، فارسلت المقدمة كاملة الى احد اخوتى، وهم بدورهم وضعوها فى موضعها من ذلك البحث الذى اتخذناه بحثاً خاصاً جداً. ولكن اثناء ارسالهم لها الى اخ آخر قبضت عليها الحكومة.
الشعاع الرابع عشر - ص: 481
فيا ترى ان تقريظاًَ علمياً وخاصاً جداً وهو بحث نابع عن قناعة وجدانية ولايتداول الاّ بين اصدقاء ليقوموا بتصحيحه تصحيحاً كاملاً هل يستحق هذا الاعتراض الشديد؟
ثم ان جمع رسائل خاصة للتهنئة والحث على العمل، والقيام بتجليدها حفاظاً عليها، فى مجلد او مجلدين، حصلت عليها الشرطة اثناء التحرى، هل يمكن استخراج الاحكام من مثل هذه الرسائل، ثم تكون محور سؤال وجواب ومن ثم محاوله الصاقها بالسياسة. أوَ يحتاج الامر الى هذا.. وما اشبه هذا الامر بمن لا يرى ثعابين مردة تهاجم القرآن لكنه في الوقت نفسه ينشغل بلسع البعوض!.. أليس الامر هكذا؟
ان ترك " سراج اوغلو" 1 الذى يعدّ الدين والتربية المحمدية سماً زعافاً، والانشغال بمجموعة "سراج النور" التي تبين الحقيقة واضحة كالشمس وهى البلسم الشافى لجراحات الانسانية جمعاء، ولا سيما الاحتجاج بوجود تأويلات لاحاديث ضعيفة في رسالة في ختامها الا يكون عوناً على مصادرتها؟
اننا مع عدم امتعاضنا من انتقاداتكم الجزئية ننتظر منكم ايها العلماء الافاضل ضماداً لجراحاتنا وتكونوا اعواناً لنا بقوة فراستكم.
الموقوف
سعيد النورسى
* * *
_____________________
1 رئيس الوزراء في ذلك الوقت.- المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 482
باسمه سبحانه
مقدمة
"
الفقرات المذكورة ادناه"

لغرض تقديم شئ من المساعدة الى محكمة التمييز الموقرة التي فسختْ لصالحنا قرار إدانتنا من قبل محكمة "آفيون" واوردت دلائل صائبة ذات حقيقة ، نشير - باختصار- الى قسم من اخطاء وردت في القرار المذكور، فندرجادناه تلك الفقرات المستلة من الرسائل الخاصة السرية، التي عدّتها المحكمة ذنباً لإدانتنا. فنبين اخطاءهم ونضع الذين ادانونا في موضع المسؤولية.
فمثلاً: لقد كتبوا في ختام القرار ما يشبه قائمة تضم جميع ذنوبي لأجل انزال اشد العقوبات بي:
" نذكر مما رفضه سعيد النورسي من مواد: إلغاء السلطنة والخلافة".
فهذا خطأ وسهو في الوقت نفسه، لان ما كتبته في لمعة " الشيوخ" هو الآتي: "لقد احزنتني وفاة سلطنة الخلافة" وقد اجبتُ عن استفسار محكمة "اسكي شهر" قبل خمس عشر سنة عن هذا جواباً ألزمهم الصمت. فالذي يعدّ خاطرة لا اهمية لها ذنباً، ومرت عليها هذه المدة المديدة، ونالت من قرار العفو والبراءة ما نالت.. أقول ان الذي يعدّها ذنباً هو الذي يكون مذنباً.
ولأجل اسناد هذا الذنب الموهوم، ذكر القرار ما اوردتُه في احدى اللمعات وفي رسالة المعجزات الاحمدية على صاحبها افضل الصلاة والسلام، الحديث الشريف الآتي:
(الخلافة بعدى ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً عضوضاً وفساداً وجبروتاً) 1
_____________________
1 صحيح: عن سفينة ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(الخلافة بعدي في امتى ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك) رواه احمد والترمذي وابو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه (صحيح الجامع الصغير برقم 3336 قال المحقق: صحيح)(الفتح الرباني للساعاتي 23/10) وفي (سلسلة الاحاديث الصحيحة 4600) بعدة سياقات.

الشعاع الرابع عشر - ص: 483
وقد كتبتُ في رسالة قديمة ان هذا الحديث الشريف يبين ثلاث معجزات غيبية مستقبلية ولكن جاء في القرار كأنه ذنب اقترفته: "ان سعيداً قد قال في رسالة: سيكون فساداً وجبروتا بعد الخلافة".
يا اعضاء هيئة الخبراء السطحيين!
ان الذي يعدّ بيان اعجاز حديث شريف يخبر باشارة غيبية عن حادثة ستقع في زماننا هذا يسري دمارها في الارض كلها، وعن فساد عظيم مادي ومعنوي يدب في البشرية كافة.. اقول ان من يعدّ هذا ذنباً هو المذنب مادة ومعنى.
وكتبوا ايضاً "ومن ذنوبه: انه يعدّ المنجزات الثورية (حركات الانقلاب) بدعة وضلالة والحاداً، فيعدّ اغلاق التكايا والزوايا والمدارس الدينية، واقرار العلمانية، ووضع اسس القومية بديلاً عن مبادئ الاسلام، وفرض لبس القبعة، ورفع الحجاب، وفرض كتابة الحروف اللاتينية بديلاً عن الحروف القرآنية، واداء الاذان والاقامة باللغة التركية، وإلغاء دروس الدين في المدارس، ومنح المرأة حقوقاً في الميراث كالرجل وإلغاء تعدد الزوجات، وامثالها من الاعمال.. يعدّ كل ذلك بدعة وضلالة والحاداً.. فلا شك انه متهم بالرجعية".
يا اعضاء هيئة الخبراء العديمي الانصاف!
ان كان بمقدوركم انكار ما يأمر به القرآن الكريم الذي هو إمام سماوى مقدس لثلاثمائة مليون في كل عصر، ويضم مناهج سعاداتهم جميعاً، وهو الخزينة المقدسة الحاوية على اسرار الحياتين الدنيوية والاخروية، يأمر في كثير من آياته الكريمة بصراحة تامة بما لا يحتمل التأويل، بالحجاب وقواعد الميراث ويسمح بتعدد الزوجات، ويدعو الى ذكر الله، ويحث على تدريس علوم الدين ونشرها والحفاظ على الشعائر الدينية.. وان كان بمقدوركم إدانة جميع مجتهدي الاسلام والقضاة وشيوخ الاسلام.. وان كان بمقدوركم انكار تقادم الزمان على تلك الرسائل وقرار عدة محاكم لها بالبراءة وقوانين العفو الصادرة بحقها وانكار وجه سريتها وخصوصيتها.. وان كان بمقدوركم رفع حرية الضمير والمعتقد وحرية الفكر من البلاد ومن الحكومات.. وانكار كون مخالفة تلك الرسائل مخالفة فكرية وعلمية فحسب..
الشعاع الرابع عشر - ص: 484
اقول ان كان بمقدوركم هذا فاعتبروني مذنباً بتلك الامور. وإلاّ تكونون انتم المذنبون الرهيبون في محكمة العدالة والحق والحقيقة.
سعيد النورسي
* * *

(فقرة ادلينا بها وكتبتها المحكمة باعجاب وحيرة ضدنا مع انها ضدهم)
"وانا اقول لمحكمة وزارة العدل الموقرة!
ان ادانة من يفسّر اقدس دستور إلهي وهو الحق بعينه، ويحتكم اليه ثلاثمائة وخمسون مليوناً من المسلمين في كل عصر في حياتهم الاجتماعية، خلال الف وثلاثمائة وخمسين عاماً. هذا المفسر استند في تفسيره الى ما اتفق عليه وصدق به ثلاثمائة وخمسون الف تفسير، واقتدى بالعقائد التي دان بها اجدادنا السابقون في الف وثلاثمائة وخمسين سنة.. اقول: ان إدانة هذا المفسر قرار ظالم لابد ان ترفضه العدالة، ان كانت هناك عدالة على وجه الارض، ولابد ان تردّ هذا الحكم الصادر بحقه وتنقضه"
* * *

(فقرة كتبتها المحكمة في قرارها باعجاب وتقدير وكأنها تكون مادة ضدنا، والحال انها تدينهم)
يبحث سعيد النورسي في المكتوب السادس والعشرين عن نفسه ويقول:
"إن في اخيكم هذا الفقير ثلاث شخصيات كل منها بعيدة عن الأخرى كل البعد، بل بعداً شاسعاً جداً.
أولاها:
شخصية مؤقتة خاصة خالصة لخدمة القرآن وحده، بكوني دلالاً لخزينة القرآن الحكيم السامية. فما تقتضيه وظيفة الدعوة الى القرآن والدلالة عليه من اخلاق رفيعة
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 485
سامية ليست لي، ولا أنا أملكها. وانما هي سجايا رفيعة يقتضيها ذلك المقام الرفيع وتلك الوظيفة الجليلة. فكل ما ترونه من اخلاق وفضائل من هذا النوع فهي ليست لي، وانما هي خاصة بذلك المقام، فلا تنظروا الي من خلالها.
الشخصية الثانية:
حينما أتوجه الى بابه تعالى واتضرع اليه، ينعم علي سبحانه شخصية خاصة في أوقات العبادة بحيث أن لتلك الشخصية آثاراً ناشئة من أساس معنى العبودية، وذلك الاساس هو معرفة الانسان تقصيرَه أمام الله وادراك فقره نحوه وعجزه أمامه والالتجاء اليه بذل وخشوع، فأرى نفسي بتلك الشخصية أشقى وأعجز وأفقر وأكثر تقصيراً امام الله من أي أحد كان من الناس، فلو اجتمعت في ذلك الوقت الدنيا برمتها في مدحي والثناء عليّ لا تستطيع أن تقنعني بأنني صالح وفاضل.
ثالثتها:
هي شخصيتي الحقيقية، أي شخصيتي الممسوخة من سعيد القديم وهي عروق ظلت من ميراث سعيد القديم. فتبدي أحياناً رغبة في الرياء وحب الجاه وتبدو فيّ اخلاق وضيعة مع المبالغة في الاقتصاد الى حدّ الخسة حيث انني لست سليل عائلة ذات جاه وحسب.
فيا أيها الاخوة!
لن أبوح بكثير من المساوئ الخفية لهذه الشخصية ومن أحوالها السيئة، لئلا انفركم عني كلياً.
وقد اظهر سبحانه وتعالى عنايته الرحيمة فيّ بحيث يسخر شخصيتي هذه التي هي كأدنى جندي، في خدمة أسرار القرآن التي هي بحكم أعلى منصب للمشيرية وأرفعها. فله الحمد والمنة الف الف مرة.
فالنفس أدنى من الكل، والوظيفة أسمى من الكل.
الحمد لله.. هذا من فضل ربي.
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 486
(هذه جملة سجّلتها المحكمة في القرار بتخوف شديد ضدنا والحال ان تلك الجملة الشديدة التي كُتبتْ قبل خمس عشرة سنة قد عدّلت الى هذه الصيغة).
"اخوتي! مراعاة لمشاعر الابرياء والشيوخ، لاتثأروا لي ممن يقتلني ظلماً، فحسبهم عذاب القبر والسقر".
ينبغي ان تحملهم هذه الفقرة الآتية على الانصاف:
"انكم ترون ان لنا خلافاً ومعارضة كلية معكم، ومعاملاتكم القاسية شاهدة على ذلك. فانتم تضحون بدينكم وآخرتكم في سبيل دنياكم. ونحن بدورنا مستعدون على الدوام للتضحية بدنيانا في سبيل ديننا، وفي سبيل آخرتنا، وهذا هو سر المعارضة التي بيننا حسب ظنكم.
ولاجرم ان التضحية ببضع سنين من حياتنا التي تمضي في ذل وهوان في ظل حكمكم القاسي قساوة الوحوش لنكسب بها شهادة خالصة في سبيل الله، تعدّ ماء كوثر لنا. ولكن استناداً الى فيض القرآن الحكيم واشاراته، اخبركم يقيناً بالآتي لترتعد فرائصكم:
انكم لن تعيشوا بعد قتلي، فان يداً قاهرة ستأخذكم من دنياكم هذه التي هي جنتكم وانتم مغرمون بها، وتطردكم عنها، وتقذف بكم فوراً الى ظلمات ابدية، وسيقتل بعدي رؤساءكم الذين تَنمرَدوا وطغوا قِتلة الدواب، ويُرسَلون اليّ، وسأمسك بخناقهم امام الحضرة الإلهية، وسآخذ حقي منهم بإلقاء العدالة الإلهية اياهم في اسفل سافلين.
ايها الشقاة الذين باعوا دينهم وآخرتهم بحطام الدنيا!
ان كنتم تريدون ان تعيشوا حقاً فلا تتعرضوا لي ولاتمسّوني بسوء، وان تعرضتم فاعلموا ان ثأري سيؤخذ منكم أضعافاً مضاعفة.
اعلموا هذا جيداً ولترتعد فرائصكم!
الشعاع الرابع عشر - ص: 487
واني آمل من رحمة الله سبحانه ان موتي سيخدم الدين اكثر من حياتي، وان وفاتي ستنفلق على رؤوسكم انفلاق القنبلة، وستشتت رؤوسكم وتبعثرها.
فان كانت لكم جرأة، فتعرضوا لي، فلئن كان لكم ما تفعلونه بي، فلتَعلمُنّ ان لكم ما تنتظرونه وتلاقونه من عقاب.
* * *
(هذه الفقرة اوردتها المحكمة لإدانتي والحال انها تتهمهم بالافراط)
يرد في الرسائل :
"دخل مصطفى كمال ديوان رئاسة الجمهورية بآنقرة وهو على اشد الغضب وقال له : "اننا دعوناك الى هنا لتقدم لنا افكاراً راقية وآراء قيمة، ولكنك ما ان أتيت كتبت اشياء حول الصلاة، فاوقعت فيما بيننا الاختلاف والتفرقة" وردّ عليه سعيد: "ان من لا يصلي خائن وحكم الخائن مردود".
ثم أبدى مصطفى كمال نوعاً من الاسترضاء له متراجعاً عن غضبه وحدته. وعلى الرغم من انه - اي سعيد - قد جرح مشاعر مصطفى كمال وخرق مبادءه الاّ ان مصطفى كمال لم يمسّه بسوء.
وانها لكرامة ساطعة لرسائل النور وقوة عظيمة خارقة لشخصها المعنوي ولطلابها الروّاد والابطال في المستقبل ان يخشى منها قواد جبابرة كما كانوا يخشون من سعيد القديم."
* * *

(فقرة ألزمت المحكمة وجعلتها مسؤولة مع انها اتخذت ضدنا في القرار)
يذكر - في الرسائل - "اننا لسنا مع زعيم اصدر حسب هواه اوامر باسم القانون ونفذها بقوة لتحويل جامع ايا صوفيا الى دار للاصنام ، وجعل مقر المشيخة العامة
الشعاع الرابع عشر - ص: 488
ثانوية للبنات، لسنا معه فكراً ولا موضوعاً، ولا من حيث الدافع ولا من حيث النتيجة والغاية. ولا نجد انفسنا ملزمين بقبول امر كهذاً".
ويكتب في عريضته المؤرخة 29/8/948
"ورد هذا الفكر الى قلبي: انه ضروري جداً لصالح الامة ولنفع البلاد ان تحافظ الحكومة عليّ حفاظاًً تاماً وتمدّ يد المعاونة اليّ. الاّ انها تضيق الخناق عليّ، مما يومئ الى ان الذين يحاربونني هم منظمة الزندقة السرية وقسم من منظمة الشيوعية الذين التحقوا بهم، هؤلاء قد قبضوا على زمام الامر في عدد من المناصب الرسمية المهمة في الدولة ، فيهاجمونني ويجابهونني. اما الحكومة فاما انها لا تعرف بهم او تسمح لهم. وياترى اي ذنب واي جريرة في ان تنتقد او تضمر عدم المحبة لرجل حوّل جامع اياصوفيا الذي هو مبعث الشرف الابدى لأمة بطلة، والدرة الساطعة لخدماتها وجهادها في سبيل القرآن، وهدية تذكارية نفيسة من هدايا سيوف اجدادها البسلاء.. حوّ له الى دار للاصنام وبيت للاوثان وجعل مقر المشيخة العامة ثانوية للبنات؟
* * *
(هذه الفقرة هي أقوى فقرة ظنت المحكمة انها تنزل العقاب بسعيد. وهو الكلام الذي اطلقه سعيد في محكمة دنيزلي تجاه اعدائه المتسترين الاّ ان المحكمة قد فهمتها خطأ بل خطأ كلياً انها فقرة ضد الدولة والحكومة تماماً واظهرتها سبباً لانزال العقاب بي.)
لقد اطلق على قسم من القوانين الحديثة للدولة التي سنّت هذه القوانين الانقلابية ووضعتها موضع التنفيذ اسم "الاستبداد الكفرى الاعتباطي" وعلى الجمهورية اسم "الاستبداد المطلق". وعلى النظام اسم "الارتداد المطلق" وعلى الشيوعية والمدنية اسم "السفاهة المطلقة"
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 489
(فقرة كتبت في قرار المحكمة باعجاب وتقدير)
ويذكر: ان لكتابة رسائل النور فوائد دنيوية واخروية كثيرة جداً، منها:
1- الجهاد المعنوي تجاه اهل الضلالة.
2- مساعدة الكاتب لاستاذه على نشر الحقائق.
3- خدمة المسلمين من حيث الايمان.
4- كسب العلم بالقلم.
5- القيام بعبادة فكرية التي تعدل ساعة منها احياناً سنة من العبادة.
6- حسن الخاتمة ودخول القبر بالايمان.
وكذا لها خمس انواع من الفوائد الدنيوية:
1 - البركة في الرزق.
2- الانشراح والسرور في القلب.
3- اليسر في العيش.
4- التوفيق في الاعمال.
5 - الاشتراك في ادعية طلاب النور جميعهم ، لكسبه فضيلة طالب العلم.
وسيدرك شباب الجامعة هذه الامور عن قريب وستحوّل الجامعة الى مدرسة نورية.
* * *
(انه لمحير ان تعدّ هذه التضحية الخالصة جرماً وذنباً)
ان احدى الخطتين اللتين حاكهما المنافقون المتسترون في جنح الظلام هي التهوين من شأني. وكأن قيمة الانوار الرفيعة لرسائل النورتسقط بهذا من عليائها.
والثانية: هي بث القلق والاضطراب في صفوف طلاب النور. وكأنهم بهذا يعيقون انتشار رسائل النور.
لا تقلقوا يا اخوتي! ان حقيقة سامية افتدتها ملايين الرؤوس فداء لها رؤوسنا نحن الضعفاء ايضاً.
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 490
(لقد اعترضوا على واحد من الاسباب التسعة الداعية الى تسمية رسائل النور بهذا الاسم. فقالوا: اننا لانرى من تسمّى باسم "نور" من بين طلابه الممتازين، وكما اجبنا عنه في الهامش فان كلاً من "نورى بنلي ونورى الساعاتي" من الممتازين في خدمة النور حاليا، بمعنى انهم لا يجدون ما ينتقدوه ولكنهم يضطرون الى التشبث بحجج جزئية تافهة)
انه يذكر في الكلمة السادسة والعشرين:
ان سبب اطلاق اسم رسائل النور على مجموع الكلمات (وهي ثلاث وثلاثون كلمة) والمكتوبات (وهي ثلاثة وثلاثون مكتوباً) واللمعات (وهي احدى وثلاثون لمعة) والشعاعات (وهى ثلاثة عشر شعاعاً) هو: ان كلمة النور قد جابهتني في كل مكان طوال حياتي، منها: قريتي اسمها: نورس.
اسم والدتي المرحومة: نورية.
اسم استاذى في الطريقة النقشبندية: سيد نور محمد.
وأحد اساتذتي في الطريقة القادرية: نور الدين.
وأحد اساتذتي في القرآن: نورى .
واكثر من يلازمني من طلابي من يسمّون باسم نور (ومن العجيب ليس بين طلاب النور الممتازين من يسمى بـنوري).
واكثر ما يوضح كتبي وينورها هو التمثيلات النورية.
واكثر ما حل مشكلاتي في الحقائق الالهية هو: اسم "النور" من الاسماء الحسنى.
ولشدة شوقى نحو القرآن وانحصار خدمتي فيه فان إمامي الخاص هو سيدنا عثمان ذو النورين رضي الله عنه.
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 491
( ان رسالة "الهجمات الست" وذيلها قد كتبت قبل عشرين سنة لمجابهة تعدٍّ ظالمٍ شديد. وهي رسالة في غاية الخصوصية والسرية، وقد مرّت بين يدي محاكم كثيرة. وكتبت في حالة سورة غضب انتابتني في اثناء الحرب العالمية الثانية. وهي اذ تبين ذلك الغضب والحدة حقاً، الاّ ان مصادرتها وكأنها قد كتبت حالياً وعدّها ذنباً وجريرة، بُعدٌ عن العدالة عظيم)
تستهل مقدمة ذيل "الهجمات الست" بالآتي:
كتب هذا الذيل (للتداول الخاص)، لتجنُّب مايرد في المستقبل من كلمات الاهانة وشعور الكراهية، اي؛ لئلا يصيب بصاق اهانتهم وجوهنا، او لمسحه عنها عندما يقال: تباً لرجال ذلك العصر العديمي الغيرة!
وكتب تقريراً ولائحة لترن آذانٌ صمّ، اذان رؤساء اوروبا المتوحشين المتسترين بقناع الانسانية.. ولينغرز في العيون المطموسة، عيون اولئك العديمي الضمير الجائرين الذين سلطوا علينا هؤلاء الظلمة الغدّارين.. وليُنزل صفعةً كالمطرقة على رؤوس عبيد المدنية الدنية التي اذاقت البشرية في هذا العصر آلاماً جهنمية حتى صرخت في كل مكان: لتعش جهنم!
لقد حدثت في الفترة الاخيرة اعتداءات شنيعة كثيرة على حقوق المؤمنين الضعفاء، من الملحدين المتخفين وراء الأستار، واخص بالذكر اعتداءهم عليّ تعدياً صارخاً، باقتحامهم مسجدي الخاص الذي عمّرته بنفسي، وكنا فيه مع ثلة من رفقائي الاعزاء، نؤدي العبادة، ونرفع الاذان والاقامة سراً. فقيل لنا: لِمَ تقيمون الصلاة باللغة العربية وترفعون الاذان سراً؟
نفد صبري في السكوت عليهم: وها أنذا لا أخاطب هؤلاء السفلة الدنيئين الذين حرموا من الضمير، وليسوا أهلاً للخطاب، بل أخاطب اولئك الرؤساء المتفرعنين في القيادة الذين يلعبون بمقدرات الأمة حسب أهواء طغيانهم. فأقول:
يا أهل الالحاد والبدعة! اني أطالبكم بالاجابة عن ستة اسئلة.
الشعاع الرابع عشر - ص: 492
السؤال الاول:
ان لكل حكومة، مهما كانت، ولكل قوم، بل حتى اولئك الذين يأكلون لحم البشر، بل حتى رئيس أية عصابة شرسة، منهجاً واصولاً ودساتير، يحكمون وفقها.
فعلى اي اساس من دساتيركم وأصولكم تتعدّون هذا التعدي الفاضح. اظهروه لنا. ام انكم تحسبون اهواء عدد من الموظفين الحقراء قانوناً؟ اذ ليس هناك قانون في العالم يسمح بالتدخل في عبادة شخصية خاصة! ولايسنّ قانون في ذلك قطعاً.
* * *

(انه ليبعث على الاسف اتخاذهم جملة او جملتين من رسالة "الاشارات السبع" ذريعة لمصادرتها وحجة علينا مع انها رسالة قديمة وخاصة وسرية وتتضمن حقيقة قوية ورصينة بحيث تستحق ان تعلن لصالح الحياة الاجتماعية على البشرية جمعاء والعالم اجمع).
ان أحمق الحمقى في الدنيا هو من ينتظر من امثال هؤلاء الملحدين السفهاء الرقي وسعادة الحياة.
ولقد قال أحد هؤلاء الحمقى، وهو يشغل منصباً مهماً: اننا تأخرنا لقولنا: الله.. الله.. بينما اوروبا تقدمت لقولها : المدفع.. البندقية!.
ان جواب امثال هؤلاء: السكوت حسب قاعدة: "جواب الاحمق السكوت" ولكننا نقول قولاً لاولئك العقلاء الشقاة الذين يتبعون بعض الحمقى:
ايها البائسون! هذه الدنيا انما هي دار ضيافة..
فما دام الموت موجوداً، وان المصير الى القبر حتماً، وان هذه الحياة ماضية راحلة، وستأتي حياة باقية خالدة، فان قيل : المدفع.. البندقية مرة واحدة فلابد من القول ألف مرة: "الله.. الله"
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 493
(ان ما يوجب الحيرة، ان جملة من "اللمعة السادسة عشرة" وهي لصالحنا، حوّلوها الى جملة ضدنا، وابدوا رغبة في مصادرة تلك الرسالة القيمة)
من اللمعة السادسة عشرة:
ان مصيبة الحرب وبلاءها، ضرر بالغ لخدمتنا القرآنية... ان القدير ذا الجلال الذي يطهّر وجه السماء الملبّد بالغيوم ويبرز الشمس الساطعة في وجه السماء اللامع خلال دقيقة واحدة، هو القادر ايضاً على ان يزيل هذه الغيوم السوداء المظلمة الفاقدة للرحمة. ويُظهر حقائق الشريعة كالشمس المنيرة بكل يسر وسهولة وبغير خسارة.
اننا نرجو هذا من رحمته الواسعة، ونسأله سبحانه الاّ يكّلفنا ذلك ثمناً غالياً. وان يمنح رؤوس الرؤساء العقل ويهب لقلوبهم الايمان. وهذا حسبنا، وحينها تتعدل الامور بنفسها وتستقيم.
ما دام الذي في ايديكم نور، وليس هراوة وصولجاناً، فالنور لايُعارَض ولايُهرَب منه، ولا ينجم من إظهاره ضرر. فلِمَ اذاً توصون اصدقاءكم بأخذ الحذر وتمنعونهم من ابراز رسائل نيّرة كثيرة للناس كافة؟.
مضمون جواب هذا السؤال باختصار هو:
ان رؤوس كثير من الرؤساء مخمورة، لايقرأون، واذا قرأوا لايفهمون، فيؤولونه الى معنى خطأ، ويعترضون ويهاجمون. لذا، وللحيلولة دون الهجوم ينبغي عدم اظهار النور لهم لحين افاقتهم واسترجاع رشدهم.
ثم ان هناك غير منصفين كثيرين، ينكرون النور، أو يغمضون اعينهم دونه، لأغراض شخصية خاصة، أو خوفاً أو طمعاً..
ولأجل هذا اوصى اخوتي ايضاً ليأخذوا حذرهم ويحتاطوا للأمر، وعليهم الاّ يعطوا الحقائق احداً من غير اهلها، والاّ يقوموا بعمل يثير اوهام اهل الدنيا وشبهاتهم عليهم.
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 494
(ان الحجاب أمر قرآني، و قد آُجيب عنه جواباً شافياً في الرسائل. علماً ان هذه الرسالة قد كتبت سابقاً وقاسينا العقاب بسببها. ولكن رغم هذا اتخذوها ذنباً اقترفناه واعتبروها حجة علينا، ثم ان بداية حقيقة جليلة وردت في رسالة "الشيوخ" و "مرشد الشباب" تلك الحقيقة القيمة النافعة للناس كلهم، جعلوها جريرة لنا ومبررا لمصادرة تلك الرسالة.. كل ذلك يدل على انهم لا يجدون ما يتذرعون به للانتقاد والجرح).
في اللمعة الرابعة والعشرين، بعد الايضاح ان الحجاب امر قرآني يقول: "ولقد طرق سمعنا: ان صباغ أحذية قد تعرض لزوجة رجل ذي منصب دنيوي كبير، كانت مكشوفة المفاتن، وراودها نهاراً جهاراً في قلب العاصمة "انقرة"! أليس هذا الفعل الشنيع صفعة قوية على وجوه اولئك الذين لا يعرفون معنى الحياء من اعداء العفة والحجاب؟"
وفي اللمعة السادسة والعشرين الخاصة بالشيوخ :
"ففي ذات يوم من الايام الاخيرة للخريف، صعدت الى قمّة قلعة انقرة، التي اصابها الكبر والبلى اكثر مني، فتمثّلت تلك القلعة امامي كأنها حوادث تأريخية متحجرة، واعتراني حزن شديد وأسى عميق من شيب السنة في موسم الخريف، ومن شيبي انا، ومن هرم القلعة، ومن شيخوخة الدولة العثمانية العلية، ومن وفاة سلطنة الخلافة. فاضطرتني تلك الحالة الى النظر من ذروة تلك القلعة المرتفعة الى اودية الماضي وشواهق المستقبل.
فالماضي أوحشني بدلاً من ان يسلّيني ويمنحني النور.
والمستقبل تراءى لي على صورة مقبرة كبرى مظلمة لي ولأمثالي وللجيل القابل، فأدهشني عوضاً من ان يؤنسني.
ثم نظرت الى زمني الحاضر، فبدا ذلك اليوم لنظري الحسير ونظرتي التأريخية على شكل نعش لجنازة جسمي المضطرب كالمذبوح بين الموت والحياة.
* * *
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-06-2011
  #10
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 495
(كان عليهم ان يقدّروا هذه الجملة حق قدرها الا انهم انتقدوها واتخذوها حجة علينا.)
يذكر: "لقد صرفت كثيراً من مرتّبي الذي كنت قد قبضته وانا في دار الحكمة الاسلامية وادخرت قليلاً منه لاداء فريضة الحج. وقد كفتني تلك النقود القليلة ببركة القناعة والاقتصاد، فلم يرق مني ماء الوجه. ومازالت بقية من تلك النقود المباركة موجودة."
ثم في اللمعة الثانية والعشرين بعد ان يشير الى انها رسالة سرية خاصة لاخوته الصادقين الخالصين يقول:
"الاشارة الاولى: لِمَ يتدخل أهل الدنيا بامور آخرتك كلما وجدوا لهم فرصة، مع انك لا تتدخل في شؤون دنياهم؟.. ان الذي يجيب عن هذا السؤال هو حكومة محافظة اسبارطة واهالىها."
* * *
(ان الذين يتوهمون هذا الامل الخالص والرغبة النزيهة النابعة من الشفقة الايمانية والذي يوجب الاعجاب، يتوهمونه ذنباً نقترفه، لا شك انهم هم المذنبون)
في رسالة موقعة باسم سعيد يُذكر: "ترى ما حكمة تراكض الاطفال الابرياء الذين تتراوح اعمارهم من السابعة الى العاشرة لمجرد ملاحظتهم اياى وانا اتجول في العربة الحصانية، ثم التفافهم حول يدى ؟ كنت احار امام هذا المنظر، ولكن اذا بخاطر يخطر الى قلبي فأدركت ان هؤلاء الاطفال الابرياء يستشعرون بحس قبل الوقوع انهم سينالون السعادة برسائل النور وسينجون من مهالك معنوية ستحيط بهم"

* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 496
(ان عدّ هذه الفقرة الآتية ذنباً ظلم وخارج عن الانصاف تلك التي كانت في البداية دفاعاً لي وعدت في النهاية تمنياً ورغبة)
يذكر: "ان قسماً من الايات الكريمة والاحاديث الشريفة يشيران معاً الى حقيقة نورانية في هذا العصر، ويظهران المجدد الاكبر الذي سيأتى في آخر الزمان، و ان اهم وظيفة من وظائفه الثلاث الجليلة هي انقاذ الايمان. ويذكر أن إحياء الشريعة وإقامة الخلافة وماشابهها من الوظائف العظيمة الشاملة لدائرة واسعة جداً، لا ضرر من عدم ذكرهما، حيث انه يكون وسيلة لانتقاد المعارضين وهجوم السياسيين، لذا يرفع بعض الجمل ويعدّلها وسيعيدها الى اخوته المدققين.
وفي رسالة موقعه باسم سعيد النورسي:
بينما سترت الآيتان الكريمتان: (انا فتحنا لك فتحاً مبيناً) (الفتح: 1) و (وينصرك الله نصراً عزيزاً) (الفتح: 3) الموجودتان على الباب الخارجي لبناية الوزارة الحربية المتحولة الى الجامعة بالمرمر، فان ابرازهما: مثال على السماح لاستعمال الخط القرآني، ووسيلة لما تقصده رسائل النور من استعمال الخط القرآني واشارة الى تحول الجامعة الى مدرسة نورية.
* * *
(ان ما بيّنوه من نقد حول ايضاحي للحقيقة الواردة في رسالة تكبيرات الحجاج، جوابه المسكت المقنع هو الهامش الذي وضعه "خسرو")
يقول في رسالة موقعة باسم سعيد النورسي، ومعنونة بتكبيرات الحجاج:
ان قسماً من طلاب النور الذين لهم اهمية، يظنون بك، انك الشخص الذي سيأتي في آخر الزمان من آل البيت. ويصرّون على ظنهم هذا ولكنك ترفض باصرار ايضاً ما يدور في اذهانهم، و تتحرز منه وتتجنبه. وهذا في ذاته تناقض وتضاد. نريد حلّه.
الشعاع الرابع عشر - ص: 497
ثم يردف إزاء سؤالهم هذا قوله:
"ان الشخص المعنوى الذي يمثل مهدي الرسول المنتظر له ثلاث وظائف. وأهم تلك الوظائف هي انقاذ الايمان، ثم احياء الشعائر الاسلامية باسم الخلافة المحمدية، ويسعى ذلك الشخص لإنجاز هذه المهمة نظراً لتعطل كثير من احكام القرآن وقوانين الشريعة المحمدية.
هذا وان طلاب النور يرون ان الوظيفة الاولى كلياً في عهدة رسائل النور. اما الوظيفتان التاليتان فهما بالنسبة للأولى ثانوية وثالثية. لذا يتلقون الشخص المعنوي لرسائل النور انه نوع من المهدي حقاً، ويعطى ذلك الاسم احياناً الى هذا الضعيف العاجز الذى يعتقد قسم منهم انه يمثل ذلك الشخص المعنوي. حتى ان قسماً من الاولياء يرون في كراماتهم الغيبية ان رسائل النور هي مهدي آخرالزمان ومرشده. وهم يقولون: ان هذا الأمر يفهم بالتحقيق والتأويل. ولكن هناك إلتباس في نقطتين، لا بد من التأويل.
الأولى:
ان الوظيفتين الاخيرتين ، رغم انهما ليستا بأهمية الوظيفة الاولى من زاوية الحقيقة، الاّ ان الخلافة المحمدية والاتحاد الاسلامي هما لدى عامة الناس واهل السياسة ولاسيما في افكار هذا العصر، أنهما اهم من الوظيفة الاولى بألف مرة.
وعلى الرغم من ان الله يبعث في كل عصر مهدياً ومرشداً، وقد بعث فعلاً، إلاّ انهم لم يحرزوا لقب المهدى الاكبر لآخر الزمان حيث انهم ادّوا في جهة من الجهات وظيفة واحدة من تلك الوظائف الثلاث.
الثانية:
ان ذلك الشخص العظيم الذي سيظهر في آخر الزمان هو من آل البيت، واني وان كنت بمثابة ولد معنوي لسيدنا علي رضي الله عنه حيث تلقيت منه درس الحقيقة، وأن آل محمد شامل لطلاب النور الحقيقيين في معنى من معانيه، واعدّ من هذه الجهة من آل البيت، الاّ انه ليس في مسلك النور اظهار الشخصيات وابراز الانانية، ولا الرغبة في نيل مقامات شخصية رفيعة، ولاالحصول على السمعة والصيت، بل حتى
الشعاع الرابع عشر - ص: 498
لو اُعطيتُ مقامات اخروية فانى ارى نفسي مضطراً للتخلي عنها لكيلا اخلّ بالاخلاص في النور...
وهذا يعني انه يجيب بما يشمّ منه موافقته الجزئية للموضوع اذ ليس فيه ردّ حاسم ورفض جاد لهذه المسألة، المهدية. 1
* * *

(ان الحوادث المذكورة في هذه الفقرة واقعة فعلاً وبصورة عجيبة محيرة، فان حدوث الزلزلة عقب ثلاث دقائق من قولي: "لا تحزنوني ان الارض تغضب عليكم" كان المفروض عليهم أن يأخذوا المسألة بجد ويستحسنوا الموقف، وذلك بمقتضى الشفقة، حيث انها ليست موضع انتقاد واعتراض)
"بعد مرور عشر ساعات على أخذ إفادته التي دامت اربع ساعات وهو يعاني الضيق، دبّ الحريق في دائرة المعارف، حتى كأنها في الوقت نفسه. مما أظهر أن رسائل النور وسيلة لدفع البلايا بحيث لو هوجمت وجدت البلايا لها منفذاً فتنزل."
وفي الرسالة المرقمة مائة وواحد واربعين:
بعد أخذ افادته التي دامت اربع ساعات ونصف الساعة، يذكر حوادث الحريق التي نشبت في دائرة المعارف في "انقرة" وفي كراج السيارات وفي معمل في "ازمير" وفي عمارة كبيرة في "اطنه".. ثم يذكر قوله: "لاتحرموني من الرسائل، والاّ تكون خسارة جسيمة لي ولهذا الوطن، فالارض تحتد وتغضب بالزلزلة." وبعد قولته هذه بثلاث دقائق وقعت الزلزلة ودامت ثلاث ثواني، واظهرت غضب الارض، وشبت النار في دائرة المعارف، في وقت الهجوم على رسائل النور وطلابها، وقد ثبت هذا فعلاً لدى المحكمة أن حدوث الزلازل ونشوب الحريق تلازم وقت الهجوم على رسائل النور. فهذه الحوادث لايمكن أن تكون مصادفة.
لقد اصبحت رسائل النور وسيلة لدفع كثير من البلايا في هذه البلاد، فهناك وقائع كثيرة جداً على هذا.
_____________________
1 ايتها الهيئة غير المنصفة: كيف يكون اذن الردّ الحاسم؟ باسم طلاب النور.. خسرو.

الشعاع الرابع عشر - ص: 499
وفي الرسالة المرقمة مائة وسبع واربعين يذكر:
ان الشتاء قد غضب غضباً شديداً، في الوقت الذي شُنّ الهجوم علينا وقد اظهر غضب الهواء وحدّته بالعواصف والبرد الشديد، انه متى ما توقفت الهجمات على الرسائل وطلابها، فان ابتهاج طلاب النوريبدّل تلك العواصف القاسية الى ايام ربيع بهيجة.
ان الحريق الذي دبّ في دائرة المعارف صفعة قوية.
* * *
(ان الحالة التي يجب أن تُبارك، لا ينظر إليها نظر الاعتراض)
سألوني في هذه المرة في المحكمة ضمن اسئلة لا معنى لها، قائلين: بِمَ تعيش؟ فقلت: ببركة الاقتصاد. ان من كان في اسبارطة ويعيش في شهر رمضان على رغيف واحد، وكيلو من اللبن وكيلو من الرز، لايتنازل للدنياكلها لأجل العيش ، ولايضطر الى قبول الهدايا.
* * *
(قد ساق الثناء الساطع لـ "زبير" 1 ودفاعه الذي قرأه امام المحكمة الى التقدير والاستحسان باذن الله بحيث ادرجوه باعجاب في القرار)
ان ماكتبه زبير في احدى الملازم المطبوعة بالآلة الطابعة والمعنونة بـ (شبابنا يطلب علماً واخلاقاً راقية تعلّم الحق والحقيقة) جاء في صفحتها العاشرة: "ان رسائل النور
_____________________
1 (1920 -1971) ولد في احدى اقضية ولاية (قونيا)، عيّن موظفاً في دائرة البرق بعد اكماله الدراسة المتوسطة. ثم نذر نفسه لخدمة الايمان والقرآن من خلال نشر رسائل النور. كان مثالاً للاخلاص والمثابرة حتى اصبح اقرب تلاميذ الاستاذ اليه، تولى ادارة طلاب النور بعد وفاته، له مذكرات خاصة في محاسبة النفس وتقوية الارادة. رحمه الله رحمة واسعة.-المترجم.

الشعاع الرابع عشر - ص: 500
التي تنقذ مسلمي القرن العشرين والبشرية عامة من ظلمات الافكار الباطلة القاتمة ليست من بنات افكار المؤلف نفسه بل إلهام قذفه رب العالمين الى قلب المؤلف، فهي رسائل راقية قيمة نفيسة".
وجاء في الصفحة الثانية عشرة:
"اذا ما قيل لطالب يخدم في مجال رسائل النور: استنسخ هذه الكتب بدلاً عن رسائل النور، اعطيك ثروة "فورد" وغناه. لأجابهم قبل ان يرفع طرف قلمه من كتابة رسائل النور: لا اقبل حتى لو أعطيتم لى ثروة الدنيا كلها وسلطنتها".
وفي الصفحة الخامسة عشرة:
"ان كانت درجة ارتباطنا لنزيهي الفكر من المؤلفين مائة درجة فان درجة ارتباطنا لشخصية عظيمة كبديع الزمان الذي يرشدنا الى سعادة الدنيا والاخرة بلايين البلايين بل بغير نهاية".
وفي الصفحة الثانية عشرة:
"ان الشخص المعنوي لرسائل النور قد شخّص امراض هذا العصر الاجتماعية والروحية والدينية، وعرض لانسان هذا العصر بعناية الله مايداويه من العلل الاجتماعية المزمنة بادوية نابعة من حقائق القرآن".
وفي الصفحة الرابعة والاربعين:
"قال بديع الزمان: من يقرأ هذه الرسائل لسنة كاملة يمكن ان يكون عالماً جليلاً في هذا الزمان . نعم انه كذلك."
وفي الصفحة الرابعة والخمسين:
"ان الحكام الذين قرأوا رسائل النور لا يُتوقع صدور قرارات غير صائبة منهم."
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 501
الى رئاسة محكمة التمييز
في جلسة محكمة التمييز التي راجعناها لإبطال القرار الجائر الذي اصدرته محكمة "افيون" في حقنا لم يدعوا لي فرصة للكلام، بل تلوا علينا اتهاماً ثالثاً شديد اللهجة، ولم يسمحوا لأحد ان يساعدني في الكتابة، وفضلاً عن رداءة خطي في الكتابة فقد كنت مريضاً، وهذه الشكوى التي كتبتها وانا مريض اقدمها الى مقامكم (الذي انصفني مرتين انصافاً تاماً) كلائحة تمييز.

* * *
باسمه سبحانه
هذه عريضة الى محكمة الحشر الكبرى، وشكوى الى المقام الالهي، ولتسمعها محكمة التمييز في الوقت الحالي والاجيال الآتية في المستقبل ولتسمعها اساتذة دار الفنون (الجامعة) وطلابها المثقفون، فمن مئات المصائب والبلايا التي واجهتها طوال ثلاث وعشرين سنة اخترت عشراً منها لعرضها على عدالة المقام الالهي ذي الجلال الحاكم المطلق مشتكيا اليه:
الاولى:
مع انني شخص مقصر، فقد نذرت كل حياتي في سبيل سعادة هذه الامة وفي سبيل انقاذ ايمانها، ولقد سعيت بكل جهدى للعمل برسائل النور لكي اضحي بنفسي فى سبيل حقيقة أفتدتها ألوف الانفس، وهي الحقيقة القرآنية واستطعت بتوفيق من الله تعالى وفضل منه ان اتحمل شتى ضروب التعذيب، فلم اتقهقر ولم انسحب.
اسوق مثالاً واحداً من التصرفات الغادرة والظالمة التي واجهتها في سجن "افيون" وفي محكمتها:
مع انهم اسمعوني واسمعوا طلاب النور الابرياء (الذين كانوا ينتظرون السلوان من عدالة المحكمة) ثلاث مرات لائحة الاتهام المليئة بالافتراءات وكانت قراءة اللائحة
الشعاع الرابع عشر - ص: 502
تستغرق كل مرة ساعتين في الأقل، الا انهم لم يسمحوا لي بالكلام وبالرد الا لمدة دقيقة واحدة او دقيقتين، مع انني رجوت منهم ان يسمحوا لي بالدفاع عن حقوقنا لمدة خمس او عشر دقائق.
ومع انني أُبقيت معزولاً لمدة عشرين شهراً في سجن انفرادي، الا انهم لم يأذنوا لأحد بزيارتي ورؤيتي الا لصديقين او ثلاثة ولمدة ثلاث واربع ساعات فقط، وقد ساعدتني هذه الزيارة مساعدة جزئية جداً في كتابة دفاعي. ثم منعوا هؤلاء ايضاً، وعاملوهم معاملة قاسية وعاقبوهم. واجبرونا على سماع لائحة الاتهام للمدعي العام البالغة خمس عشرة صحيفة والتي ملأها بالاكاذيب المغرضة وبالأفتراءات وبسوء الفهم.
حتى انني احصيت فيها واحداً وثمانين خطأً، ولم يسمحوا لي بالكلام وبالرد، ولو سمحوا لي بذلك لقلت لهم.
انتم تنكرون دينكم وتهينون أجدادكم - بوصفهم بانهم كانوا على ضلالة - وتنكرون نبيكم صلى الله عليه وسلم ولاتقبلون بقوانين قرآنكم الكريم، بينما لا تتعرضون لليهود ولا للنصارى ولا للمجوس، ولا للمنافقين المرتدين من الفوضويين من انصار البلشفية، وذلك تحت شعار حرية الفكر وحرية الوجدان. وان الحكومة البريطانية التي نعلم مدى تعصبها للنصرانية ومدى جبروتها، تسمح للملايين من المسلمين الموجودين تحت حكمها بقراءة القرآن في كل وقت واخذ دروس منه، هذه الدروس التي ترّد كل العقائد الباطلة وكل الدساتير الكافرة للانكليز. ثم ان المعارضين لكل حكومة يستطيعون ابداء آرائهم علناً ويستطيعون نشر هذه الافكار، ولاتتعرض لهم محاكم هذه الحكومات. اما انا فقد تم تدقيق اربعين سنة من حياتي وتدقيق مائة وثلاثين كتاباً من كتبي وجميع مكاتيبى ورسائلي حتى السرية منها في محكمة "اسبارطة" وفي محكمة "دنيزلي" وفي محكمة جزاء "انقرة" وكذلك في رئاسة الشؤون الدينية، كما قامت محكمة التمييز بهذا التدقيق مرتين - وربما ثلاث مرات - وبقيت رسائل النور بكل نسخها الخاصة منها وغير الخاصة في يدها مدة حوالى ثلاث سنوات، ومع ذلك لم يجدوا فيها أي شئ يستوجب عقوبة مهما كانت صغيرة. وانا اتساءل ماهو الذنب الذي اقترفناه لكي تقوموا باصدار عقوبة قاسية في حقنا وسجننا سجناً انفرادياً
الشعاع الرابع عشر - ص: 503
وانا بهذه الدرجة من الضعف وفي هذا الوضع القاسي من الظلم والقهر، واي قانون او مصلحة او وجدان يرضى بهذا؟ مع ان رسائل النور - التي تجدون مجموعتها كاملة بين ايديكم - اصبحت مرشداً قوياً وقويماً لاكثر من مائتى الف طالب من طلاب النور الحقيقيين المستعدين للتضحية، فخدمت بذلك أمن البلد واستقراره. ثم ان دفاعي الذي قدمته والذي بلغ اربعمائة صفحة اثبت براءتنا بشكل قاطع لايقبل الشك، لذا ستسأل هذه الاسئلة منكم امام المحكمة الكبرى يوم الحشر دون ريب.
الثانية:
لقد عدّوا تفسيري للايات القرآنية الصريحة حول الحجاب والارث وذكر الله وتعدد الزوجات، وقيامي برد الاعتراضات المثارة ضدها من قبل المدنية الغربية الحالية رداً مفحماً.. عدّوا ذلك احدى التهم الموجهة اليّ. واكرر هنا الفقرة التي اوردتها قبل خمسة عشر عاماً في محكمة "اسكى شهر" ثم في محكمة التمييز في "انقرة" وستكون هذه الفقرة شكواي في محكمة الحشر الكبرى وتنبيهاً وايقاظاً للجماعات المثقفة للاجيال القادمة وستكون هي مع رسالة "الحجة الزهراء" بمثابة لائحة تمييز، كما انني اكرر هذه الفقرة للمدعي العام الذي لم يترك لي فرصة للكلام والذي اثبتّ ثمانين خطأ ورد في لائحته الاتهامية التي ملأها بالمغالطات واعرضها مرة اخرى على هيئة المحكمة التي اصدرت حكما عليّ بسنتين من الحبس الانفرادي الشديد وبسنتين من النفي والاقامة الجبرية:
انني اقول لمحكمة وزارة العدل:
ان ادانة من يفسر اقدس دستور الهي وهو الحق بعينه، ويحتكم اليه ثلاثمائة وخمسون مليوناً من المسلمين في كل عصر في حياتهم الاجتماعية، خلال الف وثلاثمائة وخمسين عاماً. هذا المفسر استند في تفسيره الى ما اتفق عليه وصدق به ثلاثمائة وخمسون الف مفسر، واقتدى بالعقائد التي دان بها اجدادنا السابقون في الف وثلاثمائة وخمسين سنة.. اقول: ان إدانة هذا المفسر قرار ظالم لابد ان ترفضه العدالة، ان كانت هناك عدالة على وجه الارض، ولابد ان ترد ذلك الحكم الصادر بحقه وتنقضه. ولتسمع هذا الآذان الصماء لعصرنا الحالي.
الشعاع الرابع عشر - ص: 504
ألا يعني إدانة شخص ترك السياسة واعتزل الحياة الاجتماعية ولايؤمن من الناحية الفكرية العلمية ببعض القوانين الأجنبية التي قُبلت في هذا البلد بمقتضى ظروف معينة، لقيامه بتفسير هذه الآيات انكاراً منهم للاسلام وخيانة لمليار من اجدادنا الابطال المتدينين واتهاماً لملايين التفاسير القرآنية.
الثالثة:
من الأسباب التي ذكروها لتبرير الحكم علي هي القيام باخلال الامن والاستقرار؛ وعلة هذا انهم قاموا بتفسير خاطئ لمعنى بعض الجمل الواردة في خطابات شخصية ورسائل خاصة لاتتجاوز الخمسين جملة، مع ان رسائل النور تحوي اكثر من مائة الف كلمة وجملة، ونظروا الى احتمال واهٍ وبعيد جداً لايتجاوز واحداً في المائة بل واحداً من الف، وعدوا هذا الاحتمال البعيد واقعاً ويريدون به عقابنا.
وانا اُشهد الذين يعرفون الثلاثين او الاربعين سنة الاخيرة من حياتي والالاف من طلبة النور الاصفياء فاقول:
عندما بدأ القائد العام للجيش الانكليزي الذي احتل استانبول ببذر بذور الخلاف بين المسلمين حتى خدع شيخ الاسلام وبعض العلماء الآخرين وجعل احدهم يهاجم الآخر، ووسع الخلاف بين جماعة الاتحاديين 1 وجماعة "الائتلاف" لكي يهئ الجو لانتصار اليونانيين واندحار الحركة الملية الوطنية. قمت آنذاك بتأليف كتابي "الخطوات الست" ضد الانكليز وضد اليونانيين، وقام السيد "أشرف اديب" 2 بطبعه ونشره، مما ساعد على إبطال مفعول الخطة الجهنمية لذلك القائد، فالذى لم يحفل بتهديد القائد الانكليزي باعدامه ولم يهرب الى انقرة مع ان حكومة انقرة 3
_____________________
1 جماعة الاتحاديين: هم جماعة الاتحاد والترقي الذين هرب قادتهم الى الخارج بعد اندحار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى امام قوات الحلفاء. اما جماعة "الائتلاف " فهم جماعة سياسية ظهرت بُعَيد انتهاء الحرب وكانوا خصوماً للاتحاديين. (المترجم).
2 وهو من المجاهدين المسلمين آنذاك، ورأس تحرير مجلة "سبيل الرشاد " الاسلامية.(المترجم).
3 كانت هناك آنذاك حكومتان: حكومة الخلافة في استانبول واقعة تحت سيطرة واحتلال دول الحلفاء (وعلى رأسها انكلترة) وحكومة وطنية في انقرة (على رأسها مصطفى كمال)، ولم يكن مصطفى كمال قد أسفر عن وجهه الحقيقي المعادي للاسلام آنذاك. (المترجم).

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشعاعات - الشعاع التاسع عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-06-2011 03:15 PM
الشعاعات - الشعاع السابع عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 8 04-06-2011 03:13 PM
الشعاعات - الشعاع السادس عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-06-2011 02:55 PM
الشعاعات - الشعاع الخامس عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-06-2011 02:51 PM
الشعاعات - الشعاع الرابع عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 04-06-2011 02:45 PM


الساعة الآن 06:24 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir