أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-2015
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 32

َإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
(32)
قولُه ـ جلَّ جلالُه: { وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ .. } أَيْ: واذْكُرْ إذْ قالوا: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا القُرْآنُ" الذي يَتْلوهُ مَحَمَّدٌ، وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ هُوَ الحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ لِتَهْدِيَ بِهِ عِبَادَكَ، كَمَا يَدَّعِي، فَارْجُمْنَا بِحِجَارَةٍ مِنَ السَّمَاءِ كما فَعَلْتَ بِقَوْمِ لوط، أَوْ أَنْزَلَ بِنَا عَذَابَكَ الأَليمَ. فقد رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ النَّضْرُ بْنُ الحَارِثِ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ: ((وَيلَكَ إِنَّهُ كَلاَمُ رَبِّ العَالَمِينَ)). فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ . . ". وهو أَبْلَغُ في الجُحودِ. والذي في الصحيحين: أَنَّ القائلَ هُوَ أَبُو جَهْلٍ، وقيلَ: سائرُ قُريشٍ لمّا كذَّبوا النبيَّ ـ صَلّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، دَعَوْا على أنفسهم.
وكلامُهم هذا جارٍ مُجْرى القَسَمِ، فهم يُقسمون بِطريقَةِ الدُعاءِ على أَنْفُسِهم إذا كان الأمرُ خِلافَ ما يحكونَه هُمْ، وهُم يَحْسَبونَ أَنَّ دَعوةَ المرْءِ على نفسِهِ مُسْتَجابَةٌ، وقد درجوا على ذلك في كلامِهم، ومنه قولُ النابِغَةِ الذبيانيِّ:
ما إنْ أَتَيْتُ بِشَيْءٍ أَنْت َتَكْرَهُهُ ........ إذاً فَلا رَفَعْتُ سَوْطِي إلي يَدِي
ومن ذلك قولُ معدان بْنَ جَواسٍ الكِنْدِيِّ، أو حُجية بْنُ المضرب السكوني:
إنْ كان ما بُلِّغْتَ عَنّي فلامَني ........ صَديقي وَشُلَّتْ مِنْ يَدَيَّ الأَنامِلُ
وكفَّنْتُ وحدي مُنذراً بِردائهِ ........ وَصادَفَ حوطاً مِنْ أَعادِيَّ قاتِلُ
وقال الأشترُ النخعي:
بَقِيتُ وَفْري وانحرَفْتُ عَنِ العُلا .......... ولَقيتُ أَضيافي بِوَجْهِ عَبوسِ
إنْ لمْ أَشُنَّ عَلى ابْنِ حَرْبٍ غارةً .......... لمْ تَخْلُ يوماً مِنْ نهابِ نُفوسِ
وقد ضَمَّنَ الحَريريُّ في "المقامَةِ العاشِرَةُ" له هذِهِ الطريقةَ في حِكايَةِ يَمينٍ وَجَّهَها أَبو زَيْدٍ السُروجِيُّ على غُلامِهِ المَزْعومِ لدى والي رَحْبَةِ مَالِكٍ بْنِ طَوْقٍ، حتى اضْطُرَّ الغُلامُ إلى أَنْ يَقولَ: "الاطلاءُ بالبَلِيَّةِ، ولا الابْتِلاءُ بهذِهِ الأليَّةِ". فمعنى كلامِهم: إنَّ هذا القرآن ليسَ حَقّاً مِنْ عِنْدِكَ فإنْ كانَ حَقّاً فأَصْبْنا بالعَذابِ، وهذا يَقْتَضي أَنَّهم قدْ جَزَموا بِأَنَّهُ ليس بِحَقٍّ. وليس الشرط على ظاهره حتى يفيد ترددهم في كونه حقا ولكنه كناية عن اليمين وقد كانوا لجهلهم وضلالهم يحسبون أن الله يتصدى لمخاطرتهم، فإذا سألوه أن يمطر عليهم حجارة إن كان القرآن حقا منه أمطر عليهم الحجارة وأرادوا أن يظهروا لقومهم صحة جزمهم بعدم حَقيّةِ القرآن، فأعْلنوا الدُعاءَ على أنفسهم أن يُصيبَهم عذابٌ عاجل إنْ كان القرآنُ حقًّا مِنْ الله ليَستَدِلّوا بعدمِ نُزولِ العذابِ، وَهَذا القَوْلُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ عُتُوَّ قُرَيْشٍ كَانَ كَبِيراً، وَعِنَادَها كَانَ بَالِغاً، إِذْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ هَذا القَوْلَ، وَهُوَ مِمَّا عِيبَ عَلَيهِمْ. وَلَوْ أنَّهُم قَالُوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَاهْدِنَا إِليهِ، وَوَفِّقْنَا لاتِّبَاعِهِ، لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ.
رويَ أنَّ يهوديّاً سألَ ابْنَ عَبّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: ممنْ أَنْتَ؟ قال: مِنْ قُرَيْشٍ، فقال: أَنْتَ مِنَ الذين قالوا: "إن كان هذا هو الحق من عندك" الآية، فهَلاَّ قالوا: فاهْدِنا إلَيْهِ؟ فقال ابْنُ عبَّاسٍ: فأَنْتَ يا إسْرائيلِيُّ مِنَ الذينَ لمْ تجِفَّ أَرْجُلُهم مِنْ بَلَلِ البَحْرِ الذي أُغْرِقَ فِيه فِرْعونُ وقومُهُ ونجا مُوسى وقومُه حتى قالوا: اجْعَلْ لَّنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلهَةٌ، فقال لهم موسى: {إنَّكم قومٌ تجهلونَ}؟. فأَطْرَقَ اليَهُودِيُّ مُفْحَماً. وعنْ معاويةَ بْنِ أبي سفيانٍ ـ رضي اللهُ عنهما، أَنَّهُ قالَ لِرَجُلٍ مِنْ سَبَأٍ ما أَجْهَلَ قَوْمَكَ حين مَلّكوا عَلَيْهِمُ امْرأَةً. فقالَ أَجْهَلُ مِنْ قومي قومُكَ، قالوا لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، حين دَعاهم إلى الحَقّ: "إنْ كانَ هذا هُوَ الحَقَّ .. " الآية، ولم يَقولوا: فاهْدِنا لَهُ.
وقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِواياتُ في مَنْ أُنْزِلَتْ هذِهِ الآيةُ الكَريمَةُ بِسَبِبِهِ، فَقِيلَ: هُوَ النَّضْرُ بنُ الحارِثِ، وقِيلَ هو أَبو جَهْلٍ، فقد أَخْرَجَ عبدُ بْنُ حميدٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضَِيَ اللهُ عَنْهُ، في الآيةِ قال: ذُكِرَ لَنا أَنَّها أُنْزِلَتْ في أَبي جَهْلٍ بْنِ هِشامِ.
وأَخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبيهقيُّ في الدَلائلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: قالَ أَبو جَهْلٍ بْنُ هِشامٍ: {اللّهُمَّ إنْ كانَ هذا هُوَ الحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَماءِ أَوِ ائْتِنا بعذابٍ أَليمٍ} فَنَزَلَتْ: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون".
وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قولِهِ: "وإذْ قالوا اللَّهُمَّ إنْ كانَ هذا هُوَ الحقَّ مِنْ عِنْدَكَ" قالَ: نَزَلَتْ في النَضْرِ بْنِ الحارث. وكذلك وَرَدَ عَنْ مجاهدٍ، وابْنِ جُبَيْرٍ، والسُدِّيِّ، أَنَّ قائلَ هذِهِ المَقالَةِ هُوَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ. وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ عطاء بنِ رباح قال: نَزَلَتْ في النَضْرِ: "وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء" و {وقالوا ربَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قبلَ يَومِ الحَسابِ} سورة (ص) الآية: 16. و {ولقد جِئْتُمونا فُرادى كَما خَلَقْناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ} سورة الأنعام الآية: 94. و {سأل سائل بعذاب واقع} سورة المعارج، الآية: 1. قال عطاء رَضِيَ اللهُ عَنْه: لقد نَزَلَ فيهِ بِضْعَ عَشْرَةَ آيةً مِنْ كِتابِ الله. وقيل غير ذلك واللهُ أعلم، إنما لا مانع مِنْ تَعدُدِ القائلين، وكانَ النَّضرُ فيهم موسوماً بالنُبْلِ والفَهْمِ، مَسْكوناً إلى قولِهِ، فإذا قالَ قولاً قالَهُ كثيرُ مِنْهم، واتَّبَعوهُ عَلَيْهِ، كما يَفْعَلُ النَّاسُ بِعُلَمائِهِم، والذي حَمَلَهم على قول هذا هُوَ الحَسَدُ، فقد اسْتَبْعَدوا أَنْ يُكَرِّمَ اللهُ عَلَيْهم محمَّداً ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، هذِهِ الكَرامةَ، وعَمِيَتْ بَصائرُهم عَنِ الهُدى، وصَمَّموا على أَنَّ هذا ليسَ بِحَقٍّ، فقالوا هَذِهِ المَقالَةَ، ولا مانعَ مِنْ نُزولِ الآيةِ فيهم جميعاً، واللهُ أعلم.
قوله تعالى: {اللّهمَّ إنْ كان هذا هُوَ الحقَّ من عندك} اللّّهُمَّ: أَيْ يا اللهُ، حُذِفَتْ ياءُ النِداءِ مِنْ أَوَّلِهِ وَعُوِّضَ عَنْها الميمُ في آخِرِهِ. و "إنْ" أداةُ شرطٍ غيرُ جازمةٍ، و "كانَ" فعل ماض ناقص من النواسخ، و "هذا" اسمُها، و "هُوَ" فصلٌ، وقالَ الأخفشُ: "هو" زائدٌ، ومُرادُهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ فَصْلاً. و "الحقَّ" خبرُ "كان" منصوبٌ، والألفُ واللامُ فيه للعَهْد. ويجوزُ رفعُ "الحقّ"، على أنَّه خبرٌ و "هو" مبتدأٌ، وجملةُ "هو الحقُّ" خَبرُ كان, كما هو قولُ قيس بْنِ ذُرَيحٍ:
تَحِنُّ إلى ليلى وأنتَ تركتَها ............. وكنتَ عليها بالمَلا أَنْتَ أَقْدَرُ
فقد رفعَ "أقدرُ" على أنَّهُ خبر للمبتدأِ "أنت" والجملة خبرٌ ل "كنت". وهي لغةُ تميم.
وقولُهُ: {مِنْ عِندِكَ} حالٌ مِنْ مَعنى "الحقّ" أيْ: الثابت حالَ كونِهِ مِنْ عِنْدِكَ.
وقولُه: {مِنَ السَماءِ} مُتَعَلِّقٌ بالفِعْلِ قبلَه. ويجوزُ أنْ يكونَ صفةً ل "حجارةً" فيَتَعَلَّقُ بمحذوفٍ. وكأَنَّه أَرادَ أَنْ يُقالَ: فأَمْطرْ عَلَيْنا السِّجِّيلَ، فَوَضَعَ "حجارة من السماء" مَوْضِعَه، كَما تقولُ: صُبَّ عليه مسرودَةً مِنْ حديدٍ" تُريدُ: "درعاً"، وذلك للتأكيدِ، لأنَّ المسرودَ لا يكون إلاَّ مِنْ حَديدٍ كما أَنَّ المطرَ لا يكون إلاَّ مِنَ السماء. والظاهرُ أَنَّ الحكمةَ في قولِه "من السماء" هيَ مُقابَلةُ مجيءِ الحجارةِ مِنْ جهةِ السماءِ التي يقولُ إنَّ الوحيَ يَأتيهِ مِنها، أيْ: إنَّكَ تَذْكُرُ أَنَّ الوَحْيَ يَأْتيكَ مِنَ السَماءِ فَأْتِنا بِالعَذابِ مِنَ الجِهَةِ التي تدَّعي أَنَّ الوحي يَأْتيكَ منها، قالوا ذَلِكَ على جهة الاستهزاء والسخرية والعنادِ لأنَّهم كانوا يسْتبْعِدون ذلك منهُ.
قرأ العامَّةُ: {الحقَّ} بالنصب، وقَرَأَ الأَعْمَشُ وزَيدُ بْنُ عَلِيٍّ بِرَفْعها وقد تقدَّمَ توجيهُ ذَلِكَ في الإعرابِ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 16 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-27-2015 09:27 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 15 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-26-2015 08:54 PM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 14 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-26-2015 10:08 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 13 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-25-2015 10:20 AM
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 12 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 01-23-2015 09:31 PM


الساعة الآن 03:15 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir