أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           الحَمْدُ لله الذِي عَافَانِي في جَسَدِي ورَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وأَذِنَ لي بِذِكْرهِ           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-12-2014
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 127

وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ
(127)
قولُه ـ جَلَّ مِنْ قائلٍ: {وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ} تَقَدَّمَ أنَّ الملأَ: هُمُ السادةُ الأَشرافُ الذين يملؤون صُدورَ المجالِسِ، أو المليؤون بما يُرادُ منهم. أو الذين تملأُ النفوسَ هيبَتُهم. وقد يُقالُ أيضاً هُمُ الرَّهْطُ، والرَّهْطُ عَكْسُ "النَفَرُ" لأَنَّ كَلِمَةَ "النَفَرِ" تَعني: القِلَّةَ الفُقَراءَ الضُعفاءَ، أَمَّا الرَّهطُ فهم على العكسِ من ذلك تماماً.
فإن قيل: فما وَجْه إقدامهم على الإنكارِ على فِرْعونَ مَعَ عِبادَتِهم لَهُ؟ فالجوابُ: لأنهم رَأَوْا مِنْه خِلافَ عادتِهِ وعادةِ المُلوكِ في السَطْوَةِ بمن أَظْهَرَ العِنادَ وخالَفَ، وكان ذلك مِنْ لُطْفِ اللهِ بموسى ـ عليه السلامُ.
قولُه: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِويَذَرَكَ وآلِهَتَكَ} سَألَ هُؤلاءِ السَّادَةُ فِرْعَوْنَ، عَمَّا يَنْوِي فِعْلَهُ بِمُوسَى وَهَارُونَ وَقَوْمِهِمَا، وَهَلْ سَيَتْرُكُهْم يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ، وَيُضِلُّونَ الرَّعِيَّةَ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَإِلى تَرْكِ عِبَادَةِ فِرْعَوْنَ وَآلِهَتِهِ؟ "ويَذَرَكَ وآلِهَتَكَ" أي يدَع عبادتَك وعبادةَ آلهتِكَ، ويترُكَكَ ودينَكَ الذي هو دِينُنا؟. فقد أَخرجَ ابنْ جريرٍ الطبريُّ عن ابنِ عباسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ قال: لما آمنتِ السَحَرَةُ اتَّبَعَ مُوسى ـ عليه السلامُ ـ سِتُّ مِئةِ أَلفٍ مِنْ بَني إسرائيلَ.
وثمّةَ تَساؤلٌ آخرُ هُنا، وهو كيفَ يقولون: "آلِهَتَكَ" وقد أَقرّوا لَهُ بالأُلُوهِيَّةِ، وخَصُّوهُ بالعُبوديَّةِ؟ والجوابُ كما قالَ الحَسَنُ: كان لِفِرْعَوْنَ أَصْنامٌ يَعبُدُها وكانَ قومُهُ يَعبُدونَه، فقد كان فرعونُ يَعبُدُ ويُعبَدُ. وقال السُدِّيُّ: كان فرعونُ يَعْبُدُ ما يَسْتَحْسِنُ مِنَ البَقَرِ، ولذلكَ أَخْرَجَ السامِرِيُّ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ وقالَ هذا إلهُكُم وإلهُ مُوسى، وكان فرعونُ مَعْبوداً في قومِهِ. وقالَ الزَّجَّاجُ: بأنَّ هذه الآلهةَ كانتْ أَصناماً يَعبُدُها قومُهُ تَقَرُّباً إليْهِ.
وكان القِبْطُ مُشْرِكين يَعبُدونَ آلهةً مُتَنَوِّعَةً مِنَ الكواكِبِ والعَناصِرِ، وصَوَّروا لها صُوَراً عديدةً مختلفةً باختِلافِ العُصورِ والأَقْطارِ، وكان أَشهرَها "فتاح" وهو أَعْظَمُها عندَهم، وكان يُعْبَدُ بمدينةِ مَنْفيسَ، ومِنْها "رَعْ" وهو الشَمْسُ، وتَتَفَرَّعُ عَنْهُ آلهةٌ باعتبارِ أَوْقاتِ شُعاعِ الشَمْسِ. ومِنْها "ازبريس" و "إزيس" و "هوروس" وهذا عندَهم ثالوثٌ مجْموعٌ مِنْ أَبٍ وأُمٍّ وابْنٍ. ومِنها "توت" وهو القَمَرُ، وكان عندَهم رَبَّ الحِكْمَةِ، ومنها "أَمُون رع" فهذه هي الأَصنامُ المَشهورَةُ عندَهم، وهيَ أَصْلُ إضْلالِ عُقولِهم. وكانتْ لهم أَصْنامٌ فَرعيَّةٌ صُغْرى عديدةٌ مِثُل العِجْلِ "إيبَيس" ومثلُ "الجُعْران" وهو "الجُعلُ". وكان أعظمَ هذه الأصنامِ هو الذي يَنْتَسِبُ فِرْعَوْنُ إلى بُنُوَّتِهِ وخِدْمَتِهِ، فقد كانَ فرعونُ مَعدوداً ابْنَ الآلهةِ، وقدْ حلَّت فيهِ الإلهيَّةُ على نحوِ عَقيدةِ الحُلولِ، فهو المُنَفِّذُ للدِّين، وكان يُعَدُّ إلهَ مِصر، لذلك فقد كانت طاعتُه طاعةً للآلهةِ كما حكى الله تعالى عنه في سورة النازعات: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} الآية:24. وقال في سورة القصص: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} الآية: 38. واللهُ أَعْلَمُ.
وقرأ ابنُ عبّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنهُما: "وَيَذَرَكَ وَإِلاَهَتَكَ" فـ "إلاهَتَك" أيْ "عِبادتَك". وعلى هذه القراءة يَسْقُطُ السؤالُ ويَزولُ الإشْكالُ. وذكر ابنُ قُتَيْبَةَ في هذه القراءةِ تَأْويلاً ثانياً؛ بأنَّ الإلاهَةَ في لغةِ العربِ هي الشمسُ، واسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الأَعْشى:
وَلَمْ أَذْكُرِ الرُّعْبَ حَتَّى انْتَقَلْتُ ............... قُبَيْلَ الإِلاَهَةِ مِنْهَا قرِيباً
يَعني الشمسَ، فيَكونُ تَأْويلُ الآية: ويذَرَك َوالشمسَ حتى تُعبَدَ فعلى هذا يَكونُ السؤالُ مُتَوَجِّهاً عَنْه ما تقدَّم.
قولُه: {قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيي نِسَاءَهُمْ} تَوَعَّدَ فرعونُ مُوسى وقومَهُ بالاسْتِئْصالِ بِقَتْلِ الأَبْناءِ، والمُرادُ الرجالُ بِقرينَةِ مُقابَلَتِهِ بالنِّساءِ، والضميرُ المُضافُ إليه عائدٌ على مُوسى وقومِهِ، وإنَّما عَدَلَ عَنْ قَتْلِ مُوسى إلى قَتْلِ الأَبْناءِ لأنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لا يَقْدِرُ على قَتْلِ مُوسى، إمَّا لِقُوَّتِهِ، وإمَّا تَصَوُّرُهُ أَنَّه مَصروفٌ عنْ قَتْلِهِ، فعَدَلَ إلى قَتْلِ الأَبْناءِ لِيَسْتَأْصِلَ قَومَ مُوسى مِنْ بَني إسرائيلَ فيَضْعُفُ عنْ فِرْعَوْنَ.
وفي قوله: "وَنَسْتَحِيي نِسَاءَهُمُ" قولان، أوَّلُهُما: أَنَّ نُفَتِّشَ أَرْحامَهُنَّ فنَنْظُر ما فِيهِنَّ مِنْ الوَلَدِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الحَياءِ وهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْماءِ الفَرْجِ. وثانيهِما: أنَّ مَعناهُ: نَسْتَبْقيهِنَّ أَحياءَ لخدمتنا ومتعتنا فهُنَّ ضعيفاتٌ لا يستطعْنَ المُنازَعَةِ ويعْجَزْنَ عَنِ المُحارَبَةِ.
قولُه: {وإنّا فوقهم قاهرون} فيه استكبارٌ وطغيانٌ بما أوتي من قوة وقدرة على قهرِ قوم موسى واستحقارٌ لشأنِهم. وفيه اعتذارٌ مِنْ فِرعونَ للمَلإِ مِنْ قومِهِ عنْ إبطائه باستئصالِ مُوسى وقومِهِ، أَيْ: هُمْ لا يَقْدِرونَ أَنْ يُفْسِدوا في البِلادِ ولا أَنْ يَخْرُجوا عَنْ طاعَتي.
قولُه تعالى: {وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ} هذه الجملةُ: إمَّا أنْها عطفٌ على جملة: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ} سورة الأعراف، الآية: 123. أوْ على جملة {قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} سورة الأعراف:109. وإنما عُطفت ولم تُفْصَلْ لأنها خارجةٌ عنِ المحاورَةِ التي بين فرعون ومَنْ آمَنَ بموسى وآياته مِنْ قومه.
وقولُه: {أتذر موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ} أتذر: استفهامٌ مُسْتَعْمَلٌ في الإغراءِ بإهلاك مَوسى وقومِه، والإنكارِ على الإبْطاءِ بعقوبتهم. وموسى مفعولُ "تَذَرُ". و "لِيُفْسِدُوا" اللامُ للتعليل، وهو مبالغة في الإنكار إذ جعلوا ترك موسى وقومه معللا بالفساد، وهذه اللام تسمى لام العاقبة. وليست العاقبة معنى من معاني اللام حقيقة ولكنها مجاز: شبه الحاصل عقب الفعل لا محالة بالغرض الذي يفعل الفعل لتحصيله، واستعير لذلك المعنى حرف اللام عوضاً عن فاء التعقيب كما في قولِه تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} سورة القصص، الآية: 8.
وقولُه: {وَيَذَرَكَ} مُضارعٌ الأَظْهَرُ فيه أنَّهُ عَطْفٌ عَلى "لِيُفْسِدُوا" المنْصوبِ بلامِ التعليلِ فهو منصوبٌ مثلُه، ويجوزُ أَنْ يَكونَ مَنْصوباً على جَوابِ الاسْتِفْهامِ بإضمارِ "أن" بعدَ الواوِ في جوابِ الاسْتِفُهامِ فقد أجيب بالواو كما يجاب بالفاءِ، في نحو قَوْلِ الحُطيئةِ من (الوافر):
ألَمْ أكُ جَارَكُمْ ويكُونَ بَيْنِي .................. وبَيْنَكُمُ المَوَدَّةُ والإخَاءُ؟
والمعنى: كيفَ يَكونُ الجَمْعُ بين تَرْكِكَ مُوسَى وقومَهُ مُفْسِدينَ، وبينَ تَرْكِهم إيَّاكَ وعِبادَةِ آلِهَتِكَ؟، أي: لا يُمْكنُ وُقوعُ ذلك. هذا على قراءةِ النصب، أَمّا على قراءة الرفعِ "وَيَذَرُكَ" برفعِ الرَّاءِ، فإنَّ الأظهرَ فيها أنَّه عطفُ نَسَقٍ على "أَتَذَرُ" أي: أَتُطْلِقُ لَهُ ذلك؟. ويجوزُ أنْ يكون استئنافاً أيْ، إخبارٌ بذلك. كما يجوزُ أنْ يكون حالاً، وعليه فلا بُدَّ مِن إضْمارِ مُبْتَدَأٍ، فَيكون التقديرُ: وهُوَ يَذَرُكَ .
وهو على قراءة الجزم "وَيَذَرْكُ" إمّا أنْ يكونَ جزماً على التَّوهُّم، كأنَّه تَوَهَّم جَزْمَ "يُفْسِدُوا" في جوابِ الاستِفْهَامِ فعَطَفَ عَلَيْه بالجزمِ، كقوله تعالى في سورة المنافقون: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ من الصالحين} الآية: 10, بجزم "أَكُنْ". أو أنَّهُ تخفيفٌ كَقِراءَةِ أَبي عَمْرٍو: {يَنصُرْكُمُ} في الآية: 160من سورةِ آلِ عمران.
وقولُهُ: {فَوْقَهُمْ} مُسْتَعْمَلٌ مجازاً في التَمَكُّنِ مِنَ الشَيْءِ، وكلِمَةُ "فَوْقَهُمْ" مستعارة.
قرأَ عامَّةُ القرّاءِ "ويَذَرَكَ" بالغيبةِ، ونَصْبِ الرَّاءِ، وقرأَ ونعيمُ بن مَيْسَرَةَ والحَسَنُ في روايةٍ عنهُ: "وَيَذَرُكَ" برفعِ الرَّاء. والقراءةُ الثانيةُ للحَسَنِ وقراءةُ الأشهبِ العُقَيْلِيُّ: "وَيَذَرْكُ" بالجَزْمِ. وقرأ أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ "ونَذَرُكَ" بنونِ الجماعةِ ورَفْعِ الرَّاءِ، أي تَوَعَّدَ الملأُ فرعونَ بذلك، أوْ أنَّ الأمْرَ يؤولُ إلى ذلك فيكونُ خَبراً محْضاً.
وقرَأَ العامَّةُ "آلهَتَكَ" بالجَمْعِ. وقرأ عبدُ اللهِ والأعمشُ بما يُخالِفُ السَّوادَ: "ويَذَرَكَ وإلاهَتَكَ"، أي عِبادَتَك.
وقرأَ العامَّةُ {سنُقَتِّلُ} بضَمِّ النُونِ وفتحِ القافِ وتشديدِ التاءِ للمبالغةِ في القتل مبالغةَ كَثْرَةٍ واسْتيعابٍ، وقرأ نافع وابنُ كثير، وأبو جعفر: {سنَقْتُلُ} بفتحِ النونِ وسُكونِ القافِ وضَمِّ التاءِ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 174 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-05-2014 01:28 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 98 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-22-2014 03:38 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:46 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:41 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 96 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:33 AM


الساعة الآن 11:56 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir