أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           زوَّدك الله التقوى، وغفر ذْنبك ويسَّر لك الخير حيث ما كنت           
العودة   منتدى الإحسان > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 12-18-2009
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 19
نوح is on a distinguished road
بين يدي العام الهجري الجديد

بين يدي العام الهجري الجديد

إن تناول الهجرة في كتابات المهتمين بالقضايا الإسلامية أمر يفرض نفسه، لأن الهجرة ذاتها تفرض نفسها على الأحداث في التاريخ، لأن الأحداث البارزة في قضية الانتقال من مكان الى مكان آخر لا نستطيع الاقتراب منها لأن مسافة البعد ستكون شاسعة مهما يكن اتساع الخطوات نحوها، ثم هي فريدة في شكل الهجرات ومضمونها .


لم يحدث في التاريخ أن غادر أحد بلده وماله وداره وأهله والناس الذين يعرفهم الى بلد آخر لا يحمل إليه مالاً، وليس له فيه دار ولا أهل ولا أناس يعرفهم، ولم تكن له معهم ذكريات ولا تعرف المراسلات بينهم طريقاً، فالذين يهاجرون إنما يهاجرون في العادة لكسب مادي، أو لمنصب وظيفي، أو لاكتساب خبرة علمية في الدراسة والبحث تكون مفتاح خير له في مهجره أو حين يعود الى بلده، لكن الهجرة الإسلامية من مكة الى المدينة شيء مختلف تماماً لم يسبق له مثيل، ولم يلحقه مثيل .


قلة مؤمنة


فالمسلمون كانوا في مكة قبل الهجرة قليلي العدد، ومنهم الغني والفقير، ومنهم صاحب الجاه والسلطان، ومن لا جاه له ولا سلطان، والقاسم المشترك بينهم جميعاً هو الايمان بالله الواحد الأحد الذي بعث رسوله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالهدى ودين الحق، فوقعت رسالته من عقولهم وقلوبهم موقعاً تمكنت منه فلم يجدوا لها بديلاً عن عقيدة دينية، كانوا يعبدون الأصنام، وهي حجارة يصنعونها بأيديهم ثم يسجدون لها ويقربون لها القرابين، وبهذا يسخرون من عقولهم، وحين يؤذون من يتبع الدين الجديد يسخرون من عقل الانسان الذي كرمه الله به وميزه على الحيوان .


ولأن أغنياء مكة وسادتها كانوا يدافعون عن سلطتهم ومناصبهم فلم يؤمن منهم بالدعوة الجديدة إلا القليلون، ولكن الغالبية من المؤمنين هم من ضعاف الناس وأوساطهم وفقرائهم في مكة، ومنهم العبيد الذين وجدوا حريتهم في الدين الجديد الذي يحترم عقل الإنسان، وهؤلاء جميعاً احتملوا الكثير والكثير من جبروت السادة والأغنياء وهم ينزلون بهم التعذيب ألواناً يضج منها الإنس والجن، لكن أحدا من المعذبين لم يستسلم لجبروت الطغيان واستمسكوا بدينهم الذي وجدوا فيه شخصيتهم، وكان من أهل مكة مستضعفون يدارون دينهم وعباداتهم بعيداً عن أعين الطغيان والظلم، لكنهم يجدون في هؤلاء المعذبين مثالاً حياً قوياً يعيش في باطنهم، فيقوى استمساكهم به حتى تحين لهم فرصة الإعلان .


ثلاثة عشر عاماً قضاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو أهل مكة الى دين الله فاضطهدوه وآذوه وبالغوا في تعذيب الذين اتبعوه، فلما كانت الهجرة من مكة الى يثرب وقد أذن الله بها، أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهجرة، فغادروا مكة متخففين من المال والمتاع لا يبغون إلا جواً إيمانياً يمارسون فيه عبادتهم لله وحده، ولا يهمهم بعد ذلك المال والأهل والدار وصحبة الليالي والأيام وذكريات الصبا والشباب في دروب مكة وشعابها، ولما غادر من غادر من أهل القدرة على الارتحال هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقود مسيرة الإيمان من الموقع الجديد بعيداً عن الأذى والتعذيب والتعنيف، وقد ترك وراءه في مكة أناساً مستضعفين مقهورين على إخفاء إيمانهم، فهم يعيشون في هذا البلد بأجسادهم، أما قلوبهم فهي تهفو الى هناك، حيث تُحدث مسيرة الإيمان تقدماً ملحوظاً .


هجرة القلوب


هذه الهجرة صار للمسلمين بها جوار آمن، عقدوا بموجبه معاهدة الأمن والسلام، وبهذا اكتملت للمهاجرين والأنصار عناصر الوجود الدولي فيما بينهم، تأسست دولة آمنة بتشريعات أقامت مجتمعهم على عمد قوية ثابتة، ونظمت معاملاتهم على أساس من العدل والمساواة فيما بينهم وبين غيرهم .


لقد كانت الهجرة هجرة قلوب قبل أن تكون هجرة أبدان، وعند الله سبحانه وتعالى لا تقع هجرة الأبدان موقعها إلا إذا كانت تلبية لهجرة القلوب المؤمنة المستوعبة لأوامر الله ونواهيه، وهكذا كانت هجرة الرسول وصحبه .


ولقد نوه القرآن الكريم بحادث الهجرة، فذكر الدرجات التي أنعم الله وينعم بها على المؤمنين، واعتبر القرآن الكريم الهجرة فرضاً دينياً، وواجباً في حينه حتى كان مصير من تخلف عنه مع قدرته عليه، مصير من ترك الفروض الدينية من عقائد وعبادات، يقول عز سلطانه: “إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً” (النساء: 97) .


إن الهجرة النبوية في واقع الأمر، هي ضم للعناصر المجاهدة بعضها الى بعض، فهي نوع من التكتل الذي تنجح به الأمم وتقوى شوكتها، ولقد تكتل المهاجرون أبناء مكة مع الأنصار سكان المدينة (يثرب) وكونوا جميعاً كتلة واحدة قوية متماسكة .


تلك القوة المؤمنة التي أقامت الحق على قواعد مستقرة راسخة في آفاق الأرض، لا تتزعزع ولا تضعف، تنشر المحبة، وتعلي راية السلام .


نصر من الله


لقد كانت الهجرة كما هي في نصوص القرآن الكريم نصراً من الله لرسوله وللمؤمنين بوعد الله، وفي هذا يقول عز سلطانه: “إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا” (التوبة: من الآية 40) .


لا تحزن إن الله معنا يا له من إيمان عميق امتلأ به قلب أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد سماعه: لا تحزن لا تحزن إن الله معنا . . يأتي في نص الآية الكريمة من سورة التوبة: “فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم” (التوبة: 40) .


وتأتي الآية التالية لها قول الله تبارك وتعالى: “انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون” (التوبة: 41) .


إن ما توحي به الهجرة النبوية وذكرياتها ذكريات العزة والوحدة والتضامن والتآزر بين المسلمين، ولابد من الاشارة إلى ما جاء على لسان الأخوة القساوسة في سويسرا .


فلقد جاء على لسانهم ما يفيدنا نحن العرب والمسلمين اليوم ذلك بالحث على التضامن ووحدة الكلمة، والمسلمون يرحبون بكل كلمة هادفة، وبكل قول أو عمل بناء .


المسلم الحق يستجيب لدعوة الحق ويشارك في كل عمل يهدف إلى اقامة موازين العدل بين الأمم والشعوب مهما تباينت أجناسها وألوانها وأديانها .


إن الهجرة تملي على دعاة الخير والفضيلة والأخلاق، دعاة الايمان والحرية، دعاة الحق والعدالة، دعاة الأمن والسلام، واجبهم في مكافحة الشر والعدوان، ومحاربة الوثنية السياسية والاجتماعية والأخلاقية ما دام في البشرية قلوب تنبض بالايمان، وأفئدة يملؤها حب الخير للناس .


إن حادث الهجرة النبوية صد وأوصد الأبواب من أن يتجه الناس إلى سبل الشر والشقاء .


وحادث الهجرة مهد السبل والطرق إلى فعل الخير .


وفعل الخير والبر بين أجناس البشر يؤدي إلى أن يقطفوا ثمار السعادة والمودة والألفة والاخوة الانسانية .


إن من نتائج الهجرة وايحاءاتها أنها نبذت من قلوب المؤمنين المخلصين عبادة الأوثان والأصنام سواء كانت من حجر أو من بشر، وأصبح المؤمن لا يخاف إلا من الله عز وجل، ولا يرهب من أحد سواه .


الهجرة النبوية اتجهت بقلوب المؤمنين نحو العبادة لله وحده والاستغناء به، وبذلك نال المؤمنون النجاة والفلاح، وهكذا فدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت مثار عداء من قريش وأحزابها، إلا أن النصر كان حليف أهل الحق فانتصر المسلمون، وهكذا تنجح المبادئ السليمة وتستقيم الطرق العادلة القويمة .


هذه الايحاءات والمعاني ينبغي أن تمتلئ بها قلوبنا كلما جاءت ذكرى حادث الهجرة، بل كلما قرأنا السيرة النبوية المطهرة .


دين العدالة والحرية


إن البقاء الدائم لا يكون إلا لدعوات توافرت فيها، وضمنت لديها قواعد العدالة والحرية وشرف الإنسان وكرامته، وقد توفرت هذه الضمانات مع مكارم الأخلاق ورفيع القيم في شخص صاحب الهجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما أشبه عيد الهجرة وذكراها اليوم بالأمس .


ففي يومنا يعاني العالم أجمع من التظالم والتطاحن والمروق من أي قواعد شريفة، أو منطلقات حكيمة، ولذلك فإننا نأمل من كل الشرفاء في العالم، أن يضعوا أمامهم ايحاءات هجرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي أقام صرح الوحدة الانسانية والتآلف والتسامح والترابط وعقد لواء الاخوة بين الناس أجمعين .


لقد فتح القرآن الكريم للعرب والمسلمين، والانسانية قاطبة آفاقاً واسعة من التعاون على البر والتقوى، وقد سجلها التاريخ بمداده الذهبي .


هذا وإن الهجرة النبوية الشريفة قد فتحت أبواب الحرية للناس أجمعين، وأقامت موازين العدل والقسط بين الناس، وقد سلك المسلمون عبر تاريخهم الطويل آفاقاً فسيحة في عالم يملؤه الخير والسلام والاطمئنان .


فلنتوجه إلى الله بالدعاء أن يشد من أزرنا ويرزقنا جميعاً شجاعة الرأي وعزيمة اليقين وصبر المؤمنين المحتسبين .


وفي ضوء هذه الذكرى الجليلة نرفع آيات التهاني وصادق المحبة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى نائبه الكريم وولي عهده الأمين واخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وإلى الشعب الكريم في الإمارات والمقيمين بهذه الأرض الطيبة، وإلى الرعاة والرعية كافة في عالمنا الاسلامي، والزعماء والشعوب المحبة للسلام في أرض الله الواسعة .


نرفع لهم جميعاً آيات التهاني بهذه الذكرى العظيمة، داعين الله العلي القدير أن ينتفع الجميع بما في هذه الذكرى من معاني النبل والخير والإحسان .


وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


· مستشار الشؤون القضائية والدينية –


· عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-23-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: بين يدي العام الهجري الجديد

لقد كانت الهجرة هجرة قلوب قبل أن تكون هجرة أبدان، وعند الله سبحانه وتعالى لا تقع هجرة الأبدان موقعها إلا إذا كانت تلبية لهجرة القلوب المؤمنة المستوعبة لأوامر الله ونواهيه، وهكذا كانت هجرة الرسول وصحبه
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-09-2012
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: بين يدي العام الهجري الجديد

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سيدنا مُحَمَّدٍ صَلاَةً تَكُونُ لَكَ رِضَاءً وَلِحَقِّهِ أَدَاءً وَأَعْطِهِ الْوَسِيلَةَ وَالْمَقَامَ الَّذِي وَعَدْتَهُ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 11-10-2012
  #4
فراج يعقوب
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,269
معدل تقييم المستوى: 17
فراج يعقوب is on a distinguished road
افتراضي رد: بين يدي العام الهجري الجديد

جزاك الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
__________________
اللهم صل على سيدنا محمد صاحب الكوثر صلاة لاتعد ولاتكيف ولاتحصر ننال بها الرضوان الأكبر وجواره يوم المحشر وعلى آله وسلم
فراج يعقوب غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جواز الاحتفال بالعام الهجرى الجديد ضياء الروح المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 0 10-26-2014 10:59 AM
أهمية الاحتفال بالعام الهجرى الجديد ضياء الروح المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 0 10-13-2014 07:24 PM
وقفات مع العام الجديد حمامة المدينة المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 6 11-01-2013 01:33 PM
بمناسبة العام الهجري الجديد 1434 كل عام وانتم بخير عبدالقادر حمود المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 2 11-18-2012 11:37 PM
بمناسبة العام الهجري الجديد 1433 كل عام وانتم بخير عبدالقادر حمود المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 4 11-28-2011 07:43 PM


الساعة الآن 09:59 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir