في عالمنا المعاصر، لا يتردد كثير من الناس في تناول زجاجة أو علبة من المشروبات الغازية مرة واحدة على الأقل في اليوم، ولن يكون مفاجئاً أن ندرك أن استهلاكنا من المشروبات الغازية قد تضاعف منذ سنة 1985 حتى الآن من 19 غالوناً لأكثر من 25 غالوناً في السنة .

ولكن هل المشروبات الغازية السكرية شديدة الخطورة بحيث يجب أن تكون مصحوبة بنشرة تحذيرات طبية؟ هذا الأمر قد يبدو مثيراً للمخاوف، خاصة إذا علمنا أن الأبحاث الطبية الحديثة أفرزت نتائج مقلقة .








قد توصل عالم البيولوجيا المرموق الدكتور هانس بيتر كوبيس، الذي أكمل مؤخراً دراسة عن تأثيرات المشروبات الغازية وما تفعله بأجسادنا، إلى بعض النتائج المذهلة، وعندما تقرأ ما اكتشفه فانك قد تقرر عدم لمس هذه المشروبات مرة أخرى .

فالاستهلاك المعتدل علبة واحدة في اليوم أو اثنتين فقط في الأسبوع من المشروبات الغازية قد يغير نمط الأيض (الاستقلاب) الخاص بنا بحيث يزداد وزننا .

ويبدو أيضاً أن هذه المشروبات تزيد من مخاطر الأمراض القلبية وفشل الكبد وضغط الدم .

وبالنسبة إلى الأطفال، يربط العلماء المشروبات الغازية بالمواد المحببة التي تتحول الى إدمان مثلما يحدث في الأطعمة السريعة .

وهنالك دول مثل فرنسا والدنمارك تعتزم فرض ضرائب على المشروبات الغازية لتقليل الاستهلاك .

وفي الولايات المتحدة، تدعو نحو 100 منظمة طبية وخاصة بحقوق المستهلكين وزير الصحة للتحقيق في الآثار الصحية للصودا والمشروبات السكرية الأخرى .

المشروبات الغازية ومشكلاتها الصحية

تتستر المشروبات الغازية السكرية بهيئات متعددة تبدأ بالمشروبات الفوارة “البريئة” ولا تنتهي بالمشروبات التي تدعي أنها “صحية” والمشروبات الرياضية (مشروبات الطاقة) .

ومن الواضح أننا نحب المشروبات الغازية . بيد أن البراهين الطبية التي تؤشر لسلبياتها، باتت تتزايد على نحو مقلق .

وفي الأسبوع الماضي أشار بحث إلى أنها قد تتسب بزيادة الوزن ومشكلات صحية طويلة الأمد إذا تم تناولها كل يوم لفترة أقل من شهر .

وذكر البحث الذي أجرته جامعة بانغر في ويلز، أن المشروبات الغازية تسهم بالفعل في تغيير عملية الأيض، وتجعل عضلاتنا تستخدم السكر للطاقة بدلاً من حرق الدهون .

ويبدو أن التعرض للسكر السائل يجعل جينات في عضلاتنا تغير سلوكها، ربما للأبد .

ويقول الباحثون إنه وبالإضافة لمراكمتها للوزن الزائد، فإن المشروبات الغازية تسهم أيضاً في تقليل كفاءة الأيض، وتقليص مقدرته على التكيف مع زيادات سكر الدم .

وهذه السلبيات تؤدي بدورها لزيادة مخاطر سكري النمط 2 .

ويقول العالم البيولوجي الدكتور هانز كوبيس: “بعد اطلاعي على كل البراهين الطبية، بت لا أقرب المشروبات الغازية حالياً، وأعتقد أن هذه المشروبات بسكر إضافي تصبح بصراحة، شيطانية” .

وبحث جامعة بانغر هو الأحدث في سلسلة طويلة من التقارير التي تحذر من العلاقة بين المشروبات الغازية والمشكلات الصحية الخطرة .

وعلى سبيل المثال، ذكرت دراسة أجريت في مارس/ آذار الماضي - أن الرجال الذين يشربون علبة معيارية “12 أونصة” من مشروب مُحلى بالسكر يومياً، تزداد نسبة تعرضهم لمخاطر الإصابة بأمراض قلبية 20 % مقارنة بالرجال الذين لا يشربون أي مشروبات محلاة بالسكر .

وهذا البحث الذي نشر في مجلة الجمعية الأمريكية للقلب، رصد العادات الغذائية لأكثر من 42 ألف رجل في فترة امتدت ل 22 عاماً .

وقد كشفت فحوص الدم التي أجريت لهؤلاء الرجال أن عشاق المشروبات الغذائية لديهم مستويات عالية من الالتهاب الضار في أوعيتهم الدموية، ومستويات قليلة من الكوليسترول الجيد “HDL” .

وأشارت الدراسة لحساسية السكر الناجمة من المشروبات الغازية باعتبارها مسؤولة عن هذه السلبيات الصحية .

هذه الزيادة المفاجئة في عبء السكر في الجسم قد تفسر نتائج البحث الذي وجد أن تناول مشروبين غازيين “عيار كل واحد منهما 330 مل” في الأسبوع، يضاعف مخاطر الإصابة بسرطان البنكرياس .

ووفقاً لدراسة أوروبية، قد تتسبب المشروبات الغازية التي تحتوي على مستويات عالية من عصير الفواكه في الإصابة بتلف حاد طويل الأمد في الكبد .

وقد ذكرت الأبحاث أن الناس الذين يشربون علبتين من هذه المشروبات يومياً، ازدادت أرجحية تعرضهم لمرض تضخم الكبد 5 أضعاف . والمعروف أن تضخم الكبد يعد من مؤشرات وإنذارات الإصابة بتليف الكبد وبسرطان الكبد .

وفي مجلة “طب الكبد” حذر الباحث الرئيس الدكتور نمر عاصي من إمكانية إرباك المستويات العالية من فركتوز سكر الفواكه التي تحتويها المشروبات لعمل الكبد، وبالتالي دفعها لمراكمة الدهون .

وهنالك عدة أبحاث خرجت بنتائج تعتبر الأكثر إقلاقاً، وأشارت لتسبب المشروبات السكرية في تعريض الأطفال لعاصفة من مهددات السمنة .






تأثير المشروبات الغازية في الأطفال

في العام ،2008 اكتشف باحثون في مركز كلية لندن الجامعية الخاص بدراسات السلوكيات الصحية، حجم تأثير وإغراء المشروبات الغازية السكرية في صغار السن .

ووجدت الدراسة التي أجراها باحثو كلية لندن الجامعية على 346 طفلاً عمر أغلبيتهم نحو 11 عاماً أن تناولهم للمشروبات الغازية جعلهم يرغبون دائماً في شرب المزيد منها، حتى حينما لا يكونون حقيقة عطشى، واكتشف الباحثون أيضاً أنهم يفضلون المشروبات المحلاة أكثر .

ولم يظهر الأطفال الذين تناولوا خلال التجارب المياه أو عصير الفاكهة هذه الحاجة غير الضرورية للشرب .

وقد أبدى الباحثون قلقهم من أن يؤدي ذلك لإرساء عادات تدوم مدى الحياة وسط هؤلاء الأطفال على الأخص، جعلهم يفضلون طعم المواد السكرية من دون تعويض للسعرات الحرارية الزائدة بتناول مقدار قليل من الطعام .

وتشير دراسات أحدث لإمكانية إسهام المشروبات الغازية في إمالة ذوق وشهية الأطفال نحو الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والأملاح .

وفي بدايات العام الجاري، أجرى باحثو جامعة أوريغون بحثاً، أماط اللثام عن قسم من هذه الظاهرة المقلقة .

وكشفت هذه الدراسة التي شملت 75 طفلاً راوحت أعمارهم بين 3 و5 أعوام، أن الأطفال الذين تلقوا مشروبات غازية تفادوا تناول خضراوات كالجزر والفلفل الأحمر، ومالوا لأكل أطعمة غنية بالسعرات الحرارية مثل البطاطس . وهذا لم يحدث عندما منح الأطفال مياه لكي يشربوها .

هذه الدراسة سبقها بحث أعده أطباء قلب في جامعة لندن، وخرج بنتيجة مفادها تفضيل الأطفال والمراهقين الذين يكثرون من استهلاك المشروبات المحلاة للاطعمة الغنية بالملح .

ويعتقد الدكتور كوبيس أن السوائل السكرية لا تكتفي بتغيير السلوكيات الغذائية لأجسادنا فحسب، بل تعمل كذلك على تقوية وتدعيم الاستجابات المماثلة للإدمان .

ويقول الدكتور كوبيس: “يمتص الجسم السوائل السكرية بسرعة شديدة لأنها تؤخذ بسهولة في أغشية المعدة، وهذا التناول السريع يطلق استجابات المتعة في الجسم، وفي ذات الوقت تتقلص رغبة الدماغ في تذوق مغذيات كالفيتامينات أو المعادن، وهذا ما يجعل هذه المشروبات السكرية، “إدمانية” بدرجة كبيرة” .

ويضيف “يوجد تداخل كبير بين المسلك الإدماني للعقاقير واستهلاك الأطعمة المحلاة” .

وأشار إلى أنه “في التجارب المعملية، أصبحت الفئران التي جعلها الباحثون مدمنة لمخدر الكوكايين تفضل الحصول على مشروبات سكرية بدلاً من الكوكايين” .

ويرى الدكتور كوبيس أن عادات تناول المشروبات السكرية لا تعتبر بالضرورة إدماناً “لأننا لا نعاني جميعاً أعراضاً انسحابية حينما نمتنع عن تناول المشروبات السكرية”، بيد أن الأمر قد يختلف مع الأطفال لأن ثمة براهين متنامية تدل على السلوك الغذائي الإدماني عند الأطفال . وذلك لأننا نلاحظ أن الأطفال يشعرون بضيق وكدر وتنتابهم نوبات غضب إذا منعوا من استهلاك المشروبات الغازية والمحلاة .

ويقول الدكتور كوبيس إن الأمر المحزن هو قلة الرغبة في التحول من المشروبات السكرية للبدائل الصحية مثل الليمونادة الفوارة أو مشروبات عصير الفواكه الحقيقية .

وحتى حينما يتعلق الأمر بالمشروبات الرياضية “الصحية”، يكون البرهان أنها ليست فقط مجرد ضياع للمال لأنك لا تحتاج لها لكنها قد تكون مؤذية .

تأثيرات السكر وحامض الليمون

حذرت دراسات أجرتها جامعات هارفرد وأكسفورد من احتواء الماركات الشعبية الشهيرة على مقادير كبيرة من السكر والسعرات الحرارية التي تحفز زيادة الوزن .

ومن أبرز سلبيات المشروبات الغازية، التلف الذي يمكن أن تسببه هذه المشروبات على الأسنان . وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة صحة الأسنان في يونيو/ حزيران الماضي أن الكولا تتسم بتأثير تآكلي أقوى 10 مرات من تأثير عصير الفواكه في الدقائق الثلاث الأولى من شربها .

ويقول العلماء إن حامض الليمون، أو “سيتريك أسيد” يعد من أبرز مسببات هذه المشكلة .

وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة الأسنان البريطانية أن صناعة المشروبات تنفق ملايين الجنيهات لكي تقصفنا بإعلانات وترويجات باهظة الثمن تهدف لزرع صور ذهنية في أدمغتنا مفادها تعزيز منتجاتها للصحة السليمة وتميزها بالمتعة والمرح . ولعل الكثيرين يلاحظون دعايات المشروبات الغازية المرافقة للمناسبات الرياضية سواء كانت على المستويات المحلية أو العالمية مثل بطولة كأس العالم أو الأولميبادات العالمية .

وقد أنفقت إحدى الشركات التي تحمل علامة كبيرة أكثر من 100 مليون جنيه استرليني فقط لكي تحصل على امتياز حصري يخول لها الانفراد بتسويق منتجاتها في دورة الألعاب الأولمبية في “لندن 2012” .

وفي إحدى المناسبات قال الرئيس التنفيذي الرحل لشركة كوكا كولا روبرتو غويزويتا: “في النهاية لن يكون المشروب الأول في العالم هو الشاي أو القهوة أو النبيذ أو البيرة، بل سيكون المشروب الغازي . . مشروباتنا نحن” .

أمراض متعددة

توصلت عدة دراسات إلى أن تأثير المشروبات الغازية يتجاوز في كثير من الأحيان مشكلات البدانة وتسوس الأسنان إلى أمراض خطرة قد تسبب نتائج كارثية على صحة الجسم . فقد وجدت دراسة أجراها باحثون مني جامعة (اديليد) أن المشروبات الغازية قد تزيد خطر الإصابة بالربو وبمرض الانسداد الرئوي المزمن .

ووجد الباحثون من خلال مراقبتهم 17 ألف شخص يزيد عمرهم عن ال 16 عاماً، أن من يستهلكون المشروبات الغازية والمياه المعدنية المنكّهة هم أكثر عرضة للإصابة بالربو وبالانسداد الرئوي المزمن .

وتبيّن أن أكثر من 10% ممن شملتهم الدراسة قالوا إنهم يشربون أكثر من نصف لتر من المشروبات الغازية يومياً .

وظهر أن 3 .13% من المصابين بالربو و6 .15% من المصابين بالانسداد الرئوي المزمن، استهلكوا أكثر من نصف لتر من المشروبات الغازية في اليوم .

ووجدت الدراسة أن من يستهلكون هذه الكمية من المشروبات الغازية هم أكثر عرضة ب 2 .1 مرة للإصابة بالربو و7 .1 مرة للإصابة بالانسداد الرئوي المزمن، مقارنة بمن لا يستهلكون هذه المشروبات .

وقال الباحث المسؤول عن الدراسة زومين شي إن “دراستنا تؤكد أهمية الأكل والشراب الصحيين في منع الإصابة بالأمراض المزمنة مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن” .

وأشار العلماء إلى أن الخطر مرتبط بالكمية المستهلكة من المشروبات، أي أنه كلما زادت الكمية زاد هذا الخطر .

وأوضحوا أن تناول الكمية المذكورة من المشروبات الغازية مع التدخين يزيد خطر الإصابة بالمرضين التنفسيين 6 .6 مرة .

كما وجدت دراسة أخرى أن تناول المشروبات الغازية المخصصة للحمية على أساس يومي قد تزيد خطر الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب وموت الأوعية الدموية .

ووجد الباحثون بجامعتي “ميامي ميلر”، و”كولومبيا” أن التناول الدائم للمشروبات الغازية العادية والتناول الأكثر اعتدالاً للنوع المخصص للحمية منها، لا يبدو مرتبطاً بزيادة الأخطار المتعلقة بالأوعية الدموية .

وحلل العلماء بيانات ل 2564 شخصاً بالمعهد الوطني للصحة، ووجدوا أن الذين تناولوا المشروبات الغازية المخصصة للحمية على أساس يومي كانوا أكثر عرضة 43% للأخطار المتعلقة بالأوعية الدموية .

لكن تبيّن أيضاً أن من يتناولون بشكل خفيف هذه المشروبات، وكذلك النوع العادي منها ليسوا أكثر عرضة للإصابة بمشكلات في الأوعية الدموية وبالتالي للسكتات الدماغية والأزمات القلبية .

وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة هانا غاردينر إن “نتائجنا تظهر ارتباطاً محتملاً بين استهلاك المشروبات الغازية المخصصة للحمية والمحصلات المتعلقة بالأوعية الدموية . . لكن آلية التأثير لا تزال غير واضحة، فهناك حاجة لمزيد من البحث قبل وضع أي استنتاجات” .

كما قال باحثون أمريكيون إن تناول المشروبات الغازية القليلة السعرات الحرارية يومياً قد لا تزيد السعرات الحرارية في جسم متناولها لكنها قد تزيد في المقابل خطر إصابة من يشربونها يومياً بالجلطات الدماغية .

وقالت باحثة المسؤولة عن الدراسة في جامعة “ميامي ميلر” للطب، هنا غاردنر “وجدنا في دراستنا ارتفاعاً ملحوظاً بخطر الإصابة بالجلطات الدماغية بين من يتناولون يومياً المشروبات الغازية المنخفضة السعرات الحرارية وليس العادية منها” .

وأضافت أن السبب لا يزال غير معروف حتى الآن .

وأجرت غاردنر وزملاؤها دراستهم على 2564 شخصاً معدل أعمارهم 69 عاماً، وبعد 9 سنوات من المتابعة، سجلت 559 حالة من الجلطات الدماغية .

ووجد الباحثون أن التناول اليومي لهذا النوع من المشروبات الغازية يزيد خطر الإصابة بالجلطات الدماغية بنسبة 61% .

ومقارنة بتأثيرها في الرجال، وجدت دراسة لجامعة أوكلاهوما الأمريكية أن تناول المشروبات الغازية المحلاة اصطناعياً يومياً قد يعزز خطر إصابة النساء بأمراض القلب والسكري حتى وإن لم تتسبب لهن بزيادة في الوزن .

ووجد الباحثون الذين أجروا هذه الدراسة أن المخاطر التي تنتج عن المشروبات المحلاة اصطناعياً بما في ذلك المشروبات الغازية، قد يكون لا علاقة لها بزيادة الوزن التي يمكن أن تتسبب بها هذه المشروبات .

ووجد الباحثون أن النساء في منتصف العمر اللواتي يتناولن عبوتين أو أكثر من هذه المشروبات في اليوم الواحد هن أكثر عرضة 4 مرات لارتفاع الدهون الثلاثية الخطرة في دمهن، ولارتفاع معدلات السكر في الدم لدى مقارنتهن بنساء تناولن كميات أقل من المشروبات .

كما لا حظ العلماء أن النساء اللواتي تناولن كوبين أو أكثر في اليوم الواحد، عانين أكثر دهون البطن، لكن ليس بالضرورة زيادة الوزن، وتسبب دهون البطن أخطاراً صحية أكثر مقارنة بالدهون في أنحاء أخرى من الجسم ويمكن أن تنتج هرمونات ومواد أخرى تؤثر سلباً في ضغط الدم والكولسترول وإنتاج الأنسولين .

وإن جمعت هذه المخاطر معاً تحدث ما يعرف بمتلازمة الأيض، وهي مجموعة من عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والسكري والسكتات الدماغية .

وقد قيمت الباحثة كريستينا شاي المسؤولة عن الدراسة وزملاؤها عادات الشرب لدى قرابة 4200 امرأة ورجل تراوح أعمارهم بين 45 و84 عاماً لم يكن أحد منهم يعاني أمراض القلب بداية في العام 2002 .

وقاس العلماء وزن، ومحيط خصر، ومعدلات الكولسترول، والدهون الثلاثية، والسكر في الدم، على مدى 5 سنوات .

وتبيّن أن النساء اللواتي شربن عبوتين أو أكثر يومياً من المشروبات المحلاة اصطناعياً كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري مقارنة بمن شربن أقل من عبوة واحدة من هذه المشروبات يومياً، حتى في حال عدم وجود زيادة في الوزن .

ولم تلحظ النتائج نفسها عند الرجال .

الحملات المضادة

ولكن رغم كل الإغراءات وكل ما تفعله الشركات الكبرى المنتجة للمشروبات الغازية لتسويق منتجاتها في مختلف أنحاء العالم، إلا أنه يمكن القول إن الفترة الراهنة تشهد حركة مضادة -متنامية على المشروبات غير الكحولية التي تشمل المشروبات الغازية والعصائر المحلاة ومشروبات الطاقة . . . إلخ . وفي بدايات هذا الشهر طالبت عدة منظمات ومؤسسات صحية مرموقة في الولايات المتحدة وزير الصحة بالتحقيق في التأثيرات الصحية للصودا “المياه الغازية” والمشروبات الصحية الأخرى .



وتقول هذه المؤسسات والمنظمات الصحية إن المشروبات الغازية تؤدي دوراً محورياً في مشكلة السمنة في الولايات المتحدة، وترغب هذه المنظمات في أن يجري وزير الصحة دراسة موسعة حولها، تكون مشابهة في حجمها وتأثيرها للتقرير الشهير الذي أصدره وزير الصحة بشأن مخاطر التدخين في العام 1964 .

وأصدرت كاثلين سيبيليوس، حاكمة ولاية كنساس السابقة، والتي كانت تتحدث بالنيابة عن الجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان بياناً، قالت فيه إن إصدار تقرير شامل ومحايد يتعلق بتأثيرات المشروبات السكرية المحلاة ربما يكون بإمكانه أن يسهم في تغيير سلوكيات الناس في ما يتعلق بإختياراتهم من الأطعمة والمشروبات” .

وفي الآونة الأخيرة بدأ بعض المشرعين والمسؤولين يتحركون، ففي شهر مايو/ أيار المنصرم، أعلن عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ فرض حظر على بيع كراتين المشروبات التي تتجاوز حمولتها 16 أونصة “واحد غالون” .

وفي السنة الماضية، فرضت الحكومة المجرية ضريبة على الأغذية والمشروبات غير الصحية .

وفي بدايات العام الجاري، فرضت فرنسا ضريبة على المشروبات المحلاة بعد أن كشفت دراسة أن أكثر من 20 مليوناً من مواطنيها باتوا من ذوي الوزن الزائد .

وفي بريطانيا يضغط باحثون وخبراء من أجل فرض ضريبة مماثلة على المشروبات الغازية والمحلاة للحد من السمنة .

وبالطبع يجابه تصور أو فكرة فرض ضريبة على المشروبات الغازية ومثيلاتها بمعارضة قوية من قبل جمعية المشروبات الخفيفة البريطانية .

ويقول ريتشارد لامينغ المتحدث باسم الجمعية إن المشروبات الخفيفة، حالها كحال أي أغذية أو مشروبات أخرى، يمكن استهلاكها باعتدال باعتبارها جزء من نظام غذائي متوازن، ولا يوجد سبب لفرض ضريبة عليها . وقد بات مصنعو المشروبات الخفيفة في المملكة المتحدة يزيدون إنتاجهم من فئات المنتجات قليلة السكر .

وأبدى لامينغ عدم اكتراثه بالنتائج التي توصلت لها جامعة بانغر مؤخراً، وقال: “دراسة جامعة بانغر لم تدم أكثر من 4 أسابيع ولم تشمل سوى عدد ضئيل من الناس لم يتجاوز عددهم أكثر من 11 شخصاً . هذه ليست أسس ترتكز عليها إدعاءات تتعلق بآثار تدوم مدى الحياة” .

من جانبه أقر الدكتور كوبيس بمحدودية الدراسة وقال إنه يعمل لتنفيذ تجربة بحثية أكبر للتأكد من نتائجها لدى الناس الذين بدأوا يستهلكون مقادير كبيرة من المشروبات الغازية المحلاة .

السكر: الخطر الأكبر المخبأ في علبة الكولا

يقول الأطباء إن الخطر الأكبر الكامن في الكولا لا يأتي من الإضافات المخفية كالنكهات أو الألوان بل من السكر .

فالإفراط في السكر يؤدي للسمنة التي تعتبر السبب الرئيس للسرطان في العالم الغربي .

وإضافة إلى ذلك يزيد الاستهلاك المفرط للسكر من مخاطر الإصابة بسكري النمط ،2 ويسبب أمراض القلب ويرفع مخاطر التعرض للسكتات . وفي التجارب المختبرية -التي تجرى على الحيوانات-، يربط الأطباء الاستهلاك المفرط للسكر مع الإصابة بالاكتئاب، وضعف الذاكرة واختلالات التعلم ونخر واهتراء الأسنان .

ويقول العلماء إن أي علبة كولا عادية تحتوي على ما يعادل ملء 8 ملاعق شاي، من السكر، وعندما تشرب هذه الكمية الكبيرة من السكر بسرعة شديدة، يتعرض جسمك لفورة سكر شديدة . وسكر القصب والبنجر الذي يستخدم في الكوكا كولا يستهلكه الجسد بسرعة، وبعدها يختبر الجسم هبوطاً سريعاً في الطاقة، مما يؤدي لاشتهاء مزيد من السكر .

ما الذي تحتويه مشروباتك المفضلة؟

قد تصاب بصدمة عندما تعرف كم هي كمية السكر التي يحتويها مشروبك الغازي المفضل، كما تقول خبيرة التغذية جولييت كيللو .

وترى كيللو أن ما يثير القلق بالفعل هو انخداع الناس بالصورة “الصحية” لبعض المنتجات، وحتى إذا أتى السكر من سكريات الفاكهة الطبيعية، يظل مجرد مشروب سكري فوار .

والكمية المعيارية الموصى باستهلاكها من السكر يومياً، تبلغ 90 غراماً لكل امرأة، و120 غراماً للرجل . ومع ذلك تضع بعض المنتجات مقداراً وافراً من هذه الكمية في علبة واحدة، ويمكن للمشروبات الحمضية أن تكون “أسيدية” acidic” للغاية، ولذلك قد تؤذي أسنانك .

أورانجينا “500 مل”: 210 سعرات حرارية، 51 غرام سكر “10 .2 غرام لكل 100 مل” أي ما يعادل 13 ملعقة سكر .

ليمونادة سانبيليغرينو:

تحتوي العبوة عيار 330 مل على: 149 سعرة حرارية، 33 غرام سكر (10 غرامات في كل 100 مل)، أي ما يعادل 8 ملاعق سكر .

كوكا كولا:

تحتوي العبوة “عيار 330 مل” على: 139 سعرة حرارية، 35 غرام سكر (10 .6 غرام لكل 100 مل)، أي ما يعادل 9 ملاعق سكر .

“أبليتايزر appletiser” تحتوي العبوة زنة 275 مل (على: 129 سعرة حرارية، 28 .1 غرام من السكر)، أي ما يعادل 7 ملاعق سكر .