أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أسألك علماً نافعاً ، ورزقاً طيباً ، وعملاً متقبلاً           
العودة   منتديات البوحسن > المنتديات العامة > القسم العام

القسم العام المواضيع العامة التي ليس لها قسم مخصص

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 12-21-2011
  #1
شاذلي
محب نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 342
معدل تقييم المستوى: 16
شاذلي is on a distinguished road
افتراضي المحتال الذي نصب على السلطان نور الدين

المحتال الذي نصب على السلطان نور الدين

قال صديقنا الأكرم الدكتور أحمد إيبش في كتابه: (دفاتر دمشقية عتيقة) الذي تفضل مشكورا بإرسال نسخة منه لتنشر في موقع الوراق(*): (ومن أعظم ما وقفتُ عليه ، وأظرف ما جرى للسلطان الملك العادل نور الدين بن زنكي ، رحمه الله تعالى ، حديثٌ يُكتب بماء الذهب. وذلك أن بعض العجم جاء إلى دمشق ، فأخذ ألف دينار مصرية فبَرَدَها ، ثم أخذ لها دقّ الفحم وعقاقير وطحن الجميع ثم عجنه بغراء السَّمك ، وجعله بنادق وجفّفه جفافاً بالغاً . ثم لبس دِلقاً وتزيّا بزيّ الفقراء ، وجعل تلك البنادق في مخلاة . ثم أتى إلى بعض العطّارين فقال : تشتري مني هذا ? فقال : وأيّ شيء هذا ? قال : طَبَرْمَك خُراساني! وهذه كلمة مصحفة معناها طترمك ، قال العطار : وهذا لأيّ شيء ينفع ? قال : ينفع من السُّموم ، ويدخل في جميع الأدوية التي تدفع الأخلاط ، وله نفع عظيم . ولولا أن أدركتني الحاجة ولم أقدر على حمله ما بعته ، لأنه يساوي وزناً بوزن عند من يعرفه ! فقال العطار : بكم هو ? قال : بعشرة دراهم . قال له العطار : بثلاثة . فأبى ، ثم اشتراه منه بخمسة دراهم ، وجعله في برنيّة . وأخذ العجمي الدراهم وراح . فانظر إلى هذا الرجل وما أجسره ، باع ألف دينار بخمسة دراهم ، فهذه جسارة عظيمة ، وقد قال القائل: من خاطر بنفيس ملك نفيساً . فلمّا انفصل عنه ، لبس بزّة حسنة من ملابس الوزراء ، ورتّب خلفه مملوكاً ونزل أكبر دار تصلح لوزير ، وصار يمشي في الجامع ويتعرّف بالأكابر من أهل البلد ، ويعمل السماعات ويخسر جُملةً ، ويدّعي الوصول في علم الصَّنعة وأنه يقدر أن يعمل في يوم واحد جملة من المال . وشاع ذلك في دمشق ، فسأله الكُبراء أن يعمل عندهم ، فكان يقول : ما أنا محتاج إلى أحد ، فالذي يريدني أعمل عنده أي شيء حاجتي إليه ? وأنا قد آليتُ أن لا أعمل شيئاً إلاّ لملك ، ومع هذا فإني لا أعمل شيئاً حتى يحلف لي أن مهما عملته لا يُنفقه إلاّ في سبيل الله . فاتّصل خبره بالوزير ، فأحضره وآنسه ، ثم ذاكَرَهُ بشيء من ذلك ، فقال : قد كان من أمري أني حلفتُ أن لا أعمل شيئاً إلاّ لملك ، بعد أن يعاهدني أنه لا ينفق منه شيئاً إلاّ في سبيل الله تعالى . فإن حصل هذا الشرط عملتُ وإلا فلا سبيل إلى عمل شيء . ولما سمع الوزير ذلك افتكر وقال : والله هذه سعادة للمسلمين وللسُّلطان ، هذه البلاد كلها للأفرنج إلى بانياس ، وكل يوم الغارات تصل إلى ديارنا ، فاذا عمل شيئاً نفتح به هذه البلاد وهذه نعمة عظيمة! ثم قال : أُعرّف السلطان ? قال : نعم ، إلاّ أنّك تجمع بيني وبينه حتى أستوثق منه باليمين . ثم ركب الوزير فاختلى بالسلطان ، ثم عرّفه ذلك ، فقال : والله قد هجس في فكري أنه لا بدّ من شيء يوصلنا إلى قلع شأن هؤلاء الملاعين . فأحضر الرجل في غاية الكرامة . فأخذ له خلعة حسنة وبغلة بسرج ملجمة ، فألبسه الخلعة وأركبه إلى جانبه ، ثم صعد واجتمع به السلطان . ثم تحدّثا فقال : أصحيح ما قاله الوزير عنك ? قال : نعم يا مولانا ، لكن كل من ادّعى هذه الدرجة فهو كذّاب نصّاب دكّاك ، بل أنا شَرطي مع السلطان أن لا أمسّ بيدي شيئاً ، بل أكون بعيداً من مولانا وأقول له : افعل كذا واصنع كذا ، ومولانا يفعل . فلمّا تقرّر الأمر على هذه القاعدة قال السلطان : باسم الله اشرع على بركة الله . فأخذ العجمي ورقة وكتب لهم استدعاء الحوائج ، من العقار الفلاني كذا [ومن العقار الفلاني كذا] ، ثم قال : من الطَّبَرْمَك الخُراساني مائة مثقال . ثم دفع الورقة لأستاذ الدار ، وقال له : أحضر هذه الحوايج . فأحضر الجميع إلاّ الطَّبرمك ، فقال إنّه ما وُجد عند العطّارين . فقال العجمي : في مثل دمشق يعدم الطَّبرمك ? فقال السلطان : ما لنا شيء يُغني عنه ? فقال : لا والله ، ولا تخلو دمشق منه . بل إن مولانا السلطان يتقدّم إلى المحتسب بتفتيش دكاكين العطّارين ، فإذا كان الغد ركبت أنا وهو وشهود عدول نفتح حانوتاً حانوتاً نفتّشه ، فلا بدّ أن نجده . فقال : نعم . وكان المحتسب يُقال له القائد ، فأرسلوا إليه ففعل ذلك ، وركب العجمي من الغد وأخذ معه العُدول ونزلوا مع القائد ، ثم جعلوا يفتحون دكاكين العطّارين حتى انتهوا إلى دكّان الذي باعه العجمي الطّبرمك . فقعد الشهود والمحتسب ، ونزل صاحب الدّكان وجعل يضع قدّامهم برنيّة بعد برنيّة ، إلى أن جاءت البرنيّة التي فيها الدكّة . فلمّا رآها العجمي تهلّل وجهه فرحاً وقال : هذا السلطان سعيد ! ثم قال للشهود والمحتسب : اختموا عليها بختومكم ثم ابعثوا بها إلى القلعة . ففعلوا ذلك . فقال لصاحب الدّكان : من أين لك هذه ? فقال : ابتعتها من رجل فقير . قال: بكم ? قال : بخمسة دراهم . فأخذ منديله وقال : هذه عشرة دراهم من عندي ، ولا تبطل شغلك ولا تطلع إلى الديوان . ثم ركبوا جميعهم ، وطلعوا إلى القلعة وعرّفوا السلطان . وقال له العجمي : هذه أوّل سعادتك ، هذا يعمل شيئاً كثيراً ، فيشرع مولانا من الليلة وبالله التوفيق . فلمّا أمسى عليهم المساء ، استدعوا ما يحتاجون إليه من الآلة ، ثم قعد السلطان وخادم في صُفَّة والعجمي قد اعتزل عنهم في ناحية . ثم قال : يزن مولانا من العقار الفلاني كذا ومن الآخر كذا ، وجعل يعدّ العقاقير جميعها ، ثم قال : ومن الطَّبرمك مائة مثقال . ففعل ذلك حتى احترقت جميع تلك الحوايج ودار الذّهب . ثم قال : اقلب على بركة الله تعالى ! فقلب البودقة ، فنزلت سبيكة ذهب مصري لا يكون شيء أحسن منه . فلمّا نظر السلطان إلى ذلك حار ودُهش ، ثم قدّم له تلك الليلة شيئاً يساوي ألف دينار . ولم يزالوا يعملون حتى فرغ ذلك الطَّبرمك ، فطلبوه فلم يجدوه . فقال السلطان : كيف نعمل بالطّبرمك ? فقال العجمي : نبعث نجيب منه من خُراسان ، فإنه معدن في الجبل في مغارة إذا أراد إنسان أن يحمل منه ألف حمل جمل . وأنا دخلتُ إليها وأخذتُ منها شياً كثيراً ، وعندي في داري منه مقدار قنطار . فلمّا سمع السلطان قوله قال: ما لهذا الأمر غيرك ، فإن تعذّر الوصول إلى المغارة فاحمل الذي عندك ، وإن وصلت إلى المغارة فاحمل مهما قدرت . وأنا أكتب معك كتاباً إلى السُّلطان الأعظم لايمنعك أحد من ذلك ! فلمّا سمع العجمي قال : إن رأى السلطان أن يبعث غيري ، فأنا قد طابت لي دمشق وخدمة السلطان . قال : لا غِنا عن رواحك ، فإن لك في ذلك أعظم الأجر . ولم يزل عليه حتى أنعم بالسفر ، فلمّا شرع يتجهّز جهّزه بستين حمل منها شُرَب عمل تنيس ودمياط ومن عمل اسكندريّة ، ومنها سُكَّر بالأحمال والجمال والجمّالين ، ثم أعطاه خيمة ومطبخاً وفرّاشين ونفقة الطريق إلى بغداد وإلى العجم ، وكتب معه كتباً إلى سائر البلاد بالمراعاة والخدمة والإعانة . ثم خرج السلطان وأرباب الدولة إلى وداعه ، وراح وقد وصل هذا إلى الحجر المكرّم وحصل له الإكسير الأعظم . ومن أعجب ما في هذه القضيّة أنه كان بدمشق رجل يكتب أسماء المغفّلين المُخارفين ، فسمع بهذه القضيّة ، فكتب في رأس جريدته : ?السلطان نور الدين محمود بن زنكي رأس المغفّلين? . فشاع ذلك ولم يعلم أحد باطن القضيّة ، حتى قيل للسلطان : قد كتبكَ شخصٌ رأسَ المغفّلين ، فقال : وأيّ شيء أبصر من تغفّلي حتى يكتب اسمي ? هاتوه ! فنزلت إليه الجنداريّة وقالوا له : باسم الله ، كلِّم السلطان . فأخذ الجريدة في كمّه ومشى معهم . فلمّا وقف أمام السلطان ، قال : أنت فلان الذي تكتب أسماء المغفّلين ? قال : نعم . قال : وكتبتني ? قال : نعم ، وهذا اسمك .. ثم أظهره . فقال : وما بانَ لك من تغفّلي حتى كتبتني ? فقال : ومن يكون أغفل منك ? جاءك عجمي نصّاب عمل عليك حيلة ودكّ عليك ألف دينار ، أخذ بها مال المسلمين وراح ! فقال : راح يأتي بطبرمك وكأنك به وقد جاء ومعه الطَّبرمك نعمل منه أموالاً لا تُحصى . فقال له: يا خوند إن رجع العجمي وجاء ، محيتُ اسمك من الجريدة وكتبتُ اسمه ، وما يكون في الأرض أغفل منه ! فلمّا سمع السلطان ذلك ، ضحك وقال : ?اعطوه شيئاً يُنفقه عليه? . فأعطوه شيئاً وراح . وكان كلّما أفلس ، أخذ الجريدة ووقف على باب القلعة ، فإذا ركب السلطان ، فتح الجريدة ويقول : ?ما جاء ، وهذا اسم السلطان مكتوب !? . فيضحك ، ويُطلق له شيئاً . فانظر إلى هذا الدَّكّ والجسارة على بيع ألف دينار بخمسة دراهم . فأقام السلطان على ذلك حتى مات ( )، والطَّبرمك لم يأتِ . (المختار في كشف الأسرار ، 68-74) (*) انظر كتاب (دفاتر دمشقية عتيقة) منشورا على الوراق، ومن طريف نصوصه:(القافات العشر التي انفردت بها دمشق) (ص76) وحارة المرقص في دمشق(ص112) و(ما انفردت به حلب من مفسدة القشير) (ص120) و(حريق الجامع الأموي يوم 15/ 11/ 1893م) (ص138) و(سبب شهرة دمشق) (ص140) و(موكب الحج الشامي في أواخر القرن التاسع عشر) (ص191) وخبر تجديد ضريح صلاح الدين وقصة الكشف عن جثته في القرن العشرين (ص211) ومراسم شد الصانع حسب العادات الدمشقية (ص243) وما سبق ذلك من الحديث عن قواعد اتخاذ شيخ لكل صنعة.




* هذه الصفحة من إعداد الباحث زهير ظاظا
__________________
عروش الدنيا وممالكها، وبطشها وسلطنتها.. كل ذلك أقلّ من أن يقاوم خفقة من خفقات قلب محبّ!..


ونعيم الدنيا وأفراحها، ولهوها ولذائذها.. كل ذلك أقلّ من أن يخلق لمعةَ فرحٍ في قلب حزين!..
شاذلي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-22-2011
  #2
فراج يعقوب
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,269
معدل تقييم المستوى: 16
فراج يعقوب is on a distinguished road
افتراضي رد: المحتال الذي نصب على السلطان نور الدين

جزاك الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
__________________
اللهم صل على سيدنا محمد صاحب الكوثر صلاة لاتعد ولاتكيف ولاتحصر ننال بها الرضوان الأكبر وجواره يوم المحشر وعلى آله وسلم
فراج يعقوب غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السلطان محمد الفاتح عبدالقادر حمود السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 7 10-14-2010 06:49 PM
السلطان الذي رُفضَت شهادته عبدالقادر حمود ركن التاريخ 2 09-28-2009 02:04 PM
السلطان عبد الحميد الثاني في الميزان ابن نجرس ركن التاريخ 5 07-08-2009 06:31 PM
رسالة آق شمس الدين إلى تلميذه السلطان محمد الفاتح هيثم السليمان ركن التاريخ 8 06-13-2009 10:26 AM
رسالة السلطان عبد الحميد الشاذلي رحمه الله ابو محمد ركن التاريخ 8 02-02-2009 06:29 PM


الساعة الآن 11:49 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir