أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           سبحانك اللهم وبحمد ك وتبارك اسمك وتعالي جدك، ولا إله غيرك           

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 04-06-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الشعاعات - الشعاع السابع


الشعاع السابع - ص: 133

الشعاع السابع
الآيــة الكـبـرى
تنبيه مهم وايضاح
على الرغم من أهمية هذه الرسالة وعظيم شأنها، لايفهم كل شخص، كل مسألة من مسائلها. ولكن لايبقى دون حظ منها، فالذي يدخل بستاناً عظيماً، ولاتصل يده الى جميع ثماره؛ فحسبه ما ناله منها، اذ البستان لم يخصص له وحده، بل لذوي الايدي الطويلة حصتهم وحظهم كذلك.
وهناك خمسة اسباب تعيق فهم هذه الرسالة:
اولها: أنني كتبت مشاهداتي كما تراءت لي وفق فهمي، كتبتها لنفسي، فهي لم تكتب شأن الرسائل الاخرى بمستوى فهم الآخرين ومدى تلقيهم.
ثانيها: أن التوحيد الحقيقي قد كُتب في صورته العظمى، بفيض تجلي "الاسم الاعظم"، فأصبحت مسائله واسعة جداً، وعميقة جداً، وطويلة جداً؛ لذا لا يتمكن كل شخص أن يحيط بها مباشرة ولأول وهلة.
ثالثها: أن كل مسألة من مسائلها بحد ذاتها حقيقة كبرى طويلة - وحفاظاً على وحدة الحقيقة وعدم تجزئتها - قد تصبح الصحيفة الواحدة جملة مطولة واحدة، فهناك مقدمات كثيرة تورد بمثابة دليل واحد فقط.
الشعاع السابع - ص: 134
رابعها: ان كل مسألة - من أغلب المسائل التي تعالجها هذه الرسالة - لها أدلتها الكثيرة، وحججها الوفيرة، فعند القيام بضم عشرة أدلة او عشرين أحياناً لسوقها برهاناً واحداً تكون المسألة طويلة، لاتسعها المدارك القصيرة.
خامسها: لقد تعرّضتُ لأنوار هذه الرسالة بفيوضات شهر رمضان المبارك ونفحاته، الاّ أنها كُتبت على عجل، واكتفيت بالمسودة الاولى؛ لما كنت أعانيه من الأسقام ومتاعب المضايقات من مختلف الجهات وكنت اشعر عند كتابتها انها ترد الى القلب دون اختيار مني ولا ارادة، فلم أر من اللائق أن أمسها بشئ من التنظيم أو التشذيب حسب تفكيري؛ لذا أخذت الرسالة هذا الشكل الذي يستشكل على الفهم. فضلاً عما أُدرج فيها من فقرات المقام الاول الذي كتب باللغة العربية. 1
ولكن رغم هذه الاسباب الخمسة التي هي مدار القصور والاشكال فان الرسالة ذات أهمية عظيمة.
فهذه الرسالة التي هي حقيقة من حقائق "الآية الكبرى" وتفسير لها، هي الشعاع السابع والحجة الايمانية الاولى "من مجموعة عصا موسى".
يتكون هذا الشعاع من مقامين، مع مقدمة توضح أربع مسائل مهمة:
المقام الاول: يبين باللغة العربية تفسير الآية الكبرى.
والمقام الثاني: يبين براهين المقام الاول ويوضحها ويثبتها.
إن طول المقدمة الآتية، وتوضيحها المسهب، كان بدون اختيار مني، فهناك اذن حاجة أن أملي عليّ هكذا، وقد يرى البعض طولها قصراً.
سعيد النورسي
_____________________
1
وضعنا الفقرات الواردة باللغة العربية فى النص محصورة بين قوسين مركنين [ ] .المترجم.

الشعاع السابع - ص: 135
المقدمة
بِسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ
(وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالاِنسَ إلاّ لِيَعْبُدون) (الذاريات:56)
يفهم من اسرار هذه الآية الجليلة: ان حكمة مجئ الانسان الى هذه الدنيا والغاية منه، هي: معرفة خالق الكون سبحانه، والايمان به، والقيام بعبادته. كما ان وظيفة فطرته، وفريضة ذمَّته، هي: معرفة الله والايمان به، والتصديق بوجوده وبوحدانيته إذعاناً ويقيناً.
نعم، ان الانسان الضعيف الذي ينشد فطرةً الحياة الدائمة الخالدة، والعيش الأبدي الرغيد، والذي له آمال بلا حدود وآلام بلا نهاية، لابد ان تكون جميع الاشياء والكمالات هابطة تافهة بالنسبة اليه، بل ليس لأكثرها أية قيمة تذكر، ما عدا الايمان بالله ومعرفته، وما عدا الوسائل التي تأخذ بيده الى ذلك الايمان الذي هو اس الاساس لتلك الحياة الأبدية ومفتاحها.
ولما كانت "رسائل النور" قد اثبتت هذه الحقيقة بوضوح تام، وببراهين قاطعة، نحيل اليها، مبينين هنا ورطتين تزعزعان ذلك اليقين الايماني في هذا العصر، وتؤديان الى الحيرة والتردد، وذلك ضمن "مسائل أربع":
الورطة الاولى
وسبيل النجاة منها مسألتان:
المسألة الاولى:
مثلما أثبت في "اللمعة الثالثة عشرة" من "المكتوب الحادي والثلاثين" بالتفصيل أنه: "لاقيمة للنفي في المسائل العامة امام الاثبات، فحكمه ضعيف وهزيل".
الشعاع السابع - ص: 136
مثال ذلك: اذا اثبت شاهدان من عامة الناس رؤية الهلال في أول شهر رمضان، ونفى الرؤية آلاف من الوجهاء والعلماء قائلين: "اننا لم نر الهلال" فان نفيهم هذا يبقى غير ذي قيمة او أهمية؛ ذلك لأن "بالاثبات" يؤازر الواحد الآخر ويقويه، ففيه تساند واجتماع. بينما "النفي" فلا فرق فيه ان يكون صادراً من شخص واحد أو من ألف شخص؛ اذ النافي منفرد باعتبار انه وحده الذي ينفي. ذلك لأن المثبت ينظر الى الامر نفسه ثم يصدر حكمه، كما هو الحال في مثالنا اذا قال أحدهم: هو ذا الهلال في السماء؛ فان الآخر يصدّقه ويؤيده مشيراً الى المكان نفسه، فيشتركان في النظر الى المكان نفسه، فيتساندان، ويقوى حكمهما ويرسخ. أما في النفي والانكار فالنافي لاينظر الى الأمر نفسه ولايسعه ذلك، لذا أصبحت القاعدة: "لايمكن اثبات النفي غير الخاص وغير المحدد مكانه " قاعدة مشهورة.
مثال ذلك: اذا اثبتُّ لك وجود شئ معين في الدنيا، وانكرتَ انت وجوده في الدنيا فينبغي لك ان تقوم بالبحث والتحري عنه في ارجاء الدنيا كافة لتثبت عدم وجود ذلك الشئ الذي أتمكن بنفسي أن أثبته بمنتهى السهولة، وبإيماءة بسيطة مني اليه، بل عليك أن تغوص ايضاً في اعماق الأزمنة الغابرة، حتى تستطيع أن تقول: "لايوجد فعلاً... لم تحدث حادثة كهذه!"
ولما كان النافون والمنكرون لاينظرون الى الأمر بذاته، وانما يصدرون احكامهم حسب انفسهم، ووفق عقولهم ونظراتهم؛ لذا لايمكن ان يساند أحدهم الآخر، وان يكون ظهيراً له؛ ذلك لأن حُجُب الرؤية مختلفة لديهم والاسباب المانعة للمعرفة متنوعة عندهم. اذ يستطيع كل شخص ان يقول: انني لا أرى الشئ الفلاني.. وعندي انه غير موجود.. وباعتقادي انه لا يوجد.. ولكنه لايمكنه ان يقول: إنه فعلاً لايوجد. واذا قال بهذا النفي ـــ وبخاصة في المسائل الايمانية التي تشمل الكون كله ـــ فان كلامه يكون إفكاً عظيماً وكذباً كبيراً بكبر الدنيا، ولن يكون صدقاً قط ولايمكن ان يُستصوب أو يقوّم ابداً.
نخلص مما تقدم: ان النتيجة في الاثبات واحدة، وان فيه تسانداً، أما في النفي فالنتيجة ليست واحدة بل متعددة، إذ القيود: عندي.. في نظري.. وباعتقادي.. وأمثالها من الاسباب التي تحجب الرؤية الصحيحة تتعدد وتختلف باختلاف الاشخاص؛ لذا تأتي النتائج متعددة ايضاً، ومتفرقة، فلا يحصل التساند مطلقاً.
الشعاع السابع - ص: 137
وهكذا، إنطلاقاً من هذه الحقيقة:
فلا قيمة او أهمية للكثرة الظاهرة للكفار والمنكرين الذين يصدون عن الايمان..
ولكن، في الوقت الذي لا ينبغي ان يتأثر يقين المؤمن ولا يشوب ايمانه بأي نوع من أنواع الشك والتردد، نرى ان ما يثيره فلاسفة اوروبا من شبهات وجحود في هذا العصر قد جلب الحيرة الى بعض المنكوبين المفتونين بهم، فأزال يقينهم وأباد سعادتهم الأبدية وأوقعهم في شقاء وتعاسة؛ ذلك لأن انكارهم هذا حوّل معنى "الموت" الذي يصيب يومياً ثلاثين ألفاً من الناس من معناه الحقيقي الذي هو: إنهاء وظيفة الانسان على الارض، الى صورة الاعدام الابدي والفناء النهائي والنهاية المرعبة المخيفة. واصبح القبر - الذي لا ينغلق بابه - يسمم لذائذ حياة ذلك المنكر وينغص عليه عيشه بآلام مبرحة ملوّحاً له بالعدم الرهيب دائماً وبإعدامه الابدي. فافهم من هذا :
ما اعظم الايمان وما اعظم نعمته! وافهم كيف انه "حياة" للحياة!
المسألة الثانية:
لايؤخذ بكلام من هم خارج إطار علم او صنعة في مسألة من مسائلهما، دارت حولها المناقشة، حتى لو كانوا عظماء وعلماء وصناعاً مهرة في اختصاصاتهم. ولايؤخذ حكمهم حجة في تلك المسألة، ولايدخلون ضمن اجماع علماء ذلك الضرب من العلم.
فمثلاً: لايسري حكم مهندس عظيم كواحد من الاطباء في تشخيص مرض ما أو علاجه. لذا لاتؤخذ الاقوال المنكِرة الصادرة من أعظم فيلسوف بنظر الاعتبار فيما يخص المعنويات ولايُقام لها وزن، وبخاصة مَن توغل منهم كثيراً في الماديات فطمس على بصيرته وتعامى عن النور، فتبلّد ذهنه عن المعنويات وانحدر عقله الى عينيه وتردى حتى اصبح لايرى غير المادة ولايعقل شيئاً دونها.
فيا تُرى ما قيمة أقوال فلاسفة ذهلوا امام تفرعات اصغر الاجزاء، وتاهوا امام اكثرها تشتتاً وغرقوا فيها، وكم يساوي كلامهم واقوالهم في مسائل التوحيد والايمان والمعنويات السامية التي اتفقت عليها مئات الآلاف من اهل العلم والحقيقة امثال الشيخ الكيلاني - قدس الله سره - ذي الدهاء القدسي والبصيرة الخارقة الذي كان
الشعاع السابع - ص: 138
يعاين العرش الاعظم وهو بعدُ على الارض، والذي سعى مرتقياً مراتب المعنويات زهاء تسعين سنة، حتى كشف الحقائق الايمانية بعلم اليقين وعين اليقين بل حتى بحق اليقين؟. ألا يكون انكارهم واعتراضهم خافتاً واهياً اشبه بطنين البعوضة امام هدير السماء ودويّ رعودها؟!.
ان ماهية الكفر الذي يظهر العداء للحقائق الاسلامية ويبارزها انما هي انكار، وجهل، ونفي. وحتى لو بدت - ظاهرياً - اثباتاً ووجودياً، الاّ ان معناها عدمٌ، ونفي.
أما الايمان: فهو علمٌ، ووجودي، واثبات، وحكم. وحتى مسائله السلبية فهي ستار لحقيقة ايجابية وعنوان لها.
ولو ان اهل الكفر - الذين يصدّون عن الايمان - سعوا ليثبتوا - بمشكلات عويصة - اعتقاداتهم المنكرة السلبية ويجعلوها مقبولة بصورة " قبول العدم" و "تصديق العدم"، فان ذلك الكفر يمكن ان يعدّ - من جهة - علماً خطأً وحكماً غير صائب. وإلاّ فان ما هو سهل ارتكابه من مجرد "عدم القبول" و "الانكار" و "عدم التصديق" ليس الاّ جهلاً مطلقاً، وعدم حكم.
والخلاصة: ان الاعتقاد بالكفر قسمان:
اولهما: ما ليس له علاقة بالحقائق الاسلامية. فهو تصديق خطأ، واعتقاد باطل، وقبولٌ خطأ، وحكم ظالم خاصٌ به. فهذا القسم من الكفر خارج اطار بحثنا، لاشأن لنا به ولاشأن له بنا.
ثانيهما: ما يبارز الحقائق الايمانية ويعارضها، وهذا ايضاً قسمان:
الاول:
هو رفضٌ، وعدم قبول، وهو مجرد عدم تصديق الاثبات، وليس هذا الكفر الاّ جهلاً، والاّ عدمَ حكمٍ، وهو سهل ارتكابه، وهو خارج نطاق بحثنا ايضاً.
الثاني:
هو قبولٌ للعدم، وتصديق قلبي للعدم، فهذا القسم من الكفر هو حكمٌ، وهو اعتقاد يفضى بصاحبه الى الالتزام. فيضطر الى اثبات نفيه وانكاره.
الشعاع السابع - ص: 139
والنفي بدوره قسمان:
اولهما: ان يقول النافي: انه لايوجد في موقع خاص وفي جهة معينة، الشئ الفلاني. وهذا القسم من النفي المعيَّن يمكن اثباته، وهو ايضاً خارج بحثنا.
القسم الثاني: هو نفي وانكار المسائل الايمانية والقدسية والعامة والمحيطة التي تتوجّه الى الدنيا، وتشمل الكون، وتتطلع الى الآخرة، وتضم العصور. وهذا النفي - كما اثبتنا في المسألة الاولى - لايمكن اثباته مطلقاً، لانه يلزم ان يكون هناك نظرٌ محيط بالكون، ورؤية شاملة للآخرة ومشاهدة نافذة في الزمان غير المحدود بجميع جهاته، ليثبت مثل هذا النفي.
الورطة الثانية
وسبيل النجاة منها: وهي مسألتان ايضاً:
الاولى: ان العقول التي ضاقت امام "العظمة" و "الكبرياء" و "المطلق غير المتناهي" وقصرت عن ادراكها نتيجة الغفلة او المعصية او الانغماس في الماديات والانسياق وراءها قد أخذت - هذه العقول - تزل الى الانكار وتنفي - بغرور علمي - المسائل الهائلة العظمى لعجزها عن الاحاطة بها.
نعم، ان الذين عجزوا عن استيعاب المسائل الايمانية المحيطة الواسعة جداً، والعميقة جداً، في عقولهم الصلدة الضيقة - معنىً - ويقروها في قلوبهم الفاسدة الميتة - تجاه المعنويات - يقذفون بأنفسهم الى أحضان الكفر والضلال، فيغرقون.
ولكن اذا ما تمكن هؤلاء من إنعام النظر في كنه كفرهم، وفي ماهية ضلالهم، لرأوا: أن ما هو معقول في الايمان تجاه العظمة ولائق بها وضروري لها، يقابله المحال تلو المحال، وغير الممكن والممتنع طي ذلك الكفر وضمنه.
وقد اثبتت "رسائل النور" هذه الحقيقة بمئات الموازين والموازنات، وبقطعية تامة كقطعية حاصل ضرب الاثنين في اثنين يساوي أربعاً. فمثلاً: ان الذي يعجز ان يقبل الايمان بوجوب وجوده سبحانه وتعالى وبأزليته وبصفاته المحيطة، لعظمته سبحانه ولعظمة صفاته الجليلة، سيحيل وجوب الوجود، وأزليته سبحانه، وصفات الالوهية
الشعاع السابع - ص: 140
الى جميع الموجودات غير المحدودة، بل الى الذرات غير المتناهية، ليتمكن من الاعتقاد بكفره. او عليه ان يتخلى عن العقل كالسوفسطائيين الحمقى بانكاره وجود نفسه، ونفيه وجود الكون.
وهكذا تستقر الحقائق الايمانية والاسلامية كلها باستنادها الى "العظمة" - التي هي من شأن تلك الحقائق ومن مقتضاها - وتثبت في القلوب الصافية والعقول السليمة، بكمال الاذعان والتسليم المطمئن، منقذة أصحابها مما يجابهها من الكفر ومحالاته المدهشة وخرافاته الموحشة وجهالاته المظلمة.
نعم، ان العظمة والكبرياء ستاران ضروريان لابد منهما؛ ويتبين ذلك من اعلان تلك العظمة والكبرياء في كل وقت: في الأذان، في الصلاة، وفي اغلب الشعائر الاسلامية بترديد:
الله اكبر.. الله اكبر.. الله اكبر.. الله اكبر
ويتضح ذلك ايضاً في الحديث القدسي (العظمة ازاري والكبرياء ردائي) 1.
ويظهر ايضاً في العقدة السادسة والثمانين من المناجاة الاحمدية صلى الله عليه وسلم البليغة في "الجوشن الكبير":
يا من لامـــلــــك الا مـلــكـــه * يامن لايحصي العبـــاد ثنــــاءه
يا من لاتصف الخلائق جلالـه * يا من لاتنـــــال الاوهــام كنهـه
يا من لايدرك الابصار كمالــه * يا من لايبلغ الافهام صفاتــــــه
يا من لاينال الافكار كبريـــاءه * يا من لايحسن الانسان نعوته
يا من لايرد العبــــــــــاد قضاءه * يا من ظهر فـــي كـل شئ آياتـه
سُبحَانَكَ يا لا إلَهَ الاّ أنت اَلأمانُ الأمانُ نجّنـــا من النــــار *
_____________________
1
اصل الحديث: قال الله تعالى : (الكبرياء ردائى والعظمة ازاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار) رواه احمد وابو داود وابن ماجة عن ابي هريرة رضي الله عنه، وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما (صحيح الجامع الصغير برقم 4187 ) .

الشعاع السابع - ص: 141
الآيــة الكـبـرى
مشاهدات سائح يسأل الكون عن خالقه
بِسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمواتُ السَبْعُ وَالاَرضُ وَمَنْ فيهِنَّ وإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلكِنْ لا تَفقَهونَ تَسبيحَهُمْ إنَّهُ كانَ حَليماً غَفُوراً) (الاسراء: 44)
ان هذا المقام الثاني في الوقت الذي يفسِّرُ هذه "الآية الكبرى" يُبيِّنُ كذلك براهين المقام الاول الذي يتضمنه والذي جاء باللغة العربية ويوضح حججه.
ان آيات كثيرة في القرآن الكريم - أمثال هذه الآية العظمى - تذكر في مقدمة تعريفها لخالق هذا الكون "السماوات" التي هي اسطع صحيفة للتوحيد بحيث ما يتأمل فيها متأمل الاّ تغمره الحيرة ويغشاه الاعجاب، فيستمتع بمطالعتها بكل ذوق ولذة؛ فالأولى اذن ان يُستهل بها.
نعم؛ ان كل من يأتي ضيفاً الى مملكة هذه الدنيا ويحل في دار ضيافتها، كلما فتح عينيه ونظر رأى:
مضيفاً في غاية الكرم.. ومعرضاً في غاية الابداع.. ومعسكر تدريب في غاية الهيبة.. ومتنزهاً جميلاً في غاية الروعة.. ومشهراً في غاية الاثارة للشوق والبهجة.. وكتاباً مفتوحاً ذا معان في غاية البلاغة والحكمة.
الشعاع السابع - ص: 142
وبينما يولع الضيف السائح ان يعلم ويتعرف على صاحب هذه الضيافة الكريمة، وعلى مؤلف هذا الكتاب الكبير، وعلى سلطان هذه المملكة المهيبة، اذا بوجه السموات الجميل المتلألئ بالنجوم النيّرة يطل عليه منادياً: "انظر اليّ، فانا اعرّفك بالذي تبحث عنه". فينظر السائح ويرى:
أن ربوبية ظاهرة تتجلّى:
في رفعها مئات الالوف من الاجرام السماوية بلا عمد ولاسند، منها ما هو اكبر من أرضنا ألف مرة، وما هو أسرع إنطلاقاً من القذيفة بسبعين مرة.
وفي تسييرها وجريها تلك الاجرام معاً بسرعة فائقة بلا مزاحمة ولا مصادمة..
وفي ايقادها تلك القناديل المتدلية التي لاتعد، بلا زيت ولا إنطفاء..
وفي ادارتها تلك الكتل الهائلة التي لا حد لها، بلا ضوضاء ولاصخب ولا اختلال.. ويرى تجليها كذلك:
في تسخيرها تلك المخلوقات العظيمة في مهام معينة كاستسلام الشمس والقمر لأداء وظائفهما دون إحجام أو تلكؤ..
وفي تصريفها هذا العدد الهائل الذي لاتحده الارقام ضمن ذلك البعد الشاسع غير المتناهي ما بين دائرة القطبين تصريفاً يجري في الوقت نفسه، وبالقوة نفسها، وبالطراز نفسه، وبسكة الفطرة نفسها، وبالصورة نفسها، ومجتمعة، دون ان تصاب بـأدنى نقص او خلل..
وهاله ما يرى من تجلي الربوبية:
في اخضاعها تلك السيارات الضخمة التي تملك قوى هائلة ومتجاوزة لحدودها، منقادةً مطيعةً لقانونها ان تتجاوز او تنحرف.
وفي جعلها وجه السماء صافياً نقياً يتنظف طاهراً مما تلوثه انقاض تلك الاجرام المزدحمة دون ان يُرى عليه قذى ولا أذى.
وفي سوقها تلك الاجرام كأنها مناورة عسكرية منسقة وعرضها امام المخلوقات المشاهدين كأنها مشاهد فلم سينمائي، بتدوير الارض بالليل والنهار، وتجديدها انماط
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشعاعات - الشعاع الخامس عشر عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 7 04-06-2011 04:10 PM
الشعاعات - الشعاع الثالث عشر عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 5 04-06-2011 03:41 PM
الشعاعات - الشعاع الثاني عشر عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 1 04-06-2011 03:35 PM
الشعاعات - الشعاع الحادي عشر عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 8 04-06-2011 03:31 PM
الشعاعات - الشعاع التاسع عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 0 04-06-2011 03:15 PM


الساعة الآن 01:54 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir