قالوا عن سيدي محي الدين
محيي الدين بن عربي
ماهر سقا أميني
الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي مالئ الدنيا وشاغل الناس اتفق معه كثيرون واختلف كثيرون، واعتبره البعض ولياً عارفاً بالله وأخرجه بعض آخر عن الدين، ولكنه يبقى ذروة من ذروات الفكر الاسلامي الانساني الصوفي، صعب على كثيرين أن يرقوا حتى إلى مرتبة فهمه والإحاطة بما أنجز.
هو محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبدالله الحاتمي، ولد في 17 رمضان سنة 560 هجرية في مرسية في بلاد الأندلس، وانتقل عند بلوغه الثامنة عشرة من عمره إلى إشبيلية مع والديه، حيث تتلمذ على مشايخها فدرس الحديث والفقه، وكان لتجواله في بلاد الأندلس والمغرب أثر كبير في تكوين شخصيته العلمية، إذ تعرف إلى كبار علماء عصره، سافر إلى مكة سنة 589 هجرية وبقي فيها ثلاث سنوات ثم ارتحل إلى حلب وعاد إلى مكة ثم سافر إلى قونية وسيواس سنة 612 ه ثم عاد إلى حلب فأقام فيها ثلاث سنوات ثم عاد إلى دمشق سنة 620 ه وبقي فيها إلى أن توفي رحمه الله سنة 638 ه عن عمر بلغ ثمانية وسبعين سنة.
يقول الشيخ عبدالوهاب الشعراني عنه: كان رضي الله عنه متقيداً بالكتاب والسنة ويقول: كل من رمى ميزان الشريعة من يده لحظة هلك، ويقول الفيروز أبادي: والذي أقوله وأتحققه أن الشيخ محيي الدين كان شيخ الطريقة حالاً وعلماً وإمام التحقيق حقيقة ورسماً ومحيي علوم العارفين فعلاً واسماً.
وممن شهد للشيخ الحافظ الذهبي الذي كان ينكر عليه كثيرا من المسائل فقال: ما أظن أن مثل الشيخ محيي الدين يكذب أصلاً. والشيخ فخر الدين الرازي الذي قال: كان الشيخ محيي الدين ولياً عظيماً، والإمام النووي الذي قال: يحرم على كل عاقل أن يسيء الظن بأحد من أولياء الله عز وجل ويجب عليه أن يؤول أقوالهم وأفعالهم ما دام لم يلحق بدرجتهم ولا يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق، والإمام السبكي الذي قال: كان الشيخ محيي الدين آية من آيات الله تعالى وإن الفضل في زمانه رمى بمقاليده إليه وقال لا أعرف إلا إياه، والشيخ سراج الدين البلقيني الذي قال: إياكم والإنكار على شيء من كلام الشيخ محيي الدين فإنه رحمه الله لما خاض في بحار المعرفة وتحقيق الحقائق عبر في أواخر عمره في الفصوص والفتوحات والتنزلات الموصلية بما لا يخفى على من هو في درجته من أهل الاشارات ثم إنه جاء من بعده قوم عمي عن طريقه فغلطوه في ذلك، بل كفروه بتلك العبارات ولم يكن عندهم معرفة باصطلاحه ولا سألوا من يسلك بهم إلى إيضاحه.
وقد عمدت إلى رسالة من رسائل الشيخ وهي “روح القدس في محاسبة النفس” وقد وضعها لتكون مدرسة في التربية والتزكية والسلوك وحاول فيها بطريقة مناصحة النفس ومناصحة الأخ أن يأتلف مع غيره حتى يصبح جزءاً من كل، وقد اعتمد في نصحه القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، لأستخرج منها ما أستطيع من درر الشيخ وعطاءاته التي لا تنتهي، ولما كنا ممن يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال، فإننا نقدم ما قاله الشيخ منقولاً عن رسالته المطبوعة في دمشق في مطبعة العلم عام 1970 بإشراف الأستاذ عزة حصرية وقد اعتمد على مخطوط موجود في اسطنبول وثلاث مخطوطات في المكتبة الظاهرية مع تعليقات توضح وتستثمر ما قاله الشيخ في أيامنا هذه والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
نقلا عن جريدة الخليج الاماراتية
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 11-02-2011 الساعة 07:20 PM