أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أسألك علماً نافعاً ، ورزقاً طيباً ، وعملاً متقبلاً           
العودة   منتدى الإحسان > الصوتيات والكتب > المكتبة الرقمية

المكتبة الرقمية كل ما يختص بكتب التراث الإسلامي و الصوفي أو روابط لمواقع المكتبات ذات العلاقة على الشبكة العالمية...

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-13-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي كتاب الوصايا للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله عنه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على نعمه التي لا تحصى، وعطائه الذي لا يستقصى، أحمده كما ينبغي لجلاله، وكريم عطائه، وعظيم سلطانه،

وصلاة الله وسلامه ورحمته وبركاته على نبيه المصطفى وآله وصحبه

اللهم يا عماد من لا عماد له ، ويا ذخر من لا ذخر له ، ويا حرز من لا حرز له ، ويا ناصر من لا ناصر له
ويا مؤيد قلوب العارفين ، ويا مستراح مذاهب المتوكلين ، ويا شاهد مجالس الخائفين
ويا مقيل عثرة العاثرين ، يا أرحم الراحمين



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أحبابي وسادتي في الله قرأت لكم هذا الكتاب وهو كتاب فريد من نوعه وهو جامع وصايا السيد الحبيب لشيخ مشايخ الصوفية وإمام أئمة الطرائق الإسلامية العارف بالله فريد عصره ووحيد زمانه الشيخ الأكبر مولانا محي الدين ابن عربي رضي الله عنه وسوف يقوم الفقير رزق البابلي بما يقدر له الله أن ينقله لكم وأسأل الله المولى القدير أن ينتفع به كل من قرأه وتدبر ما فيه وجزاكم الله عنا كل خير


كتاب الوصايا للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله عنه


وصية: حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى








وصى الإله وأوصت رسلـه فلـذا
كان التأسي بهم من أفضـل العمـل
لولا الوصية كان الخلق فـي عمـه
وبالوصية دار الملـك فـي الـدول
فاعمل عليها ولا تهمـل طريقتهـا
إن الوصيـة حكـم الله فـي الأزل
ذكرت قوما بما أوصـى الإلـه بـه
وليس أحداث أمر في الوصية لـي
فلم يكن غير ما قالوه أو شرعـوا
من السلوك بهم في أقـوم السبـل
فهدي أحمد عيـن الديـن أجمعـه
وملة المصطفى مـن أنـور الملـل
لم تطمس العين بل أعطتـه قوتهـا
حتى يقيم الذي فيـه مـن الميـل
وخـذ بسـرك عـنـه مـراكـزه
علوا إلى القمر العالي إلـى زحـل
ومنه للقدم الكرسي ثم إلى العـرش
الميحـط إلـى الأشكـال والمـثـل
إلى الطبيعة للنفس النزيهة للعقـل
المقـيـد بـالأعـراض والعـلـل
إلى العماء الذي مـا فوقـه نفـس
منه إلى المنزل المنعـوت بـالأزل
وانظر إلى الجبل الراسي على الجبل
وقـد رآه فلـم يبـرح ولـم يـزل
لولا العلو الذي في السفل ما سفلت
وجوهنـا تطلـب المرئـي بالمقـل
لذلكـم شـرع الله السجـود لـنـا
فنشهد الحق في علو وفـي سفـل
هذي وصيتنـا إن كنـت ذا نظـر
فإنها حيلـة مـن أحسـن الحيـل
ترى بهـا كـل معلـوم بصورتـه
على حقيقة ما هو لا علـى البـدل
فإن دعاك إلى عيـن وليـس لـه
سواك مجلى فـلا تبـرح ولا تـزل
فإن دعاك إلـى عيـن تُسـر بهـا
فلا تجبه وكـن منـه علـى وجـل
أنـا إنـاث لمـا فيـنـا يـولـده
فلنحمد الله ما في الكون من رجـل
إن الرجال الذيـن العـرف عينهـم
هم الإناث وهم نفسي وهـم أملـي



فمن ذلك
[وصية: قال الله تعالى في الوصية العامة(( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه )) فأمر الحق بإقامة الدين وهو شرع الوقت في كل زمان وملة وأن مجتمع عليه ولا يتفرق فيه فإن يد الله مع الجماعة وإنما يأكل الذئب القاصية وهي البعيدة التي شردت وانفردت عما هي الجماعة عليه وحكمة ذلك أن الله لا يعقل إلهاً إلا من حيث أسماؤه الحسنى لا من حيث هو معرى عن هذه الأسماء الحسنى فلا بد من توحيد عينه وكثرة أسمائه وبالمجموع هو الإله فيد الله وهي القوة مع الجماعة أوصى حكيم أولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصي فجمعها وقال هلم اكسروها وهي مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقا فقال لهم خذوا واحدة واحدة فاكسروها فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فإذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فأبادكم وكذلك القائمون بالدين إذا اجتمعوا على إقامة الدين ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذلك الإنسان في نفسه إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين الله لم يتفرقوا فيه ولم يقهرهم عدو وكذلك الإنسان في نفسه إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين الله لم يغلبه شيطان من الإنس ولا من الجن بما يوسوس به إليه مع مساعدة الإيمان والملك بلمته له



يتبع بعون الله تعالى
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 02-18-2019 الساعة 10:44 AM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

[وصية:

إذا عصيت الله تعالى بموضع فلا تبرح من ذلك الموضع حتى تعمل فيه طاعة وتقيم فيه عبادة فكما يشهد عليك أن استشهد يشهد لك وحينئذ تنتزح عنه وكذلك ثوبك إن عصيت الله فيه فكن كما ذكر به لك اعبد الله فيه وكذلك ما يفارقك منك من قص شارب وحلق عانة وقص أظافر وتسريح شعر وتنقية وسخ لا يفارقك شيء من ذلك من بدنك إلا وأنت على طهارة وذكر الله عز وجل فإنه يسأله عنك كيف تركك وأقل عبادة تقدر عليها عند هذا كله إن تدعوا لله أن يتوب عليك عن أمره تعالى حتى تكون مؤدياً واجباً في امتثالك أمر الله وهو قوله وقال ربكم إدعوني أستجب لكم فأمرك أن تدعوه ثم قال هذه الآية " إن الذين يستكبرون عن عبادتي " يعني هنا بالعبادة الدعاء أي من يستكبر عن الذلة إلي والمسكنة فإن الدعاء سماه عبادة والعبادة ذلة وخضوع ومسكنة سيدخلون جهنم داحرين أي أذلاء فإذا فعلوا ما أمروا به جازاهم الله بدخول الجنة اعزاء ولقد دخلت يوم الحمام لغسيل طرا على سحرًا فلقيت فيه نجم الدين أبا المعالي ابن اللهيب وكان صاحبي فاستدعى بالحلاق يحلق رأسه فصحت به يا أبا المعالي فقال لي من فوره قبل أن أتكلم أني على طهارة قد فهمت عنك فتعجبت من حضوره وسرعة فهمه ومراعاته للموطن وقرأئن الأحوال وما يعرفه مني في ذلك فقلت له بارك الله فيك والله ما صحت بك إلا لتكون على طهارة وذكر عند مفارقة شعرك فدعا لي ثم حلق رأسه ومثل هذا قد أغفله الناس بل يقولون إذا عصيت الله في موضع فتحول عنه لأنهم يخافون عليك أن تذكرك البقعة بالمعصية فتستحليها فتزيد ذنباً إلى ذنب فما ذكروا ذلك إلا شفقة ولكن فاتهم علم كبير فأطع الله فيه حينئذ تتحول عنه فتجمع بين ما قالوه وبين ما وأصيتك به وكلما ذكرت خطيئة أتيتها فتب عنها عقب ذكرك إياها واستغفر الله منها و اذكر الله عندها بحسب ما كانت تلك المعصية فإن رسول الله صلى عليه وسلم يقول اتبع السيئة الحسنة تمحها وقال تعالى " إن الحسنات يذهبن السيئات " ولكن يكون لك ميزان في ذلك تعرف به مناسبات السيئات والحسنات التي تزنها .]



[وصية:

حسن الظن بربك على كل حال ولا تنسى الظن به فإنك لا تدري هل انت على آخر أنفاسك في كل نفس يخرج منك فتموت فتلقى الله على حسن ظن به لا على سوء ظن فإنك لا تدري لعل الله يقبضك في ذلك النفس الخارج إليه ودع عنك ما قال من قال بسوء الظن في حياتك وحسن الظن بالله عند موتك وهذا عند العلماء بالله مجهول فإنهم مع الله بأنفاسهم وفيه من الفائدة والعلم بالله أنك وفيت في ذلك الحق حقه فإن من حق الله عليك الإيمان بقوله ((وننشئكم فيما لا تعلمون)) فلعل الله ينشئك في النفس الذي تظن أنه يأتيك نشأة الموت والانقلاب إليه وأنت على سوء ظن بربك فتلقاه على ذلك وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه أنه عز وجل يقول (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيراً ) وما خص وقتاً من وقت واجعل ظنك بالله علماً بأنه يعفو ويغفر ويتجاوز وليكن داعيك الإلهي إلى هذا الظن قوله تعالى ((يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله )) فنهاك أن تقنط وما نهاك عنه يجب عليك الإنتهاء عنه ثم اخبر وخبره صدق لا يدخله نسخ فإنه لو دخله نسخ لكان كذباً والكذب على الله محال فقال ((إن الله يغفر الذنوب جميعاً)) وما خص ذنباً من ذنب وأكدها بقوله ((جميعاً)) ثم تمم فقال ((إنه هو)) فجاء بالضمير الذي يعود عليه(( الغفور الرحيم)) من كونه سبقت رحمته غضبه وكذل قال (( الذين أسرفوا )) ولم يعين إسرافاً من إسراف وجاء بالاسم الناقص الذي يعمم كل مسرف ثم أضاف العباد إليه لأنهم عباده كما قال الحق عن العبد الصالح عيسى عليه السلام أنه قال(( إن تعذبهم فإنهم عبادك ))فأضافهم إليه تعالى وكفى شرفاً شرف الإضافة إلى الله تعالى .]

[وصية:

عليكم بذكر الله في السر والعلن وفي أنفسكم وفي الملأ فإن الله يقول ((فاذكروني اذكركم)) فجعل جواب الذكر من العبد الذكر من الله وأي ضراء على العبد أضر من الذنب وكان يقول صلى الله عليه وسلم في حال الضراء "الحمد لله علىكل حال" وفي حال السراء "الحمد لله المنعم المفضل " فإنك إذا أشعرت قلبك ذكر الله دائماً في كل حال لا بد أن يستنير قلبك بنور الذكر فيرزقك ذلك النور الكشف فإنه بالنور يقع الكشف للأشياء وإذا جاء الكشف جاء الحياء يصبحه دليلك على ذلك استحياؤك من جارك وممن ترى له حقاً وقدراً ولا شك أن الإيمان يعطيك تعظيم الحق عندك وكلامنا إنما هو مع المؤمنين ووصيتنا إنما هي لكل مسلم مؤمن بالله وبما جاء من عنده والله يقول في الخبر المأثور الصحيح عنه الحديث وفيه" وأنا معه -يعني مع العبد- حين يذكرني أن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير منهم" وقال تعالى ((والذاكرين الله كثيراً والذاكرات)) وأكبر الذكر ذكر الله على كل حال .]


يتبع بعون الله تعالى0000
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

[وصية:

ثابر على اتيان جميع القرب جهد الإستطاعة في كل زمان وحال بما يخاطبك به الحق بلسان ذلك الزمان ولسان ذلك الحال فإنك إن كنت مؤمناً فلن تخلص لك معصية أبداً من غير أن تخالطها فإنك مؤمن بها أنها معصية فإن أضفت إلى هذا التخليط استغفاراً وتوبة فطاعة على طاعة وقربة إلى قربة فيقوى جزء الطاعة التي خلط به العمل السيء ، والإيمان من أقوى القرب وأعظمها عند الله فإنه الأساس الذي إتبنى عليه جميع القرب ومن الإيمان حكمك على الله بما حكم به على نفسه في الخبر الذي صح عنه تعالى الذي ذكر فيه (( وأن تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً وإن أتاني يمشي أيتته هرولة)) وسبب هذا التضعيف من الله والأقل من العبد والأضعف فإن العبد لا بد له أن يتثبت من أجل النية بالقربة إلى الله في الفعل وأنه مأمور بأن يزن أفعاله بميزان الشرع فلا بد من التنبط فيه وإن أسرع ووصف بالسرعة فإنما سرعته في إقامة الميزان في فعله ذلك لأني نفس الفعل فإن إقامة الميزان به تصح المعاملة وقرب الله لا يحتاج إلى ميزان فإن ميزان الحق الموضوع الذي بيده هو الميزان الذي وزنت أنت به ذلك الفعل الذي تطلب به القربة إلى الله فلا بد من هذا نعته أن يكون في قربه منك أقوى وأكثر من قربك منه فوصف نفسه بأنه يقرب منك في قربك منه ضعف ما قربت منه مثلاً يمثل لأنك على الصورة خلقت وأقل خلافة لك خلافتك على ذاتك فأنت خليفته في أرض بدنك ورعيتك جوارحك وقواك الظاهرة والباطنة فعين قربه منك قربك منه وزيادة وهي ما قال من الذراع والباع ولهرولة والشبر إلى الشبر ذراع والذراع إلى الذراع باع والمشي إذا ضاعفته هرولة فهو في الأول الذي هو قربك منه وهو في الآخر الذي هو قر به منك فهو الأول و الآخر وهذا هو القرب المناسب فإ ن القرب الإلهي من جميع الخلق غير هذا وهو قوله (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)) فما أريد هنا ذلك القرب وإنما أريد القرب الذي هو جزاء قرب العبد من الله وليس للعبد قرب من الله إلا بالإيمان بما جاء من عند الله بعد الإيمان بالله وبالمبلغ عن الله تعالى \" .]

[وصية:

الزم نفسك الحديث يعمل الخير وإن لم تفعل ومهما حدثت نفسك بشر فاعزم على ترك ذلك لله إلى أن يغلبك القدر السابق والقضاء اللاحق فإن الله إذا لم يقض لعليك باتيان ذلك الشر الذي حدثت به نفسك كتبه لك حسنة وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل إنه يقول(( إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعملها)) وكلمة ما هنا ظرفية فكل زمان يمر عليه في الحديث يعمل هذه الحسنة وإن لم يعملها فإن ا لله يكتبها له حسنة واحدة في كل زمان يصحبه الحديث بها فيه بلغت تلك الأزمنة من العدد ما بلغت فله بكل زمان حديث حسنة ولهذا قال ((ما لم يعملها )) ثم قال تعالى ((فإذا عملها فأنا أكتبها له بعشرة أمثالها ))ومن هنا فرض العشر فيما سقت السماء إن علمت فإن كانت من الحسنات المتعدية التي لها بقاء فإن الأجر يتجدد عليها ما بقيت إلى يوم القيامة كالصدقة الجارية مثل الأوقاف والعلم الذي يبثه في الناس والسنة الحسنة وأمثال ذلك ثم تمم نعمه على عباده فقال تعالى(( وإذا تحدث بأن يعمل سيئته فأنا أغفرها له ما لم يعملها )) وكلمة ما هنا ظرفية كما كانت في الحسنة سواء والحكم كالحكم في الحديث والجزاء بالغاً ما بلغ ثم قال (( فإذا عملها فإما أكتبها له يمثلها)) فجعل العدل في السيئة والفضل في الحسنة وهو قوله ((للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ))وفهو الفضل وهو ما زاد على المثل ثم أخبر تعالى عن الملائكة أنها تقول بحكم الأصل عليها الذي نطقها في حق أبينا آدم بقولهم (( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)) فما ذكروا إلا مساويئنا وما تعرضت للحسن من ذلك فإن الملأ الأعلى تغلب عليه الغيرة على جناب الله أن يهتضم وعملت من هذه النشأة العنصرية أنها لا بد أن تخالف بها لما هي عليه من حقيقتها وذلك عندها بالذوق من ذاتها وإنما هي في نأتنا اظهر ولولا إن الملائكة في نشأتها على صورة نشأتنا ما ذكر الله عنهم أنهم يختصمون والخصام ما يكون إلا مع الأضداد وما ذكر الله عن الملائكة في حقنا أنهم يقولون ذاك عبدك يريد أن يعمل حسنة فإنظر قوة هذا الأصل ما أحكمه لمن نظر
ومن هنا تعلم فضل الإنسان إذا ذكر خبراً في أحد وسكت عن شره أين تكون درجته مع القصد الجميل من الملائكة فيما ذكروه ولكن نبهتك على ما نهتك عليه من ذلك لتعرف نشأتهم وما جبلوا عليه فكل يعمل على شاكلته كما قال تعالى وأخبر أن الملائكة تقول ذاك عبدك فلان يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به قال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة أنه إنما تركها من جرائي أي من أجلي فالملائكة المذكورة هنا هم الذي قال الله لنا فيهم إن عليكم لحافظين كراماً كاتبين فالمرتبة والتولية أعطتهم أن يتكلموا بما تكلموا به فلهم كتابة الحسن من غير تعريف بما يقدم الله إليهم به في ذلك ويتكلمون في السيئة لما يعلمونه من فضل الله وتجاوزه ولولا ما تكلموا في ذلك ماعرفنا ما هو الأمر فيه عند الله مثل ما يقولونه في مجالس الذكر في الشخص الذي يأتيها إلى حاجته لا لأجل الذكر فأطلق الله للجميع المغفرة وقال هم القوم لا يشقى جليسهم فلولا سؤالهم وتعريفهم بهم ما عرفنا حكم لله فيهم فكلامهم عليهم السلام تعليم ورحمة وأن كان ظاهره كما يسبق إلى الإفهام القاصرة مع الأصل الذي نبهناك عليه وقد قال الله في الحسنة والسيئة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وأغفر بعد الجزاء ليقوم وقبل الجزاء لقوم آخرين فلا بد من المغفرة لكل مسرف على نفسه وإن لم يتب فمن تحقق بهذه الوصية: عرف النسبة بين النشأة الإنسانية والملائكة وأن الأصل واحد كما أن ربنا واحد وله الأسماء المتقابلة فكان الوجود على صورة الأسماء .]


يتبع بعون الله تعالى0000
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:

ثابر على كلمة الإسلام وهي قولك لا إله إلا الله فإنها أفضل الأذكار بما تحوي عليه من زيادة علم وقال صلى الله عليه وسلم ( أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ) فهي كلمة جمعت بين النفي والإثبات والقسمة منحصرة فلا يعرف ما تحوي عليه هذه الكلمة إلا من عرف وزنها وما تزن كما ورد في الخبر الذي نذكره في الدلالة عليها فاعلم أنها كلمة توحيد والتوحيد لا يماثله شيء إذ لو ماثله شيء ما كان واحداً ولكان اثنين فصاعد فما ثم ما يزنه فإنه ما يزنه إلا المعادل والمماثل وما ثم مماثل ولا معادل فذلك هو المانع الذي منع لا إله إلا الله أن تدخل الميزان فإن العامة من العلماء يرون أن الشرك الذي هو يقابل التوحيد لا يصح وجود القول به من العبد مع وجود التوحيد فالإنسان إما مشرك وإما موحد فلا يزن التوحيد إلا الشرك فلا يجتمعان في ميزان وعندنا إنما لم يدخل في الميزان لما ورد في الخبر لمن فهمه واعتبره وهو خبر صحيح عن الله يقول الله ( لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع وعامرهن غيري في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله ) فما ذكر السماوات والأرض لأن الميزان ليس له موضع ما تحت مقعر فلك الكواكب الثابتة من السدرة المنتهى التي تنتهي إليها أعمال العباد ولهذه الأعمال وضع الميزان فلا تتعدى الميزان الموضع الذي لا يتعدّاه الأعمال ثم قال ( وعامرهنّ غيري) وما لها عامر إلا الله فالخبير تكفيه الإشارة وفي لسان العموم من علماء الرسوم يعني بالغير الشريك الذي أثبته المشرك لو كان له اشتراك في الخلق لكانت لا إله إلا الله تميل به في الميزان لأن لا إله إلا الله الأقوى على كل حال لكون المشرك يرجح جانب الله تعالى على جانب الذي أشرك به فقال بهم فيهم أنهم قالوا (( ما نعبدهم إلا لقربونا إلى الله زلفى )) فإذا رفع ميزان الوجود لا ميزان التوحيد دخلت لا إله إلا الله فيه وقد تدخل في ميزان توحيد العظمة وهو توحيد المشركين فتزنه لا إله إلا الله ويميل به فإنه إذا لم يكن العامر غير الله فلا تميل وعينه ما ذكره إنما هو الله قال أين تميل وما ثم إلا واحد في الكفتين وأما صاحب السجلات فما مالت الكفة إلا بالبطاقة لأنها هي التي حواها الميزان من كون لا إله إلا الله يلفظ بها قائلها فكتبها الملك فهي لا إله إلا الله المكتوبة المخلوقة في النطق ولو وضعت لكل أحد ما دخل النار من تلفظ بتوحيد وإنما أراد الله أن يرى فضلها أهل الموقف في صاحب السجلات ولا يراها ولا توضع إلا بعد دخول من شاء الله من الموحدين النار فإذا لم يبق في الموقف موحد قد قضى الله عليه أن يدخل النار ثم بعد ذلك يخرج بالشفاعة أو بالعناية الإلهية عند ذلك يؤتي بصاحب السجلات ولم يبق في الموقف إلا من يدخل الجنة ممن لا حظ له في النار وهو آخر من يوزن له من الخلق فإن لا إله إلا الله له البدء والختام وقد يكون عين بدئها ختامها كصاحب السجلات ثم اعلم أن الله ما وضع في العموم من القوة ما يقابل به كل ضد وهذا لا يتفطن له كل عارف من أهل الله إلا الأنبياء الذين شرعوا للناس ما شرعوا ولا شك أنه قال صلى الله عليه وسلم ( أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ) وقد قال ما أشارت إلى فضله من ادعى الخصوص من الذكر بكلمة الله الله وهو هو ولا شك أنه من جملة الأقوال التي لا إله إلا الله أفضل منها عند العلماء بالله
فعليك يا ولي بالذكر الثابت في العموم فإنه الذكرالأقوى وله النور الأضوي والمكانة الزلفى ولا يشعر بذلك إلا من لزمه وعمل به حتى أحكمه فإن الله ما وسع رحمته إلا للشمول وبلوغ المأمول وما من أحد إلا وهو يطلب النجاة وإن جهل طريقها فمن نفى بلا إله عينه أثبت بإلا الله كونه فتنفي عينك حكماً لا علماً وتوجب كون الحق حكماً وعلماً والإله من له جميع الأسماء وليست إلا لعين واحدة وهي مسمى الله عامر السماوات والأرض الذي بيده ميزان الرفع والخفض فعليك بلزوم هذا الذكر الذي قرن الله به وبالعلم به السعادة فعم 0



[B][وصية:

- وإياك ومعاداة أهل لا إله إلا الله فإن لها من الله الولاية العامة فهم أولياء الله وإن أخطئوا وجاءوا بتراب الأرض خطايا لا يشركون بالله لقيهم الله بمثلها مغفرة ومن ثبتت ولايته فقد حرمت محاربته ومن حارب الله فقد ذكر الله جزاءه في الدنيا والآخرة وكل من لم يطلعك الله على عداوته لله فلا تتخذه عدوّاً وأقل أحوالك إذا جهلته أن تهمل أمره فإذا تحققت أنه عدوّ لله وليس إلا المشرك فتبرأ منه كما فعل إبراهيم الخليل عليه السلام في حق أبيه آزر وقال الله عز وجل (( فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه )) هذا ميزانك يقول الله تعالى ((لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم)) كما فعل إبراهيم الخليل (( أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)) ومتى لا تعلم ذلك فلا تعاد عباد الله بالإمكان ولا بما ظهر على اللسان والذي ينبغي لك أن تكره فعله لا عينه والعدو لله إنما تكره عينه ففرق بين من نكره عينه وهو عدو الله وبين من تكره فعله وهو المؤمن أو من تجهل خاتمته ممن ليس بمسلم في الوقت واحذر قوله تعالى في الصحيح ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) فإنه إذا جهل أمره وعاداه فما وفى حق الحق في خلقه فإنه ما يدري علم الله فيه وما بينه الله له حتى يتبرأ منه ويتخذه عدوّاً وإذا علم حاله الظاهر وإن كان عدو الله في نفس الأمر وأنت لا تعلم فواله لإقامة حق الله ولا تعاده فإن الاسم الإلهي الظاهر يخاصمك عند الله فلا تجعل عليك حجة فتهلك فإن لله الحجة البالغة فعامل عباد الله بالشفقة والرحمة كما أن الله يرزقهم على كفرهم وشركهم مع علمه بهم وما رزقهم إلا لعلمه لأن الذي هم فيه ما هم فيه بهم بل وهم فيه بهم لما قد ذكرناه بلسان العموم فإن الله خالق كل شيء وكفرهم وشركهم مخلوق فيهم وبلسان الخصوص ما ظهر حكم في موجود إلا بما هو عليه في حال العدم في ثبوته الذي علمه الله منه فلله الحجة البالغة على كل أحد مهما وقع نزاع ومحاجة فيسلم الأمر إليه واعلم أنك ما كنت عليه وعم برحمتك وشفقتك جميع الحيوان والمخلوقين ولا تقل هذا نبات وجماد ما عندهم خبر نعم عندهم أخبار أنت ما عندك خبر فاترك الوجود على ما هو عليه وارحمه برحمة موجده في وجوده ولا تنظر فيه من حيث ما يقام فيه في الوقت حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين فيتعين عليك عند ذلك أن تتخذهم أعداء لأمر الله لك بذلك حيث نهاك أن تتخذ عدوّه ولياً تلقى إليه بالمودّة فإن اضطرك ضعف يقين إلى مداراتهم فدارهم من غير أن تلقى إليهم بمودة ولكن مسالمة لدفع الشر عنك ففوّض الأمر إليه واعتمد في كل حال عليه إلى أن تلقاه -
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية: -

وعليك بملازمة ما افترضه الله عليك على الوجه الذي أمرك أن تقوم فيه فإذا أكملت نشأة فرائضك وإكمالها فرض عليك حينئذ تتفرّغ ما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت ولا تحقر شيئاً من عملك فإن الله ما احتقره حين خلقه وأوجده فإن الله ما كلفك بأمر إلا وله بذلك الأمر اعتناء وعناية حتى كلفك به مع كونك في الرتبة أعظم عنده فإنك محل لوجود ما كلفك به إذ كان التكليف لا يتعلق إلا بأفعال المكلفين فيتعلق بالمكلف من حيث فعله لا من حيث عينه واعلم أنك إذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقرّبت إلى الله بأحب الأمور المقرّبة إليه وإذا كنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق وبصره فلا يسمع إلا بك ولا يبصر إلا بك فيد الحق يدك ((إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم وأيديهم من حيث يد الله هي فوق أيديهم )) من حيث ما هي أيديهم فإنها المبايعة اسم فاعل والفاعل هو الله فأيديهم يد الله فبأيديهم بايع تعالى وهم المبايعون والأسباب كلها يد الحق التي لها اقتدار على إيجاد المسببات وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل فإن للمثابرة على النوافل حباً إلهياً منصوصاً عليه يكون الحق سمع العبد وبصره كما كان الأمر بالعكس في حب أداء الفرائض ففي الفرض عبودية الاضطرار وهي الأصلية وفي الفرع وهو النفل عبودية الاختيار فالحق فيها سمعك وبصرك ويسمى نفلاً لأنه زائد كما أنك بالأصالة زائد في الوجود إذ كان الله ولا أنت ثم كنت فزاد الوجود الحادث فأنت نفل في وجود الحق فلا بد لك من عمل يسمى نفلاً هو أصلك ولا بد من عمل يسمى فرضاً وهو أصل الوجود وهو وجود الحق ففي أداء الفرض أنت له وفي النفل أنت لك وحبه إياك من حيث ما أنت له أعظم وأشد من حبه إياك من حيث ما أنت لك وقد ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى ( ما تقرّب إلي عبد بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته فكنت سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصره ويده التي يبطش ورجله التي بها يمشي ولئن سألني لأعطيته ولئن استعاذ بي لأعيذته وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) فانظر إلى ما تنتجه محبة الله فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض وفي النفل عينه فروض ونوافل فبما فيه من الفروض تكمل الفرائض ورد في الصحيح أنه يقول تعالى ( انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها) فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئاً قال (انظروا هل لعبدي من تطوّع ) فإن كان له من تطوع قال الله ( أكملوا لعبدي فريضته من تطوّعه ) ثم تؤخذ الأعمال على ذلكم وليست النوافل إلا ما لها أصل في الفرائض وما لا أصل له في فرض فذلك إنشاء عيادة مستقلة يسميها علماء الرسوم بدعة فإن الله تعالى قال (( ورهبانية ابتدعوها )) وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة حسنة والذي سنها لها أجرها من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ولما لم يكن في قوّة النفل أن يسد مسد الفرض جعل في نفس النفل فروضاً لتجبر الفرائض بالفرائض كصلاة النافلة بحكم الأصل ثم أنها تشتمل على فرائض من ذكر وركوع وسجود مع كونها في الأصل نافلة وهذه الأقوال والأفعال فرائض فيها - .]



وصية: -

وعليك بمراعاة أقوالك كما تراعي أعمالك فإن أقوالك من جملة عملك ولهذا قال بعض العلماء من عد كلامه من عمله قل كلامه واعلم أن الله راعى أقوال عباده وأن الله عند لسان كل قائل فما نهاك الله عنه أن تتلفظ به فلا تتلفظ به وإن لم تعتقده فإن الله سائلك عنه روينا أن الملك لا يكتب على العبد ما يعمله حتى يتكلم به قال تعالى (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) يريد الملك الذي يحصي عليك أقوالك يقول تعالى (( ان عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون)) وأقوالك من أفعالك انظر في قوله تعالى (( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات )) فنهاك عن القول فإنه كذب الله من قال مثل هذا القول فإن الله قال فيهم أنهم أحياء ألا ترى إلى قوله تعالى حيث يقول (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم )) وقال (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول )) وقال ((لا خير في كثير من نجواهم )) وهو القول فإذا تكلمت فتكلم بميزان ما شرع الله لك أن تتكلم به وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يمزح ولا يقول إلا حقاً ) فعليك بقول الحق الذي يرضي الله فإن النميمة حق والغيبة حق وهي لا ترضى إلا حقاً فعليك بقول الحق الذي يرضي الله فما كل حق يقال يرضي الله فإن النميمة حق والغيبة حق وهي لا ترضي الله وقد نهيت أن تغتاب وأن تنم بأحد ومن مراعاة الله الأقوال ما رويناه في صحيح مسلم عن الله تعالى لما مطرت السماء قال عز وجل ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب وأما من مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب) فراعى أقوال القائلين وكان أبو هريرة يقول إذا مطرت السماء مطرنا بنوء الفتح ثم يتلو قوله تعالى (( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها )) ولو كنت تعتقد أن الله هو الذي وضع الأسباب ونصبها وأجرى العادة عندنا بأنه يفعل الأشياء عندها لا بها ومع هذا كله لا تقل ما نهاك الله عنه أن تقوله وتتلفظ به فإنه كما نهاك عن أمور نهاك عن القول وإن كان حقاً وانظر ما أحكم قول الله عز وجلّ في قوله( مؤمن بي كافر بالكوكب وكافر بي مؤمن بالكوكب) فإنه مهما قال بفضل الله فقد ستر الكوكب حيث لم ينطق باسمه ومن قال بالكوكب فقد ستر الله وإن اعتقد أنه الفاعل منزل المطر ولكن لم يتلفظ باسمه فجاء تعالى بلفظ الكفر الذي هو الستر فإياك والاستمطار بالأنواء أن تتلفظ به فأحرى أن تعتقده فإن اعتقادك إن كنت مؤمناً أن الله نصبها أدلة عادية وكل دليل عادي يجوز خرق العادة فيه فاحذر من غوائل العادات لا تصرفنك عن حدود الله التي لا حدّ لك فلا تتعداها فإن الله ما حدها حتى راعاها وذلك في كل شيء ورد في الخبر الصحيح ( أن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيهوى بها في النار سبعين خريفاً وأن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيرفع بها في عليين) فلا تنطق إلا بما يرضي الله لا بما يسخط الله عليك وذلك لا يتمكن لك إلا بمعرفة ما حده لك في نطقك وهذا باب أغفله الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ) وقال الحكيم ( لا شيء أحق بسجن من لسان ) وقد جعله الله خلف بابين الشفتين والأسنان ومع هذا يكثر الفضول ويفتح الأبواب - .]


يتبع بعون الله0000

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #6
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية: -

وإياك أن تصوّر صورة بيدك من شأنها أن يكون لها روح فإن ذلك يهوّنه الناس على أنفسهم وهو عند الله عظيم فالمصوّرون أشد الناش عذاباً يوم القيامة يقال للمصوّر يوم القيامة أحي ما خلقت أو انفخ فيها روحاً وليس بنافخ وقد ورد في الصحيح عن الله تعالى أنه قال( ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة ) وإن العبد إذا راعى هذا القدر وتركه لما ورد عن الله فيه ولم يزاحم الربوبية في تصوير شيء لا من الحيوان ولا من غيره فإنه يطلع على حياة كل صورة في العالم فيراه كله حيواناً ناطقاً يسبح بحمد الله وإذا سامح نفسه في تصوير النبات وما ليس له روح في الشاهد في نظر البصر في المعتاد فلا يطلع على مثل هذا الكشف أبداً فإنه في نفس الأمر لكل صورة من العالم روح أخذ الله بأبصارنا عن إدراك حياة ما يقول عنه أنه ليس بحيوان وفي الآخرة يتكشف الأمر في العموم ولهذا سماها بالدار الحيوان فما ترى فيها شيئاً إلا حياً ناطقاً بخلاف حالك في الدنيا كما روى في الصحيح أن الحصى سبح في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل الناس خرق العادة في تسبيح الحصى وأخطأوا وإنما خرق العادة في سمع السامعين ذلك فإنه لم يزل مسبحاً كما أخبر الله إلا أن يسبح بتسبيح خاص أو هيئة في النقط خاصة لم يكن الحصى قبل ذلك يسبح به ولا على تلك الكيفية فحينئذ يكون خرق العادة في الحصى لا في سمع السامع والذي في سمع السامع كونه سمع نطق من لم تجر العادة أن يسمعه - .]



[وصية: -


وعليك يا أخي بعيادة المرضى لما فيها من الاعتبار والذكرى فإن الله خلق الإنسان من ضعف فينبهك النظر إليه في عيادتك على أصلك لتفتقر إلى الله في قوّة يقويك بها على طاعته وأن الله عند عبده إذا مرض ألا ترى إلى المريض ما له استغاثة إلا بالله ولا ذكر إلا الله فلا يزال الحق بلسانه منطوقاً به وفي قلبه التجاء إليه فالمريض لا يزال مع الله أي مريض كان ولو تطيب وتناول الأسباب المعتادة لوجود الشفاء عندها ومع ذلك فلا يغفل عن الله وذلك لحضور الله عنده وأن الله يوم القيامة يقول ( يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده أما أنك لو عدته لوجدتني عنده) الحديث وهو صحيح فقوله ( لوجدتني عنده ) هو ذكر المريض ربه في سرّه و علانيته وكذلك إذا استطعمك أحد من خلق الله أو استسقاك فأطعمه واسقه إذا كنت واجداً لذلك فإنه لو لم يكن لك من الشرف والمنزلة إلا أن هذا المستطعم والمستسقي قد أنزلك منزلة الحق الذي يطعم عباده ويسقيهم وهذا نظر قل من يعتبره انظر إلى السائل إذا سأل ويرفع صوته يقول بالله أعطني فما نطقه الله إلا اسمه في هذه الحال وما رفع صوته إلا ليسمعك أنت حتى تعطيه فقد سماك بالاسم الله والتجأ إليك برفع الصوت التجاءه إلى الله ومن أنزلك منزلة سيده فينبغي لك أن لا تحرمه وتبادر إلى إعطائه ما سألك فيه فإن في هذا الحديث الذي سقناه آنفاً في مرض العبد أن الله يقول ( يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعني قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلاناً استطعمك قلم تطعمه أما لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلاناً استسقاك فلم تسقه أما لو سقيته لوجدت ذلك عندي ) خرّج هذا الحديث مسلم عن محمد بن حاتم عن بهز عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله نفسه في هذا الخبر منزلة عبده فالعبد الحاضر مع الله الذاكر الله في كل حال في مثل هذه الحال يرى الحق أنه الذي استطعمه واستسقاه فيبادر لما طلب الحق منه فإنه لا يدري يوم القيامة لعله يقام في حال هذا الشخص الذي استطعمه واستسقاه من الحاجة فيكافئه الله على ذلك وهو قوله ( لوجدت ذلك عندي ) أي تلك الطعمة والشربة كنت أرفعها وأربيها حتى تجيء يوم القيامة فأردها عليك أحسن وأطيب وأعظم مما كانت فإن لم تكن لك همة أن ترى هذا الذي استسقاك قد أنزلك منزلة من بيده قضاء حاجته إذ جعلك الله خليفة عنه فلا أقل أن تقضي حاجة هذا السائل بنية التجارة طلباً للربح وتضاعف الحسنة فكيف إذا وقفت على مثل هذا الخبر ورأيت أن الله هو الذي سألك ما أنت مستخلف فيه فإن الكل لله وقد أمرك بالإنفاق مما استخلفك فيه فقال ((وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه )) وعظم الأجر فيه إذا أنفقت فلا ترد سائلاً ولو بكلمة طيبة والقه طلق الوجه مسروراً به فإنك إنما تلقى الله وكان الحسين أو الحسن عليهما السلام إذا سأله السائل سارع إليه بالعطاء ويقول أهلاً والله وسهلاً بحامل زادي إلى الآخرة لأنه رآه قد حمل عنه فكان له مثل الراحلة لأن الإنسان إذا أنعم الله عليه نعمة ولم يحمل فضلها غيره فإنه يأتي بها يوم القيامة وهو حاملها حتى يسأل عنها فلهذا كان الحسن يقول أن السائل حامل زاده إلى الآخرة فيرفع عنه مؤنة الحمل - .]



يتبع بعون الله تعالى 0000

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:

وإياكم ومظالم العباد فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وظلم العباد أن تمنعهم حقوقهم التي أوجب الله عليك أداءها إليهم وقد يكون ذلك بالحال فيما تراه عليه من الاضطرارات وأنت قادر واجد لسد خلته ودفع ضرورته فيتعين عليك أن تعلم أن له بحاله حقاً في مالك فإن الله ما أطلعك عليه إلا لتدفع إليه حقه وإلا فأنت مسؤول فإن لم يكن لك قدرة بما تسد خلته فاعلم أن الله ما أطلعك على حاله سدى فاعلم أنه يريد منك أن تعينه بكلمة طيبة عند من تعلم أنه يسد خلته فإن لم تعمل فلا أقل من دعوة تدعو له ولا يكون هذا إلا بعد بذل المجهود واليأس حتى لا يبقى عندك إلا الدعاء ومهما غفلت عن هذا القدر فأنت جملة من ظلم صاحب هذا الحال كله إن مات ذلك المحتاج من تلك الحاجة فإن لم يمت وسد خلته غيرك من المؤمنين فقد أسقط أخوك عنك هذه المطالبة من حيث لا يشعر فإن المؤمن أخو المؤمن لا يسلمه وإن لم ينو المعطي ذلك ولكن هكذا هو في نفس الأمر وكذا يقبله الله فإذا أعطيت أنت سائلاً بالحال ضرورته فأنوِ في ذلك أن تنوب عن أخيك المؤمن الأوّل الذي حرمه وتجعل ذلك منه إيثاراً لجنابك عليه بذلك الخير الذي أبقاه من أجلك حتى تصيبه إذ لو أعطاه اقتنع بما أعطاه ولم تكن تجد أنت ذلك الخير فبهذه النية عطاء العارفين أصحاب الضرورات السائلين بأحوالهم وأقوالهم (( وأما السائل فلا تنهر)) وسواء كان ذلك في القوت المحسوس أو المعنوي فإن العلم من هذا الباب والإفادة فإن الضال يطلب الهداية والجائع إلا طعام والعاري يطلب الكسوة التي تقيه برد الهواء وحره وتستر عورته والجاني العالم بأنك قادر على مؤاخذته يطلب منك العفو عن جنايته فأهد الجيران وأطعم الجائع واسق الظمآن واكسِ العريان واعلم أنك فقير لما يفتقر إليك فيه والله غني عن العالمين ومع هذا يجيب دعاءهم ويقضي حوائجهم ويسألهم أن يسألوه في دفع المضار عنهم وأيضاً المنافع إليهم فأنت أولى أن تعامل عباد الله بمثل هذا لحاجتك إلى الله في هذه الأمور خرج مسلم في الصحيح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي عن مروان بن محمد الدمشقي عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال (( يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستسكوني أكسكم يا عبادي أنتم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم )) والحق تعالى يعطيكم هذا كله من غير سؤال منك إياه فيه ولكن مع هذا أمرك أن تسأله فيعطيك إجابة لسؤالك ليريك عنايته بك حيث قبل سؤالك وهذه منزلة أخرى زائدة على ما أعطاك وإذا كان سؤالك عن أمره وقد علم منك أنك تسأله ولا بد من ضرورة أصل ما خلقت عليه من الحاجة والسؤال لتكون في سؤالك مؤدياً أمراً واجباً فتجزي جزاء من امتثل أمر الله فنزيد خيراً خير فما أمرك إلا رحمة بك وإيصال خير إليك ولينبهك على أن حاجتك إليه لا إلى غيره فإنه ما خلقك إلا لعبادته أي لتذلّ له فالذي أوصيك به الوقوف عند أوامر الحق ونواهيه والفهم عنه في ذلك حتى تكون من العلماء بما أراده الحق منك في أمره ونهيه إياك ومن لم يسأل ربه فقد بخله هذا في حق العموم فإن فرّطت فيما أوصيتك به فلا تلومن إلا نفسك فإنك إن كنت جاهلاً فقد علمتك وإن كنت ناسياً فلا فقد نبهتك وذكرتك فإن كنت مؤمنً فإن الذكرى تنفعك فإني قد امتثلت أمر الله بما ذكرتك به وانتفاعك بالذكرى شاهد لك بالإيمان قال الله عز وجلّ في حقي وفي حقك (( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) فإن لم تنفعك الذكرى فإنهم نفسك في إيمانك فإن الله صادق وقد أخبر بأن الذكرى تنفع المؤمنين ومن تمام هذا الخبر الإلهي الذي أوردناه بعد قوله (( أغفر لكم )) إن قال (( عبادي أنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني )) ومعلوم أنه سبحانه لا يتضرر ولا ينتفع فإن الغنيّ عن العالمين ولكن لما أنزل نفسه منزلة عبده فيما ذكرناه من الاستطعام نبهنا بالعجز عن بلوغ الغاية في ضر العباد له أو في نفعهم فمن المحال بلوغ الغاية في ذلك ولكون الله قد قال في حق قوم أنه ما تبعوا ما اسخط وهو في الظاهر ضر ونزه نفسه عن ذلك وكذبك من فعل فعلاً يرضى الله به ويفرحه كالتائب في فرح الله بتوبة عبده فكان هذا الخبر كالدواء لما يطرأ من المرض من ذلك في بعض النفس الضعيفة في العلم بالله التي لا علم لها بما يعطيه قوله (( ليس كمثله شيء )) ثم من تمام هذا الخبر قوله (( يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك من ملكي شيئاً يا عبادي لو أن أولكم وأخركم أنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيءً يا عبادي لو أن أولكم وأخركم أنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل في البحر)) وهذا كله دواء لما ذكرناه من أمراض النفوس الضعيفة فاستعمل يا ولى هذه الأدوية يقول الله (( إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) ومن سأل عن حاجة فقد ذل ومن ذل لغير الله فقد ضل وظلم ولم يسلك بها طريق هداها (( وهذه وصيتي إياك فالزمها ونصيحتي فاعلمها ومازال الله تعالى يوصي عباده في كتابه وعلى ألسنة رسله فكل من أوصاك بما في استعماله سعادتك فهو رسول من الله إليك فاشكره عند ربك ))
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية: -

إذا رأيت عالماً لم يستعمله علمه فاستعمل أنت علمك في أدبك معه حتى توفى العالم حقه من حيث ما هو عالم ولا تحجب عن ذلك بحالة السيء فإن له عند الله درجة علمه فإن الإنسان يحشر يوم القيامة مع من أحب ومن تأدب مع صفة إلهية كسبها يوم القيامة وحشر فيها وعليك بالقيام بكل ما تعلم أن الله يحبه منك فتبادر إليه فإنك إذا تحليت به على طريق التحبب إلى الله تعالى أحبك وإذا أحبك أسعدك بالعلم به وبتجليه وبدار كرامته فينعمك في بلائك والذي يحبه تعالى أمور كثيرة اذكر منها ما تيسر على جهة الوصية: والنصيحة فمن ذلك التجمل لله فإنه عبادة مستقلة ولاسيما في عبادة الصلاة فإنك مأمور به قال الله تعالى (( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)) وقال في معرض الإنكار (( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الأيام لقوم يعلمون)) وأكثر من هذا البيان في مثل هذا في القرآن فلا يكون ولا فرق بين زينة الله وزينة الحياة الدنيا إلا بالقصد والنية وغنما عين الزينة هي ما هي أمر آخر فالنية روح الأمور وإنما لا امرئ ما نوى فالهجرة من حيث ما كانت هجرة واحدة العين فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه وكذلك ورد في الصحيح في بيعة الإمام في الثلاثة الذي لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وفيه ( ورجل بايع إماماً يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفي وإن لم يعطه منها لم يف ) فالأعمال بالنيات وهي أحد أركان بيت الإسلام وورد في الصحيح في مسلم إن رجالا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا رسول الله إني أحب أن يكون نعلي حسناً وثوبي حسناً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله جميل يحب الجمال ) وقال ( إن الله أولى من يتجمل له ) ومن هذا الباب
كون الله تعالى لم يبعث إليه جبريل في أكثر نزوله عليه إلا في صورة حية وكان أجمل أهل زمانه وبلغ من أثر جماله في الخلق أنه لما قدم المدينة واستقبله الناس ما رأته امرأة حالم إلا ألقت ما في بطنها فكأن الحق يقول يبشر نبيه صلى الله عليه وسلم بإنزال جبريل عليه في صورة حية ( يا محمد ما بيني وبينك إلا صورة الجمال ) يخبره تعالى بما له في نفسه سبحانه بالحل فمن فإنه التجمل لله كما قلناه فقد فاته من الله هذا الحب الخاص المعين وإذا فاته هذا الحب الخاص المعين وإذا فاته هذا الحب الخاص المعين فإنه من الله ما ينتجه من علم وتجمل وكرامة في دار السعادة ومنزلة في كثيب الرؤية وشهود معنوي علمي روحي في هذه الدار الدنيا في سلوكه ومشاهده ولكن كما قلنا ينوى بذلك التجمل لله لا للزينة والفجر بعرض الدنيا والزهو والعجب والبطر على غيره 0
ومن ذلك الرجوع إلى الله
عند الفتنة فإن الله يحب كل مفتن تواب كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ((هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )) والبلاء والفتنة بمعنى واحد وليس إلا الاختبار لما هو الإنسان عليه من الدعوى ( إن هي إلا فتنتك ) أي اختبارك ( تضل بها من تشاء ) أي تحيره (وتهدى بها من تشاء ) أي تبين له طريقة نجاته فيها
(وأعظم الفتن) النساء والمال والولد والجاه هذه الأربعة إذا ابتلى الله بها عبداً أو بواحد منها وقام مقام الحق في نصبها له ورجع إلى الله فيها ولم يقف معها من حيث عينها وأخذها نعمة ألهية أنعم الله عليه بها ردته إليه تعالى وأقامته في مقام الشكر وحقه الذي هو رؤية النعمة منه تعالى كما ذكر ماجه في سننه عن رسول الله صلى الله علي وسلم أنه قال (( أوحى الله لموسى عليه السلام فقال له يا موسى اشكرلي حق الشكر قال موسى يا رب وما حق الشكر قال له يا موسى إذا رأيت النعمة مني فذلك حق الشكر )) ولما غفر الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذ نبه وما تأخر وبشره ذلك بقوله تعالى (( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر )) قام حتى تورمت قدماه شكر الله تعالى على ذلك فما فتر ولا جنح إلى الراحة ولما قيل له في ذلك وسئل في الرفق بنفسه قال صلى الله عليه وسلم ( أفلا أكون عبداً شكورا ً) وذلك لما سمع الله يقول ((بل الله فاعبد وكن من الشاكرين )) فإن لم يقم في مقام شكر المنعم فإنه من الله هذا الحب الخاص بهذا المقام الذي لا يناله من الله إلى الشكور فإن الله يقول وقليل من عبادي الشكور وإذا فاته فإنه ماله منا لعلم بالله والتجلي والنعيم الخاص به في دار الكرامة وكشيب الرؤية يوم الزور إلا عظم فإنه لكل حب إلهي من صفة خاصة علم وتجل ونعيم ومنزلة لا بد من ذلك يمتاز بها صاحب تلك الصفة من غيره
(فأما فتنة النساء) فصورة رجوعه إلى الله في محبتهم ب يرى أن الكل أحب بعضه وحن إليه فما أحب سوى نفسه لأن المرأة في الأصل خلقت من الرجل من ضلعه القصرى فينزلها من نفسه منزلة الصورة التي خلق الله الإنسان الكامل عليها وهي صورة الحق فجعلها الحق مجلي له وإذا كان الشيء مجلي للناظر فلا يرى الناظر في تلك الصورة إلا نفسه فإذا رأى في هذه المرأة نفسه أشتد حبه فيها وميله إليها لأنها صورته وقد تبين لك أن صورته صورة الحق التي أوجده عليها فما رأس غلا الحق ولكن بشهوة حب والتذاذ وصلة يفنى فيها فناء حق بحب صدق وقابلها بذاته مقابلة المثلية ولذلك فنى فيها فما من جزء فيه إلا وهو فيها والمحبة قد سرت في جميع أجزائه فتلعق كله بها فلذلك فنى في مثله الفناء الكلي بخلاف حبه غير مثله فاتحد بمحبوبه إلى أن قال
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
وقال الآخرون في هذا المقام أنا الله فإذا احببت شخصاً مثلك هذا الحب ردك إلى الله شهودك فيه هذا الرد فأنت ممن أحبه الله وكانت هذه الفتنة فتنة أعطتك المهداة0
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وأما ما الطريقة الأخرى في حب النساء فإنهن محال الانفعال والتكوين لظهور أعيان الأمثال فيك كل نوع ولا شكل أن الله ما أحب أعيان العالم في حال العالم في حال عدم العالم إلا لكون تلك الأعيان محل الانفعال فلما توجه عيها من كونه مريد أقال لها كن فكانت فظهر ملكه بها في الوجود وأعطت تلك الأعيان لله حقه في ألوهيته فكان إلهاً فعبدته تعالى بجميع الأسماء بالحال سواء علمت تلك الأسماء أو لم تعلمها فما بقي اسم لله إلا والعبد قد قام فيه بصورته وحاله وإن لم يعلم نتيجة ذلك الاسم وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه بأسماء الله ( أو استأثرت به في علم غيبك أو علمته أحداً من خلقك ) يعنى من أسمائه أن يعرف عينه حتى يفصله من غيره علماً فإن كثيراً من الأمور في الإنسان بالصورة والحال ولا يعلم بها ويعلم الله منه أن ذلك فيه فإذا أحب المرأة لما ذكرناه فقد رده حبها إلى الله تعالى فكانت نعمة الفتنة في حقه فأحبه الله برجعته إليه تعالى في حبه إياها0
وأما تعلقه بامرأة خاصة في ذلك دون غيرها وإن كانت هذه الحقائق التي ذكرناها سارية في كل امرأة فذلك لمناسبة روحانية بين هذين الشخصين في أصل النشأة والمزاج الطبيعي والنظر الروحي فمنه ما يجرى إلى أجل مسمى ومنه ما يجري إلى غير أجل بل أجله الموت والتعلق لا يزول كحب النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فإنه كان يحبها أكثر من حبه جميع نسائه وحبه أبا بكر أيضاً وهو أبوها فهذه المناسبات الثواني هي التي تعين الأشخاص والسبب الأول هو م ذكرناه ولذلك الحب المطلق والسماع المطلق والرؤية المطلقة التي يكون عليها بعض عباد الله ما تختص بشخص في العالم دون شخص فكل حاضر عنده له محبوب وبه مشغول ومع هذا لا بد من ميل خاص لبعض الأشخاص لمناسبة خاصة مع هذا الإطلاق لا بد من ذلك فإن نشأة العالم تعطي في آحاده هذا الأبد من تقييد والكامل من يجمع بين التقييد والإطلاق فالإطلاق مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( حبب إلى من دنياكم ثلاث - النساء ) وما خص امرأة من امرأة ومثل التقييد ما روى من حبه عائشة أكثر من سائر نسائه لنسبة إلهية وحانية قيدته بها دون غيرها مع كون يحب النساء فهذا قد ذكر يا من الركن الواحد ما فيه كفاية لمن فهم 0
وأما الركن الثاني
في بيت الفتن وهو الجاه المعبر عنه بالرياسة يقول فيه الطائفة التي لا علم لها منهم ( آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ) فالعارفون من أصحاب هذا القول ما يقولون ذلك على ما تفهمه العامة من أهل الطريق منهم وإنما ذلك على ما نبينه من مقصود الكمل من أهل الله بذلك وذلك أن في نفس الإنسان أموراً كثيرة خبأها الله فيه (( وهو الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون )) أي ما ظهر منكم وما خفى مما لا تعلمونه منكم فيك فلا يزال الحق يخرج لعبده من نفسه مما أخفاه فيها ما لم يكن يعرف أن ذلك في نفسه كالشخص الذي يرى منه الطبيب من المرض ما لا يعرفه العليل من نفسه كذلك ما خبأه الله في نفوس الخلق ألا تراه يقول صلى الله عليه وسلم ( من عرف نفسه عرف ربه ) وما كل أحد يعرف نفسه مع أن نفسه عينه لا غير ذلك فلا يزال الحق يخرج للإنسان من نفسه ما خبأه فيها فيشهد فيعلم من نفسه عند ذلك ما لم يكن بعلمه قبل ذلك فقالت الطائفة الكثيرة ( آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ) فيظهر لهم إذا خرج فيحبون الرياسة بحب غير حب العامة لها فإنهم يحبونها من كونهم على ما قال الله فيهم إنه سمعهم وبصرهم وذكر جميع قواهم وأعضاءهم فإذا كانوا بهذه المثابة فما الحب أحبوا الرياسة إلا بالله إذاً لتقدم لله على العالم فإنهم عبيده وما كان الرئيس غلا بالمرؤوس وجودا وتقديراً فحبه للمرؤوس أشد الحب لأنه المثبت له الرياسة فلا أحب من الملك في ملكه لأن ملكه المثبت له كونه ملكاً فهاذ معنى ( آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ) لهم فيرونه ويشهدونه ذوقاً لا أنه يخرج من قلوبهم فلا يحبون الرياسة فإنهم إن لم يحبوها فما حصل لهم العلم بها ذوقاً وهي الصورة التي خلقهم الله عليها في قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله خلق آدم على صورته ) في بعض تأويلات هذا الخبر ومحتملاته فأعلم ذلك
والجاه إمضاء الكلمة ولا أمضى كلمة من قوله (( إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون )) فاعظم الجاه من كان جاهه بالله فيرى هذا العبد مع بقاء عينه فيعلم عند ذلك أنه المثل الذي لا يماثل فإنه بعد رب والله عز وجل رب لا عبد فله الجمعية وللحق الإنفراد0
( وأما الركن الثالث ) وهو المال وما سمي المال بهذا الاسم إلا لكونه يمال إليه طبعاً فاختبر الله به عباده حيث جعل تيسير بعض الأمور بوجوده وعلق القلوب بمحبة صاحب المال وتعظيمه ولو كان بخيلاً فإن العيون تنظر غليه بعين التعظيم لتوهم النفوس باستغنائه عنهم لما عنده من المال وربما يكون صاحب المال أشد الناس فقراً إليهم في نفسه ولا يجد في نفسه غلا كتفاء ولا القناعة بما عنده فهو يطلب الزيادة مما بيده ولما رأى العالم ميل القلوب إلى رب المال لأجل المال أحبوا المال فطلب العارفون وجهاً إلهياً يحبون به المال إذ ولا بد من حبه وهنا موضع الفتنة والابتلاء التي لها الضلالة والمهداة 0
فأما العارفون فنظروا إلى أمور إلهية منها قوله تعالى (( وأقرضوا الله قرضاً حسناً )) فما خاطب إلا أصحاب الجد فاحبوا المال ليكونوا من أهل هذا الخطاب فيلتذوا بسماعه حيث كانوا فإذا أقرضوه أو أن الصدق تقع بيد الرحمن فحصل لهم بالمال وإعطائه مناولة الحق منهم ذلك فكانت لهم وصلة المناولة وقد شرف الله آدم بقوله ( لما خلقت بيدي ) فمن يعطيه عن سؤاله القرض أنتم في الالتذاذ بالشرف ممن خلقه بيده فلولا المال ما سمعوا ولا كانوا أهلاً لهذا الخطاب الإلهي ولا حصل لهم بالقرض هذا التناول الرباني فإن ذلك يعمم الوصلة مع الله فاختبرهم الله بالمال ثم اختبرهم بالسؤال منه وأنزل الحق نفسه منزلة السائلين من عباده أهل الحاجة أهل الثروة منهم والمال بقوله في الحديث المتقدم في هذا الباب ( يا عبدي استطعمتك فلم تطعمني واستسقيتك فلم تسقني ) فكان لهم بهذا النظر حب المال فتنة مهداة إلى مثل هذا 0وأما فتنة الولد فلكونه سرّ أبيه وقطعة من كبده وألصق الأشياء به فحبه حب الشيء نفسه ولا شيء أحب إلى الشيء من نفسه فاختبره الله بنفسه في صورة خارجة عنه سماه ولدا ليرى هل يحجبه النظر إليه عما كلفه الحق من إقامة الحقوق عليه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق ابنته فاطمة ومكانتها من قلبه المكانة التي لا تجهل ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها ) وجلد عمر بن الخطاب انبه في الزنا فمات ونفسه بذاك طيبة وجاد بأعز بنفسه والمرأة في إقامة الحد عليهما الذي في إتلاف نفوسهما وقال في توبتهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي توبة أعظم من أن جادت بنفسها والجود بإقامة الحق المكروه على الولد عظم في البلاء يقول الله في موت الولد في حق الولد ما لعبدي إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا عندي جزاء إلا الجنة فمن أحكم هذه الأركان التي هي من أعظم الفتن وأكبر المحن وآثر جناب الحق ورعاه فيها فذلك الرجل الذي لا أعظم منه في جنسه ومن وصيتي إياك - أنك لا تنام إلا على وتر لأن الإنسان إذا نام قبض الله روحه إليه في الصورة التي يرى نفسه فيها إن رأى رؤيا فإن شاء ردها إليه إن كان لم ينقض عمره وإن شاء أمسكها إن كان قد جاء أجله فالاحتياط أن الإنسان الحازم لا ينام إلا على وتر فإذا نام على وتر نام على حالة وعمل بحبه الله ورد في الخير الصحيح ( إن الله وتر يحب الوتر) فما أحب إلا نفسه وأي عناية وقرب أعظم من أن أنزلك منزلة نفسه في حبه إياك إذا كنت من أهل الوتر في جميع أفعالك التي تطلب العدد والكمية وقد أمرك الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال ( أوتروا يا أهل القرآن ) وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته وكذلك إذا اكتحلت فاكتحل وترا في كل عين واحدة أو ثلاثة فإن كل عين عضو مستقل بنفسه وكذلك إذا طعمت فلا تنزع يدك إلا عن وتر وكذلك شربك الماء في حسواتك إياه أجعله وترا وإذاً أخذك الفواق اشرب من الماس سبع حسوات فإنه ينقطع عنك هذا جربته بنفسي وإذا تنفست في شربك فتنفس ثلاث مرات وأزل القدح عن فيك عند التنفس هكذا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أهنأ وأمرأ وأروى وإذا تكلمت بالكلمة لتفهم السامع فأعدها عليه ثلاث مرات وتراً وحتى تفهم عنك فهكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني ما أوصيك إلا بما جرت السنة الإلهية عليه وهذا هو عين الإتباع الذي أمرك الله تعالى به في القرآن فقال (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) فهذه محبة الجزاء وأما محبته الأولى التي ليست جزاء فهي المحبة التي وفقك بها للإتباع فبك قد جعله الله بني حبين إلهيين حب منة وحب جزاء فصارت المحبة بينك وبني الله وتراحب المنة وهو الذي أعطاك التوفيق للإتباع وحبك إياه وحبه إياك جزاء من كونك اتبعت ما شرعه لك (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) وبهذه الآية ثبتت عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لو لم يكن معصوماً ما صح التأسي به فنحن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع حركاته وسكناته وأفعاله وأحواله وأقواله ما لم ينه عن شيء من ذ لك على التعيين في كتاب أو سنة مثل نكاح الهبة خالصة لك من دون المؤمنين ومثل وجوب قيام الليل عليه والنجد فهو صلى الله عليه وسلم يقومه ونحن نقومه تأسياً وندباً فاشتركا في القيام يقول أبو هريرة ( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث ) فاوتر في وصيته وفيها ( أن لا أنام إلا على وتر) ورد في الحديث الصحيح ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) فإن الله وتر يحب الوتر وقد تقدم في هذا الكتاب في باب سؤالات الترمذي الحكيم وهو آخر أبواب فصل المعارف في حب الله التوابين والمتطهرين والشاكرين والصابرين والمحسنين وغيرهم مما ورد أن الله يحب إتيانه كما وردت أشياء لا يحبها الله قد ذكرناها في هذا الكتاب فأغنى عن إعادتها .

يتبع بعون الله تعالى 0000
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #10
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:
عليك بمراقبة الله عز وجل فيما أخذ منك وفيما أعطاك فإنه تعالى ما اخذ منك إلا لتصبر فيحبك فإنه يحب الصابرين وإذا أحبك عاملك معاملة المحب محبوبه فكان لك حيث تريد إذا اقتضت إرادتك مصلحتك وإذا لم تقتض إرادتك مصلحتك فعل بحبه إياك معك ما تقتضيه المصلحة في حقك وإن كنت تكره في الحال فعله معك فإنك تحمد بعد ذلك عاقبة أمرك فإن الله غير منهم في مصالح عبده إذا أحبه فميزانك في حبه إياك أن تنظر إلى ما رزقك من الصبر على ما أخذه منك ورزأك فيه من مال أو أهل أو ما كان مما يعز عليك فراقه وما من شيء يزول عنك من المألوفات إلا ولك عوض منه عند الله إلا الله كما قال بعضهم








1
لـكـل شــيء إذا فـارقـتــه عــوض
ولـيـس لـلـه إن فـارقـت مـن عـوض


فإنه لا مثل له وكذلك إذا أعطاك وأنعم عليك ومن جملة ما أنعم به عليك وأعطاك الصبر على ما أخذه منك فأعطاك لتشكر كما أخذ منك لتصبر فإنه تعلى يحب الشاكرين وإذا أحبك حب الشاكرين عفر لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رجل رأى غصن شوك في طريق الناس فنحاه فشكر الله فعله فغفر له ( إن الإيمان بضع وسبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق) وهو ما ذكرناه وأرفعها ( قول لا إله إلا الله ) فالمؤمن الموفق يبحث عن شعب الإيمان فيأتيها كلها وبحثه عن ذلك من جملة شعب الإيمان فذلك هو المؤمن الذي حاز الصفة وملأ يديه من الخير وما شكرك الله بسبب أمر أتيته مما شرع لك الإتيان به إلا لتزيد من أعمال البرّ كما أنك إذا شكرته على ما أنعم به عليك زادك من نعمه لقوله (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) ووصف نفسه بأنه يشكر عباده فهو الشكور فزاده كما زادك لشكرك ومع هذا فإن اعتقد أن كل شيء عنده بمقدار وكل شيء في الدنيا يجري إلى أجل مسمى عند الله فما ثم شيء في العالم إلا وهو لله فإن أخذه منك فما أخذه إلا إليه وإن أعطاك فما أعطاك إلا منه فالأمر كله منه وإليه كفى بك إذا علمت أن الأمر على ما أعلمتك أن تكون مع الله تشهده في جميع أحوالك من أخذ وعطاء فإنك لن تخلو في نفسك من أخذ وعطاء في كل نفس أول ذلك أنفاسك التي بها حياتك فيأخذ منك نفسك الخارج بما خرج من ذكر بقلب أو لسان فإن كان خيراً ضاعف لك أجره وإن كان غير ذلك فمن كرمه وعفوه يغفر لك ذلك ويعطيك نفسك الداخل بما شاءه وهو وارد وقتك فإن ورد بخير فهو نعمة من الله فقابلها بالشكر إن كان غير ذلك مما لا يرضى الله فاسأله المغفرة والتجاوز والتوبة فإنه ما قضى بالذنوب على عباده إلا ليستغفروه فيغفر لهم ويتوبوا إليه فيتوب عليهم وورد في الحديث ( لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون ويتوبون فيغفر الله لهم ويتوب عليهم ) حتى لا يتعطل حكم من الأحكام الالهية في الدنيا وورد في الصحيح عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال ( إن لله ما أخذوا له ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ) فإذا انتهى أجله انقضى وجاء غيره وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا معرفا أياً بما هو الأمر عليه لنسلم الأمر إليه فنرزق درجة التسليم والتفويض مع بذلك المجهود فيما يحب منا أن نرجع إليه فيه بحسب الحال إن كان في المخالفة فبالتوبة والاستغفار وفي الموافقة بالشكر وطلب الإقامة على طاعة الله وطاعة رسوله ونجد عزاءً في نفوسنا بمعرفتنا أن كل شيء عند الله في الدنيا يجرى إلى أجل مسمى وللصابرين حمد يخصهم وهو الحمد لله على كل حال وللشاكرين حمد يخصهم وهو الحمد لله المنعم المفضل كذا كان يحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في حالة السراء والضراء والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في حالة السراء والضراء والتأسي برسوله الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أولى من أن تنبسط حمداً آخر فإنه لا أعلى مما وضعه العالم لمكمل الذي شهد الله له بالعلم به وأكرمه برسالته واختصاصه وأمرنا بالإقتداء به وإتباعه فلا تحدث أمراً ما استطعت فإنك إذا سننت سنة لم يجئ مثلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حسنة فإن لك أجرها وأجر من علم بها وإذا تركت تسنينها اتباعاً لكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنها فإن أجرك في اتباعك ذلك أغنى ترك التسنين أعظم من أجرك من حيث ما سننت بكثير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره كثرة التكليف على أمته وكان يكره لهم أن يسألوا في أشياء مخافة أن ينزل عليهم في ذلك ما لا يطيقونه إلا بمشقة ومن سن فقد كلف وكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك ولكن تركه تخفيفاً فلهذا قلنا الإتباع في الترك أعظم أجراً من التسنين فأجعل بالك لما ذكرته لك ولقد بلغني عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه ما أكل البطيخ فقيل له في ذلك فقال ما بلغني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكله فلما لم تبلغ إليه الكيفية في ذلك تركه وبمثل هذا تقدم علماء هذه الأمة على سائر علماء الأمم هكذا وإلا فهذا الإمام علم وتحقق معنى قوله تعال عن نبيه صلى الله عليه وسلم (( فاتبعوني يحببكم الله )) وقوله (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) والاشتغال بما سن من قول وفعل وحال أكثر من أن نحيط به فكيف أن نتفرغ لنسن فلا نكلف الأمة أكثر مما ورد .]


يتبع بعون الله تعالى

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حزب الوقاية لمن أراد الولاية لسيدي محي الدين بن عربي عبدالقادر حمود الآذكار والآدعية 8 08-05-2018 11:57 AM
جامع ومقام سيدي الشيخ محيي الدين بن عربي عبدالقادر حمود المقدسات الاسلامية 11 02-11-2018 02:22 PM
مختارات من كتاب إحياء علوم الدين لحجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى عبدالقادر حمود كتب سيدي الشيخ احمد فتح الله جامي رحمه الله 2 09-09-2014 10:53 AM
كتاب شهادة لااله الا الله محمد رسول الله للشيخ عبد الله سراج الدين عبدالقادر حمود المكتبة الرقمية 5 03-01-2013 01:24 AM
كتاب اليقين والمعرفة لابن عربى النزلاوى المكتبة الرقمية 1 01-07-2011 07:26 PM


الساعة الآن 09:53 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir