أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك           

الفقه والعبادات كل ما يختص بفروع الفقه الإسلامي والمذاهب الفقهية الأربعة والفتاوي الفقهية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 06-27-2009
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي التّكفير

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



التّعريف :

1 - من معاني التّكفير في اللّغة : التّغطية والسّتر وهو أصل الباب . تقول العرب للزّرّاع : كافر ، ومنه قوله تعالى { كَمَثَلِ غَيثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُه } .

وأيضاً يقال : التّكفير في المحارب : إذا تكفّر في سلاحه ، والتّكفير أيضاً : هو أن ينحني الإنسان ويطأطئ رأسه قريبا من الرّكوع ، كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه ، ومنه حديث أبي معشر« أنّه كان يكره التّكفير في الصّلاة » أي الانحناء الكثير في حال القيام .

والكفر في الشّرع : نقيض الإيمان ، وهو الجحود ، ومنه قوله تعالى { إنَّا بِكُلٍّ كَافِرُون } أي جاحدون . وهو بهذا لا يخرج عن معناه اللّغويّ ، لأنّ الكافر ذو كفر ، أي ذو تغطية لقلبه بكفره ، قال صاحب الدّرّ المختار : الكفر شرعاً : تكذيبه صلى الله عليه وسلم في شيء ممّا جاء به من الدّين ضرورة . والتّكفير : هو نسبة أحد من أهل القبلة إلى الكفر . وتكفير الذّنوب محوها بفعل الحسنات ونحوه ، لقوله تعالى : { إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ } وسيأتي تفصيله . والتّكفير عن اليمين : هو فعل ما يجب بالحنث فيها .

الألفاظ ذات الصّلة :

أ - التّشريك :
2 - التّشريك : مصدر شرّك ، يقال : شرّكت بينهما في المال تشريكا ، وشرّك النّعل : جعل لها شراكا . وشرعاً : أن تجعل للّه شريكاً في ملكه أو ربوبيّته . قال تعالى حكاية عن عبده لقمان أنّه قال لابنه : { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } .

والكفر أعمّ من الشّرك فهو أحد أفراده .

والتّشريك أيضاً : بيع بعض ما اشترى بما اشتراه به ، فهو التّولية بجزء السّلعة ، والمقصود من البحث هو المعنى الأوّل .

ب - التّفسيق :

3 - التّفسيق : تفعيل من الفسق ، وهو في اللّغة : الخروج عن الأمر ، ويقال : أصله خروج الشّيء من الشّيء على وجه الفساد ، يقال : فسقت الرّطبة : إذا خرجت من قشرها ، وكأنّ الفأرة إنّما سمّيت فويسقة لخروجها من جحرها على النّاس .

وهو شرعاً : العصيان والتّرك لأمر اللّه عزّ وجلّ والخروج عن طريق الحقّ ، ومنه قوله تعالى حكاية عن إبليس { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } أي خرج عن طاعة ربّه .

وقد يكون الفسق شركاً ، أو كفراً ، أو إثماً .

الأحكام المتعلّقة بالتّكفير :

أوّلاً

تكفير المسلم :

4 - الأصل بقاء المسلم على إسلامه حتّى يقوم الدّليل على خلاف ذلك ، لما ثبت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من صلّى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فهو المسلم ، له ما لنا وعليه ما علينا » .

ويجب قبل تكفير أيّ مسلم النّظر والتّفحّص فيما صدر منه من قول أو فعل ، فليس كلّ قول أو فعل فاسد يعتبر مكفّرا .

ويجب كذلك على النّاس اجتناب هذا الأمر والفرار منه وتركه لعلمائهم لخطره العظيم ، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إذا قال الرّجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما ، فإن كان كما قال ، وإلا رجعت عليه » .

وعن أبي ذرّ رضي الله عنه أنّه سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « من دعا رجلاً بالكفر ، أو قال : عدوّ اللّه ، وليس كذلك إلا حار عليه » .

التّحرّز من التّكفير :

5 - لا ينبغي أن يكفّر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن ، أو كان في كفره خلاف ولو كان رواية ضعيفة . ما يشكّ في أنّه كفر لا يحكم به ، فإنّ المسلم لا يخرجه من الإيمان إلّا جحود ما أدخله فيه ، إذ الإسلام الثّابت لا يزول بالشّكّ مع أنّ الإسلام يعلو ، فإن كان في المسألة وجوه توجب التّكفير ووجه واحد يمنعه فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الّذي يمنع التّكفير ، لعظم خطره وتحسينا للظّنّ بالمسلم ، ولأنّ الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية ، ومع الشّكّ والاحتمال لا نهاية .

متى يحكم بالكفر :


6 - يشترط في تكفير المسلم أن يكون مكلّفاً مختاراً عند صدور ما هو مكفّر منه ، فلا يصحّ تكفير صبيّ ومجنون ، ولا من زال عقله بنوم أو إغماء ، لعدم تكليفهم ، فلا اعتداد بقولهم واعتقادهم . وكذلك لا يجوز تكفير مكره على الكفر وقلبه مطمئنّ بالإيمان ، قال تعالى : { إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُه مُطْمَئنٌّ بِالإيمَانِ } .

وجرى الخلاف بين الفقهاء في صحّة تكفير الصّبيّ المميّز والسّكران إذا صدر منهما ما هو مكفّر . فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى صحّة تكفير الصّبيّ المميّز إذا صدر منه ما هو مكفّر . ويفهم من كلام المالكيّة تقييده بالصّبيّ المميّز المراهق فقط .

وذهب الشّافعيّة إلى عدم صحّة تكفير الصّبيّ المميّز لعدم تكليفه مع اتّفاقهم على أنّه لا يقتل بل يجبر على الإسلام بالضّرب والتّهديد والحبس .

وعند الحنابلة ينتظر إلى ما بعد البلوغ والاستتابة ، فإن أصرّ قتل ، لحديث « رفع القلم عن ثلاثة : عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن المبتلى حتّى يبرأ ، وعن الصّبيّ حتّى يكبر » .

تكفير السّكران :

7 - اتّفق الفقهاء على أنّ السّكران غير المتعدّي بسكره لا يحكم بردّته إذا صدر منه ما هو مكفّر ، واختلفوا في السّكران المتعدّي بسكره : فذهب جمهور الفقهاء " المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة " إلى تكفيره إذا صدر منه ما هو مكفّر .

لقول عليّ رضي الله عنه " إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعلى المفتري ثمانون فأوجبوا عليه حدّ الفرية الّتي يأتي بها في سكره واعتبروا مظنّتها ، ولأنّه يصحّ طلاقه وسائر تصرّفاته فتصحّ ردّته ، وذهب الحنفيّة إلى عدم تكفير السّكران مطلقاً .

بم يكون التّكفير :

أ - التّكفير بالاعتقاد :

8 - اتّفق الفقهاء على تكفير من اعتقد الكفر باطناً ، إلا أنّه لا تجري عليه أحكام المرتدّ إلا إذا صرّح به . ومن عزم على الكفر في المستقبل ، أو تردّد فيه ، فإنّه يكفر حالاً لانتفاء التّصديق بعزمه على الكفر في المستقبل ، وتطرّق الشّكّ إليه بالتّردّد في الكفر .

ولا تجري عليه أحكام المرتدّ إلا إذا صرّح بالكفر أيضاً .

ب - التّكفير بالقول :

9 - اتّفق العلماء على تكفير من صدر منه قول مكفّر ، سواء أقاله استهزاء ، أم عنادا ، أم اعتقادا لقوله تعالى : { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كنُتْمُْ تَسْتَهْزِئونَ لا تَعْتَذِرُوا قد كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ } . وهذه الألفاظ المكفّرة قد تكون صريحة كقوله : أشرك أو أكفر باللّه ، أو غير صريحة كقوله : اللّه جسم متحيّز أو عيسى ابن اللّه ، أو جحد حكما علم من الدّين بالضّرورة ، كوجوب الصّلاة وحرمة الزّنى .

وأمّا من سبق لسانه إلى الكفر من غير قصد لشدّة فرح أو دهش أو غير ذلك ، كقول من أراد أن يقول : اللّهمّ أنت ربّي وأنا عبدك ، فقال غلطا : أنت عبدي وأنا ربّك ، كما جاء في حديث أنس بن مالك قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم للّه أشدّ فرحا بتوبة عبده ، حين يتوب إليه ، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه ، وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلّها ، قد أيس من راحلته ، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ، ثمّ قال من شدّة الفرح : اللّهمّ أنت عبدي وأنا ربّك ، أخطأ من شدّة الفرح » .

أو أكره عليه فإنّه لا يكفر . لقوله تعالى : { إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئنٌّ بِالإيمَانِ } ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم «إنّ اللّه وضع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه ».

تكفير من سبّ اللّه عزّ وجلّ :

10 - اتّفق العلماء على تكفير من سبّ الذّات المقدّسة العليّة أو استخفّ بها أو استهزأ ، لقوله تعالى : { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَ‍رَ‍سُولِه كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئونَ لا تَعْتَذِرُوا قدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ } واختلفوا في قبول توبته فذهب جمهور الفقهاء إلى قبولها .

وذهب الحنابلة إلى عدم قبولها ، ويقتل بكلّ حال ، وذلك لأنّ ذنبه عظيم جدّاً يدلّ على فساد عقيدته . وأمّا بالنّسبة للآخرة ، فإن كان صادقا في توبته قبلت باطنا ونفعه ذلك .

تكفير من سبّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام :

11 - ذهب الفقهاء إلى تكفير من سبّ نبيّاً من الأنبياء ، أو استخفّ بحقّه ، أو تنقّصه ، أو نسب إليه ما لا يجوز عليه ، كعدم الصّدق والتّبليغ ، والسّابّ عند الحنفيّة والشّافعيّة يأخذ حكم المرتدّ فيستتاب ، فإن تاب وإلا قتل .

وعند المالكيّة والحنابلة يقتل حدّا . وإن تاب . ولا تقبل توبته . وسبّ الملائكة كسبّ الأنبياء ، وقيّده المالكيّة بالنّبيّ أو الملك المجمع على كونه نبيّا أو ملكا ، فإن سبّ من لم يجمع على كونه نبيّا أو ملكا كالخضر وهاروت وماروت لم يكفر ، وأدّبه الحاكم اجتهاداً .

تكفير مكفّر الصّحابة :

12 - اتّفق الفقهاء على أنّ من كفّر جميع الصّحابة فإنّه يكفر ، لأنّه أنكر معلوماً من الدّين بالضّرورة وكذّب اللّه ورسوله .

واتّفقوا على أنّ من قذف السّيّدة عائشة رضي الله عنها بما برّأها اللّه منه ، أو أنكر صحبة الصّدّيق كفر ، لأنّه مكذّب لنصّ الكتاب .

وأمّا من كفّر بعض الصّحابة دون بعض ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة في المعتمد عندهم والإمام أحمد في إحدى الرّوايتين إلى عدم كفره .

وذهب الشّافعيّة والحنابلة في الرّواية المشهورة وبعض أهل الحديث وسحنون من المالكيّة إلى تكفير من كفّر بعض الصّحابة وتطبّق عليه أحكام المرتدّ .

قال المرداويّ في الإنصاف - وهو الصّواب - والّذي ندين اللّه به ، ونصّ صاحب الفواكه الدّواني على أنّ من كفّر أحد الخلفاء الأربعة فإنّه يكفر .

تكفير من سبّ الشّيخين :

13 - ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم تكفير من سبّ أحد الشّيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وتوقّف الإمام أحمد في كفره وقتله ، وقال : يعاقب ويجلد ويحبس حتّى يموت أو يرجع عن ذلك ، وعنه : من سبّ صحابيّا مستحلا كفر ، وإلا فسّق . ونقل ابنه عبد اللّه عنه فيمن شتم صحابيّا قوله : القتل أجبن عنه ، ويضرب ، ما أراه على الإسلام .

وعند الشّافعيّة وجه حكاه القاضي في تكفير من سبّ الشّيخين رضي الله عنهما ، وممّن قال بتكفيره كذلك الدّبوسيّ ، وأبو اللّيث ، وجزم به صاحب الأشباه . قال صاحب الدّرّ المختار : وهو الّذي ينبغي التّعويل عليه في الإفتاء والقضاء ، رعاية لجانب حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذا خلاف المعتمد عند الحنفيّة ، كما صرّح بذلك ابن عابدين .

تكفير منكر الإجماع :

14 - ذهب الفقهاء إلى تكفير من جحد حكما أجمعت عليه الأمّة ممّا علم من الدّين ضرورة ، كوجوب الصّلوات الخمس والزّكاة بلا خلاف بينهم .

وأمّا ما أجمعت عليه الأمّة ولم يكن معلوماً بالضّرورة ، كوجوب إعطاء السّدس لبنت الابن مع وجود البنت فلا تكفير لمنكره .

وأمّا الحنفيّة فلم يشرطوا للتّكفير سوى قطعيّة الثّبوت ، وعلى هذا قالوا بتكفير من جحد استحقاق بنت الابن السّدس مع البنت في ظاهر كلامهم .

ج - التّكفير بالعمل :

15 - نصّ الفقهاء على أفعال لو فعلها المكلّف فإنّه يكفر بها ، وهي كلّ ما تعمّده استهزاء صريحا بالدّين أو جحودا له ، كالسّجود لصنم أو شمس أو قمر ، فإنّ هذه الأفعال تدلّ على عدم التّصديق ، وكإلقاء المصحف في قاذورة ، فإنّه يكفر وإن كان مصدّقاً ، لأنّ ذلك في حكم التّكذيب ، ولأنّه صريح في الاستخفاف بكلام اللّه تعالى ، والاستخفاف بالكلام استخفاف بالمتكلّم . وقد ألحق المالكيّة والشّافعيّة إلقاء كتب الحديث به .

وذهب المالكيّة إلى تكفير من تزيّا بزيّ الكفر من لبس غيار ، وشدّ زنّار ، وتعليق صليب . وقيّده المالكيّة والحنابلة بما إذا فعله حبّا فيه وميلا لأهله ، وأمّا إن لبسه لعباً فحرام وليس بكفر .

تكفير مرتكب الكبيرة :

16 - مذهب أهل السّنّة والجماعة عدم تكفير مرتكب الكبيرة ، وعدم تخليده في النّار إذا مات على التّوحيد ، وإن لم يتب ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « يخرج من النّار من كان في قلبه مثقال ذرّة من إيمان » .

فلو كان مرتكب الكبيرة يكفر بكبيرته لما سمّاه اللّه ورسوله مؤمناً .

تكفير السّاحر :

17 - اتّفق الفقهاء على تكفير من اعتقد إباحة السّحر .

واختلفوا في تكفير من تعلّمه أو عمله ، فذهب الجمهور - الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - إلى أنّه لا يكفر بمجرّد تعلّم السّحر وعمله ما لم يكن فيه اعتقاد أو عمل ما هو مكفّر ، وذهب المالكيّة إلى تكفيره مطلقا ، لما فيه من التّعظيم لغير اللّه ، ونسبة الكائنات والمقادير إلى غير اللّه .

وذهب الحنفيّة إلى وجوب قتله ، ولا يستتاب لعمل السّحر ، لسعيه بالفساد في الأرض ، لا بمجرّد علمه إذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره ، ولقوله صلى الله عليه وسلم « حدّ السّاحر ضربة بالسّيف » فسمّاه حدّاً ، والحدّ بعد ثبوته لا يسقط بالتّوبة .

وقصره الحنابلة على السّاحر الّذي يكفر بسحره .

وعند المالكيّة يقتل إن كان متجاهرا به ما لم يتب ، فإن كان يسرّه قتل مطلقا ، ولا تقبل له توبة .

آثار التّكفير :

18 - يترتّب على التّكفير آثار على كلّ من المكفّر والمكفّر فآثاره على المكفّر إذا ثبت عليه الكفر هي :

أ - حبوط العمل :

19 - إذا ارتدّ المسلم واستمرّ كافرا حتّى موته كانت ردّته محبطة للعمل لقوله تعالى :

{ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِه فَيَمُتْ وهو كَافِرٌ فَأولئكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهمْ } .

فإن عاد إلى الإسلام فمذهب الحنفيّة والمالكيّة أنّه يجب عليه إعادة الحجّ وما بقي سببه من العبادات لأنّه بالرّدّة صار كالكافر الأصليّ فإذا أسلم وهو غنيّ فعليه الحجّ .

ولأنّ وقته متّسع إلى آخر العمر فيجب عليه بخطاب مبتدأ كما يجب عليه الصّلاة والصّيام والزّكاة للأوقات المستقبلة ، ولأنّ سببه البيت المكرّم وهو باق بخلاف غيره من العبادات الّتي أدّاها ، لخروج سببها . وما بقي سببه من العبادات كمن صلّى الظّهر مثلا ثمّ ارتدّ ثمّ تاب في الوقت يعيد الظّهر لبقاء السّبب وهو الوقت .

وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا يجب عليه أن يعيد عباداته الّتي فعلها في إسلامه من صلاة وحجّ وغيرها ، وذلك لأنّه فعلها على وجهها وبرئت ذمّته منها فلا تعود إلى ذمّته ، كدين الآدميّ .

والمنصوص عن الشّافعيّ رحمه الله تعالى حبوط ثواب الأعمال لا نفس الأعمال .

ب - القتل :
20 - أجمع الفقهاء على أنّ من تحوّل عن دين الإسلام إلى غيره فإنّه يقتل لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « من بدّل دينه فاقتلوه » . وتفصيل ذلك في مصطلح : ( ردّة ) . .

آثار التّكفير على المكفّر :

21 - لمّا كان التّكفير من الأمور الخطيرة فقد جعل الفقهاء فيه التّعزير ، فمن نسب أحداً إلى الكفر ، أو قذفه بوصف يتضمّن معنى الكفر ، كيا يهوديّ ، ويا نصرانيّ ، ويا مجوسيّ عزّر ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا قال الرّجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما فإن كان كما قال وإلّا رجعت عليه » .

ثانياً

تكفير الذّنوب
أ - الذّنوب الّتي شرعت لها كفّارات محدّدة :

22 - أوجب الشّارع على الإنسان كفّارات محدّدة لبعض الذّنوب بملابسته إيّاها وذلك لعظم هذه الذّنوب وخطرها ، والقصد من هذه الكفّارات تدارك ما فرّط من التّقصير وهي دائرة بين العبادة والعقوبة .

وهي خمس كفّارات : كفّارة القتل ، والوطء في نهار رمضان ، والظّهار ، والحنث في الأيمان ، وفعل محظور من محظورات الحجّ . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( كفّارة ) .

ب - الذّنوب الّتي لم تشرع لها كفّارات محدّدة :

23 - لم يشرع الإسلام كفّارات محدّدة غير الخمس المذكورة آنفا وإنّما نصّ على بعض الأعمال والعبادات الّتي تكفّر الذّنوب عموما كاجتناب الكبائر ، فإنّه يكفّر الصّغائر ، قال تعالى : { إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَونَ عَنْه نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ } .

وقال صلى الله عليه وسلم : « ما من عبد يؤدّي الصّلوات الخمس ، ويصوم رمضان ، ويجتنب الكبائر السّبع إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنّة يوم القيامة حتّى إنّها لتصفق » ولا ينحصر تكفير الصّغائر في اجتناب الكبائر بل هناك بعض العبادات تكفّرها أيضا كالوضوء والصّلوات الخمس وصوم رمضان والعمرة إلى العمرة والحجّ المبرور .

وفي الحديث أيضا « من توضّأ نحو وضوئي هذا ثمّ قام فركع ركعتين لا يحدّث فيهما نفسه إلا غفر له ما تقدّم من ذنبه » .

وذكر الصّلاة في هذا الحديث للتّرغيب في سنّة الوضوء ليزيد ثوابه ، وإلّا فالتّكفير لا يتوقّف على الصّلاة كما أخرج أحمد مرفوعاً « الوضوء يكفّر ما قبله ثمّ تصير الصّلاة نافلة » . وقال صلى الله عليه وسلم : « الصّلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مكفّرات ما بينهنّ إذا اجتنب الكبائر » وقال صلى الله عليه وسلم : « العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما والحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة » .

ولا يردّ عليه أنّه إذا كفّر الوضوء لم يجد الصّوم ما يكفّره ، وهكذا ، وذلك لأنّ الذّنوب كالأمراض ، والطّاعات كالأدوية ، فكما أنّ لكلّ نوع من أنواع الأمراض نوعا من أنواع الأدوية لا ينفع فيه غيره ، كذلك الطّاعات مع الذّنوب ، ويدلّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم : « إنّ من الذّنوب ذنوباً لا يكفّرها الصّلاة ولا الصّيام ولا الحجّ ولا العمرة ، قالوا فما يكفّرها يا رسول اللّه ، قال : الهموم في طلب المعيشة » .

وهذا كلّه في الذّنوب المتعلّقة بحقوق اللّه تعالى ، وأمّا المتعلّقة بحقوق الآدميّين فلا بدّ فيها من المقاصّة .
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 07-28-2009
  #2
الـــــفراتي
عضو شرف
 الصورة الرمزية الـــــفراتي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,649
معدل تقييم المستوى: 18
الـــــفراتي is on a distinguished road
افتراضي رد: التّكفير

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
الـــــفراتي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-06-2009
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: التّكفير

العفو اخي الكريم حياكم الله
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-24-2009
  #4
الحسين
محب نشيط
 الصورة الرمزية الحسين
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور -ابو حمام
المشاركات: 279
معدل تقييم المستوى: 16
الحسين is on a distinguished road
افتراضي رد: التّكفير

شكرا اخي وبارك الله بك
اللهم احينا مسلمين وامتنا مسلمين
الحسين غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-24-2009
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: التّكفير

اللهم امين اللهم امين
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 10-09-2009
  #6
شاذلي
محب نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 342
معدل تقييم المستوى: 16
شاذلي is on a distinguished road
افتراضي رد: التّكفير


حقيقة التكفير
ماهر سقا أميني


التكفير، أي الحكم على إنسان بأنه كافر أو خارج عن ملة الإسلام، قضية قديمة وليست مستجدة كما يبدو للبعض هذه الأيام، فالخوارج كانوا قد كفروا كل صاحب معصية، والمرجئة كانوا قد قرروا أنه لا يسيء مع الإيمان ذنب مهما كبر، والمعتزلة قالوا إن صاحب الكبيرة هو في منزلة بين المنزلتين أي بين الكفر والإيمان.

وطرح مشكلة التكفير وتحديد أوجهه اليوم يكتسب أهمية بالغة حيث ظهرت بعض الجماعات التي عرفت بالتكفير دون أن يكون لها معاييرها الواضحة، وفي الوقت نفسه ثارت وتثور ثائرة كثير من العلمانيين على كل من يتحدث عن التكفير أو فيه باعتباره لا يتناسب مع حريات التعبير والرأي وان كان أكثرهم يمارسون دكتاتورية في حياتهم الفكرية لا تقل عن دكتاتورية أكثر الأطياف الفكرية الراديكالية الموجودة على الساحة. وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما أصدر مجمع البحوث في الأزهر الشريف بياناً يقول فيه إن مؤلفات ثلاثة من الكتاب حازوا جائزة تقديرية من الدولة تحتوي على ما يعتبر كفرا بواحا والأزهر معروف بوسطيته واعتداله، فضلاً عن كونه يمثل مؤسسة رسمية اعتبر هذا البيان عند بعض العلمانيين تفكيراً همجياً وبعضهم راح ينحو باتجاه رفع قضية على الأزهر أمام المحاكم.

من هنا وجب القول إنه لابد من تحديد منهجي لمصطلح الكفر والتكفير وفي هذا رد على من يسارع في تكفير من لا يعتبر كافراً وهو ذنب عظيم ومسؤولية قد تصل إلى حدود كفر المكفر، ورد أيضاً على من يريد ان يلغي (التكفير) مدلسا على الناس وسامحاً لكل أنواع الشذوذ الفكري بالانتشار تحت عناوين براقة كحريات الرأي والتعبير.

وانني لأعجب كيف يكون واجبا على الجميع احترام (الوطن) و(الأمة) و(علم الدولة) و(الأمن القومي والوطني) وهي أمور نسلم بها جميعاً ولا يكون واجبا احترام (دين الدولة) ومقدساتها ومشاعر المواطنين المؤمنين وهويتهم الدينية حيث يراد في مثل هذه الأمور أن يترك الحبل على الغارب وان يقول كل امرؤ ما يريد.

وأول ما يقال في هذا الجانب أن هناك أموراً أجمع المسلمون وعلماؤهم على اعتبارها مكفرة ومنها أمور اعتقادية فكرية وأمور فعلية سلوكية وأمور قولية، وان تحديد هذه الامور بدقة معيارية أمر لازم وضروري لحسم الفوضى التي قد تأتي من أنصار التكفير وأعدائه.

وثاني ما يقال ان التكفير أمر خاص بأهل الاختصاص أي أهل العلم والخبرة وانه لا يجوز للأفراد الحكم بتكفير أحد إذ ان حكما من مثل هذا قد يؤدي بصاحبه إلى جهنم ان كان مخطئا.

وثالث ما يقال: انه إذا اتفق أهل الاختصاص وهم علماء الأمة على كفر فلان من الناس فان هذا لا يعني بحال من الأحوال تحريضاً للعامة على ايذائه أو قتله كما يدعي بعض العلمانيين وذلك ان الأمر في مثل هذا الحال يوكل للحاكم المسلم الذي له الحق وحده باستدعائه ومناقشته واستتابته ومعاقبته، فالأمر إذن أمر تحذير من فكر منحرف وليس تحريضاً على ايذاء صاحبه.

وقبل كل هذا فإن القاعدة الأولى التي ينطوي كل هذا الحديث تحته هي قوله تعالى (لا إكراه في الدين) وان ما سبق يخص من أظهر كفره ودعا إليه وروج له في دولة الإسلام التي تقوم هويتها وقوانينها وتشريعاتها على الإسلام، مما يعتبر في أي دولة بمقاييس اليوم خيانة عظمى تستحق القصاص.
__________________
عروش الدنيا وممالكها، وبطشها وسلطنتها.. كل ذلك أقلّ من أن يقاوم خفقة من خفقات قلب محبّ!..


ونعيم الدنيا وأفراحها، ولهوها ولذائذها.. كل ذلك أقلّ من أن يخلق لمعةَ فرحٍ في قلب حزين!..
شاذلي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:29 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir