صفر شهر الخير
هل علينا هلال شهر صفر الخير قبل أيام، شهر الذكريات والجهاد والسرايا، فقد روت لنا كثير من كتب السيرة النبوية أحداثاً مشرفة من تاريخ هذه الأمة وقعت في شهر صفر، مما يعتبر تبديداً لظلمة التشاؤم وسواد التطير أو الخوف منه، ومن أبرزها ما يلي:
تزوج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة بنت خويلد في الخامس والعشرين من شهر صفر في العام السادس والعشرين من عام الفيل .
خرج صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجراً إلى المدينة المنورة في شهر صفر من السنة الثالثة عشرة للبعثة فوصلها في الثاني عشر من شهر ربيع الأول .
تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ولدت له السبطين الحسن والحسين في صفر من السنة الثانية للهجرة .
فتحت خيبر في شهر صفر من السنة السادسة للهجرة النبوية .
أسلم الصحابة: عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم وقدموا المدينة المنورة في شهر صفر من السنة الثامنة للهجرة .
قدوم بني عذرة على الرسول صلى الله عليه وسلم وإسلامهم كان في صفر من السنة التاسعة للهجرة .
خرجت من المدينة المنورة أو عادت إليها كثير من السرايا المجاهدة في شهر صفر منها: عودة سرية بني سليم في السنة الثامنة للهجرة، وخروج سرية خثعم وسرية بني الملوح وسرية بني حارثة بن عمرو في السنة السابعة للهجرة، وكانت مصالحة الرسول صلى الله عليه وسلم نجران، وكان الاستعداد لخروج بعث أسامة بن زيد رضي الله عنه إلى الروم في السابع والعشرين من شهر صفر للسنة الحادية عشرة للهجرة، وقد حال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته دون خروجه، فلما تولى أبوبكر رضي الله عنه الخلافة أنفذ هذا البعث .
ومع ذلك يتداول بعض الناس معلومات خاطئة وأفكاراً خطيرة تؤثر في عقيدتهم وإيمانهم بالله تعالى إن كانوا مقتنعين ومصدقين بها ؛ فيتحدثون عن التشاؤم من شهر صفر واعتباره شهر حلول المكاره ونزول المصائب، وهذا مخالف لمبدأ التوكل على الله سبحانه وتعالى والإيمان بأنه وحده الضار النافع، وهي من صور التطيّر التي كانت سائدة بين العرب أيام الجاهلية ؛ حيث كان المشركون يتشاءمون منه لأنهم كانوا يعودون فيه إلى السلب والنهب والغزو والقتل بعد أن كانوا قد كفوا عنها في الأشهر الحرم الثلاثة التي تسبقه، لدرجة أن كثيراً منهم كان لا يتزوج فيه مخافة فشل زواجه، ولا يمضي تجاراته وصفقاته فيه خشية الخسارة .
فجاء الإسلام ونهى عن التطير عموماً سواء من الأشخاص والأزمان والأحداث، واعتبر ذلك من الشرك بالله، ونص على إبطال التشاؤم من هذا الشهر، فهو كسائر الشهور ليس فيه ما يدعو إلى الخوف منه، وبيّن أن كل شيء حادث بإذن الله وأمره وقضائه وقدره، وأن الزمان كله لله، خلقه الله ليكون الظرف الذي تقع فيه أعمال الناس وفق إرادته، وهذا هو مقتضى الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص .
والأحاديث النبوية الدالة على تحريم التطير والتشاؤم كثيرة، ومنها حديث شريف حول التطير من شهر صفر بالتحديد، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر” (رواه البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم: “لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمة طيبة وفي رواية أخرى قال: ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة” (رواه البخاري)
وفي رواية أخرى: ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أحسنها الفأل، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك” (أخرجه أبوداود)
وقال صلى الله عليه وسلم: “الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك” (رواه أبوداود)
د . تيسير رجب التميمي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات