أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
قديم 02-26-2010
  #1
أبوانس
مشرف القسم الادبي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 549
معدل تقييم المستوى: 16
أبوانس is on a distinguished road
افتراضي حب النبي صلى الله عليه وسلم وعلاماته

حب النبي صلى الله عليه وسلم وعلاماته



من سعادة العبد أن يرزقه الله تعالى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف لا يكون هذا ومحبته صلى الله عليه وسلم من شروط الإيمان. فقد روى الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"(متفق عليه.).
كما أن محبته صلى الله عليه وسلم سبب لحصول حلاوة الإيمان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار"(متفق عليه.).
ومحبته صلى الله عليه وسلم أيضا ستكون سببا لمرافقته في دار النعيم. فقد ورد في الحديث الشريف أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المرء مع من أحب"(متفق عليه.).

يزعم كل واحد منا أنه يحب النبي صلى الله عليه وسلم وأنه عليه الصلاة والسلام أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين، لكن هل نحن صادقون في هذا الادعاء؟ وهل مجرد ادعائنا هذا له قيمة عند الله تعالى؟
ذكر العلماء علامات ومقاييس لمعرفة محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلب

الشخص وعدمها. ومن أشهر تلك العلامات ما يلي:

أولاً:
فقد رؤيته يكون أشد عليه من فقد أي شيء آخر في الدنيا(والمعنى أن المرء لو خير بين فقد غرض أو شيء هام من أغراض الدنيا وفقد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لو كانت ممكنة فإن ذلك يكون أشد عليه تمنيا لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم وشوقا إليه.).ثانيًا: يتمنى حضور حياته عليه الصلاة والسلام كي يبذل نفسه وماله دونه.
ثالثًا: يمتثل أوامره ويجتنب نواهيه.

رابعًا: ينصر سنته ويذب عن شريعته(انظر فتح الباري 1/58 وعمدة القاري 1/144.).

فإذا توافرت تلك العلامات في شخص فليحمد الله تعالى على وجود حب صادق للنبي عليه الصلاة والسلام في قلبه، وإذا فقد تلك العلامات أو بعضًا منها فليحاسب نفسه قبل أن يحاسب في يوم يجعل الولدان شيبًا، ولا يحاول خداع الله تعالى والمؤمنين، فإن المخادع لله هو المخادع لنفسه {يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}(سورة البقرة 9.).
ولعله من المناسب في هذا المقام أن نذكر تلك المقاييس ببعض التفصيل وننظر من خلالها إلى حب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقارنه بما نحن عليه لعل الله تعالى يصلح أحوالنا ويهدينا إلى سبيل الرشاد.
العلامة الأولى:
فقد رؤيته عليه الصلاة والسلام يكون أشد عليه من فقد أي شيء في الدنيا:
من المعروف أن غاية ما يتمنى المحب هو أن يسعد برؤية حبيبه، فمحب النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى دائما أن يسعد برؤيته عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، وحينما يعطي له فرصة اختيار أحب وأغلى شيء يختار رؤيته صلى الله عليه وسلم ، يحدثنا الإمام مسلم عن أحد الصادقين في محبته للنبي صلى الله عليه وسلم ماذا اختار حينما أعطيت له فرصة الاختيار، يقول هذا المحب الصادق بنفسه، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه: كنت أبيت عند النبي صلى الله عليه وسلمفأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي:
"سل" فقلت: يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: "أوغير ذلك؟" قلت: هو ذاك، قال: "فأعني على نفسك بكثرة السجود"(صحيح مسلم.).
فهكذا لا يتردد المحب الصادق في إظهار أن اختياره الأول هو الحصول على مرافقته عليه الصلاة والسلام.
ثم إن المحب الصادق ... يحزنه حتى تصور حرمانه من رؤيته صلى الله عليه وسلم. فقد ذكر ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محزون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "يا فلان مالي أراك محزوناً؟" فقال: يا نبي الله شيء فكرت فيه، فقال: "ما هو؟" قال: نحن نغدو ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك، وغدًا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلك شيئًا، فأتاه جبريل بهذه الآية:
{وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فبشره(مختصر تفسير ابن كثير 1/411.).
هكذا كان الصادقون في محبتهم له عليه الصلاة والسلام وكيف نحن؟ ألسنا قد أحببنا أشياء أخرى واستبدلناها بهذه المحبة، نبذل الشيء الكثير من المال والوقت لمشاهدتها أو التلذذ بها، ونضيع العديد من حقوق الله تعالى وحقوق الناس في سبيل متابعتها. نفرح برؤيتها، ونحزن ونتأسف إذا فاتنا منها الشيء اليسير.
أبعد هذا كله نحن الصادقون في قولنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من جميع الناس ومن جميع الأشياء، إن المحب الصادق في محبته، لو خير بين مجرد أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم منامًا أو يقظة (لو كان هذا ممكنًا) وبين فقد أغلى شيء لديه في الحياة لاختار الأول.

العلامة الثانية:
الاستعداد التام لبذل الأنفس والأموال دونه صلى الله عليه وسلم :
يترقب المحب الصادق بكل اشتياق الفرصة التي يبذل فيها نفسه وكل ما يملك دون حبيبه, والمحبون الصادقون للنبي عليه الصلاة والسلام كانوا دائما على أتم الاستعداد لفدائه بالأنفس وكل عزيز عليهم دونه صلى الله عليه وسلم ، والذين كانوا بعد عصره عليه الصلاة والسلام، كانوا يجدون حسرة في قلوبهم على فوات هذه الفرصة.

وإن المتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ليجد منهم محبة له منقطعة النظير، وفداء له بالنفس والمال.
1-فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه،
الذي بذل ماله كله في سبيل الله، نراه يضرب لنا أروع الأمثلة لحب النبي صلى الله عليه وسلم، وفدائه له بنفسه، ما لم نعلم له مثيلاً في التاريخ، لقد ضحى بنفسه وعرضها للهلاك والموت ليلة الهجرة إلى المدينة، ليفدي بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبته له، وكان رضي الله عنه يعلل هذه التضحية بقوله: "إن قتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة" وفي الطريق إلى الغار كان يمشي أمام النبي صلى الله عليه وسلم ساعة، ويمشي خلفه ساعة، فسأله عن السبب؟ فقال: "أذكر الطلب فأمشي خلفك، وأذكر الرصد فأمشي أمامك، فقال: لو كان شيء أحببت أن تقتل دوني؟ قال: إي والذي بعثك بالحق، فلما انتهيا إلى الغار، قال: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ لك الغار فاستبرأه"(راجع شرح الزرقاني على المواهب اللدنية للقسطلاني ج1 ص 335 –336.).
وفي هذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يبكي: "وددت أن عملي كله مثل عمله يوماً واحداً من أيامه، وليلة واحدة من لياليه، أما ليلته، فالليلة التي سار مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغار، فلما انتهيا إليه، قال: والله لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فمسحه، فوجد في جانبه ثقبا، فشق إزاره وسدها به، وبقي منها اثنان، فألقمهما رجليه ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم "أدخل" فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه النبي صلى الله عليه وسلم ، فسقطت دموعه على وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: "مالك يا أبا بكر؟" قال "لدغت، فداك أبي وأمي" فتفل عليه النبي صلى الله عليه وسلم فذهب ما يجده، ثم انتقض عليه ( انتقض الجرح بعد برئه أي فسد.) وكان سبب موته(جامع الأصول ج8 ص605 حديث رقم 6426.).
هل عرف التاريخ مثل هذه التضحية؟! وهذه المحبة؟! إنه حب فريد من نوعه، حب الصديق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينبع من إيمان عميق، وإخلاص شديد، واعتقاد وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم - ذاتاً ورسالة - وتقديم هذه المحبة على حب النفس والولد، حيث لا يكتمل إيمان العبد إلا بهذه المحبة، فاللهم ارزقنا محبة رسولك عليه الصلاة والسلام.
2-وهذا زيد بن الدثنة رضي الله عنه ..
يخرجه أهل مكة من الحرم كي يقتلوه، فيجتمعون حوله، فيقول له أبو سفيان: (أنشدك الله يا زيد! أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟) قال: "والله لا أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي"(سيرة ابن هشام الجزء الثالث ص95.).
وهكذا كانت المحبة الصادقة في قلوب أصحابه صلى الله عليه وسلم مما جعلت أعدى أعداء الرسول عليه الصلاة والسلام في وقته يشهد: ما رأيت في الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً(سيرة ابن هشام الجزء الثالث ص95.).
3-وهذا محب آخر: وهو سعد بن الربيع رضي الله عنه؟! كان في آخر لحظات حياته، لكن كان هناك شيء يشغل باله، ماذا كان ذاك الشيء، فلنقرأ قصته كما حدثنا ابن هشام بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد معركة أحد قال لأصحابه:
"من رجل ينظر إلى ما فعل سعد بن الربيع، أفي الأحياء هو أم في الأموات؟" فقال رجل من الأنصار: أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل سعد، فنظر فوجده جريحاً في القتلى وبه رمق، قال: قلت له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ قال: أنا في الأموات، فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له: إن سعد بن الربيع يقول لك: جزاك الله خير ما جزى نبياً عن أمته، وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف، قال: ثم لم أبرح حتى مات).(المرجع السابق الجزء الثالث ص38 – 39.)
ففيم فكر هذا المحب الصادق في آخر لحظات حياته؟ وما الذي شغل باله؟ وبماذا أوصى أصحابه وهو يودعهم ويرحل من هذه الدنيا إلى الآخرة؟
الأمر الذي شغل باله هو سلامة حبيبه وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم والوصية التي أوصى بها أصحابه هي أن يبذل كل واحد منهم نفسه دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .

هل نحن المدعون لمحبته عليه الصلاة والسلام هكذا؟! فيم نفكر نحن؟ ماذا يشغل بالنا؟ وقد يكون التصريح فقط بما يشغل بالنا لا يليق بشخص محترم، وبماذا نوصي زملاءنا حين نودعهم إلى الشرق أو الغرب؟ يا للأسف! يا للعار! هل نحن مستعدون لبذل أرواحنا وأموالنا دفاعاً عن عقيدتنا ونشراً لديننا وتحريراً لمقدساتنا، ونصرة لإخوان لنا تراق دماؤهم وتسلب أموالهم لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله!!!

العلامة الثالثة:

امتثال أوامره واجتناب نواهيه:
لا يختلف اثنان أن المحب لمن يحب مطيع، لا يقف المحب عند تنفيذ تعليمات حبيبه فقط بل يلاحظ بكل دقة تغيرات وجهه، وإشارات عينيه، لعله يدرك ما يحبه حبيبه فيفعله، أو يعرف ما يبغضه حبيبه فيبتعد عنه.
وحينما ننظر إلى المحبين الصادقين من خلال هذا المقياس يظهر لنا العجب العجاب.

روى الإمام أبو داود عن جابر رضي الله عنه قال: لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة قال: "اجلسوا" فسمع ذلك ابن مسعود فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "تعال يا عبد الله بن مسعود" (سنن أبي داود نقلاً عن مشكاة المصابيح، باب الخطبة والصلاة (ص124 ط. باكستان).).
فلم تسمح نفس ابن مسعود المؤمنة رضي الله عنه أن يتأخر عن تنفيذ أمر حبيبه صلى الله عليه وسلم إلى أن يدخل المسجد ثم يجلس، بل جلس على باب المسجد في لحظة سماعه أمره صلى الله عليه وسلم .
وليس هذا شأن ابن مسعود رضي الله عنه وحده بل هكذا كان جميع المحبين الصادقين، فقد روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة وما شرابهم إلا الفضيخ فإذا مناد ينادي، فقال: أخرج فانظر، فإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فجرت في سكك المدينة، فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها فهرقتها (صحيح مسلم ص 1570 والفضيخ: خليط البسر والتمر. وجرت: بمعنى سالت.).
هكذا كانوا في تنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف نحن؟ نسمع أوامره ولا ننفذها ونسمع نواهيه ونأتيها، بل لا نحب أن ندخل المجلس التي تقرأ فيها أوامره ونواهيه، ولا نقرأ الكتب التي تبين لنا أقواله وتصور لنا أفعاله عليه الصلاة والسلام، أبعد هذا كله نبقى صادقين في دعوى محبتنا له؟ يجب على كل واحد منا أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب في يوم لا تنفع فيه الحسرة والندامة.
فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم معناها امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فالذي يخالف أوامر الإسلام في شيء ما، أو يفعل بعض ما نهاه عنه الإسلام، ثم يدعي أنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه غير صادق في دعواه، إذ أن المحب لابد أن يطيع حبيبه، ولابد أن تتقدم هذه المحبة على محبة النفس، بمعنى أن يقدم مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراد نفسه، وأن يطوع هواه وفقاً لما جاء به الإسلام، فإن خالف بأقواله وأفعاله أوامر الإسلام ونواهيه فهو غير صادق في محبته، وإيمانه، غير كامل، كما جاء في الحديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"(في إسناده نظر، راجع الحديث في جامع العلوم والحكم.).

ولما قال عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان آخذاً بيده: لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "الآن يا عمر (أخرجه البخاري عن عبد الله بن هشام.) أي الآن كمل إيمانك يا عمر".
وهكذا فإذا فهم المرء أن في وسعه أن يقدم محبة نفسه وطاعة هواه على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثال أوامره، فإن إيمانه غير كامل، ولا يتم له ذلك إلا بتقديم طاعة الله ورسوله على كل شيء في هذا الوجود.

العلامة الرابعة:

نصر سنته والذب عن شريعته:يبذل المحب نفسه وماله وكل ما يملك للغاية التي بذل لها حبيبه طاقاته وقدرته.
بذل حبيب رب العالمين عليه الصلاة والسلام جميع طاقاته ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وإنقاذهم من نار جهنم. إنه عليه الصلاة والسلام بذل أقصى جهوده لتكون كلمة الله هي العليا.

والمحبون الصادقون له أيضاً كانوا دائماً على أتم الاستعداد للتضحية بكل شيء للغرض نفسه، فهذا أنس بن النضر رضي الله عنه وجد عدداً من المسلمين جالسين في معركة أحد فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل(سيرة ابن هشام الجزء الثالث ص30.).
ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة، فما عرفه إلا أخته، عرفته ببنانه(المرجع السابق ص30.).
هكذا كان المحب الصادق مستعداً على أن يقدم نفسه للغاية التي كان حبيبه صلى الله عليه وسلم دائماً على استعداد لتقديم نفسه الشريفة لها.
وليس أنس بن النضر رضي الله عنه وحده هكذا بل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الكيفية.

انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحمة ربه، وارتدت العرب وأرادوا مهاجمة المدينة وكان المسلمون في أصعب الأحوال وأشدها. تصور عائشة الصديقة شدة الأحوال بقولها:
"والله قد نزل بي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها وصار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كأنهم معزى في حش في ليلة مطيرة بأرض مسبعة" (البداية والنهاية 6/344. هاضها: أثقلها. حش: حظيرة.)
وهذا وصف للحالة التي كانوا عليها من الحيرة والاضطراب، وفي هذه الأحوال والظروف جاء إرسال جيش أسامة رضي الله عنه إلى الشام لمقاتلة الروم، وهذا الجيش كان قد أرسله صلى الله عليه وسلم في آخر أيام حياته، لكن الجيش توقف في الطريق لما عرف خبر مرضه عليه الصلاة والسلام ورجعوا إلى المدينة المنورة حين سمعوا خبر وفاته.
الآن جاء سؤال تنفيذ جيش أسامة رضي الله عنه، واقتراح تأخيره، لكن أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان جوابه: رضي الله عنه لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة (المرجع السابق ص343.) وهكذا لما جاء موضوع القتال مع مانعي الزكاة واقترح على أبي بكر رضي الله عنه أن لا يقاتلهم قال قولته الشهيرة: إنه قد انقطع الوحي وتم الدين أينقص وأنا حي؟؟ (رواه رزين نقلا عن مشكاة المصابيح، باب أبي بكر الصديق رضي الله عنه.).
فهكذا كان المحبون الصادقون. فهل نحن على دربهم؟ نرتكب المعاصي ونضيع الأوامر فماذا نفعل نحن؟.
يجب علينا أن نراجع أنفسنا ونحاول أن نسير على درب أسلافنا الصالحين حتى نكون صادقين في محبتنا له صلى الله عليه وسلم .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يرزقنا محبة الله ورسوله، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جـن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا
وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم من عروس زينوها لزوجها
وقد قبضت أرواحهـم ليلة القدر
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم
وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حينا من الدهر


عليه أفضل الصلاة والسلام
أبوانس غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-26-2010
  #2
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 19
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي

المحبة اساس كل شيء
__________________
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في مدح ام النبي صلى الله عليه وسلم أبو أنور الانشاد والشعر الاسلامي 8 09-24-2023 04:50 PM
نسب النبي صلى الله عليه وسلم admin الصوتيات والمرئيات 7 02-04-2013 03:52 AM
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هاجر المواضيع الاسلامية 3 01-09-2009 12:00 AM
صبر النبي صل الله عليه وسلم نوح المواضيع الاسلامية 0 08-31-2008 06:34 PM
نسب النبي صلى الله عليه وسلم أبوانس المواضيع الاسلامية 2 08-16-2008 03:18 PM


الساعة الآن 06:28 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir