بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد سيد الاولين وسيد الاخرين



رسالة من مجموع رسائل سيدي علي الجمل العمراني


الرسالة الثانية والأربعون بعد المائة الثالثة في الحث على خدمة أهل الطريقة بالنفس والفلس

342 _ وقال رضي الله عنه : اعلم أن توليد الفن (1) هو حياته ، وزيادته . وعدم توليده هو موته ، ونقصانه . لأن من لم يكن في زيادة فهو في نقصان .
ومن جملة توليد الفن : مواصلة أهل الفن بالنفس ، وبالفلس . ومن *التوليد بالنفس : كثرة الكلام مع أهل فنك ، وكثرة السمع لحديثهم ، وكثرة النظر إليهم ، وكثرة الشم لروائحهم ، وكثرة الجلوس معهم ، والسير بالأقدام إليهم بالدوام .
ومن التوليد أيضاً : التشبه بهم ، والتزيّي بزيهم ، وأحوالهم . ومن توليد الفن بالنفس أيضاً : كثرة الجولان في البلدان ، وكثرة العلاقات للخلق ، خصوصاً وعموماً ، حتى لا يعرض عن أحد ممن لاقاه من الخلق ، فقيراً أو عامياً ، غنياً أو مفلساً ، أو من أهل المحزن ، أو من أقوياء الناس ، أو من ضعفائهم .
الضعفاء لا يولد فنهم إلا مع أهل فنهم . أما الأقوياء فيولد فنهم مع أهل فنهم ، ومع غير أهل فنهم .
من أراد توليد فنه من أهل الخصوصية أولاً يلد مع بني آدم ، ثم مع الحيوانات ، ثم يلد مع الجمادات ، ثم مع الهوائيات ، ثم مع العلويات ، ثم مع السفليات ، ثم مع نفسه ، بنفسه ، لنفسه . حتى لا يجد في الوجود إلا نفسه .
وأما توليد الفن بالفلس : فبسخاوته ، وإنفاقه على أهل الفن (2) ، كما قيل : " المحبة من غير انفاق نفاق " .
وكما قال الشاعر :
أنفق على المحبوب روحك مع مالك
واشتر له المركوب من طيب راس مالك
كي توصل المرغوب وتبلغ آمالك
ومن جملة فضله _ تعالى _ عليك أن جعل لك هذين البابين للوصول إليه : باب نفسك ، وباب فلسك .
سبحان المعطي




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
1 - يقصد بقوله " توليد الفن " مذاكرته ، وبذله لأهله ، ومواصلة أهل فنه ومحبتهم ، واللقاء بهم ، والبحث عنهم والتأدب معهم ، وزيادة الترقي فيه بكل الوسائط .

2 - يقصد رضي الله عنه . بأهل الفن هنا أهل الطريقة من الفقراء والسادة الصوفية ، والعارفين أهل الله تعالى نفعنا الله بالجميع في الدارين .
*