أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           سبحانك اللهم وبحمد ك وتبارك اسمك وتعالي جدك، ولا إله غيرك           

الفقه والعبادات كل ما يختص بفروع الفقه الإسلامي والمذاهب الفقهية الأربعة والفتاوي الفقهية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 05-28-2009
  #1
مروه
عضو شرف
 الصورة الرمزية مروه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 364
معدل تقييم المستوى: 16
مروه is on a distinguished road
افتراضي الصلاه واحكامها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


التعريف:
الصلاة أصلها في اللغة: الدعاء، لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم. وفي الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصلّ، وإن كان مفطراً فليطعم" رواه مسلم، أي ليدع لأرباب الطعام.
وفي الاصطلاح: قال الجمهور: هي أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم مع النية بشرائط مخصوصة.
وقال الحنفية: هي اسم لهذه الأفعال المعلومة من القيام والركوع والسجود.
مكانة الصلاة في الإسلام:
للصلاة مكانة عظيمة في الإسلام. فهي آكد الفروض بعد الشهادتين وأفضلها، وأحد أركان الإسلام الخمسة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" رواه البخاري، وقد نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركها إلى الكفر فقال: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" رواه مسلم، وعن عبد الله شقيق العقيلي قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. فالصلاة عمود الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وهي أول ما يحاسب العبد عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" رواه الترمذي كما أنها آخر وصية وصَّى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عند مفارقته الدنيا فقال صلى الله عليه وسلم: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" رواه ابن ماجه، وهي آخر ما يفقد من الدين، فإن ضاعت ضاع الدّين كله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها. فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة". رواه أحمد.
كما أنها العبادة الوحيدة التي لا تنفك عن المكّلف، وتبقى ملازمة له طول حياته لا تسقط عنه بحال.
وقد ورد في فضلها والحث على إقامتها، والمحافظة عليها، ومراعاة حدودها آيات وأحاديث كثيرة مشهورة.
فرض الصلوات الخمس وعدد ركعاتها:

أصل وجوب الصلاة كان في مكة في أول الإسلام، لوجود الآيات المكية التي نزلت في بداية الرسالة تحث عليها.
وأما الصلوات الخمس بالصورة المعهودة فإنها فرضت ليلة الإسراء والمعراج على خلاف بينهم في تحديد زمنه.
وقد ثبتت فرضية الصلوات الخمس بالكتاب والسنة والإجماع :
أما الكتاب فقوله تعالى في غير موضع من القرآن.
{وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ} [البقرة: 110]، وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} [النساء: 103] أي فرضاً مؤقتاً. وقوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ومطلق اسم الصلاة ينصرف إلى الصلوات المعهودة، وهي التي تؤدى في كل يوم وليلة.
وقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ} [هود: 114] يجمع الصلوات الخمس، لأن صلاة الفجر تؤدى في أحد طرفي النهار، وصلاة الظهر والعصر يؤديان في الطرف الآخر، إذ النهار قسمان غداة وعشي، والغداة اسم لأول النهار إلى وقت الزوال، وما بعده العشي، فدخل في طرفي النهار ثلاث صلوات ودخل في قوله: {وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ} المغرب والعشاء، لأنهما يؤديان في زلف من الليل وهي ساعاته. وقوله تعالى:
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} [الإسراء: 78] قيل: دلوك الشمس زوالها وغسق الليل أول ظلمته، فيدخل فيه صلاة الظهر والعصر، وقوله: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ} أي وأقم قرآن الفجر وهو صلاة الفجر. فثبتت فرضية ثلاث صلوات بهذه الآية وفرضية صلاتي المغرب والعشاء ثبتت بدليل آخر.
وقيل: دلوك الشمس غروبها فيدخل فيها صلاة المغرب والعشاء، وفرضية الظهر والعصر وثبتت بدليل آخر.
وأما السنة فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عام حجة الوداع : "اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيتكم، وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم تدخلوا جنة ربكم". رواه أحمد.
وقد انعقد إجماع الأمة على فرضية هذه الصلوات الخمس وتكفير منكرها.
حكمة تشريع الصلاة: الصلاة أعظم فروض الإسلام بعد الشهادتين، لحديث جابر : "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة". رواه مسلم.

وقد شرعت شكراً لنعم الله تعالى الكثيرة، ولها فوائد دينية وتربوية على المستويين الفردي والاجتماعي.
فوائد الصلاة الدينية:
عقد الصلة بين العبد وربه، بما فيها من لذة المناجاة للخالق، وإظهار العبودية لله، وتفويض الأمر له، والتماس الأمن والسكينة والنجاة في رحابه، وهي طريق الفوز والفلاح، وتكفير السيئات والخطايا، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1 و 2] {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلا الْمُصَلِّينَ} [المعارج 19 - 22].

وقال صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم لو أن نَهَراً بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يَبْقى من دَرَنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: فكذلك مَثَل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا" متفق عليه.

وفي حديث آخر عن أبي هريرة أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن، ما لم تُغْشَ الكبائر" رواه مسلم والترمذي. وعن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "إن العبد إذا قام يصلي، أُتي بذنوبه فوضعت على رأسه أو على عاتقه، فكلما ركع أو سجد، تساقطت عنه" رواه ابن حبان، أي حتى لا يبقى منها شيء إن شاء الله تعالى.
فوائد الصلاة الشخصية:
التقرب بها إلى الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وتقوية النفس والإرادة، والاعتزاز بالله تعالى دون غيره، والسمو عن الدنيا ومظاهرها، والترفع عن مغرياتها وأهوائها، وعما يحلو في النفس مما لدى الآخرين من جاه ومال وسلطان: {{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].
كما أن في الصلاة راحة نفسية كبيرة، وطمأنينة روحية وبعداً عن الغفلة التي تصرف الإنسان عن رسالته السامية الخالدة في هذه الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: "حُبِّب إلي من دنياكم: النساء والطيب، وجعلت قُرَّة عيني في الصلاة" رواه النسائي وأحمد، وكان عليه السلام إذا حَزبه أمر (أي نزل به هم أو غم) قال: "أرحنا بها يا بلال". رواه أبو داود وأحمد.
وفي الصلاة: تدرب على حب النظام والتزام التنظيم في الأعمال وشؤون الحياة، لأدائها في أوقات منظمة، وبها يتعلم المرء خصال الحلم والأناة والسكينة والوقار، ويتعود على حصر الذهن في المفيد النافع، لتركيز الانتباه في معاني آيات القرآن وعظمة الله تعالى ومعاني الصلاة.
كما أن الصلاة مدرسة خلقية عملية انضباطية تربي فضيلة الصدق والأمانة، وتنهى عن الفحشاء والمنكر:
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت: 45].
فوائد الصلاة الاجتماعية:
إقرار العقيدة الجامعة لأفراد المجتمع، وتقويتها في نفوسهم، وفي تنظيم الجماعة في تماسكها حول هذه العقيدة، وفيها تقوية الشعور بالجماعة، وتنمية روابط الانتماء للأمة، وتحقيق التضامن الاجتماعي، ووحدة الفكر والجماعة التي هي بمثابة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وفي صلاة الجماعة: فوائد عميقة وكثيرة، من أهمها إعلان مظهر المساواة، وقوة الصف الواحد، ووحدة الكلمة، والتدرب على الطاعة في القضايا العامة أو المشتركة باتباع الإمام فيما يرضي الله تعالى، والاتجاه نحو هدف واحد وغاية نبيلة سامية هي الفوز برضوان الله تعالى.
كما أن بها تعارف المسلمين وتآلفهم، وتعاونهم على البر والتقوى، وتغذية الاهتمام بأوضاع وأحوال المسلمين العامة، ومساندة الضعيف والمريض والسجين والملاحَق بتهمة والغائب عن أسرته وأولاده. ويعد المسجد والصلاة فيه مقراً لقاعدة شعبية منظمة متعاونة متآزرة، تخرِّج القيادة، وتدعم السلطة الشرعية، وتصحح انحرافاتها وأخطاءها بالكلمة الناصحة والموعظة الحسنة، والقول الليِّن، والنقد البناء الهادف، لأن "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" حديث.
والصلاة تميِّز المسلم عن غيره، فتكون طريقاً للثقة والائتمان، وبعث روح المحبة والمودة فيما بين الناس : "من استقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم".
حكم تارك الصلاة:

لتارك الصلاة حالتان: إما أن يتركها جحوداً لفرضيتها، أو تهاوناً وكسلاً لا جحوداً.
فأما الحالة الأولى: فقد أجمع العلماء على أن تارك الصلاة جحوداً لفرضيتها كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كفراً كجاحد كل معلوم من الدين بالضرورة، ومثل ذلك ما لو جحد ركنا أو شرطاً مجمعاً عليه. واستثنى الشافعية والحنابلة من ذلك من أنكرها جاهلاً لقرب عهده بالإسلام أو نحوه فليس مرتداً، بل يعرّف الوجوب، فإن عاد بعد ذلك صار مرتداً.
وأما الحالة الثانية: فقد اختلف الفقهاء فيها - وهي: ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً لا جحوداً - فذهب المالكية والشافعية إلى أنه يقتل حداً أي أن حكمه بعد الموت حكم المسلم فيغسل، ويصلى عليه، ويدفن مع المسلمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" رواه البخاري ومسلم، ولأنه تعالى أمر بقتل المشركين ثم قال: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] وقالصلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة" رواه أبوا داود، فلو كفر لم يدخل تحت المشيئة. وذهب الحنفية إلى أن تارك الصلاة تكاسلاً عمداً فاسق لا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يموت أو يتوب.
وذهب الحنابلة: إلى أن تارك الصلاة تكاسلاً يدعى إلى فعلها ويقال له: إن صليت وإلاّ قتلناك، فإن صلى وإلا وجب قتله ولا يقتل حتى يحبس ثلاثاً ويدعى في وقت كل صلاة، فإن صلى وإلا قتل حداً، وقيل كفراً، أي لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين. لكن لا يرق ولا يسبى له أهل ولا ولد كسائر المرتدين. لما روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" رواه مسلم، وروى بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من تركها فقد كفر" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وروى عبادة مرفوعاً "من ترك الصلاة متعمداً فقد خرج من الملة" وكل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء. ولأنه يدخل بفعلها في الإسلام، فيخرج بتركها منه كالشهادتين. وقال عمر رضي الله عنه: "لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة" رواه الطبراني، وكذا عندهم لو ترك ركناً أو شرطاً مجمعاً عليه كالطهارة والركوع والسجود، ولا يقتل بترك صلاة فائتة.
كما اختلف القائلون بالقتل في محله. فمحله عند المالكية هو بقاء ركعة بسجدتيها من الوقت الضروري إن كان عليه فرض واحد فقط. قال مالك: إن قال: أصلي ولم يفعل قتل بقدر ركعة قبل طلوع الشمس للصبح، وغروبها للعصر، وطلوع الفجر للعشاء، فلو كان عليه فرضان مشتركان أخر لخمس ركعات في الظهرين، ولأربع في العشاءين. وهذا في الحضر، أما في السفر فيؤخر لثلاث في الظهرين وأربع في العشاءين.
وذهب الشافعية إلى أن محل القتل هو إخراجها عن وقتها الضروري فيما له وقت ضرورة - بأن يجمع مع الثانية في وقتها - فلا يقتل بترك الظهر حتى تغرب الشمس، ولا بترك المغرب حتى يطلع الفجر، ويقتل في الصبح بطلوع الشمس، وفي العصر بغروبها، وفي العشاء بطلوع الفجر، فيطالب بأدائها إذا ضاق الوقت ويتوعد بالقتل إن أخرها عن الوقت، فإن أخر وخرج الوقت استوجب القتل، وصرحوا بأنه يقتل بعد الاستتابة، لأنه ليس أسوأ حالاً من المرتد.
والاستتابة تكون في الحال، لأن تأخيرها يفوت صلوات، وقيل: يمهل ثلاثة أيام. والقولان في الندب، وقيل في الوجوب.
أوقات الصلاة
وقت الفجر:

يبدأ من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس. والفجر الصادق: هو البياض المنتشر ضوءه معترضاً في الأفق. ويقابله الفجر الكاذب: وهو الذي يطلع مستطيلاً متجهاً إلى الأعلى في وسط السماء، ثم تعقبُه ظُلْمة. والأول: هو الذي تتعلق به الأحكام الشرعية كلها من بدء الصوم ووقت الصبح وانتهاء وقت العشاء، والثاني: لا يتعلق به شيء من الأحكام، بدليل قوله عليه السلام: "الفجر فجران: فجر يحرِّم الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة - أي صلاة الصبح - ويحل فيه الطعام" رواه ابن خزيمة والحاكم وصححاه.

وفي حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم: "ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر، ما لم تطلع الشمس" وما بعد طلوع الشمس إلى وقت الظهر يعتبر وقتاً مهملاً لا فريضة فيه.
وقت الظهر:

من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شيء مثله، سوى ظل أو فيء الزوال وهذا قول المالكية والشافعية والحنابلة. وقال أبو حنيفة: إن آخر وقت الظهر أن يصير ظل كل شيء مِثْليْه.

وزوال الشمس: هو ميلها عن وسط السماء، ويسمى بلوغ الشمس إلى وسط (أو كبد) السماء: حالة الاستواء، وإذا تحولت الشمس من جهة المشرق إلى جهة المغرب حدث الزوال.

ويعرف الزوال: بالنظر إلى قامة الشخص، أو إلى شاخص أو عمود منتصب في أرض مستوية (مسطحة)، فإذا كان الظل ينقص فهو قبل الزوال، وإن وقف لا يزيد ولا ينقص، فهو وقت الاستواء، وإن أخذ الظل في الزيادة علم أن الشمس زالت.

فإذا زاد ظل الشيء على ظله حالة الاستواء، أو مالت الشمس إلى جهة المغرب، بدأ وقت الظهر، وينتهي وقته عند الجمهور بصيرورة ظل الشيء مثله في القدر والطول، مع إضافة مقدار ظل أو فيء الاستواء، أي الظل الموجود عند الزوال.

ودليل الجمهور: أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي حين صار ظل كل شيء مثله، ولا شك أن هذا هو الأقوى. ودليل أبي حنيفة قوله عليه السلام إذا "اشتد الحر، فأبردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم" رواه البخاري، وأشد الحر في ديارهم كان في هذا الوقت يعني إذا صار ظل كل شيء مثله. ودليل الكل على بدء وقت الظهر قوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} [الإسراء: 78] أي زوالها.
وقت العصر:

يبدأ من خروج وقت الظهر، على الخلاف بين القولين المتقدمين، وينتهي بغروب الشمس، أي أنه يبدأ من حين الزيادة على مثل ظل الشيء، أدنى زيادة عند الجمهور، أو من حين الزيادة على مثلي الظل عند أبي حنيفة وينتهي الوقت بالاتفاق قبيل غروب الشمس، لحديث: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر" متفق عليه.

ويرى أكثر الفقهاء أن صلاة العصر تكره في وقت اصفرار الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: "تلك صلاة المنافق، يجلس يرقُب الشمس، حتى إذا كانت بين قَرْني الشيطان، قام فنَقَرها أربعاً، لا يذكر الله إلا قليلاً" رواه أبو داود والترمذي، وقوله عليه السلام أيضاً: "وقت العصر ما لم تصفر الشمس". رواه مسلم.

وصلاة العصر: هي الصلاة الوسطى عند أكثر العلماء، بدليل ما روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ:

{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]، والصلاة الوسطى: صلاة العصر، رواه أبو داود والترمذي. وعن ابن مسعود وسمرة قالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلاة الوسطى: صلاة العصر" وسميت وسطى لأنها بين صلاتين من صلاة الليل، وصلاتين من صلاة النهار.
وعند مالك: إن صلاة الصبح هي الوسطى لما روى النسائي عن ابن عباس قال: "أدلج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عرّس، فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس أو بعضها، فلم يصل حتى ارتفعت الشمس، فصلى وهي صلاة الوسطى".
وقت المغرب:

من غروب الشمس بالإجماع، أي غياب قرصها بكامله، ويمتد عند الجمهور (الحنفية والحنابلة) إلى مغيب الشَّفَق، لحديث: "وقت المغرب ما لم يغب الشفق". رواه مسلم.

والشفق عند الحنفية والحنابلة والشافعية: هو الشفق الأحمر، لقول ابن عمر: "الشفق: الحمرة". رواه الترمذي وابن خزيمة.

وعند المالكية: أن وقت المغرب ينقضي بمقدار وضوء وستر عورة وأذان وإقامة وخمس ركعات، أي أن وقته مضيق غير ممتد، لأن جبريل عليه السلام صلى بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليومين في وقت واحد، كما بينا في حديث جابر المتقدم، فلو كان للمغرب وقت آخر لبينه، كما بين وقت بقية الصلوات. ورد بأن جبريل إنما بين الوقت المختار، وهو المسمى بوقت الفضيلة. وأما الوقت الجائز وهو محل النزاع فليس فيه تعرض له.
وقت العشاء:

يبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى طلوع الفجر الصادق، أي قبيل طلوعه لقول ابن عمر المتقدم: "الشفق الحمرة، فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة" ولحديث: "ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى" رواه مسلم. فإنه ظاهر في امتداد وقت كل صلاة إلى دخول وقت الصلاة الأخرى إلا صلاة الفجر، فإنها مخصوصة من هذا العموم بالإجماع.

وأما الوقت المختار للعشاء فهو إلى ثلث الليل أو نصفه، لحديث أبي هريرة: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتُهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه" رواه الترمذي وابن ماجه، وحديث أنس: "أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل ثم صلى" متفق عليه وحديث ابن عمرو: "وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل". رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
وأول وقت الوتر: بعد صلاة العشاء، وآخر وقتها ما لم يطلع الفجر.

الوقت الأفضل:

للفقهاء آراء في بيان أفضل أجزاء وقت كل صلاة أو الوقت المستحب، فقال الحنفية: يستحب للرجال الإسفار بالفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والإسفار: التأخير للإضاءة. وحد الإسفار: أن يبدأ بالصلاة بعد انتشار البياض بقراءة مسنونة، أي أن يكون بحيث يؤديها بترتيل نحو ستين أو أربعين آية، ثم يعيدها بطهارة لو فسدت. ولأن في الإسفار تكثير الجماعة وفي التغليس تقليلها، وما يؤدي إلى التكثير أفضل، وليسهل تحصيل ما ورد عن أنس من حديث حسن: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له: كأجر حجة تامة، وعمرة تامة".

وأما النساء: فالأفضل لهن الغَلَس (الظلمة)، لأنه أستر، وفي غير الفجر يَنْتَظِرْن فراغ الرجال من الجماعة. وكذلك التغليس أفضل للرجل والمرأة لحاج بمزدلفة.

ويستحب في البلاد الحارة وغيرها الإبراد بالظهر في الصيف، بحيث يمشي في الظل، لقوله صلى الله عليه وسلم السابق: "أبردوا بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم" ويستحب تعجيله في الشتاء والربيع والخريف، لحديث أنس عند البخاري: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكَّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة".

ويستحب تأخير العصر مطلقاً، توسعة لأداء النوافل، ما لم تتغير الشمس بذهاب ضوئها، فلا يتحير فيها البصر، سواء في الشتاء أم الصيف، لما فيه من التمكن من تكثير النوافل، لكراهتها بعد العصر.

ويستحب تعجيل المغرب مطلقاً، فلا يفصل بين الأذان والإقامة إلا بقدر ثلاث آيات أو جلسة خفيفة، لأن تأخيرها مكروه لما فيه من التشبه باليهود، ولقوله عليه السلام: "لا تزال أمتي بخير أو قال: على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم". رواه أبو داود.

ويستحب تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل الأول، في غير وقت الغيم، فيندب تعجيله فيه، للأحاديث السابقة: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه".

ويستحب في الوتر لمن يألف صلاة الليل ويثق بالانتباه: أن يؤخر الوتر إلى آخر الليل، ليكون آخر صلاته فيه، فإن لم يثق من نفسه بالانتباه أوتر قبل النوم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من خاف ألا يقوم آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل، فليوتر آخره، فإن صلاة الليل مشهودة، وذلك أفضل". رواه مسلم.

وقال المالكية: أفضل الوقت أوله، فهو رضوان الله، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها" رواه البخاري. وعن ابن عمر مرفوعاً: "الصلاة في أول الوقت: رضوان الله، وفي آخره عفو الله". رواه الترمذي.

وإذا كان الوقت وقت شدة الحر ندب تأخير الظهر للإبراد، أي الدخول في وقت البرد.

والخلاصة: أن المبادرة في أول الوقت مطلقاً هو الأفضل، إلا في حال انتظار الفرد جماعة للظهر وغيره، وفي حال الإبراد بالظهر أي لأجل الدخول في وقت البرد.

وقال الشافعية: يسن تعجيل الصلاة ولو عشاء لأول الوقت، إلا الظهر، فيسن الإبراد بالظهر في شدة الحر، للأحاديث السابقة المذكورة في مذهب المالكية، والحنفية، والأصح: اختصاص التأخير للإبراد ببلد حار، وجماعة مسجد ونحوه كمدرسة، يقصدونه من مكان بعيد.

ويكره تسمية المغرب عشاء والعشاء عتْمة للنهي عنه، أما النهي عن الأول ففي خبر البخاري: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب، وتقول الأعراب: هي العشاء" وأما النهي عن الثاني ففي خبر مسلم: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء، وهم يُعتمون بالإبل" وفي رواية " بحلاب الإبل" معناه أنهم يسمونها العتمة لكونهم يعتمون بحلاب الإبل، أي يؤخرونه إلى شدة الظلام"، ويكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديث بعدها إلا في خير، لما رواه الجماعة عن أبي بَرْزة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يستحب أن يؤخر العشاء التي يدعونها العَتْمة، وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها".

وقال الحنابلة: الصلاة في أول الوقت أفضل إلا العشاء، والظهر في شدة الحر، والمغرب في حالة الغيم، أما العشاء فتأخيرها إلى آخر وقتها المختار وهو ثلث الليل أو نصفه أفضل، ما لم يشق على المأمومين أو على بعضهم، فإنه يكره، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم السابق: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه" ولأنه صلى الله عليه وسلم "كان يأمر بالتخفيف رفقاً بهم".

وأما الظهر فيستحب الإبراد به على كل حال في وقت الحر، ويستحب تعجيلها في وقت العشاء، عملاً بالحديثالسابق: "إذا اشتد الحر فأبردوا، فإن شدة الحر من فيح جهنم".

وأما حالة الغيم: فيستحب تأخير الظهر والمغرب أثناءه، وتعجيل العصر والعشاء، لأنه وقت يخاف منه العوارض من المطر والريح والبرد، فيكون في تأخير الصلاة الأولى من أجل الجمع بين الصلاتين في المطر، وتعجيل الثانية دفع للمشقة التي قد تحصل بسبب هذه العوارض.

ولا يستحب عند الحنابلة تسمية العشاء العتمة، وكان ابن عمر إذا سمع رجلاً يقول "العتمة" صاح وغضب، وقال: "إنما هو العشاء".
متى تقع الصلاة أداء في الوقت؟
من المعلوم أن الصلاة إذا أديت كلها في الوقت المخصص لها فهي أداء، وإن فعلت مرة ثانية في الوقت لخلل غير الفساد فهي إعادة، وإن فعلت بعد الوقت فهي قضاء، والقضاء: فعل الواجب بعد وقته.
أما إن أدرك المصلي جزءاً من الصلاة في الوقت فهل تقع أداء ؟ للفقهاء رأيان: الأول للحنفية، والحنابلة، والثاني للمالكية والشافعية.
الرأي الأول- للحنفية والحنابلة: تدرك الفريضة أداء كلها بتكبيرة الإحرام في وقتها المخصص لها، سواء أخرها لعذر كحائض تطهر، ومجنون يفيق، أو لغير عذر، لحديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدركها" رواه مسلم، وللبخاري "فليتم صلاته" وكإدراك المسافر صلاة المقيم، وكإدراك الجماعة، ولأن بقية الصلاة تبع لما وقع في الوقت.
الرأي الثاني- للمالكية، والشافعية: تعد الصلاة جميعها أداء في الوقت إن وقع ركعة بسجدتيها في الوقت، وإلا بأن وقع أقل من ركعة فهي قضاء، لخبر الصحيحين: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة" أي مؤداة.
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-28-2009 الساعة 11:32 PM
مروه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-28-2009
  #2
مروه
عضو شرف
 الصورة الرمزية مروه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 364
معدل تقييم المستوى: 16
مروه is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

الاجتهاد في الوقت:

من جهل الوقت بسبب عارض أو حبس في بيت مظلم، وعدم ثقة يخبره به عن علم، ولم يكن معه ساعة تؤقت له، اجتهد بما يغلب على ظنه دخوله بوِرْد من قرآن ودرس ومطالعة وصلاة ونحوه كخياطة وصوت ديك مجَّرب، وعمل على الأغلب في ظنه.
والاجتهاد يكون واجباً إن عجز عن اليقين بالصبر أو غيره كالخروج لرؤية الفجر أو الشمس مثلاً، وجائزاً إن قدر عليه.
وإن أخبره ثقة من رجل أو امرأة بدخول الوقت عن علم، أي مشاهدة، عمل به، لأنه خبر ديني يرجع فيه المجتهد إلى قول الثقة كخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أما إن أخبره عن اجتهاد فلا يقلده، لأن المجتهد لا يقلد مجتهداً آخر.
وإذا شك في دخول الوقت، لم يصل حتى يتيقن دخوله، أو يغلب على ظنه ذلك، وحينئذ تباح له الصلاة، ويستحب تأخيرها قليلاً احتياطاً لتزداد غلبة ظنه، إلا أن يخشى خروج الوقت.
وإن تيقن أن صلاته وقعت قبل الوقت، ولو بإخبار عدل مقبول الرواية عن مشاهدة، قضى عند الشافعية وعند أكثر العلماء، وإلا أي إن لم يتيقن وقوعها قبل الوقت، فلا قضاء عليه. ودليل القضاء: ما روي عن ابن عمر وأبي موسى أنهما أعادا الفجر، لأنهما صلياها قبل الوقت.
تأخير الصلاة: يجوز تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم: "أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله" ولأنا لو لم نجوز التأخير لضاق على الناس، فسمح لهم بالتأخير. لكن من أخر الصلاة عمداً، ثم خرج الوقت وهو فيها، أثم وأجزأته.
الأوقات المكروهة:
ثبت في السنة النبوية النهي عن الصلاة في أوقات خمسة، ثلاثة منها في حديث، واثنان منها في حديث آخر.
أما الثلاثة ففي حديث مسلم عن عقبة بن عامر الجُهَني: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلِّي فيهن، وأن نقبُر فيهن موتانا: حين تطلعُ الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تتضيَّف الشمس للغروب".
وهذه الأوقات الثلاثة تختص بأمرين: دفن الموتى والصلاة.
وأما الوقتان الآخران ففي حديث البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس" ولفظ مسلم: "لا صلاة بعد صلاة الفجر" وهذان الوقتان يختصان بالنهي عن الصلاة فقط.
فالأوقات الخمسة هي ما يأتي:
1- ما بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس كرُمْح في رأي العين.
2- وقت طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رُمح أي بعد طلوعها بمقدار ثلث ساعة.
3- وقت الاستواء إلى أن تزول الشمس أي يدخل وقت الظهر.
4- وقت اصفرار الشمس حتى تغرب.
5- بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس.
والحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات وتحريم النوافل فيها هي: أن الأوقات الثلاثة الأولى ورد تعليل النهي عن الصلاة فيها في حديث عمرو بن عبسة عند مسلم وأبي داود والنسائي: وهو أن الشمس عند طلوعها تطلع بين قرني شيطان، فيصلي لها الكفار، وعند قيام قائم الظهيرة تسجر (توقد) جهنم وتفتح أبوابها، وعند الغروب تغرب بين قرني شيطان، فيصلي لها الكفار. فالحكمة هي إما التشبه بالكفار عبدة الشمس، أو لكون الزوال وقت غضب.
وأما حكمة النهي عن النوافل بعد الصبح وبعد العصر فهي ليست لمعنى في الوقت، وإنما لأن الوقت كالمشغول حكماً بفرض الوقت، وهو أفضل من النفل الحقيقي.
وأما نوع الحكم المستفاد من النهي: فهو حرمة النافلة عند الحنابلة في الأوقات الخمسة وعند المالكية في الأوقات الثلاثة، والكراهة التنزيهية في الوقتين الآخرين.
والحرمة أو الكراهة التحريمية تقتضي عدم انعقاد الصلاة على الخلاف الآتي.
وأما نوع الصلاة المكروهة ففيها خلاف بين الفقهاء.
أولاً- الأوقات الثلاثة (الشروق والغروب والاستواء) قال الحنفية: يكره تحريماً فيها كل صلاة مطلقاً، فرضاً أو نفلاً، أو واجباً، ولو قضاء لشيء واجب في الذمة، أو صلاة جنازة أو سجدة تلاوة أو سهو، إلا يوم الجمعة على المعتمد المصحح، وإلا فرض عصر اليوم أداء.
والكراهة تقتضي عدم انعقاد الفرض وما يلحق به من الواجب كالوتر، وينعقد النفل بالشروع فيه مع كراهة التحريم فإن طرأ الوقت المكروه على صلاة شرع فيها تبطل إلا صلاة جنازة حضرت فيها، وسجدة تليت آيتها فيها، وعصر يومه، والنفل والنذر المقيد بها، وقضاء ما شرع به فيها ثم أفسده، فتنعقد هذه الستة بلا كراهة أصلاً، في الأولى منها، ومع الكراهة التنزيهية في الثانية، والتحريمية في البواقي.
ودليلهم عموم النهي عن الصلاة في هذه الأوقات، وعدم صحة القضاء، لأن الفريضة وجبت كاملة فلا تتأدى بالناقص.
ولا يصح أداء فجر اليوم عند الشروق، لوجوبه في وقت كامل فيبطل في وقت الفساد، إلا العوام فلا يمنعون من ذلك، لأنهم يتركونها، والأداء الجائز عن البعض أولى من الترك.
ويصح أداء العصر مع الكراهة التحريمية، لحديث أبي هريرة: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
ويصح مع الكراهة التنزيهية أداء سجدة التلاوة المقروءة في وقت النهي أو أداء صلاة منذورة فيه أو نافلة شرع بأدائها فيه، لوجوبها في هذا الوقت. كذلك تصح صلاة الجنازة إذا حضرت في وقت مكروه لحديث الترمذي: "يا علي ثلاثة لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيّم إذا وجدت لها كفؤاً".
ثانياً- الوقتان الآخران (بعد صلاتي الفجر والعصر): يكره تحريماً أيضاً التنفل فيهما، ولو بسنة الصبح أو العصر إذا لم يؤدها قبل الفريضة أو بتحية مسجد، أو منذور، وركعتي طواف، وسجدتي سهو، أو قضاء نفل أفسده، وتنعقد الصلاة.
ولا يكره في هذين الوقتين قضاء فريضة فائتة أو وتر أو سجدة تلاوة وصلاة جنازة، لأن الكراهة كانت لشغل الوقت بصاحب الفريضة الأصلية، فإذا أديت لم تبق كراهة بشغله بفرض آخر أو واجب لعينه، لكن عدم الكراهة في القضاء بما بعد العصر مقيد بما قبل تغير الشمس، أما بعده فلا يجوز فيه القضاء أيضاً، وإن كان قبل أن يصلي العصر.
وقال المالكية: يحرم النفل لا الفرض في الأوقات الثلاثة، ويجوز قضاء الفرائض الفائتة فيها وفي غيرها، ومن النفل عندهم: صلاة الجنازة، والنفل المنذور، والنفل المفسد، وسجود السهو البعدي، لأن ذلك كله سنة، عملاً بمقتضى النهي السابق الثابت في السنة.
ويكره تنزيهاً النفل في الوقتين الآخرين (بعد طلوع الفجر وبعد أداء العصر) إلى أن ترتفع الشمس بعد طلوعها قدر رمح(1)، وإلى أن تصلى المغرب، إلا صلاة الجنازة وسجود التلاوة بعد صلاة الصبح قبل إسفار الصبح، وما بعد العصر قبل اصفرار الشمس فلا يكره بل يندب، وإلا ركعتي الفجر، فلا يكرهان بعد طلوع الفجر، لأنهما رغيبة كما سيأتي.
_____________________
(1) المقصود رمح من رماح العرب، وقدره اثنا عشر شبر بشبر متوسط.
ويقطع المتنفل صلاته وجوباً إن أحرم بوقت تحرم فيه الصلاة، وندباً إن أحرم بوقت كراهة، ولا قضاء عليه.
وقال الشافعية: تكره الصلاة تحريماً على المعتمد في الأوقات الثلاثة،وتنزيهاً في الوقتين الآخرين. ولا تنعقد الصلاة في الحالتين.
واستثنى الشافعية حالات كراهة فيها وهي ما يأتي :
1- يوم الجمعة: لا تكره الصلاة عند الاستواء يوم الجمع، لاستثنائه في خبر البيهقي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة" وخبر أبي داود عن أبي قتادة نحوه، ولفظه: "وكره النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال: إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة". رواه أبو داود.
والأصح عندهم جواز الصلاة في هذا الوقت، سواء أحضر إلى الجمعة أم لا.
2- حرم مكة: الصحيح أنه لا تكره الصلاة في هذه الأوقات في حرم مكة لخبر جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار" رواه الترمذي، ولما فيه من زيادة فضل الصلاة فلا تكره بحال، لكنها خلاف الأولى خروجاً من الخلاف.
3- الصلاة ذات السبب غير المتأخر، كفائتة، وكسوف، وتحية مسجد، وسنة الوضوء وسجدة شكر، لأن الفائتة وتحية المسجد وركعتي الوضوء لها سبب متقدم، وأما الكسوف وصلاة الاستسقاء وصلاة الجنازة وركعتا الطواف فلها سبب مقارن. والفائتة فرضاً أو نفلاً تقضى في أي وقت بنص الحديث: "من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها" متفق عليه وخبر الصحيحين: "أنه صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين، وقال: همااللتان بعد الظهر" والكسوف وتحية المسجد ونحوهما معرضان للفوات، وفي الصحيحين عن أبي هريرة "أنه صلى الله عليه وسلم قال لبلال: حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دَفْ نعليك(1) بين يدي في الجنة؟ قال: ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي".

__________________
(1) الدَّف : صوت النعل وحركته على الأرض
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-28-2009 الساعة 11:36 PM
مروه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-28-2009
  #3
مروه
عضو شرف
 الصورة الرمزية مروه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 364
معدل تقييم المستوى: 16
مروه is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

وفي سجدة الشكر: ورد في الصحيحين أيضاً في توبة كعب بن مالك: "أنه سجد سجدة للشكر بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس".
أما ما له سبب متأخر كركعتي الاستخارة والإحرام: فإنه لا ينعقد، كالصلاة التي لا سبب لها.
وقال الحنابلة: يجوز قضاء الفرائض الفائتة في جميع أوقات النهي وغيرها، لعموم الحديث السابق: "من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها" ولحديث أبي قتادة: "ليس في النوم تفريط، وإنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها". رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
ولو طلعت الشمس وهو في صلاة الصبح أتمها، خلافاً للحنفية، للحديث السابق:
"إذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس، فليتم صلاته".
ويجوز فعل الصلاة المنذور في وقت النهي، ولو كان نذرها فيه، خلافاً للحنفية، لأنها صلاة واجبة، فأشبهت الفريضة الفائتة وصلاة
الجنازة.

ويجوز فعل ركعتي الطواف، للحديث السابق عند الشافعية: "يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار".
وتجوز صلاة الجنازة في الوقتين (بعد الصبح وبعد العصر) وهو رأي جمهور الفقهاء، ولا تجوز صلاة الجنازة في الأوقات الثلاثة (الشروق والغروب والاستواء) إلا أن يخاف عليها فتجوز مطلقاً للضرورة، ودليلهم على المنع قول عقبة بن عامر السابق: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا".
وتجوز إعادة الصلاة جماعة في أي وقت من أوقات النهي بشرط أن تقام وهو في المسجد، أو يدخل المسجد وهم يصلون، سواء أكان صلى جماعة أم وحده، لما روى يزيد بن الأسود، قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، فلما قضى صلاته، إذا هو برجلين لم يصليا معه، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا ؟ فقالا: يا رسول الله، قد صلينا في رحالنا، فقال: لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصلِّيا معهم، فإنها لكم نافلة" رواه أبو داود والترمذي، وهذا نص في الفجر، وبقية الأوقات مثله، ولأنه متى لم يعد لحقته تهمة في حق الإمام.
ويحرم التطوع بغير الصلوات المستثناة السابقة في شيء من الأوقات الخمسة، للأحاديث المتقدمة، سواء أكان التطوع مما له سبب كسجود تلاوة وشكر وسنة راتبة كسنة الصبح إذا صلاها بعد صلاة الصبح، أو بعد العصر، وكصلاة الكسوف والاستسقاء وتحية المسجد وسنة الوضوء، أم ليس له سبب كصلاة الاستخارة، لعموم النهي، وإنما ترجح عمومها على أحاديث التحية وغيرها، لأنها حاظرة وتلك مبيحة، والحاظر مقدم على المبيح، وأما الصلاة بعد العصر فمن خصائصه صلى الله عليه وسلم. لكن تجوز فقط تحية المسجد يوم الجمعة إذا دخل والإمام يخطب فيركعهما، للحديث السابق "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة".
ويجوز في الصحيح قضاء السنن الراتبة بعد العصر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، فإنه قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد العصر في حديث أم سلمة. والصحيح في الركعتين قبل العصر أنها لا تقضى، لما روت عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما، فقلت له: أتقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا". ويجوز قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، إلا أن أحمد اختار أن يقضيهما من الضحى خروجاً من الخلاف.
والمشهور في المذهب أنه لا يجوز قضاء السنن في سائر أوقات النهي.
ولا فرق بين مكة وغيرها في المنع من التطوع في أوقات النهي، لعموم النهي.
كما لا فرق في وقت الزوال بين الجمعة وغيرها، ولا بين الشتاء والصيف، لعموم الأحاديث في النهي.
كراهة التنفل في أوقات أخرى:
كره الحنفية والمالكية التنفل في أوقات أخرى هي ما يأتي، علماً بأن الكراهة تحريمية عند الحنفية في كل ما يذكر هنا:
1- ما بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح: قال الحنفية: يكره تحريماً التنفل حينئذ بأكثر من سنة الفجر، ولا كراهة عند الشافعية والحنابلة.
وقال المالكية: يكره تنزيهاً الصلاة تطوعاً بعد الفجر قبل الصبح، ويجوز فيه قضاء الفوائت وركعتا الفجر، والوتر، والوِرْد، أي ما وظفه من الصلاة ليلاً على نفسه.

ودليل الحنفية والمالكية على الكراهة حديث ابن عمر: "لا صلاة بعد الفجر إلا الركعتين قبل صلاة الفجر". رواه الطبراني.
2- ما قبل صلاة المغرب: يكره التنفل عند الحنفية والمالكية قبل صلاة المغرب، للعمومات الواردة في تعجيل المغرب، منها حديث سلمة بن الأكوع: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غَرَبت الشمس وتوارت بالحجاب" رواه أبو داود والترمذي، وحديث عقبة بن عامر: "لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم" رواه أبو داود، والتنفل يؤدي إلى تأخير المغرب، والمبادرة إلى أداء المغرب مستحبة.
وقال الشافعية: يستحب صلاة ركعتين قبل المغرب، وهي سنة غير مؤكدة، وقال الحنابلة: إنهما جائزتان وليستا سنة، ودليلهم: ما أخرجه ابن حبان من حديث عبد الله بن مغفل "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين" وقال أنس: "كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب" رواه مسلم، وعن عبد الله بن مُغّفَّل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال عند الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة". رواه البخاري وأبو داود.
3- أثناء خطبة الإمام في الجمعة والعيد والحج والنكاح والكسوف والاستسقاء: يكره لدى الحنفية والمالكية التنفل عند خروج الخطيب حتى يفرغ من الصلاة، لحديث أبي هريرة: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت" متفق عليه، وأضاف المالكية أنه يكره التنفل بعد صلاة الجمعة أيضاً إلى أن ينصرف الناس من المسجد.
وكذلك يكره التنفل تنزيهاً أثناء الخطبة عند الشافعية والحنابلة إلا تحية المسجد إن لم يخش فوات تكبيرة الإحرام، ويجب عليه أن يخففهما بأن يقتصر على الواجبات، فإن لم يكن صلى سنة الجمعة القبلية نواها مع التحية إذ لا يجوز له الزيادة على ركعتين، ولا تنعقد صلاة غير التحية عند الشافعية. ودليلهم خبر الصحيحين: "إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" فهو مخصص لخبر النهي. وروى جابر، قال: "جاء سُلَيك الغطفاني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا سليك قم، فاركع ركعتين، وتجوَّز فيهما" رواه مسلم، أي خفف فيهما.
4- ما قبل صلاة العيد وبعده: يكره التنفل عند الحنفية والمالكية والحنابلة قبل صلاة العيد وبعده، لحديث أبي سعيد الخدري قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله، صلى ركعتين" رواه ابن ماجه، وأضاف الحنابلة: لا بأس بالتنفل إذا خرج من المصلى.
والكراهة عند الحنفية والحنابلة سواء للإمام والمأموم، وسواء أكان في المسجد أم المصلى، أما عند المالكية فالكراهة في حال أدائها في المصلى لا في المسجد.

وقال الشافعية: يكره التنفل للإمام قبل العيد وبعده، لاشتغاله بغير الأهم، ولمخالفته فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ركعتين لم يصلّ قبلها ولا بعدها" متفق عليه.
ولا يكره النفل قبل العيد بعد ارتفاع الشمس لغير الإمام، لانتفاء الأسباب المقتضية للكراهة، كذلك لا يكره النفل بعد العيد إن كان لا يسمع الخطبة، فإن كان يسمع الخطبة كره له.

5- عند إقامة الصلاة المكتوبة: قال الحنفية: يكره تحريماً التطوع عند إقامة الصلاة المفروضة، لحديث: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم، إلا سنة الفجر إن لم يخف فوت جماعة الفرض ولو بإدراك تشهده، فإن خاف تركها أصلاً، فيجوز الإتيان بسنة الفجر عند الإقامة، لشدة تأكدها، والحث عليها، ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم، قال عليه السلام: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم، وقالت عائشة: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشدَّ تعاهداً منه على ركعتي الفجر" متفق عليه. وروى الطحاوي وغيره عن ابن مسعود: "أنه دخل المسجد، وأقيمت الصلاة، فصلى ركعتي الفجر في المسجد إلى أسطوانة".
وكذلك يكره التطوع عند ضيق وقت المكتوبة، لتفويته الفرض عن وقته.
وقال الشافعي والجمهور: يكره افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة، سواء أكانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر، أم غيرها كتحية للمسجد.
ودليل الجمهور على كراهة افتتاح النافلة: قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" وفي الرواية الأخرى: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلي، وقد أقيمت صلاة الصبح، فقال: يوشك أن يصلي أحدكم الصبح أربعاً" ومعناه أنه لا يشرع بعد الإقامة للصبح إلا الفريضة، فإذا صلى ركعتين نافلة بعد الإقامة، ثم صلى معهم الفريضة، صار في معنى "من صلى الصبح أربعاً" لأنه صلى بعد الإقامة أربعاً.
والصحيح في الحكمة في النهي عن صلاة النافلة بعد الإقامة: أن يتفرغ للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإمام، وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام مع الإمام، وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها. وفيه حكمة أخرى هو النهي عن الاختلاف على الأئمة.
إلا أن الإمام مالك قال: إن لم يخف فوات الركعة ركعهما خارج المسجد.
الأذان:
معنى الأذان:
الأذان لغة: الإعلام، ومنه قوله تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس} [التوبة: 3]، أي إعلام "وأذِّن في الناس بالحج" [الحج: 27] أي أعلمهم.
وشرعاً: قول مخصوص يعلم به وقت الصلاة المفروضة. أو هو الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة.
مشروعيته وفضله:

دل القرآن والسنة والإجماع على شرعية الأذان، لأن فيه فضلاً كثيراً وأجراً عظيماً.

فمن القرآن: قوله تعالى: {وإذا ناديتم إلى الصلاة ...} [المائدة: 58].

ومن السنة: أحاديث كثيرة، منها خبر الصحيحين: "إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمَّكم أكبركم" رواه مالك، ودل حديث عبد الله بن زيد على كيفية الأذان المعروف بالرؤيا التي أيده فيها عمر بن الخطاب في حديث طويل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فإنه أندى صوتاً منك" رواه أبو داود وأحمد.

والخبر الصحيح أن بدء الأذان كان بالمدينة كما أخرجه مسلم عن ابن عمر، وعلى هذا كانت رؤيا الأذان في السنة الأولى من الهجرة، وأيده النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي الأذان ثواب كبير، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يَسْتهموا عليه(1) لاستهموا عليه" متفق عليه، وقوله عليه السلام: "إذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة" رواه البخاري.

وفي حديث آخر: "المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة".
______________
(1) الاستهام : الاقتراع.

واعتبر الأذان مع الإقامة عند الشافعي والحنابلة أفضل من الإمامة، لقوله تعالى:
{ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً} [فصلت: 33] رواه أبو داود والترمذي، قالت عائشة: هم المؤذنون، وللأخبار السابقة في فضيلته، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين" رواه أبو داود والترمذي. والأمانة أعلى من الضمان، والمغفرة أعلى من الإرشاد، ولم يتوله النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه لضيق وقتهم عنه.
وقال الحنفية: الإقامة والإمامة أفضل من الأذان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه تولوا الإمامة، ولم يتولوا الأذان.
حكم الأذان:

الأذان والإقامة عند الجمهور (غير الحنابلة): سنة مؤكدة للرجال جماعة في كل مسجد للصلوات الخمس والجمعة، دون غيرها، كالعيد والكسوف والتراويح وصلاة الجنازة، ويقال فيها عند أدائها جماعة: "الصلاة جامعة" لما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: "لما انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نودي: الصلاة جامعةٌ" أما الأذان والإقامة، فلأن المقصود منهما الإعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة، والقيام إليها. ولا تسن للنافلة والمنذورة. ودليلهم على السنية الحديث السابق: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، لاستهموا عليه" ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهما في حديث الأعرابي، مع ذكر الوضوء والاستقبال وأركان الصلاة. وبناء عليه: لم يأثم أهل بلدة بالاجتماع على ترك الأذان إذا قام به غيرهم ولم يضربوا ولم يحسبوا.
وأضاف الشافعية والمالكية أنه يستحب الإقامة وحدها لا الأذان للمرأة أو جماعة النساء، منعاً من خوف الفتنة برفع المرأة الصوت به. وقال الحنفية: إنه تكره الإقامة كالأذان للنساء، لما روي عن أنس وابن عمر من كراهتهما له، ولأن مبنى حالهن على الستر، ورفع صوتهن حرام.
الأذان للفائتة وللمنفرد:
عند الشافعي: يستحب أيضاً الأذان والإقامة للمنفرد أيضاً أداء أو قضاء رغم سماع أذان الحي أو المسجد، ويرفع صوته بالأذان إلا إذا كان بمسجد وقعت فيه جماعة، لئلا يتوهم السامعون دخول وقت صلاة أخرى، وإن اجتمع على المصلي فوائت أو جمع تقديماً أو تأخيراً أذن للأولى وحدها، لما روى البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه: "أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان وإقامتين" والمستحب عند الشافعي أن يكون للجمعة أذان واحد بين يدي الإمام عند المنبر، لأنه لم يكن يؤذن يوم الجمعة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا بلال.
وهذا مذهب الشافعية في الفوائت. وقال الحنفية: يؤذن المصلي للفائتة ويقيم، لأنها بمنزلة الحاضرة، فإن فاتته صلوات أذن للأولى وأقام، وكان مخيراً في الباقية بعدها: إن شاء أذن وأقام لكل واحدة، وهو أولى، لأن ما سن للصلاة في أذانها، سن في قضائها كسائر المسنونات. وإن شاء اقتصر فيما بعد الأولى على الإقامة، لأن الأذان للاستحضار، وهم حضور، والأولى الأذان والإقامة لكل لفريضة، بدليل حديث ابن مسعود عند أبي يعلى حينما شغل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب عن الصلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأمر النبي صلى بلالاً بالأذان والإقامة لكل صلاة. رواه الترمذي والنسائي.
وقال مالك: إنه يقيم ولا يؤذن، لما روى أبو سعيد قال: "حبسنا يوم الخندق عن الصلاة، حتى كان بعد المغرب بهوى من الليل، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً، فأمره فأقام الظهر فصلاها، ثم أمره فأقام العصر فصلاها" ولأن الأذان للإعلام بالوقت، وقد فات. وعلى هذا قال المالكية: يكره الأذان لفائتة، ولصلاة ذات وقت ضروري (أي المجموعة مع غيرها جمع تقديم أو تأخير) ولصلاة جنازة ونافلة كعيد وكسوف.
وقيد المالكية سنية الأذان في كل مسجد ولو تلاصقت المساجد: بجماعة طلبت غيرها، سواء في حضر أو سفر، ولا يسن لمنفرد أو جماعة لم تطلب غيرها، بل يكره لهم إن كانوا في حضر.
ويندب لمنفرد أو لجماعة لا تطلب غيرها في أثناء السفر، ولو لمسافة دون مسافة القصر (89 كم).
أما أكثر الحنابلة فقالوا: الأذان والإقامة فرضا كفاية للصلوات الخمس المؤداة والجمعة دون غيرها، للحديث السابق: "إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم" والأمر يقتضي الوجوب على أحدهم، وعن أبي الدرداء مرفوعاً: "ما من ثلاثة لا يؤذنون، ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان" رواه أبو داود والنسائي، ولأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، فكانا فرضي كفاية كالجهاد، فإذا قام به البعض، سقط عن الباقين، وبناء عليه يقاتل أهل بلد تركوها.
ويكره ترك الأذان والإقامة للصلوات الخمس، ولا يعيد.
ويكفي أذان واحد في المصر، ويكتفي بقية المصلين بالإقامة.
وهو رأي الحنفية والمالكية أيضاً، خلافاً للشافعية كما بينا، ودليلهم أن ابن مسعود وعلقمة والأسود صلوا بغير أذان، قال سفيان: كفتهم إقامة المصر لكن قال الحنفية: من صلى في بيته في المصر، يصلي بأذان وإقامة ليكون الأداء على هيئة الجماعة، وإن تركهما جاز، لقول ابن مسعود: "أذان الحي يكفينا".
ومن فاتته صلوات، أو جمع بين صلاتين في وقت أولاهما استحب له أن يؤذن للأولى، ثم يقيم لكل صلاة إقامة، وهو موافق لقول الشافعية. ودليلهم على ذلك حديث أبي سعيد المتقدم: "إذا كنت في غنمك .." وحديث أبي قتادة "أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فناموا حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال، قم فأذن الناس بالصلاة" متفق عليه.
ومن دخل مسجداً قد صلي فيه، فإن شاء أذن وأقام، لما روى الأثرم وسعيد بن منصور عن أنس: "أنه دخل مسجداً قد صلوا فيه، فأمر رجلاً فأذن وأقام، فصلى بهم في جماعة" وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة.
وليس على النساء أذان ولا إقامة، خلافاً للشافعية والمالكية في الإقامة، لما روى النجاد بإسناده عن أسماء بنت بريد، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس على النساء أذان ولا إقامة".
والخلاصة: أنه يؤذن للفائتة عند الجمهور، ويكره ذلك عند المالكية، ويسن الأذان للرجال دون النساء، بالاتفاق، وتسن الإقامة للمرأة سراً عند الشافعية والمالكية، وتكره عند الحنفية، ولا تشرع عند الحنابلة. ويكفي عند الجمهور أذان الحي، ولا يكفي عند الشافعية.
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-28-2009 الساعة 11:42 PM
مروه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-28-2009
  #4
مروه
عضو شرف
 الصورة الرمزية مروه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 364
معدل تقييم المستوى: 16
مروه is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

شروط الأذان:
يشترط في الأذان والإقامة ما يأتي:
1- دخول الوقت: فلا يصح الأذان ويحرم باتفاق الفقهاء قبل دخول وقت الصلاة، فإن فعل أعاد في الوقت، لأن الأذان للإعلام، وهو قبل دخول الوقت تجهيل. ولذا يحرم الأذان قبل الوقت لما فيه من التلبيس والكذب بالإعلام بدخول الوقت، كما يحرم تكرير الأذان عند الشافعية، وليس منه أذان المؤذنين المعروف.
لكن أجاز الجمهور غير الحنفية: الأذان للصبح بعد نصف الليل، ويندب بالسَّحَر وهو سدس الليل الأخير، ثم يعاد استناناً عند طلوع الفجر الصادق، لخبر الصحيحين عن عبد الله بن عمرو: "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم" زاد البخاري: "وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال: أصبحت أصبحت" لكن ينبغي لمن يؤذن قبل الوقت أن يؤذن في وقت واحد في الليالي كلها، منعاً للالتباس على الناس. ويشترط في المرتب (الموظف) للأذان علمه بالمواقيت، أما غير الموظف فلا يشترط علمه بالمواقيت، فمن أذن لنفسه أو لجماعة مرة، أو كان أعمى، صح أذانه إذا علم من غيره دخول الوقت.
2- أن يكون باللغة العربية، فلا يصح بغيرها إن أذن لجماعة، فإن أذن غير العربي لنفسه وهو لا يحسن العربية، جاز عند الشافعية، ولم يجز مطلقاً عند الحنابلة والحنفية لوروده بلسان عربي كالقرآن.
3- يشترط في الأذان والإقامة إسماع بعض الجماعة، وإسماع نفسه إن كان منفرداً.
4- الترتيب والموالاة بين ألفاظ الأذان والإقامة: اتباعاً للسنة كما روى مسلم وغيره، ولأن الموالاة بين كلمات الأذان يخل بالإعلام، فلا يصح الأذان إلا مرتباً، كما لا يصح بغير المتوالي ويعاد غير المرتب وغير المتوالي، ولا يضر فاصل يسير بنوم أو إغماء أو سكوت أو كلام ويبطل بالردة عند الفقهاء، فإن ارتد بعد انتهاء الأذان لم يبطل. وهذا شرط عند الشافعية والحنابلة. وقال الحنفية والمالكية: يسن ترتيب كلمات الأذان والإقامة، والموالاة بينها، ويصح بغير الترتيب والموالاة، مع الكراهة، والأفضل أن يعيد الأذان والإقامة.
ويرى بعض الحنابلة أن الأذان يبطل بالكلام المحرم ولو يسيراً كالسب ونحوه، وفيوجه آخر لا يبطل كالكلام المباح.
5- كونه من شخص واحد: فلو أذن مؤذن ببعضه، ثم أتمه غيره لم يصح، كما لا يصح إذا تناوبه اثنان بحيث يأتي كل واحد بجملة غير التي يأتي بها الآخر، لأن الأذان عبادة بدنية، فلا يصح من شخصين يبني أحدهما على الآخر.
أما اجتماع جماعة على الأذان، بحيث يأتي كل واحد بأذان كامل، فهو صحيح. وأضاف المالكية: أنه يكره اجتماع مؤذنين بحيث يبني بعضهم على ما يقول الآخر. ويكره تعدد الأذان لصلاة واحدة.
ويلاحظ أن أول من أحدث أذانين اثنين معاً هم بنو أمية، والأذان الجماعي غير مكروه كما حقق ابن عابدين.
6- أن يكون المؤذن مسلماً عاقلاً (مميزاً)، رجلاً، فلا يصح أذان الكافر، والمجنون والصبي غير المميز والمغمى عليه والسكران، لأنهم ليسوا أهلاً للعبادة. ولا يصح أذان المرأة، لحرمة أذانها وأنه لا يشرع لها الأذان، فلا تصح إمامتها للرجال، ولأنه يفتتن بصوتها، ولا يصح أذان الخنثى، لأنه لا يعلم كونه رجلاً.
وهذا شرط عند المالكية والشافعية والحنابلة. ويقرب منهم مذهب الحنفية، لأنهم قالوا: يكره تحريكاً أذان هؤلاء الذين لم تتوافر فيهم هذه الشروط، ويستحب إعادته. وعلى هذا: يسن عند الحنفية: أن يكون المؤذن رجلاً عاقلاً تقياً عالماً بالسنة وبأوقات الصلاة. ولا يشترط عند الجمهور (غير المالكية) البلوغ والعدالة، فيصح أذان الصبي المميز، والفاسق، لكن يستحب أن يكون المؤذن بالغاً عدلاً أميناً، لأنه مؤتمن يرجع إليه في الصلاة والصيام، فلا يؤمن أن يغرهم أذانه إذا لم يكن كذلك.
وقال الحنفية: يكره أذان الفاسق ويستحب إعادته.
وقال المالكية: يشترط العدالة والبلوغ في المؤذن، فلا يصح أذان الفاسق، والصبي المميز إلا إذا اعتمد في دخول الوقت على بالغ.
واشتراطهم العدالة لحديث ابن عباس: "ليؤذن لكم خياركم، ويؤمكم قراؤكم" رواه أبو داود وابن ماجه.
ولا يشترط النية عند الحنفية، والشافعية، لكن يشترط الصرف (أي عدم قصد غير الأذان) فلو قصد به تعليم غيره، لم يعتد به.
وتشترط النية عند الفقهاء الآخرين، فإن أتى بالألفاظ المخصوصة بدون قصد الأذان لم يصح.
ولا يشترط في الأذان والإقامة عند جمهور الفقهاء: الطهارة، واستقبال القبلة، والقيام، وعدم الكلام في أثنائه، وإنما يندب ذلك، ويكره الأذان عند الجمهور للمحدث، وللجنب أشد كراهة، والإقامة أغلظ، والكراهة تحريمية عند الحنفية بالنسبة للجنب، ويعاد أذانه عندهم وعند الحنابلة، ولا يكره عند الحنفية أذان المحدث. ودليل ندب الطهارة حديث: "لا يؤذن إلا متوضئ" رواه الترمذي. ويكره الأذان قاعداً، مستدبراً القبلة، كما يكره الكلام فيه.
ويسن عند المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة أن يتولى الإقامة من تولى الأذان، اتباعاً للسنة، فإن أقام غير المؤذن جاز، لأن بلالاً أذن، وعبد الله بن زيد الذي رأى الأذان في المنام أقام، بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وبناء على هذه الشروط: يبطل الأذان والإقامة بردة وسكر وإغماء ونوم طويل وجنون وترك كلمة منهما، ووجود فاصل طويل من سكوت أو كلام.
كيفية الأذان أو صفته:
اتفق الفقهاء على الصيغة الأصلية للأذان المعروف الوارد بكيفية متواترة من غير زيادة ولا نقصان وهو مثنى مثنى، كما اتفقوا على التثويب أي الزيادة في أذان الفجر بعد الفلاح وهي "الصلاة خير من النوم" مرتين، عملاً بما ثبت في السنة عن بلال ولقوله صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة - فيما رواه أحمد وأبو داود - "فإذا كان أذان الفجر، فقل: الصلاة خير من النوم مرتين" واختلفوا في الترجيع: وهو أن يأتي بالشهادتين سراً قبل أن يأتي بهما جهراً، فأثبته المالكية والشافعية، وأنكره الحنفية والحنابلة، لكن قال الحنابلة: لو أتى بالترجيع لم يكره.
قال الحنفية والحنابلة: الأذان خمس عشرة كلمة، لا ترجيع فيه، كما جاء في خبر عبد الله بن زيد السابق، وهي: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله".
معاني كلمات الأذان:
معنى ألفاظ الأذان: هو أن قوله "الله أكبر" أي من كل شيء، أو أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله، أو هو بمعنى كبير.
وقوله: "أشهد" أي أعلم. وقوله "حي على الصلاة" أي أقبلوا إليها، أو أسرعوا. والفلاح: الفوز والبقاء، لأن المصلي يدخل الجنة إن شاء الله، فيبقى فيها ويخلَّد. والدعوة إلى الفلاح معناها: هلموا إلى سبب ذلك. وختم بـ (لا إله إلا الله) ليختم بالتوحيد وباسم الله تعالى، كما ابتدأ به.
سنن الأذان:
يسن في الأذان ما يأتي:
1- أن يكون المؤذن صيِّتاً (عالي الصوت)، حسن الصوت، يرفع صوته بالأذان، على مكان مرتفع وبقرب المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم في خبر عبد الله بن زيد المتقدم: "ألقه على بلال، فإنه أندى منك صوتاً" أي أبعد، ولزيادة الإبلاغ، وليرق قلب السامع، ويميل إلى الإجابة، ولأن الداعي ينبغي أن يكون حلو المقال، وروى الدارمي وابن خزيمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عشرين رجلاً فأذنوا، فأعجبه صوت أبي محذورة، فعلمه الأذان.
أما رفع الصوت: فليكون أبلغ في إعلامه، وأعظم لثوابه، كما ذكر في حديث أبي سعيد: "إذا كنت في غنمك .." ولما رواه الخمسة إلا الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤذن يغفر له مدَّ صوته، ويشهد له كل رطب ويابس"، ولكن لا يجهد نفسه في رفع صوته زيادة على طاقته، لئلا يضر بنفسه، وينقطع صوته. ويسن رفع الصوت بالأذان لمنفرد فوق ما يسمع نفسه، ولمن يؤذن لجماعة فوق ما يسمع واحداً منهم، ويخفض صوته في مصلى أقيمت فيه جماعة وانصرفوا. (وينوب عن ذلك في زماننا مكبرات الصوت لحصول المقصود به).
وكونه على مكان مرتفع، ليكون أيضاً أبلغ لتأدية صوته، روى أبو داود عن عروة بن الزبير عن امرأته من بني النجار، قالت: "كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر (وهو السدس الأخير من الليل)، فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم إني أستعينك وأستعديك على قريش: أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن" وكونه بقرب المسجد، لأنه دعاء إلى الجماعة وهي فيه أفضل.
2- أن يؤذن قائماً: قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن السنة أن يؤذن قائماً. وجاء في حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "قم فأذن" متفق عليه، وكان مؤذنو رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنون قياماً. فإن كان له عذر كمرض، أذن قاعداً. كذلك يسن أن يقيم قائماً.
3- أن يكون المؤذن حراً بالغاً عدلاً أميناً صالحاً عالماً بأوقات الصلاة، لحديث ابن عباس السابق: "ليؤذن لكم خياركم ويؤمكم قراؤكم". وهذا سنة عند الجمهور غير المالكية، أما المالكية فيشترطون العدالة، كما أن الشافعية يشترطون في موظف الأذان العلم بالوقت.
4- أن يكون متوضئاً طاهراً، للحديث السابق: " لا يؤذن إلا متوضئ" وفي حديث ابن عباس: "إن الأذان متصل بالصلاة فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر".
5- أن يكون المؤذن بصيراً، لأن الأعمى لا يعرف الوقت، فربما غلط، فإن أذن الأعمى صح أذانه، فإن ابن مكتوم كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عمرو فيما روى البخاري: "كان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت" وقال المالكية: يجوز أذان الأعمى إن كان تبعاً لغيره أو قلد ثقة في دخول الوقت.
6- أن يجعل أصبعيه في أذنيه، لأنه أرفع للصوت، ولما روى أبو جحيفة "أن بلالاً أذن، ووضع إصبعيه في أذنيه" متفق عليه، وعن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال: "إنه أرفع لصوتك" رواه ابن ماجه والحاكم.
7- أن يترسَّل (يتمهل أو يتأنى) في الأذان بسكتة بين كل كلمتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه: "إذا أذنت فترسَّل ، وإذا أقمت فاحدر" رواه الترمذي، ولأن الأذان لإعلام الغائبين بدخول الوقت، والإعلام بالترسل أبلغ، أما الإقامة فلإعلام الحاضرين بالشروع في الصلاة، ويتحقق المقصود بالحدر.
8- أن يستقبل القبلة في الأذان والإقامة: لأن مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة، ولأن فيه مناجاة فيتوجه بها إلى القبلة.
ويستحب في الحيعلتين (حي على الصلاة، حي على الفلاح): أن يدير أو يحول وجهه يميناً في الأولى، وشمالاً في الثانية، من غير أن يحول قدميه، لأن فيه مناداة فيتوجه به إلى من على يمينه وشماله، ولما روى أبو جحيفة قال: "رأيت بلالاً يؤذن، فجعلت أتَتبَّع فاه ههنا يميناً وشمالاً، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وأصبعاه في أذنيه" وفي لفظ قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أَدَم (جلد) فخرج بلال، فأذن، فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح، التفت يميناً وشمالاً، ولم يستدر" رواه أبو داود، ويصح عن استدبار القبلة إن احتيج إليه.
ويستحب بعد انتهاء الأذان: أن يفصل بين الأذان والإقامة بقدر ما يحضر المصلون، مع مراعاة الوقت المستحب، وفي المغرب بقدر قراءة ثلاث آيات قصار. ودليل هذا الاستحباب قوله عليه السلام: "يا بلال، اجعل بين أذانك وإقامتك نَفَساً يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي حاجته في مهل" رواه أحمد.
ولأن الذي رآه عبد الله بن زيد في المنام أذن، وقعد قعدة أي لانتظار الجماعة، حتى يتحقق المقصود من النداء.
وقال الحنفية: يستحب بعد الأذان في الأصح أن يثوب في جميع الأوقات، كأن يقول: الصلاة الصلاة يا مصلين، لظهور التواني في الأمور الدينية.
وقال الشافعية: يسن أن يقول المؤذن بعد الأذان أو الحيعلتين في الليلة الممطرة أو ذات الريح أو الظلمة: ألا صلوا في الرحال".
9- أن يؤذن محتسباً، ولا يأخذ على الأذان والإقامة أجراً باتفاق العلماء.
ولا يجوز أخذ الأجرة على ذلك عند الحنفية، والحنابلة، لأنه استئجار على الطاعة، وقربة لفاعله والإنسان في تحصيل الطاعة عامل لنفسه، فلا تجوز الإجارة عليه كالإمامة وغيرها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبي العاص: "واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وأجاز المالكية والشافعية الاستئجار على الأذان، لأنه عمل معلوم يجوز أخذ الأجر عليه كسائر الأعمال. وأفتى متأخرو الحنفية وغيرهم - كما سيأتي في بحث الإجارة - بجواز أخذ الأجرة على القربات الدينية، ضماناً لتحصيلها بسبب انقطاع المكافآت المخصصة لأهل العلم من بيت المال.
كما أن الحنابلة قالوا: إن لم يوجد متطوع بالأذان والإقامة، أعطي من يقوم بهما من مال الفيء المعد للمصالح العامة.
10- يستحب عند الجمهور غير الحنفية أن يكون للجماعة مؤذنان، لا أكثر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم "كان له مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم" متفق عليه، ويجوز الاقتصار على مؤذن واحد للمسجد، والأفضل أن يكون مؤذنان لهذا الحديث، فإن احتاج إلى الزيادة عليهما، جاز إلى أربعة، لأنه كان لعثمان رضي الله عنه أربعة مؤذنين، ويجوز إلى أكثر من أربعة بقدر الحاجة والمصلحة عند الحنابلة والشافعية.
وإذا تعدد المؤذنون فالمستحب أن يؤذن واحد بعد واحد، كما فعل بلال وابن أم مكتوم، كان أحدهما يؤذن بعد الآخر، ولأن ذلك أبلغ في الإعلام.
وفي حالة تعدد المؤذنين: إما أن يؤذن كل واحد في منارة، أو ناحية، أو يؤذنوا دفعة واحدة في موضع واحد.
11- يستحب أنْ يؤذن المؤذن في أول الوقت ليعلم الناس، فيستعدوا للصلاة، وروى جابر ابن سمرة قال: "كان بلال لا يؤخر الأذان عن الوقت، وربما أخر الإقامة شيئاً" رواه ابن ماجه، وفي رواية قال: "كان بلال يؤذن إذا مالت الشمس لا يؤخر، ثم لا يقيم، حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا خرج أقام حين يراه" رواه أحمد.
12- يجوز استدعاء الأمراء إلى الصلاة، لما روت عائشة رضي الله عنها أن بلالاً جاء، فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مروا أبا بكر فليصل بالناس. وكان بلال يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما كان يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
13- يستحب ألا يقوم الإنسان قبل فراغ المؤذن من أذانه، بل يصبر قليلاً إلى أن يفرغ أو يقارب الفراغ، لأن في التحرك عند سماع الأذان تشبهاً بالشيطان.
مكروهات الأذان:
للأذان مكروهات هي ما يأتي:
1- يكره الأذان إذا لم تتوافر السنن السابقة، وقد عدد الحنفية أحوال الكراهة إذا لم تتحقق السنن، فقالوا:
يكره تحريماً أذان جنب وإقامته، ويعاد أذانه، وإقامة المحدث، وأذان مجنون ومعتوه وصبي لا يعقل، وامرأة وخنثى، وفاسق، وسكران، وقاعد إلا إذا أذن لنفسه، وراكب إلا المسافر.
2- يكره التلحين وهو التطريب أو التغني أو التمديد الذي يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان، أو الزيادة والنقص فيها، أما تحسين الصوت بدون التلحين فهو مطلوب. ويصح أذان ملحَّن على الراجح عند الحنابلة، لحصول المقصود منه كغير الملحن. ويكره أيضاً اللحن أو الخطأ في النحو أو الإعراب.
3- يكره المشي فيه، لأنه قد يخل بالإعلام، والكلام في أثنائه، حتى ولو بِرَدّ السلام، ويكره السلام على المؤذن ويجب عليه أن يرد عليه بعد فراغه من الأذان. ولا يبطله الكلام اليسير، ويبطله الكلام الطويل، لأنه يقطع الموالاة المشروطة في الأذان عند الجمهور غير الحنفية. وأشار الحنابلة: أنه يجوز رد السلام في أثناء الأذان والإقامة.
4- يكره التثويب في غير الفجر، سواء ثوّب في الأذان أو بعده، لما روي عن بلال أنه قال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب في الفجر، ونهاني أن أثوب في العشاء" رواه ابن ماجه، ولأن التثويب مناسب لصلاة الفجر حيث يكون الناس نياماً، فاحتيج إلى قيامهم إلى الصلاة عن نوم.
5- قال الحنابلة: يحرم ولا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر، لعمل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو الشعثاء: "كنا قعوداً مع أبي هريرة في المسجد، فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي، فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم" رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح، وقال عثمان بن عفان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدركه الأذان في المسجد، ثم خرج، لم يخرج لحاجة، وهو لا يريد الرجعة، فهو منافق".
أما الخروج لعذر فمباح، بدليل أن ابن عمر خرج من أجل التثويب في غير حينه.
وقال الشافعية: يكره الخروج من المسجد بعد الأذان من غير صلاة إلا لعذر.
6- قال الحنابلة: يكره الأذان قبل الفجر في شهر رمضان، لئلا يغتر الناس به، فيتركوا السحور. ويحتمل ألا يكره في حق من عرف عادته بالأذان في الليل، لأن بلالاً كان يفعل ذلك، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" وقوله عليه السلام: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، فإنه يؤذن بليل لينبه نائمكم، ويرجع قائمكم". ويكره عندهم القول قبل الإقامة: اللهم صل على محمد، ولا بأس بنحنحة قبلها، كما يكره عندهم النداء بالصلاة بعد الأذان في الأسواق وغيرها، مثل أن يقول: الصلاة، أو الإقامة، أو الصلاة رحمكم الله. وقال النووي: تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإقامة.
إجابة المؤذن والمقيم:
يسن عند جمهور العلماء لمن سمع المؤذن أو المقيم: أن يقول مثلما يقول مثنى مثنى عقب كل جملة، إلا في الحيعلتين، فيحوقل فيقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" ومعنى ذلك: أنه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونته، كما قال ابن مسعود.
وروى مسلم عن عمر في فضل القول كما يقول المؤذن كلمة كلمة سوى الحيعلتين (حي على الصلاة، حي على الفلاح) فيقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" وروى ابن خزيمة: عن أنس رضي الله عنه قال: "من السنة إذا قال المؤذن في الفجر: حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم" وسن أن يقول: أقامها الله وأدامها عند قول المقيم قد قامت الصلاة لما أخرج أبو داود عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أقامها الله وأدامها".
ويستحب لمن كان يقرأ ولو قرآناً أن يقطع القراءة، ليقول مثلما يقول المؤذن أو المقيم، لأنه يفوت، والقراءة لا تفوت، لكن إن سمعه في الصلاة، لم يقل مثل قوله، لئلا يشتغل عن الصلاة بما ليس منها، وقد روي "إن في الصلاة لشغلاً" وعلى هذا ينبغي عند الحنفية ألا يتكلم ولا يشتغل بشيء حال الأذان أو الإقامة.
وتشمل الإجابة عند الجمهور كل سامع، ولو كان جنباً أو حائضاً أو نفساء، أو كان في طواف فرضاً أو نفلاً، ويجيب بعد الجماع والخلاء والصلاة ما لم يطل الفصل بينه وبين الأذان.
وقال الحنفية: تشمل الإجابة من سمع الأذان ولو كان جنباً، لا حائضاً ونفساء وسامع خطبة وفي صلاة جنازة، وجماع، ومستراح في بيت الخلاء، وأكل، وتعليم علم وتعلمه، لكن في أثناء قراءة القرآن يجيب لأنه لا يفوت، وتكرار القراءة للأجر.
ويندب عند الحنفية القيام عند سماع الأذان، والأفضل أن يقف الماشي للإجابة ليكون في مكان واحد.
ويجيب المؤذن سواء سمعه كله أم بعضه. فإن لم يسمعه لبعد أو صمم لا تسن له الإجابة.
وينبغي تدارك إجابة المؤذن إن لم يطل الفصل، وإن طال فلا.
قال الشافعية: وإذا دخل المسجد، والمؤذن قد شرع في الأذان، لم يأت بتحية ولا بغيرها، بل يجيب المؤذن واقفاً حتى يفرغ من أذانه ليجمع بين أجر الإجابة والتحية.
وقال الحنفية والحنابلة: إذا دخل المسجد، والمؤذن يقيم، قعد إلى قيام الإمام في مصلاه.
ما يستحب بعد الأذان:
يستحب بعد الأذان وبعد الإقامة ما يأتي:
1- أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك عند الشافعية والحنابلة مسنون بعد الفراغ من الأذان لكل من المؤذن والسامع، للحديث الآتي. وقد استحدث الصلاة على النبي بعد الأذان في أيام صلاح الدين الأيوبي سنة 781هـ في عشاء ليلة الاثنين، ثم يوم الجمعة، ثم بعد عشر سنين حدث في الكل إلا المغرب، ثم فيها مرتين، قال الفقهاء: وهو بدعة حسنة.
2- أن يدعو بالدعاء المأثور: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإن من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة، حلَّت عليه الشفاعة" رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من قال حين يسمع النداء: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً رسول الله، رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، غفر له ذنبه" رواه مسلم.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته - حلت له شفاعتي يوم القيامة". رواه البخاري.
وإذا كان الأذان للمغرب قال: "اللهم هذا إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعاتك، وحضور صلواتك، فاغفر لي" رواه أبو داود والترمذي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة أن تقول ذلك ويقول بعد الصبح: "اللهم هذا إقبال نهارك وإدبار ليلك وأصوات دعاتك فاغفر لي".
3- يدعو عند فراغ الأذان بينه وبين الإقامة، ويسأل الله تعالى العافية في الدنيا والآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة قالوا: فما نقول يا رسول الله؟ قال: سلوا الله العفو العافية في الدنيا والآخرة" رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
والمستحب أن يقعد المؤذن بين الأذان والإقامة قعدة ينتظر فيها الجماعة، كما بينا في سنن الأذان.
الإقامة:
صفة الإقامة:
الإقامةسنة مؤكدة في الفرائض الوقتية والفائتة، على المنفرد والجماعة، للرجال والنساء عند الجمهور غير الحنابلة. أما الحنابلة فقالوا: ليس على النساء أذان وإقامة.
واختلف العلماء في صفة الإقامة على آراء ثلاثة:
فقال الحنفية: الإقامة مثنى مثنى مع تربيع التكبير مثل الأذان، إلا أنه يزيد فيه بعد الفلاح: "قد قامت الصلاة مرتين" فتكون كلماتها عندهم سبع عشرة كلمة، بدليل ما روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله، رأيت في المنام، كأن رجلاً قام وعليه بُرْدان أخضران، فقام على حائط، فأذن مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى".
وروى الترمذي عن عبد الله بن زيد، قال: "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعاً شفعاً في الأذان والإقامة".
وعن أبي محذورة قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقال المالكية: الإقامة عشر كلمات، تقول: قد قامت الصلاة" مرة واحدة، لما روى أنس قال: "أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة".
وقال الشافعية والحنابلة: الإقامة فرادى، إحدى عشرة كلمة، إلا لفظ الإقامة: "قد قامت الصلاة" فإنها تكرر مرتين، لما روى عبد الله بن عمر أنه قال: "إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة".
أحكام الإقامة:
أحكام الإقامة كأحكام الأذان السابقة، ويزاد عليها ما يأتي:
- يسن إدراج الإقامة أو حدرها: أي الإسراع بها مع بيان حروفها، فيجمع بين كل كلمتين منها بصوت، والكلمة الأخيرة بصوت، عملاً بالحديث السابق عن جابر: "إذا أذنت فترسّل - أي تمهل - وإذا أقمت فاحدُر، واجعل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرُغ الآكل من أكله".
- الأفضل في المذاهب الأربعة أن يتولى الإقامة من أذن، اتباعاً للسنة: "من أذن فهو يقيم"، كما بينا في شروط الأذان، فإذا أذن واحد وأقام غيره جاز.
لكن قال الحنفية: يكره أن يقيم غير من أذن إن تأذى بذلك، لأن اكتساب أذى المسلم مكروه، ولا يكره إن كان لا يتأذى به.
- يستحب عند الحنابلة أن يقيم في موضع أذانه، لأن الإقامة شرعت للإعلام، فشرعت في موضعه، ليكون أبلغ في الإعلام، إلا أن يؤذن في المنارة أو مكان بعيد من المسجد، فيقيم في غير موضعه، لئلا يفوته بعض الصلاة.
وقال الشافعية: يستحب أن تكون الإقامة في غير موضع الأذان، وبصوت أخفض من الأذان.
ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالاً كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي قال: "فجعلت أقول للنبي صلى الله عليه وسلم أقيم أقيم ؟" وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة".
- لا يقوم المصلون للصلاة عند الإقامة حتى يقوم الإمام أو يقبل، لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني". متفق عليه.
وأما تعيين وقت قيام المؤتمين إلى الصلاة: فقال المالكية: يجوز للمصلي القيام حال الإقامة أو أولها أو بعدها، فلا يطلب له تعيين حال، بل بقدر الطاقة للناس، فمنهم الثقيل والخفيف. وقال الحنفية: يقوم عند "حي على الفلاح" وبعد قيام الإمام.
وقال الحنابلة: يستحب أن يقوم عند قول المؤذن "قد قامت الصلاة" لما روي عن أنس "أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة".
وقال الشافعية: يستحب أن يقوم المصلي بعد انتهاء الإقامة إذا كان الإمام مع المصلين في المسجد، وكان يقدر على القيام بسرعة، بحيث يدرك فضيلة تكبيرة الإحرام، وإلا قام قبل ذلك بحيث يدركها.
- يسن كما في الأذان أن يقيم قائماً متطهراً، مستقبل القبلة، ولا يمشي في أثناء إقامته، ولا يتكلم، ويشترط ألا يفصل بين الإقامة والصلاة بفاصل طويل، وينبغي إن طال الفصل أو وجد ما يعد قاطعاً كأكل أن تعاد الإقامة. ويسن أن يحرم الإمام عقب فراغ الإقامة، ولا يفصل إلا بمندوب كأمر الإمام بتسوية الصفوف. ولا تجزئ إقامة المرأة للرجال.
ويسن عند الشافعية لمن كان أهلاً أن يجمع بين الأذان والإقامة والإمامة. وكذلك قال الحنفية: الأفضل كون الإمام هو المؤذن، لأنه عليه السلام - كما في الضياء - أذن في سفر بنفسه وأقام وصلى الظهر.
ولا يسن في الإقامة كونها في مكان مرتفع، ولا وضع الأصبع في الأذن، ولا الترجيع فيها والترتيل.
- إذا أذن المؤذن وأقام، لم يستحب لسائر الناس أن يؤذن كل منهم أو يقيم، وإنما يقول مثل ما يقول المؤذن، لأن السنة وردت بهذا.
- يستحب للإمام تسوية الصفوف، يلتفت عن يمينه وشماله، فيقول: استووا رحمكم الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة" متفق عليه.
سنن الصلاة الخارجة عنها:
للصلاة سنن قبلها كالاستياك والأذان والإقامة، واتخاذ السترة، وهنا نبحث الأخير، وقد سبق بحث ما قبله:
1- تعريف سترة المصلي:
هي ما يجعله المصلي أمامه لمنع المرور بين يديه.
2- حكم السترة:
هي سنة مشروعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، ولْيَدْن منها، ولا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن جاء أحد يمر، فليقاتله، فإنه شيطان" رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي.
وليست واجبة باتفاق الفقهاء، لأن الأمر باتخاذها للندب، إذ لا يلزم من عدمها بطلان الصلاة وليست شرطاً في الصلاة، ولعدم التزام السلف اتخاذها، ولو كان واجباً لالتزموه، ولأن الإثم على المار أمام المصلي، ولو كانت واجبة لأثم المصلي، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شيء" رواه البخاري.
3- حكمتها:
منع المرور أمام المصلي بين يديه، مما يقطع خشوعه، وتمكين المصلي من حصر تفكيره في الصلاة، وعدم استرساله في النظر إلى الأشياء، وكف بصره عما وراء سترته لئلا يفوت خشوعه.
4- آراء الفقهاء في السترة:
للفقهاء رأيان في اتخاذها مطلقاً أو في حالة خشية مرور أحد: فقال المالكية والحنفية : السترة في الفرض أو النفل مندوبة للإمام والمنفرد إن خشيا مرور أحد بين يديهما في محل سجودهما فقط، وأما المأموم فسترة الإمام سترة له، لأنه عليه السلام صلى ببطحاء مكة إلى عَنَزة(1)، ولم يكن للقوم سترة. ولا بأس بترك السترة إذا أمن المصلي المرور، ولم يواجه الطريق. فالمستحب لمن صلى بالصحراء أن ينصب بين يديه عوداً أو يضع شيئاً، ويعتبر الغرز دون الإلقاء والخط، لأن المقصود وهو الحيلولة بينه وبين المار لا يحصل به.
وقال الشافعية والحنابلة: يستحب للمصلي أن يصلي إلى سترة، سواء أكان في مسجد أم بيت، فيصلي إلى حائط أو سارية (عمود)، أم في فضاء، فيصلي إلى شيء شاخص بين يديه كعصا مغروزة أو حربة، أو عرض البعير أو رحله عند الحنابلة، فإن لم يجد خطَّ خطاً قبالته، أو بسط مصلَّى
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-28-2009 الساعة 11:49 PM
مروه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-28-2009
  #5
بنت الاسلام
بنت الاسلام
 الصورة الرمزية بنت الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,350
معدل تقييم المستوى: 17
بنت الاسلام is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

أسعدك الله فى الدارين أختى الحبيبه
جزاك الله خيراً بهذا الموضوع القيم والهام وجعله فى موازين

حسناتك


:sm269::extra132:
__________________
بنت الاسلام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-28-2009
  #6
مروه
عضو شرف
 الصورة الرمزية مروه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 364
معدل تقييم المستوى: 16
مروه is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

=
بنت الاسلام; أسعدك الله فى الدارين أختى الحبيبه
جزاك الله خيراً بهذا الموضوع القيم والهام وجعله فى موازين

حسناتك


:sm269::extra132:
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
__________________
مروه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-28-2009
  #7
الـــــفراتي
عضو شرف
 الصورة الرمزية الـــــفراتي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,649
معدل تقييم المستوى: 18
الـــــفراتي is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً
وجعله فى موازين حسناتكم

:extra139:

التعديل الأخير تم بواسطة الـــــفراتي ; 05-29-2009 الساعة 09:33 AM
الـــــفراتي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-28-2009
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

:extra12:



بارك الله بكِ ونفع المسلمين بما تقدمين
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-29-2009
  #9
مروه
عضو شرف
 الصورة الرمزية مروه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 364
معدل تقييم المستوى: 16
مروه is on a distinguished road
افتراضي رد: الصلاه واحكامها

:extra91:تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
__________________
مروه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصلاه العظيميه عبدالرزاق الصوتيات والمرئيات 1 01-23-2011 09:11 AM
من فوائد الصلاه على الرسول نوح الآذكار والآدعية 3 02-25-2010 11:20 AM
معنى الصلاه على النبي المطري الآذكار والآدعية 1 12-07-2009 08:02 PM


الساعة الآن 10:55 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir