أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ،والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > رسائل ووصايا في التزكية

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 11-19-2011
  #1
عمرأبوحسام
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرأبوحسام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 47
معدل تقييم المستوى: 0
عمرأبوحسام is on a distinguished road
افتراضي سمات الطائفة العلية أو خواطر في منازلة النفس و قراءة كتب القوم

|
سمات الطائفة العلية أو خواطر في منازلة النفس و قراءة كتب القوم :
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه ، وبعد
يجد المؤمن السالك لطريق الله تعالى في القوم ، وفي كتبهم ، وفي طرائق تربيتهم ذلك النور و تلك المعرفة الدالة على عمق تجارب أهل الله تعالى و ذوقهم. و يقف حائرا على أبواب أنوارها المثمرة لتعدد أنهارها و أصل منبعها ، محبة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وتعظيم جاهه و جنابه ، و التشفع بمقامه العالي بالله. تلك المحبة التي تنير لسالكها الطريق الإرتشاف من أنهار المعرفة النبوية التي لا تنضب .
ومن الآداب التي تدخل صاحبها إلى حياض الحضرة النبوية ، الصحبة و آدابها، يقول أبي سراج الطوسي في آداب الصحبة ، في كتابه اللمع:
* قال الشيخ أبو نصر رحمه الله تعالى : ( حكي عن جماعة من المشايخ عن إبراهيم بن شيبان رحمه الله تعالى أنه كان يقول : * كنا لا نصحب من يقول نعلي ركوتي.)
* وقال رجل لسهل بن عبد الله رحمه الله تعالى : إني أريد أن أصحبك ، فقال له سهل : إذا مات أحدنا فمن يصحب الاخر ؟ فليصحبه الآن.
* قال رجل لذي النون المصري رحمه الله تعالى : من أصحب ؟ فقال : من إذا مرضت عادك ، و إذا أذنبت تاب عليك .
* وعن ذي النون أيضا رحمه الله تعالى ايضا لا تصحب مع الله إلا بالموافقة ، و لا مع الخلق إلا بالمناصحة ، و لا مع النفس إلا بالمخالفة ، و لامع الشيطان إلا بالعداوة).كتاب اللمع ص 234.
وجاء باب الصحبة و آدابها في كتاب اللمع قبل باب ذكر آداب القوم في مجاراة العلم و بعد باب آداب القوم في الحضر و السفر ، وكأن آداب الصحبة لا تكتمل في حق السالك إلا بعد هجرة الأحباب جسدا وروحا و قطع العلائق مع كل ما يشغل الفرد عن طلب الله تعالى ، استعدادا لتلقي العلم ، علم التوحيد الحق عن طريق التلمذة للأولياء أرباب الطريق.
و الصحبة هي بالحق معالجة لرعونة النفس ، حضور النفس و الهوى بل حتى الطمع في نيل الطريق آفة من آفات السالك إلى الله.
في الرسالة القشيرية نجد آداب الصحبة قبل باب التوحيد ، وبعد آداب السفر.فهل كان توافق الشيخين اي أبي السراج الطوسي و الشيخ القشيري صدفة أم هي موافقة في أدب الطريق عن طريق التجربة و المدارسة و العلم.
يقول الإمام القشيري في باب الصحبة : ( قال الله عز وجل : * ثاني اثنين إذ هما في الغار ، إذ يقول لصاحبه : لا تحزن ، إن الله معنا) سورة التوبة آ 40
قال الأستاذ أبو قاسم الجنيد قدس الله سره :* لما أثبت سبحانه للصديق رضي الله عنه الصحبة ، بين أنه أظهر عليه الشفقة فقال الله تعالى : * إذ يقول لصاحبه ، لا تحزن إن الله معنا* فالحر شفيق على من يصحبه.
عن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( متى ألقى أحبابي ؟ فقال أصحابه :بأبينا أنت و أمنا ، أولسنا أحبابك ؟ فقال : * أنتم أصحابي ، أما أحبابي فهم قوم لم يروني ، , آمنوا بي ، و أنا إليهم بالأشواق أكثر * الحديث في كنز العمال 14/52 رقم 37913 رواه أبو الشيخ في الثواب.
و الصحبة على ثلاثة اقسام : صحبة من فوقك ، و هي في الحقيقة خذمة ، و صحبة من دونك و هي تقضي على المتبوع بالشفقة و الرحمة ، و على التابع بالوفاق و الحرمة ، و صحبة الأكفاء و النظراء ، وهي مبنية على الإيثار و الفتوة ، فمن صحب شيخا فوقه في الرتبة ، فأدبه ترك الأعتراض ، و حمل ما يبدو منه على وجه جميل و تلقي أحواله بالأيمان به.
سمعت منصور بن خلف المغربي و قد سأله بعض اصحابنا : * كم سنة صحبت سعيد بن سلام المغربي ؟ فنظر إليه شزرا ، وقال : إني لم اصحبه بل خذمته مدة.
و أما إذا صحبك من هو دونك فالخيانة منك في حق صحبته أن لا تنتبه على ما فيه من نقصان في حالته.
كتب أبو خير التيباني إلى جعفر بن محمد بن نصر : وزر جهل الفقراء عليكم ، لأنكم اشتغلتم بنفوسكم عن تاديبهم فبقوا جهلة ، و أما إذا صحبت من هو في درجتك فسبيلك التعامي عن عيوبه ، و حمل ماترى منه على وجه من التأويل جميل ما أمنك ، فإن لم تجد تأويلات عدت إلى نفسك بالتهمة ، و إلى التزام اللائمة.) ص 294، 295
تعتمد الطائقفة العلية في سر طريقها على تلقي سر العلم من أفواه الرجال.
و تترك جانب مدارسة و قراءة كتب القوم إلى أن يتذوق العبد سر الذكر.
و الذكر بالصحبة ليس الذكر الذي يتخذه العبد لنفسه و اجتهادا منه ، بل الذكر الحق ما كان عن طريق التلقين الروحي القلبي ما يسمى بالمدد الفائض.
وهنا يتسائل بعض أدعياء العلم ، كيف يكون الذكر سرا فائضا ، و الأذكار النبوية المرتبة حسب الوقت و الحال و المكان ، أنوار سارية.
أن العين لا تبصر ،و اليد لا تبطش ، و الرجل لا تمشي ، و الفؤاد لا يعلم ، أن لم يكن العقل و القلب و الروح و الجسد و الحركة مقيدة بالذكر الذي يعاجها تحت إمرة الولي الخاذم للعتبة النبوية و الحضرة الإلهية. و الدعاء النبوي الذي علم الأجيال ، حديث الولي في تناسق جلي مع الحديث الذي طلب الحبيب صلى الله عليه وسلم أن يجعل ذاته و حواسه و جسده بل حركاته كلها نور ، محاطة بالنور.
هنا يضع العبد قدمه على الحقيقة الجلية أن الطائفة العليه هدفها أن يكون العبد نورا على نور بتمام الموافقة و الإتباع لا الهوى و الظن و الشك و الريبة.
يقول الشيخ عبد السلام ياسين في تجربته الشخصية بصحبة العارف بالله مولانا العباس قدس الله سره : ( ولما اياسني طلب الشيخ ، لما أراه من عموم الكفر و قلة الصالحين ، عولت على الرجوع إلى مجاهدة نفسي و شمرت على ساعد الجد. و دخلت في مهامه بلا مرشد فداومت التلاوة والذكر و الصوم و الجوع و السهر و العزلة.و بمثل هذا يتروحن المتروحنون و يجذب المجاذيب.و فعلا شعرت بأن زمام نفسي أخذ يفلت من يدي و لاأزداد مع الأيام إلا انعزالا و استجاشا من الناس و ضيقا بهذه الحياة الدنيا.
حتى إذا أراد الله أن يتم علي نعمته لقيت على غير ميعاد رجلا لم أكن أعرفه ، نطق من دون أن أستنطقه ، و أخبرني بأن ما كنت أطلبه موجود ، و أن الشيخ المربي في البلاد على قيد أنملة ممن كان يائسا من وجود شاذلي أو جيلي في هذا العصر.
.....و ألهمني الله الصبر على حضور مجالس الذكر ، و أخذت أتلو الأوراد المأذونة بعد أن طرحت أورادي التي أنشاتها لنفسي من قبل.
وكان ذالك شاقا علي جدا. و لبتث نحو ثلاث أسابيع أو أكثر أحضر مجالس الذكر و أتلو الأوراد و أنا في شك من أمري. ألست مغرورا أن أتبع رجلا ، ورجلا لما أراه و لاأعرف عنه ما أخبرني به رجل لقيته على غير ميعاد و أخبرني من دون أن أطلب إليه ذالك ؟. ثم ارجع إلى نفسي و أتأمل ما يمكن أن يسميه الغافل صدفة فيخيل إلي أنها كرامة من الله و تيسير.ألست أطلب شيخا مربيا من زمان ؟ ثم اليس القوم يؤكدون أن من صدق في الطلب فلا بد أن يلتقي بمن ياخذ بيده ؟ ثم ما بال رجل لا أعرفه يخبرني بوجود الشيخ في لحظة كنت فيها في اضطرار كامل ؟
بعد اسابع قليلة كنت جالسا أتلو أورادي أذكر الله منفردا فشعرت بحالة فجأة جديدة.كنت قرات عند أصحاب الرياضات المجوس اليوكيين و صفا لما يسمونه الصمت الباطني ، و كانت حالتي المفاجة أمثل ما يوصف به أنها صمت باطني ، راحة شاملة لا توصف ،ذهبت الهوم و الأفكار و الأتعاب و حل محلها الهدوء ، إنها الطمأنينة التي تحصل بذكر الله كما أخبر الله في كتابه. لست أدري هل كانت حالة عابرة أم هي دائمة متصلة. لا استطيع أن أحكم اليوم ، و إنما حكمت في تلك اللحظة نفسها لأنني كنت حديث عهد بالحالة السابقة. وأما و قد جمع الله بكرمه سبحانه همومي فجعها هما واحدا هو جنابه المقدس فأخال اليوم أن مقارنة حالة الغفلة بحالة الذكر لا يتأتى أبدا التعبير عنها.....بعد شهرين من دخولي الطريق سافرت إلى حضرة الشيخ ر ضي الله عنه ، و بقيت في ضيافته تلاث ايام .و في أول مجلس معه رحمه الله ذقت الحال. و الحال قوة باطنية و حلاوة تساور القلب و الجسم معا ، و يصحبها بكاء و قشعريرة. و كنت قرأت عند الصوفية و صفا للحال و ما عرفت ما يعنون حتى ذقت الحال .....و رجعت من ضيافة حضرة الشيخ في حالة لا أجيد أن أعبر عنها .يكفي أن أقول أني انتقلت من حالة الغفلة الدوابية إلى حالة يقظة و ذكر.
و كنت اسمع كثيرا من أخواني الذاكرين يخبرون عما يحدث لهم من تجليات و فتوحات ، و اسلم لهم الأمر كما يدعو لذلك أدب الطريق ، حتى جائتني الرؤيا الصادقة بفضل الله تعالى و تلاها تجليات نورانية في حالة اليقظة لا النوم ،و رأيت الأجسام النورانية على غرار ما قص الدكتور عبد الحليم محمود . وحصل لي من حالات الكشف الشيء الكثير . و لست أفخر بما ليس لي فيه يد ، فنعمة الله تستدعي منا الشكر بالتحدث عنها) كتاب : الإسلام بين الدعوة و الدولة ، ص 387ن 388، 389،390، 391،392 ، بتصرف ، للشيخ عبد السلام ياسين.
كثيرا ما يجد بعض العقلانيين في مثل هذه الشهادات الحية بعض الشكوك ، منها أن علوم المسلمين الحية منها و الميتة و البائدة لا زالت غيبية ، وخرافية.
كيف تبصر العين الموجودات النورانية ، و كيف يمكن للعقل أن يحكم على مثل هذه التجارب؟.
لكنهم سرعان ما يقعون في واردهم الأيديولوجي في تسليمهم لأصحاب الرياضات ، والنحل الباطلة. و ينكرون مثل هذه التجارب عند المسلمين ممن تربوا في الحضرات النبوية تحت أمرة و لي مرشد سالك كما يحكي المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله.
في باب وصول الناسك السالك إلى حضرة الله ، يقول مولانا سيدي عمر بن سعيد الفوتي الطوري الكدوي رحمه الله في كتابه رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم ص 377: ( لا يصل السالك الناسك إلى حضرة الله و حضرات اسمائه و صفاته ، و لو جمع علوم الأولين ، وصحب طوائف الناس ،وعبد عبادة الثقلين ، إلا على يد اصحاب الإذن الخاص ، قال الله تعالى :*هو الذي ارسل رسوله بالهدى و دين الحق* التوبة آ 33، قال في العرائس : * إن لله سبحانه سنة أزلية ، أن لا يجد أحد سبيله ، إلا أن يقيض الله له استاذا عارفا بالله ،و يسر دينه و ربوبيته ، فيدله على نهاج عبوديته و معارج روحه و قلبه إلى مشاهدة ربوبيته ، و يكون هو واسطة بينه و بين الله تعالى ، و أن كان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء بغير علة و لاسبب ، جعله واسطة للتأدب و لا للتقريب و صيره شفيعا للجنايات لا شريكا في الهدايات ، هديه بنور القرآن ، ودينه حقيقة البيان مع إظهار البرهان.
وقال شيخنا رضي الله عنه : *اعلم أن الله سبحانه وتعالى جعل في سابق علمه ، و نفوذ مشيئته ، أن المدد الواصل إلى خلقه من فيض رحمته يجري في كل عصر ، من الخاصة العليا من خلقه من النبيين و الصديقين ، فمن فزع إلى أهل عصره الأحياء من ذوي الخاصة العلياء ، و صحبهم و اقتدى بهم ، واستمد منهم ، فاز بنيل المدد الفائض من الله تعالى ، ومن أعرض عن أهل عصره ، مستغنيا بكلام من تقدمه من الأموات ، طبع عليه بطابع الحرمان ، وكان مثله كمن أعرض عن نبي زمانه و تشريعه ، مستغنيا بشرائع النبيين الذين خلوا قبله ، فيسجل عليه بطابع الكفر و السلام.).
يقول الستاذ عبد السلام ياسين ، في الصحبة و الجماعة تربية ، في مسالة الإمام المصحوب : (وإنما ينفع الله عز وجل المؤمن الصادق الجاد في الإقبال على ربه أول ما ينفعه بصحبة رجل صالح، ولي مرشد، يقيضه له، ويقذف في قلبه حبه. ومتى كان المصحوب وليا لله حقا والصاحب صادقا في طلبه وجه الله ظهرت ثمرة الصحبة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح وقال فيه الترمذي: حديث حسن: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، والآيات والأحاديث المشيرة إلى الصحبة والحاثة عليها كثير، وكل تاريخ الإيمان يشهد بأن قلب الداعي إلى الله على بصيرة، نبيا كان أو وليا، هو النبع الروحي الذي اغترفت منه أجيال الصالحين بالصحبة، والملازمة، والمحبة، والتلمذة، والمخاللة.
وعلى قدر المصحوب إيمانا وإحسانا وولاية ينتفع الصاحب.
ومن المؤمنين من يرفع الله همته لطلب معرفة ربه والوصول إليه مع الذين أنعم الله عليهم، فمن كتب الله سبحانه له سابقة خير يسره لصحبة دليل رفيق، ولي مرشد.
في وصف الرغبة في الله ووصف الولي المربي نورد كلمات للشيخ عبد القادر الجيلاني. وليس هذا الرباني الصالح رحمه الله ورضي عنه الشاهد الوحيد على سر صحبة أولياء الله. إنما نقتصر على كلامه لإجماع علماء الأمة على صلاحه وإمامته وفضله.
قال رحمه الله يخاطب مريد وجه الله، يضع قدمه على أول مدرجة على الطريق إلى الله: "إذا أردت أن تصحب أحدا في الله عز وجل فأسبغ وضوءك عند سكون الهمم ونوم العيون ثم أقبل على صلاتك تفتح باب الصلاة بطهورك، وباب ربك بصلاتك، ثم اسأله بعد فراغك : من أصحب؟ من الدليل؟ من المخبر عنك؟ من المفرد؟ من الخليفة؟ من النائب؟ هو كريم لا يخيب ظنك، لا شك يلهم قلبك، يوحي إلى سرك، يبين لك، يفتح الأبواب، تضيء لك الطريق... فإذا اتحدت الجهات عند قلبك، وغلب الأمر على تعيين واحد، دونك واقصده".[1]ثم بين للطالب الجاد أن المعايير الظاهرة لا تصلح للحكم على ولاية الله، قال: "لا تنظر إلى فقره ونقصان نسبه، وإخلال حاله، ورثاثته، وقصور عبارته. فإن المعنى في باطنه لا في ظاهره، في بنيته لا على وجهه. ولا تبدأه بالكلام (إجلالا له) ولا تبد له حالا (أي لا تكشف أسراره) انتظر فائدته من ربه، هو الكاتب والأمر لغيره. هو سفير، هو المشار -أي الخادم- والطبق لغيره. هو المعبر والعبارة لغيره، فتقبل ما يفتح الله على لسانه"[2]وقال يصف عطاء الله لأوليائه ونصره لهم: "إذا أراد الله عبدا لأمر هيأه له. هذا شيء يتعلق بالمعاني لا بالصور. إذا تم لعبد ما ذكرت صح زهده في الدنيا والآخرة- أي كان طلبه وجه الله فوق طلبه جزاء الآخرة لأن من أقبل الله تعالى عليه منحه خير الدنيا والآخرة- (...) تصير ذرته جبلا، قطرته بحرا، كوكبه قمرا، قمره شمسا، قليله كثيرا، محوه وجودا، فناؤه بقاء، تحركه ثباتا، تعلو شجرته وتشمخ إلى العرش وأصلها إلى الثرى (...). لا دنيا تملكه (...). فإذا تم هذا صلح هذا العبد للوقوف مع الخلق، والأخذ بأيديهم، وتخليصهم من بحر الدنيا. فإذا أراد الله بالعبد خيرا جعله دليلهم، وطبيبهم، ومؤدبهم، ومدربهم، وترجمانهم، وسانحهم، ومنحتهم، وسراجهم، وشمسهم"
[3]وعن ضرورة الشيخ المربي لمريد الوصول إلى الله ومعرفته والقرب من جنابه يقول: "اصحب أرباب القلوب حتى يصير لك قلب. لا بد لك من شيخ حكيم عامل بحكم الله عز وجل يهذبك ويعلمك وينصحك"[4]وكما نصح الإمام الغزالي في كتابه "المنقذ من الضلال" بالصحبة، وكما برهن عمليا عن صدقه في طلب وجه الله وإيقانه بضرورة صحبة شيخ كامل حين خرج -وهو حجة المسلمين تشد إليه الرحال- في طلب مصحوب، تاركا المال والجاه والدنيا، كذلك ينصح الجيلاني حين يقول: "خذ مني دواء لمرض دينك، واستعمله وقد جاءتك العافية. من تقدم كانوا يطوفون الشرق والغرب في طلب الأولياء والصالحين الذين هم أطباء القلوب والدين. فإذا حصل لهم واحد منهم طلبوا منه دواء لأديانهم"[5]وقال رحمه الله حاثا على اتباع الكتاب والسنة وصحبة العارفين بالله عز وجل: "اتبع الشيوخ العلماء بالكتاب والسنة، العاملين بهما، وحسن الظن بهم، وتعلم منهم، وأحسن الأدب بين أيديهم، والعشرة معهم وقد أفلحت، إن لم تتبع الكتاب والسنة ولا الشيوخ العارفين بهما فما تفلح أبدا. ما سمعت من استغنى برأيه ضل؟ هذب نفسك بصحبة من هو أعلم منك"[6]ويصف الشيخ عبد القادر رحمه الله حال السالك إلى الله حين تجذبه إلى الله يد العناية، يقول: "يا غلام! ثم أمور باطنة لا تنكشف إلا بعد الوصول إلى الحق عز وجل، والقيام على بابه، ولقاء المفردين -وهم المشايخ العارفون بالله الذاكرون الله كثيرا– والنواب، والوقوف هناك. إذا ما صرت إلى باب الحق عز وجل، وأدمت الوقوف مع الأدب والإطراق -الخشوع الدائم– فتح الباب في وجه قلبك، وجذبه من جذب، وقربه من قرب، ونومه من نوم، وزفه من زف، وكحله من كحل، وحلاه من حلى، وفرحه من فرح، وآمنه من آمن، وحدثه من حدث، وكلمه من كلم"[7]والكتاب كله حكم فريدة.
[1] الفتح الرباني ص 330
[2] نفس الكتاب ونفس الصفحة
[3] نفس الكتاب ص 35
[4] نفس الكتاب ص 105
[5] نفس الكتاب ص 160
[6] نفس الكتاب ص 162
[7] نفس الكتاب ص 267) مقتبس من كتابه ، المنهاج النبوي تربية و تنظيما وزحفا.
نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا آمين.
عمرأبوحسام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صلاة تقال عند الفراغ من قراءة القران admin الآذكار والآدعية 6 06-09-2012 06:42 PM
خواطر عبدالقادر حمود القسم العام 8 06-13-2009 07:12 AM
(خواطر فكرية ) عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 4 01-12-2009 10:49 AM
تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية مريم المكتبة الاسلامية 6 11-03-2008 10:12 PM


الساعة الآن 11:48 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir