أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور           

إضافة رد
قديم 09-03-2009
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي إخماد ثورة البربر




أوراق أندلسية


إخماد ثورة البربر


كان الانتصار الجزئي السريع والباهر الذي حققه البربر على العرب محفزاً لهممهم ومدغدغاً لأحلامهم، ومفجراً لطموحهم في الاستيلاء على الإمارة بالأندلس، وتولي حكومتها لأنهم رأوا في أنفسهم أصحاب الفضل في إرساء قواعد سلطان المسلمين في هذه الديار، بما قدموه من تضحيات وبما بذلوه من جهد أثناء الفتح. ثم إنهم حرموا من أبسط المساواة السياسية والعدالة الاجتماعية التي أقرها الإسلام، خصوصاً أنهم مسلمون مثل إخوانهم المشارقة.

كانت النفوس ثائرة والصدور متأججة غيظاً وحنقاً، والسلطة المحلية في ضعف وتمزق مستمرين، تحت حكم عبد الملك بن قطن القيسي العنيد، ولذلك قام الثوار بتقسيم أنفسهم إلى ثلاثة جيوش رئيسية وعينوا لكل جيش وجهته وهدفه.

فقد اتجه الجيش الأول إلى مدينة طليطلة عاصمة الثغر الأدنى. وسارَ الجيش الثاني نحو مدينة قرطبة عاصمة الإمارة الأندلسية، بينما انطلق الجيش الثالث إلى الجزيرة الخضراء، بالجنوب الأندلسي، للاستيلاء على الميناء وأسطوله، ثم الهجوم على الشاميين في مدينة “سبتة” والاتصال بأبناء عمومتهم الثائرين في بلاد المغرب، ونقل أعداد كبيرة منهم إلى بلاد الأندلس، ليساندوهم في نهضتهم هذه ويؤازروهم، ويكونوا سنداً لهم يستندون إليه في إقامة حكم لهم في قرطبة، ويقومون في الوقت نفسه بقطع اتصال عرب الأندلس بالمشرق، وعزلهم في جزيرة الأندلس وحصرهم بها.

اتفاق مع الشاميين

وعندما وصلت ثورة البربر بالأندلس إلى مسامع عبد الملك بن قطن ووثبتهم على العرب القاطنين في المناطق الشمالية، واستيلاءهم عليها، والسيطرة على مراكزها، واستعدادهم لاجتياح المناطق الاستراتيجية الهامة في جزيرة الأندلس، فزع لهذا النبأ فزعاً كبيراً وثارت ثائرته، وخشي أن يلقى جيشه ما لقيته جيوش عبيد الله بن الحبحاب الإفريقية في بلاد المغرب، على يد ثوار الخوارج من هزائم مريرة، فكان لا بدّ من تغيير موقفه العنيد، والتفاهم مع الشاميين المبعدين بمدينة “سبتة” قبل وصول جيوش الثوار إلى الجنوب، لأنه أصبح في أمس الحاجة إليهم في ظروف صعبة للغاية، والاستعانة بهم في حربه على البربر والقضاء على ثورتهم.

وقبل وصول الثوار، أرسل وفداً على جناح السرعة للتفاوض مع بلج بن بشر وأصحابه بمدينة “سبتة”، وعرض عليهم العبور إلى بلاد الأندلس شريطة أن يشتركوا معه في إخماد ثورة البربر، والدفاع عن الإمارة ومصالح العرب في هذه الجزيرة، وأن يقيموا معهم سنة واحدة، بعد إخماد الثورة ثم يعودوا إلى بلاد المغرب وإفريقيا وأن يأخذ من كل فرقة عشر رهائن، يحتفظ بهم في جزيرة أم حكيم في مدخل الوادي الكبير مقابل تطبيق بنود الاتفاق. واشترط الشاميون بدورهم عليه أن يعيدهم إلى إفريقيا جماعة واحدة دون أن يفرقهم، فرضي بلج وأصحابه بالشروط، وليس لهم الخيار، لأنهم كانوا في وضعية أمنية واقتصادية خطيرة جرّاء الحصار الطويل الذي ضربه عليهم الثوار الخوارج من كل جهة.

وبسرعة أعطيت الإشارة إلى السفن الأندلسية، لعبور المضيق نحو مدينة سبتة لتحمل الشاميين إلى الجزيرة الخضراء في ذي القعدة سنة 123ه/ 741م وهم في بؤس شديد، وثيابهم بالية ممزقة، وأجسادهم نحيفة. “وكانوا نحو عشرة آلاف من عرب الشام، فلما دخلوا كساهم عرب الأندلس على قدر أقدارهم فربّ رجل يكسو مائة رجل، وآخر عشرة وآخر واحداً إلى ما بين ذلك”.

معركة شرسة

كان الشاميون من غير شك من خيرة فرسان بلاد الشام، يمتازون بشجاعة كبيرة وذكاء حاد اكتسبوا قدرة قتالية وتجربة حربية كبيرة، من خلال الحروب الكثيرة التي خاضوها مع الخوارج، وفي حصارهم الاقتصادي الطويل الذي ضربه الثوار حولهم، فتحنّكوا بهذه الظروف، التي رفعت خبرتهم القتالية، وجعلتهم نخبة محترفة من المقاتلين.

وانضمّ فرسان الشام إلى جيش الأمير عبد الملك بن قطن، بالإضافة إلى جماعة من النصارى كانت تعمل بفلاحة الأرض. وقد استطاع عبد الملك أن يجندها إلى جانبه، فضلاً عن البلديين الأندلسيين من القيسيّة واليمنية، الذين وقفوا إلى جانبه.

اتجه الجميع نحو الثائرين القادمين إلى الجزيرة الخضراء، وعلى مقربة من شذونة وقعت معركة شرسة بين الفريقين أبدى كل فريق شجاعة نادرة، ولا سيما بين الحجازيين والشاميين، إذ سادت روح التضامن ضد العدو المشترك ونهض العرب الأندلسيون والشاميون نهضة قوية على الثائرين، وهزموهم هزيمة مريرة، وبددوا صفوفهم، وأبادوا الكثير منهم، وأصابوا غنائم وفيرة ولا جدال في أن الشّاميين كانوا يقاتلون بدافع الانتقام من المغاربة، الذين أذاقوهم الويل في بلاد المغرب وخرج بذلك الجيش الشامي الحجازي، بانتصار كبير وبروح قتالية، ومعنويات مرتفعة، وأظهر خلال هذه المعركة ضروباً من الشجاعة والبطولة أثارت إعجاب الأندلسيين جميعاً، وهذا ما جعلهم يشكلون قوة ضاربة فيما بعد



أ. د. قصي الحسين
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما أحوجنا إلى ثورة عبدالقادر حمود القسم العام 4 07-15-2018 11:49 AM
حمود الحمادي بطل ثورة العنابزة عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 2 11-20-2009 11:49 AM
ثورة البوخابور نوح ركن وادي الفرات 1 12-10-2008 12:19 PM


الساعة الآن 09:11 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir